تزايد تعقيد ديناميات النزاع في دارفور غربي السودان أثناء عام 2007 مع تكاثر الميليشيات والفصائل المتمردة. وأعاقت مجموعات أساسية في النزاع محادثات السلام في ليبيا التي دارت نحو نهاية العام، وهذا برفض هذه الجماعات المشاركة. فيما أدى التأخير في تنفيذ اتفاق السلام الشامل الموقع في يناير/كانون الثاني 2005 القاضي بإنهاء النزاع بين الشمال والجنوب الذي نشب منذ 21 عاماً، أدى إلى التهديد بخرق التضامن من أجل السلام في الجنوب. ويسفر عن هذه التأخيرات – وهي تسهم كذلك - عن تدهور العلاقات بين الحزبين الحاكمين، حزب المؤتمر الوطني وحركة تحرير شعب السودان، مما عزز من المخاوف بتجدد النزاع في جنوب السودان.
كما وقعت إساءات في أجزاء أخرى من السودان. فقتلت قوات الأمن وأصابت سبعة أشخاص متورطين في احتجاجات ضد مشروعين لتشييد سدود في شمال السودان، وألحقت الإصابات بآخرين غيرهم واعتقلت آخرين. واستمرت القيود على حرية التعبير، وكذلك الاعتقال والاحتجاز التعسفي للصحفيين والنشطاء وغيرهم.النزاع في دارفو
أدى تكاثر الجماعات المتمردة، التي تصادمت مع بعضها البعض وكذلك مع ميليشيات الحكومة والقوات المتحالفة، ليس فقط إلى إعاقة مبادرات السلام، بل أيضاً لخلق حالة من عدم اليقين المتزايد بالنسبة للمدنيين وعناصر حفظ السلام وهيئات الإغاثة الإنسانية. وعلى امتداد العام ارتكبت مختلف أطراف النزاع فظائع بحق المدنيين.
ولعبت الحكومة السودانية دوراً محورياً في هذه الفوضى، بالاستمرار في تنفيذ هجمات مباشرة على المدنيين وبالفشل في التحكم في الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الإساءات أو ملاحقتهم قضائياً. وفي يوليو/تموز وافقت الحكومة أخيراً على نشر قوة حفظ السلام المشتركة التابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة "المختلطة" في دارفور. إلا أنه على امتداد ما تبقى من العام تعرض التقدم في نشر القوة للإعاقة من قبل الحكومة السودانية والتأخير البيروقراطي والمعدل البطيء لإسهام الجيش لصالح القوة.
ولم تبذل الحكومة أية مجهودات صادقة إزاء التصدي لأجواء الإفلات من العقاب التي ينفذ في ظلها فاعلو الإساءات إساءاتهم. وفي 27 أبريل/نيسان 2007 أصدرت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال لوزير الدولة السوداني للشؤون الإنسانية أحمد هارون، وزعيم ميليشيا الجنجويد علي القشيب. ورفضت الحكومة السودانية علناً التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وبدلاً من تسليم هارون إلى المحكمة، عينته في سبتمبر/أيلول 2007 في إدارة لجنة مخولة بالرد على شكاوى حقوق الإنسان، وتشمل دارفور. أما القشيب الذي تم اعتقاله على صلة بجرائم أخرى، فقد تم إخلاء سبيله في شهر أكتوبر/تشرين الأول، حسبما ذكرت وزارة الخارجية السودانية.
وفي أواخر 2006 جددت الحكومة قصفها وضربها لمناطق تخضع لتحكم المتمردين في شمال دارفور وهذا بشكل يومي تقريباً. كما هاجمت الميليشيات المدعومة من الحكومة السكان المدنيين في كافة أرجاء دارفور، حتى في مخيمات النازحين داخلياً. وقبل محادثات السلام في أكتوبر/تشرين الأول 2007 تجددت الزيادة في العنف، وشملت هجمات موسعة على بلدات هاسكانيتا ومهاجرية.
