Iraq



Iraq Iraq
  

الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >>

I. ملخص

كانت العائلات العراقية تشتري بعض حوائجها وتستعد لتأدية صلاة العشاء في حسينية أهالي المسيب في مدينة المسيب يوم 16 يوليو/تموز 2005، عندما انفجرت القنبلة؛ فقد نسف مفجر انتحاري من جماعة مسلحة مجهولة ما في حوزته من المتفجرات بالقرب من شاحنة صهريجية ممتلئة بغاز الطهي، فأشعل كرة هائلة من النار اكتسحت السوق والشوارع المحيطة بها.

وقال أحد المدرسين من أهالي الحي "رأيت كيف التهمت النيران السكان المذعورين وهم يركضون للفرار من الموقع؛ لقد طاردت النيران الناس وابتلعتهم أحياء".1

ولقي أكثر من 90 مدنياً حتفهم في هذه المدينة ذات الأغلبية الشيعية الواقعة جنوبي بغداد، وكان من بينهم النساء والأطفال؛ وأصيب المئات منهم بحروق بالغة أو اخترقت الشظايا أجسادهم.

وليس انفجار المسيب سوى مثال واحد من هجمات المتمردين في العراق التي تستهدف المدنيين؛ فمنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد في مارس/آذار 2003، تعمدت جماعات المعارضة المسلحة قتل الآلاف من المدنيين – رجالاً ونساءً وأطفالاً؛ واستخدم المتمردون في شتى أنحاء البلاد السيارات المفخخة ومنفذي التفجيرات الانتحارية مثلما حدث في المسيب، لإيقاع أكبر عدد من الإصابات والخسائر البشرية في صفوف المدنيين؛ وقاموا باغتيال المسئولين الحكوميين، والسياسيين، والقضاة، والصحفيين، والعاملين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، ومن يُعتَبرون من المتعاونين مع القوات الأجنبية في العراق. كما قاموا بتعذيب الأشخاص المحتجزين لديهم وإعدامهم على الفور، بقطع رؤوسهم في بعض الأحيان. أما الهجمات التي وقعت على أهداف عسكرية مشروعة، مثل القوافل العسكرية، فقد نُفِّذت على نحو يجعل الخسائر المتوقعة في أرواح المدنيين أبعد ما تكون عن التناسب مع المكاسب العسكرية المرجوة. وكل هذه الهجمات تُعدُّ انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي – أي جرائم حرب – وتشكل في بعض الأحيان جرائم ضد الإنسانية.

ويهدف هذا التقرير إلى إضفاء وجه واسم على المدنيين الذين سقطوا ضحايا لهذه الهجمات؛ فمن خلال شهادات الضحايا والشهود، يوثق التقرير بعض الجرائم التي اقترفتها جماعات المتمردين ضد المدنيين، ويتناول الحجج التي تسوقها هذه الجماعات وأنصارها تبريراً للهجمات غير المشروعة.

كما يضع التقرير انتهاكات المتمردين في سياقها الصحيح، ألا وهو الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، وما تلاه من الاحتلال العسكري الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، وأدى إلى نشوء هذه الجماعات المتمردة. وأهم المبررات التي تستخدمها الجماعات المتمردة هو أن الولايات المتحدة أقدمت على غزو العراق بصورة غير مشروعة، وقتلت آلافاً لا تحصى من المدنيين العراقيين على مدى فترة العامين والنصف عام التي مضت منذ هذا الغزو.

وقد سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن وثقت في تقاريرها السابقة استخدام القوات الأمريكية للقوة العشوائية والمفرطة أثناء غاراتها ومداهماتها للمناطق السكنية، وعند نقاط التفتيش. واحتُجز الآلاف من المشتبه في انتمائهم لجماعات المتمردين لدى القوات الأمريكية والحكومة العراقية دون أي مراعاة لضمانات الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي. وأنزلت القوات الأمريكية صنوف التعذيب والإذلال بالمعتقلين في سجن أبو غريب وغيره من مراكز الاعتقال، ودرجت السلطات العراقية على ممارسة أساليب سوء المعاملة ضد المعتقلين بصورة منهجية. ولم تكد تُقام أي دعوى جنائية على مرتكبي هذه الانتهاكات، ولم ترفع أي دعوى على الإطلاق ضد كبار المسئولين.

وأثارت هذه الانتهاكات حنق الكثير من العراقيين، وغيرهم خارج العراق، وتعد من العوامل المحفزة الكامنة وراء النمو المطرد لحركة التمرد على مدى العامين الماضيين؛ ولكنها لا تبرر بأي حال ما تشنه الجماعات المتمردة من هجمات على المدنيين، علماً بأن هذه الجماعات ملزمة قانوناً باحترام القانون الإنساني الدولي بغض الطرف عن سلوك عدوها، وسواء أكانت تعترف بالقانون أو لا تعترف به. والهدف الذي تتوخاه منظمة هيومن رايتس ووتش من وراء نشر هذا التقرير هو تعزيز المبدأ القائل بأنه لا يجوز على الإطلاق اتخاذ المدنيين هدفاً للهجمات.

