HUMAN RIGHTS WATCH

كلمة القاها عبد الرحمن اللاحم

كلمة ألقاها عبد الرحمن اللاحم، وهو محامٍ سعودي مهتم بحقوق الإنسان، بمناسبة تكريمه بجائزة (المدافعين عن حقوق الإنسان 2008) لـ هيومن رايتس ووتش في لندن بالمملكة المتحدة، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2008.  
 
يعبر اللاحم عن آرائه الخاصة.  

أحلام خضراء*  
 
عبد الرحمن اللاحم  
محام وناشط في حقوق الإنسان  
 
أيها السيدات والسادة  
استأذنكم ابتداءً أن أتقدم بالشكر الجزيل لزوجتي ( فاطمه اللاحم) تلك السيدة العظيمة التي وقفت معي في أحلك الظروف وساندتني وأيدتني وكانت عوناً لي لمواصلة هذا الطريق .  
والشكر موصول لأبنائي ( خالد و حصه ) اللذين من خلالهما بدأت أتطلع للمستقبل وأرقب تشكل جيل جديد يؤمن بالقيم الإنسانية العظيمة ويعشق نسائم الحرية .  
كما أتقدم بشكري وامتناني للمنظمة الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان ( هيومن رايتس ووتش) على ثقتها وتكريمها , الذي هو تكريم لمئات من العاملين في الشأن الحقوقي في السعودية , وتكريم لمئات الأقلام الحرة والشجاعة التي وقفت أمام دعاة الظلام والعنف الديني وساهمت في توعية المجتمع بزيفهم وتكريم للقامات الوطنية الشامخة التي دفعت حريتها وحياتها وضحَّت من أجل وطنها وأبناء وطنها .  
أيها السيدات والسادة  
يشرفني أن أتحدث إليكم هذه الليلة , لنحتفي بـ (الإنسان ) ونذكَّر بحقوقه التي أجمعت البشرية عليها بمختلف ثقافاتها وعقائدها , حتى أصبحت سمة لهذا العصر الجديد .  
أن اجتماعنا هذه الليلة ليؤكد على عالمية ( حقوق الإنسان ) التي أصبحت إحدى المعالم الثقافية لعالمنا الجديد , حيث لا يمكن (التترس) خلف الخصوصية الثقافية أو الدينية لانتهاك حقوق الإنسان الأساسية أو مصادرة حقوقه تحت ذرائع ثقافية أو دينية , وإنما أصبحت تلك الحقوق مكتسبات أيدتها الفطر البشرية السليمة , ورسختها الاتفاقيات الدولية , وأصبحت شرعة دولية لا يجوز تجاوزها أو القفز عليها بأي ذريعة وتحت أي لافتة .  
أيها السيدات والسادة  
لقد جئتكم من المملكة العربية السعودية مهبط شريعة الإسلام , التي قدست الإنسان , وذادت عن كرامته وحريته , قبل أن ينحرف بعض أبناءها عنها ويشوهوا جمالها ونقاءها بفتاوى أجازت القتل , وصادرت الحرية , وكممت الأفواه , حيث شاعت (فتاوى التكفير) لإرهاب الناس وإسكاتهم , ومصادرة حقهم في التعبير عن أنفسهم , الأمر الذي أشعل فتيل الإرهاب المسلح التي لا زالت تأن منه بلادي و تصطلي بناره بقية شعوب هذا الأرض , واستغل هذه الفرصة للترحم على ضحايا ذلك الإرهاب الأعمى في وطني وفي كل بقعة من هذا العالم .  
إنني أعتقد إن مواجهة موجات التكفير والتشدد الديني واجب إنساني لكل من يعتنق شرعة حقوق الإنسان , لأن فيه مساس بحق الإنسان بالحياة , وحرية المعتقد , وحرية الرأي والتعبير عنه , ويطيب لي أن احيي من هذا المنبر كل الأقلام الحرة في بلدي وبلدان العالم التي دعمت حقوق الإنسان ووقفت بشجاعة أمام ذلك المد السرطاني الخطر الذي عطل التنمية وشرعن للاستبداد .  
أيها السيدات والسادة  
لقد شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز , تنامياً مطرداً في حرية التعبير في إعلامنا الداخلي , حيث راهن الملك على الأجيال الصاعدة وشرَّع أبواب النقد المسئول و انفتح على المستقبل , الأمر الذي ساهم في تنامي الحس الحقوقي في مجتمع كان مغلق على ذاته , بعيدٌ عن القيم الحقوقية التي حاول بعض رجال الدين مناهضتها والتحذير منها , إلا أنها بدأت تترسخ لدى المجتمع بشكل تراكمي , لذا رأينا ملفات بالغة الحساسية يعاد فتحها ومناقشتها في قنواتنا الإعلامية بحس وطني إنساني مجرد , بعيد عن المزايدات السياسية والمصالح الشخصية الضيقة .  
وفيما يتعلق بالتشريع فإن المملكة تعيش هذه الفترة (ربيعاً تشريعياً ) في ظل سن العديد من الأنظمة (غير التقليدية) التي لها مساس مباشر بحقوق الإنسان , يأتي على رأسها الأنظمة القضائية الجديدة التي أعادت هيكلة المؤسسات القضائية في السعودية , وعززت من استقلال القضاء , وأصلحت العديد من مكامن الخلل فيه , حيث يمثل القضاء اللبنة الأساسية لكل المهتمين بالشأن الحقوقي لما يوفره من حماية لحقوق الإنسان .  
ولا زال هناك العديد من الأنظمة الجريئة التي تعكف عليها اللجان التشريعية في السعودية من أجل واقع أفضل للإنسان وحقوقه , في بلد يعيش لحظة سياسية استثنائية , في ظل قيادة سياسية آلت على نفسها إلا أن تنفتح على العالم وتشارك في صياغة قيمه وأفكاره .  
أيها السيدات والسادة  
أهدف في المستقبل أن أواصل تقديم المعونة القانونية والقضائية (المجانية ) لغير القادرين على دفع تكاليف المعونة القانونية من ذوي القضايا التي لها مساس بحقوق الإنسان بواقع (1500 ساعة مجانية سنوية) , وسأتوسع في إعطاء المعونة للنساء بحكم الأوضاع الاجتماعية في السعودية التي تعيق المرأة من حرية الحركة وبالتالي عجزها عن إدارة قضيتها بالمهنية المطلوبة.  
أتمنى أن تساهم تلك الخطوة في ترسيخ المفاهيم الحقوقية لدى شرائح المجتمع وتعميق معايير المحاكمة العادلة لدى المؤسسات القضائية السعودية وتحفيز زملائي المحامين للمبادرة لمساعدة ضحايا الانتهاكات وتقديم الخدمات القانونية والقضائية لهم بشكل مهني ومحترف.  
ختاماً أيها السيدات والسادة  
باسمكم أتقدم بالشكر الجزيل للزميلة والصديقة الأستاذة / فوزية العيوني التي شرفتني بتمثيلي بهذه الاحتفالية .  
أتمنى لكم أيها الأعزاء حظاً موفقاً ونجاحاً متواصلاً في خدمة الإنسان .شكرا لكم ,,,  
 
*نص الكلمة التي ألقيت أمام احتفاليات منظمة هيومن رايتس ووتش السنوية بالنيابة عن المحامي عبد الرحمن اللاحم