HUMAN RIGHTS WATCH

لبنان/إسرائيل: صواريخ حزب الله استهدفت المدنيين في حرب 2006

الهجمات على شمال إسرائيل انتهكت قوانين الحرب

(بيروت، 29 أغسطس/آب 2007) – قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن حزب الله قد أطلق أثناء حرب 2006، آلاف الصواريخ عشوائياً، وفي بعض الأحيان عمداً، تجاه مناطق مأهولة بالمدنيين في شمال إسرائيل، لتتسبب في مقتل 39 مدنياً على الأقل. وقالت هيومن رايتس ووتش إن مبررات حزب الله لهجماته على البلدات الإسرائيلية – على أنها رد على القصف الإسرائيلي العشوائي لجنوب لبنان ولجذب إسرائيل إلى خوض حرب برية – ليس لها أساس قانوني بموجب قوانين الحرب.  

وتقرير "مدنيون تحت الهجوم: هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل أثناء حرب 2006" الذي جاء في 128 صفحة، يعرض أكثر من 20 دراسة حالة تستند إلى البحث الميداني الموسع في شمال إسرائيل، عن الهجمات الصاروخية التي تسببت في مقتل وإصابة المدنيين من اليهود والعرب والقرى والبلدات والمدن ذات التركيبة السكانية المختلطة. كما يستند التقرير إلى أدلة عن نية حزب الله وراء هذه الهجمات الصاروخية، تم التوصل إليها من 100 بيان وتصريح لحزب الله.  
 
وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "فشلت تفسيرات حزب الله لإطلاقه الصواريخ على السكان المدنيين الإسرائيليين تماماً في تبرير هذه الهجمات غير القانونية".  
 
وفي بياناتهم وتصريحاتهم، هدد زعماء حزب الله تكراراً بمهاجمة البلدات والمستوطنات الإسرائيلية انتقاماً من الهجمات الإسرائيلية على البلدات اللبنانية، وهو منطق لا يبرر الهجمات العمدية أو العشوائية على المدنيين، حسب رؤية القانون الإنساني الدولي لهذا المنطق. كما ادعى حزب الله المسؤولية عن هجمات محددة على البلدات والمستوطنات الإسرائيلية، حتى وهو يعلن الدعم لمبدأ تجنب إصابة المدنيين. وتعتبر بيانات الزعماء في التسلسل القيادي التي تشير إلى النية بإطلاق الصواريخ عشوائياً على المناطق المأهولة بالمدنيين، دليلاً على ارتكاب جرائم حرب.  
 
وقد أصابت صواريخ حزب الله على نحو متكرر مناطق مأهولة في الشمال الإسرائيلي، وبعضها كانت تحمل كريات معدنية مصممة لإصابة الأشخاص. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن صواريخ كثيرة قد تم إطلاقها دون أن تستهدف أهدافاً عسكرية مشروعة قائمة في مناطق سقوط الصواريخ وقت إطلاقها، مما يشير إلى تعمد مهاجمة المدنيين. فمثلاً أصابت مئات الصواريخ كل من كرمائيل ونهاريا وكريات شمونا من الداخل، وهي مدن لا توجد بها أصول عسكرية ذات أهمية. وفي حالات أخرى كان يوجد هدف عسكري في المنطقة المستهدفة، لكن حتى بافتراض أن حزب الله كان ينوي إصابة الهدف العسكري وليس المدنيين؛ فإن الصواريخ غير دقيقة التسديد التي استخدمها لم تكن قادرة على التمييز بين الطائفتين، مما يجعل الهجمة عشوائية.  
 
وقد قتلت صواريخ حزب الله 39 مدنياً إسرائيلياً على الأقل خلال النزاع وألحقت إصابات متوسطة إلى خطيرة بـ 101 آخرين. وأصابت الصواريخ ثلاثة مستشفيات ومدرسة ابتدائية في كريات يام ومكتب بريد في حيفا. وتسببت حملة حزب الله الصاروخية في شلل أصاب النشاط الاقتصادي والحياة اليومية في غالبية أجزاء شمال إسرائيل، مما تسبب إما في فرار مئات الآلاف من المدنيين إلى الجنوب، أو الاختباء في الملاجئ و"الحجرات الآمنة".  
 
وذكر حزب الله أنه استهدف وأصاب الأهداف العسكرية الإسرائيلية أكثر مما هو معروف في هذا الصدد، ولام إسرائيل على رقابتها التي تفرضها للتكتيم على مدى فاعلية هذه الهجمات. إلا أن هجمات حزب الله على أهداف عسكرية مشروعة، أيا كان مداها، لا تبرر الهجمات العشوائية على المدنيين أو التي تستهدفهم عمداً.  
 
وقد أطلقت قوات حزب الله صواريخ طويلة المدى وغير موجهة معروفة باسم صواريخ "كاتيوشا" وهي غير دقيقة إلى حد كبير ولا يمكنها أن تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية. ولدى إطلاقها نحو مدن وبلدات اتضح أن هذه الهجمات – على الأقل – تنطوي على إهمال مراعاة المدنيين، وأصابت المدنيين والأهداف المدنية تكراراً، سواء عمداً أو عشوائياً.  
 