فقوانين الحرب، الملزمة للقوات المسلحة الحكومية والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة على السواء، تحظر الهجمات المباشرة على المدنيين، والهجمات التي لا يبذل منفذوها أي جهد للتمييز بين المدنيين والمقاتلين، والهجمات التي تسفر عن خسائر في أرواح المدنيين لا تتناسب مع المكاسب العسكرية المتوقعة منها. كما تحظر هذه القوانين الهجمات التي تستهدف في المقام الأول بث الذعر في نفوس السكان المدنيين. أما الجرائم المرتكبة في إطار هجوم واسع النطاق أو هجوم منهجي ضد السكان المدنيين فتعد من الجرائم ضد الإنسانية؛ وأي شخص مسئول عن الانتهاكات الخطيرة يكون عرضة للمساءلة القضائية، بما في ذلك القادة الذين أمروا بالهجمات غير المشروعة، أو كانوا على علم بها، أو كان من الواجب أن يكونوا على علم بها، ولم يفعوا شيئاً حيالها.

 ويقسم التقرير الضحايا المدنيين إلى تسع فئات لتوضيح كيف ولماذا تعرضوا للهجمات، والأسباب التي ساقها المهاجمون تبريراً لذلك؛ والخيط المشترك الذي يربط بينها هو أن المتمردين اعتبروا هدفهم مرتبطاً بشكل أو آخر بالقوة المتعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق أو بالحكومة العراقية الحالية التي يعتبرونها عميلة للولايات المتحدة. فالمتمردون، وأغلبهم من السنَّة، يعتبرون الحكومة العراقية مؤسسة غير مشروعة تخدم الولايات المتحدة أو تخضع لهيمنة الشيعة والأكراد بصورة جائرة.

كما يوثق التقرير الهجمات التي تستهدف القوات العراقية والأمريكية وغيرها من القوات العسكرية للتحالف، والتي تشكل انتهاكاً لقوانين الحرب؛ فقد اقترفت بعض جماعات المتمردين جرائم حرب بإعدام المقاتلين المحتجزين لديها، أو تعذيبهم، أو إنزال صنوف أخرى من سوء المعاملة بهم. وانتهكت هذه الجماعات قوانين الحرب بشن هجمات غادرة على أهداف عسكرية، أي هجمات يتظاهر منفذوها بأنهم مدنيون. كما أن بعض هجمات المتمردين على أهداف عسكرية لم تميز بين المقاتلين والمدنيين، مما يجعلها غير مشروعة، أو أدت إلى خسائر مفرطة في صفوف المدنيين. ولئن كان القانون الدولي لا يحظر على المتمردين شن هجمات على أهداف عسكرية، فإن مثل هذه الهجمات هي انتهاكات لقانون العقوبات العراقي، ومن الجائز مقاضاة مرتكبيها. وعلى نفس المنوال، فإن القوات الحكومية العراقية عرضة للمقاضاة بموجب القانون المحلي على تعذيب المعتقلين وغير ذلك من أشكال سوء استخدام القوة. ولكن هذا التقرير لا يقيم سلوك المتمردين إلا من وجهة نظر الأحكام ذات الصلة من القوانين الدولية للحرب.

ويتضمن التقرير فصلاً عن جماعات المتمردين يصف مختلف الجماعات النشطة في العراق التي تقاتل القوات المتعددة الجنسيات والقوات الحكومية العراقية، والتي تتألف في الأغلب والأعم من أبناء الطائفة السنية؛ ولا يخلو الأمر من التعقيد لأن "التمرد" مصطلح عام يطلق على طائفة واسعة من الجماعات التي تتباين في هياكلها وولاءاتها وأهدافها، كما تختلف آراؤها فيما يبدو بشأن الأهداف والوسائل المقبولة للهجمات؛ فقد نددت بعض الجماعات أحياناً بالهجمات على المدنيين، في حين راحت جماعات أخرى، مثل أنصار السنة وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين والجيش الإسلامي في العراق، تتباهى علناً بمسؤوليتها عن جرائم خطيرة من خلال تسجيلات مصورة وبيانات عن التفجيرات، وحوادث الاختطاف، وإعدام المدنيين.

ويورد التقرير حججاً تستخدمها بعض جماعات المتمردين وأنصارها في تبرير هجماتها على المدنيين؛ ويستند بعض هذه الحجج على الرأي القائل بمشروعية استخدام كافة الأساليب الممكنة لتحرير العراق من القوات الأجنبية، وعليه فإن أي شخص يُعتقَد أنه مرتبط بالاحتلال يكون عرضة للهجوم؛ ولكن أياً من هذه الحجج لا يبرر الهجمات الموثقة في هذا التقرير، التي تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي. ولا ينبغي على جميع جماعات المتمردين في العراق الكف عن هذه الهجمات فحسب، بل يجب على الزعماء السياسيين والدينيين في العراق وغيره من البلدن، ممن أعربوا عن تأييدهم لحركة التمرد، أن ينددوا باستهداف المدنيين، وبجميع الأفعال التي تعرض المدنيين للمخاطر بلا داعٍ، وبسوء معاملة المحتجزين.