وفي مايو/أيار 2006 وقع فصيل متمردٌ من جيش تحرير السودان بزعامة ميني ميناوي اتفاق السلام في دارفور مع الحكومة ثم تم تعيينه مساعداً خاصاً للرئيس، لكن سكان شمال دارفور تزايدت شكواهم من الإساءات التي تنفذها قواته. وهذه الإساءت والمصادمات بين الجماعات المسلحة ومقاتلي ميناوي، تسببوا في فرار الآلاف من كورما طويلة في شمال دارفور إلى مخيمات الأشخاص النازحين. ومنذ يناير/كانون الثاني 2007 تسبب القتال بين الجماعات العربية في وفاة 200 شخص وأجبر الآلاف على الفرار. وتعرض أكثر من 250000 مدني للنزوح في الشهور التسعة من عام 2007، مما رفع عدد النازحين في دارفور إلى أكثر من 2.2 مليون نسمة.
وفيما تدفع الهجمات الموسعة بالأشخاص إلى مخيمات النازحين، فإن العنف القائم يبقيهم داخلها. والمخيمات نفسها يتزايد العنف فيها دون ضمانات بالأمان. والعنف الجنسي على الأخص يستمر في كونه من مظاهر الحياة اليومية للنساء والفتيات.
كما تعرضت بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان للهجوم. وفي 30 سبتمبر/أيلول 2007 هاجمت قوات مجهولة قاعدة الاتحاد الأفريقي في هاسكانيتا جنوبي دارفور وتسببت في مقتل 10 من عناصر حفظ السلام التابعين للبعثة.
وبعد قرابة خمس سنوات من النزاع أصبح أكثر من أربعة ملايين نسمة – أو ثلثي شعب دارفور – يعتمدون على المساعدات الإنسانية. إلا أن العمليات الإنسانية مستمرة في تعرضها للإعاقة بسبب غياب الأمان. وتقدر الأمم المتحدة أنه في يونيو/حزيران 2007 كانت واحدة من كل ست قوافل إغاثة تغادر عواصم المحافظات تتعرض للهجمات، سواء من قبل الجنجويد أو المتمردين أو العصابات. وتعرض للقتل 12 شخصاً من عمال الإغاثة الإنسانية في الشهور التسعة الأولى من عام 2007.
جنوب السودان والإصلاحات السياسية
استمر تنفيذ اتفاقية السلام الشامل في التأخر عن مواعيده المُحددة، مثل موعد بدء الوفاق الوطني وموعد تأسيس لجنة الخدمة المدنية الوطنية، وهذا دون إحراز تقدم يُذكر.
وأحد أسباب الاختلاف بين حزب المؤتمر الوطني وحركة تحرير شعب السودان هو تعامل الحكومة مع النزاع في دارفور. وازداد تدخل حركة تحرير شعب السودان في محاولات حل النزاع ودعم نشر الأمم المتحدة لعناصرها في المنطقة، على النقيض من سياسة حزب المؤتمر الوطني. وتشمل الموضوعات الأخرى رفض حزب المؤتمر الوطني تقديم معلومات لتمكين حركة تحرير شعب السودان من حساب أرباح النفط المستحقين لها، والفشل في سحب قوات الجيش السوداني من جنوب السودان في الموعد المُحدد في 9 يوليو/تموز 2007، والخلاف القائم بشأن أوضاع منطقة آبي الحدودية. وبلغت الأمور ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 2007 حين جمدت حركة تحرير شعب السودان مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية، مما أعاد للأذهان مسألة ضعف اتفاقية السلام الشامل.
ومع اقتراب الانتخابات الوطنية المقررة في عام 2009، فإن إعداد إطار تشريعي لدعمهم ما زال متأخراً عن موعده المقرر. وثمة تشريعات هامة عديدة ما زالت لم تُقدم للبرلمان، وتشمل قانون الانتخابات وكذلك لجنة الأراضي الوطنية وقانون الأمن الوطني.