والكثير من الصواريخ التي أصابت مناطق ساحلية كثيفة السكان – مدينة حيفا ومجموعة ضواحيها إلى الشمال والشرق والمعروفة باسم هكريوت – كانت صواريخ عيار 220 مم ومدججة بآلاف الكريات المعدنية عيار 6 مم والتي تنطلق لتنفجر في المنطقة المحيطة بها وتعد أسلحة خطيرة مضادة للأشخاص. ومع عدم قدرتها على التسبب في ضرر بالغ يصيب المباني أو المواد العسكرية، فهي تخترق اللحم البشري والأعضاء البشرية في نطاق انفجار الرأس الحربي الخاص بالصاروخ. كما أطلق حزب الله صواريخ مليئة بالقنابل العنقودية ومحملة بالذخيرة العنقودية المصممة لأن تنتشر منها، لدى الانفجار، كريات معدنية عيار 3 مم على نطاق واسع. وتقول الشرطة الإسرائيلية إنها فحصت 118 ضربة صاروخية كانت فيها ذخيرة عنقودية.  
 
وفي تقارير أخرى تناولت هيومن رايتس ووتش أبعاداً أخرى من النزاع، ومنها انتهاكات إسرائيل أثناء الاقتتال. وسوف يتم إصدار دراسة موسعة لـ هيومن رايتس ووتش بعنوان "لماذا ماتوا: القتلى المدنيون في لبنان خلال حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله" في سبتمبر/أيلول. ودائماً ما تقيس هيومن رايتس ووتش درجة التزام كل طرف بالتزاماته بموجب قوانين الحرب، وليس مقارنة سلوك احد طرف بالأطراف الأخرى الضالعة في النزاع. وبموجب هذه القوانين، فإن انتهاك طرف من أطراف النزاع لا يلغي أو يقلل من جسامة الانتهاكات التي يرتكبها الطرف الآخر.  
 
وفي تقرير "مدنيون تحت الهجوم" تدعو هيومن رايتس ووتش، من حيث الممارسة والمبدأ، إلى أن يكف حزب الله عن استهداف المدنيين عمداً، وكذلك الكف عن الهجمات التي لا يمكن فيها التفرقة بين المدنيين والمقاتلين، وكذلك النبذ علناً للرأي القائل بأن الهجمات على المدنيين الإسرائيليين مسموح بها على سبيل أنها هجمات ردع للهجمات الإسرائيلية على المدنيين اللبنانيين. ويدعو التقرير حكومة لبنان إلى التصدي لوصول الصواريخ لحزب الله طالما يطلقها عشوائياً أو عمداً على مناطق مأهولة بالمدنيين، وطالما أنه ملتزم بسياسة تسمح باستخدامها على هذا النحو المبين.  
 
كما يدعو التقرير حكومتي سوريا وإيران إلى عدم السماح بنقل مواد إلى حزب الله – ومنها الصواريخ التى استخدمها حزب الله في انتهاك القانون الإنساني الدولي.  
 
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه في بعض الحالات وضعت إسرائيل أصولها العسكرية المتنقلة أو الثابتة غير المتحركة في أماكن مأهولة بالمدنيين أو بالقرب منها في شمال إسرائيل، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت ملتزمة بالكامل بمبدأ تجنب وضع الأهداف العسكرية – بالحد المعقول – في مناطق مكتظة بالمدنيين أو بالقرب منها، وبتوفير الحماية المعقولة لكل المدنيين الذين يقيمون على مقربة من الأصول العسكرية. وفيما لا تقلل هذه الممارسة من مسؤولية حزب الله عن أن يفرق في كل الأوقات بين غير المقاتلين والأهداف العسكرية المشروعة، فإن هيومن رايتس ووتش تدعو حكومة إسرائيل اتخاذ كل الخطوات المعقولة لوضع الأهداف العسكرية بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان وأن تضمن توفير تدابير الحماية المناسبة لكل المدنيين على أساس من المساواة، ممن هم عرضة لخطر متزايد من النيران المعادية نتيجة لقربهم من الأصول العسكرية الإسرائيلية.  
 
وأخيراً ومع ملاحظة أن الحكومة اللبنانية والإسرائيلية قد فشلتا إلى الآن في التحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي تم ارتكابها في حرب 2006، فإن هيومن رايتس ووتش توصي بأن ينشئ الأمين العام للأمم المتحدة لجنة تقصي دولية للتحقيق في تقارير انتهاكات القانون الإنساني الدولي، ومنها جرائم حرب محتملة، في كل من لبنان وإسرائيل، وكذلك تقديم توصيات بهدف محاسبة من انتهكوا القانون.  
 
وقالت سارة ليا ويتسن: "على حزب الله، مثل إسرائيل، أن يحترم قوانين الحرب"، وتابعت قائلة بأنه "وما لم تتم محاسبة المسؤولين على الجانبين على ما ارتكبوا من أفعال، بدلاً من السماح لهم بالاختباء وراء انتهاكات الخصم، فإننا نخشى أن المدنيين سيستمرون لا محالة في دفع ثمن باهظ".  
 
ولدى إصدار التقرير، سيتوافر على رابط:  
http://hrw.org/arabic/reports/2007/iopt0807/  
 
وللاطلاع على مزيد من تقارير هيومن رايتس ووتش عن نزاع 2006 بين إسرائيل ولبنان، يرجى زيارة:  
http://www.hrw.org/campaigns/israel_lebanon