ومن خلال توثيق هذه الانتهاكات، تطعن منظمة هيومن رايتس ووتش في موقف بعض جماعات المتمردين في العراق التي تقر الاستخفاف بالقانون الدولي، وتضرب به عرض الحائط؛ وبغض النظر عن الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأمريكية والعراقية،  فإن الهجمات شبه اليومية على المدنيين قد خلفت آثاراً مدمرة على الشعب العراقي، كما أنها تزيد من تقويض احترام سيادة القانون.

الضحايا

لا يعرف على وجه الدقة عدد المدنيين الذين قتلوا جراء الهجمات غير المشروعة التي شنها المتمردون منذ سقوط بغداد في أبريل/نيسان 2003؛ فمن الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة بسبب حالة الفوضى التي اتسم بها الصراع، وعجز بعض المؤسسات العراقية عن أداء وظائفها بصورة كاملة، وامتناع الولايات المتحدة عن الاحتفاظ بإحصائيات عن الوفيات في صفوف المدنيين. ومهما يكن من أمر، فإن كافة الدلائل ترجح أن هجمات المتمردين في العراق قد أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين يفوق بمراحل نظيره من المقاتلين.

 ويقسم التقرير الضحايا المدنيين لهجمات المتمردين إلى تسع فئات، ولو أنها كثيراً ما تتداخل فيما بينها. وقد شنت بعض جماعات المتمردين هجمات بقنابل هائلة على الأضرحة والمراقد الشيعية في كربلاء والنجف، مما أسفر عن مقتل المئات من الأشخاص، كما هاجمت الحسينيات والمواكب الجنائزية الشيعية في مدن مثل الموصل وبغداد. وشن المتمردون هجمات على المدنيين الأكراد، وكان أشدها في فبراير/شباط 2004، عندما قتل مفجران انتحاريان 99 شخصاً في أربيل. واستهدفت بعض الجماعات الطائفة المسيحية الصغيرة في العراق من خلال تفجيرات الكنائس، وحوادث الاختطاف، وأعمال القتل، وإجبار عشرات الآلاف من المسيحيين على الفرار إلى الخارج أو إلى المنطقة الخاضعة للسيطرة الكردية في الشمال، والتي تنعم بأمن نسبي.

وقد بات الشيعة والأكراد والمسيحيون أهدافاً مشروعة في أعين بعض جماعات التمرد اعتقاداً منها بانحيازهم لقوات الاحتلال في العراق أو تأييدهم للحكومة العراقية الحالية. بل إن الجماعات الإسلامية المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، تعتبر الشيعة من الروافض الذين خرجوا عن الملة وخانوا الإسلام. أما الأكراد فقد قاتل مقاتلوهم إلى جانب القوات الأمريكية عام 2003، ولا تزال قوات البشمركة الكردية قريبة من القوة المتعددة الجنسيات. وقد يكون الدافع وراء بعض الهجمات هو التوتر القائم منذ أمد طويل بين الجماعات الدينية والعرقية، والصراع على السلطة في عراق ما بعد صدام؛ ولكن أياً من هذه الحجج أو التفسيرات لا يبرر الهجمات على المدنيين.

أما الفئة الثانية المستهدفة فهي العراقيون الذين يعملون مع حكومات أجنبية أو قواتها المسلحة كمقاولين يعملون في مجال إعادة الإعمار، أو مترجمين، أو عمال تنظيف، أو سائقين، أو يقومون بوظائف أخرى غير قتالية؛ فبعض جماعات المتمردين تعتبر العراقيين العاملين في هذه الوظائف في عداد المتعاونين، ويبدو أن الهدف من الهجمات التي تقع عليهم هو معاقبتهم وجعلهم عبرة لغيرهم. وفي إحدى الحالات الموثقة في هذا التقرير، قتل مسلحون ثلاث نساء لدى مغادرتهن قاعدة عسكرية أمريكية في الموصل حيث كن يعملن عاملات تنظيف، وقد كثرت مثل هذه الهجمات في شتى أنحاء العراق.

والفئة الثالثة من الضحايا هي العراقيون الذين يشغلون مناصب حكومية أو سياسية؛ وقائمة الاغتيالات طويلة وتضم ضحايا من معظم الأحزاب الرئيسية التي دخلت معترك السياسة رسمياً منذ عام 2003. وتشمل هذه الفئة بعض أعضاء الحكومة العراقية المؤقتة، وموظفين انتخابيين قتلوا أثناء مشاركتهم في تنظيم انتخابات يناير/كانون الثاني 2005.

