HUMAN RIGHTS WATCH

العراق

أحداث عام 2007

تدهور وضع حقوق الإنسان تدهوراً ملحوظاً على امتداد غالبية فترات عام 2007، وتسبب العنف الطائفي في تزايد عدد العراقيين النازحين إلى زهاء 4.4 مليون شخص، ونصفهم خارج البلاد. وتستمر هجمات المتمردين والجماعات المسلحة على المدنيين، بما في ذلك أكثر الهجمات حصداً لأرواح الضحايا منذ بدء الحرب، وهي الهجمة التي استهدفت الأقلية اليزيدية ونجم عنها مقتل قرابة 500 مدني في أغسطس/آب.  

وأعدمت الحكومة العراقية الرئيس السابق صدام حسين في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2006 ورئيس المخابرات برزان التكريتي بعد أسبوعين، وهذا إثر محاكمة تشوبها ثغرات وأخطاء جسيمة. وألهبت طريقة الإعدام الأقلية السنية ومخاوفها تجاه حكومة الأغلبية الشيعية.  
 
واستمر التطهير الطائفي في بغداد على يد كل من الجماعات السنية والشيعية، وهذا على الرغم من نشر قوة عسكرية أميركية كبيرة من أهدافها وقف هذه الحوادث. واستمرت العمليات العسكرية الأميركية ضد المتمردين الشيعة والسنة في شتى أرجاء البلاد، مما أدى إلى إصابات لحقت بعدد غير معروف من المدنيين.  
 
وصاحب العمليات الأمنية الأميركية والعراقية تحالفات بين الجيش والفصائل السنية والمتمردين في محافظة الأنبار وبغداد، وبدأ بعضها في قتال القاعدة في العراق.  
 
وخلال العام، تزايد انشقاق الحكومة العراقية وتدهورت مجريات العمل بها. ولم يتمكن البرلمان المشلول من تمرير تشريع عن العائدات النفطية، وهو أحد مؤشرات فرص توافر حكومة وطنية متماسكة. وتسببت أشكال الإخلال في الحكومة في تزايد ضيق قاعدتها السياسية والطائفية، وجعلت من المصالحة السياسية الوطنية أمراً بعيد المنال.  
 
وأدت العمليات العسكرية الأميركية وعمليات الأمن العراقي في بغداد إلى تزايد حاد في أعداد المحتجزين. ومراكز الاحتجاز العراقية مزدحمة للغاية وحملها ينوء بالمحتجزين، والنظام القضائي يتعثر في العادة أثناء مراجعة قضاياهم، مما أدى إلى تراكم قضايا الاحتجاز في مراكز الاحتجاز العراقية، التي تتردد تقارير حول انتشار الإساءات البدنية والتعذيب فيها. وقال الجيش الأميركي في أكتوبر/تشرين الأول إن تعداد المحتجزين طرفه تزايد بمعدل الثلثين عن العام الماضي، ليصبح 25000 شخص. وقضي بعض المحتجزين عدة سنوات رهن احتجاز الجيش الأميركي دون توجيه اتهامات إليهم أو مثولهم للمحاكمة.  
 
السلطة الحاكمة والعملية السياسية  
في يناير/كانون الثاني 2007 حدد رئيس الوزراء نوري المالكي خطة لتهدئة الوضع في بغداد، وجاء في الخطة شن عمليات ضد المتمردين السنة، مقترنة بنزع أسلحة الميليشيات الشيعية. وتعهدت إدارة الرئيس بوش بإرسال أكثر من 20000 عنصر من القوات إلى بغداد وغرب العراق للمشاركة في تنفيذ الخطة الأمنية، التي بدأت في أواسط فبراير/شباط وسط عمليات تفجير انتحارية مدمرة في بغداد. ووافقت الحكومة على مشروع قانون النفط في 27 فبراير/شباط لكن البرلمان لم يصدق عليه حتى كتابة هذه السطور. واستقالت الكتلة السنية الأساسية (جبهة الوفاق العراقية) من الحكومة في أغسطس/آب، وذكرت أن سبب الخروج هو عدم الإفراج عن المحتجزين الذين لم توجه إليهم اتهامات جنائية، وعدم حل الميليشيات وعدم منح السنة الحق في المشاركة في تحديد مجريات القضايا الأمنية... وتبع هذا خروج الكتلة العلمانية وخروج وزرائها من الحكومة.  
 
