HUMAN RIGHTS WATCH

سوريا

أحداث عام 2007

شهد الوضع السيئ لحقوق الإنسان في سوريا مزيداً من التراجع في عام 2007. فالحكومة فرضت أحكاماً قاسية على عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين. ومازال قانون الطوارئ المفروض منذ عام 1963 سارياً إلى الآن، وقد تم انتخاب الرئيس بشار الأسد للمرة الثانية في مايو/أيار 2007 بنسبة تأييد بلغت 97 في المائة من الناخبين، وتم عقد الانتخابات البرلمانية في أبريل/نيسان 2007، ولم يقم الرئيس ولا البرلمان الجديد بتقديم أي إصلاحات.

وحكمت محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة استثنائية لا توجد فيها ضمانات قضائية تقريباً، على أكثر من 100 شخص، غالبتيهم من الإسلاميين، بالسجن لفترات مطولة. ويستمر الأكراد السوريون، أكبر أقلية إثنية في البلاد، في الاحتجاج على معاملتهم كمواطنين درجة ثانية. وبلغت نسبة توافد اللاجئين العراقيين على سوريا حوالي 2000 شخص يومياً حتى أكتوبر/تشرين الأول 2007، حين فرضت سوريا إجراءات دخول وتأشيرات صارمة لإيقاف تدفق اللاجئين.  
 
محاكمة النشطاء السياسيين  
حكمت محكمة جنايات دمشق في 10 مايو/أيار 2007 على الدكتور كمال اللبواني الطبيب ومؤسس تجمع دمشق الليبرالي، بالسجن 12 عاماً مع الأشغال الشاقة جراء "الاتصال" بدولة أجنبية وتحريضها على المبادرة بالعدوان على سوريا بعد أن دعى إلى التغير الديمقراطي السلمي في سوريا أثناء زيارة له إلى الولايات المتحدة وأوروبا في خريف عام 2005.  
 
وفي شهر مايو/أيار أيضاً حكمت محكمة جنايات دمشق بأحكام قاسية على أربعة نشطاء تم اعتقالهم عام 2006 لتوقيعهم على طلب لتحسين العلاقات بين لبنان وسوريا. وحكمت المحكمة على الكاتب البارز والناشط السياسي ميشيل كيلو والناشط السياسي محمود عيسى بالسجن ثلاثة أعوام لكل منهما. كما تمت محاكمة خليل حسين غيابياً (وهو عضو بحركة المستقبل الكردية) وسليمان شمر العضو بحزب العمال الثوري غير المعترف به رسمياً وزعيم التجمع الوطني الديمقراطي، وحُكم على كل منهما بالسجن 10 أعوام.  
 
وحتى كتابة هذه السطور كان فاتح جاموس، عضو حزب العمل الشيوعي، خاضعاً للمحاكمة لمطالبته بالإصلاح السلمي في سوريا أثناء رحلة له إلى أوروبا في عام 2006. ويواجه فايق المير، ناشط شيوعي آخر يرأس حزب الشعب الديمقراطي السوري، اتهامات على صلة بزيارة أجراها إلى لبنان بعد اغتيال القيادي الشيوعي اللبناني جورج حاوي في عام 2005.  
 
ويستمر دكتور عارف دليلة، أستاذ الاقتصاد البارز ومناصر التحرر السياسي، في قضاء فترة السجن لعشرة أعوام المفروضة عليه في يوليو/تموز 2002 جراء انتقاده غير العنيف للسياسات الحكومية. ويعاني من مشكلات في القلب ومصاب بمرض السكر.  
 
الاحتجاز التعسفي والتعذيب و"الاختفاءات"  
تستمر الأجهزة الأمنية السورية في احتجاز الأشخاص بشكل تعسفي وفي الرفض المتكرر للكشف عن أماكن احتجازهم لشهور، مما يعني أنهم فعلياً مختفين. مثلاً احتجزت المخابرات العسكرية علي البرازي، المترجم الدمشقي، في يوليو/تموز 2007، ورفضت الكشف عن مكانه لثلاثة أشهر.  
 
وما زال التعذيب يمثل مشكلة جسيمة في سوريا، خاصة أثناء التحقيق والاستجواب. وقد وثقت جماعات حقوق الإنسان السورية عدداً من القضايا في عام 2007، شملت تعذيب عشرة رجال محتجزين في حسكة في أبريل/نيسان.  
 
