(عمان، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2005) – قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد لها صدر اليوم إن الذرائع التي تسوقها جماعات المتمردين تبريراً لهجماتها على المدنيين ليس لها أي مسوِّغ في القانون الدولي.
ويعد تقرير المنظمة الصادر تحت عنوان "وجه واسم: الضحايا المدنيين لجماعات المتمردين في العراق"، والذي يقع في 140 صفحة، أشمل وأوسع دراسة تجري حتى الآن للانتهاكات التي ارتكبتها جماعات المتمردين؛ ويعرض هذا التقرير بصورة منهجية الحجج التي تتعلل بها بعض جماعات المتمردين وأنصارها لتبرير الاعتداءات غير المشروعة على المدنيين، ويكشف زيف هذه الحجج وبطلانها.فلئن كانت قوانين الحرب لا تحظر جماعات المتمردين ولا تحرِّم الهجمات على الأهداف العسكرية، فإنها تفرض قيوداً على وسائل وأساليب الهجمات، وتلزم كافة القوات الداخلة في الصراع بحماية المدنيين وسواهم من غير المقاتلين. أن الاستهداف المتعمد للمدنيين أثناء أي صراع مسلح يشكل جريمة حرب.
وتقول سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش "ليست هناك مبررات تجيز استهداف المدنيين، لا في العراق ولا في غير العراق؛ ويجب على الجماعات المسلحة، شأنها شأن الحكومات، احترام قوانين الحرب".
ويتناول التقرير فئات المدنيين الذين يستهدفهم المتمردين، مثل الطوائف العرقية والدينية، والسياسيين العراقيين، والأكاديميين، والعاملين في أجهزة الإعلام، والنساء، وآثار الهجمات التي تستهدف هذه الفئات. ويضفي التقرير اسماً ووجهاً على هؤلاء الضحايا، من خلال الصور الفوتوغرافية، وشهادات شهود العيان التي تم تسجيلها على أرض الواقع في العراق، فضلاً عن تقارير وسائل الإعلام.
وقد أسفر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، والاحتلال العسكري التالي له، عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى في صفوف المدنيين، وأدى إلى نشوء جماعات المتمردين المذكورة. ويتضمن التقرير فصلين يتناولان بإيجاز انتهاكات قوانين الحرب التي ارتكبتها القوات الأمريكية وقوات الحكومة العراقية؛ ولكن التقرير يقول إن هذه الانتهاكات لا تبرر بأي حال الهجمات غير المشروعة للمتمردين.
وقالت ويتسن "لقد عمدت القوات الأمريكية إلى استخدام القوة المفرطة والعشوائية، وتعذيب المعتقلين، واحتجاز الآلاف من العراقيين بدون مراعاة الأصول القضائية الواجبة ولكن ذلك لا يبرر أفعال جماعات المتمردين الذين تعمدوا استهداف المدنيين وقتلهم".
وقد وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقاريرها استخدام الجيش الأمريكي للقوة العشوائية والمفرطة، والاعتقالات غير المشروعة، واستخدام التعذيب في معتقلات مثل سجن أبو غريب (انظر القائمة الواردة أدناه).
ويحلل التقرير الجديد حركة التمرد في العراق، ويسلط الضوء على الجماعات المسؤولة عن معظم الانتهاكات، وهي "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"، و"أنصار السنة"، و"الجيش الإسلامي في العراق"، وقد ارتكبت جميعها عمليات الاختطاف والإعدام ضد المدنيين؛ بل إن الجماعتين الأولى والثانية تباهتا مراراً بارتكاب التفجيرات الهائلة باستخدام السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية في المساجد والأسواق ومحطات الحافلات وغيرها من المناطق المدنية. ومثل هذه الأفعال هي جرائم حرب، وقد تعد أحياناً من قبيل الجرائم ضد الإنسانية التي تعرف بأنها جرائم خطيرة ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد قطاع من السكان المدنيين.
