Skip to main content

العراق

أحداث 2010

ما زالت أوضاع حقوق الإنسان في العراق متدهورة للغاية، لا سيما فيما يخص الصحفيين والمحتجزين والنازحين والأقليات الدينية والعرقية والنساء والفتيات وأصحاب الإعاقات. أنهت الولايات المتحدة رسمياً عملياتها العسكرية التي دامت سبعة أعوام في العراق في شهر أغسطس/آب 2010، وقلصت من تعداد قواتها في العراق إلى نحو 49700 عنصر.

في 7 مارس/آذار 2010 تجاهل ملايين العراقيين من جميع أنحاء العراق قذائف الهاون والصواريخ وخرجوا للتصويت في الانتخابات التشريعية الوطنية. في ضربة مُسددة لمصداقية الانتخابات، قامت الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة بتجريد أكثر من 500 مرشح من الأهلية للترشح بسبب مزاعم بصلات تربطهم بحزب البعث، منهم عدة رجال سياسة كان من المتوقع لهم تحقيق نتائج جيدة في الانتخابات. وما زال رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي ربح تحالف "دولة القانون" الذي حصل على 89 مقعداً من بين 325 مقعداً في البرلمان، ما زال في منصبه بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة، بينما ربحت قائمة العراقية التابع لها إياد علاوي 91 مقعداً. تحالف العراق الوطني، وهو تحالف شيعي مُشكل من قبل المجلس الإسلامي الأعلى للعراق وأتباع مقتضى الصدر، ربح 70 مقعداً والأحزاب الكردية ربحت 57 مقعداً. إجمالاً، تعكس نتائج الانتخابات الانقسامات الطائفية.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2010 وافقت الأحزاب السياسية العراقية على تشكيل حكومة ائتلاف جديدة بعد ثمانية أشهر من الانتخابات البرلمانية. وقد خلقت الأزمة فراغاً سياسياً سمح للجماعات المسلحة بالظهور على الساحة من جديد في بعض المناطق.

الاعتداءات على المدنيين والنزوح

استهدفت هجمات عديدة من قبل جماعات مسلحة المدنيين، مستغلة الأزمة السياسية وعدم رضا السنة العرب عن الأوضاع القائمة. قتلت أعمال العنف وأصابت المئات من المدنيين في كل شهر من شهور العام، في واحدة من أسوأ الفترات، مات 500 شخص وأكثر في أغسطس/آب وحده. استهدف المعتدون البنايات الحكومية والمقار الحكومية ونقاط التفتيش والسفارات والفنادق والمصانع والأسواق والمساجد وكذلك تجمعات من زوار المزارات الدينية وحفلات عرس وجنازات، بالأساس في مناطق الشيعة. وأسفرت الهجمات العنيفة عن فرار المدنيين، وتهيئة الأوضاع لظهور أفراد نازحين داخلياً ولاجئين عبروا الحدود إلى الخارج.

بعض اللاجئين الذين فروا إلى سوريا والأردن ولبنان يواجهون ضغوطاً اقتصادية ومصاعب في الحصول على الوضع القانوني في الخارج فيعودون إلى العراق. ولا توجد لدى الحكومة العراقية خطة مناسبة لعودة العراقيين المشردين داخلياً أو من فروا إلى دول الجوار. الآلاف من النازحين داخل العراق يعيشون في مخيمات عشوائية دون توفر الضروريات الأساسية للحياة كالمياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحي. العديد منهم أرامل لديهن فرص عمل ضئيلة. وضعهن المُحبط أسهم في تزايد معدلات الإتجار بالبشر لأغراض الجنس والدعارة الجبرية.

الهجمات القائمة، بالإضافة إلى كثرة الألغام ومخلفات الذخائر العنقودية، أدت إلى وجود عدد كبير للغاية بشكل غير متناسب من الأشخاص ذوي الإعاقات البدنية والنفسية، والعديد منهم لا يتلقون ما يكفي من تدابير إعادة التأهيل وإعادة الدمج بالمجتمع.

أوضاع الاحتجاز والتعذيب

استمر تواتر تقارير عن انتشار التعذيب وغيره من الإساءات بحق المحتجزين في مراكز الاحتجاز الخاصة بوزارتي الدفاع والداخلية ولدى الشرطة. مراكز احتجاز الحكومة تكافح من أجل استضافة أكثر من 30 ألف محتجز، والتأخيرات الكبيرة في المراجعات القضائية لاحتجاز الأفراد فاقمت من مشكلة الازدحام. بعض المحتجزين أمضوا سنوات رهن الاحتجاز دون نسب اتهامات إليهم أو محاكمتهم. وتدهور الوضع في عام 2010 مع نقل الجيش الأمريكي أغلب من كانوا بمراكز الاحتجاز الأمريكية إلى عهدة الحكومة العراقية. في 15 يوليو/تموز سلّمت الولايات المتحدة للعراق أخر سجن طرفها، وهو كامب كروبر، الذي كان يستضيف نحو 1700 سجين. وتستمر سيطرة القوات الأمريكية على نحو 200 سجين، منهم بعض أعوان حكومة صدام حسين السابقة.

