"لا دم، لا مخالفة"

قصص الجنود عن إساءة معاملة المحتجزين في العراق

الولايات المتحدة

"لا دم، لا مخالفة" قصص الجنود عن إساءة معاملة المحتجزين في العراق

الملخص....
توصيات..
IIIروايات الجنود
الوحدة 20/121/6-26/145، معسكر ناما، بغداد
قاعدة العمليات المتقدمة النمر قرب مدينة القائم العراقية
الموصل: معسكر دياموندباك/معسكر غلوري..
المعايير القانونية
استنتاجات..
كلمة الشكر

I.الملخص

سحبت ذلك الشخص خارجاً [محققٌ في E6] وقلت: 'لقد نظرت ونظرت في هذا الأمر. وهو ليس كما ينبغي أن يكون'. هل تفهمني؟ كان كمن يقول لي: 'هذه هي الأوامر. وعلينا أن نمضي قدماً وننسى الأمر أيها الرقيب'. هل تفهمني، لقد كان أعلى مني رتبةً؟ 'انس الأمر أيها الرقيب'. لطالما أكدوا لي أنه ليس من الحكمة في شيء أن أصر على متابعة الأمر... كانوا يعبرون عن غضبهم، لكن الأمر كان أكثر وضوحاًً: 'لا ننصحك بالاستمرار في هذا الفضول'. 'عليك نسيان ذلك حتماً؛ ننصحك أن لا تفعل ذلك بنفسك'.

-رقيب في الشرطة العسكرية الأمريكية يعمل في قاعدة العمليات المتقدمة النمر في القائم بالعراق عام 2003. وهو يتحدث عن محاولته التذمر من كيفية معاملة المحتجزين.

كنت شديد لانزعاج منهم لأنهم كانوا يقولون أشياء من قبيل أننا لسنا ملزمين باتفاقيات جنيف لأن هؤلاء الناس ليسوا من أسرى الحرب... إنهم من محاربي الأعداء. وهم ليسوا من أسرى الحرب. وهكذا فإن بوسعنا أن نفعل كل هذه الأشياء بهم، بل وأكثر... كان الأمر مخالفاً لكل ما تعلمناه في هواتشوكا.

-محقق في المخابرات العسكرية أُلحق بوحدة سرية في معسكر ناما بمطار بغداد. وهو يتحدث عن محاضرةٍ ألقاها محامون عسكريون أوائل عام 2004 بعد أن عبر الجنود عن انزعاجهم من أساليب التحقيق المسيئة.

تنتشر القوات الأمريكية في العراق منذ أكثر من ثلاث سنوات. وخلال هذا الزمن اعتقل عشرات آلاف العراقيين واحتجزوا واستجوبوا على يد الجنود الأمريكيين. وخضع كثيرٌ من المحتجزين (في قواعد العمليات المتقدمة أو في مراكز الاحتجاز المركزية كسجن أبو غريب ومعسكر كروبر ومعسكر بوكا) إلى الاستجواب على أيدي المخابرات العسكرية أو المخابرات المركزية الأمريكية. ورغم وجود بعض المتمردين بين هؤلاء المحتجزين، فقد كان الآخرون من المدنيين الأبرياء الذين يُلقى القبض عليهم أثناء العمليات العسكرية الأمريكية بسبب وجودهم في أماكن معينة في أوقاتٍ معينة.

وثمة أدلةٌ متزايدة تبين تعرض كثير من المحتجزين إلى سوء المعاملة. وقد لفتت فضيحة أبو غريب التي انفجرت في أبريل/نيسان 2004 أنظار العالم إلى قضية الإساءة إلى المحتجزين. لكن من الواضح الآن أن نطاق هذه المشكلة أوسع كثيراً مما تبين في ذلك الوقت. ومنذ عام 2003، درست هيومن رايتس ووتش مئات الادعاءات المعقولة بتعذيب المحتجزين لدى الولايات المتحدة وإساءة معاملتهم إلى حدٍّ خطير. وقد وقع ما يُدّعى به من إساءات في أماكن تمتد على مساحة العراق كله: في مراكز العمليات المتقدمة وفي السجون المركزية؛ وتورط فيها عملاء المخابرات المركزية والمحققون العسكريون وحراس الشرطة العسكرية، وحتى الجنود المقاتلون العاديون. ويُدّعى أيضاً بوقوع نفس الإساءات في مراكز الاحتجاز في أفغانستان وخليج غوانتانامو حيث يُحتجز عددٌ أقل من الناس. وفي بعض الحالات مرت سنوات قبل انكشاف ما حدث من إساءات.

ويستند هذا التقرير إلى درجةٍ كبيرة على رواياتٍ لجنود أمريكيين يعملون في العراق تنشر لأول مرة، وكذلك على وصفٍ للإساءات التي وقعت في ثلاثة مواقع مختلفة في العراق في فترة 2003 2005. ويأتي معظمها من جنودٍ شهدوا ارتكاب الإساءات، وشاركوا فيها أحياناً. ففي البداية يتناول التقرير حوادث تتعلق بوحدة عسكرية خاصة تجمع عناصر من الجيش والمخابرات المركزية عملت في معسكر "ناما" قرب بغداد في 2003 2004، وقرب "بلد" في 2004 2005. ثم يتحدث عن الإساءات التي وقعت في 2003 2004 في قاعدة عمليات متقدمة عند الحدود السورية تسمى قاعدة النمر. ثم يبحث التقرير في تفاصيل إساءات ارتكبت عام 2004 في مركز احتجاز بمطار الموصل. وتدعم التحقيقات التي أجراها الجيش، وكذلك تقارير الصحفيين وغيرهم من المراقبين، كثيراً من هذه القصص. وهي تقدم مزيداً من التفاصيل التي أدلى بها الجنود حول الإساءات المرتكبة في هذه المراكز، بما فيها الإساءات المرتكبة عام 2005.

وفي هذه المواقع الثلاثة جميعاً شهد الجنود معاملة المحتجزين معاملةً شديدة السوء، وشهدوا التحقيق معهم، بما تضمنه من ضربٍ وتعذيبٍ نفسي متعدد الأشكال، وغير ذلك من صنوف الإذلال وسوء المعاملة الجسدية. ففي معسكر "ناما" مثلاً، جرت العادة على تجريد المحتجزين من ملابسهم وحرمانهم من النوم وتعريضهم إلى البرد الشديد وإرغامهم على اتخاذ وضعياتٍ مؤلمة، وضربهم أيضاً. أما في قاعدة النمر، فكانوا يبقون المحتجزين دون طعامٍ أو ماء لأكثر من 24 ساعة في المرة الواحدة، ويضعونهم في درجات حرارةٍ تتجاوز 135 درجة فارنهايت أحياناً، ثم يذهبون بهم إلى التحقيق حيث يُضربون ويتعرضون للتهديد. وفي الموصل، كان المحتجزون يحرمون من النوم لفتراتٍ طويلة، ويعرضون إلى البرد الشديد، ويجبرون على تنفيذ تمارين رياضية قاسية، ويُهددون بكلاب الحراسة.

ويبدو أن الإساءات في المراكز الثلاثة كلها كانت جزءاً من عمليةٍ منتظمة لإساءة معاملة المحتجزين؛ بل كانت "أسلوباً قياسياً للعمل" حسب تعبير بعض الجنود.

وتقدم القصص الواردة في هذا التقرير أدلةً جديدةً دامغة على أن الإساءة إلى المحتجزين كانت ممارسةً مستقرة؛ ومن الواضح أنها كانت جزءاً من عمليات الاحتجاز والتحقيق في العراق في معظم الفترة الممتدة من 2003 إلى 2005، وكانت تحظى بموافقة السلطات وهي تبين كيف وضعت عقبات كبيرة أمام الجنود الذين شعروا أن الأساليب المسيئة أمرٌ خاطئ ومخالف للقانون، وذلك في كل خطوةٍ قاموا بها للإبلاغ عن الإساءات أو كشفها.

وقد وصف أحد المحققين العسكريين (يرد مقتطف من أقواله في مقدمة هذا التقرير) لهيومن رايتس ووتش ما الذي حدث عندما تذمّر هو وبعض زملاؤه من الإساءات التي ترتكب، وذلك أمام العقيد المسئول: "جاء اثنين من الضباط الاستشاريين القانونيين، أي من المحامين، وقدموا لنا عرضاً لمدة ساعتين يبين ضرورة تلك الأساليب وقانونيتها: إنهم من محاربي الأعداء؛ وهم ليسوا أسرى حرب. وبإمكاننا أن نفعل كل هذه الأشياء بهم، وأن نستمر في فعل ذلك". ويقول المحقق أن الإساءات تواصلت بعد ذلك العرض، وأنه شعر (مع غيره ممن لم يكونوا مرتاحين للوضع) بأن السبل سدت في وجوههم. فلم تكن هناك آليةٌ أخرى للإبلاغ عما يحدث على حد علمه. وقال: "هذا ما كان عليه الأمر. لقد أقفلت القضية". وأضاف: "لم يكن هناك شخصٌ آخر نتحدث إليه".

وعبر كثيرٌ من الجنود الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش حول الإساءة إلى المحتجزين عن غضبهم جراء طريقة التعامل مع شكاواهم ومخاوفهم. وقالوا أنهم قرروا الكلام علناً لأن ما يثير قلقهم هو المشاكل النظامية التي تجعل من الإبلاغ عن الإساءات صعباً إلى هذه الدرجة.

*****

لكن الظاهر أن الجيش وإدارة بوش ينكران الأمر. فلطالما عملا على إظهار أن حالات الإساءة بحق المحتجزين في العراق أمورٌ عرضيةٌ ارتكبها أشخاصٌ يتصرفون من تلقاء ذاتهم ("تفاحات فاسدة")، وذلك رغم قيام الدليل على أن ضباط المخابرات العسكرية وكبار القادة المدنيين والعسكريين كانوا على علم بالأساليب المسيئة المستخدمة بحق المحتجزين؛ بل لعلهم هم من سمحوا بها. لقد كان من شأن هذا الإنكار الكامل، وكذلك امتناع الجيش عامةً عن إلقاء مسئولية الإساءات المرتكبة على القيادة، أن عرقل التوصل إلى تقييماتٍ نزيهة حول مشكلة الإساءة إلى المحتجزين.

ولنأخذ مثلاً دور المخابرات العسكرية الأمريكية في صياغة سياسات التحقيق والاحتجاز في العراق وتنفيذها. فثمة مؤشراتٌ واضحة على أن وحدات المخابرات العسكرية جعلت من استخدام الأساليب المسيئة أمراً منهجياً في العراق في عامي 2003 و2004، وعلى أن محققي المخابرات العسكرية (بمن فيهم الضباط) متورطون في انتهاكاتٍ واسعة النطاق حدثت في تلك الآونة. وكما يفصل هذا التقرير، تبين السجلات العسكرية الداخلية، وكذلك روايات الجنود أنفسهم، أن محققي المخابرات العسكرية كانوا يستخدمون الأساليب المسيئة خلال الشطر الأكبر من فترة 2003 2005. كما تبين أنها كانت مقبولة على امتداد التسلسل العسكري. وحتى هذا اليوم، لم يوجه أي اتهام جزائي بحق أيٍّ من ضباط المخابرات العسكرية الذين خدموا في العراق لا بوصفهم متهمين رئيسيين ولا بموجب مبدأ مسئولية القائد. أما المحاكمات العسكرية القليلة التي أجريت فيما يتعلق بالإساءة إلى المحتجزين في العراق فكان معظمها بحق أفراد الشرطة العسكرية الذين ادعى أكثرهم في المحكمة أنهم تلقوا الأوامر (أو الإذن) باستخدام الأساليب التي يحاكمون بسببها من محققي المخابرات العسكرية.

وجديرٌ بالذكر أن الجنرال باربرا فاست، رئيسة المخابرات العسكرية في العراق في الفترة التي شهدت ارتكاب أكثر الإساءات جسامةً (أواخر 2003 حتى نهاية 2004)، تلقت ترقيةً لقاء عملها في العراق. وهي الآن تدير مركز المخابرات العسكرية، وهو مدرسة التحقيق لدى الجيش الأمريكي الموجودة في فورت هواتشوكا، أريزونا.

