(لندن) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن إعلان الرئيس محمد مرسي الدستوري الذي يعطي لقراراته وقوانينه الحصانة من المراجعة القضائية حتى إن كانت تنتهك حقوق الإنسان حتى منتصف عام 2013، هو قرار يقوض سيادة القانون في مصر. فإذا أصدر مرسي قانوناً ينتهك حقوق الإنسان في المستقبل فلن يُتاح لضحايا ذلك القانون الطعن عليه من واقع الحقوق الواردة في الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 مارس/آذار 2011. كما يبدو أن القرار يعطي الرئيس صلاحيات إصدار "إجراءات" على شاكلة حالة الطوارئ في أي وقت لأسباب مبهمة غير واضحة ودون إعلان حالة الطوارئ.
كما أصدر الرئيس قانوناً بفتح تحقيقات جديدة مع المتسببين في أعمال العنف ضد المتظاهرين. لكن هذا القانون ينص على إنشاء محكمة جديدة لمحاكمة الأفراد بموجب مواد قانونية فضفاضة الصياغة مبهمة التعريف تعود إلى عهد مبارك، وقد سمحت فيما سبق بوقوع انتهاكات، بما في ذلك محاكمة الأفراد على إهانة الرئيس أو القضاء. كما أعلن مرسي عن إجراءات يبدو أنها تتعارض مع استقلال القضاء.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مصر بحاجة ماسة إلى الإصلاح القضائي، إلا أن إطلاق يد الرئيس في الحُكم بدون أي قيود ليس السبيل لإنجاز هذا الإصلاح. أصبح لدى الرئيس المصري الآن سلطات أكبر من سلطات المجلس العسكري العام الماضي، الذي استخدم صلاحياته في انتهاك حقوق الإنسان.. لقد أعفى الرئيس مرسي نفسه من أية مراجعة قضائية مستقلة لقراراته وتصرفاته".
كما يمدد الإعلان الدستوري الرئاسي مهلة عمل الجمعية التأسيسية التي تصيغ الدستور الجديد لمدة شهرين إضافيين، بالإضافة إلى تعيين نائب عام جديد.
قال مرسي بأن هذه الإجراءات مؤقتة، فالمادة 2 من القرار تنص على أن الإجراءات المذكورة لن تُطبق إلا حتى تبني الدستور الجديد وانتخاب برلمان جديد. لكن نظراً لتمديد عمل الجمعية التأسيسية مدة شهرين إضافيين وأن عملية الانتخابات البرلمانية التي تستغرق ستة أسابيع لن تبدأ إلا إثر تبني الدستور؛ فمن غير المرجح انتخاب البرلمان الجديد قبل يوليو/تموز 2013.
استلم الرئيس سلطات تشريعية في 11 أغسطس/آب 2012، عندما أقال رؤوس المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان وصادر السلطات التشريعية من المجلس العسكري. كان المجلس العسكري قد تولى السلطة التشريعية بعد أن قامت المحكمة الدستورية بحل البرلمان في يونيو/حزيران 2012. وقد أصدر الرئيس عشرة قوانين على الأقل، أغلبها تعديلات لقوانين، في أمور متعلقة بالتعليم والحبس الاحتياطي للصحفيين والنقابات والتأمين الصحي للأطفال.
وكان تمديد عمل اللجنة التأسيسية لمدة شهرين إلى 12 فبراير/شباط 2013 حتى الانتهاء من صياغة مسودة الدستور متوقعاً إلى حد ما؛ بسبب الخلافات حول عدة مواد في الدستور، مما رجح عدم انتهاء الجمعية من المسودة قبل انتهاء ولايتها في 12 ديسمبر/كانون الأول. ورد في المادة 5 من الإعلان الدستوري الرئاسي أنه لا يحق لأية محكمة حل الجمعية التأسيسية أو مجلس الشورى، مما يؤدي إلى تجميد قضايا طعون على الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى تنظرها عدة محاكم إدارية الآن.
