HUMAN RIGHTS WATCH

الولايات المتحدة الأميركية: ما زال بعض المحتجزين لدى السي آي ايه مفقودين

على حكومة الولايات المتحدة الكشف عن مصير "المُختفين" على يدها

(نيويورك، 26 فبراير/شباط 2007) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته اليوم أن على الحكومة الأميركية تحمل المسؤولية عن جميع المحتجزين المفقودين الذين سبق احتجازهم من قبل وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه).  

ويتضمن التقرير، الذي جاء في 50 صفحة وحمل عنوان "السجناء الأشباح: عامان في سجون المخابرات الأمريكية السرية"، وصفاً تفصيلياً لأحد السجون السرية التي تديرها المخابرات المركزية استنادا الى افادات محتجز فلسطيني سابق تم اطلاق سراحه العام الماضي. كما بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش تطلب فيها معلومات عن مصير المحتجزين المفقودين وأماكن وجودهم.  
 
وقالت جوان مارينر، مديرة قسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش: "قال لنا الرئيس بوش إن آخر 14 سجيناً لدى المخابرات المركزية أرسلوا إلى غوانتانامو؛ لكن ثمة كثيرٌ غيرهم من السجناء الذين ’اختفوا‘ على يد المخابرات المركزية وما زال مصيرهم مجهولاً". وأضافت تقول: "والسؤال هو: ما الذي حل بهؤلاء الناس، وأين هم الآن؟".  
 
وفي أوائل سبتمبر/أيلول، جرت إحالة 14 محتجزاً من سجون سرية تديرها المخابرات المركزية إلى السجن العسكري بخليج غوانتانامو. وأعلن الرئيس بوش في خطاب متلفز يوم 6 سبتمبر/أيلول أنه لم يعد لدى السي آي إيه أي سجناء بعد إحالة هؤلاء السجناء الأربعة عشر.  
 
لكن المحتجز السابق لدى المخابرات المركزية مروان جبور أبلغ هيومن رايتس ووتش عن عدد من الأشخاص الذين كانوا سجناء لدى المخابرات المركزية ولا يُعرف مكان وجودهم الحالي. وكان آخر من شاهدهم جبور من هؤلاء الرجال في سجن المخابرات المركزية الأميركيو هو الجزائري ياسر الجزيري المشتبه في ضلوعه بالإرهاب، وذلك في شهر يوليو/تموز 2006.  
 
وقالت مارينر: "على إدارة بوش تقديم كشف كامل بكل من كان ’مختفياً‘ في سجون المخابرات المركزية، بما في ذلك اسم كلٍّ منهم، ومكانه، وتاريخ مغادرته السجن".  
 
وضمت رسالة المنظمة إلى الرئيس بوش قائمتين بالمحتجزين المختفين. تحوي الأولى أسماء 16 شخصا تعتقد هيومن رايتس ووتش أنهم كانوا محتجزين في سجون المخابرات المركزية، لكن مكان وجودهم الحالي غير معروف. أما الثانية فتضم أسماء 22 شخصا يحتمل أنهم كانوا في سجون المخابرات المركزية، ولا يُعرف شيء عن مكان وجودهم الحالي.  
 
وعبرت هيومن رايتس ووتش عن القلق بشأن ما يمكن أن يكون حل بالسجناء المختفين. ولعل المخابرات نقلتهم إلى سجون أجنبية يظلون فيها خاضعين لسيطرتها الفعلية.  
 
لكن ثمة احتمال مقلق آخر وهو نقل هؤلاء السجناء من قبضة المخابرات المركزية الأميركية إلى أماكن يتعرضون فيها للتعذيب. وهناك قلق جدي من تحويل بعض السجناء المفقودين إلى بلدانهم الأصلية (ومنها الجزائر ومصر وسوريا وليبيا) التي يشيع فيها تعذيب من يشتبه بأنهم من الإرهابيين.  
 