أما أفراد المخابرات العسكرية فقد أفلتوا من العقاب أيضاً. وقد أحيل عددٌ كبيرٌ من حالات الانتحار التي تتعلق بمحتجزين ماتوا أثناء استجوابهم على يد المخابرات العسكرية إلى وزارة العدل للنظر القضائي فيها في عامي 2004 و2005. لكن الاتهام لم يوجه إلى أيٍّ من عملاء المخابرات المركزية حتى الآن. وكثيراً ما حثّت هيومن رايتس ووتش مسئولي وزارة العدل على المضي في التحقيق مع المدنيين المتورطين في هذه الإساءات ومقاضاتهم. لكن، وحتى يونيو/حزيران 2006، لم يوجه الاتهام إلا إلى مقاول مدني واحد بسبب قضيةٍ في أفغانستان. وثمة أشخاصٌ أفلتوا من التحقيق أيضاً مثل القضاة العسكريين الكبار، وأفراد القوات الخاصة، والقيادات المدنية في وزارة الدفاع.

تدرك هيومن رايتس ووتش أن القوات الأمريكية في العراق تحارب جماعاتٍ مسلحة لا تبدي استعداداً للتقيد بالقانون الإنساني الدولي. فكما ورد في تقارير سابقة لهيومن رايتس ووتش، كثيراً ما تنتهك الجماعات العراقية المتمردة القانون الإنساني الدولي وتقوم بأعمال الخطف وبمهاجمة المدنيين وعمال الإغاثة الإنسانية، كما فجرت مئات القنابل في الأسواق والمساجد وغيرها من الأماكن المدنية. وتقول هيومن رايتس ووتش أن المسئولين عن هذه الانتهاكات، بمن فيهم قادة تلك الجماعات، يجب أن يخضعوا للتحقيق والمحاكمة إذا ألقي القبض عليهم، وذلك جراء خرقهم القانون العراقي وقوانين الحرب معاً.

لكن جرائم المتمردين ليست مبرراً مقبولاً للانتهاكات التي ترتكبها الولايات المتحدة. فالانتهاكات التي يقدم عليها أحد أطراف النزاع، مهما بلغت جسامتها، ليست مبرراً للانتهاكات التي يقوم بها الطرف الآخر. وهذا مبدأٌ أساسي في قوانين الحرب.

II. توصيات

ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بالطبيعة المنهجية لمشكلة الإساءة إلى المحتجزين في العراق منذ عام 2003. وهي لم تكد تفعل شيئاً لمعالجة المشكلات العميقة التي تفضي إلى هذه الإساءات.

لقد حان وقت إقرار إدارة بوش بأنه لا توجد محاسبةٌ حقيقية على الإساءة إلى المحتجزين. كما حان وقت اعتراف قادة الجيش والمخابرات المركزية بوقوع إساءات منهجية خطيرة، وكذلك بضعف إجراءات التبليغ الداخلية لديهم. وحان الوقت بالنسبة للكونغرس الأمريكي حتى يظهر جديةً في مراقبة هذه الأمور وفي العمل على ضمان تصحيح الثغرات الموجودة في النظام وعلى إجراء التحقيق الكافي في السلوك الإجرامي وإنزال العقاب به الآن وفي المستقبل.

وتقدم هيومن رايتس ووتش التوصيات التالية:

على الكونغرس تعيين هيئة مستقلة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي للتحقيق في المدى الحقيقي للإساءة إلى المحتجزين في العراق، الآن وفي الماضي؛ وكذلك لتحديد مقدار تورط المسئولين المدنيين والعسكريين في إجازة أساليب التحقيق المسيئة والسماح بها، وتحديد سبب عدم محاسبة القادة المدنيين والعسكريين المتورطين في هذه الإساءات؛

وعلى الكونغرس أيضاً أن يعيد عقد جلسات الاستماع حول قضايا الإساءة أثناء الاحتجاز لمعالجة الأمور المذكورة أعلاه؛

وعلى الكونغرس دفع الرئيس إلى تعيين مدعين عامين مستقلين (في وزارتي الدفاع والعدل) لا يكتفون بالتركيز على المحققين والحراس المسيئين، بل يركزون أيضاً على القادة المدنيين والعسكريين الذين سمحوا بتلك الإساءات أو تغاضوا عنها؛

على الجيش الأمريكي والمخابرات المركزية تحديد نقاط الضعف المؤسساتية التي تجعل من الصعب على العاملين الإبلاغ عن السلوك غير القانوني، وتحد من الإبلاغ عن الجرائم والإساءات التي يرتكبها العاملون. ومن ثم معالجة هذه النقاط؛

وعلى وزارة الدفاع تعيين هيئة من القضاة العسكريين رفيعي المستوى لدراسة إصلاح نظام العدالة الجزائية في الجيش الأمريكي، ولزيادة سلطات واستقلالية المحققين الجزائيين العسكريين، وكذلك إزالة العقبات المؤسساتية التي تجعل الإبلاغ عن الإساءات أمراً صعباً على العاملين؛

وعلى المدعي العام أن يعمل مع وزارة الدفاع ومع المدير الوطني للمخابرات ومع مدير المخابرات المركزية لإعادة النظر في الإجراءات والأنظمة التي تحكم التحقيق في قضايا الإساءات التي يرتكبها الأفراد غير العسكريين ومقاضاتهم.

III. روايات الجنود

الوحدة 20/121/6-26/145، معسكر ناما، بغداد

يتعلق بعض أخطر الادعاءات بالإساءة إلى المحتجزين في العراق منذ عام 2003 بوحدةٍ خاصة من الجيش والمخابرات المركزية عُرفت في أوقاتٍ مختلفة بأسماءٍ مثل الوحدة 20، والوحدة 121، والوحدة 6 26، والوحدة 145. وهي مكلفةٌ بأسر أو قتل الخصوم المهمين.[1] وكان من بين أهداف هذه الوحدة صدام حسين وأبو مصعب الزرقاوي، إضافةً إلى مئات المحتجزين المجهولين الذين كان معظمهم من الأبرياء. وخلال الشطر الأكبر من عامي 2003 و2004، كانت هذه الوحدة الخاصة تدير مركز احتجازٍ وتحقيق ضمن معسكر ناما في مطار بغداد الدولي (غالباً ما يدعى باسم "BIAP"). وكان دخول المعسكر محظوراً على اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعلى الأفراد العاديين في الجيش.[2] ثم انتقلت هذه الوحدة إلى موقعٍ آخر قرب "بلد" في صيف 2004؛ ويقال أنها أقامت مراكز متقدمة لها قرب الفلوجة والرمادي وكركوك.

وكما يرد مفصلاً أدناه، أبلغ كثيرٌ من الأفراد الأمريكيين ومن المحتجزين العراقيين، منذ 2003 وحتى الآن، عن حالاتٍ خطيرة من إساءة معاملة المحتجزين على يد هذه الوحدة، بما في ذلك الضرب وتعريض المحتجزين إلى البرد الشديد وتهديدهم بالقتل وإذلالهم، إضافةً إلى حالاتٍ خطيرة من التعذيب والإساءات النفسية. وورد كثيرٌ من هذه الادعاءات في الوثائق التي جرى الكشف عنها لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان عقب استنجادهم قضائياً بقانون حرية المعلومات. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى كثيرٍ من المقاتلين السابقين ومن مسئولي الحكومة حول الإساءات التي ارتكبتها هذه الوحدة.

وتقدم القصص الواردة أدناه معلوماتٍ جديدة عن نظام العمل اليومي في معسكر ناما، بما في ذلك تفاصيل عن كيفية إقامة المعسكر وعن استخدام المحققين الأساليب المسيئة بحق المحتجزين. وتبين هذه القصص أيضاً أن المعاملة المسيئة كانت جزءاً معتاداً من التحقيق. فعلى سبيل المثال، كان المحققون يستخدمون "استمارة موافقة" موجودة على الحواسيب في معسكر ناما، حيث كان المحقق يحدد الأساليب القاسية التي يعتزم استخدامها مع المحتجزين. وتضم القصص تفاصيل بشأن كيفية تعامل القيادة العسكرية في المعسكر مع الجنود الذين يعبرون عن عدم رضاهم عن الأساليب التي كانت موضع استخدامٍ منتظم آنذاك.

****

معسكر ناما

كان الرقيب جيف بيري[3] محققاً في الوحدة الخاصة في معسكر ناما في النصف الأول من عام 2004. وقد تحدث إلى هيومن رايتس ووتش عن تجربته هناك وعن الإساءات التي شهدها، وكذلك عن محاولته الإبلاغ عنها.

وتحدث جيف عن كيفية انضمامه إلى الوحدة وعن كيفية إنشائها:

لم أكن أعرف ما هي "وحدة مطار بغداد الدولي" بالضبط آنذاك. وكان العمل معهم محيراً نوعاً ما. كان الأمر شبيهاً بعملٍ مستعجل جداً؛ [وقيل لنا] أننا نقوم بأمرٍ مهم... لقد أرادوا أشخاصاً يتكلمون العربية... وهذا ما جعلهم يختاروننا منذ البداية.

أما عن رؤسائي العسكريين المباشرين، فلم تكن لي أية صلة مع كتيبتي العسكرية النظامية. كانت [الوحدة 121/ 6 26] هي مصدر الأوامر العسكرية لأشهرٍ عديدة. وكانت العلاقات فضفاضةً جداً بالمقارنة مع التسلسل العسكري المعتاد. فلم تكن هناك رتب ضمن الوحدة. لم تكن هناك رتب إلا من قبيل عضو مجموعة أو محلل تحقيقات أو ما شابه ذلك. وكان الجميع يرتدون الملابس المدنية. لم تكن هناك رتب عسكرية. فقد أرادوا أن يكون الأمر بهذا الشكل. وقد أرادوا وجودنا [من أجل] خبرتنا والمساعدة التي يمكن أن نقدمها. فالأمر يسير سيراً أفضل بهذه الطريقة. ولم يكن المرء مضطراً للاهتمام باسترضاء فلان أو جعل فلان مسروراً منه. وكان في الوحدة رائدٌ مسئول عن كل شيء؛ وكان هناك قائدٌ برتبة نقيب (03) ذات مرة [يشير الرقم 03 إلى السلاح الذي ينتمي إليه هذا النقيب]، وكان برتبة [عقيد] (06) في مرةٍ أخرى. وكانوا يتولون عملياً مسئولية هذا الأمر. وفيما بعد كان هناك محقق رئيسي برتبة مُرشَّح من الدرجة الخامسة [درجة عالية لدى ضباط الصف المجندين].

وقال جيف أن العاملين في ذلك المركز كانوا يستخدمون أسماءهم الأولى فقط، وأنه نادراً ما سمع لقب أيٍّ منهم:

كنا نخاطب العقيد باسمه الأول، وكذلك كنا نخاطب الرائد... ولا أستطيع إخباركم بلقب الرائد أو العقيد، حتى لو أردت. كما لم أكن أعرف ألقاب معظم زملائي من المحققين أيضاً. لكني أعرف ألقاب بعضٍ منهم 'لأنني أعرفهم منذ أيام هواتشوكا [مدرسة التحقيق العسكرية الأمريكية في أريزونا]. وعندما كنت تسأل أحداً عن اسمه كان يكتفي بذكر اسمه الأول. وهناك تفاهمٌ عام مفاده أنه عندما يذكر المرء لقبه فمن الأرجح أن لا يكون ذلك لقبه الحقيقي'.