وهناك فئة رابعة تضم المدنيين الراغبين في الانخراط في الشرطة أو القوات المسلحة، فكثيراً ما تعرضوا للهجمات بالسيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية خارج مراكز التطوع. وحيث أنهم لم يصبحوا بعد من أفراد قوات الأمن، ولا هم من المدنيين المشاركين مشاركة فعالة في القتال، فإنهم ليسوا أهدافاً عسكرية مشروعة وفقاً للقانون الإنساني الدولي.

والفئة الخامسة هي العاملون بالمنظمات الدولية وغير الحكومية، وبعضهم يمارس نشاطه في العراق من قبل اندلاع الحرب في العراق؛ وكان أشد هذه الهجمات وأكثرها دموية الهجومان بشاحنتين ملغومتين على مقر الأمم المتحدة في بغداد في أغسطس/آب 2003، ومقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العاصمة العراقية في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام. وقد هددت جماعات المتمردين العاملين في مجال المساعدة الإنسانية، ومعظمهم من العراقيين، وأقدمت على قتلهم في بعض الحالات. وتكاد تكون جميع المنظمات الإنسانية الدولية قد رحلت عن العراق لأسباب أمنية مما يحد بشدة من المعونات التي يمكن تقديمها للسكان المعوزين.

والفئة السادسة هي الصحفيون والعاملون في أجهزة الإعلام؛ فقد قامت بعض جماعات المتمردين بقصف مكاتب وسائل الإعلام، واستهدفت الصحفيين بعمليات الاختطاف والإعدام. والأغلبية الساحقة من الضحايا هم من العراقيين الذين عملوا صحفيين محليين أو مراسلين أو سائقين أو مصورين تليفزيونيين أو مترجمين لوسائل الإعلام العالمية، وإن كان بعض الصحفيين الأجانب قد لقوا حتفهم أيضاً.

أما الفئة السابعة فهي المثقفون والمهنيون العراقيون، ومن بينهم الأطباء والمحامون والأكاديميون؛ فقد اختطفت الجماعات المسلحة ما يتراوح بين 160 و300 طبيب عراقي منذ أبريل/نيسان 2003، وقتلت أكثر من 25، وفقاً لما خلصت إليه وزارة الصحة العراقية في أبريل/نيسان 2005. ومنذ منتصف عام 2003، قتلت الجماعات المسلحة ما لا يقل عن 48 مهنياً، حسبما أفادت دراسة قامت بها الأمم المتحدة؛ وقد تكون بعض حوادث الاختطاف وأعمال القتل ذات دوافع جنائية لأن الجناة اعتبروا الضحايا ممن يمكنهم دفع فدية؛ ولكن بعض أعمال القتل كانت تحركها دوافع سياسية فيما يبدو، إما لأن الضحية أعرب عن تأييده للتدخل الذي قادته الولايات المتحدة في العراق، أو انتقاده للمتمردين، أو لأن الجناة ظنوه من أصحاب هذه الآراء. ويرى بعض العراقيين أن هذه الهجمات محاولة لتدمير النخبة المثقفة في البلاد.

والفئة الثامنة هي النساء؛ فقد تعرضت الكثيرات منهن للاعتداءات بسبب مشاركتهن في الفئات المشار إليها آنفاً – أي باعتبارهن من المشتغلات بالسياسة، أو الموظفات الحكوميات، أو الصحفيات، أو العاملات في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، فضلاً عن عاملات التنظيف والمترجمات العاملات مع الحكومات الأجنبية أو قواتها المسلحة. ولكن بعض جماعات المتمردين قد اعتدت على دعاة حقوق المرأة والنساء العراقيات بسبب ما اعتبرته سلوكاً "غير أخلاقي" أو "منافياً للإسلام"، مثل الدعوة لحقوق المرأة أو مخالطة الرجال أو السفور في الأماكن العامة. وقد كان للعنف وغياب الأمن أثر بالغ على النساء العراقيات اللاتي كن يوماً ما يتمتعن بدور عام في الحياة الاجتماعية والسياسية للبلاد.

أما الفئة التاسعة والأخيرة فهي تشمل غير العراقيين، بما في ذلك السائقون، ورجال الأعمال، والمتعاقدون، والصحفيون، والدبلوماسيون، والعاملون في المنظمات الإنسانية، وغيرهم من العاملين في وظائف مدنية. فمنذ أبريل/نيسان 2003، اختطفت جماعات المتمردين أكثر من 200 شخص غير عراقي، من رعايا 22 دولة على الأقل، وقتلت منهم ما لا يقل عن 52؛ ولا يزال ما يقدر بنحو 43 شخصاً في عداد المفقودين. وكثيراً ما يكون الهدف من وراء ذلك هو الضغط على حكومات الضحايا أو الشركات التي يعملون بها لحملها على الانسحاب من العراق، أو الحصول على تنازلات أخرى من قبيل إطلاق سراح السجناء. ومن الدوافع الشائعة لهذه الاعتداءات الحصول على المال؛ إذ يُستهدف غير العراقيين لهذه الهجمات من أجل الفدية التي يرغب المتمردون، أو إحدى العصابات الإجرامية، في انتزاعها.

