(بيروت) ـ إحدى المحاكم العُمانية حكمت في 8 مارس/آذار 2015 على أحد النشطاء الحقوقيين بالسجن لمدة 3 سنوات لكتاباته. ويجري احتجاز المدون البارز المؤيد للإصلاح سعيد جداد، 48 سنة، في مركز الاحتجاز بمدينة صلالة الجنوبية.
وقد أدانته محكمة مسقط بتهم تتعلق بنشاطه السلمي على الإنترنت الذي يتضمن "النيل من هيبة الدولة" والتحريض على "التجمهر غير المشروع". كما غرمته المحكمة ألف ريال عُماني (2600 دولار أمريكي). ودفعت عائلة جداد الغرامة وسددت الكفالة في انتظار الاستئناف، كما قال مصدر مقرب من العائلة لـ هيومن رايتس ووتش، إلا أن المحكمة رفضت الإفراج عنه متذرعة بتهم منفصلة تنظرها محكمة أخرى لنشاطه على الإنترنت. وقد قامت السلطات منذ 2013 باستدعاء الجداد أو اعتقاله أو احتجازه 3 مرات على الأقل على خلفية نشاطه المؤيد للإصلاح على الإنترنت.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تشير الأدلة إلى أن الجداد يقبع في السجن لمجرد انتقاد الحكومة العُمانية وسياساتها. وعلى عُمان أن تفرج عن جداد فوراً وأن تسقط كافة التهم العالقة بحقه".
ويشير الحكم الذي راجعته هيومن رايتس ووتش إلى أن محكمة مسقط الابتدائية أدانته وحكمت عليه في ثلاثة تهم منفصلة وإن كانت مترابطة: "النيل من هيبة الدولة" وعقوبته السجن لمدة 3 سنوات وغرامة 500 ريال، والتحريض على "التجمهر غير المشروع" وعقوبته السجن لمدة عام واحد وغرامة قدرها 200 ريال، و"استخدام شبكات المعلومات لنشر أخبار من شأنها الإساءة إلى النظام العام" وعقوبته السجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها ألف ريال. وقد قررت المحكمة توقيع العقوبة الأطول بين الثلاثة بدلاً من الجمع بينها، وحددت مبلغ الكفالة بألفي ريال (5200 دولار أمريكي).
وقال المصدر إن المحكمة أدانت جداد على غير أساس سوى تدويناته وغيرها من التعليقات على الإنترنت، بما فيها خطاب مفتوح إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 2013 يطلب منه دعم جهوده لتحسين حقوق الإنسان في عُمان وغيرها من دول الخليج، وتفاعلاته الإلكترونية مع المنظمات الحقوقية الدولية.
وقد استشهدت محكمة مسقط في رفض الإفراج عنه بتهم منفصلة أمام محكمة في مدينة صلالة الجنوبية، تشمل مخالفة قانون جرائم تقنية المعلومات العُماني الصادر في 2011، كما قال المصدر. وفي الجلسة الأولى لمحاكمة جداد الجديدة في صلالة، يوم 17 مارس/آذار، قدمت النيابة العامة الأدلة المستخدمة بحقه في محاكمة 8 مارس/آذار، بحسب المصدر، إضافة إلى تعليق على موقع فيسبوك قام جداد فيه بمقارنة مظاهرة من عام 2011 في ظفار بعمان بالمظاهرات الأخيرة المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ.
وفي المحكمة أنكر جداد التهم الموجهة إليه، ورفض قاضي محكمة صلالة الإفراج عنه بكفالة، رغم أن جداد يعاني بحسب المصدر من مرض في القلب وارتفاع ضغط الدم ومتاعب هضمية.
ويعمل قانون الصحافة والمطبوعات في عُمان، وقانون الاتصالات لسنة 2002، وقانون جرائم تقنية المعلومات، على تقييد النشر الورقي والإلكتروني والمحتوى المنشور على الإنترنت. والمادة 19 من قانون جرائم تقنية المعلومات تعاقب أي شخص ينخرط في "إنتـاج أو نشـر أو توزيـع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه أو ينطوى على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام" بالسجن لمدد تتراوح بين شهر واحد و3 سنوات، وغرامة قدرها ألف ريال (2600 دولار أمريكي).
وقد اعتقلت السلطات جداد في البداية في صلالة في ديسمبر/كانون الأول 2014 واحتجزته احتياطياً لمدة 12 يوماً، ثم أفرجت عنه بكفالة. وفي 21 يناير/كانون الثاني 2015 داهمت قوات الأمن منزله واعتقلته مجدداً، بدون إبراز تصريح الاعتقال الذي يشترطه القانون العماني، بحسب المصدر. واحتجزت السلطات الجداد بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أيام، وسمحت لعائلته بمقابلته للمرة الأولى أثناء الجلسة الثانية لمحاكمته التي وقعت يوم 1 فبراير/شباط. ويسمح تعديل لقانون الإجراءات الجزائية العماني، تم تبنيه في 2011، يسمح لقوات الأمن باحتجاز المشتبه به حتى 30 يوماً بدون اتهام، في مخالفة واضحة للمعايير القانونية، كما قالت هيومن رايتس ووتش.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثّقت نمطاً من التضييق والاعتقال بحق جداد يرجع إلى 2013، فقد منعته السلطات من ركوب طائرة إلى الخارج في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013. وقال جداد لـ هيومن رايتس ووتش آنذاك إن السلطات لم تمنحه سبباً لمنعه من السفر. وكان قد اعتقل عدة مرات قبل ذلك بتهم تشمل الدعوة إلى المظاهرات، و"تشويه سمعة" مسؤولي الدولة، و"النيل من مكانة الدولة وهيبتها" لكنه لم يقدم للمحاكمة.
وفي سبتمبر/أيلول 2014 كتبت هيومن رايتس ووتش خطاباً إلى السلطات العُمانية تبدي فيه القلق تجاه نمط موثق من التضييق والاعتقال والاحتجاز بحق النشطاء الحقوقيين البارزين ومنتقدي الحكومة، بمن فيهم جداد، في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وفي ديسمبر/كانون الأول دعت هيومن رايتس ووتش السلطات العُمانية إلى الإفراج الفوري عن كل شخص محتجز لمجرد ممارسة حقوقه في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وإلى توفيق القوانين العمانية مع المعايير الدولية. وردت السلطات العمانية على الخطاب في ديسمبر/كانون الأول، إلا أنها لم تتطرق للأسباب المحددة الكامنة خلف اعتقال جداد سابقاً.
قال جو ستورك: "إن الدعوى الجديدة المرفوعة على جداد هي مثل جديد على الملاحقة في عمان لمجرد ممارسة حرية التعبير وغيرها من الحقوق. وعلى السلطات العمانية وضع حد لحملة التضييق على جداد وغيره من النشطاء الحقوقيين".