وقال جيف أيضاً أن الوحدة كانت مشكلةً بمعظمها من القوات الخاصة الأمريكية وأفراد المخابرات المركزية، وكان معظمهم شديد التكتم بشأن هويته:

كان أفراد الوحدة من النوع الذي تربّى ضمن المؤسسة على السرية الشديدة وعدم الكشف عن أية معلومات. وكان البعض يستخدمون أسماءهم الحقيقية، كما قالوا. لكن غيرهم كانوا يستخدمون أسماء أخرى. وكان لبعضهم أعمالٌ أخرى لصالح المخابرات غير عملهم في الوحدة؛ وهكذا كانوا يقومون بأعمالٍ سريةٍ أو شيءٍ من هذا القبيل... [كان هناك] أفرادٌ من القوات الخاصة... من فورت براغ. وكان التسلسل العسكري غير واضح. كانوا يذهبون إلى كل مكان، ثم كانوا يجمعونهم من جديد. وكانوا يعملون في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى. إنهم متحركون دائماً. وهم مستعدون دائماً لحزم حقائبهم والرحيل. إنهم يتحركون دائما.

ويقول جيف أن عناصر المخابرات المركزية كانوا يتمركزون في مبنى مجاور، وأنهم غالباً ما كانوا يشاركون في العمليات الميدانية (التي يتم فيها إلقاء القبض على المحتجزين)، كما يشاركون في التحقيق في مركز الاحتجاز بمعسكر ناما.

ويصف جيف مركز التحقيق في معسكر ناما بأنه "بناءٌ عادي الحجم، بل لعله صغيرٌ أيضاً"، وفيه خمس غرف للتحقيق: الغرفة السوداء، والغرفة الزرقاء، والغرفة الحمراء [وتُعرف أيضاً باسم الغرفة الخشبية]، والغرفة الطرية، وغرفة الفحص الطبي (يُقال أنها نفس الغرفة التي استخدمت للفحص الطبي الأولي الذي خضع له صدام حسين فور القبض عليه؛ وقد نُشرت أجزاء من تصوير هذا الفحص الطبي عبر محطات التلفزيون في العالم كله). وقال جيف أنهم كانوا يأخذون المحتجزين إلى التحقيق خارج المبنى أيضاً، وذلك في باحة بين المبنى ومبنى آخر.

ويتحدث جيف عن الغرفة السوداء التي كان يجري فيها أقسى أنواع التحقيق:

كانت أبعاد الغرفة 12 12 [قدماً]. وكانت مدهونةً كلها باللون الأسود. وكان الباب أسود اللون أيضاً، وكذلك كان كل شيء. وكانت هناك مكبرات صوت في الزوايا الأربع قرب السقف. وفي إحدى الزوايا كانت هناك طاولة صغيرة، وربما بعض الكراسي. لكن أحداً لم يكن يجلس في الغرفة السوداء عادةً. وكان التحقيق يجري وقوفاً مع وضع المحتجز في وضعياتٍ مرهقة، وأشياء من هذا القبيل. أما الطاولة فكانت من أجل جهاز التسجيل والحاسوب. وكنا نغطي على ما يجري باستخدام مكبرات الصوت التي تصدر ضجةً عالية.

وكان معظم التحقيقات القاسية يجري في تلك الغرفة... الحرمان من النوم واستخدام الحر والبرد والماء... لم أر أحداً يعاني من الحر، لكني رأيت المعاناة من البرد كثيراً من المرات، أو كنا نستخدم الماء البارد الذي نصبه عليهم. [وأحياناً كان المحققون] يأخذون ثياب السجين، وأشياء أخرى... وكانت الموسيقى الصاخبة والأضواء الوامضة الشديدة تستخدم أيضاً.

ويقول جيف أن بعض المحققين كانوا يضربون المحتجزين في الغرفة السوداء: كانوا يضربونهم ويرفسونهم أثناء التحقيق.

أما الغرفتان الأخريان المستخدمتان للتحقيق فهما الغرفة الزرقاء والغرفة الحمراء (الغرفة الخشبية). ويصف جيف هاتين الغرفتين:

الغرفة الزرقاء شبه مستطيلة. وكانت ملاصقةً للغرفة الخشبية بحيث كانتا متشابهتين تماماً. لكن الغرفة الزرقاء كانت مدهونةً بالأزرق بينما كانت الغرفة الخشبية مكسوةً بألواحٍ خشبية. وهكذا كانت الغرفتان من نفس الحجم تماماً. وكانت أبعادهما 6 10 قدماً. وكان [المحققون] يجلسون كثيراً من المرات ويتحدثون مع المحتجز ويجرون تحقيقاتٍ عادية نزولاً وصعوداً [إشارةٌ إلى أساليب قانونية مختلفة في التحقيق] أو يستخدمون طريقة 'حب الأسرة'، وغير ذلك. كانوا يتحدثون معهم فقط ويحاولون التودد إليهم والجلوس معهم. وإذا لم يكن التحقيق من النوع القاسي، فبإمكانك التصرف على راحتك. وهكذا فأنت تجلس وتتحدث معهم. وهذا كل ما في الأمر. مجرد طاولة في منتصف الغرفة يجلس المحقق والمحتجز إلى جانبيها، ويكون هناك كرسي للمترجم...

أما إذا أراد المحقق إظهار الاحترام للمحتجز المتعاون، أو إذا احتاج إلى مقابلة مصدر استخباراتي متعاون جيء به إلى المركز، فإنه يستخدمون 'الغرفة الطرية'. وكانت هذه الغرفة ألطف قليلاً من غيرها وكانت أصغر أيضاً. وكان فيها سجادة جميلة وأرائك، وكانت سجادات الصلاة معلقة على الجدران. وكنا نتناول الشاي أحياناً: فناجين الشاي والأمور الأخرى. بل كنا نقدم إليهم الصودا والماء أيضاً. وكانت في منتصف الغرفة طاولةٌ صغيرةٌ لطيفة. وكذلك ثلاث كراسٍ جلدية أو أربعة. وكنا نجلب إليها الأشخاص الذين نريد إشعارهم بالاحترام أو بالاهتمام: عقيد أو عميد سابق في الجيش العراقي، أو شخص مهم على نحوٍ ما، أو أشخاص نعتقد أننا يمكن أن نحصل منهم على معلوماتٍ أكثر إذا عاملناهم معاملةً لطيفة.

وقال جيف أنهم كانوا يأخذون المحتجزين من غرفةٍ لأخرى حسب درجة تعاونهم:

كنا نفعل ذلك لنقول للمحتجز أنك ستلقى هذه المعاملة [الغرفة الطرية] إذا قلت لنا ما نريد أن نسمعه. أما إذا لم تفعل ذلك، فهذه هي المعاملة التي تستحقها [الغرفة السوداء]. وهكذا كان هناك كثيرٌ من هذه الحركة: التنقل جيئةً وذهاباً بين الغرف المختلفة.

وسألت هيومن رايتس ووتش عن كيفية اختيار المحتجزين الذين يوضعون في الغرفة السوداء التي تستخدم فيها أقسى الأساليب، فقال جيف:

يعتمد الأمر على مكانة [المحتجز] وفقاً للمعلومات المتوفرة عندما يصلون، أياً كان سبب احتجازهم أصلاً (قد يكون الشخص محتجزاً عن طريق الخطأ، لكن هذا غير مهم). إذا كان الشخص هو الشخص المطلوب فعلاً، أو إذا ظننت أنه الشخص المطلوب. وإذا كان هدفاً مهماً أو شخصاً يمكن أن يجعلنا نتقدم إلى داخل الدائرة كما كانوا يقولون (لديك دائرة، والزرقاوي في مركزها، وحوله مساعدون وما شابه ذلك؛ مثل طبقات البصلة)، وإذا اعتقدنا أنه لن يتكلم باستخدام الأساليب العادية أو باستخدام النمط العادي في التحقيق، فإنهم يستخدمون القسوة معه...

وكان كبير المحققين (قائد التحقيق [في معسكر ناما]، والذي كان ملازماً في القوات الجوية كما أظن) يفضل عادةً استخدام القسوة مع هؤلاء الناس.

وهناك أيضاً المحتجزين العاديين الذين يأتون كل يوم والذين تريد التحقيق معهم أو فحصهم في واحدةٍ من تلك الغرف [الغرف الأخرى، الغرفة الزرقاء أو الحمراء]، والذين يعتقد المحقق أنهم يكذبون عليه أو الذين يرى أنه لن يحصل على شيءٍ منهم بمجرد الكلام. كنا نأخذ هؤلاء إلى الغرفة السوداء. وكانوا يذهبون إلى الغرفة السوداء أيضاً [إذا كان المحقق] غاضباً منهم وراغباً في معاقبتهم لسببٍ ما.

التحقيقات المسيئة

شهد جيف تحقيقاتٍ أكثر قسوةً تجري في الباحة خارج المركز الرئيسي. وكان من بينها تحقيقٌ جرى عقب وصوله إلى معسكر ناما مباشرةً. وكان المحتجز ممن لهم علاقة بأبي مصعب الزرقاوي القائد الأردني الأصل الذي قُتل فيما بعد في غارةٍ جوية أمريكية في يونيو/حزيران 2006:

كان ذلك الرجل واحداً ممن يمولون الزرقاوي. ولعله كان واحداً من جماعته. وقد ألقي القبض عليه، لكنه لم يكن يريد الكلام أو البوح بأي شيء. لم أكن مشاركاً في هذا التحقيق، فقد كنت متفرجاً فقط. والحقيقة أن الأمر جرى عقب وصولي بفترةٍ قصيرة، لذلك كنت أراقب هذا التحقيق وبعض التحقيقات الأخرى في نفس الوقت. وكان المكان يشبه باحةً مكشوفة تقع بين الغرفة المجاورة للغرفة الطرية من جهة وبين المكتب الرئيسي من جهةٍ أخرى. وكانت تقع في وسط البناء. وكانت هناك مساحةٌ تشبه الحديقة فيها ترابٌ وطين وخرطوم مطاطي.

جُرِّدَ الرجل من ثيابه، ووُضع في الطين، ورُشّ عليه الماء البارد جداً من الخرطوم. كنا في شهر فبراير/شباط. وكان الجو بارداً جداً في الليل. كانوا يرشونه بالماء البارد وكان يجلس عارياً تماماً في الطين. ثم أخرجوه من الطين ووضعوه أمام مكيف الهواء. كان الجو بارداً جداً، وكان الرجل يتجمد. ثم عادوا به ثانيةً إلى الطين والرش بالماء.

استمر هذا الأمر طيلة الليل. وكان الجميع يعرفون بالأمر. كان الناس يدخلون إلى الباحة: الرائد والآخرون. كان الجميع يعرفون ما الذي يحدث. وكنت واحدٌ منهم. كنت أذهب وأجيء وأرى كيف يقومون بالأمر.

وفي مرةٍ أخرى، رأى جيف ضابطاً بريطانياً من القوات البريطانية الخاصة يضرب أحد المحتجزين:

جرى الضرب في غرفة تشبه المستودع خلف المركز الرئيسي... وكان هذا البريطاني (الذي لم يكن يُفترض أن يحقق مع أحد) جندياً بريطانياً ينتمي SAS. وهذا كل ما أعرفه عنه. لا أعرف اسمه أو أي شيء آخر. لكننا عدنا إلى هناك ورأيناه يضرب المحتجز ضرباً شديداً. لم يكن يضربه على وجهه. كان يضربه على بطنه، كما ضربه بقسوةٍ شديدة بين ساقيه مرتين أو ثلاثة. وضربه بركبته على بطنه وقذف به إلى الجدار، وأشياء من هذا القبيل.

كان غاضباً جداً من هذا الشخص الذي كان يعتقد أنه يعرف معلومات عن مكان وجود الزرقاوي. كانت لديه معلوماتٌ حقاً، لكننا لم نكن متأكدين تماماً. وكان يخدعنا ويكذب علينا بكل وقاحة. كان الأمر مزعجاً جداً، لكن [الجندي البريطاني] قرر أن يستخدم العنف الجسدي... وانتهى الأمر بنا إلى التدخل. 'لا جدوى من هذا الأسلوب، وعلينا الكف عنه'... أخذت السجين إلى الداخل، وأخذ شريكي الرجل الآخر. وقد جرى الإبلاغ عن هذه الحادثة. لكنهم لم يكونوا ينزعجون بسبب أي نوعٍ من الإساءات. كانوا منزعجين فقط لأن [الجندي البريطاني] كان يحقق مع أحد السجناء؛ فذلك غير متفقٍ مع الأنظمة. وكذلك لأنه لم يكن أمريكياً، أو لم يكن مكلفاً بأداء هذا العمل. سمحوا له بالبقاء، لكنه مُنع من التحدث إلى أي محتجز.