وقد أصدر مرسي في اليوم نفسه القانون رقم 96 لسنة 2012 "بشأن حماية الثورة"، وينص على إنشاء محكمة ونيابة خاصة بالجرائم المرتكبة ضد المتظاهرين من قبل "كل من تولى منصباً سياسياً أو تنفيذياً في ظل النظام السابق". إلا أن المادة 4 من القانون تضيف اتهامات جديدة من قانون العقوبات لهذه المحكمة صلاحية البت فيها، وتشمل "إهانة ومقاومة السلطات، وتدمير الممتلكات العامة، وتعطيل المواصلات وجرائم الصحف و"الإهانة" الترويع والتخويف". هذه الفصول والأبواب من القانون تضم مواداً تجرم التعبير عن الرأي السياسي، مثل إهانة الرئيس أو الجيش، وحرية التجمع، مثل إعاقة حركة المرور أو تعطيل العمل بالمؤسسات العامة.
وقالت سارة ليا ويتسن: "أخر شيء تحتاجه مصر هو محكمة خاصة لنظر قضايا التجمع السلمي وحرية التعبير. لقد زادت قضايا التشهير الجنائي مؤخراً، وهي القضايا التي تنتهك الحق في حرية التعبير". وتابعت: "على الرئيس مرسي تعديل القانون بما يقيد عمل المحاكم بحيث يتم استبعاد مواد قانون العقوبات الفضفاضة والمبهمة التي تعود إلى عهد مبارك والتي تفتح الباب أمام الانتهاكات".
خلفية عن الإعلان الدستوري
المادة 2: لا طعن ولا رقابة على قرارات الرئيس مرسي
قالت هيومن رايتس ووتش إن الشق الأكثر إثارة للقلق فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإعلان الدستوري، هي المادة التي تحصن قوانين وقرارات الرئيس من المراجعة القضائية. تنص المادة 2 من الإعلان الدستوري على أن: "الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية".
إلا أن المادة 2 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقد صدقت عليه مصر، تلزم الدول الأطراف بـ: "أن تكفل سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد" وأن "تكفل لكل متظلم على هذا النحو أن تبت في الحقوق التي يدعى انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة، أو أية سلطة مختصة أخرى ينص عليها نظام الدولة القانوني" وبأن "تنمي" كل دولة طرف في العهد إمكانيات التظلم القضائي وتكفل إنفاذ الأحكام الصادرة لصالح المتظلمين.
قالت سارة ليا ويتسن: "إذا أصدر الرئيس مرسي قوانين أو قرارات تنتهك حقوق الإنسان، فلن يجد ضحايا الانتهاكات في المحاكم محفلاً يطعنون أمامه على هذه القوانين أو يحصلون على تعويض عن أي ضرر لحق بهم". وأضافت: "هذا القرار مقلق بشكل خاص لا سيما أنه صدر في وقت تكافح فيه مصر لإرساء سيادة القانون وللتعامل مع سجل الإفلات من العقاب".
لقد منح مرسي لنفسه عملاً سلطات أكبر من السلطات التي كانت لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء فترة العام ونصف التي حكم خلالها المجلس مصر، بما أنه كان بإمكان المحامين الطعن على القرارات والقوانين التي يصدرها المجلس العسكري أمام المحاكم الإدارية، بالنيابة عن ضحايا هذه القوانين. في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 حكمت محكمة إدارية بعدم دستورية قانون الانتخابات الصادر عن المجلس العسكري بما أنه يميز ضد حق المصريين بالخارج في التصويت وأمرت المجلس العسكري بتعديله من أجل إنهاء التمييز.