ويقدم التقرير الجديد أكثر الروايات شمولاً إلى اليوم حول الحياة في سجون المخابرات المركزية السرية، إضافة إلى معلومات جديدة عن 38 محتجزا محتملين. ويبين التقرير أن معاملة السجناء من جانب المخابرات المركزية تشكل اختفاءً قسرياً، وهو ما يحظره لقانون الدولي حظراً تاماً.  
 
وكانت السلطات الباكستانية قد اعتقلت مروان جبور في باكستان في شهر مايو/أيار 2004، وظل محتجزاً أكثر من شهر في سجن سري بإسلام أباد يديره باكستانيون وأميركيون. وتعرض إلى إساءات كبيرة خلال تلك المدة. وفي يونيو/حزيران، نقل بالطائرة إلى سجن سري آخر يعتقد أنه في أفغانستان. وكان جميع عناصر السجن (أو معظمهم) أميركيين.  
 
وعندما وصل إلى السجن أخذوا ملابسه كلها وتركوه عارياً تماماً مدة شهر ونصف، بما في ذلك فترات استجوابه من قبل محققات إناث، وأثناء تصويره. وكانوا يوثقونه بالسلاسل إلى جدار زنزانته الصغيرة على نحو محكمٍ جعله غير قادر على الوقوف. كما كانوا يضعونه في وضعيات مُجهدة بحيث لا يكاد يتنفس، ويقولون له إنهم سيضعونه في "بيت الكلب" الخانق إن لم يتعاون معهم.  
 
وخلال أكثر من عامين أمضاهما محتجزاً في هذا السجن السري، كان جبور وحيداً في زنزانته التي لا نوافذ لها؛ ولم يكد يتصل بمخلوق بشري غير سجانيه، إلا قليلاً. ورغم قلقه الشديد على زوجته وبناته الثلاث لم يسمحوا له حتى بإرسال رسالة تطمئنهم إلى إنه حي يرزق.  
 
قال جبور لنا: "كان ذلك قبراً". وتابع يقول: "أحسست أن حياتي انتهت".  
 
وقالت لنا زوجة محتجز آخر لدى المخابرات المركزية ما زال مكانه مجهولاً إنها اضطرت إلى الكذب على أولادها الأربعة بشأن "اختفاء" زوجها. وقالت إنها لم تطق إخبارهم بأنها لا تعرف مكانه.  
 
وقالت الزوجة: "ما أرجوه هو أن استطيع إخبارهم، إذا عرفوا أن أباهم محتجز، بالبلد الذي يحتجز فيه على الأقل، وبظروف احتجازه".  
 
ويشمل الاختفاء القسري الاحتجاز التعسفي أو السري أو الانفرادي، ويمثل خطراً جسيماً على حق الحياة وحق الحماية من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وتوضح الحالات التي يوردها التقرير أن الاختفاء القسري يسبب لأسرة الشخص "المختفي" معاناة وألماً عقلياً مبرحاً.  
 
وعبرت هيومن رايتس ووتش عن قلق بالغ إزاء ما تراه إدارة الرئيس بوش من أن قانون المجالس العسكرية لعام 2006 يسمح للحكومة بالعودة إلى برنامج سجون المخابرات المركزية السرية من جديد. ودعت المنظمة إدارة بوش إلى نبذ استخدام الاحتجاز السري والاستجواب القسري كوسيلتين لمحاربة الإرهاب، وكذلك إلى إعلان وقف نهائي لبرنامج المخابرات المركزية الخاص بالاحتجاز والاستجواب.  
 
وقالت مارينر: "ألحق برنامج المخابرات المركزية، والقادة المدنيون الذين ابتدعوه، ضرراً كبيراً بسمعة الولايات المتحدة وموقفها الأخلاقي ونزاهتها". وتابعت تقول: "لقد آن الأوان لكي يلغي الرئيس بوش هذا البرنامج ويقوم بالخطوات اللازمة لإصلاح ما وقع من ضرر".  
 
لقراءة تقرير هيومن رايتس ووتش "السجناء الأشباح: عامان في سجون المخابرات الأمريكية السرية"، يرجى زيارة الرابط: http://hrw.org/reports/2007/us0207