السماح بالأساليب المسيئة

ومن الواضح أن قيادة المعسكر سمحت بكثيرٍ من أساليب التحقيق المسيئة التي جرى استخدامها في معسكر ناما. وقال جيف لهيومن رايتس ووتش أن استخدام معظم الأساليب المسيئة كان يتطلب موافقةً خطية. وهذا ما يشير إلى أن استخدام هذه الأساليب يحظى بموافقة القيادات الأعلى.

كان هناك نموذجٌ للموافقة على الحاسوب. وهو صفحةٌ تقوم بطباعتها، أو بملئها فقط. وهي عبارة عن قائمةٍ بسيطة، كانت مكتوبةً وجاهزة: استخدام الحرارة والبرودة، والأضواء الوامضة، والموسيقى، وهكذا. وورد في القائمة استخدام الكلاب أيضاً، وهو ما لم يكن موجوداً عندما كنت هناك. ولم يكن عليك إلا اختيار الأسلوب الذي تريد استخدامه؛ فإذا أردت استخدام أسلوب قاسٍ في التحقيق فما عليك إلا وضع إشارةٍ عليه ثم طلب التوقيع على الورقة.

لم أر أبداً ورقةً ظلت بدون توقيع. فقد كان القائد يوقعها جميعاً مهما تكن (سواءٌ كان القائد هو النقيب أو العقيد)، ومهما يكن الشخص المسئول في تلك اللحظة... وكان العقيد يوقع الأوراق عندما يكون موجوداً... وكان يوقعها في كل مرةٍ تجري فيها تحقيقاتٌ قاسية.

وكان بعض المحققين يستخدمون هذه الأساليب دون ملء القائمة، إما لأنهم مشاكسون أو لأنهم لا يرغبون في ملئها وهم يعلمون أنها ستنال الموافقة في جميع الأحوال. ولم تكن هناك مشكلةٌ كبيرة إذا ضبط المرء وهو يفعل هذه الأشياء من غير توقيع.

والظاهر أن الأساليب التي تتضمن الاعتداء المباشر (كالضرب والصفع واللكم) لم تكن موجودةً على القائمة. لكنها كانت تستخدم في معسكر ناما على نحوٍ منتظم، مما يشير إلى أن الأساليب القاسية التي كانت تجري الموافقة عليها كثيراً ما كانت تتطور إلى أشكالٍ أشد قسوة في التطبيق العملي.

ويقول جيف أن العقيد الذي كان مسئولا عن المركز خلال معظم فترة خدمته هناك، كان غالباً ما يشرف على عملية التحقيق، بما فيها من تحقيقاتٍ مسيئة:

كان يعمل هناك. وكان مكتبه هناك. كانوا يعملون في غرفةٍ كبيرة يجلس فيها المحللون وكتبة التقارير والرائد والعقيد وبعض الفنيين. كانوا يعملون جميعاً في تلك الغرفة. وكان المحققون في غرفةٍ جانبيةٍ صغيرة مجاورة للغرفة الكبيرة.

وعندما سألت هيومن رايتس ووتش جيف عما إذا كان العقيد يتلقى أوامر أو ضغوطاً لكي يستخدم الأساليب المسيئة قال أنه يعتقد بوجود بعض الضغط لاستخدام الأساليب العنيفة. وأن الضغط كان ممن هم فوق العقيد ضمن التسلسل العسكري. لكن جيف والمحققين الآخرين لم يكونوا يعرفون مصدر ذلك الضغط بالضبط.

لم نكن نعرف الكثير عن ذلك في حقيقة الأمر. كان ما نعرفه أننا لم نكن نبعد كثيراً عن البنتاغون من حيث تسلسل الأوامر العسكرية. لكن الأمر كان غير واضح، وخاصةً بالنسبة للمحققين الذين لم يكونوا جزءاً من تلك الوحدة حقاً.

ويقول جيف أنه رأى الجنرال ستانلي ماك كريستال، قائد قوات العمليات الخاصة المشتركة في العراق يقوم بزيارة مركز ناما عدة مرات. "رأيته مرتين. وأنا أعرف شكله".

وقال جيف أيضاً أن قائد معسكر ناما كان يخبر المحققين أحياناً بأنه جرى إعلام البيت الأبيض أو وزير الدفاع رامسفيلد بالمعلومات الاستخباراتية التي جمعها الفريق، وخاصةً المعلومات المتعلقة بالزرقاوي:

[كانوا يقولون:] لقد جرى إبلاغ رامسفيلد. والتقرير الفلاني موجود على مكتبه هذا الصباح، وسوف يقرأه وزير الدفاع.... إنه عامل دفع معنوي كبير بالنسبة لأشخاصٍ يعملون 14 ساعة يومياً؛ إننا نصل حتى البيت الأبيض!

محاولات الشكوى

لم يكن جيف مرتاحاً لما كان يراه. وقال أنه بدأ يشعر بالانزعاج بعد أسابيع معدودة من مشاهدة الإساءات التي تجري (وخاصةً الإساءات المذكورة أعلاه تجاه المحتجزين الذين كانوا يجردون من ملابسهم ويُلقى بهم في الطين في الطقس البارد ثم يوضعون أمام مكيف الهواء).

بعد أسابيع قليلة ذهبت مجموعةٌ منا إلى العقيد وقلناً له أننا منزعجون مما يجري... لقد ذهب إليه أربعةٌ منا وأخبروه بأننا منزعجون من هذه الإساءات، أو من المعاملة التي يلقاها المحتجزون... وأظن أنه قال: سأرد لكم جواباً على هذا...

وفي غضون ساعتين جاء اثنان من الضباط الاستشاريين القانونيين، أي من المحامين، وقدموا لنا عرضاً بطريقة باور بوينت لمدة ساعتين يبين ضرورة تلك الأساليب وقانونيتها: إنهم من محاربي الأعداء؛ وهم ليسوا أسرى حرب. وبإمكاننا أن نفعل كل هذه الأشياء بهم، وأن نستمر في فعل ذلك. نعم، لقد جاؤوا في نفس اليوم... نعم، لقد جرى الأمر بسرعةٍ كبيرة. [ضاحكاً] وكأنهم كانوا جاهزين لذلك. وأعني أن هذا العرض لمدة ساعتين كان جاهزاً لديهم، وأنهم جاؤوا وقدموه لنا وأوقفوا عمليات التحقيق من أجله. كان عرضاً بطريقة باور بوينت. وكان محمّلاً على حاسوب محمول.

جرى العرض الذي قدمه المحاميان أثناء تبديل المناوبات. وقال جيف أن عدداً كبيراً من المحققين والعاملين الآخرين تلقوا الأمر بحضوره.

كانت بعض الشرائح تدور حول قوانين الحرب واتفاقيات جنيف، لكن الأمر كان مجرد مدخل يسمح لهم ببدء الكلام: ما الذي يجعلنا غير مضطرين لإتباع مواد اتفاقية جنيف، وهكذا دواليك. وذلك من قبيل المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، فهذا يخص أسرى الحرب، وبالتالي فلسنا مضطرين إلى التقيد به. إذن، فبوسعنا أن نمارس المعاملة المهينة واللاإنسانية.

وبعد ذلك، انتقل المحاميان إلى المعاملة الفعلية نفسها، أي إلى ما كنا نفعله، وما كنا نأشر عليه على القائمة من أجل التوقيع، وأشياء من هذا القبيل: الماء البارد والتجريد من الملابس والأضواء الوامضة والموسيقى الصاخبة. وليست هذه الأشياء معاملةً غير إنسانية لأن المحتجز يستطيع أن يتعافى من آثارها. وادعى المحاميان أن هذه الأساليب لا تترك آثاراً عقليةً أو جسدية أو غير ذلك، وأنها لا تسبب أذى دائماً من أي نوع. فهي ليست أساليب غير إنسانية. وبعد ذلك جرى [نقاش حول المعاملة] المهينة. لكني أتعجب ما هو الأمر الأكثر إهانةً من إلقاء المرء عارياً في الوحل بينما ينظر الجميع إليه ويصبون عليه الماء البارد...

أتذكر أنني كنت منزعجاً جداً منهما... ولعل ذلك العرض كان يشبه أي عرض باور بوينت مستخدم في الجيش. وهو أمرٌ جافٌ ومملٌ جداً. لكنني كنت شديد الانزعاج من المحاميين لأنهما كانا يقولان أشياء من قبيل أننا لسنا بحاجةٍ إلى التقيد باتفاقيات جنيف لأن هؤلاء الناس ليسوا من أسرى الحرب. لم يتضمن كلام المحاميين أية حجةٍ مهمة بصدد 'ما نستطيع فعله بأولئك الناس' و'ما لا نستطيع فعله'. لقد كان الأمر مخالفاً لكل ما تعلمناه في هواتشوكا. وكان منطقاً أعوج. كانت حججهما ضعيفةً حقاً... وشعرت أنهما كانا يضللاننا ويعاملاننا كما يعامل الأطفال. وذلك من قبيل 'حسنٌ، لا بأس بذلك'. لقد جاءا وقالا ما يجب عليهما قوله لترقيع الأمر ومواصلة الحرب.

وقال جيف أن بعض المحققين لم يكونوا مكترثين بالأمر كله. لكن عدداً لا يقل عن هؤلاء كان يؤيد استخدام الأساليب المسيئة:

كان هؤلاء الناس راغبين بممارسة القسوة على الجميع. وكانوا يعتقدون أن هذا هو عملهم، وهذا ما يجب عليهم فعله. وكانوا يفعلونه في كل مرة. ولم يجدوا أية مشكلةٍ فيما قاله المحاميان. كانت إثارتنا للأمر هي الشيء الوحيد الذي أزعجهم ...

[ثم] عدنا إلى عملنا. لقد أقفلت القضية. ولم يكن هناك أحد يمكن التحدث إليه.

وسألت هيومن رايتس ووتش عما إذا كانت هناك طريقة أخرى لإبلاغ المحققين الجنائيين في الجيش بالإساءات التي تحدث في معسكر ناما.

لم يكن يوجد أحدٌ من إدارة التحقيق الجنائي هناك. لم يكن هناك شيء. كان معسكر ناما مغلقاً أمام الجميع إغلاقاً تاماً. ولابد لك من بطاقة خاصة للدخول إلى ذلك المجمع الصغير.

وقال جيف أن الطريقة الوحيدة التي كان يمكنه، على سبيل الافتراض، الإبلاغ عن الإساءات بواسطتها هي مغادرة معسكر ناما والعودة إلى وحدته العسكرية في أبو غريب وإبلاغ إدارة التحقيقات الجنائية هناك. لكنه قال أن هذه الطريقة محفوفة بالمشكلات:

الأمر غامضٌ قليلاً هنا أيضاً. فهل يمثل هذا خرقاً للتعهد بعدم الكشف عن شيء [التعهد الذي وقعه جيف عندما انضم إلى الوحدة]؟ هل هو خرقٌ له؟ لأنهم يتلقون هذه الأوامر الخاصة من البنتاغون (قالوا لنا أن الأوامر الخاصة تأتي من البنتاغون. وعلينا تنفيذها. وهي تعلو أية أوامر أخرى. ولا يحق لك إخبار قادتك المباشرين [أي قادة الوحدة التي أتى منها الجندي أصلاً]). وقالوا أننا لا نستطيع أن نقول لقادتنا من يعمل هناك وما الذي يعمله. إننا معزولون تماماً. وليس لنا أن نناقش الأمر إلا فيما بيننا. هذا ما قالوه لنا منذ اليوم الأول. [لو لم أكن موقعاً على ذلك التعهد] لكنت فعلت ذلك. أعني أنني كنت سأكف عن العمل هناك وأعود إلى وحدتي وأتحدث إلى المحققين الجنائيين فيها.

