Libya



Libya Libya
  

الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >>

I. الملخص

"كانوا يركلوننا ويضربوننا بلا أي سبب، وعندما طلبنا شيئا نأكله أشار رجال شرطة الحدود إلى شاحنة محملة بطعام فاسد تعيش فيه القطط وقالوا لنا أن نأكل منه".

- تسفاوي، مهاجرة إريترية قُبض عليها على مشارف بلدة الكفرة في عام 2003.

"لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي ضربني الليبيون فيها في الشارع ... وقائدو السيارات يحاولون أن يدوسوك. والشتائم لا تتوقف أبداً في الشارع. وأنت تعيش في خوف. لم أكن أركز إلا على العودة إلى البيت سالماً من عملي كل يوم".

- أحمد، طالب لجوء سوداني في إيطاليا، يصف الأحوال التي تعرض لها في
 ليبيا من 1992-2003.

"علقوني من سلسلة في الحائط، ودسُّوا عصاً خلف ركبتيَّ وربطوا يديَّ فيها. علقوني على الحائط. ومكثت هكذا خمساً وأربعين دقيقة. وكانوا يضربونني طول الوقت. وقالوا لي ’إذا قتلناك فلن يعرف أحد’".

- مهاجر من بلد إفريقي جنوب الصحراء الكبرى يصف معاملته بعد القبض عليه
 بتهمة مخدرات في عام 2004.

من عهد غير بعيد فتحت ليبيا أبوابها للأجانب. فلما كانت تحرص على جلب الأيدي العاملة الرخيصة، أعلنت الحكومة الليبية وأعلن زعيمها معمر القذافي الترحيب بأبناء إفريقيا بروح التضامن الإفريقي.

ولكن هذا العقد قد انقضى. ففي نحو عام 2000 بدأت الحكومة تخاف أن يكون قد قدم عدد أكبر مما ينبغي من الأجانب، بحيث أدى على تشبع سوق العمل. إذ كان قد وصل ما يزيد كثيراً على مليون أجنبي في بلد لا يزيد عدد سكانه إلا قليلاً عن خمسة ملايين نسمة. واعتبرت الحكومة الأجانب مسئولين عن ارتفاع معدل الجريمة، والأمراض الجديدة، والتوتر الاجتماعي.

وفي الوقت نفسه تقريباً بدأت الحكومات الأوروبية تضغط على ليبيا حتى تقمع الهجرة غير المشروعة. إذ حدث في السنوات الأخيرة أن قام الآلاف من أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين بمغادرة ليبيا أو مروا بها عابرين إلى أوروبا، راكبين قوارب المهربين المكتظة إلى إيطاليا. وحث الاتحاد الأوروبي ليبيا على وقف التدفق.

وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة اتخذت الحكومة الليبية عدداً من الخطوات لتحقيق هذا الهدف، فشددت الرقابة على حدودها، سواء في الصحراء أم على امتداد الساحل، كما دعمت وزارة الهجرة لديها، التي تتعاون الآن تعاوناً أوثق مع الاتحاد الأوروبي، والحكومات الأوروبية كل على حدة، والمنظمة الدولية للهجرة، في مراقبة الهجرة.

والأمر الأكثر إشكالاً هو أن الحكومة نفذت خطة للقبض على عشرات الآلاف من الأجانب الذين دخلوا ليبيا بصورة غير مشروعة أو دون وثائق صحيحة، وإعادتهم قسراً من حيث جاءوا. وكان عدد كبير من هؤلاء عمالاً مهاجرين جاءوا لأسباب اقتصادية، ولكن الحكومة لم تبذل أية محاولة للتمييز بين هؤلاء وبين من أتوا أيضاً إلى ليبيا من طالبي اللجوء، واللاجئين وغيرهم ممن هم في حاجة إلى الحماية الدولية. وأدت الخطة التي اتسمت في بدايتها بالفوضى وسوء التنظيم، إلى وقوع حالات الاعتقال التعسفي، والإيذاء البدني، والاحتجاز فترات طويلة ودون مبرر في أماكن حالتها سيئة، وإلى حالات الترحيل القسري دون إتاحة الفرصة للمرحلين في التقدم بطلب اللجوء، وهذا كله يمثل انتهاكاً للقانون الليبي والقانون الدولي.