وسحب المرجع الشيعي وزعيم الجماعات المسلحة مقتضى الصدر وزراءه من الحكومة في أبريل/نيسان بسبب تردد الحكومة في المطالبة بجدول زمني للانسحاب الأميركي العسكري. وفي سبتمبر/أيلول سحب كتلته البرلمانية من التحالف الحاكم. وأمر الصدر ميليشيا جيش المهدي بتجميد العمل لمدة ستة أشهر بعد مصادمات أغسطس/آب الدامية في كربلاء مع القوات الحكومية الموالية لخصمها الشيعي الرئيسي؛ المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. كما خرجت الكتلة العلوية والسنية من الحكومة. وحتى كتابة هذه السطور، ما زالت حكومة المالكي في السلطة معتمدة على أحزاب كردية وجماعة شيعية معادية للصدر، وهذا بأغلبية ضعيفة في البرلمان المكون من 275 مقعداً.  
 
الهجمات على المدنيين والنزوح  
ظل المدنيون هم الضحايا الأساسية لهجمات شنتها جماعات سنية وشيعية مسلحة في كل أرجاء البلاد، وإن تراجع عدد هذه الهجمات في أعقاب العمليات الأمنية الأميركية والعراقية. وكان عديد من الهجمات يهدف، فيما يبدو، إلى إيقاع أكبر قدر من الخسائر في الأرواح وبث الخوف بين السكان المدنيين، حيث استهدفت الميليشيات الأسواق، وأماكن العبادة، والمتاجر. ولامت الحكومة العراقية والمسؤولون بالجيش الأميركي المتمردين السنة جراء موجات تفجير السيارات المفخخة في العاصمة مطلع عام 2007. وتسبب تفجير في منطقة شيعية في مدينة تل عفار الشمالية في مارس/آذار في مقتل زهاء 150 شخصاً وتلاه حوادث قتل ثأري لعشرات من السنة على يد الشرطة الشيعية. واستهدفت الشاحنات المفخخة الانتحارية الأقلية اليزيدية بالقرب من بلدة سنجار الشمالية في أغسطس/آب وتسببت في مقتل قرابة 500 شخص، وهي أسوأ هجمة منذ عام 2003. وتناقلت التقارير أن الجماعات الشيعية المسلحة، ومنها جيش المهدي وميليشيا بدر التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، قد نفذت عمليات اختطاف وقتل عديدة في بغداد وأماكن أخرى.  
 
وتسبب العنف الطائفي في عملية نزوح موسعة؛ إذ نزح أكثر من مليون عراقي في أعقاب عملية تفجير المزار الإسلامي في فبراير/شباط 2006، طبقاً لإحصاءات المنظمة الدولية للهجرة، وغالبيتهم غادروا مناطق تسكنها طوائف إسلامية مختلطة متوجهين إلى مناطق أكثر تجانساً في العاصمة وخارج محافظة بغداد. وأعزى 89 في المائة من النازحين العراقيين مصدر التهديدات على أمنهم إلى هوياتهم الطائفية، حسبما ذكرت المنظمة الدولية للهجرة في مراجعتها التي صدرت في منتصف العام. إلا أنه ثمة بوادر وقت كتابة هذا التقرير، على أن بعض اللاجئين والأشخاص النازحين دولياً قد شرعوا في العودة.  
 
وكان وضع العراقيين الذين يسعون للحصول على اللجوء خارج البلاد أفضل بقليل: ففي الأردن التي تستضيف أكثر من خمسمائة ألف لاجئ عراقي، بدأت الدولة تعيد غالبية العراقيين الذين يصلون إليها براً وجواً في يناير/كانون الثاني 2007. وسوريا، التي تستضيف زهاء 1.5 مليون عراقي، بدأت تطبق إجراءات صارمة للتأشيرات في أكتوبر/تشرين الأول تقيد دخول العراقيين إلى البلاد بحيث تقتصر على أغراض تجارية أو تعليمية معينة. ولم تأخذ الكثير من الدول – ومنها الولايات المتحدة على وجه التحديد – إلا عدداً قليلاً للغاية من اللاجئين. وفي أكتوبر/تشرين الأول قالت وزارة الخارجية الأميركية إن 1608 لاجئاً عراقياً قد دخلوا إلى البلاد في العام المالي 2007 بغرض إعادة توطينهم، والرقم المستهدف بلوغه في العام المالي التالي هو 12000 لاجئ عراقي.  
 