عدم السماح بدخول الصليب الأحمر أو المحققين الجنائيين في الجيش

سألت هيومن رايتس ووتش عما إذا كان ممثلو اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد جاؤوا إلى المركز، أو إذا ما طلبوا المساح لهم بالدخول إليه.

لا قطعاً. لم أر أي أشخاص من الصليب الأحمر أبداً.

هيومن رايتس ووتش: هل نوقش مجيء الصليب الأحمر؟

نعم. قالوا أن الصليب الأحمر لن يتمكن من الدخول إلى هناك أبداً.

هيومن رايتس ووتش: وما الذين يجعل أحداً يطرح هذا الأمر أصلاً؟

أعتقد أن السبب هو أن الصليب الأحمر وبعض الجهات الأخرى كانوا يزورون أماكن ومراكز مختلفة في العراق، وأنهم كانوا يحصلون على إذنٍ لدخولها. وهكذا طرح أحدٌ ما هذا الأمر أمام غيره. وأعتقد أن الأمر طُرح مع العقيد أو مع أحد المسئولين الآخرين. هل سيأتون إلى هنا؟ نعم، لقد كان الكلام موجهاً إلى العقيد، فقال: قطعاً لا.

وقال جيف أن العقيد أخبرهم بأنه "تلقى أوامر مباشرة من الجنرال ماك كريستال ومن البنتاغون بعدم السماح بدخول الصليب الأحمر إطلاقاً" ولم يسأل جيف العقيد مزيداً من الأسئلة حول كيفية إعطاء هذه التأكيدات لقيادة معسكر ناما.

ويروي جيف أنه قيل لهم: "لا يحق لهم الدخول ولن يحصلوا على إذنٍ بالدخول أبداً. هذا المركز مغلقٌ تماماً أمام أي شخصٍ يريد التحقيق فيه. وهو مغلقٌ حتى أمام المحققين العسكريين".

هيومن رايتس ووتش: وهل هو مغلقٌ حتى بالنسبة إلى إدارة التحقيقات العسكرية؟

لم يسمح لإدارة التحقيقات العسكرية بالدخول. فالمركز مغلقٌ تماماً. وقد كنا متشددين جداً في هذا الأمر.

وقال جيف أنه، وغيره من المحققين والقادة في معسكر ناما، كانوا يعلمون بأن الأساليب المستخدمة في المعسكر (بل وجود المعسكر بحد ذاته) يجب أن تبقى أمراً سرياً. ويقول أن هذا هو السبب الذي جعل العقيد يؤكد للمحققين أن أحداً لن يُسمح له بدخول المركز، بما في ذلك إدارة التحقيقات العسكرية:

كان القائد مصراً على أن أحداً لن يأتي، وعلى أنهم لن يأتون أبداً لأن المركز كان سرياً جداً. لقد كان مكاناً سرياً جداً، وكنا نعتبره كذلك. ولم يكن ليُسمح للصليب الأحمر بالمجيء لأن ذلك ضروري جداً لنجاح عملنا، فلم نكن نريد أن يعرف أحدٌ ولو بأسمائنا، أو باسم الوحدة، أو بأي شيءٍ آخر. لقد تغير [اسم الوحدة] عدة مرات عندما كان الناس يعرفونه.[4]

الصليب الأحمر! لم نكن نستطيع تحمل تلك الشفافية. ولم نكن نستطيع أن نترك الناس يعرفون أين نحن 'لأننا لم نكن نريد حتى أن يعرف السجناء أين نحن وإلى أين نأخذهم بالضبط. لا نريد تقارير إخبارية وأشياء من هذا القبيل'. هكذا كان الأمر فيما يخص الصليب الأحمر.

التحقيق "الإبداعي"

أقر جيف أمام هيومن رايتس ووتش أن أياً من الأساليب المستخدمة من قبل المحققين لم يكن وارداً في دليل التحقيق الميداني الخاص بالجيش. فسألته هيومن رايتس ووتش عما يظنه سبباً في تفضيل القادة والمحققين المدربين استخدام الأساليب المسيئة بدلاً من استخدام الأساليب التي تدربوا عليها.

حسنٌ، كان البعض يستخدم [الأساليب القانونية]. لكن استخدامها كان صعباً لأنها تتطلب مزيداً من العقل. إنها تتطلب قدراً كبيراً من العقل. وليس فيها ما يضمن الحصول على نتائج أفضل. وذلك في وقتٍ يعتمد فيه المحققون غير المدربين على أساليب التحقيق 'الإبداعية' (وهي في الحقيقة أبعد الأساليب عن الإبداع). والواقع أن الناس غير المدربين، وكذلك [الأشخاص] المهمين بالنسبة لهم، كالقادة والنقباء وأصحاب الرتب الذين لم يتلقوا تدريباً على التحقيق في واقع الأمر، لكنهم ينظرون من النافذة ويرون ما يحصل، إنهم يرون أساليب 'القسوة' ويرونها سريعةً جداً في إعطاء النتائج. 'هذا ما نريد رؤيته! إنه ماهرٌ فعلاً!'، و'إنه أمرٌ جيد'. هكذا يفكرون... من الأسهل كثيراً أن تنزع ملابس الإنسان وأن تصرخ عليه وأن تجعله ينفذ التمرينات القاسية...

فإذا كان [المحتجز] ينوي الكذب، فإنه يتمسك بأقواله ولا ينهار إلا إذا صار الأمر شديد القسوة عليه. لكنك تدخل عند ذلك منطقة القسوة الشديدة... وأنت لا تعرف عند ذلك ما إذا كنت تحصل على معلوماتٍ صحيحة؛ فهل يقول لك المحتجز ما يقوله بسبب الألم أو المعاناة؟

وقال جيف أنه شعر بالقلق لأن الأساليب القاسية لم تكن بمثل فاعلية بعض أساليب التحقيق التقليدية. فعندما يقدم المحتجز معلوماتٍ تحت وطأة الأساليب القاسية يتطلب الأمر قدراً من الوقت للتثبت منها وتحديد إذا ما كانت صحيحة. أما في الأساليب التقليدية فإن المحقق قادرٌ على الحكم على صحة المعلومات فوراً.

أنت تعرف الوقت الذي يقتضيه التحقق من الرواية، ومن هذا التفصيل أو ذاك. لأنك عندما تتكلم مع أحدٍ ما وتستخدم الأساليب العقلية، فإنك تعرف اللحظة التي ينهار عندها فعلاً. أما عند استخدام الأساليب القاسية (وفقاً لما رأيته)، وعندما يُفترض أن المحتجز قد انهار، يكون من الأصعب تحديد [ما إذا كانت المعلومات التي يعطيها صحيحةً] لأنه يقول هذه الأشياء حتى يتخلص مما هو فيه. أما عندما ينهار السجين وأنت تستخدم أسلوب 'حب الأسرة' [أسلوب تقليدي يقوم على الإيحاء للسجين بأن من صالح أسرته أن يتكلم]، فأنت تشعر بانهياره فوراً. وهكذا لا تكون بحاجةٍ إلى التحقق من المعلومات.

*****

التدقيق في الروايات

إن روايات جيف عن الإساءات في معسكر ناما (وحقيقة كون كثير من الأساليب المسيئة يجري بموافقة القيادة) تنسجم مع رواياتٍ أخرى قدمها محققون عسكريون وجنودٌ مطلعون على ما يجري هناك، إضافةً إلى غيرهم من جنود الجيش الأمريكي.

وتضمنت مقالةٌ عن معسكر ناما تصدرت نيويورك تايمز في مارس/آذار 2006، وكانت تستند إلى مقابلاتٍ مع أكثر من 12 جندياً أمريكياً ممن خدموا في معسكر ناما أو كانوا مطلعين على ما يجري فيه، قصصاً عن الإساءات المرتكبة في ذلك المعسكر تتفق مع ما رواه جيف. وتضمنت المقالة أيضاً معلومات أخرى عن ذلك المركز، إضافةً إلى ادعاءات تقول أن بعض المحققين كانوا يطلقون على المحتجزين أحياناً بنادق الدهان [نوع من البنادق التي تحتوي على الدهان بدلاً من الذخيرة الحية]، وأنهم تورطوا في مزيدٍ من الإساءات الجسدية. وتقول لافتةٌ في معسكر ناما حصلت نيويورك تايمز على صورةٍ لها: "لا دم، لا مخالفة ـ نادي المبدعين في مسابقة بندقية الدهان". ويقال أن هذه اللافتة وضعت على جدارٍ داخل المجمع في وقتٍ ما من عام 2004. (توجد صورة اللافتة على غلاف هذا التقرير).

وتتضمن وثائق وزارة الدفاع التي خرجت من حيز السرية ادعاءات أخرى. ويضم أحد ملفات إدارة التحقيقات الجنائية، وهو يعود إلى عام 2004، أقولاً لأحد المحققين في كتيبة الشرطة العسكرية رقم 22 ورد فيها أنه كان يعلم بالإساءات المرتكبة في مركز الاحتجاز المؤقت في مطار بغداد الدولي والتي شارك فيها أفراد من وحدة ناما. ومن الإساءات التي يجري الحديث عنها الحرمان من النوم، وجلسات التحقيق التي تستمر 20 ساعة، وتقديم الحراس البول للسجين بدل ماء الشرب. وطبقاً للأقوال الواردة في الملف، كان المحقق "يبلغ عن هذه الأفعال لأنه شعر بأنها غير إنسانية رغم أنها كانت تحظى بموافقة كل من قائد الوحدة 6-26 والعاملين الطبيين قبل تنفيذها". ومن الواضح أنه جرى إنهاء تحقيق إدارة التحقيقات الجنائية لأن "موضوع التحقيق يتعلق بأحد أفراد الوحدة 6-26 وبالعميل الخاص الذي يتولى المسئولية. وقد تولت جهة خاصة [مركز التدريب على العمليات الأمنية] اختصاص التحقيق في هذا الأمر".[5]

ويورد ملف تحقيق آخر من ملفات إدارة التحقيقات الجنائية تفاصيل عن شكوى قدمها محقق مدني في الاستخبارات البشرية في "الفريق الإضافية" بمطار بغداد الدولي يتحدث فيها عن "استجوابات قاسية وسلوك غير إنساني" من جانب محققي وحدة المطار وحراسها في أبريل/نيسان 2004.[6] وقد قام تقرير إدارة التحقيقات الجنائية بتنقيح مقطعين من القسم الذي يصف الإساءات الفعلية، لكنه تضمن المقطع التالي:

ذهبت ذات مرة إلى المهجع بحثاً عن أحد المحققين. كانوا منهمكين في التحقيق مع أحد المحتجزين. ولم أكن أسمع إلا صوت أنين بشري مرتفع وصياحاً صادراً عن أشخاص كثيرين (أظن أنهم كانوا يضربون المحتجز ضرباً شرساً).