ومن المشاكل المتكررة الإيذاء البدني عند الاعتقال، عادة على الحدود الليبية أو في حملات انقضاض على هؤلاء في المدن. ولقد قامت هيومن رايتس ووتش في ليبيا وإيطاليا بإجراء مقابلات مع عشرات المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين كانوا بأنفسهم أو شهدوا حالات الضرب وغيره من أشكال سوء المعاملة في الوقت الذي قضوه في ليبيا على أيدي حراس الحدود ورجال الشرطة.

وبالإضافة إلى ذلك روى المهاجرون وطالبو اللجوء واللاجئون وقوع عدة انتهاكات أثناء احتجازهم في شتى المعتقلات في ليبيا، كان من بينها الضرب، والتكدس، والأحوال السيئة، والحرمان من توكيل المحامين، وعدم إبلاغهم بالمعلومات اللازمة عن ترحيلهم المتوقع. وقال الشهود إن الإيذاء البدني على أيدي الحراس أدى إلى وفاة الضحية في ثلاث حالات. وقال ثلاثة من الذين أجريت معهم المقابلات إن مسئولي الأمن كانوا يهددون النساء المحتجزات بالعنف الجنسي، وقال أحد الشهود إنه رأى ما يعتقد أنه اغتصاب. وإذا كانت الأنباء الواردة تفيد أن أحوال احتجاز المهاجرين واللاجئين قد تحسنت في السنوات الأخيرة، فإن الدلائل ترجح استمرار الكثير من هذه الانتهاكات.

وقال من أجريت معهم المقابلات إنهم كثيراً ما شهدوا أو تعرضوا بأنفسهم فساد الشرطة أثناء القبض على الأشخاص أو في المعتقلات. فكان رجال الشرطة وحراس الحدود يتلقون الرشوة فيطلقون سراح المحتجزين أو يتغاضون عن فرارهم.

وتقول الحكومة الليبية إن القبض على الأجانب الموجودين بصورة غير مشروعة في البلد أمر يقتضيه النظام العام، وإن قوات الأمن تقوم بالتنفيذ وفقاً لقانون الهجرة. وأرسلت الحكومة في إبريل/نيسان 2006 مذكرة إلى هيومن رايتس ووتش تقول فيها إن بعض رجال الشرطة "يتطرفون في استعمال القوة"، ولكن "أوجه القصور في هذه الحالات لا تزيد عن كونها أعمالاً فردية يقوم بها أفراد ولا تتعلق بالمنهجية الموضوعة". وقالت إن "القضاء تولى النظر" في هذه الحالات، وإن لم تقدم الحكومة إحصائيات عن عدد رجال الشرطة الذين وجهت إليهم التهم أو أدينوا بسبب استخدام القوة المفرطة أو بسبب انتهاك القانون بصور أخرى (انظر الملحق 1).

وفي الفترة من 2003 إلى 2005 قامت الحكومة بإعادة ما يقرب من 145 ألف أجنبي لا يحمل وثائق صحيحة إلى أوطانهم، طبقاً للأرقام الرسمية، وكان معظمهم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتجري معظم الترحيلات اليوم جواً ولكن بعض حالات الطرد الأولى كانت عن طريق البر، بالسيارات أو الشاحنات أو الحافلات عبر الصحراء، وكانت ترد أنباء وفاة البعض في الطريق.

وتقول الحكومة الليبية إن معظم المرحلين كانوا مهاجرين لأسباب اقتصادية ولكن بعضهم كانوا قطعاً من طالبي اللجوء أو اللاجئين الذين كانوا يواجهون خطر الاضطهاد أو سوء المعاملة في أوطانهم. ومما يبعث على القلق بصفة خاصة حالات الإعادة الجماعية إلى إريتريا، إذ قامت الحكومة الإريترية باحتجاز العائدين من ليبيا ومن المحتمل أنها عذبتهم. وقد حدث في عام 2004 أن قام الإريتريون الذين أعيدوا قسراً من ليبيا باختطاف طائرتهم في الطريق وإرغامها على الهبوط في السودان، حيث فحصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حالاتهم وأقرت بأن ستين من المرحلين كانوا لاجئين.

ومن المشاكل الكبرى رفض ليبيا إصدار قانون خاص أو لائحة إجراءات خاصة باللجوء. فليست ليبيا من الأطراف في اتفاقية اللاجئين الصادرة عام 1951، ولا تقوم بالتعاون رسمياً مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين رغم وجود مكتب للمفوضية في طرابلس. وفي شتى مراحل عملية الترحيل، من الاعتقال إلى الإعادة القسرية، لا تتاح للأفراد فرصة التقدم بطلب اللجوء.