 
عمليات القوات متعددة الجنسيات والمتعاقدين  
أدت العمليات العسكرية التي تم تصعيدها على يد القوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة إلى تزايد في إصابات المدنيين. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن الهجمات الجوية للقوات متعددة الجنسيات بين مارس/آذار ومايو/أيار تسببت في مقتل 88 مدنياً وطالبت بالتحقيق في هذه الوفيات.  
 
وجاء مقتل 17 مدنياً عراقياً على الأقل على أيدي عناصر شركة الأمن بلاك-ووتر التي مقرها الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول، ليركز الانتباه على أجواء الإفلات من العقاب التي يعمل في ظلها المتعاقدين من القطاع الخاص في العراق. وطالبت حكومة العراق بأكثر من 100 مليون دولار كتعويض لعائلات الضحايا وطالبت بخروج بلاك-ووتر. والمتعاقدون من غير العراقيين لا تتم ملاحقتهم قضائياً في المحاكم العراقية بموجب أمر صدر عام 2004 من قبل سلطة الاحتلال الأميركية. وقد وافقت الحكومة العراقية على مشروع قانون في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2007، وما زال لم تتم الموافقة عليه حتى كتابة هذه السطور، وهو يهدف إلى إنهاء الإفلات من الملاحقة القضائية.  
 
الاحتجاز والتعذيب على أيدي القوات العراقية  
يستمر تردد تقارير عن التعذيب المتفشي وغيرها من الانتهاكات بحق المحتجزين في مراكز الاحتجاز التي يديرها الجيش العراقي ووزارة الداخلية والشرطة. وفي أكتوبر/تشرين الأول أفاد مسؤولون من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بأن المحتجزين يتم تعليقهم من أطرافهم ويتعرضون للصعق بالكهرباء، ويجبرون على الجلوس على أغراض حادة، ويحرق حراس السجن جلدهم. ورفض الاتهامات مسؤولو وزارة الداخلية العراقية، التي تعهدت فيما سبق بالتحقيق في وقائع الإساءة للمحتجزين.  
 
وتزايد عدد المحتجزين طرف الحكومة العراقية بحوالي 4000 محتجز من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران، طبقاً لمسؤولي يونامي. وفي العادة يكون لدى المحتجزون قدرة قليلة على التشاور مع محامين لهم ويواجهون فترات تأخير مطولة في مراجعة قضاياهم.  
 
واستجابة لأبحاث هيومن رايتس ووتش الموثقة بشأن التعذيب وعدم منح الحق في إجراءات التقاضي السليمة للمحتجزين في شمالي العراق، أخرج المسؤولون الأكراد بعض المحتجزين في عام 2007 وشرعوا في مراجعة قضايا آخرين. وما زالت ظروف المحتجزين المتبقين لم تتغير حتى كتابة هذه السطور.  
 
الاحتجاز على أيدي القوات الأميركية  
حتى أكتوبر/تشرين الأول 2007 كان الجيش الأميركي يحتجز قرابة 25000 شخص في العراق، مما يعني أن العدد ازداد بمقدار 10000 شخص عن العام السابق، طبقاً للميجور جنرال دوغلاس ستون، رئيس عمليات الاحتجاز. وقدر ستون متوسط فترة الاحتجاز بثلاثمائة يوم، لكنه ألمح إلى أن المحتجزين المتورطين في القضايا الجنائية يظلون رهن الاحتجاز لسنوات. كما يتم احتجاز بعد المحتجزين الأمنيين لسنوات دون اتهامات موجهة إليهم أو محاكمات، أو مراجعة قضائية محدودة لأوضاعهم.  
 