وطبقاً للوثيقة نفسها، قال نقيبٌ في معسكر ناما لمحققي إدارة التحقيقات الجنائية أن الادعاءات "بالمعاملة غير الإنسانية" الواردة في التصريح لا أساس لها لأنها "تقع ضمن توجيهات الاستجواب الخاصة بالوحدة 7 في قوة التحالف خلال الفترة المعنية".[7]

وفي أوائل مايو/أيار 2004، أدلى عددٌ من الجنود العاملين في معسكر كروبر قرب مجمع ناما بشهاداتٍ محلَّفة أمام محققي الجيش بشأن مشاكل وقعت في معسكر كروبر كان من بينها ادعاءاتٌ تقول بأنه ظهرت على المحتجزين الذين تم اعتقالهم واستجوابهم على يد "الوحدة 20 وفريق الفقمات 5" (وهي أسماءٌ أخرى استخدمتها الوحدة الخاصة في معسكر ناما) علامات سوء المعاملة التي يُفترض أنهم تعرضوا لها قبل تحويلهم إلى معسكر كروبر (أي أثناء وجودهم في عهدة الوحدة الخاصة بمعسكر ناما). فمثلاً، أدلى محققٌ كان ملحقاً بوحدة المخابرات العسكرية رقم 519 في معسكر كروبر من مايو/أيار إلى سبتمبر/أيلول 2003 بشهادةٍ محلَّفة أمام إدارة التحقيقات الجنائية جاء فيها:

أثناء وجودي في معسكر كروبر، أثار قلقي بعض المحتجزين الذين جاءت بهم الوحدة 20 وفريق الفقمات 5 والذين بدا أنهم تعرضوا لضربٍ مبرح. وعندما كنا نتساءل عن هذه الجروح كان أفراد الفقمات/الوحدة 20 يقدمون إجاباتٍ غامضة من قبيل 'لقد قاومونا'. وكان [تم حجب الاسم] مسئولا عن الإبلاغ عن هذه الإصابات وكتابة التقارير عن جميع هذه الحوادث كما أعتقد.[8]

كما أدلى مقدمٌ كان آمراً لوحدة الشرطة العسكرية رقم 115 في معسكر كروبر من أبريل/نيسان إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2003 بشهادةٍ محلَّفة أمام المحققين تحدث فيها عن حالةٍ محددة من سوء المعاملة تتعلق بالوحدة 20:

يتعلق الأمر بمحتجزٍ أعادته الوحدة 20 إلى السجن الخاص/مركز الاحتجاز في معسكر كروبر. وكانت الكدمات تغطي معظم جسده. فأبلغت كتيبة الشرطة العسكرية العاشرة. ولم أسمع شيئاً عن نتائج التحقيق في الأمر.[9]

كما قدم محققٌ في وحدة المخابرات العسكرية رقم 321 كان يعمل في معسكر كروبر في أغسطس/آب 2003 شهادةً محلَّفة تحدث فيها عن إساءات ارتكبتها الوحدة الخاصة:

كان من المعروف جيداً في معسكر كروبر أن المحتجزين الذين يُؤتى بهم إلى المركز يعانون من آثار الضرب على أيدي أفراد فريق الفقمات 5 والوحدة الخاصة 20... وقد جرى تصوير حالات الضرب هذه وتوثيقها من قبل [تم حجب الاسم].[10]

وفي يونيو/حزيران 2004، أرسل مسئول في وكالة التحقيقات الفيدرالية يعمل في مركزٍ مؤقت ببغداد رسالةً بالبريد الإلكتروني إلى مقر قيادة الوكالة يقول فيها أن محتجزاً جديداً حُوّل إلى المركز من قبل الوحدة 6 26 يعاني من حروقٍ مريبة على جسده. وأن الجيش بدأ تحقيقاً إدارياً في هذه الحادثة[11].

وفي الفترة نفسها تقريباً، بعث محققٌ مدني يعمل في المخابرات العسكرية بمذكرةٍ مسجلة إلى رؤسائه حول الإساءات التي ترتكبها الوحدة 6 26 قال فيها أنه شهد "حالتي خرق لاتفاقيات جنيف" تضمنتا "الإساءة إلى المحتجزين" و"احتجازاً غير قانوني لأشخاص غير محاربين"[12]. وعن الحالة الأولى، يقول كاتب المذكرة أنه شهد في 11 مايو/أيار 2004 (أو نحو ذلك) "إساءة معاملة المحتجزين لدى الوحدة 6 26"، وذلك كما يلي:

خلال التحقيق الذي أجراه محققٌ في الجيش الأمريكي، دخل الغرفة أربعة أو خمسة جنود من الوحدة من غير المحققين وراحوا يصفعون المحتجز عندما كان يحاول الإجابة على الأسئلة.

وطبقاً لأقوال هذا المحقق، استمرت هذه الإساءات خمس عشرة دقيقة حتى دخل الغرفة ضابطٌ "يحمل شارة X03" وأمر جميع المحققين بالانصراف. وتقول المذكرة بعد ذلك، وعلى نحوٍ ينذر بالشؤم: "لا أعرف ما الذي حدث تحديداً أثناء غيابي". وقال المحقق أيضاً أنه قابل محتجزاً آخر أبلغه بأنه تعرض للصفع من قبل أفراد الوحدة الخاصة.

وتحدث محقق المخابرات العسكرية أيضاً عن حادثةٍ وقعت في 9 مايو/أيار 2004 قام فيها أفراد الوحدة 6 26 (ورغم اعتراض عملاء المخابرات العسكرية) باحتجاز امرأة في الثامنة والعشرين من عمرها أثناء إحدى الغارات. وكانت المرأة "زوجة أحد الإرهابيين العراقيين المشتبه بهم [وهو هدف تلك الغارة]". وقد طالب أفراد الوحدة الخاصة "باحتجاز المرأة لحمل الهدف على تسليم نفسه". وقد احتجزت المرأة، التي كان لديها ثلاثة أطفالٍ صغار (من بينهم رضيع عمره ستة أشهر)، وأفرج عنها بعد يومين.

وفي يونيو/حزيران 2004، كتب اللواء البحري لويل إ. جاكوبي إلى نائب وزير الدفاع لشؤون المخابرات ستيفن أ. كامبون حول تقارير أخرى مقدمة من أفراد المخابرات العسكرية بشأن الإساءات التي يرتكبها أفراد الوحدة 6 26. وفي مذكرةٍ تحمل تاريخ 25 يونيو/حزيران 2004 وعنوانها "ادعاءات الإساءة إلى المحتجزين على يد أفراد الوحدة 6 26"، كتب اللواء البحري أن اثنين من أفراد المخابرات العسكرية (من إدارة الاستخبارات البشرية) شهدا ارتكاب إساءات من قبل أفراد تلك الوحدة:

يصل السجناء إلى مركز الاحتجاز المؤقت في بغداد وهم يحملون علامات حروق على ظهورهم. وهناك كدماتٌ على بعضهم، بينما اشتكى عددٌ منهم من آلامٍ في الكلى.

وقد شاهد أحد محققي إدارة الاستخبارات البشرية في المخابرات العسكرية أفراد الوحدة 6 26 يضربون سجيناً على وجهه إلى درجة استدعت علاجاً طبياً. ولم يسجل أفراد الوحدة 6 26 حادثة سوء المعاملة هذه. وقد طُلب من المحقق مغادرة الغرفة.

كما التقط محققٌ في إدارة الاستخبارات البشرية صوراً للجروح التي أصابت المحتجز وعرضها على رئيسه في الوحدة 6 26، فما كان منه إلا أن صادرها على الفور.

وقد قام أفراد الوحدة 6 26 باتخاذ الإجراءات التالية بحق محققي الاستخبارات البشرية/ المخابرات العسكرية:

مصادرة مفاتيح السيارة؛

الأمر بعدم مغادرة المجمع إلا بإذنٍ خاص، حتى من أجل قص الشعر؛

توجيه التهديد لهما؛

إبلاغهما بمراقبة بريدهما الإلكتروني؛

أمرهما بعدم الحديث إلى أي شخص في الولايات المتحدة.[13]

وطبقاً لما ورد في المذكرة، فإن محققي الاستخبارات البشرية أبلغا مسئولين آخرين في وزارة الدفاع بالإساءات التي شاهدوها، فقام هؤلاء بإبلاغ المفتش العام للمخابرات العسكرية ومساعد مدير شؤون المحتجزين الجنرال ستانلي ماك كريستال، وإلى قائد القيادة المركزية. وتقول ملاحظةٌ خطية وجهها كامبون إلى أكبر مساعديه وهو الفريق ويليام ج. بويكين في 26 يونيو/حزيران 2004: "عليك تقصي هذا الأمر فوراً. فهذا غير مقبول. وأريد خاصةً أن أعرف إذا ما كان هذا الأمر سلوكاً متبعاً في الوحدة 6 26".[14]

وطبقاً لصحيفة نيويورك تايمز، قال ناطقٌ باسم الفريق بويكين عندما سئل في 17 مارس/آذار 2006 عن مضمون إجابة الفريق لنائب الوزير كامبون: "في ذلك الوقت أجاب الفريق السيد كامبون بأنه لم يجد ما يدل على إتباع السلوك السيئ في تلك الوحدة".[15]

وفي ديسمبر/كانون الأول 2004، قال المتحدث باسم البنتاغون لورانس دي ريتا للصحفيين الذين سألوه عن الادعاءات الواردة في مذكرة جاكوبي ومفادها أن أربعةً من جنود العمليات الخاصة في الوحدة 6 26 تلقوا "عقوبات إدارية" بسبب حالاتٍ تضمنت "استخداماً مفرطاً للقوة" بما فيه "الاستخدام غير المسموح للصواعق الكهربائية".[16]

الضلوع الإجرامية

تبدو جميع الإساءات الموصوفة أعلاه تقريباً مخالفةً لقانون العقوبات العسكري وقانون العقوبات الفيدرالي الأمريكيين، وكذلك للقانون الإنساني الدولي. (لمزيدٍ من المعلومات عن الأحكام القانونية الخاصة بمعاملة المحتجزين في العراق، انظر فصل "المعايير القانونية" أدناه). لكن هناك مؤشرات قليلة على إجراء تحقيقات فعالة أو على تحديد مرتكبي تلك الإساءات في معسكر ناما. وكما ورد أعلاه، صرّح المسئولون العسكريون بأنه قد جرى اتخاذ تدابير تأديبية بحق عدد محدود من أفراد الوحدة الخاصة، لكنهم لم يقدَّموا إلى المحكمة العسكرية. ويقال أن خمسةً من جوالة الجيش الملحقين بتلك الوحدة قدِّموا إلى المحكمة العسكرية جراء انتهاكاتٍ ارتكبوها بحق المعتقلين في سبتمبر/أيلول 2005. لكن جميع الأحكام الصادرة كانت ستة أشهر أو أقل. ولا يوجد ما يشير إلى محاسبة الضباط المسئولين وفق التسلسل العسكري، وذلك رغم وجود تساؤلات جدية حول المسئولية الجنائية لهؤلاء الضباط.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2004، حصلت جريدة واشنطن بوست على مذكرة كتبها قبل سنةٍ من ذلك (أي في ديسمبر/كانون الأول 2003) العقيد أ. هيرينغتون ضابط المخابرات العسكرية المتقاعد الذي كان يشارك في عمليات مقاومة التمرد أثناء حرب فيتنام. وقد أرسل هيرينغتون إلى العراق أواخر عام 2003 بطلبٍ من قائدة المخابرات العسكرية في العراق الجنرال باربرا فاست، وذلك لإجراء تقييمٍ نقدي لعمليات جمع المعلومات الاستخباراتية ومحاربة التمرد في العراق.[17] ويقال أن هيرينغتون زار عدداً كبيراً من مواقع العمليات، بما فيها المراكز الموجودة في مطار بغداد. كما قدم إلى الجنرال فاست مذكرةً بالنتائج التي توصل إليها.

وأثناء مهمة هيرينغتون رفضت الوحدة 121 السماح له بدخول مركز الاحتجاز في معسكر ناما. لكنه، وبعد التحدث إلى ضباط مخابرات آخرين، استنتج أن الوحدة 121 كانت تسيء إلى المحتجزين و"تمتنع عن تسجيلهم" عمداً؛ فلم تكن تسجلهم في السجلات العسكرية للمحتجزين ولا لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكتب هيرينغتون في مذكرته: "تظهر على المحتجزين الذين قبضت عليهم الوحدة 121 إصاباتٌ جعلت العاملين الطبيين الذين عاينوهم يقولون أن 'علامات الضرب ظاهرة على المحتجزين'... ويبدو من الواضح أن ثمة ضرورة للجم الوحدة 121 من حيث معاملتها المحتجزين".[18]

كُتب ذلك التقرير في ديسمبر/كانون الأول 2003. وقد حديث معظم الإساءات المذكورة أعلاه بعد ذلك التاريخ (وهذا ما يوحي بأن مذكرة هيرينغتون لم تؤد إلى تغيراتٍ جذرية). وبكلمةٍ أخرى، جرى إبلاغ ضباط المخابرات العسكرية بوضوح، بمن فيهم الجنرال باربرا فاست، بالادعاءات المعقولة بوقوع إساءات إلى المحتجزين من جانب الوحدة الخاصة. لكن الظاهر أنهم لم يتخذوا أي إجراء، أو أي إجراءٍ كافٍ، لإصلاح الوضع ووقف الإساءات.