ويقول بعض المسئولين الليبيين إن ليبيا لا تقدم فرصة اللجوء لأن الأجانب الموجودين في البلد بصورة غير مشروعة لا يحتاج أحد منهم إلى الحماية. وكان البعض الآخر أكثر صراحة فقالوا إنهم يخافون فتح باب ليبيا لطالبي اللجوء في الوقت الذي تهدف الحكومة فيه إلى تقليل عدد الأجانب. وقال أحد المسئولين لهيومن رايتس ووتش إن ليبيا لو أتاحت فرصة اللجوء "لانقضََّ اللاجئون كالجراد".

وتقول الحكومة الليبية إنها لا تُرَحِّل من يدعون لأسباب وجيهة تعرضهم للاضطهاد أو الإيذاء في أوطانهم. لكنه ما دام لا يوجد قانون خاص باللجوء ولا لائحة إجراءات لجوء فسوف يظل من غير الواضح لنا كيف يستطيع الأفراد طلب الحماية بصورة فعالة، وأي سلطة تبت في ذلك، وبناءً على أية معايير.

إن الإعادة القسرية للاجئين تمثل انتهاكاً للقانون الليبي والقانون الدولي. فالإعلان الدستوري الليبي الصادر عام 1969 ينص على "حظر تسليم اللاجئين السياسيين". والقانون رقم 20 لسنة 1991 بشأن تعزيز الحرية يقول إن ليبيا "ملاذ المضطهدين والمناضلين في سبيل الحرية فلا يجوز تسليم اللاجئين منهم لحماها إلى أية جهة". واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية اللاجئين الإفريقية كلتاهما تمنع ليبيا من إرسال الأفراد إلى بلدان يواجهون فيها خطراً جاداً من الاضطهاد أو التعذيب. ويجب على ليبيا، ضماناً للوفاء بهذه الالتزامات، أن تَبُتَّ فيما إذا كان يوجد لاجئون بين المهاجرين الذين تعيدهم أو تطردهم.

ومن أجل هذا التقرير، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ستة وخمسين مهاجراً، وطالب لجوء ولاجئاً، وكانوا جميعاً قد قضوا فترة ما في ليبيا. وفي وقت إجراء المقابلات كان سبعة عشر منهم قد حصلوا على حق اللجوء، إما من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا وإما من الحكومة الإيطالية. وكان ثلاثة عشر منهم ينتظرون رد الحكومة الإيطالية على طلبات لجوئهم. وقال بعض من قابلناهم إنهم كانوا يفضلون المكوث في ليبيا على المخاطرة برحلة بحرية خطرة إلى إيطاليا إذا كان حق اللجوء من الخيارات المتاحة في ليبيا.

كما يتناول التقرير المعاملة التي يلقاها أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في نظام العدالة الجنائية الليبي. وروى الأجانب في ليبيا وقوع العنف من جانب الشرطة وحالات انتهاك للإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك التعذيب والمحاكمات الجائرة. ويقول الأجانب الذين يقيمون أو كانوا يقيمون في ليبيا إن أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في ذلك البلد يواجهون العداء من الشعب المضيف الذي يكره الأجانب، وهو العداء الذي يتخذ صور الاتهامات الشاملة بالإجرام، وأشكال العدوان اللفظي والبدني، والمضايقة، والابتزاز.

وبعض الانتهاكات التي أبلغنا بها المهاجرون واللاجئون، مثل الابتزاز وسوء معاملة الشرطة، وتجاوز الإجراءات القانونية الواجبة، انتهاكات مستوطنة في ليبيا بسبب ضعف سيادة القانون. ولكن الكثير من الانتهاكات ترجع فيما يبدو إلى كون الضحايا من الأجانب أو هو يؤدي إلى تفاقمها على الأقل، فأبناء البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى يفتقرون إلى دعم حكوماتهم لهم، ويعتبرهم كثيرون من الليبيين أجانب غير مرغوب فيهم، مما يجعلهم عرضة للإيذاء بنوع خاص.