أما محكمة أمن الدولة العليا، المحكمة الاستثنائية التي لا تقيدها قواعد الإجراءات الجنائية، فحكمت على مائة شخص في عام 2007، غالبيتهم من الإسلاميين. وحكمت محكمة أمن الدولة العليا على جماعة من سبعة شباب في يونيو/حزيران 2007 بالسجن لفترات تتراوح بين خمسة إلى سبعة أعوام جراء تورطهم في إعداد منتدى لمناقشات الشباب المناصرين للديمقراطية على الإنترنت. وقال بعض أفراد المجموعة إن السلطات استخلصت "الاعترافات" منهم تحت تأثير التعذيب.  
 
وكما حدث في عام 2006، لم تعلن الحكومة في عام 2007 عن اعترافها بتورط قوات الأمن في "اختفاء" ما يُقدر عددهم بـ 17000 شخص منذ السبعينيات، وغالبتيهم العظمى ما زال لا يُعرف عنهم شيئاً ويُعتقد أنهم قتلوا. و"المختفون" هم في الغالب من أعضاء الإخوان المسلمين ونشطاء سوريين آخرين احتجزتهم الحكومة في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، وكذلك المئات من اللبنانيين والفلسطينيين المحتجزين في سوريا، أو المختطفين من لبنان من قبل قوات الأمن السورية أو على أيدي الميليشيا اللبنانية أو الفلسطينية.  
 
وما زال المئات، والأرجح الآلاف، من السجناء السياسيين محتجزين في سوريا. وتستمر السلطات في رفض الكشف عن معلومات بخصوص أعداد أو أسماء الأشخاص المحتجزين باتهامات سياسية أو أمنية.  
 
المدافعون عن حقوق الإنسان  
ما زال ناشطو حقوق الإنسان في سوريا هدفاً للاعتقالات والمضايقات من جانب الحكومة. وفي 24 أبريل/نيسان 2007 حكمت محكمة جنايات دمشق على المحامي الحقوقي البارز أنور البني بالسجن خمسة أعوام بسبب قوله أن رجلاً مات في سجن سوري متأثراً بالظروف اللاإنسانية التي كانت السلطات تحتجزه في ظلها.  
 
وتستمر الحكومة في منع النشطاء من السفر إلى الخارج، وفي عام 2007 ازداد عدد المدرجين على قائمتها من الممنوعين من مغادرة البلاد. وبينما عدد النشطاء الممنوعين من السفر ليس معروفاً على وجه التحديد، فإنه يقدر بالمئات. وفي 12 أغسطس/آب 2007 رفض ضباط أمن الدولة التصريح لرياض سيف (عضو المعارضة السابق بالبرلمان السوري ورئيس حركة إعلان دمشق) بالسفر إلى الخارج لتلقي علاج طبي طارئ. ومن بين الممنوعين من السفر في عام 2007 أيضاً ناصر الغزالي رئيس مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية ومسؤول الإعلام في اللجنة العربية لحقوق الإنسان.  
 
وما زالت كل جماعات حقوق الإنسان السورية غير مرخصة، إذ يرفض المسؤولون السوريون دائماً الموافقة على طلبات التسجيل.  
 
التمييز والعنف بحق الأكراد  
يمثل الأكراد أكبر أقليةٍ عرقية غير عربية في سوريا إذ يشكلون حوالي 10 في المائة من السكان البالغ عددهم 18.5 مليوناً. ومازالوا يخضعون لتمييزٍ منهجي يتضمن الحرمان من الجنسية لما يقارب 300,000 كردي سوري المولد. كما تقمع السلطات السورية استخدام اللغة الكردية في المدارس وتقمع أشكال التعبير عن الهوية الكردية.  
 
وعلى الرغم من العفو الرئاسي للمتورطين في مصادمات مارس/آذار 2004 بين المتظاهرين الأكراد وقوات الأمن في مدينة قامشلي، فما زال ما يقدر بـ 49 كردياً يواجهون المحاكمة أمام المحكمة العسكرية في دمشق بتهم التحريض على الاضطرابات وتدمير الممتلكات العامة. كما يتعرض الزعماء السياسيين الأكراد كثيراً للمضايقات والاعتقالات. واعتقلت سلطات أمن الدولة السورية معروف ملة أحمد، القيادي بحزب يكيتي الكردي، على الحدود السورية اللبنانية في أغسطس/آب 2007. وحتى كتابة هذه السطور ما زال قيد الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي.  
 