وتثير حقيقة وجود هذه المذكرة في السجلات تساؤلاتٍ جدية عن تواطؤ قيادة المخابرات العسكرية في ارتكاب الإساءات المذكورة في التقرير. فبموجب مبدأ مسئولية القيادة، يمكن محاسبة القادة على الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم عندما يعرفون، أو يفترض أن يعرفوا، بالجرائم المرتكبة ويمتنعون عن وضع حدٍّ لها.

ولابد من مزيدٍ من التحقيق في هذه الأمور وفي الإساءات نفسها. لكن مذكرة هيرينغتون تؤكد على إمكانية تحميل ضباط المخابرات العسكرية وغيرهم من القادة المسئولية الإجرامية عن الإساءات الموثقة هنا. ويظهر من المذكرة أنه جرى لفت انتباه كبار الضباط في أواخر عام 2003 إلى الإساءات التي تحدث في معسكر ناما، لكنهم امتنعوا عن اتخاذ أي إجراء. وهذا ما يمكن أن يحملهم مسئوليةً إجرامية بموجب مبدأ مسئولية القائد.

قاعدة العمليات المتقدمة النمر قرب مدينة القائم العراقية

وثقت هيومن رايتس ووتش ادعاءاتٍ حول الإساءات المرتكبة عام 2003 في قاعدة العمليات المتقدمة النمر قرب مدينة القائم غربي العراق عند الحدود السورية. وتتحدث الرواية الواردة أدناه، والتي قدمها جنديٌّ في قاعدة النمر، عن تفاصيل الإساءات المنهجية المرتكبة في ذلك المركز والتي من الواضح أنها كانت جزءاً من نظام التحقيق. ويتحدث الجندي كيف كان المحتجزون يوضعون لفتراتٍ تمتد 24 ساعة في حاوياتٍ معدنية شديدة الحرارة في طقسٍ تصل درجة الحرارة فيه 130 140 فارنهايت. ويتحدث عن قيام المحققين بضرب المحتجزين أثناء استجوابهم، وعن كيفية إسكات كبار الضباط للجنود الذين حاولوا الشكوى من تلك الإساءات.

قاعدة النمر

خدم نيك فورستر[19] في قاعدة النمر منذ أوائل مايو/أيار 2003 حتى أواخر سبتمبر/أيلول 2003، وكان رقيباً في الفرقة المجوقلة 82.

وقد تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى نيك بشأن تجربته في قاعدة النمر في أكتوبر/تشرين الأول 2005 وفي يونيو/حزيران 2006.

وخلال الشطر الأكبر من خدمته في القاعدة، عمل نيك كحارس شرطة عسكرية في عمليات الاحتجاز والاستجواب. وكان مسئولا عن حراسة المحتجزين الذين يُؤتى بهم إلى القاعدة وعن نقلهم من أماكن الاحتجاز إلى أماكن التحقيق حيث يستجوبهم محققون من الجيش والمخابرات المركزية.

وكما يرد أدناه، قال نيك لهيومن رايتس ووتش أن معظم المحتجزين الذين ألقي القبض عليهم واستجوبوا في قاعدة النمر خضعوا إلى سوء معاملةٍ خطير؛ سواءٌ أثناء احتجازهم أو أثناء استجوابهم.[20] ويقول نيك أنه، مع غيره من الحرس، وتنفيذاً للأوامر الموجهة إليهم، قاموا بحرمان المحتجزين من النوم لفتراتٍ طويلة وتعريضهم إلى حرارةٍ مرتفعة إلى حدٍّ الخطر وإجبارهم على الوقوف ووجوههم إلى الحائط لمدة 24 ساعة ضمن حاوية معدنية من النوع الذي يستخدم في الشحن كان بابها يظل مفتوحاً لكن تهويتها سيئةٌ جداً. وقال أيضاً أنه كثيراً ما شاهد المحققين يعاملون المحتجزين معاملةً شديدة السوء، بما في ذلك الضرب وتوجيه التهديدات.

ويصف نيك ما كان يحدث عندما يُجلب المحتجزون إلى المركز:

كان الإجراء المتبع عندما كنت هناك هو أن يمضي المحتجز 24 ساعة في الحاوية... ويكون معصوب العينين وموثق اليدين خلف الظهر دون ربط الساقين إلا عند وجود احتمال محاولة السجين الهرب، فقد كانوا يربطون قدمي السجين عندما يكون قد سبب لهم متاعب أثناء القبض عليه. ويبقى المحتجز هناك أربعاً وعشرين ساعة: لا طعام ولا نوم ولا ماء.

ويقول نيك أن الحرارة داخل الحاوية كانت شديدة الارتفاع:

في الفترة الأولى، أي عندما ذهبت إلى القاعدة، كانت الحرارة تصل 115 فارنهايت. أما في يوليو/تموز وأغسطس /آب فقد كانت تبلغ 135 ـ 145 فارنهايت. وكان الجو [داخل الحاوية] شديد الحرارة حقاً، فقد كان من المزعج الدخول إليها لإخراج أحد المحتجزين ليذهب إلى الحمام، وهو الأمر الوحيد الذي كان مسموحاً لهم... لم يكن الكلام مسموحاً داخل الحاوية، ولا أي شيء آخر.

ويقول نيك أن الأوامر الموجهة إلى الشرطة العسكرية كانت تقضي بإبقاء المحتجزين دون نوم طيلة الساعات الـ 24 الأولى، وذلك بإجبارهم على الوقوف ضمن الحاوية المعدنية:

كان عملك التأكد من جعلهم لا ينامون... كنا نصرخ شيئاً داخل الحاوية من وقتٍ لآخر. وكنا نجري تفقداً لهم، أو شيئاً من هذا القبيل، كأن نجعلهم يومئون برؤوسهم، وهكذا...

كانوا يقفون وأيديهم مربوطةٌ خلف ظهورهم. وكان بعضهم يركعون ويدخلون أرجلهم من بين أذرعهم بحيث تصير أيديهم الموثقة أمامهم.

لم أكن أهتم بذلك حقيقةً. فإذا أراد أحدهم الذهاب إلى الحمام، كنت أعيد الوثاق إلى خلف ظهره وأخرج به إلى الحمام...

أما في الليل، فكان كثيرٌ من الحرس يتجولون حول الحاوية. وكانوا ينزعون المخازن من بنادقهم ويدقون بها على جدرانها المعدنية للتأكد من أن الجميع مستيقظين. وكان عليك أن تمسك بهم إذا ناموا. كانوا يقعون على الأرض لأنهم مقيدون. كانوا يحاولون إسناد جباههم إلى الجدار، [لكننا] كنا ندق [على الحاوية] لنجعلهم يرفعون رؤوسهم عن الجدار، أو نفعل أي شيءٍ آخر لإبقائهم مستيقظين.

وبعد تلك الساعات في الحاوية، كانوا يؤخذون عادةً للحديث معهم [التحقيق] للمرة الأولى.

الاستجواب

سألت هيومن رايتس ووتش نيك عمن كان يستجوب المحتجزين:

المحققون العسكريون أحياناً، وأشخاصٌ مدنيون في أحيان أخرى. فقد كان لدينا أنواع كثيرة من المحققين (وكان يوجد أشخاصٌ من المخابرات المركزية أحياناً)، كان الوضع فوضوياً. كان لدينا أفراد من القوات الخاصة ومن المخابرات المركزية، وغيرهم (أشخاصٌ مختلفون في أوقاتٍ مختلفة). لا أستطيع أن أقول لك حقاً من هم الأشخاص المدنيون، فقد كانوا يضعون شاراتٍ وأشرطة وأمور أخرى. ولم تكن معرفتهم ممكنة إلا إذا ذهب المرء إليهم وسألهم.

كان نيك يجلب المحتجزين من الحاوية المعدنية إلى البناء المجاور حيث كان المحققون يعرضونهم إلى الضجيج الشديد والأضواء الساطعة ثم يضربونهم. وكان عليه أن يقف حارساً أثناء الاستجواب. وقد وصف لهيومن رايتس ووتش ما كان يشاهده في مركز التحقيق في معظم الأحوال:

يكون المحتجز قد أمضى 24 ساعة هنا في الأحوال العادية... ثم يسير به واحدٌ من جماعتي [الشرطة العسكرية] [إلى مبنى التحقيق]... ثم يسلمه إلى رجال المخابرات العسكرية (كان يوجد اثنين أو ثلاثة منهم). وكانوا يجلسون على كرسي. ثم يطرحون عليه بعض الأسئلة البسيطة كسؤاله عن اسمه وبدء الحديث معه. لكن، وعند أول 'لا' أو عند أول 'لا أعرف' أو 'ليست لدي معلومات'، أي عند أول إجابة سيئة، يسلطون عليه الأضواء الشديدة الوامضة ويضعون نوعاً من الموسيقى الصاخبة جداً، وكل ما يتيسر لهم. وذات مرة استخدموا موسيقى بارني[21] بصوتٍ عالٍ جداً سبب لي إزعاجاً شديداً. ويظل المحتجز يستمع إلى الموسيقى الصاخبة لمدة ساعتين وهو أمرٌ مزعجٌ جداً. كان الأمر مزعجاً حقاً بصرف النظر عن نوع الموسيقى...

وهكذا كانت جلسة الاستجواب الأولى تتضمن موسيقى صاخبة وأضواء شديدة وكثير من الصياح والأسئلة وأشياء من هذا القبيل حتى ينهار المحتجز ويصيح قائلاً: 'لا أعرف شيئاً، لا أعرف شيئاً'. وإذا كان [المحتجز] موضع اهتمامٍ خاص، وكانوا يعتقدون أنه يعرف شيئاً، فإنهم يمسكون به ويلكمونه على بطنه ورقبته وذراعيه؛ كانوا يضربونه هنا [يشير إلى الناحية الخلفية من الذراع فوق المرفق]. كانوا يضربون المحتجز خلف المرفق ويجعلونه يرفع ذراعيه. لقد كانوا يضربونه خلف المرفق حتى لا يتركوا أثراً... وعندما يكون الشخص مهماً ويريدون جعله يتكلم كانوا يستخدمون أي شيء.

ويقول نيك أن الموسيقى كانت صاخبةً جداً في غرف التحقيق إلى حدٍّ يجعل الحرس الواقفين على بعد 30 قدماً خارج الغرفة قرب الحاوية مضطرين للصياح حتى يسمعوا بعضهم بعضاً: "لديهم معدات صوتية ممتازة. وقال نيك أيضاً أن المحققين كانوا يستخدمون بنادق إم 16 (البندقية الآلية في الجيش الأمريكي) لتخويف المحتجزين وتهديدهم:

كان الجميع يرفسون الكرسي الذي يجلس عليه المحتجز. وذلك على طريقة 'الشرطي السيء'. وفي تلك اللحظة يسحب الشباب الكرسي ويناولون [المحققين] بنادق الـ إم 16. كانت البنادق جاهزة. وكانوا يلقمونها للحصول على أقصى ما يمكن من تأثير: 'نحن جادون'، وأشياء من هذا القبيل.

وعادةً ما كان المحتجز في تلك اللحظة يقول شيئاً لا معنى له، ففي معظم الأحيان كانوا يقولون: 'أستطيع إرشادكم إلى شخصٍ ما'، أو 'إنني أعرف شيئاً'. وفي 60 70 % من الحالات كان المحتجزون يقولون شيئاً ما في تلك اللحظة. وكان المحقق يتابع استجوابه عند ذلك.

يكون المحتجز راكعاً على ركبتيه. وتكون هناك بندقيةٌ مسددة إليه. وتكون الأنوار الوامضة مسلطةً عليه، والموسيقى الصاخبة، وكل شيء. ويقوم الأشخاص الجالسون إلى الطاولة بتوجيه الأسئلة. كانوا يصيحون بأعلى أصواتهم في تلك اللحظة حتى يستطيع المحتجز سماعهم [بسبب الموسيقى]... وفي معظم الأحوال كان الأمر يستمر لفترةٍ غير قليلة. وكانوا يسألون ويسألون ويسألون.