وتزعم الحكومة الليبية أن الأجانب يتمتعون بالحقوق نفسها التي يتمتع بها المواطنون الليبيون، مثل الحق في معاملة عادلة، والحق في عدم التعرض للتعذيب، كما تزعم أنها تعاقب مرتكبي الانتهاكات التي تصفها بأنها حالات فردية. وهي تنفي أن يكون أي أجنبي محتجز لأسباب جنائية أو تتعلق بالهجرة قد مات نتيجة الإيذاء.

والفصل الأخير في هذا التقرير ينظر في سياسات الهجرة واللجوء الخاصة بالاتحاد الأوروبي، الذي يتعاون مع ليبيا في الرقابة على الهجرة دون إيلاء الأولوية للحماية. فعلى الاتحاد الأوروبي أن يجعل مستقبل التعاون مرهوناً بقيام ليبيا بتوقيع وتنفيذ اتفاقية اللاجئين – وذلك يقتضي عدة أمور منها الالتزام بعدم إعادة الأفراد إلى بلدان يحتمل أن يواجهوا فيها التعذيب أو الاضطهاد – والتعاون الكامل مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة. كما يجب على الحكومة الليبية أيضاً تنفيذ الاتفاقية الدولية حول حماية جميع العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم (المشار إليها فيما بعد باسم اتفاقية العمال المهاجرين) والتي هي طرف فيها، وذلك بالكف عن الانتهاكات المرتكبة ضد المهاجرين، مثل استخدام التعذيب والاحتجاز في ظروف دون المستوى المقبول.

وأما إيطاليا، أشد الدول تضرراً من الهجرة من ليبيا، فلقد ارتكبت أفدح الانتهاكات للقوانين الدولية التي تهدف إلى حماية المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين. ورفضت الحكومة الإيطالية السماح لهيومن رايتس ووتش بزيارة المعتقل الرئيسي الذي تحتجز فيه الأشخاص القادمين من ليبيا، في جزيرة لامبيدوزا، وإن كان الشهود قد تحدثوا عن نقص النظافة، وعن التكدس وقيام الحراس بإيذاء المحتجزين بدنياً. وفي تطور إيجابي، سمحت الحكومة الإيطالية مؤخراً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، وللصليب الأحمر الإيطالي، وللمنظمة الدولية للهجرة، بأن تكون لها مقار دائمة في الجزيرة، بحيث تستطيع مساعدة الحكومة في تحديد هوية طالبي اللجوء ومساعدة من يحتاج منهم إلى المعونة. وفي أعقاب الضغوط القوية التي بذلها بعض أعضاء البرلمان والمنظمات غير الحكومة، قام وزير الداخلية بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحوال السائدة في شتى المراكز الحكومية.

وتتمثل أعوص المشاكل في السياسة التي تطبقها إيطاليا وهي سياسة الطرد الجماعي للأشخاص وإعادتهم إلى ليبيا، وهو ما يمثل انتهاكاً لالتزامات إيطاليا نفسها فيما يتعلق بحقوق الإنسان واللجوء. إذ قامت إيطاليا بطرد الآلاف منذ عام 2004 بأسلوب يتسم بالتعجل وعدم التمييز، ولم توفر لجميع الأفراد الفرصة الكافية لتقديم طلب اللجوء. وحين كان هؤلاء يصلون إلى ليبيا، كانت الحكومة الليبية تعيدهم إلى أوطانهم، بغض النظر عما إذا كانوا يخشون الاضطهاد أو سوء المعاملة أم لا. وفي الفترة من أغسطس/آب 2003 إلى ديسمبر/كانون الأول 2004 فقط قامت الحكومة الإيطالية بتمويل 50 رحلة طيران خاصة من ليبيا لإعادة 5688 شخصاً.

وفي 14 يوليو/تموز 2003 أصدرت وزارة الداخلية الإيطالية مرسوماً يسمح لسلاح البحرية الإيطالي باعتراض السفن التي تحمل طالبي اللجوء والمهاجرين، وإرغام هذه السفن، إن أمكن، على العودة إلى المياه الإقليمية للبلدان التي أتت منها. ولم يكن المرسوم يتضمن أي اعتبار لتحديد هوية طالبي اللجوء، وكانت شروطه تنتهك المبدأ الذي ينص على أن الدولة التي تُعترض السفينة في مياهها الإقليمية تتحمل المسؤولية الأولية عن تلبية أي احتياجات للحماية لدى الأشخاص الذين تحملهم السفن.

