HUMAN RIGHTS WATCH

المملكة العربية السعودية

أحداث عام 2007

لا تزال أوضاع حقوق الإنسان سيئة بشكل عام في المملكة العربية السعودية. وقد ضعُفت الضغوط الدولية والمحلية لتنفيذ إصلاحات، ولم تجر الحكومة أية إصلاحات هامة في عام 2007. وتم تقييد حرية تكوين الجمعيات والتعبير، واستمرت المحاكمات غير العادلة والاحتجاز التعسفي وإساءة المعاملة والتعذيب للمحتجزين، كما استمرت القيود المفروضة على حرية التنقل وغياب أي محاسبة رسمية، وما زالت كل هذه الأمور من بواعث القلق الأساسية. ويميز القانون السعودي والسياسات السعودية ضد المرأة والعمال الوافدين والأقليات الدينية، خاصة الشيعة والطائفة الإسماعيلية من السعوديين.  

وفي مايو/أيار ركزت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي وافقت عليها الحكومة في تقريرها الأول على مجالات انتهاك الحقوق الأساسية. وبدأت هيئة حقوق الإنسان الحكومية المشكلة من 24 عضو عملها في يناير/كانون الثاني 2007 بعد فترة تأخر دامت عامين. وسمحت الحكومة لـ هيومن رايتس ووتش بإجراء أبحاث في البلاد في ديسمبر/كانون الأول 2006 لكنها لم تف بوعدها بالسماح بزيارة أخرى في مايو/أيار 2007، ولا بوعود مماثلة قطعتها لمنظمة العفو الدولية.  
 
الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة  
يقع المحتجزون في أغلب الأحوال ضحية الانتهاك المنهجي المتكرر لإجراءات التقاضي السليمة والحق في محاكمة عادلة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة السيئة أثناء الاستجواب. ونادراً ما تخطرهم السلطات بطبيعة الجرائم المتهمين بها، أو بالأدلة الداعمة لهذا الاتهام. ولا يقابل المحتجزون محاميهم، ويتعرضون للتأخير وهم رهن الاحتجاز على ذمة القضايا، ولا يمكنهم في العادة أثناء المحاكمة اختبار الشهود ولا الأدلة أو الدفاع عن أنفسهم. وقد تبنت السعودية في أكتوبر/تشرين الأول 2007 نظاماً جديداً للقضاء جاء فيه تأسيس محاكم متخصصة، لكن لم يتم بعد كتابة قانون عقوبات أو ضمان أن أصول المحاكمات الجزائية متبعة كما يجب.  
 
وتحتجز الشرطة السرية السعودية (المباحث) المحتجزين دون محاكمات ودون مقابلتهم لمحاميهم، وفي حالات عديدة يكون ذلك لعدة أعوام، ويوجد زهاء 3000 محتجز أمني مشتبهين بالتعاطف مع الإرهاب أو التورط في أعمال إرهابية.  
 
وفي فبراير/شباط اعتقلت المباحث سبعة أكاديميين ومحامين إصلاحيين، بزعم تمويلهم للإرهاب. ولم تتهمهم السلطات رسمياً أو تحاكمهم خلال فترة الستة أشهر التي يسمح القانون السعودي باحتجاز الأشخاص طوالها دون عرضهم على المحاكم، ووضعتهم في الحبس الانفرادي دون زيارات عائلية لخمسة أشهر. وحتى كتابة هذه السطور ما زالوا محتجزين دون اتهامات موجهة إليهم ولم يتشاوروا مع محامين.  
 
التعذيب والمعاملة السيئة وعقوبة الإعدام  
في عام 2007 قاضت الحكومة لأول مرة هيئة الأمر بالمعروف جراء إساءة استخدام السلطات ولضرب اثنين من المحتجزين ضرباً أفضى إلى الموت. إلا أنه لم يواجه كل مرتكبي هذه المخالفات المزعومين المحاكمة، واعتقل المسؤولون شهود أبرياء، ولم تمثل هيئة الأمر بالمعروف أمام المحكمة. وأمر وزير الداخلية الأمير نايف في يوليو/تموز بأن على هيئة الأمر بالمعروف ألا تحتجز الأشخاص الذين تعتقلهم، بل أن تسلمهم على الفور إلى الشرطة.  
 
وقد وجدت هيومن رايتس ووتش مزاعم كثيرة بالمعاملة السيئة والتعذيب في سجن الحائر في زيارة ديسمبر/كانون الأول 2006. وظهر تسجيل فيديو في مايو/أيار 2007 يظهر فيه التعذيب وتم نشره على الإنترنت. كما زعم السجناء في سجون نجران وبريمان والرويس والدمام والإحساء والبريدة تعرضهم للإساءات.  
 
وكثيراً ما يحكم القضاة السعوديون على المتهمين بآلاف الجلدات، وتٌنفذ هذه الأحكام عادة على الملأ. وأفادت صحيفة عكاظ في أكتوبر/تشرين الأول أن محكمة حكمت على رجلين في منطقة الباحة الجنوبية بسبعة آلاف جلدة جراء ارتكاب "اللواط"، وهي أقسى عقوبة بالجلد تعرف بها هيومن رايتس ووتش إلى الآن.  
 
