|
|
(نيويورك، 14 فبراير/شباط 2007) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في رسالةٍ بعثت بها إلى الملك عبد الله يوم 9 فبراير/شباط أن على المملكة العربية السعودية رفع الحظر المفروض لأسبابٍ سياسية على سفر عدد من منتقدي الحكومة البارزين إلى خارج البلاد. وتفرض وزارة الداخلية هذا الحظر دون التزامٍ بالقانون السعودي أو القانون الدولي، كما ترفض النظر في اعتراضات عدد ممن تخضعهم له.
وتورد المنظمة في رسالتها إلى الملك تفاصيل حول حظر السفر الذي تفرضه وزارة الداخلية بحق 22 شخصاً من بينهم متروك الفالح وعبد الله الحامد وعلي الدميني؛ وهم ثلاثةٌ من دعاة الإصلاح السياسي والدستوري أصدر الملك عفواً عنهم في أغسطس/آب 2005 بعد صدور أحكام حبس طويلة بحقهم بسبب كتاباتهم.
وكانت السلطات السعودية اعتقلت هؤلاء الثلاثة في 16 مارس/آذار 2004، مع تسعةٍ غيرهم أطلق سراحهم لاحقاً، بسبب توقيعهم على عريضةٍ تدعو إلى الإصلاح. ومازال سبعةٌ منهم ممنوعين من السفر، ومن بينهم محاميهم عبد الرحمن اللاحم. كما حُظر سفر تسعة آخرين بسبب مساندتهم العلنية للإصلاح. وفي يناير/كانون الثاني، اكتشف رئيس منظمة "حقوق الإنسان أولاً في السعودية" إبراهيم المقيطيب أن اسمه عاد مرةً أخرى إلى قائمة الممنوعين من السفر. أما مبارك بن زعير فانتهى به الأمر إلى الاحتجاز ثم المنع من السفر بعد احتجاجه عبر قناة الجزيرة على حبس والده وشقيقه بسبب تحدثهم عبر وسائل الإعلام.
والظاهر أن السبب في حظر سفر هؤلاء الناس هو رغبة الحكومة في معاقبة منتقديها ومنع آرائهم من الوصول إلى الجمهور خارج البلاد. ولم يتمكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود في الرياض متروك الفالح من تولي منصب بحثيّ في جامعة سياتل بالولايات المتحدة.
إن وزارة الداخلية تخرق القانون السعودي من خلال فرض حظر السفر. وبمعزلٍ عن حظر السفر بقرارٍ قضائي، يمكن للوزارة فرض الحظر "لأسبابٍ أمنيةٍ محددة ولمدةٍ معلومة"، وعليها إبلاغ من تحظر سفرهم خلال أسبوعٍ واحد. وتتحدث هيومن رايتس ووتش في رسالتها إلى الملك عن أن بعض من حظر سفرهم لم يعلموا بالأمر إلا في المطارات أو عند نقاط الحدود أو في دوائر الجوازات، وذلك بعد أشهر أو سنوات من فرض الحظر بحقهم. وقد أبلغت السلطات بعضهم شفهياً أن الحظر يدوم خمس سنوات. لكن الوزارة لم تقم أبداً بإبلاغ من وردت أسماؤهم في قائمة المحظور سفرهم بالأسباب المحددة لذلك الحظر.
وترفض المحاكم السعودية النظر في الاعتراضات المقدمة على حظر السفر. فقد حاول عبد الرحمن اللاحم الاعتراض أمام القضاء الإداري، لكن ديوان المظالم أسقط الدعوى بسبب عدم اختصاصه في "أعمال السيادة". على أن الديوان لم يغفل عن الإشارة إلى أن اللاحم خرق تعهداً وقعه في السجن تحت الضغط يقضي بامتناعه عن التحدث علناً حول موكليه الإصلاحيين الثلاثة.
وخلال بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها هيومن رايتس ووتش إلى السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، أثارت المنظمة قضية حالات حظر السفر هذه مع مسئولين بوزارة الداخلية ومع هيئة حقوق الإنسان الحكومية. ووعد الدكتور أحمد السالم، وهو موظفٌ رفيع المستوى بوزارة الداخلية، بالنظر في هذه الحالات. لكن المنظمة لم تتلق رداً من الوزارة حتى الآن.
وتمثل حالات حظر السفر هذه خرقاً لقانون حقوق الإنسان الدولي الذي يكفل "لكل شخصٍ الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، والعودة إلى بلده".
وتستخدم السلطات السعودية وسائل أخرى أيضاً لتكميم أفواه المعارضين في البلاد، إذ فقد الأستاذان سعيد بن زعير وعبد الله الحامد عملهما بجامعة الإمام محمد في التسعينات بسبب آرائهما العلنية. كما منعتهما وزارة الداخلية من السفر. وفي سبتمبر/أيلول 2006، اعتقلت السلطات السعودية ناشطة حقوق المرأة وجيهة الحويدر، ومنعتها من السفرلفترة قصيرة، إضافةً إلى جعلها فرضها على تتعهد بعدم معاودة الاحتجاج علناً من أجل حقوق المرأة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2006، تلقى سعوديون بارزون يكتبون في الصحف إشعاراتٍ رسمية تمنعهم من نشر أية مقالات. وكان من جملة هؤلاء قينان الغاميدي الذي يكتب في صحيفة الوطن، وخالد الدخيل الذي كان يكتب بصحيفة الحياة وفي موقع إنترنت يدعى "الحوار السعودي"(“Saudi Debate”) ، وسعد الصويان الذي يكتب بصحيفة الاقتصادية الإماراتية وفي موقع "الحوار السعودي"(“Saudi Debate”) . وقال بعض من الصحفيين لهيومن رايتس ووتش أن مدير مكتب صحيفة الوطن بالمدينة المنورة اعتقل على يد المباحث عدة أيام بسبب مقالتين كتبهما.
كما تخنق السعودية الحوار الداخلي خارج الإعلام أيضاً. ففي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، أصدر الملك عبد الله تعميماً يحظر على أي موظفٍ حكومي "و ذلك بمناهضته لسياسات الدولة وبرامجها... من خلال المشاركة في أي حوار عبر وسائل الإعلام أو الاتصال الداخلية اوالخارجيةً".
وخلال زيارة هيومن رايتس ووتش إلى السعودية في عام 2006، قال عددٌ من المثقفين لباحثينا أن وزارة الداخلية اتصلت بهم هاتفياً وأمرتهم بإغلاق منتديات النقاش الداوايين التي يديرونها في الرياض والدمام ونجران. كما صار من المتعذر الوصول إلى عدد من مواقع الحوار الليبرالية على الإنترنت من داخل السعودية، ومنها "جسد الثقافة" و"الحرية" و"وادي نجران".
قالت ويتسن: "إذا أرادت السعودية تحسين صورتها في الخارج فعليها أن تسمح لكبار مثقفيها بالسفر وتبادل الآراء حول مستقبل البلاد"، مضيفة بأن "على الأسرة الحاكمة السعودية أن تسأل نفسها إلى متى تواصل حظر سفر منتقديها واعتقالهم وطردهم من أعمالهم، وبأية كلفةٍ؟"