HUMAN RIGHTS WATCH

لبنان

أحداث عام 2007

تحمل لبنان عاماً آخر من غياب الاستقرار في 2007، مع إضعاف الأزمة السياسية والأمنية لمؤسسات الدولة وتقويض حقوق الإنسان. كما تسببت المواجهة العسكرية التي دامت ثلاثة أشهر بين القوات المسلحة اللبنانية وجماعة فتح الإسلام الإسلامية المسلحة؛ في تدمير غالبية أجزاء مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، وتوفي أكثر من 40 مدنياً أثناء القتال.  

ومع تدهور الوضع الأمني تزايد التعذيب والمعاملة السيئة للمشتبهين الأمنيين، واستمر اللاجئون الفلسطينيون في مواجهة التمييز المتفشي وتدهور وضعهم إثر اندلاع القتال في نهر البارد. أما العراقيون الذين فروا من بلادهم التي تمزقها الحرب إلى لبنان فقد وجدوا أنفسهم عرضة لخطر الإعادة بالإكراه. واستمر القانون اللبناني في التمييز ضد المرأة، وهذا – من بين أشياء أخرى – بإنكار حقها في أن يتمتع أبناؤها أو زوجها بالجنسية اللبنانية. ويواجه الخدم المنزليون خطر الاستغلال والإساءة من أصحاب العمل في ظل قدرة متواضعة على السعي للتعويض القانوني.  
 
وفي مايو/أيار 2007 أصدر مجلس الأمن قراراً بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005. وما زالت قدرة الحصول على التعويض مغلولة بالنسبة للتسعمائة مدني تقريباً الذين ماتوا العام الماضي في الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وكذلك عائلات من يقدرون بـ 17000 "اختفوا" أثناء وبعد الحرب المدنية اللبنانية القاتلة (1975 – 1990).  
 
معركة نهر البارد واللاجئين الفلسطينيين  
كانت المعركة التي دارت بين الجيش اللبناني وجماعة فتح الإسلام المسلحة من مايو/أيار إلى سبتمبر/أيلول 2007 في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين هي أسوأ اقتتال داخلي منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990. وهجر قرابة 30000 شخص المخيم الذي تحول إلى أنقاض. وطبقاً لمصادر من الجيش والحكومة فقد خلفت المعركة 166 قتيلاً في صفوف الجيش اللبناني، و220 من فتح الإسلام، و40 مدنياً على الأقل، غالبيتهم من الفلسطينيين. وطالبت الحكومة اللبنانية المانحين الدوليين بمبلغ 400 مليون دولار لإعادة إعمار المخيم والمناطق المحيطة به ولرعاية من أجبروا على النزوح من بيوتهم.  
 
واحتجز الجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي تعسفاً بعض الرجال الفلسطينيين الفارين من الاقتتال ووجهوا إليهم إساءات بدنية. وفي 29 يونيو/حزيران 2007 قتل الجيش اللبناني اثنين من المدنيين الفلسطينيين حين فتح النيران على المتظاهرين المطالبين بالعودة إلى ديارهم في نهر البارد. ولم تجر الحكومة تحقيقاً في قضايا الاحتجاز التعسفي والإساءة، ولا في حادث إطلاق النار، مما عزز حالة الإفلات من العقاب.  
 
وقد فاقم الاقتتال من التوترات القائمة بين اللبنانيين وما يقدر عددهم بثلاثمائة ألف فلسطيني يقيمون في لبنان. وتعرض بعض المدنيين الفلسطينيين للمضايقات والإساءات لدى نقاط التفتيش بسبب هويتهم، مما دفع بعض الفلسطينيين إلى العدول عن التنقل في أرجاء البلاد. وما زال الفلسطينيون عرضة لقيود واسعة النطاق تشمل الإسكان والعمل بالرغم من بعض الجهود التي بذلتها السلطات لتخفيف هذه القيود في عام 2005.  
 
التعذيب والمعاملة السيئة  
مع تدهور الوضع الأمني في عام 2007، ترددت التقارير حول تزايد تعذيب المحتجزين الأمنيين وسوء معاملتهم. وبينما ما زال نطاق التعذيب مجهولاً، فثمة تقارير تتمتع بالمصداقية تشير إلى أن وحدة المخابرات العسكرية في وزارة الدفاع، وفرع الاستخبارات في قوات الأمن الداخلي، والشرطة – في عمليات مكافحة تهريب المخدرات على الأخص – تتورط في تعذيب بعض المحتجزين.  
 
ويحظر القانون اللبناني التعذيب، لكن المحاسبة على المعاملة السيئة والتعذيب قيد الاحتجاز ما زالت صعبة المنال. وفي استثناء نادر من نوعه، حكمت محكمة لبنانية في مارس/آذار 2007 على شرطي قام بتعذيب رجل مصري، لكن الحبس لمدة 15 يوماً والغرامة المالية التي دفعها كانت عقوبة غير مؤثرة.  
 