ونفذت المملكة قرابة 147 عملية إعدام بواسطة قطع الرأس بالسيف حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وهو العدد الذي يبلغ أربعة أضعاف مثيله في عام 2006. ولا يوجد تفسير واضح لهذه الزيادة، إذ أظهرت غالبية إحصاءات وزارة العدل الحديثة لعام 2006 اتجاهاً لتراجع عدد القضايا لمدة عامين ماضيين. ويحكم القضاة على الأشخاص الصغار بالإعدام، حتى سن 13 عاماً. وفي 21 يوليو/تموز 2007 أعدمت السعودية ضحيان الثوري السباعي جراء جريمة قتل ارتكبها وهو في سن 15 أو 16 عاماً.  
 
حرية التعبير والحريات الدينية  
الحق في توجيه الانتقاد أو الحوار المفتوح بخصوص أفكار مثيرة للجدل في الإعلام أو على الإنترنت هي حرية محدودة. وفي مطلع عام 2007 أوصدت الحكومة موقع رائف البدوي وهو www.saliberal.com الذي يلقي الأضواء على ممارسات هيئة الأمر بالمعروف، وفي أكتوبر/تشرين الأول أوصدت موقع حقوق الإنسان والأحداث الجارية www.menbar-alhewar.com الذي كان يديره السجين السياسي السابق علي الدميني. وفي أواخر عام 2006 نفت الحكومة الصحفي قنان الغامدي جراء مقالة كتبها ينتقد فيها التنفيذ البطيء للإصلاحات.  
 
وتأمر وزارة الداخلية بشكل منهجي السعوديين الذين يستضيفون صالونات فكرية بأن يمنعوا عنها أو ألا يدعون إليها أشخاصاً معينين. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2006 حظر الملك عبد الله أي مسؤول من "معارضة سياسات أو برامج الدولة... بالمشاركة في أي نقاش عبر القنوات الإعلامية أو في اتصالات محلية أو أجنبية".  
 
واحتجز محافظ الإحساء دون توجيه اتهامات أكثر من 150 من الزعماء الدينيين الشيعة وهذا لفترات قصيرة، واستمر هذا في عام 2007. وطردت وزارة التعليم في يونيو/حزيران فتاة شيعية من المدرسة لأنها أهانت الصحابة.  
 
حرية التجمع وتكوين الجمعيات  
اعتقلت المباحث في يوليو/تموز 2007 خمس نساء تظاهرن سلمياً لإطلاق سراح أو محاكمة أقاربهن الرجال المحتجزين منذ أكثر من عامين دون محاكمة. كما اعتقلت وأدانت فيما بعد إصلاحيين بارزين بالتحريض على مظاهرة عامة، مثل عبد الله الحامد المحامي الموكل عن الزوج المحتجز لإحدى المتظاهرات، وشقيقه عيسى. وما زال الناشط الحقوقي محمد البجادي محتجزاً إثر مظاهرة ثانية في سبتمبر/أيلول. وفي أكتوبر/تشرين الأول زعم متروك الفالح، الذي نشر هذه الانتهاكات الحقوقية على الملأ، أن المباحث هددت حياته بمحاولة التسبب في حادث له وهو يقود سيارته على الطريق.  
 
وفي ديسمبر/كانون الأول 2006 عدّل مجلس الشورى المعين أول مشروع قانون ينظم عمل المنظمات غير الحكومية بحيث يقلل من رقابة الحكومة عليها، لكن توصياته لم تكن ملزمة. وحالياً، تعتبر عملية الترخيص للمنظمات غير الحكومية بمزاولة النشاط عملية تعسفية. ومنع ملتقى الحوار الوطني الذي يروج لنشر التسامح والحوار إبراهيم المقيطب، رئيس جمعية حقوق الإنسان أولاً في السعودية، من المشاركة في الملتقى على الإنترنت لأنه ينتمي إلى "جمعية غير مسجلة".  
 
حقوق المرأة  
يحرم النظام السعودي الخاص بالوصاية المرأة من حقوقها الأساسية. فعلى المرأة أن تحصل على إذن من أبيها أو زوجها أو حتى ابنها، باعتباره الوصي الشرعي عليها، لكي تعمل أو تسافر أو تدرس أو تتزوج أو تتلقى الرعاية الصحية أو تذهب إلى الهيئات الحكومية، بما في ذلك السعي للحصول على التعويض لوقوعها ضحية للعنف المنزلي. والفصل العنصري صارم التطبيق يحرم المرأة من المشاركة الكاملة في الحياة العامة.  
 
وفي يناير/كانون الثاني 2007 قررت إحدى المحاكم نهائياً الأمر بالطلاق الجبري بين زوجين بالغين تزوجا بالتراضي، وهما فاطمة عزاز ومنصور التيماني، بعد أن اشتكى أخوها من الأب في المحكمة مطالباً بالطلاق بسبب عدم تناسب مستوى القبيلة الاجتماعي للزوج. وضايق مسؤولو وزارة الداخلية الزوجين منذ ذلك الجين وأجبروهما على الانفصال الكامل باحتجاز فاطمة وابنها البالغ من العمر عامين، فيما رفضوا أن يزورها منصور الحاصل على حق الوصاية على ابنتهما.  
 
