Skip to main content

ليبيا

أحداث 2010

رقابة الحكومة المشددة على المجتمع المدني وقمعها له ما زالت هي الوضع الطبيعي السائد في ليبيا، مع إحراز تقدم جد محدود على مسار الإصلاحات الحقوقية الموعودة. فيما يستمر الإفراج عن أعداد كبيرة من السجناء الإسلاميين، إلا أن عام 2010 شهد ركوداً في عدد من القضايا، مثل إصلاح قانون العقوبات، وحرية تكوين الجمعيات والمساءلة على مذبحة سجن أبو سليم التي وقعت عام 1996.

تضيق ليبيا كثيراً على حرية التجمع وحرية التعبير، وذلك بالاستعانة بمواد في قانون العقوبات تعاقب من يهين مسؤولين عامين أو يعارض عقيدة الثورة، رغم تحسن طفيف طرأ على حالة الإعلام في السنوات الأخيرة، لا سيما على الإنترنت.

الاحتجاز التعسفي والإفراج عن السجناء

ما زال ما يُقدر بـ 213 سجيناً ممن اتموا عقوباتهم بالسجن أو برأتهم محاكم ليبية رهن الاحتجاز بناء على أوامر من جهاز الأمن الداخلي. الجهاز، الخاضع للجنة الشعبية العامة للأمن العام، يسيطر على سجني عين زارة وأبو سليم، حيث يتم احتجاز السجناء السياسيين و"الأمنيين". وقد رفض الجهاز تنفيذ أحكام قضائية بالإفراج عن هؤلاء السجناء المذكورين، رغم دعوات من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل بالإفراج عنهم.

في مارس/آذار أفرجت السلطات الليبية عن 214 سجيناً، منهم 80 سجيناً من مجموعة قوامها 330 محتجزاً، رغم أن المحاكم برأتهم وأمرت بالإفراج عنهم. بعض السجناء السابقين تلقوا تعويضات من الدولة على سنوات قضوها رهن الاحتجاز التعسفي. وما زال هناك آخرون يحاولون الحصول على تعويضات، والكثيرين ممنوعين من السفر إلى خارج ليبيا.

مذبحة سجن أبو سليم عام 1996 والاختفاءات القسرية

لم تعلن السلطات عن حقيقة مذبحة يونيو/حزيران 1996 التي شهدها سجن أبو سليم وراح ضحيتها 1200 سجين قُتلوا، أو هي حملت أي أحد المسؤولية عما وقع. في 6 سبتمبر/أيلول 2009، شكّل القائم بأعمال أمين اللجنة الشعبية العامة للدفاع لجنة تحقيق من سبعة قضاة برئاسة قاضي سابق بالمحكمة العسكرية، لإجراء تحقيق. التقرير النهائي للجنة كان المفترض أن يظهر في مارس/آذار 2010 لكنه ما زال لم يُنشر حتى كتابة هذه السطور. وعرضت السلطات الليبية تقديم تعويض بمبلغ 200 ألف دينار (162 ألف دولار) لكل أسرة  من أسر الضحايا توافق على التنازل عن الملاحقات القضائية، لكن أغلب أسر الضحايا في بنغازي، ثاني أكبر مدينة ليبية، رفضت قبول التعويض بناء على هذه الشروط وهي مستمرة في الدعوة للمساءلة الجنائية. في يونيو/حزيران أفاد الأهالي بأن السلطات المحلية ومسؤولو الأمن يضغطون عليهم من أجل التنازل عن طلباتهم بالتعويض.

وما زال هناك العشرات من حالات الاختفاء التي لم تظهر حقيقتها في ليبيا، منها اختفاءات بحق أعضاء المعارضة جاب الله حامد مطر وعزت المقريف، الذين قبض عليهما الأمن المصري عام 1990 في القاهرة. فيما بعد عرفت أسرتي الاثنين أن مصر سلمتهما لمسؤولي الأمن الليبيين، الذين قاموا باحتجازهما في سجن أبو سليم. وقد اختفى رجل الدين الشيعي اللبناني البارز موسى الصدر في ليبيا منذ 32 عاماً، وما زال مصيره مجهولاً.

حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع

بينما شهدت الأوضاع في ليبيا انفراجاً تدريجياً مع تزايد المناقشات وذكر مختلف وجهات النظر في الإعلام على مدار السنوات الخمس الأخيرة، خاصة على الإنترنت، فقد شهد عام 2010 قمعاً عاماً لحرية التعبير، التي ما زالت محدودة للغاية. في يناير/كانون الثاني حجبت الحكومة سبعة مواقع مستقلة ومعارضة ليبية على الأقل، تعمل من الخارج، منها ليبيا اليوم والمنارة وليبيا المستقبل. ويواجه الصحفيون المضايقات جراء إبداء الانتقاد، وكذلك القضايا والعقوبات الجنائية بتهمة التشهير. في فبراير/شباط قبض ضباط الأمن لفترة وجيزة على أربعة صحفيين من محطة "مساء الخير بنغازي" الإذاعية وحظرت السلطات بث البرنامج. في نوفمبر/تشرين الثاني اعتقل ضباط الأمن الداخلي 20 صحفياً من وكالة أنباء ليبيا لمدة 3 أيام وتم تجميد نشر صحيفة أويا، التي أسسها سيف الإسلام القذافي، ابن القائد الليبي.

في أبريل/نيسان برأت محكمة أمن الدولة الليبية جمال الحاجي من تهمة إهانة السلطات القضائية، وأفرجت عنه بعد أربعة شهور قضاها في السجن. السبب وراء اعتقال الحاجي كان شكواه العامة من التعذيب والظروف اللاإنسانية التي تعرض لها لمدة عامين إذ كان سجيناً سياسياً من 2007 إلى 2009، وحظر السفر المفروض عليه منذ الإفراج عنه. المادة 178 من قانون العقوبات تنص على عقوبات تصل إلى السجن المؤبد بحق من ينشر معلومات تسيئ إلى سمعة البلاد أو تقوض من الثقة فيها بالخارج. التعليقات السلبية على القائد الليبي معمر القذافي عادة ما يُعاقب عليها، كما تُمارس الرقابة الذاتية على نطاق واسع.

ولا توجد في ليبيا منظمات مجتمع مدني مستقلة ويقيد القانون الليبي كثيراً من حرية تكوين الجمعيات. قانون رقم 71 يحظر أي نشاط جماعي يعارض عقيدة ثورة 1969، وقانون العقوبات يفرض عقوبة الإعدام على من ينضم لمثل هذه الجماعات. وقد رفضت الحكومة السماح بتشكيل نقابات مستقلة للصحفيين والمحامين. المنظمة الوحيدة القادرة على انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان علناً هي جمعية حقوق الإنسان التابعة لمؤسسة القذافي، ويرأسها سيف الإسلام القذافي.

كما أن المظاهرات غير مشروعة، رغم أن أهالي ضحايا سجن أبو سليم استمروا في التظاهر في بنغازي في عام 2010. بينما سمحت الحكومة بالمظاهرات، فقد تعرض بعض منظميها للمضايقات والترهيب والاعتقال.

معاملة الأجانب

تستمر ليبيا في الإساءة إلى المهاجرين غير الليبيين وتسيئ معاملتهم، ممن يتم القبض عليهم أثناء محاولة مغادرة البلاد عن طريق القوارب. كما ترفض ليبيا الإقرار بوجود لاجئين في ليبيا. في أبريل/نيسان قال وزير الخارجية الليبي موسى كوسة إن ليبيا "ليس فيها أي لاجئين بل مهاجرين غير شرعيين يخرقون القوانين". وفي يوليو/تموز قالت الحكومة إن هناك 3 ملايين مهاجر غير شرعي في ليبيا. وهناك قانون جديد عن "الهجرة غير الشرعية" يجرم تهريب المهاجرين، لكنه لا ينص على تدابير حماية للاجئين.

في 28 يونيو/حزيران حاولت مجموعة من المهاجرين الإريتريين المحتجزين الفرار بعد أن سمح مسؤولون ليبيون لمسؤولين من السفارة الإريترية بالتقاط صور لهم مع إجبارهم على تعبئة استمارات، مما أثار مخاوفهم من الترحيل. رداً على ذلك، نقلت السلطات الليبية 245 ملتمس لجوء إريتري محتجز من مسراتة إلى مركز احتجاز آخر في براق، شمالي سبها، في محاولة ظاهرة لترحيلهم. 11 شخصاً على الأقل من هذه المجموعة هم إريتريون اعترضتهم إيطاليا في البحر وأجبرتهم على العودة إلى ليبيا دون إتاحة فرصة لهم لتقديم طلبات لجوء. إثر اندلاع موجة احتجاجات دولية ضد ما حدث، أفرجت ليبيا عن المجموعة لكن لم تمنحهم أي دعم أو حماية. وما زالوا في ليبيا.