إلا أنه لا يمكن لأحد الآن الطعن على قرارات وقوانين مرسي أمام المحاكم، بغض النظر عن إلى أي مدى هي سيئة، على حد قول هيومن رايتس ووتش. على سبيل المثال، أصدر الرئيس في 23 سبتمبر/أيلول قراراً رئاسياً، رقم 1 لسنة 2012 بتعيين 3649 قاضٍ بمحاكم أمن الدولة طوارئ، وهي المحاكم التي حظت بسمعة سيئة طيلة عملها خلال فترة الطوارئ التي دامت 31 عاماً وانتهكت ضمانات إجراءات التقاضي السليمة الأساسية الخاصة بالمدعى عليهم أمامها. كانت المادة 19 من قانون الطوارئ – ولم يعد معمولاً به منذ انتهاء حالة الطوارئ في 31 مايو/أيار – تسمح باستمرار المحاكمات المحالة إلى محاكم أمن الدولة أثناء حالة الطوارئ حتى بعد انتهاء حالة الطوارئ، وهناك حالياً ثماني قضايا فحسب ما زالت لم تفصل فيها هذه المحاكم. رفع المحامون بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية قضية أمام المحاكم الإدارية في 3 أكتوبر/تشرين الأول للطعن على قرار تعيين قضاة إضافيين بمحاكم الطوارئ، على أساس أنه ليس ثمة حاجة لهذا العدد الكبير من القضاة في هذه المحاكم في الوقت الذي لم يعد للرئيس سلطة إصدار قرار كهذا مع انتفاء حالة الطوارئ. تؤدي المادة 2 من الإعلان الدستوري عملاً إلى تجميد هذه القضية أو الطعن على قرار تعيين قضاة محاكم الطوارئ الجدد، مع وجود خطر أن يسعى الرئيس الآن لفتح المجال أمام محاكمات جديدة تنظرها هذه المحاكم الأمنية.
أدان المراقبون المصريون والدوليون المادة 2. في 23 نوفمبر/تشرين الثاني أصدر مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بياناً ورد فيه أنه "قلق للغاية إزاء تبعات الإعلان الضخمة المحتملة على حقوق الإنسان وسيادة القانون في مصر". أصدر ملتقى منظمات حقوق الإنسان المستقلة، وهو تحالف يضم جميع منظمات حقوق الإنسان البارزة في مصر بياناً ورفع قضية أمام محكمة القضاء الإداري يطعن فيها على حق الرئيس في إصدار الإعلان.
المادة 6: لرئيس الجمهورية أن يتخذ "الإجراءات والتدابير الواجبة" لحماية الثورة
تنص المادة 6 على أن: "لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذي ينظمه القانون".
هذه المادة تسمح فعلياً للرئيس باتخاذ جميع "الإجراءات الواجبة" غير الخاضعة لأي مراجعة قضائية أو قانونية، بموجب معايير فضفاضة التعريف ومتعسفة متعلقة بحماية الثورة أو "الوحدة الوطنية". هذه الصياغة شديدة الإبهام والفضفاضة للغاية لنص المادة تستدعي إلى الأذهان المادة 1 من قانون 162، وهو قانون الطوارئ المصري سيئ السمعة الذي طبقه مبارك على مدار 30 عاماً، وورد في المادة الأولى من قانون الطوارئ أن "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها".
في الحالتين، فإن الشروط التي يمكن بموجبها للرئيس اتخاذ جميع "الإجراءات الواجبة" قد وردت فضفاضة الصياغة للغاية ولا تستوفي المعايير الدولية المحددة والمذكورة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر ملتزمة به. هذا المعيار هو أن تُعلن حالة الطوارئ بوضوح وبشكل علني، وألا تُعلن إلا إذا "ظهرت حالة طوارئ تهدد حياة الأمة" وأن تقتصر تماماً في تطبيقها زماناً ومكاناً على المطلوب بموجب مقتضيات الموقف لا أكثر، وأن أي قيود على تدابير حماية حقوق الإنسان الواجبة بموجب الطوارئ لا تطبق إلا بشكل واضح وضيق التعريف، وفي حالة كونها ضرورية تماماً لمقتضيات حالة الطوارئ ومتناسبة معها.