في أبريل/نيسان قابلت هيومن رايتس ووتش 42 معتقلاً تعرضوا للتعذيب على مدار شهور من قبل قوات الأمن في سجن سري بمطار مثنى القديم في غرب بغداد. كان المكان يستضيف نحو 430 محتجزاً لم يكن بإمكانهم مقابلة أقاربهم أو محاميهم. وقال السجناء إن قوات الأمن قامت بركلهم وضربهم بالسياط والأيدي وقامت بخنقهم وصعقهم بالكهرباء وحرقهم بالسجائر وخلع أظافرهم وأسنانهم. قالوا إن المحققين اعتدوا جنسياً على بعض المحتجزين بالعصي والمسدسات. وقال بعض الشبان من المحتجزين إنهم أُجبروا على إجراء خدمات جنس فموي للمحققين والحراس، وأن المحققين أجبروا المحتجزين على التحرش جنسياً ببعضهم البعض. وحتى نوفمبر/تشرين الثاني لم تكن الحكومة قد قاضت أي من المسؤولين عن هذه الأحداث.

العنف ضد المرأة

يستمر العنف ضد النساء والفتيات في كونه مشكلة جسيمة في شتى أنحاء العراق. قالت ناشطات لحقوق المرأة إنهن ما زلن عرضة لهجمات واعتداءات المتطرفين الذين يستهدفون أيضاً النساء الناشطات سياسياً والموظفات في الحكومة والصحفيات. جرائم "الشرف" والإساءة للنساء في أوساط الأسرة ما زالت تتهدد النساء والفتيات، اللاتي ما زلن أيضاً عرضة للإتجار بهن لأغراض جنسية وللدعارة الجبرية، لأسباب منها انعدام الأمان والنزوح والأزمات المالية وتحلل بنية المجتمع وانعدام سيادة القانون أو سيادة سلطة الدولة.

يُمارس تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بالأساس في المناطق الكردية شمالي العراق. في نوفمبر/تشرين الثاني اتمّت وزارة الصحة دراسة إحصائية عن انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ويظهر من البيانات أن نحو 41 في المائة من الفتيات والنساء الأكراد خضعن لهذه العملية. في 6 يوليو/تموز 2010 أصدرت اللجنة العليا للفتاوى باتحاد علماء الإسلام الأكراد - أعلى مرجعية إسلامية في كردستان العراق معنية بإصدار الفتاوى - فتوى مفادها أن الإسلام لا يدعو إلى هذه الممارسة، لكن لم تشمل الفتوى الدعوة إلى حظر هذه الممارسة حظراً صريحاً. وحتى كتابة هذه السطور، كانت لجنة حقوق المرأة بالبرلمان الكردستاني قد أتمت مشروع قانون عن العنف الأسري، فيه أحكام عن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وأعلنت وزارة الصحة عن خطط لنشر المعلومات عن الآثار الصحية السلبية لهذه الممارسة. لكن الحكومة لم تحظر بعد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو هي وضعت خطة شاملة للقضاء على هذه الممارسة.

حرية التعبير

في عام 2010 ظل العراق أحد أخطر الدول في العالم على العمل الصحفي والإعلامي. استمر المتطرفون ومعتدون مجهولون في قتل العاملين بالإعلام وتفجير مكاتبهم. في 26 يوليو/تموز انفجرت سيارة مفخخة أمام مكتب قناة العربية، مما أسفر عن وفاة ستة أشخاص وتدمير مكتب بغداد. دولة العراق الإسلامية، وهي مجموعة على صلات بالقاعدة في بلاد الرافدين، أعلنت فيما بعد المسؤولية عن هذا الهجوم على القناة "الفاسدة". وفي سبتمبر/أيلول قام مسلحون مجهولون باغتيال مذيعين تلفزيونيين وإصابة آخر في حوادث منفصلة في بغداد والموصل. في 12 مارس/آذار فتح مسلحون النار في بغداد على سيارة مؤيد اللامي، رئيس نقابة الصحفيين العراقية، مما أودى بحياة سائقه.

كما تعرض صحفيون في العراق للأذى جراء التعرض لقوات الأمن العراقية والكردية والحكومتين المركزية والإقليمية في كردستان. في 4 مايو/أيار قام مسلحون باختطاف وتعذيب وقتل سردشت عثمان، المراسل الصحفي البالغ من العمر 23 عاماً والطالب في إربيل. أصدقاؤه وأسرته وصحفيون آخرون يعتقدون بأن عثمان مات بسبب مقالات انتقادية كتبها عن الحزبين الحاكمين في كردستان وقيادات الحزبين، وعن النظام البطريركي المعمول به. قامت قوات أمن على صلة بالمؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية بمضايقة وترهيب وتهديد واعتقال والاعتداء على الصحفيين بدنياً. وقاضى بعض كبار رجال السياسة المطبوعات والصحفيين جراء مقالات انتقادية ظهرت عنهم.