وقد يكون ضحايا هجمات المتمردين من فئات متداخلة، كما أن الهدف الدقيق لاستهدافهم لا يكون واضحاً في جميع الأحوال؛ فمن الجائز، على سبيل المثال، أن يكون بعض المسيحيين والأكراد قد قتلوا بسبب دينهم أو عرقهم، أو بسبب عملهم مع الجيش الأمريكي. ومن الجائز أن تكون جماعات المتمردين قد استهدفت زعماء الشيعة بسبب مكانتهم الدينية أو السياسية، أو بسبب مشاركتهم في مؤسسات الحكومة العراقية. وقد تكون بعض النساء قد استهدفن بسبب وظائفهن أو جنسهن. وأخيراً، هناك الكثير من العراقيون الذين لقوا حتفهم في هجمات استهدفت غيرهم لتواجدهم في مواقع هذه الهجمات بمحض الصدفة.

وختاماً، فإن المتمردين العراقيين لا يقترفون جرائم حرب ضد المدنيين فحسب، بل أيضاً ضد القوات المتعددة الجنسيات والقوات العراقية. ويوثق أحد فصول هذا التقرير ما تعرض له أفراد القوات المتعددة الجنسيات والقوات العراقية من سوء المعاملة والإعدامات، بقطع الرأس أحياناً، أثناء احتجازهم لدى جماعات المتمردين. وفضلاً عن هذا، فإن الكثير من هجمات المتمردين على الأهداف العسكرية المشروعة قد نفذت بأساليب غادرة، وعادةً ما يكون ذلك بالتظاهر بأنهم مدنيون لتنفيذ هجوم انتحاري.

جماعات المتمردين

يُستخدم مصطلح "التمرد" للإشارة إلى طيف من جماعات المعارضة المسلحة في العراق التي تتباين في بنيتها واستراتيجياتها، وإن كان يوحد بينها هدفان مباشران مشتركان: طرد قوات التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق، والإطاحة بالحكومة العراقية الحالية. ومن الصعب – إن لم يكن من المحال – تحديد هوية الجماعة المسئولة عن هجوم ما بشيء من اليقين، إذ إن العشرات، إن لم نقل المئات، من هذه الجماعات تشارك في الأنشطة العسكرية، وتعلن الكثير منها مسؤوليتها عن الهجمات في بيانات يتعذر التحقق من مصداقيتها. ومن ثم فإن هذا التقرير يقدم لمحة عامة عن حركة التمرد دون الخوض في تفصيلات عن الجماعات المحددة.

وتتألف جماعات المتمردين التي يتناولها هذا التقرير في الأغلب والأعم من السنة الذين يشكلون نحو 20 في المائة من سكان العراق، وتتركز أنشطتهم في مناطق الوسط والغرب والشمال الغربي للعراق. ويبدو أن الأفراد ينخرطون في حركة التمرد لأسباب شتى، منها الرغبة في طرد القوات الأجنبية من العراق، والخوف من التهميش من جانب الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة بعد عقود من السيطرة السنية، والصراع على المناطق الاستراتيجية مثل كركوك. ويعتبر البعض حركة  التمرد جزءاً من جهاد إسلامي عالمي ضد الولايات المتحدة؛ وقد ينضم إليها آخرون باعتبارها وسيلة للعيش في وقت ارتفعت فيه معدلات البطالة. وفي الوقت ذاته، فإن الكثيرين من أهل السنة يؤيدون المتمردين أو أهدافهم بدون الانخراط في صفوفهم. وثمة آخرون من السنة يفوق عددهم الحصر ممن يعارضون المتمردين أو أساليبهم، بل يذهبون إلى حد التنديد العلني بالهجمات على المدنيين، وتعرضوا هم أنفسهم للهجمات.

