|
|
(نيويورك، 12 يونيو/حزيران 2002) - نددت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" اليوم بقرار "مجلس أمناء الدستور" رفض مشروع قانون برلماني يرمي إلى منع التعذيب.
ويقول هاني مجلي المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان":
"إن قرار مجلس أمناء الدستور لا يعير اهتماماً للنصوص الواردة في القانون الإيراني والدولي التي تحرم بوضوح استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات؛ فمن شأن هذا القرار أن يسمح للقضاة بقبول الاعترافات كأدلة في المحاكمات الجنائية، حتى حينما يكون من الجلي أنها انتُزعت من المتهمين تحت وطأة التعذيب".
وينافي قرار المجلس الالتزامات الواقعة على عاتق إيران باعتبارها من الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ إذ تنص المادة 2(1) من الاتفاقية على أن تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية فعالة لمنع التعذيب؛ كما تقضي المادة 4(1) بأن تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي. وفضلاً عن هذا، فإن قرار "مجلس أمناء الدستور" يتجاهل أيضاً التحريم الواضح لاستخدام التعذيب في انتزاع الاعترافات الذي ينص عليه الدستور الإيراني.
وقد أعربت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" عن قلقها من أن تحريم التعذيب المنصوص عليه حالياً في القانون الإيراني محدود وبحاجة لتعزيزه وتوضيحه حتى يتمشى مع المعايير الدولية؛ فالمادة 38 من الدستور، مثلاً، لا تحظر سوى تعذيب المعتقلين لانتزاع الاعترافات منهم؛ أما استخدام التعذيب على سبيل العقاب، أو لأي غرض آخر، فهو ليس محرماً على وجه التحديد.
وجدير بالذكر أن التعذيب متفشٍ في إيران لأسباب من بينها غياب نص قانوني يحظر استخدامه بصورة قطعية ؛ ومشروع القانون البرلماني، الذي رفضه "مجلس أمناء الدستور"، لا يسد كل الثغرات في القوانين القائمة؛ فهو لا يقر مثلاً حق المعتقلين المتهمين بجرائم جنائية في الاتصال بمحامين على وجه السرعة، ولا يضع قيوداً على المدة المسموح بها لاعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي؛ وغياب هذين الضمانين طالما سهَّل للسلطات استخدام التعذيب ضد المعتقلين. كما ينص مشروع القانون على استثناء فئات محددة من المشتبه فيهم من الضمانات الواردة فيه، ومن بينها أعضاء الجماعات "المرتدة"، وهو تعبير قد يشمل الأقلية البهائية، و"المحاربين" (أي من حاربوا الله)، وهو مصطلح يُطلق على فئات عديدة من المنشقين ومنتقدي الحكومة، والمتهمين بالتجسس، وهي تهمة أخرى معرفة تعريفاً فضفاضاً للغاية في قانون العقوبات الإيراني. وليس من شأن مشروع القانون، في صيغته الحالية، أن يوفر ما يكفي من الضمانات الواقية من التعذيب، كما أنه يقصر قصوراً بالغاً عن الوفاء بالالتزامات الدولية الواقعة على عاتق إيران.
وقال مجلي: " بما أن مشروع القانون قد أعيد إلى لجنة الشؤون القانونية والقضائية في مجلس الشورى، فهناك الآن فرصة أخرى سانحة أمام أعضاء المجلس لوضع مشروع قانون يعزز بدرجة كبيرة الضمانات الواقية من التعذيب في القانون الإيراني؛ إن سن القوانين في مجال منع التعذيب أمرٌ يستحق الأولوية، وجدير بأعضاء البرلمان أن يرتقوا إلى مستوى هذا التحدي المتمثل في اقتراح قانون أقدر على حماية المواطنين الإيرانيين من التعذيب على أيدي المسؤولين الحكوميين".