يبدو أن سلطات مرسي الآن أقل عرضة للتقييد والرقابة من سلطات مبارك بموجب قانون الطوارئ السابق، بما أنه ليس عليه إعلان حالة الطوارئ كي يتمكن من استخدام سلطاته التي ترقى لكونها سلطات حالة طوارئ، وهي السلطات التي لا تخضع لأية سيطرة قضائية.
المادة 3: عزل النائب العام
قضت المادة 3 من الإعلان الدستوري بعزل عبد المجيد محمود من منصبه نائباً عاماً وبتعيين نائب عام جديد هو طلعت إبراهيم عبد الله، لمدة أربع سنوات، رغم أنه بموجب قانون السلطة القضائية المصري الحالي، لا يحق للرئيس عزل النائب العام.
كان مبارك قد عيّن عبد المجيد محمود الذي ومن واقع صلاحياته كنائب عام قام بحماية قوات أمن مبارك من شكاوى وبلاغات الانتهاكات المقدمة للنيابة العامة، على حد قول هيومن رايتس ووتش. في تقرير أصدرته هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني 2011 بعنوان "اضغط عليه حتى يعترف" تم توثيق أوجه إخفاق النائب العام في إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية فعالة في شكاوى التعذيب، مما أسهم في انتشار الإفلات من العقاب على التعذيب وفي زيادة انتهاكات الشرطة. وكان إخفاق النيابة في إجراء تحقيقات فعالة وجمع أدلة كافية عن قتل المتظاهرين أثناء انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011 عاملاً أدى إلى تبرئة كبار مسؤولي وزارة الداخلية وعشرات من ضباط الشرطة في أكثر من 20 محاكمة مختلفة.
وبغض النظر عن سجل عبد المجيد محمود الشخصي، فإن عزل رجال القضاء – ومنهم في مصر النائب العام – يجب ألا يكون إلا لارتكاب مخالفات جسيمة أو بسبب عدم الكفاءة، وذلك بعد عمليات مراجعة شفافة وعادلة وغير منحازة تجريها هيئة مستقلة، على حد قول هيومن رايتس ووتش. كما ينظم قانون السلطة القضائية المصري تعيين وعزل النائب العام من خلال منح هذا الحق لمجلس القضاء الأعلى ولا يعطي رئيس الجمهورية الحق في عزل النائب العام من منصبه. بموجب الإعلان منح مرسي لنفسه الحق في عزل وتعيين النائب العام.
ورد في التعليق العام رقم 32 الصادر عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهي هيئة من الخبراء توفر تفسيرات مُلزمة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
لا يجوز فصل القضاة من الخدمة إلا لأسباب خطيرة تتعلق بسوء السلوك أو عدم الكفاءة، ويكون ذلك وفقاً لإجراءات منصفة تكفل الموضوعية والحياد بموجب الدستور أو القانون. كما يتعارض مع استقلال السلطة القضائية قيام السلطة التنفيذية بفصل قضاة من الخدمة، على سبيل المثال قبل انقضاء مدة الولاية المحددة لهم أو من دون إبداء أسباب محددة أو حصولهم على حماية قضائية فعالة تمكنهم من الاعتراض على الفصل من الخدمة.
طبقاً لمبادئ الأمم المتحدة الخاصة باستقلال القضاء التي تبنتها الجمعية العامة بموجب قرار 32/40 الصادر في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1985: "ينظر في التهمة الموجهة أو الشكوى المرفوعة ضد قاض بصفته القضائية والمهنية وذلك على نحو مستعجل وعادل بموجب إجراءات ملائمة. وللقاضي الحق في الحصول على محاكمة عادلة". فضلاً عن ذلك ورد في المبادئ الأساسية أنه يمكن تجميد عمل القضاة أو عزلهم لأسباب لا تتجاوز عدم القدرة أو دواعي السلوك التي تجعلهم غير لائقين لأداء مهامهم.
