HUMAN RIGHTS WATCH

مصر: صحفيو مصر مازالوا عرضة لخطر السجن تحت قانون الصحافة

(القاهرة، 11 يوليو/تموز 2006) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن قانون الصحافة المعدَّل حديثاً والذي يسمح بفرض عقوبة الحبس بسبب إهانة الموظفين العموميين في الصحف، مازال يحوي قيوداً كثيرة على حرية الصحافة من شأنها انتهاك المعايير الدولية.

وقد رحبت هيومن رايتس ووتش بتدخل الرئيس حسني مبارك في وقتٍ سابقٍ من هذا اليوم لحذف تعديل مثير للجدل يقضي بفرض عقوبة الحبس بـثلاث سنوات على نشر معلومات عن الذمم المالية للشخصيات العامة، لكنها تأسف لبقاء الأحكام التي تجرّم إهانة رئيس الدولة أو رئيس دولة أجنبية.  
 
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا يجوز اعتبار انتقاد الموظفين العموميين جريمةً على الإطلاق؛ وبالتأكيد ليس جريمةً تستوجب الحبس"، مضيفاً بأن "على الرئيس مبارك أن يفي بالوعد الذي قطعه قبل سنتين، بسن قانون يحمي الصحفيين من عقوبة الحبس حتى عند انتقادهم الموظفين العموميين".  
 
وكان مجلس الشعب المصري والذي يسيطر عليه حزب الرئيس مبارك "الحزب الوطني الديمقراطي"، أقرّ في 10 يوليو/تموز التعديلات الأخيرة على بعض مواد قانون العقوبات المتعلقة بالصحافة. وفي اليوم السابق، احتجبت 25 صحيفة مصرية مستقلة ومعارضة عن الصدور احتجاجاً على القانون المعدَّل. كما تظاهر مئات الصحفيين أمام مجلس الشعب. وعند توقيعه على القانون المعدَّل اليوم، ألغى الرئيس مبارك أحد التعديلات التي تتضمن أحكاماً بالحبس. لكنه أبقى على التعديلات التي تفرض عقوباتٍ جزائية على انتقاد الرئيس أو الزعماء الأجانب. وبهذا، فإن الرئيس مبارك يمتنع عن الوفاء بما تعهد به عام 2004 من قيام الحكومة بتعديل القانون بشكلٍ يضمن عدم حبس أي صحفي بسبب ما يكتبه.  
 
وكانت المادة 181 من قانون العقوبات تدعو سابقاً إلى احتجاز "كل من يهين ... ملك أو رئيس بلد أجنبي" من غير إلزامٍ بحكمٍ معين. أما التعديلات المقترحة فتحدد العقوبة بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات، أو بتغريم رئيس التحرير بمبلغ يتراوح بين 5,000 و20,000 جنيهاً مصرياً (870 – 3,480 دولار أمريكي) وتغريم الصحفي بمبلغ يتراوح من 10,000 إلى 30,000 جنيهاً (1,740 – 5,220 دولاراً). ويمكن للسفارات تحريك الدعوى القضائية بحق الصحفيين المصريين عبر توجيه رسالةٍ إلى وزارة الشؤون الخارجية المصرية التي يعود إليها القرار في مساعدة السفارة على توجيه الاتهام بحق الصحفي.  
 
وقال ستورك: "الرسالة التي يوجهها هذا القانون الجديد للصحفيين المصريين، أنهم عرضة لخطر الحبس إذا فكروا جدياً بتغطية أخبار الشؤون الداخلية أو أخبار قادتهم".  
 
أما المادة 308 من قانون العقوبات، وهي تفرض الحبس لستة أشهر على الأقل بحق الصحفيين الذين تشكل مقالاتهم "تهجماً على كرامة الأفراد وشرفهم، أو مساً بسمعة عائلاتهم"، فظلت من غير تغيير.  
 
كما بقيت المادة 179 التي تعاقب بالحبس كل من أهان رئيس الجمهورية كما هي، وكذلك المادة 102 مكررة التي تنص على أن "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائتي جنيه كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.  
 
وقالت هيومن رايتس ووتش إن غموض الأحكام وصياغتها الفضفاضة في قانون الصحافة المصري يسمح بوقوع الانتهاكات ويتعارض مع المعايير الدولية لحرية التعبير. فبموجب قانون حقوق الإنسان الدولي يكون على القادة السياسيين وغيرهم من الشخصيات العامة تحمل التدقيق العام في سلوكهم، ولا يجوز استخدام القيود المفروضة على حرية التعبير لحماية المسئولين من الرأي العام ومن الانتقاد. كما أن للقوانين التي تفرض عقوباتٍ جزائية على ما يُدّعى به من تشهير أثراً مخيفاً على الصحافة، وهي تحد من النقاش العام.  
 
وفي 26 يونيو/حزيران، أصدرت محكمةٌ قرب القاهرة قراراً بالحبس سنة واحدة بحق إبراهيم عيسى، رئيس تحرير أسبوعية الدستور المعارضة الشعبية، وكذلك على سحر زكي الصحفية بنفس الصحيفة، بسبب "إهانة الرئيس" و"نشر شائعات كاذبة أو مغرضة". وجاء الحكم على خلفية مقالةٍ في صحيفة الدستور تناولت الدعوى القضائية المقدمة بحق الرئيس مبارك وعدد من كبار المسئولين في الحزب الوطني الدستوري الحاكم. (انظر الرابط: http://hrw.org/english/docs/2006/06/28/egypt13656.htm).  
 
وقد قال عيسى لهيومن رايتس ووتش: "إن قانون العقوبات المصري حقل ألغام بالنسبة للصحفيين"، وأضاف بأنه "لو طبقنا أحكامه بالتساوي على الجميع لكان معظم الصحفيين المصريين في السجن".