8 يونيو/حزيران 2006
حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة
مكتب جلالة الملك
قصر الرفاع
مملكة البحرين
جلالة الملك:
نكتب إليكم تعبيراً عن قلقنا بشأن مشروع القانون المتعلق بالاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات والمعروف باسم "تعديل القانون رقم 18 لعام 1973". وتفيد المعلومات المتوفرة لدينا بأن مجلس النواب واللجنة التشريعية في مجلس الشورى قاما بدراسة هذا المشروع وإقراره، وأن من المنتظر قيام مجلس الشورى بكامل هيئته بنفس الأمر في مستقبل قريب، وذلك قبل إرساله إلى جلالتكم للموافقة النهائية عليه.
لقد أعلنتم جلالتكم في مناسبات كثيرة، كما أعلن كثير من كبار المسئولين الحكوميين، التزام مملكة البحرين بأن تصبح مجتمعاً أكثر ديمقراطية. وحرية التجمع مكوّن جوهري من مكونات أي نظام ديمقراطي، كما أنها أمر أساسي لعملية تكوين الآراء السياسية وصياغتها ضمن الإطار العام، وهي أساسية أيضاً لمبدأ المشاركة الشعبية في الشأن العام.
إن المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تسمح ببعض القيود على ممارسة حق التجمع السلمي، ولاسيما القيود الضرورية لحماية الأمن الوطني أو السلامة والصحة والأخلاق العامة، وكذلك لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. والمبدأ الأساسي في تطبيق تلك القيود على حقوق الإنسان المتمتعة بالحماية هو أن تقوم الحكومة بتحديد هدف القيود، وأن لا تمس تلك القيود بجوهر الحق المعني.
إن نص التعديل على القانون رقم 18 لعام 1973 يحوي جملة من القيود على الحق في التجمع السلمي من غير الإشارة إلى الغاية منها، وبطريقة تهدد الحق نفسه:
- فالمادة 2 (آ) توجب على الأشخاص الراغبين بتنظيم اجتماع عام أو مظاهرة إخطار المدير العام للشرطة كتابةً قبل ثلاثة أيام على الأقل. ولا يميز مشروع القانون بين المظاهرات العامة، حيث يكون الإخطار المسبق أمراً منطقياً بغية ترتيب حركة السير أو حماية الشرطة للمتظاهرين، وبين الاجتماعات العامة التي تجري في مكان مغلق حيث لا أهمية لتلك الاعتبارات. ولا يورد مشروع القانون سبباً لوجوب الإخطار المسبق بهذه الاجتماعات. وحتى في حالة المظاهرات والمسيرات العامة حيث يكون الإخطار المسبق منطقياً، فإن اشتراط الإخطار قبل ثلاثة أيام أمر مبالغ فيه. وليس من الواضح ما الذي يجعل مهلة أقصر (24 ساعة مثلاً) غير كافية لتلبية متطلبات النظام والسلامة العامين؛
- وتوجب المادة الرابعة على السلطات إخطار المنظمين، في حال اتخاذ قرار بمنع التجمع، قبل يومين من موعده المقرر على الأقل. لكن مشروع القانون لا يلزم السلطات بتحديد سبب المنع أو بالمستند القانوني له. إن عبء تبرير فرض قيود على أيّ حق من حقوق الإنسان الأساسية يقع على عاتق الدولة؛
- كما تنص المادة الرابعة على حق منظمي الاجتماع بالطعن في قرار المنع خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغهم به "أمام المحكمة المختصة التي تفصل فيه بصفة مستعجلة". لكن القانون لا يشير إلى تكوين تلك المحكمة، كما لا يقدم أية ضمانة بأن تكون محكمة مستقلة عن السلطة التنفيذية. وهو لا يحدد أيضاً ما المقصود بصفة "الاستعجال"؛
- وتنص المادة الخامسة على "ضرورة الإذن الخاص" للاجتماعات العامة التي تعقد بين الساعة 11:30 ليلاً والساعة 7 صباحاً. ولم ترد أية إشارة لسبب كون الأذن الممنوح في هذه الحالة إذناً "خاصاً". كما لم ترد إشارة إلى عدم اقتصار وجوب تقديم إخطار مسبق على الاجتماعات العامة التي تجري في ساعات الليل هذه من غير اشتراطه في حالة الاجتماعات العامة التي تجري في ساعات النهار أو المساء؛