وما زالت أحوال السجون ومراكز الاحتجاز متدهورة، فيما تعتبر مشكلة الازدحام مشكلة مزمنة. ومات خمسة أشخاص على الأقل قيد الاحتجاز في عام 2007 دون إجراء تحقيقات مستقلة لتحديد أسباب الوفاة بدقة على نحو يتمتع بالمصداقية.  
 
آثار الحرب بين حزب الله وإسرائيل  
بعد أكثر من مرور عام على انتهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله، لم تجر الحكومة الإسرائيلية ولا اللبنانية تحقيقات في الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب التي ارتكبها طرفا الحرب. ونجم عن الحرب وفاة 900 مدني تقريباً على الجانب اللبناني، و39 مدنياً في إسرائيل.  
 
وتستمر القذائف العنقودية التي لم تتفجر لدى الارتطام بالأرض، والتي خلفتها حملة القصف الإسرائيلية، في مقتل وإصابة المدنيين، ونجم عنها حتى كتابة هذه السطور وفاة 34 شخصاً على الأقل وإصابة 216 آخرين. وتستمر إسرائيل في رفضها تقديم معلومات تفصيلية حول مواقع هذه الهجمات بالقذائف العنقودية، مما يعرقل من جهود إزالتها، والتي قدرت الأمم المتحدة أنها سوف تستغرق حتى نهاية عام 2008.  
 
وقد تعطلت جهود إعادة التعمير للبنية التحتية وعشرات الآلاف من المنازل التي دمرت إثر الهجمات الإسرائيلية، وسط مزاعم بالفساد وتزايد التوترات بين الحكومة وحزب الله.  
 
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 اتفقت إسرائيل وحزب الله على تبادل رفات مدني إسرائيلي كان قد غرق وطفا جثمانه على المياه إلى أن وصل لبنان، مقابل أحد أسرى حزب الله وجثمانين لمقاتلين آخرين. وما زال الجنديين الإسرائيليين الذين تم اختطافهما لدى اندلاع الحرب في يوليو/تموز 2006 أسرى حتى كتابة هذه السطور.  
 
الاغتيالات السياسية ومحكمة الحريري وغياب المحاسبة  
استمر استهداف رجال السياسة في عام 2007، إذ وقع انفجاران منفصلان تسببا في مقتل النائبين المناصرين للحكومة وليد عيدو وأنطوان غانم في يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول على التوالي. واستمرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلتها الأمم المتحدة في إجراء التحقيقات الخاصة بمقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005 والاغتيالات الأخرى سياسية الدوافع، لكنها لم تحدد أي مشتبهين بشكل رسمي بعد.  
 
وفي يونيو/حزيران 2007 صدر عن مجلس الأمن القرار 1757 الخاص بتشكيل محكمة لمحاكمة المسؤولين عن مقتل الحريري، وبدأت الأمم المتحدة في تشكيل المحكمة. وما زال أربعة من رؤساء المخابرات والأمن اللبناني محتجزين إثر اعتقالهم في أغسطس/آب 2005 للاشتباه في تورطهم في اغتيال الحريري، وهم اللواء الركن علي الحاج واللواء الركن ريمون عازر واللواء الركن جميل السيد والعقيد الركن مصطفى حمدان.  
 
حالات "الاختفاء"  
لم يشهد عام 2007 أي تقدم في كشف النقاب عن مصير اللبنانيين والفلسطينيين وأبناء الجنسيات الأخرى الذين "اختفوا" أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، التي دامت من عام 1975 إلى عام 1990، وبعدها. وتشير تقديرات الحكومة اللبنانية إلى وجود 17.415 حالة من حالات "الاختفاء" هذه، إلا إنه لم يكن قد تم البدء في إجراء أية تحقيقات جنائية أو محاكمات بهذا الصدد. ومنذ إبريل/نيسان 2005، دأب أهالي وأصدقاء "المختفين" على تنظيم اعتصامات أمام مكتب الأمم المتحدة في بيروت مطالبين بالحصول على معلومات عن مصير الأشخاص الذين لا يُعرف مصيرهم حتى الآن.  
 
وأفادت بعض الجماعات اللبنانية المعنية بحقوق الإنسان بأن سوريا احتجزت في السجون السورية ما لا يقل عن 640 من ضحايا حالات الاختفاء القسري. إلا إن اللجنة السورية اللبنانية المشتركة، وهي لجنة رسمية تشكلت في مايو/أيار 2005 للتحقيق في تلك الحالات، لم تكن قد نشرت أية نتائج حتى وقت كتابة هذا التقرير.  
 