والأمن أساسي لتمكين اللاجئين وغيرهم من النازحين من العودة إلى ديارهم في جنوب السودان. إلا أنه ثمة تقدم محدود في نزع الأسلحة والحد من العنف والمصادمات بين القبائل التي خلفت مئات القتلى في عام 2007. وفي مايو/أيار قُتل 54 شخصاً إثر مصادمات بسبب الماشية بين عناصر قبيلتي الديدينغا وتوبوسا في ولاية شرق الاستوائية. وفي يوليو/تموز تم قتل 56 شخصاً إثر مصادمات عنيفة اندلعت بين النوير ومورلي في ولاية جونقلي.
سدود مروى وكجبار
تحركت الحكومة في شمال السودان نحو بناء سدين كبيرين هما مروى (يُعرف أيضاً باسم حمداب) وكجبار، على الرغم من احتجاجات المجتمعات المحلية وجماعات حقوق الإنسان. ومن المقرر حالياً إتمام المشروع في عام 2008، ومن المتوقع أن يتسبب سد مروى في نزوح أكثر من 50000 شخص، فيما سوف يؤثر سد كجبار على حياة أكثر من 10000 شخص.
وفي أبريل/نيسان 2006 قتلت قوات الأمن ثلاثة أشخاص وتسببت في إصابة واعتقال عشرات غيرهم حين نظم زعماء المجتمع المحلي مظاهرة سلمية ضد بناء سد مروى. وتم أيضاً تفريق مظاهرة المجتمع المحلي ضد سد كجبار بشكل عنيف من قبل الشرطة وقوات الأمن في يونيو/حزيران 2007. وتعرض للقتل أربعة أشخاص في موقع الأحداث وأصيب أكثر من 8 آخرين حينما استخدمت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع وذخيرة حية لتفريق المتظاهرين.
وتعرض بعض الصحفيين الذين حاولوا تغطية احتجاجات السد للاعتقال دون اتهامات وظهرت مزاعم بتعرضهم للتعذيب. وفي دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، تعرض أربعة صحفيين وثلاثة محامين، ومعهم سائقهم، للاعتقال وهم في طريقهم إلى موقع بناء سد كجبار. وتم اعتقال أكثر من عشرة أشخاص في الخرطوم ودنقلا في الأيام التالية، وتم إخلاء سبيلهم جميعاً فيما بعد.
الاعتقال والاحتجاز التعسفي
طرأ تزايد ملحوظ على حالات الاعتقال والحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي للصحفيين والنشطاء السياسيين في الخرطوم، وهذا في الغالب دون اتهامات موجهة إليهم. والمادة 31 و33 من قانون الأمن الوطني السوداني تسمح بالاحتجاز دون اتهام لمدة قد تصل إلى تسعة أشهر في انتهاك للمعايير الدولية.
وفي يوليو/تموز تم اعتقال 17 شخصاً في الخرطوم للاشتباه في التخطيط لقلب نظام الحكم. وغالبيتهم ظلوا رهن الاحتجاز دون اتهامات، بمن فيهم جنرالات جيش متقاعدين وأعضاء في جماعة الإصلاح والتجديد المنشقة عن حزب الأمة، بما في ذلك زعيمها مبارك المهدي.
حرية التعبير والمدافعون عن حقوق الإنسان
يستخدم الصحفيون في السودان تعبير "الخط الأحمر" لوصف الموضوعات التي لا يمكنهم الكتابة عنها خشية انتقام السلطات الحكومية. وموضوعات "الخط الأحمر" تشمل دارفور والمحكمة الجنائية الدولية واحتجاز يوليو/تموز المزعوم للسبعة عشر شخصاً "المخططين للانقلاب" بمن فيهم مبارك المهدي زعيم حزب الأمة (الإصلاح والتجديد). وتخاطر الصحف بالمصادرة أو الإغلاق إذا كتبت عن هذه الموضوعات، ويخاطر الصحفيون بالمضايقات والاعتقال إن هم فعلوا هذا.
وإثر إصدار قانون العمل التطوعي في عام 2006، فإن الكثير من المنظمات، خاصة الجماعات الحقوقية، تتعرض للمضايقات والتهديدات، مثلاً يتعرضون للاستدعاء من قبل الأمن الوطني بغرض الاستجواب. وإجراءات التسجيل المطولة الجديدة الخاصة بقانون العمل التطوعي أجبرت البعض على تجميد أنشطتهم لشهور.