والالتزامات القانونية التي تتحملها إيطاليا تجاه الأجانب على أرضها هي نفس التزامات ليبيا بموجب المعاهدات العالمية لحقوق الإنسان (وبصفة خاصة عدم اعتقال أحد بصورة تعسفية، وعدم الطرد الجماعي وعدم إعادة أحد إلى وطنه) ولكنها تلتزم كذلك بما يمليه قانون حقوق الإنسان الأوروبي من التزامات. وتصبح التزامات إيطاليا بعدم إعادة أحد من حيث جاء سارية المفعول، بموجب اتفاقية اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، في اللحظة التي يدخل فيها الفرد إلى المياه الإقليمية الإيطالية أو تُعترض رحلته فيُمنع من الاستمرار فيها في المياه الدولية. ومن ثَمَّ فإن إيطاليا تشارك في المسؤولية عن أي إعادة ناجمة عن الطرد، وعن أي تعذيب أو معاملة لا إنسانية أو مهينة قد يتعرض لها الأفراد المطرودون إذا أعيدوا إلى بلادهم الأصلية أو إلى أي مكان آخر.

المنهج

أجرت هيومن رايتس ووتش بحوثها في الفترة من 20 إبريل/نيسان إلى 13 مايو/أيار 2005 في عدة مواقع شماليِّ ليبيا. وكانت هذه أول زيارة تقوم بها المنظمة لذلك البلد، وكانت تمثل جزءاً من محاولة ليبيا لفتح أبوابها تدريجياً أمام جماعات حقوق الإنسان الدولية التي تريد النظر في أحوالها، على مدى العاملين المنصرمين. كما قامت المنظمة ببحوث أخرى في الفترة من 23-27 مايو/أيار 2005 في روما، مع اللاجئين والمهاجرين الذين سافروا إليها عن طريق ليبيا.

وبلغ المجموع الكلي لعدد من أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية ستة وخمسين من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وكانوا قد قضوا ما بين خمسة أيام و35 سنة في ليبيا. وأما المقابلات التي أجريت في ليبيا، فقد أجريت ست عشرة منها مع أفراد في السجن، وتسع مقابلات مع أفراد ينتظرون الترحيل في مركز الفلاح في طرابلس. وكان من بين الأشخاص الستة والخمسين الذين أجريت المقابلات معهم، ست نساء، ولم يكن من بينهم أطفال (كان أحدهم مراهقاً في وقت وجوده في ليبيا). وكما سبق أن أشرنا كان سبعة عشر شخصاً من الذين قابلناهم من اللاجئين المعترف بوضعهم، سواء من جانب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أو من جانب الحكومة الإيطالية، وكان ثلاثة عشر آخرون ينتظرون البت في طلبات اللجوء التي تقدموا بها في إيطاليا، وكان اثنان آخران قد رُفض طلب لجوئهما هناك.

وكان عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الذين أتيح لنا الاتصال بهم في بحوثنا (من خلال شتى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية) يفوق عدد المهاجرين لأسباب اقتصادية، وهكذا فإن تمثيلهم لغالبية الأشخاص الستة والخمسين الذين قابلناهم لا يعكس بدقة تكوين الجالية الأجنبية التي تقيم في ليبيا، فمعظم أفرادها من المهاجرين لأسباب اقتصادية. ولم تتضمن مقابلات هيومن رايتس ووتش أي شخص غير ليبي من خارج إفريقيا، مثل العمال الآسيويين المهاجرين، ومن ثم فإننا لم نفحص ما حدث لهم. وكانت البلدان الأصلية لمن قابلناهم هي: إثيوبيا، وإريتريا، وجمهورية الكونغو الديموقراطية، والسودان، والصومال، وغانا، والكاميرون، وليبيريا، ومصر، والنيجر، ونيجيريا. ونحن نستخدم هنا أسماء مستعارة لحماية هوية المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين أمدونا بالمعلومات.

وإلى جانب اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين قامت هيومن رايتس ووتش في ليبيا وإيطاليا بإجراء مقابلات مع المسئولين الحكوميين، والسياسيين، وممثلي المنظمات غير الحكومية، والمحامين، والقضاء، والصحفيين الذين رووا ما شاهدوه، وممثلي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وغيرهم. كما نستمد بعض المعلومات من مصادر ثانوية ومن تقارير هيئات معاهدات الأمم المتحدة، على نحو ما هو مبين في الهوامش.