ويوثق التقرير اغتيالات المسؤولين الحكوميين، والسياسيين، والقضاة، والصحفيين، والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، والأطباء، والمهنيين، والأشخاص الذين يُعتبرون من المتعاونين مع القوات الأجنبية في العراق، بما في ذلك المترجمون، وعمال التنظيف، وغيرهم ممن يؤدون وظائف مدنية للقوة المتعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة. وقد استهدف المتمردون بهجماتهم الانتحارية وسياراتهم المفخخة المساجد الشيعية، والكنائس، والأحزاب السياسية الكردية، بهدف قتل المدنيين. أما الزعم القائل بأن هذه الفئات والطوائف أهداف مشروعة لأنهم يساندون القوات الأجنبية في العراق فهو زعم لا يقوم على أي أساس من القانون الدولي الذي يستوجب حماية أي مدني لا يشارك مشاركة فعلية في الأعمال الحربية.
كما قامت جماعات المتمردين بتعذيب المدنيين والأسرى من المقاتلين وإعدامهم بصورة فورية – بقطع رؤوسهم أحياناً – ونفذت هجمات ضد أهداف عسكرية مشروعة، مثل القوافل العسكرية، على نحو من شأنه أن يؤدي إلى خسائر بشرية مفرطة في صفوف المدنيين لا تتناسب على الإطلاق مع المكسب العسكري المرجو من ورائها.
وقد نددت بعض جماعات المتمردين وأنصار حركة التمرد بالهجمات التي تستهدف المدنيين؛ وفي إحدى الحالات، أمرت إحدى الجماعات أعضاءها بتجنب أي هجمات على المدنيين، وتوقفت فيما يبدو عن القيام بأي عمليات في المناطق الحضرية حيث قد يصاب المدنيون بسوء. ويوصي التقرير بأن تصدر جميع جماعات المتمردين تنديدات مماثلة، وأوامر لأعضائها بوقف الهجمات على المدنيين.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على الزعماء السياسيين والدينيين في العراق وخارجه، ممن يؤيدون جماعات المتمردين، أن ينددوا هم الآخرون بالهجمات غير المشروعة. وقد قامت هيومن رايتس ووتش بلقاء عدداً من ممثلي الصحافة والمجتمع المدني في العالم العربي لمناقشة استهداف المدنيين من قبل الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط.
وقالت ويتسن "أعرب الأشخاص الذين التقينا بهم في المنطقة عن اشمئزازهم ورفضهم المتزايد تجاه أفعال جماعات المتمردين، حتى ولو من مؤيدي انسحاب عسكري أمريكي. لقد حان الأوان للزعماء السياسيين ورجال الدين الداعمين للتمرد بشجب تلك الفظائع علناً".
وفيما يلي بعض التقارير الأخرى التي أصدرتها منظمة هيومن رايتس ووتش عن العراق:
إخفاق القيادة: روايات من مصادر مباشرة عن تعذيب المعتقلين العراقيين على أيدي الفرقة الثانية والثمانين المنقولة جواً بالجيش الأمريكي، سبتمبر/أيلول 2005.
التعذيب بلا حساب ولا عقاب: مسؤولية القيادة عن إساءة معاملة المعتقلين لدى القوات الأمريكية، أبريل/نيسان 2005.
العراق الجديد: تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم في حجز السلطات العراقية، يناير/كانون الثاني 2005.
نزاعات على الملكية: تصحيح آثار التطهير العرقي في شمال العراق، أغسطس/آب 2004.
الطريق إلى أبو غريب، يونيو/حزيران 2004.
الانحراف عن الهدف: إدارة الحرب والخسائر بين المدنيين في العراق، ديسمبر/كانون الأول 2003.
القلوب والعقول: الخسائر البشرية في صفوف المدنيين على أيدي القوات الأمريكية في بغداد بعد الحرب، أكتوبر/تشرين الأول 2003.
مناخ الخوف: النساء والفتيات ضحايا للعنف الجنسي والاختطاف في بغداد، يوليو/تموز 2003.
الاستجابة العنيفة: الجيش الأمريكي في الفلوجة، يونيو/حزيران 2003.
البصرة: الجريمة وغياب الأمن في ظل الاحتلال البريطاني، يونيو/حزيران 2003.
و يمكن الإطلاع على التقرير في الموقع التالي:
http://hrw.org/arabic/reports/2005/iraq1105/index.htm