الأطراف الدولية الرئيسية
في عام 2007 تركزت الجهود الدولية الخاصة بدارفور بالأساس على نشر عناصر حفظ السلام. وفي يوليو/تموز وافقت الحكومة السودانية على نشر قوة جديدة لحفظ السلام في دارفور، وعلى قرار مجلس الأمن رقم 1769 الخاص بالقوة "المختلطة" التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التي تشمل زهاء 26000 عنصر عسكري وشرطي. إلا أنه لم تظهر بوادر لتحضير السودان لتغيير سياسته إزاء دعم الجنجويد ورفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. والقرار 1769 لا يذكر التزام السودان بتسليم المشتبهين المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
وتكرر تنديد كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالعنف في دارفور. إلا أن هذه الإدانات لم تتحول إلى أفعال سياسية قائمة. ومن الواضح أن حكومة السودان لم تقم أيضاً بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتشمل الالتزامات التي تفرضها قرارات عديدة صدرت عن مجلس الأمن. كما وتستمر في تنفيذ الهجمات على المدنيين، وفشلت في التحرك للسيطرة على ميليشيا الجنجويد، ورفضت التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. إلا أنه وحتى اليوم فرضت الأمم المتحدة عقوبات موجهة على أربعة أشخاص منخفضي الرتبة، ولا أحد منهم من صناع السياسة في الحكومة.
وتم إلغاء أجزاء تهدد بفرض عقوبات إضافية في حالة إعاقة الحكومة السودانية لعمل بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور، من مشروع قرار رقم 1769 قبيل تبنيه، والواضح أن هذا نتيجة لإصرار الصين وغيرها من أعضاء المجلس. ويُرجح أن الانقسامات بين الدول أعضاء مجلس الأمن تُصعب أكثر من فرض عقوبات إضافية.
وفي 29 مايو/أيار 2007 فرضت الولايات المتحدة من طرفها عقوبات اقتصادية على مسؤولين حكوميين سودانيين، وعلى زعيم للمتمردين و30 شركة تملكها أو تديرها الحكومة السودانية، وشركة يُزعم أنها انتهكت حظر أسلحة الأمم المتحدة على دارفور.
وعلى الرغم من إبداء زعماء الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأوروبي نفسه للاستعداد لتبني عقوبات تستهدف السودان، بل وحتى التهديد بهذا، فهم لم يتحركوا لفعل هذا بعد. وإسهامات أوروبا في حفظ السلام في المنطقة تركزت بالأساس على قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأوروبي في تشاد (انظر تشاد). وقد رفضت حكومة السودان عروض من دول إسكاندنافيا بتقديم الدعم لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور.
وتستمر الصين في شراكتها الهامة مع الحكومة السودانية ومن المُعتقد أنها لعبت دوراً أساسياً في التأثير على الخرطوم كي توافق على القوة المختلطة. والسودان من بين الدول الأفريقية التي زارها الرئيس الصيني هاو جينتاو في زيارته الأولى للقارة في فبراير/شباط، وفي مايو/أيار تم تعيين مبعوث صيني خاص جديد، بالتركيز على دارفور.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2007 كان من المفترض أن يتلقى مجلس حقوق الإنسان تقريراً نهائياً من مجموعة خبراء دارفور. والعديد من التوصيات التي جمعتها مجموعة الخبراء، التي توفر إطار عمل من المؤشرات التي يجب أن تراعيها حكومة السودان، لم يتم تنفيذها من قبل السلطات السودانية. وفي الشهر نفسه يُفترض أن مجلس حقوق الإنسان ناقش مستقبل بعثات كل من مجموعة الخبراء في دارفور والمقرر الخاص المعني بالسودان.
Related Material
Sudan Country Page
Country Page
Download Sudan Chapter (PDF)
World Report Chapter
World Report
Report
Crisis in Darfur
Country Page