- وتنص المادة السادسة على وجوب تنظيم كل اجتماع عام وإدارته من قبل لجنة تتألف من ثلاثة أعضاء على الأقل تكون مسئولة عن "منع كل خطاب أو نقاش يخالف النظام العام أو الآداب"، إضافةً إلى أمور أخرى. لكن القانون يترك تعريف "النظام العام أو الآداب" مفتوحا مما يشكل دعوةً للسلطات إلى تقييد حرية التعبير والتجمع السلمي بصورةٍ كيفية؛
- وتسمح المادة السابعة بحضور الشرطة أي اجتماع عام، وتعطيها الحق في حلّه إذا "وقعت أثناء الاجتماع جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو غيره من القوانين النافذة المفعول"، إضافةً إلى أمور أخرى. إن قانون العقوبات البحريني، وربما غيره من "القوانين نافذة المفعول"، ما زال يحوي أحكاماً لا تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تحكم الحقوق السياسية والمدنية الأساسية؛ ولاسيما في ميدان حرية التعبير وحرية التنظيم. ومن هنا فإن هذا القانون المقترح يسمح لمسئولي الأمن بتعطيل الاجتماعات العامة لمجرد قيام أشخاصٍ بممارسة حقوقهم السياسية والمدنية الأساسية أو بالدعوة إلى ممارستها؛
- وتسمح المادة الثامنة للمدير العام للشرطة بتقرير ما إذا كان الاجتماع عاماً أم خاصاً، وبالتالي بتقرير ما إذا كان يجب حضور الشرطة فيه، وذلك استناداً إلى "موضوعه.... أو أي ظرف آخر"؛
- وتحظر المادة العاشرة اشتراك غير المواطنين في المظاهرات أو المواكب "والتجمعات التي تتم لغرض سياسي". إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لا يسمح للدول المنضمة إليه بأن تجعل من حق الأجانب أو غير المواطنين في حرية التجمع خاضعاً لقيود خاصةً. وعلى النقيض من ذلك، فإن لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة (وهي الهيئة التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتقدم التفسيرات الملزمة له) صرحت، وبصورة لا لبس فيها، بأن "الأجانب يتمتعون بحق التجمع السلمي" وأنه "لا يجوز ممارسة أي تمييز بين المواطنين والأجانب" في مجال تطبيق الحقوق الأساسية؛
- كما تحظر المادة العاشرة أيضاً، ومن غير تفسير، "المظاهرات التي تتم لأغراض انتخابية". إن الحق في حرية التجمع، كمثل الحق في حرية التعبير والتنظيم، أمر حاسم الأهمية للنظام الديمقراطي عامةً وللانتخابات الحرة والعادلة خاصةً.
جلالة الملك؛ إننا نرى، وللأسباب المذكورة، أن مشروع القانون المعروف باسم "تعديل القانون رقم 18 لعام 1973" يشكو من ثغرات خطيرة ولا يجوز له أن يصبح قانوناً. فهو يجعل الحق في حرية التجمع خاضعاً لقرارات اعتباطية من جانب مسئولي الشرطة والحكومة، كما أنه يضم عناصر تتناقض مباشرةً مع الحق في حرية التعبير. ومشروع القانون غير متفق أبداً مع عزمكم المعلن على الانتقال بمملكة البحرين صوب نظام سياسي أكثر ديمقراطية. وبشكل خاص فإن مشروع القانون يتعارض مع المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي أعلنت حكومتكم اعتزامها المصادقة عليه.
ولهذه الأسباب، فإننا ندعوكم إلى الامتناع عن إجازة هذا القانون، وإلى إصدار أوامركم إلى المسئولين المعنيين في وزارتي العدل والداخلية من أجل إعداد مشروع قانون جديد يفي بالتزامات البحرين الدولية في مجال حقوق الإنسان ويعبر عن تطلعكم إلى بحرين أكثر ديمقراطية.
وكلنا أمل في أن تلقى هذه التوصيات استجابةً لديكم.
مع خالص الاحترام
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
نسخة إلى: سعادة السفير نصر البلوشي، سفارة مملكة البحرين، واشنطن