HUMAN RIGHTS WATCH

ليبيا

أحداث عام 2007

تسارعت وتيرة تكامل ليبيا في النظام الدولي في عام 2007 رغم استمرار انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان. وفي يوليو/تموز أفرجت الحكومة عن العاملين الطبيين الستة الذين تم تعذيبهم وحوكموا محاكمات غير عادلة وسجنوا لثمانية أعوام جراء مزاعم بإصابتهم الأطفال بفيروس الإيدز. وفي أكتوبر/تشرين الأول ربحت ليبيا مقعداً في مجلس الأمن. وبدافع من الاهتمام بمجال الأعمال وتعاون ليبيا في مكافحة الإرهاب، دعمت الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأوروبية من صلاتها بليبيا على امتداد العام. إلا أن الحكومة الليبية مستمرة في سجن الأشخاص جراء انتقادهم للنظام السياسي للبلاد وزعيمها معمر القذافي، وتفرض قيوداً شبه شاملة على حرية التعبير والتجمع. وتحظر الحكومة أحزاب المعارضة السياسية والمنظمات المستقلة. وما زال التعذيب من بواعث القلق القائمة.

السجناء السياسيين  
تستمر ليبيا في سجن الكثير من الأفراد جراء الانخراط في الأنشطة السياسية السلمية. وطبقاً لمجموعة التضامن لحقوق الإنسان الليبية ومقرها جنيف، فإن ليبيا قد تسببت في الاختفاء القسري لـ 258 سجيناً سياسياً، وبعضهم لمدة عشرات الأعوام. وتم سجن الكثير منهم لمخالفة قانون رقم 71، الذي يحظر أنشطة أي مجموعة معارضة لمبادئ ثورة 1969 التي جاءت بالقذافي إلى السلطة. ويمكن أن يُعاقب من يخالفون القانون رقم 71 بالإعدام.  
 
وفي فبراير/شباط 2007 اعتقلت قوات الأمن الليبية 14 منظماً لمظاهرة سلمية كان قد تم الترتيب لها في الذكرى السنوية للحملة القمعية العنيفة على المتظاهرين في بنغازي في عام 2006. وحوكم 12 متظاهراً على الأقل ويمكن أن يواجهوا عقوبة الإعدام جراء اتهامات بالتخطيط لقلب نظام الحكم، وحيازة الأسلحة، ومقابلة مسؤول أجنبي. ودكتور إدريس بوفايد، منظم المظاهرة الأساسي، هو منتقد صريح للحكومة وسبق أن تم احتجازه في نوفمبر/تشرين الثاني 2006. وجمال الحاج، المعتقل بدوره، هو مواطن دنماركي رفضت ليبيا أن يقابل مسؤولين من قنصلية دولته. ويوجد محتجزين آخرين هما أحمد يوسف العبيدي والصديق صالح حميد، يُقال إنهما لا يتلقيان المعاملة المنشودة لعلاج ما بهما من أمراض. وقد "أخفت" الحكومة عبد الرحمن القطيوي، وهو طالب طب في العام الدراسي الرابع متورط في التخطيط للمظاهرة، وجمعة بوفايد، الذي أجرى مقابلات إعلامية بعيد اعتقال شقيقه إدريس بوفايد. وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش، فلم يبد أي من الرجال استخدام العنف أو دافع عنه أو روج له.  
 
ويعتبر فتحي الجهمي هو أبرز سجين سياسي ليبي. فقد سجنت ليبيا الجهمي منذ مارس/آذار 2004 لمطالبته بالتحول الديمقراطي وانتقاد القذافي. وقد منعت أسرة الجهمي من مقابلته منذ أغسطس/آب 2006.  
 
حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير  
تخلو ليبيا من أية منظمات غير حكومية مستقلة فعلياً. ويقضي القانون رقم 19 الخاص بالجمعيات بأن تحصل المنظمات على موافقة هيئة سياسية حتى يمكنها ممارسة عملها، وليس لها حق الاستئناف إذا جاء القرار بالرفض. ورفضت الحكومة السماح بإنشاء منظمة مستقلة للصحفيين، وورد أنها لا تسمح لنقابة المحامين الرسمية بتعيين قيادتها بنفسها.  
 
ويتم فرض قيود مشددة على حرية التعبير. والتعليقات السلبية عن القذافي تلقى العقاب الصارم، ويكثر تواجد الرقابة الذاتية للأشخاص على أنفسهم. وتتوافر الأخبار غير الخاضعة للرقابة على محطات التلفزة الفضائية وعلى مواقع الإنترنت الليبية بالخارج، والتي تحجبها الحكومة أحياناً. وفي أبريل/نيسان أصدرت الجهة التشريعية بالبلاد، وهي مؤتمر الشعب العام، القرار رقم 146، المنشئ للجنة لفحص وسائل الإعلام التي تفرض الدولة رقابتها عليها. وفي بيان جريئ وصف الصحفيون والكتاب داخل ليبيا "المحتوى الصحفي" باعتباره "يستند فقط على الترويج للحكومة وبث الرسائل الإيجابية عنها" وطالبوا اللجنة بالترويج للصحافة الحرة. ولم تعلن الحكومة مزيداً من المعلومات عن عمل اللجنة.  
 