ويمكن تقسيم حركة التمرد إجمالاً إلى ثلاث فئات عامة: الإسلاميون المتطرفون، والبعثيون، والقوميون السنيون؛ وكما هو الحال بالنسبة للضحايا، فإن الجماعات المسلحة تتداخل فيما بينها. وكانت الجماعات التي تنضوي تحت فئة الإسلاميين المتطرفين هي التي استقطبت القدر الأكبر من الاهتمام بسبب العمليات البارزة التي قُتل فيها الكثير من المدنيين عمداً؛ وأشهر هذه الجماعات هي جماعة "أنصار الإسلام"، وهي جماعة كردية كانت قائمة قبل الحرب، وأنصار السنة، وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، الذي يقوده فيما يبدو الأردني أبو مصعب الزرقاوي. وأعلنت هذه الجماعات مسؤوليتها عن تفجير السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية في أماكن مكتظة بالمدنيين، واختطاف رجال الأعمال، والمقاولين، والصحفيين، وإعدام الأسرى من أفراد الشرطة والجنود، وكان إعلان المسؤولية يتم أحياناً من خلال تسجيلات مصورة مروعة لقتل الضحايا. وتقول هذه الجماعات بوجه عام إنها تسعى لإقامة دولة إسلامية صحيحة، تقوم هياكلها القانونية والمؤسسية على تفسير متزمت للقرآن. وتذهب هذه الجماعات إلى أن الصراع المسلح في العراق يأتي في إطار "الجهاد" العالمي ضد الاستعمار والعدوان العسكري الأمريكي، والأنظمة الديكتاتورية الفاسدة واللاإسلامية في العالم العربي. وقد شارك في القتال مقاتلون أجانب من السعودية وسوريا واليمن والكويت والأردن، ولو أن أعدادهم في العراق غير واضحة. وفي ربيع عام 2005، أفاد مسئول من التحالف أن أقل من خمسة في المائة من المتمردين الذين قتلوا أو أسروا كانوا من غير العراقيين.

أما الفئة الثانية العامة فهي ترتبط بحزب البعث المحلول الذي كان يتزعمه صدام حسين؛ وتضم جماعات من قبيل "فدائيو صدام"، و"العودة"، و"وهج العراق"، وهي جماعات يقودها ويمولها، فيما يبدو، أعضاء سابقون في هياكل الأمن العراقية؛ وقد شنت هذه الجماعات هجمات على القوات المتعددة الجنسيات والقوات العراقية. كما أنها مسئولة عن عمليات قتل مستهدفة وهجمات على أهداف عسكرية، مثل تلك التي تستخدم فيها عبوات ناسفة مزروعة على جانب الطريق، وهي هجمات لم تميز بين المقاتلين والمدنيين، أو تسببت في وقوع خسائر مفرطة في صفوف المدنيين. وتوحي الأدلة المتوفرة بأنها لم تكن هي المسئولة عن الكثير من التفجيرات الانتحارية التي وقعت على المدنيين، وعمليات الإعدام الفوري للأسرى من أفراد قوات الأمن، ولو أنها ربما تتعاون مع الجماعات المسئولة عن تلك الجرائم أو تقوم بتمويلها. وترغب بعض الجماعات المصنفة في هذه الفئة في عودة زعيمها السابق إلى الحكم، ولكن غيرها من الجماعات لا تمت حالياً بأي صلة لصدام حسين على ما يبدو.

والفئة العامة الثالثة هي ما يصفه بعض المحللين بـ"القوميين"، أو "القوميين السنيين"؛ وتتألف في الأغلب والأعم من عرب السنة الراغبين في طرد القوات الأجنبية من العراق، ولكنها ليست مدفوعة بالدين أو بأي صلات بحزب البعث. وتقول بعض هذه الجماعات إنها تريد عراقاً يسترشد بالمبادئ الإسلامية، ولكنها لا تشاطر الجماعات الإسلامية المتطرفة رؤيتها؛ ومقارنةً بجماعات من قبيل أنصار السنة، وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، فإن جماعات الفئة الثالثة تقصر هجماتها بدرجة أكبر على الأهداف العسكرية، فيما يبدو؛ بل إن بعضها، مثل "الجبهة الإسلامية العراقية المقاومة" قد نددت من حين لآخر بالهجمات على المدنيين. ولكن من المعتقد أن بعض هذه الجماعات قد اختطفت المدنيين أو شنت هجمات تستهدفهم.

وليست هذه الفئات الثلاث محددة تحديداً صارماً، باعتبار أن الجماعات الدينية والقومية تتمازج فيما بينها؛ وليس المقصود أن تكون تصنيفاً محكماً لجماعات المتمردين إلى أفضل أو أسوأ من حيث مدى التزامها بقوانين الحرب. "فالجيش الإسلامي في العراق"، مثلاً، جماعة ينتمي أغلب أعضائها إلى التيار القومي السني، وتتسم بنزعة إسلامية قوية؛ ولا يبدو أنها قامت بتفجير سيارات مفخخة أو بتفجيرات انتحارية ضد المدنيين، ولكنها أعلنت مسؤوليتها مراراً عن حوادث الاختطاف والإعدامات الفورية للمدنيين. ورغم أن بعض الجماعات المنتسبة لحزب البعث قد نشأت عن حزب علماني، فالظاهر أنها تتعاون مع بعض الجماعات الإسلامية، وتقوم بتمويلها.

