HUMAN RIGHTS WATCH

تونس: السجن لمحام على خلفية مقال ظهر على الانترنت وانتقد الحكومة

(تونس، 29 أبريل/نيسان 2005) - طالبت هيومن رايتس ووتش بالإطلاق الفوري لسراح المحامي محمد عبّو، والذي أصدرت محكمة تونسية، صباح يوم الجمعة 29 ابريل/نيسان، حكما بسجنه لمدة عام ونصف بسبب كتابته لمقال ظهر على صفحات الانترنت وجدت المحكمة بأنه يحقر القضاء و من شأنه الإخلال بالنظام العام، بحسب المحكمة. وهاتان جريمتان ينص عليهما كل من قانون المطبوعات وقانون العقوبات على التوالي.

وقالت هيومن رايتس ووتش والتي حضرت جلسة المحاكمة التي امتدت على مدار يوم الخميس الموافق لـ 28 أبريل/نيسان، بأن إدانة عبّو جاءت بسبب انتقاده للحكومة.  
 
وكانت نفس المحكمة قد أصدرت ، يوم الخميس 28 ابريل/نيسان، وفي قضية منفصلة، حكما بسجن عبّو لمدة عامين بتهمة الاعتداء بالضرب على محامية، في يونيو/حزيران 2002، في حين أمر القاضي في محكمة البداية التونسية محرز حمامي، الذي أصدر الحكم، بتنفيذ قرار الحبس فوريا، مما يعني بأن عبّو سيبقى محتجزا حتى أثناء تقدمه بالاستئناف.  
 
ومن ناحيتها، قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا بـ هيومن رايتس ووتش أن "على الحكومة التونسية انهاء العمل بالقوانين التي تجرم التعبير الحر، بدلا من زج منتقديها من مثل محمد عبّو بالسجن".  
 
وكان محمد عبّو قد اعتقل في الأول من مارس/آذار بعد نشره مقالا على شبكة الانترنت، عبر موقع (www.tunisnews.net)، منتقدا دعوة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لرئيس الوزراء الاسرائيلي شارون زيارة تونس وللمشاركة في القمة العالمية للمعلومات في شهر نوفمبر/تشرين ثاني القادم. كما وذهب عبّو في المقال المذكور إلى المقارنة بين مزاعم الفساد التي تحيط بأفراد من عائلات كل من شارون وبن علي.  
 
وفي الوقت الذي يرى المراقبون أن المقالة المذكورة السبب الرئيس في اعتقال عبّو، إلا إن التهمة التي وجهت إليه بدلاً من ذلك كانت بشأن مقالة نشرها على الإنترنت في أغسطس/آب 2004، وقد قارن فيها بين ظروف السجون التونسية وظروف سجن أبو غريب الذي تديره الولايات المتحدة في العراق. وفي الوقت نفسه حرّكت السلطات شكوى اعتداء قديمة ضد عبّو تتهمه فيها إحدى زميلاته المحاميات بضربها.  
ورفض القاضي يوم الخميس 28 ابريل/نيسان طلباً تقدم به الدفاع لتأجيل المحاكمة في قضية الاعتداء بالضرب. كما لم تحدد المحكمة موعداً للنظر في هذه الشكوى إلا بعد اعتقال عبّو في الشهر الماضي؛ أي بعد ثلاث سنوات من تسجيل الشكوى. وقد رفض عبّو أمس استجوابه فيما يخص قضية الاعتداء قائلاً بأنه لم يعين محامياً له في هذه الدعوى بعد.  
 
وقررت المحكمة أن عبّو قد ألحق الأذى بزميلته المحامية دليلة مراد أثناء مشادّةٍ بينهما حدثت في يونيو/حزيران 2002. وفي الشكوى التي سجلتها آنذاك، ادّعت مراد أن الإصابة التي ألحقها بها تطلبت معالجةً في المشفى. وقد أخبرت المحامية مراد هيومن رايتس ووتش أنها قد حاولت مراراً الضغط على المحكمة، بعد الحادث، لتحريك دعواها لكن من غير طائل. ولم تقم المحكمة بتحريك الدعوى إلا بعد ظهور مقالات عبّو الانتقادية. وقد أخبر بعض أعضاء فريق الدفاع عن محمد عبّو هيومن رايتس ووتش أن الأخير قد صفع المحامية مراد فقط، في ذلك الحادث، بسبب إهانتها له، لكنه لم يسبب لها أي أذى دائم.  
وقالت ويتسون أن "من حق من يتعرض لاعتداء أن تنظر المحكمة في دعواه، لكن توقيت هذه المحاكمة يبين أنها محاولة ذات دوافع سياسية لإيقاع العقاب بمن يمارس حق الكلام". وقالت ويتسون بأنه سُمِح لها بدخول قاعة المحكمة وأنها استطاعت مراقبة الإجراءات دونما عوائق.  
 
ومن ناحية أخرى تعرف أوساط المجتمع المدني في تونس المحامي عبّو على نحوٍ جيد. وهو عضو مؤسس في الجمعية الدولية للتضامن مع السجناء السياسيين وفي المركز من أجل استقلال القضاة والمحامين، وكلاهما من منظمات حقوق الإنسان التي مازالت الحكومة التونسية ترفض الاعتراف بها. وهو عضو أيضاً في المكتب التنفيذي لأحد الأحزاب السياسية غير المعترف بها وهو المؤتمر من أجل الجمهورية.  
 
وبعد اعتقاله في تونس، تم نقل عبّو إلى سجن في مدينة الكاف التي تبعد مسيرة 3 ساعات بالسيارة عن العاصمة، مما يزيد من صعوبة تواصله مع محاميه. وقد تنادى المحامون التونسيون للدفاع عن زميلهم، حيث سجّل أكثر من 300 محامٍ أنفسهم ضمن فريق الدفاع عنه. ولا يزال عشراتٌ منهم يثابرون على المشاركة في اعتصام احتجاجي على مدار الساعة في نادي المحامين الواقع قبالة المحكمة التي يحاكم فيها.  
وجاءت مقالة عبّو في 28 فبراير/شباط، والتي ظهرت بالعربية على موقع تونس نيوز، في وقتٍ تجري فيه احتجاجات مستمرة من قبل بعض الأحزاب السياسية التونسية والطلاب والنقابات ومنظمات حقوق الإنسان ضد قرار الحكومة التونسية بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون لحضور قمة العالم حول مجتمع المعلوماتية. ومن المقرر أن تستضيف تونس هذه القمة التي ترعاها الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، وهي قمةٌ تناقش ثورة المعلومات و"الفجوة الرقمية".  
 
وقد أثارت منظمات حقوق الإنسان أسئلةً بشأن عقد هذا المؤتمر في تونس، وهو البلد الذي لا يتسامح مع النقد الموجه للحكومة ويحجب مواقع الإنترنت بناءً على محتواها السياسي.  
 
وقالت ويتسون أن "تونس، بحبسها محمد عبّو بسبب مقالاته على الإنترنت، تثير شكوكاً فيما اذا كانت بلداً مناسباً لاستضافة مؤتمر دولي حول ثورة المعلومات".