والاستثناء على هذه القواعد هي المنظمات التي يديرها أحد أبناء معمر القذافي، وهو سيف الإسلام القذافي، الذي انتقد نقص التمثيل الحكومي وطالب بحرية الصحفة. وساعدت منظمته شبه الرسمية، مؤسسة القذافي للتنمية، على التفاوض على إطلاق سراح العاملين الطبيين الستة. وفي أغسطس/آب أطلقت شركة الصحافة خاصته (الغد) أول صحيفة ومحطة تلفزيونية خاصة. وأحد هذه الصحف انتقد الأمين العام لمؤتمر الشعب العام جراء التخطيط السيء لإزالة المباني في طرابلس، وطالب الحكومة في انتقاد آخر بالسماح بعودة عناصر المعارضة المنفيين بالخارج.  
 
قضية فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في بنغازي  
في يوليو/تموز أطلقت ليبيا سراح الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني المسجونين منذ عام 2000 والمدانين بتعمد إصابة 426 طفلاً ليبياً بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، بناء على أدلة مشكوك في أمرها. وخفف المجلس الأعلى للقضاء الليبي من عقوبة الإعدام الصادرة بحق العاملين الطبيين، إثر صفقة مع الاتحاد الأوروبي قضت بتعويض أسر الضحايا بمبلغ 1 مليون دولار للطفل. وفي مقابلة في أغسطس/آب، قال سيف الإسلام القذافي إن الإفراج كان أيضاً مربوطاً بصفقات أسلحة بقيمة تجاوزت 400 مليون دولار.  
 
وقد أثارت القضية بواعث القلق حول إجراءات التقاضي السليمة والتعذيب. فقد قال أربعة من العاملين الطبيين لهيومن رايتس ووتش إن الاعترافات انتزعت منهم تحت تأثير التعذيب على أيدي السلطات الليبية، لكن المحكمة الليبية برأت عشرة مسئولين أمنيين من تهمة التعذيب في عام 2005. وتردد أن العاملين الطبيين تنازلوا عن حقهم في التعويض القانوني من ليبيا بعد الإفراج عنهم بقليل.  
 
العنف ضد النساء والفتيات  
على الرغم من أن نطاق العنف ضد المرأة في ليبيا غير معروف، فإن موقف الحكومة في عام 2007 استمر في كونه موقف الإنكار، مما خلف الضحايا غير محميات ودون قدرة على الحصول على التعويض القانوني. ولا يوجد قانون للعنف المنزلي في ليبيا، والقوانين التي تعاقب على العنف الجنسي غير متناسبة مع الجرم. ولا تلاحق الحكومة قضائياً إلا مرتكبي أكثر جرائم الاغتصاب عنفاً، ويحق للقضاة عرض الزواج بين المغتصب والضحية باعتبار هذا "تعويض اجتماعي" عن الجريمة. وتتعرض ضحايا الاغتصاب أنفسهن للملاحقة القضائية جراء ارتكاب الزنا أو الفاحشة إذا حاولن توجيه الاتهامات رسمياً. وتجبر الكثير من أسر الضحايا هاته الضحايا على الزواج لتفادي الفضيحة.  
 
وما زالت خدمات الحكومة لضحايا العنف ضد المرأة غير متناسبة. فرجال الشرطة غير مدربين على التعامل مع قضايا العنف ضد المرأة، ولا توجد مآوى للنساء أو الفتيات. بل تحتجز الحكومة عشرات من الضحايا، خصوصاً ضحايا الاغتصاب، في مراكز "إعادة تأهيل اجتماعي". ولا تحصل الكثيرات منهن على التمثيل القانوني ولا تحظى بفرصة الطعن في قانونية الاحتجاز. وتعرضهن السلطات لاختبارات البكورة بالإكراه ولمعاملة تأديبية، بما في ذلك الحبس الانفرادي. والمخرج الوحيد من هذه الأمور أن يتولى قريب ذكر للمرأة أو الفتاة مسئوليتها، أو إذا وافقت على الزواج.  
 
سجن أبو سليم  
ما زالت الحكومة لم تكشف عن أي نتائج توصلت إليها بصدد عملية القتل الموسعة في سجن أبو سليم بطرابلس في يونيو/حزيران 1996. وطبقاً لسجين سابق قابلته هيومن رايتس ووتش، فإن الأمن الداخلي قتل ما يناهز 1200 شخص من نزلاء السجن كانوا قد ثاروا على ظروف السجن. وفي عام 2005 قالت الحكومة إنها شكلت لجنة تحقيق، لكنها لم تكشف معلومات منذ ذلك الحين. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2006 أطلق الحراس النار على مجموعة أخرى من السجناء إثر نشوب تمرد مزعوم، لتتسبب في مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة تسعة آخرين.  
 