وطبقاً للتقارير الصحفية، اعتقلت الولايات المتحدة أطفالاً بزعم تورطهم في أنشطة للمتمردين وهذا بزيادة قُدرت بمائة طفل شهرياً، بعد أن كان العدد 25 طفلاً، وهذا خلال عام 2007، ليبلغ إجمالي عدد الأطفال في مخيم كوبر العسكري أكثر من 800 طفل في أواسط شهر سبتمبر/أيلول. وفي أغسطس/آب فتحت الولايات المتحدة دار الحكمة، وهي منشآة غير سكنية هدفها توفير الخدمات التعليمية لستمائة محتجز في أعمار تتراوح بين 11 و17 عاماً وهذا حتى الإفراج عنهم أو نقلهم إلى السلطة العراقية لاحتجازهم طرفها. وقال المسؤولون إن الأطفال سيتعرضون لنفس إجراءات مراجعة الاحتجاز التي يتعرض لها الكبار، والتي لا تضمن مشاورة المحتجزين للمحامين لدى عرضهم لقضاياهم.  
 
المحاسبة على الجرائم التي وقعت في الماضي  
أعدمت الحكومة العراقية صدام حسين في 30 ديسمبر/كانون الأول 2006، إثر إدانته من قبل المحكمة العراقية العليا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الدجيل عام 1982. وأعدمت الحكومة أيضاً أخاه ورئيس الأمن السابق برزان التكريتي ورئيس محكمة الثورة السابق عواض البندر في 15 يناير/كانون الثاني إثر إدانتهما في نفس القضية. وشابت محاكمتهم الفشل في الكشف عن دليل قاطع للدفاع، والأفعال الحكومية التي قوضت من استقلالية وحياد المحكمة، وانتهاك حقوق المتهمين في مواجهة الشهود الذين يشهدون ضدهم.  
 
وتم إعدام طه ياسين رمضان في مارس/آذار بعد أن أمرت دائرة الاستئناف بالمحكمة العراقية العليا، دائرة المحكمة بتغيير الحكم بالسجن مدى الحياة بحقه إلى الإعدام شنقاً.  
 
وأدانت المحكمة العراقية العليا خمسة من معاوني صدام بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية جراء أفعالهم أثناء حملة الأنفال في عام 1988، والتي استخدمت فيها القوات العراقية الأسلحة الكيماوية في قتل ما يُقدر بمائة ألف عراقي كردي. وحُكم على ثلاثة منهم بالإعدام.  
 
العنف ضد المرأة  
يستمر العنف الموجه للنساء والفتيات في العراق في كونه مشكلة خطيرة، ومن بين مرتكبي هذه الجرائم عناصر من الجماعات المتمردة والميليشيات والجنود والشرطة. وتندر الملاحقة القضائية حتى في القضايا الكبرى منها والتي يتورط فيها رجال الشرطة أو قوات الأمن.  
 
كما يستمر العنف الأسري في كونه مشكلة خطيرة. إذ أنه في عام 2007 سجل مسؤولو يونامي 40 قضية "شرف" في منطقة كردستان وحدها وهذا خلال فترة ثلاثة أشهر.  
 
الأطراف الدولية الرئيسية  
في يونيو/حزيران 2007 مدد مجلس الأمن ولاية القوات متعددة الجنسيات لعام 2007. وحتى أكتوبر/تشرين الأول كان عدد القوات الأميركية في العراق زهاء 165000 عنصر. أما بريطانيا وغيرها من الدول الأساسية المشاركة في القوات الأجنبية، تخطط لتخفيض عدد قواتها في جنوب العراق بمعدل النصف ليصل إلى 2500 عنصر في عام 2008.  
 
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2007 أعلنت الحكومتان الأميركية والعراقية أنها تعتزم التفاوض على اتفاق علاقات ثنائية، بما في ذلك تحديد حالة القوات الأميركية في البلاد خلال السنوات القادمة. وقالت الحكومة العراقية إن عام 2008 سيكون أخر أعوام انتشار القوات متعددة الجنسيات التابعة للأمم المتحدة في البلاد، والتي توسعت في عام 2007 لتشمل العمل بمجال المصالحة السياسية والنازحين وتدابير حماية حقوق الإنسان. ويراقب مكتب حقوق الإنسان في يونامي انتهاكات حقوق الإنسان ويكتب عنها ويتابعها، كجزء من خطة ترمي إلى سن آليات عراقية للتصدي للانتهاكات الماضية والقائمة.