اللاجئون العراقيون  
يعيش في لبنان الآن زهاء 50000 عراقي. ومنذ يناير/كانون الثاني 2007 اعترفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بكل العراقيين من وسط وجنوب العراق ممن يسعون إلى اللجوء في لبنان كلاجئين على أساس من الاعتراف الجماعي. إلا أن لبنان رفض إضفاء الوضع القانوني على اعتراف المفوضية باللاجئين العراقيين، ويعامل لبنان غالبيتهم على أنهم من المهاجرين غير الشرعيين، ويتعرض كثير منهم للاعتقال والغرامات والاحتجاز لأجل غير مسمى والإعادة بالإكراه. ولا يوفر لبنان أي خدمات تقريباً للعراقيين ولا عملية نافذة فعالة لتنظيم أوضاعهم.  
 
المدافعون عن حقوق الإنسان  
تمارس جماعات حقوق الإنسان نشاطها بحرية في لبنان، إلا أن الموقف السياسي والأمني المتوتر قد خلق بيئة يصعب فيها عمل النشطاء. وفي سبتمبر/أيلول استجوبت الشرطة القضائية باحث من هيومن رايتس ووتش بشأن شكوى قانونية تتهمه بأنه "يوهن نفسية الأمة" وجرائم أخرى على صلة بإصدار تقرير لـ هيومن رايتس ووتش يوثق انتهاكات حزب الله في هجماته الصاروخية على إسرائيل. ولم تستمر القضية لدى الادعاء وهذا لعدم ثبوت أركان الجريمة.  
 
أما سميرة طراد، التي تشرف على مركز الحدود الذي يسعى إلى تعزيز حقوق اللاجئين، فهي ما زالت تواجه تهمة القذف والتشهير، وهي تهمة تفتقر إلى تعريف محدد وتعود إلى عام 2003، وتتصل على ما يبدو بنشاطها لصالح اللاجئين. ومن المقرر أن تنعقد المحكمة لنظر قضيتها في يناير/كانون الثاني 2008.  
 
التمييز ضد المرأة  
بالرغم من مشاركة المرأة بشكل نشيط في جميع مجالات المجتمع اللبناني، فلا تزال هناك بنود تنطوي على التمييز في قوانين الأحوال الشخصية وقوانين الجنسية والقوانين الجنائية المتعلقة بالعنف في محيط الأسرة. ولا يجيز القانون اللبناني حالياً أن تمنح المرأة اللبنانية جنسيتها لزوجها أو أطفالها.  
 
وتتعرض النساء المهاجرات اللاتي يعملن خادمات في المنازل، وغالبيتهن من سريلانكا، للاستغلال والإيذاء على أيدي المخدومين، بما في ذلك طول ساعات العمل بشكل مفرط وعدم دفع الأجور، وتقييد حرياتهن. وتعاني الكثير من النساء المهاجرات من الإيذاء البدني والجنسي على أيدي أصحاب العمل، في ظل حالة من الإفلات الكامل من عقاب أصحاب العمل هؤلاء. ووفقاً للتقارير الإعلامية، فإن أكثر من 200 خادمة منزلية في لبنان قد انتحرت خلال السنوات الأربع الماضية دون تحقيق فعلي في وفاتهن.  
 
الأطراف الدولية الرئيسية  
يتنافس فاعلون دوليون كثيرون على التمتع بالتأثير في لبنان، لكن لا يسهم أي منهم بشكل فعال في تحسين السجل اللبناني في مجال حقوق الإنسان.  
 
ومنذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، يراقب 13000 من عناصر حفظ السلام حدود لبنان الجنوبية ومياهها الإقليمية. وأصدر مجلس الأمن قرار رقم 1757 في مايو/أيار لإنشاء محكمة دولية لمحاكمة المسؤولين عن اغتيال الحريري. فيما يستمر مجلس الأمن في متابعة تنفيذ قرار 1559، الذي يطالب من بين أشياء أخرى، بمد الحكومة اللبنانية لسلطاتها على الأراضي اللبنانية جميعاً و"نزع أسلحة كل الميليشيات اللبنانية".  
 
وما زالت فرنسا والولايات المتحدة هما أصحاب الدور الأكبر في لبنان. وفي عام 2006 زادت الولايات المتحدة كثيراً من مساعدتها العسكرية للبنان لتبلغ 270 مليون دولار، أي أكثر من خمسة أضعاف المبلغ الذي أعطته للبنان قبل عام.  
 
وإقليمياً، تتمتع كل من سوريا وإيران والمملكة السعودية العربية بنفوذ قوي على مجريات السياسة اللبنانية، بواسطة تحالفاتها المحلية. وعلى الرغم من انسحاب القوات السورية من لبنان في أبريل/نيسان 2005، فإن العلاقات اللبنانية السورية ما زالت متوترة، مع اتهام أعضاء الأغلبية البرلمانية لسوريا بمقتل بعض من نواب البرلمان. وباعتبار إيران حليفة حزب الله الأجنبية الأساسية، فهي تُرى على أنها المفتاح لأي حل طويل المدى للنزاع بين حزب الله وإسرائيل.