وطبقت هيئة الاتصالات والإعلام العراقية قيوداً جديدة قبيل انتخابات 7 مارس/آذار البرلمانية، بذريعة إسكات الأصوات الإعلامية التي تشجع على العنف الطائفي، لكن الأنظمة المُطبقة كانت ذات أثر تقييدي بشكل غير متناسب على الحريات الإعلامية. ووقت كتابة هذه السطور، كان هناك تشريعان، هما قانون توفر المعلومات وقانون حماية الصحفيين، ما زالا معطلين في أروقة البرلمان العراقي.

حرية التجمع

بعد أن خرج الآلاف من العراقيين إلى الشوارع في يونيو/حزيران احتجاجاً على عدم قدرة الحكومة على توفير الكهرباء بالقدر الكافي وخدمات أساسية أخرى، داهمت السلطات المظاهرات. في 25 يونيو/حزيران أصدرت وزارة الداخلية قراراً تعسفياً ضد المظاهرات العامة، ويبدو أن مكتب رئيس الوزراء أصدر أمراً سرياً في اليوم التالي يأمر وزير الداخلية برفض منح تصاريح المظاهرات الخاصة بانقطاع الكهرباء. وفي الشهور التالية رفضت الحكومة التصريح بعدد كبير من المظاهرات العامة، دون إبداء أسباب. واعتقلت السلطات وأرهبت منظمين لمظاهرات ومتظاهرين، وأدت تحركات الشرطة إلى حوادث قتل وإصابات. وهيأت الحملة القمعية لأجواء من الخوف سادت أوساط المتظاهرين.

العنف ضد الأقليات

استمرت الجماعات المسلحة في اضطهاد الأقليات العرقية والدينية في ظل إفلاتها من العقاب على ما ترتكب من انتهاكات. في الأسابيع الثلاثة السابقة على انتخابات 7 مارس/آذار الوطنية، قتل مجهولون 10 مسيحيين في مدينة الموصل في هجمات يبدو أنها سياسية الدوافع. اضطر العنف 4300 مسيحي إلى الفرار إلى نينوي، وهي منطقة متنازع عليها في شمال العراق تعتبر ثقافياً وعرقياً ودينياً شديدة التنوع. أدان مسؤولو الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان الهجمات وشكلت حكومة العراق لجنة تحقيق، لكن حتى أكتوبر/تشرين الأول، لم يكن قد تم التعرف على جناة أو القبض على مشتبهين.

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول هاجم مسلحون ذكروا أنهم من أعضاء دولة العراق الإسلامية، كنيسة في بغداد، واتخذوا أكثر من مائة رهينة. قُتل راهبين و44 شخصاً من المصلين أثناء مهاجمة القوات العراقية للمبنى.

وظلت الأقليات رهينة أوضاع غير مستقرة مع تنازع الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العنصر العربي وحكومة إقليم كردستان، حول السيطرة على الأراضي المتنازع عليها والتي تمر بشمالي العراق من الحدود الإيرانية إلى الحدود السورية. واشتكى زعماء لمجتمعات سكانية من الأقليات من أن قوات الأمن الكردية تورطت في احتجازات تعسفية وأعمال ترهيب وفي بعض الحالات عنف مباشر، ضد من يطعنون في أحقية الأكراد في السيطرة على الأراضي المتنازع عليها. وفي أجزاء أخرى من العراق، لم تتلق الأقليات ما يكفي من تدابير الحماية الحكومية من الاستهداف بالعنف، والتهديدات والترهيب. ونادراً ما تم التعرف على جناة أو التحقيق معهم أو معاقبتهم.

الأطراف الدولية الرئيسية

يطالب اتفاق موقع بين العراق والولايات المتحدة في عام 2008 بالانسحاب الأمريكي الكامل - بما في ذلك الوحدات العسكرية غير القتالية - من العراق بنهاية عام 2011. حتى سبتمبر/أيلول 2010 كان للولايات المتحدة نحو 49700 عنصر عسكري في العراق، بعد أن كان العدد 160 إلى 170 ألف عنصر في ذروة "زيادة" القوات عام 2007.

في أكتوبر/تشرين الأول، نشر موقع ويكيليكس آلاف الوثائق، بالأساس صادرة عن ضباط أمريكيين منخفضي الرتبة في الميدان، بين عامي 2004 و2009، تكشف عن حالات لم يسبق الإبلاغ عنها، لقيام جنود أمريكيين بقتل مدنيين، وتعذيب محتجزين على يد السلطات العراقية.

وراجع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سجل العراق الحقوقي في المراجعة الدورية الشاملة في فبراير/شباط 2010. قبلت الحكومة العراقية أغلب التوصيات المقدمة لها لكن رفضت إلغاء عقوبة الإعدام.

في أغسطس/آب صوّت مجلس الأمن على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي) لمدة عام آخر. مكتب الأمم المتحدة (يونامي) يراقب انتهاكات حقوق الإنسان، ضمن خطة تهدف إلى تطوير آليات عراقية للتصدي لانتهاكات الماضي والحاضر.