المادة 1: محاكمات "جرائم الثورة" والقانون 96 لسنة 2012
تأمر المادة 1 بإجراء تحقيقات جديدة وإعادة المحاكمات الخاصة بجرائم قتل وإصابة المتظاهرين منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011. يأتي هذا بعد أربعة شهور من تقصي الحقائق على يد لجنة صدرت بقرار رئاسي بتاريخ 5 يوليو/تموز 2012، وهي مكلفة بالتحقيق في العنف ضد المتظاهرين ومراجعة ردود فعل مؤسسات الدولة إزاء هذا العنف. لم تصدر اللجنة بعد تقريرها النهائي لكن حسب التقارير فقد نجحت في الحصول على أدلة جديدة وفي التعرف على أبعاد جديدة للأحداث. إلا أن القانون 96 لسنة 2012 "بشأن حماية الثورة" الذي أصدره مرسي في نفس يوم صدور الإعلان الدستوري، ينص على إجراءات هذه المحاكمات الجديدة ويزيد من مدة الحبس على ذمة التحقيق والمحاكمة لمدة تصل إلى ستة أشهر، بالنسبة للمتهمين بالاعتداء على المتظاهرين وببعض المخالفات القانونية الواردة في قانون العقوبات، بما يتجاوز كثيراً مدة الـ 45 يوماً المنصوص عليها في القانون المصري.
ورد في القانون 96 أنه تعاد التحقيقات في جرائم قتل وشروع في قتل وإصابة المتظاهرين، وكذا جرائم الاعتداء باستعمال القوة، والعنف والتهديد، والترويع، على الحرية الشخصية للمواطن، وغيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون... والمرتكبة بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا، أو تنفيذيا في ظل النظام السابق [منذ يناير/كانون الثاني 2011]".
ينص القانون على إنشاء محكمة خاصة ونيابة خاصة للتعامل في هذه القضايا وورد في المادة الثانية من القانون أن إعادة المحاكمات تكون "حال ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة متصلة بوقائع سبق إحالتها إلى القضاء". تنص المادة 14 (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد".
قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك عدة وقائع عنف ضد المتظاهرين على مدار العام الماضي لم يتم التحقيق فيها على النحو الواجب. وفي حالات أخرى لم تتهم النيابة غير رجل شرطة واحد، مثلما حدث في احتجاجات محمد محمود في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 التي أسفرت عن مقتل 45 متظاهراً، أو لم تتهم أحداً بالمرة، كما في احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2011 أو مظاهرات مايو/أيار 2012 في العباسية.
تنص المادة 4 من القانون على أن تختص هذه الهيئة القضائية الجديدة بالتحقيق مع المتهمين في عدة جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات، بينها بالإضافة إلى مجموعة الجرائم التي تعتبر "جرائم ضد الثورة"، مواد قانون العقوبات الخاصة بإهانة ومقاومة السلطات، وتدمير الممتلكات العامة وتعطيل المواصلات وجرائم الصحف والترويع والتخويف. هذه الفصول والأبواب من قانون العقوبات تضم مواداً تجرم أيضاً التعبير عن الرأي السياسي في بعض أوجهه، مثل إهانة الرئيس أو الجيش.
يحمي القانون الدولي بقوة هذه الأشكال من التعبير. يعتبر التشهير الجنائي في قانون العقوبات المصري من أكبر المعوقات التي تعترض حرية التعبير في مصر، ولقد دعت هيومن رايتس ووتش كثيراً إلى إصلاح المواد التي استخدمها مبارك في قمع حرية التعبير وفي تجريم التعبير عن الرأي. ولا يفيد هذا الإعلان في شيء فيما يخص حماية حرية التعبير ويبدو أنه يؤدي في الأرجح إلى المزيد من الملاحقات القضائية على أوجه التعبير عن الرأي السياسي.