وفي نوفمبر/تشرين الأول 2007 ضاعف قاضي أثناء نظر الطعن في حكم – من تسعين جلدة إلى 200 جلدة وستة أشهر حبس – وكان الحكم الأول صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بحق ضحية حادث اغتصاب جراء الاختلاط غير الشرعي بالرجال بعد أن قابلت رجلاً كان يحاول ابتزازها. واختطفت عصابة الاثنين في مكان المقابلة واغتصبت كل منهما. وحتى صدور حكم القاضي الأول لم تكن المرأة تعرف أنها عرضة للملاحقة القضائية. كما تضاعفت عقوبة المغتصبين بعد الطعن لتصبح الحبس لعشرة أشهر.  
 
وتحتجز السعودية الفتيات دون مراجعة قضائية لحالاتهن وهذا بغرض "الإرشاد".  
 
حقوق العمال المهاجرين  
تعرض قوانين الهجرة المقيدة وعدم توافر تدابير الحماية الكافية للعمال، الكثير من قوة عمل الوافدين البالغ عددهم قرابة ثمانية مليون شخص لخطر عدم تلقي الأجور والعمل لساعات طويلة بشكل مفرط، والتقيد بالإقامة في محل العمل، ومصادرة جوازات السفر، وفي بعض الحالات التعرض للإساءة البدنية أو الجنسية. ونظام الكفالة يربط العمال الوافدين بأصحاب عملهم، الذين تعتبر موافقتهم ضرورية على مجموعة كبيرة من الإجراءات الرسمية للعاملين ويمكنهم أيضاً إنهاء الوضع القانوني للعمال في أي وقت يشاءون. كما يمكن لأصحاب العمل عدم منح الإذن بتغيير صاحب العمل، على الرغم من إصلاح جديد في السياسات، إذا تم تنفيذه، كفيل بمصادرة هذا الحق من أصحاب العمل الذين لا يدفعون الأجور للعاملين. وكثيراً ما يرتقي العزل في المنازل والإساءة إلى الخادمات المنزليات إلى مرتبة العمل الجبري، كما ظهر من آلاف الشكاوى التي تلقتها سفارات الفيليبين وأندونيسيا وسريلانكا. وتخطط السعودية لتقنين تدابير حماية الخادمات المنزليات، اللاتي تستبعدهن حالياً قوانين العمل القائمة، ولكن ما زالت عملية التقنين هذه متوقفة منذ عام 2005.  
 
ويخاطر العمال الوافدون الذين يقاضون أصحاب عملهم جراء الإساءة أو مخالفة ظروف العمل، بالسجن والترحيل نتيجة لاتهامات مضادة من أصحاب العمل زائفة بطبيعتها في نظام قضائي منحاز ضدهم. وفي أغسطس/آب ضرب بعض أصحاب العمل أربعة خادمات منزليات أندونيسيات ضرباً مبرحاً مما أفضى إلى مقتل اثنتين منهن، ثم فيما بعد أخرجت الشرطة الناجيتان من وحدة العناية المركز بالمستشفى للتحقيق في اتهامات بممارسة السحر والشعوذة ورفضت أن تطّلع السفارة الأندونيسية عليهما. وفي يونيو/حزيران حكمت محكمة سعودية على خادمة منزلية سريلانكية هي ريزانا نافيك، بالإعدام جراء قتلها لطفل ترعاه. وكانت نافيك تبلغ 17 عاماً وقت الحادث الذي وصفته بأنه محض حادث، ولم تشاور محامي أثناء المحاكمة وزعمت أنها قد أكرهت على الاعتراف. وقام محامي وكلته لها مؤسسة خيرية أجنبية بالطعن في الحكم.  
 
الأطراف الدولية الرئيسية  
تعتبر السعودية حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة. وقد تراجعت ضغوط الولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان: فمثلاً في 2007 جاء في تقرير وزارة الخارجية الدولي للحريات الدينية أن ثمة "بعض التحسينات" في حماية الحق في ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين في السعودية، ولا تفرض الولايات المتحدة أية عقوبات. وفي يوليو/تموز أعلنت الولايات المتحدة عن صفقة أسلحة للمملكة بإجمالي بلغ 7 مليارات دولار.  
 
وفي ديسمبر/كانون الأول 2006 أوقفت بريطانيا تقصي حكومي في مدفوعات غير قانونية على صلة بصفقة أسلحة بريطانية سعودية، زاعمة أن الإيقاف كان للصالح العام. وأثناء زيارة ملك السعودية لأول مرة منذ عشرين عاماً إلى بريطانيا في أكتوبر/تشرين الأول 2007، ركزت الحكومة على القيم المشتركة بين الدولتين، لكن لم تشر علناً إلى قلقها من سجل حقوق الإنسان في السعودية.