وسمحت الحكومة الليبية لهيومن رايتس ووتش بإجراء مقابلات مع جميع المسئولين الحكوميين المعنيين والمختصين بشؤون الهجرة، بما في ذلك كبار المسئولين في اللجان الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي، والعدالة والأمن العام (وهم يوازون وزراء الخارجية، والعدل، والداخلية). وزارت هيومن رايتس ووتش خمسة سجون ومركز الفلاح للترحيل في طرابلس. وقد أجريت جميع المقابلات مع السجناء والمحتجزين في جميع المواقع في سرية. وقال المسئولون الليبيون لهيومن رايتس ووتش إن جميع الأفراد الذين استطلعت المنظمة آراءهم لن يتعرضوا لأي عواقب. كما قدمت الحكومة الليبية إلى هيومن رايتس ووتش مذكرة تتضمن الخطوط العريضة لموقفها من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وهذه الوثيقة مرفقة بأكملها في الملحق.

وفي الوقت نفسه فرضت الحكومة قيوداً صارمة على اتصالنا بالمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين خارج نظام السجن والاحتجاز في ليبيا. وطلبت الحكومة من هيومن رايتس ووتش صراحة ألا تتحدث مع أفراد – ليبيين كانوا أم أجانب – دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة. وكان ممثلو الحكومة يرافقون أو يراقبون الوفد في جميع الأوقات. وفي إحدى الحالات قبضت الشرطة على لاجئ ليبيري بعد أن تحدث مع هيومن رايتس ووتش بساعة واحدة. وأفرجت الشرطة عن الرجل في اليوم التالي بعد الشكوى التي قدمتها هيومن رايتس ووتش، وأكدت الشرطة للمنظمة أنها قبضت عليه لأنه لم تكن معه وثائق الإقامة الصحيحة، وكان ذلك هو الواقع؛ ولكن هيومن رايتس ووتش تعتقد أن سبب القبض عليه كان تقديمه معلومات إلى المنظمة. وقد غادر ذلك الشخص ليبيا بعد ذلك لأنه أحس بأنه يخضع للمراقبة ويتعرض للخطر.

وأما في إيطاليا، فكما سبق أن أشرنا، رفضت الحكومة السماح لهيومن رايتس ووتش بدخول مراكز الاستقبال والاحتجاز حيث تحتجز المهاجرين وطالبي اللجوء القادمين من ليبيا، بما في ذلك المعسكر القائم في جزيرة لامبيدوزا. ولم تتلق هيومن رايتس ووتش رداً على الطلب الأول الذي قدمته إلى وزارة الداخلية الإيطالية يوم 13 مايو/أيار 2005، وأما الطلب الثاني الذي قدمته لزيارة مركز تحديد الهوية في كروتون، كالأبرياء، فكان مصيره الرفض في رسالة بالفاكس أرسلها رئيس شرطة كروتون بتاريخ 23 مايو/أيار 2005. كما رفضت الحكومة الإيطالية أيضاً طلبات دخول هذه المراكز المقدمة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، والمراقبين المستقلين الآخرين، وكذلك المحامين الذين يوجد موكلوهم داخل هذه المراكز.

وهذا التقرير هو الثالث في سلسلة من ثلاثة أجزاء حول ليبيا، استناداً إلى أول زيارة تقوم بها هيومن رايتس ووتش على الإطلاق إلى ليبيا في الفترة من إبريل/نيسان إلى مايو/أيار 2005. وكان التقرير الأول عنوانه "من أقوال إلى أفعال: ضرورة الإصلاح في مجال حقوق الإنسان"، وهو يفحص القيود المفروضة على الحقوق المدنية والسياسية. وكان عنوان التقرير الثاني "خطر على المجتمع؟ الاحتجاز التعسفي للنساء والفتيات بهدف ’إعادة تأهيلهن اجتماعياً‘"، وهو يسجل الانتهاكات المرتكبة ضد النساء والفتيات في المؤسسات التي من المفترض أنها تهدف إلى حمايتهن. وكلا التقريرين، وغيرهما من الوثائق الخاصة بليبيا متاحة على الموقع التالي: http://www.hrw.org/doc/?t=arabic_mena&c=libya



الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >> September 2006