والأغلبية العظمى من المتمردين هم من العرب السنة، ولكن ثمة جماعات مسلحة أخرى تنشط في العراق، مثل الجماعات الشيعية، ومن بينها جيش المهدي الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ومنظمة بدر التابعة "للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق". وقد تلقت منظمة هيومن رايتس ووتش معلومات جديرة بالتصديق تشير إلى مسؤولية هذه الجماعات عن بعض حوادث الاختطاف، والتعذيب، والاغتيالات، بما في ذلك هجمات انتقامية ضد أشخاص مرتبطين بالحكومة السابقة أو حزب البعث. ولكن هذا التقرير لا يتناول تلك الأفعال لأن الجماعات المذكورة ليست منخرطة حالياً في أعمال القتال ضد القوات المتعددة الجنسيات أو قوات الحكومة العراقية، ومن ثم فإنها لا تشكل جزءاً من حركة التمرد.

وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن جماعات المتمردين ليست مسئولة عن جميع حوادث الاختطاف وأعمال القتل التي يتعرض لها المدنيون في العراق، والتي تبدو وكأنها مرتبطة بهذه الجماعات؛ فالجرائم العادية متفشية في جميع أنحاء البلاد، وقد عمد مجرمون ملثمون كالمتمردين إلى اختطاف أشخاص للحصول على فدية أو لبيعهم لجماعات المتمردين. كما يبدو أن بعض جماعات المتمردين تنخرط في جرائم عادية ، مثل الاختطاف والسرقة، للحصول على التمويل اللازم لعملياتهم العسكرية. وفي خضم حالة الانفلات الأمني وغياب سلطة القانون في العراق اليوم كثيراً ما ينطمس الخط الفاصل بين السياسي والجنائي.

حجج جماعات المتمردين

تسوق جماعات المتمردين التي تستهدف المدنيين في العراق حجتين عامتين لتبرير أفعالها؛ الأولى هي أن الأشخاص الذين يؤيدون بأي شكل من الأشكال القوة المتعددة الجنسيات في العراق – التي يعتقدون أنها لا تزال قوة احتلال أجنبي – ليسوا مدنيين يستحقون الحماية، وذلك بسبب تعاونهم مع الولايات المتحدة وتحالفها؛ ويشمل هذا العراقيين الذين يعملون مترجمين، وسائقين، ومقاولي بناء مع الحكومات الأجنبية، والشيعة، والأكراد، والمسيحيين، لأن هذه الطوائف قد أبدت بوجه عام تأييدها للغزو العسكري الذي أطاح بحكومة صدام حسين.

وحيث أن الكثير من جماعات المتمردين تعتقد أن الحكومة العراقية الحالية تخدم الاحتلال الأجنبي، فقد استهدفت أيضاً السياسيين والمسئولين والموظفين الحكوميين. أما الغربيون فيُعتبرون بالتعريف جزءاً من الوجود الأجنبي في العراق، ومن ثم فقد عمدت شتى جماعات المتمردين إلى استهداف المسئولين الأجانب، بما في ذلك الدبلوماسيون، والصحفيون الغربيون، والعاملون في منظمات المساعدة الإنسانية.

أما الحجة الثانية التي يتعلل بها المتمردون فهي أن طبيعة الصراع المسلح في العراق، وليس هوية الضحايا، تجيز شن هجمات على المدنيين؛ كما تشمل حجج جماعات المتمردين ما يلي:

§ في غمار الحرب الرامية لطرد قوات الاحتلال الأجنبي من العراق، فإن الغاية تبرر الوسيلة.

§ في غمار حرب ضد القوة العسكرية العظمى في العالم، تكون جماعات المتمردين، التي لا تملك سوى الأسلحة الصغيرة والمتفجرات، مضطرة للتركيز على أهداف غير عسكرية، أو ما يعرف بالأهداف "اللينة".

§ إن جماعات المتمردين ليست ملزمة إلا بالشريعة الإسلامية، وليس بالقانون الإنساني الدولي.

§ إن الشريعة الإسلامية تبيح قتل المدنيين في حرب للدفاع عن النفس.

§ إن عدم مشروعية الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة على العراق، فضلاً عن انتهاكات قوانين الحرب التي اقترفتها القوة المتعددة الجنسيات، تجعل جماعات المتمردين في حل من أي التزام بقوانين الحرب.

غير أن القانون الدولي لا يجيز أياً من هذه المبررات؛ فالصراع المسلح في العراق يخضع لأحكام اتفاقيات جنيف لسنة 1949 والقانون الإنساني الدولي القائم على العرف الذي يسري على كل من القوات المسلحة الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة، بغض النظر عما إذا كانت القوات المشاركة في الصراع تعترف بهذا القانون أم لا. وتنطبق قوانين الحرب سواء أكانت الحرب مشروعة أم لا، وبغض النظر عن الانتهاكات التي يرتكبها الطرف الآخر؛ وتحظر هذه القوانين العمليات الانتقامية.