التمييز ضد المرأة  
يضمن الدستور السوري المساواة بين الجنسين، وهناك كثيرٌ من النساء الناشطات في الحياة العامة. لكن قوانين الأحوال الشخصية وقانون العقوبات يتضمنان أحكاماً تمييزية بحق النساء والفتيات. فقانون العقوبات يسمح للقاضي بوقف تنفيذ عقوبة المغتصب إذا وافق على الزواج من الضحية. كما يتساهل مع ما يُدعى بجرائم "الشرف" وفي يناير/كانون الثاني 2007 أبلغت جماعات حقوق الإنسان السورية عن مقتل زهراء العزو، 16 عاماً، على يد شقيقها لحماية "شرف" الأسرة بعد أن اختطفها رجل.  
 
وفي مايو/أيار 2007 قدمت سوريا تقريرها المبدئي إلى لجنة الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأعلن وفدها عن أن سوريا سوف تتخذ خطوات لتعديل القوانين التمييزية ضد المرأة.  
 
وضع اللاجئين الفارين من العراق  
يعيش في سوريا الآن زهاء 1.4 مليون عراقي. ومع أن سوريا مستمرة في السماح للاجئين العراقيين بالاستفادة من المدارس والمستشفيات العامة، فقد مالت مواقفها وسياساتها تجاههم إلى التشدد عام 2007 الذي شهد تطبيق أنظمة دخول ومنح تأشيرات أكثر تقييداً. والعراقيون ممنوعون من العمل، لكن الكثير منهم يعملون بشكل غير قانوني. وقد أعادت السلطات السورية قسراً عدداً من العراقيين إلى العراق، لكنها تقول إن هؤلاء العراقيون ارتكبوا جرائم.  
 
كما تستمر سوريا في رفض دخول الفلسطينيين الفارين من العراق. وفي مايو/أيار 2006 أغلقت سوريا حدودها في وجه العراقيين الفلسطينيين، وحتى كتابة هذه السطور، ما زال المئات منهم في مخيمات في المنطقة العازلة الواقعة بين نقاط التفتيش الحدودية بين العراق وسوريا.  
 
الأطراف الدولية الرئيسية  
مازالت علاقات سوريا بالولايات المتحدة والدول الأوروبية متوترةً بسبب دور سوريا في العراق ولبنان وعلاقاتها مع إيران. ورغم استمرار الانعزال السوري والعقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة، استقبلت دمشق زيارات رفيعة المستوى من خافيير سولانا، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2007، والمتحدة باسم الكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي في أبريل/نيسان 2007.  
 
وقد أصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عدة بيانات علنية تدين المضايقات والاعتقالات الجارية للنشطاء الحقوقيين. إلا أن بيانات الإدانة هذه كان لها أقل الأثر على السلطات السورية.  
 
وما زالت اتفاقية الشراكة المبرمة بين سوريا والاتحاد الأوروبي، والتي بدأت مفاوضاتها في أكتوبر/تشرين الأول 2004، مجمدة في مرحلة الموافقة الأخيرة مع استمرار انقسام الدول الأوروبية حول كيفية التعامل مع سوريا.  
 
واستمرت ضغوط مجلس الأمن على سوريا للتعاون في التحقيق الدولي الجاري في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وفي 30 مايو/أيار 2007 تبنى مجلس الأمن القرار رقم 1757، ونص على الموافقة على تشكيل محكمة بموجب الفصل السابع. وفي تقريره المؤقت في يوليو/تموز 2007، كتب سيرجي براميرتز، رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، أن التعاون السوري "ما زال مرضياً بشكل عام".  
 
وما زالت إيران هي حليفة سوريا الإقليمية الوحيدة، وتزايد تعاون الدولتين في المجالين العسكري والاقتصادي. وزار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دمشق في أغسطس/آب 2007، إثر إعادة العلاقات الدبلوماسية في عام 2006، ليناقش مشكلة الأمن الحدودي واللاجئين العراقيين. وتبادلت السعودية وسوريا انتقادات حادة حول الدور الإقليمي لكل منهما، مما يكشف عن التوترات بين الدولتين.