ولا يوجد في ليبيا قانون للجوء، ولم توقع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ولا يوجد فيها اتفاق رسمي معمول به مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ورغم أن المفوضية كان بإمكانها الدخول إلى مراكز احتجاز المهاجرين بشكل مرتجل دون وجود نظام محدد لذلك، ففي يونيو/حزيران أمرت ليبيا المفوضية بإغلاق مكتبها وطردت ممثلها، رغم أنها عادت وسمحت بعد ذلك للمفوضية بالاستمرار في النظر في حالات إعادة التوطين.

حقوق أقلية الأمازيغ

الأمازيغ (البربر)، أكبر أقلية ثقافية ولغوية في ليبيا، يواجهون التمييز والمضايقات من قبل مسؤولي الأمن. السلطات الليبية لا تسمح للمدارس بتدريس اللغة الأمازيغية أو بتداولها في وسائل الإعلام. يحظر القانون الليبي أيضاً استخدام أي أسماء أمازيغية غير عربية في الوثائق الرسمية. في يناير/كانون الثاني انتقد العقيد القذافي احتفالات العام الجديد الأمازيغية واعتبرها غير إسلامية ولا تعترف بها الدولة، قائلاً إنها تمس الوحدة الوطنية. وأفادت منظمة أمازيغية بأن شخصين على الأقل قد تعرضا للاعتقال على صلة بمحاولة تنظيم الاحتفالات. الموقع الأمازيغي ليبيا إمال كان من بين المواقع التي حجبتها السلطات في يناير/كانون الثاني. وفي أغسطس/آب اعتقل ضباط بالأمن الداخلي ناشط أمازيغي يُدعى علي أبو السعود واحتجزوه بمعزل عن العالم الخارجي مدة 8 أيام على صلة بكتاباته على الإنترنت عن حقوق الأمازيغ. تم الإفراج عنه دون نسب اتهامات إليه.

حقوق المرأة

في يناير/كانون الثاني تبنت اللجنة الشعبية العامة القانون رقم 24 لعام 2010 بشأن أحكام الجنسية الليبية، والذي يسمح بمنح الجنسية الليبية للأبناء المولودين لأمهات ليبيات وآباء أجانب، لكنه ترك تفسير أحكامه للوائح تنفيذية لم تصدرها اللجنة بعد.

وتستمر الحكومة الليبية في احتجاز النساء والفتيات لأجل غير مسمى ودون مراعاة لإجراءات التقاضي السليمة في "دور إعادة تأهيل" للاشتباه في تجاوز القواعد الأخلاقية. الكثير من النساء والفتيات المحتجزات في تلك المراكز لم يرتكبن أية جريمة، أو انتهت الأحكام الصادرة بحقهن بالفعل. بعضهن تعرضن للاغتصاب، ثم تم التحفظ عليهن لأنهن لوثن "شرف" الأسرة.

الأطراف الدولية الرئيسية

في مايو/أيار انتخبت الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليبيا رئيساً للمجلس. انتخاب ليبيا لم ينازع فيه أحد بما أن مجموعة الدول الأفريقية قدمت عدداً من المرشحين مساوي لعدد الترشيحات الشاغرة أثناء تلك الانتخابات. في نوفمبر/تشرين الثاني تمت مراجعة سجل ليبيا الحقوقي في المجلس أثناء المراجعة الدورية الشاملة الأولى لليبيا. وقبلت الحكومة 66 توصية عامة ورفضت 25 توصية أخرى بشأن مراجعة مواد قانون العقوبات ونشر قائمة بالاختفاءات.

في أكتوبر/تشرين الأول وقع الاتحاد الأوروبي مع ليبيا اتفاقاً بشأن جدول أعمال التعاون بمجال الهجرة، ولم يُذكر فيه مطلقاً الافتقاد لقانون للجوء أو آليات للحماية في ليبيا. المفاوضات على الاتفاق الإطاري الليبي الأوروبي تم استئنافها بعد أن ألغت ليبيا حظرها على دخول مواطني الاتحاد الأوروبي إليها.

في ديسمبر/كانون الأول 2009 أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرها "الحقيقة والعدالة لن تنتظر" في مؤتمر صحفي في طرابلس، وكانت المرة الأولى التي يُسمح فيها لمنظمة حقوقية مستقلة بالانتقاد العلني لسجل ليبيا الحقوقي من العاصمة الليبية.