وعلى نحو ما أوضحناه في الفصل الخاص بالمعايير القانونية في التقرير، فإن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات المباشرة على المدنيين في أي وقت من الأوقات وأياً كان السبب؛ كما يحظر الهجمات التي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، والهجمات التي تلحق بالمدنيين أضراراً مفرطة لا تتناسب مع المكاسب العسكرية المتوقعة. ويحرم القانون الاعتداء على أي مدني ما دام لا يشارك "مشاركة مباشرة في الأعمال الحربية"، وهو مفهوم يناقشه التقرير. ورغم أن ثمة جوانب إشكالية فيما يتعلق بالحكم على أشكال معينة من السلوك، وما إذا كانت من قبيل المشاركة المباشرة في الأعمال الحربية، فإن سلوك الضحايا الذين يوثق التقرير حالاتهم كان ذا طابع مدني بما لا يحتمل أي لبس.

وتعد الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي جرائم حرب؛ ويكون جميع الأشخاص المشاركين في هجمات غير مشروعة أو المسئولين عنها بحكم موقعهم القيادي عرضة للمقاضاة. ووفقاً للقانون الدولي، تُعدُّ الجرائم المرتكبة في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي على السكان المدنيين بمثابة جرائم ضد الإنسانية، ويكون المسئولون عنها عرضة للمقاضاة في أي مكان في العالم.

الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأمريكية وقوات الحكومة العراقية

إن المسؤولية عن الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير تقع على عاتق مرتكبيها؛ بيد أن الحكومتين الأمريكية والعراقية اقترفتا انتهاكات لقوانين الحرب مما يلقي ظلالاً خطيرة من الشك على التزامهما المعلن بتعزيز سيادة القانون في العراق؛ ذلك أن تعذيب المعتقلين وإذلالهم على أيدي القوات الأمريكية في سجن أبو غريب وغيره من مراكز الاعتقال، وقتل المدنيين بغير حق عند نقاط التفتيش العسكرية الأمريكية، وأثناء العمليات العسكرية الأمريكية، والاعتقال الطويل الأمد للأشخاص المقبوض عليهم بدون توجيه الاتهام إليهم – كل هذا يؤجج مشاعر الاحتقار السائدة في أوساط عامة المواطنين العراقيين لوجود القوات العسكرية الأجنبية، أياً كانت آراؤهم بشأن الغزو الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من العراقيين، ولكنه أطاح بنظام الحكم القمعي لصدام حسين.

وقد مارست الحكومة العراقية التي تساندها الولايات المتحدة الاعتقالات التعسفية والتعذيب المنهجي ضد المعتقلين، في حين تورطت الميليشيات المرتبطة بالأحزاب السياسية في الحكومة في أعمال الاختطاف، والتعذيب، والاغتيالات. صحيحٌ أن قوات الشرطة والقوات المسلحة العراقية تتعرض للهجمات بصفة مطردة من جانب جماعات المتمردين، غير أن هذا لا يعفي الحكومة من التزامها باحترام القانون الدولي فيما تقوم به من عمليات لتنفيذ القانون ومكافحة التمرد.

ومثل هذه الانتهاكات تسهم في حالة الانفلات الأمني وغياب سلطة القانون بوجه عام في العراق، وتضع في متناول المتمردين ذريعة سهلة، وإن كانت غير مشروعة، لاقتراف انتهاكاتهم. وإذا كانت الحكومتان الأمريكية والعراقية صادقتين في عزمهما على إرساء سيادة القانون في العراق، فمن المهم أن يشرعا في هذا المسعى بضمان احترام القانون في أوساط قواتهما.

المنهج

يستند هذا التقرير إلى أبحاث أجريت في يناير/كانون الثاني – فبراير/شباط 2005 في المنطقة الخاضعة للسيطرة الكردية شمالي العراق، حيث أجرى باحثو منظمة هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 29 من ضحايا وشهود هجمات المتمردين. كما أجرى الباحثون مقابلات مع ثلاثة آخرين من الضحايا والمنظمات الإنسانية الدولية خلال أسبوع لاحق في العاصمة الأردنية عمان. وحالت الظروف الأمنية دون السفر إلى وسط أو جنوب العراق، ومن ثم فإن شهادات الضحايا الواردة في التقرير تنطوي على ترجيح إلى جانب سكان الشمال، ولو أن بعض من أجريت معهم المقابلات كانوا قد فروا من بغداد؛ ولا تُذكر الأسماء الكاملة لبعض الأشخاص المشار إليهم حمايةً لهم. وقد اعتمد التقرير في كثير من الأحيان على تقارير وسائل الإعلام العراقية والدولية التي يعتد بها، ولكنه اقتصر في ذلك على الحالات التي يوجد فيها مصدران أو أكثر.



1 بورزو دراغي وسعد فخر الدين، "هجوم يدمر مدينة عراقية"، لوس أنجيليس تايمز، 18 يوليو/تموز 2005.


الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >> November 2005