معاملة الأجانب  
تستمر الحكومة في ترحيل الأجانب جبراً؛ ممن ليست لديهم أوراق إقامة صحيحة، وأحياناً تعيدهم إلى بلدان قد يواجهون فيها الاضطهاد. وأفاد الأجانب بوقوع اعتقالات تعسفية وضرب وغيرها من أشكال الإساءة أثناء احتجازهم وترحيلهم. وفي 8 يوليو/تموز 2007 تردد أن ليبيا جمعت قرابة 70 رجلاً إرترياً، بعضهم فروا من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإريتري. (لا يمكن رفض الخدمة العسكرية في إرتريا، ومن يخالفون الأوامر العسكرية يتعرضون كثيراً للتعذيب). وحسب الزعم فإنه بناء على طلب إرتريا، قام الأمن الليبي بتصوير الرجال السبعين، الذين قالوا إن الحراس هددوهم بالترحيل. وما زال الرجال قيد الاحتجاز حتى كتابة هذه السطور.  
 
ولا يوجد قانون لجوء في ليبيا، ولم توقع على اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، ولا يوجد فيها اتفاق كتابي مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. إلا أن الحكومة تقوم بإعداد قانون عن اللجوء السياسي وتردد أنها تمنح ممثلي مفوضية اللاجئين حق الاطلاع الدوري على مراكز الاحتجاز.  
 
وعود الإصلاح  
استمرت الحكومة في عام 2007 في مراجعة العروض الخاصة بقانون عقوبات جديد وقانون للإجراءات الجنائية، وهي عملية بدأت قبل ثلاثة أعوام على الأقل. وفي عام 2005 ذكر وزير العدل أنه، بموجب قانون العقوبات الجديد، سوف تقتصر عقوبة الإعدام فقط على "أخطر الجرائم" وجرائم "الإرهاب". إلا أن مشروع قانون 2004 المقترح يوحي بأن الحكومة قد تقبل بتعريف فضفاض للغاية للإرهاب، وقد يُستخدم في تجريم الأشخاص جراء التعبير عن الآراء السياسية السلمية. ولم تقدم الحكومة بعد مشروع القانون إلى مؤتمر الشعب العام.  
 
الأطراف الدولية الرئيسية  
في عام 2007 زادت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية من علاقاتها مع ليبيا على الرغم من انتهاكاتها بمجال حقوق الإنسان. وفي مارس/آذار اء في تقرير وزارة الخارجية الأميركي السنوي عن حقوق الإنسان أن "السجل الليبي في حقوق الإنسان ما زال ضعيفاً". وبالتالي، رشح الرئيس بوش سفيراً لليبيا وقابلت وزيرة الخارجية الأميركية المسئولين الليبيين في نيويورك. ووقع ممثلو الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم في يوليو/تموز بشأن التجارة وموضوعات أخرى. وفي أكتوبر/تشرين الأول اقترح مجلس الاتحاد الأوروبي التفاوض على اتفاق إطاري بشأن "مواطن الاهتمام المشترك، مثل حقوق الإنسان [و] الهجرة وأمور أخرى". ومنذ عام 2004 وافقت الولايات المتحدة وأوروبا وحكومات دول أخرى كثيرة على تقديم مليارات الدولارات في صفقات عمل مع ليبيا، وأكثرها في مجال النفط والغاز.  
 
وتستمر ليبيا في مشاركة الحكومات الغربية فيما لديها من معلومات استخباراتية عن الميليشيات الإسلامية. وفي 27 أبريل/نيسان 2007 حكمت محكمة بريطانية بأن على بريطانيا ألا تعيد مشتبه بهما في قضايا إرهابية إلى ليبيا خشية التعرض للتعذيب والمحاكمات غير العادلة. وفي سبتمبر/أيلول أرسلت الحكومة الأميركية مواطناً ليبياً، وهو سفيان حمودة، إلى ليبيا بعد خمسة أعوام من الاحتجاز في خليج غوانتانامو. وحالياً ليس من المعروف مكان احتجاز حمودة الذي وافق على العودة. وعاد محتجز سابق آخر من غوانتانامو في عام 2006، وهو محمد الريمي، لكنه مفقود بدوره.  
 
ويستمر التعاون بمجال التحكم في الهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى جنوب أوروبا، وعادة دون مراعاة كافية لحقوق المهاجرين أو الحاجة إلى حماية اللاجئين وغيرهم من خطر التعرض للإساءة لدى العودة إلى بلادهم الأصلية.