وأود أن أقول أن حوالي نصف الأشخاص، أو 60% منهم، كانوا يتلقون ضربةً في البطن أو أكثر (إما بقبضة اليد أو بأخمص البندقية)... لا أستطيع إعطاء رقمٍ محدد، لكنني أستطيع أن أحدد نسبة 60% على أقل تقدير...

وعادةً ما كان المدنيون [المستشارون المدنيون أو رجال المخابرات المركزية] أكثر قسوةً. هكذا كان الوضع في معظم الأحوال. وكان هناك شخصٌ عسكري يظهر عنصريةً واضحة تجاه العرب. وكان يطيل التحقيق أكثر من غيره، كما كان يضرب المحتجزين أكثر من غيره. [لكن، وبشكلٍ عام]يبدو لي أن التحقيق يكون أكثر قسوةً عندما يتولاه مدنيون.

وقال نيك أنه شاهد كثيراً من المحتجزين الذين تعرضوا للإساءات الموصوفة أعلاه. ولم يستطع تحديد رقم بعينه، لكنه يقدر العدد بين ثلاثين وخمسين شخصاً. وعادةً ما كان المحققون يجعلون أحد المحتجزين يتفرج عليهم وهم يسيئون إلى محتجزٍ آخر بغية تخويفهم: "كانوا يجلبون الشخص [الآخر] أولاً، ثم يجلبون المحتجز ويحاولون انتزاع المعلومات منه وكأنهم يقولون للأول: 'هذا ما سنفعله بك'".

وسألت هيومن رايتس ووتش نيك: "وإذا تعاون المحتجز مع المحققين تعاوناً تاماً، فما الذي يحدث؟"

إذا كان المحتجز متعاوناً تماماً وقدم معلومات: 'نعم يا سيدي'، أو 'لا يا سيدي'، فلابد من رفس الكرسي ومن تلقي ضربة واحدة في البطن على الأقل.

وسألت هيومن رايتس ووتش: "وإذا كان المحتجز غير متعاونٍ إطلاقاً؟" فتحدث نيك عن واحدةٍ من أسوأ الحالات التي شهدها. وقد جرت في يوليو/تموز 2003 على وجه التقريب. وهي تتعلق بمحتجزٍ اعتقله فريق المهام الخاصة الذي اعتقد أن لديه معلوماتٍ قيّمة حول نشاطات المتمردين. قال نيك: "جلبوه إلى [قاعدة النمر] وأوسعوه ضرباً". "لقد تلقى ضرباً شديداً". وتحدث نيك عما شاهده عندما أتوا بالمحتجز إلى مبنى التحقيق:

لم يقل أي شيء. وكانوا يصرخون كثيراً. ثم أمسكوا به وضربوه بالجدار الإسمنتي. قذفوا به إلى الجدار، وضربوه بقبضاتهم على رقبته ومعدته، وألقوا به أرضاً. [وفي لحظةٍ معينة] ألقوا به خارج المبنى. وكان هناك شخصان [محتجزان آخران] يتفرجان في الخارج. لقد ألقوا به خارج المبنى. ثم رفعوه وجروه إلى الداخل. وكانوا يحملونه من شعره... ثم أمسكوا بذراعيه هكذا [خلف ظهره]. ثم ضربوه حتى سقط إلى الأرض. ضربوه حتى يجعلونه ينهار وحتى يجعلونه يحس بالألم. ثم فعلوا نفس الشيء بركبتيه: رفسوه على الركبتين رفساً شديداً بأحذيتهم، بأحذية الميدان العسكرية.

كانوا شديدي الحرص عادةً على عدم ترك أية آثار [على جسد المحتجز]. كان الأمر كذلك في معظم الأحوال. أما مع ذلك الشخص فلم يحرصوا على شيء [لم يبذلوا أية محاولة لتجنب ظهور الكدمات والجروح]... [وفيما بعد]، أخرجوا بعض المناديل الصحية من حقيبة الطوارئ ونظفوا بها وجهه. لكن الكدمات كانت واضحةً عليه تماماً في اليوم التالي.

ظل المحتجز تحت التحقيق قرابة ساعتين كما يقول نيك: "لقد ظل هناك وقتاً طويلاً". وفيما بعد ذكر نيك أن المحققين قالوا للحرس والجنود الآخرين أن المحتجز هو الذي ألحق الأذى بنفسه: "ادعوا أنه فعل ذلك بنفسه. 'سقط على الدرج'، وأشياء من هذا القبيل".

وأتضح فيما بعد أن هذا المحتجز كان إيرانياً، ذكر نيك أنه متوسط العمر (لعله في الأربعينات). وقال أن من المرجح أن يكون تاجراً صغيراً أو مهرباً يتاجر بالإلكترونيات بين سوريا والمناطق الكردية في إيران والعراق. ومن الواضح أن عدم قدرة الرجل على تكلم العربية هو ما جعل المحققين يضربونه على نحوٍ أشد:

لم يكن الرجل يتكلم العربية. كان يتكلم الفارسية. ولم يكن لدينا من يتكلم الفارسية. وقد تلقى ضرباً شديداً لأنهم اعتقدوا أنه يتعمد الصمت في حين لم يكن يستطيع الكلام بغير الفارسية.

وقال نيك أن أحد جنود القوات الخاصة في القاعدة (ولم يكن مدرباً على التحقيق، كما لم يكن من ضمن وحدة المخابرات العسكرية) هو المسئول عن ذلك:

إنني متأكدٌ تماماً من أن الشخص الذي قام بمعظم أعمال القسوة في تلك الحالة كان من القوات الخاصة الذين يبدلونهم في القاعدة باستمرار. وكان يقدم المساعدة في التحقيق. لكنهم ظنوا أن ذلك المحتجز يملك معلوماتٍ حقاً. لكنه لم يكن يفتح فمه إلا ليصيح على نحوٍ غير مفهوم عندما كان يتلقى الضربات.

وقال نيك أن المحتجزين كانوا ينقلون بعد استجوابهم إلى مكان مجاور له أرضيةٌ مبلطة. وكانوا يعطونهم وجبات عسكرية جاهزة للأكل ويسمحون لهم بالجلوس أو الاستلقاء على الأرض. (لم يكن لدى المحتجزين فراش، وكانوا يستخدمون صناديق الوجبات الكرتونية كوسائد). لكنهم لم يكونوا يجلبون الجميع إلى هذا المكان فور انتهاء الاستجواب:

إذا كنت قد أزعجت المحققين أو الحرس. وإذا كان ذلك اليوم شديد الحرارة. فقد يعيدونك [إلى الحاوية المعدنية]. يعصبون عينيك، ويقيدون يديك خلف ظهرك ويضعونك في الزاوية [زاوية الحاوية] حيث تكون الحرارة على أشدها.

التعبير عن القلق

قال نيك أن بعض الجنود في قاعدة النمر كانوا مستاءين مما يرونه. لكن معظمهم لم يكن يتذمر. فقد كان التذمر صعباً بالنسبة للمجندين. "لقد طرحت بعض الأسئلة، وأشياء من هذا القبيل. فكان ما تلقيته شيئاً من قبيل 'اخرس' أو 'انس الأمر فوراً'".

وسألت هيومن رايتس ووتش نيك عن رد فعله على الإساءات وعما إذا كان قد اعترض عليها أمام رؤسائه أو أمام المحققين:

كان الأمر مزعجاً جداً بالنسبة لي. وقد ذهبت فيما بعد للحديث إلى [المحققين]، ورحت أطرح عليهم بعض الأسئلة في البداية لأنني أظن أن هؤلاء الأشخاص أخبر مني باتفاقيات جنيف، فهذا عملهم. أنا أحب قراءة كل شيء، وأنا قارئٌ جيد أحب الكتب. وأحاول قراءة جميع الأنظمة والقوانين وما شابه ذلك.

بدأت أطرح الأسئلة فأجابني [كبير المحققين وهو برتبة E6] بكلامٍ من قبيل: 'لا، هذه هي الطريقة التي نعمل بها'، وأشياء من هذا القبيل. لم يبد الأمر سليماً في نظري، فعدت لأتحقق من الأمر...

كان الأمر أشبه بالاستفهام عندما تحدثت مع المحقق في المرة الأولى. فقد قلت له أنني لا أعتقد بأن الأمر صحيح. [وسألته] ما هي القواعد الخاصة بذلك، وما الذي تقوله عن هذا الأمر؟ وقلت 'لدي انطباعٌ بأن الضرب غير مسموح'، وأشياء من هذا النوع. لكنه لم يلق بالاً إلى كل ما قلته: 'هكذا نقوم بالأمر كما تعلم'. 'تماسك يا رجل. هذا هو أسلوب الجيش'.

وقال نيك أنه رجع إلى اتفاقيات جنيف الموجودة لديه في القاعدة على حاسوب محمول صغير (كان لديه قرص مدمج يحوي دليل الجيش التدريبي وعدداً من الوثائق العسكرية)، ثم عاد إلى المحققين وسألهم ثانيةً:

في المرة الثانية سحبت الرجل [المحقق] خارج الغرفة وقلت: 'لقد بحثت في هذا الأمر. ولا يُفترض أن يكون الأمر بهذا الشكل'. فقال شيئاً من قبيل: 'هذه الأوامر التي لدينا. عليك أن تمضي في سبيلك وتنسى هذا الأمر أيها الرقيب'. لقد كان أعلى مني رتبةً [وقال]: 'انس الأمر أيها الرقيب'. وقد قالوا لي مراراً أن ليس من الحكمة في شيء أن أستمر في هذا الطريق...

كان الأمر واضحاً، لكنهم كانوا أكثر صرامةً: 'أنت لا تنوي الذهاب بهذه الأسئلة إلى أي مكانٍ آخر'. و'عليك نسيان ذلك حتماً. ننصحك أن لا تفعل ذلك بنفسك'، وأشياء من هذا القبيل.

وقال نيك أن جندياً من أصدقائه كان يشاركه نفس القلق ("تحدثنا في الأمر كثيراً ووجدنا أنه كلامٌ فارغ"). أما معظم الجنود فكانوا لا مبالين. والأسوأ من ذلك هو أن بعضهم كان يؤيد الإساءة إلى المحتجزين:

أما الأشخاص الذين كنت معهم (أي الأشخاص الذين كانوا تحت أمرتي) فكانوا يقولون أموراً من نوع [يستخدم صوت مراهق]: 'هل أحضر أحدٌ آلة تصوير؟'، وما شابه ذلك. كانوا متعطشين للدماء. إن في الجيش بعض الأشخاص من ذوي العقلية القديمة. لديك طيفٌ واسعٌ من الناس، لكن هناك أشخاص من النمط القديم الذي يميل إلى تلك الأشياء. إنهم يميلون إلى العنف. ولست أفهم ذلك. ويُفترض أن آلات التصوير ممنوعةٌ تماماً. وثمة لافتة موضوعة هناك تقول أنه لا يجوز إدخال آلات التصوير إلى ذلك المكان أبداً. لكن تلك القاعدة تعرضت للخرق مراتٍ كثيرة، بل كثيرة جداً.

"جنيف بلدةٌ في سويسرا"

كما ورد أعلاه، كانت لدى نيك وجنود الشرطة العسكرية الذين يعملون معه أوامر بإبقاء المحتجزين الجدد واقفين في الحاوية المعدنية دون نوم. لكنه أمر المجندين التابعين له بعدم ضرب المحتجزين:

[قلت لهم]: هذا ما أريده منكم، وهذه هي طريقة عملي. ولا يهمني ما يفعله الآخرون. فالأنظمة تقول 'يُمنع إدخال آلات التصوير'. إذن، لا تجلبوا آلات تصوير، ولا تضربوا الناس. أحاول إفهامهم أن يعاملوا الناس المعاملة التي يحبون تلقيها... اتفاقيات جنيف، ذلك ما أحاول فعله: أذكرهم باتفاقيات جنيف. أما ما نفعله فهو أننا لا نطبق تلك الاتفاقيات على السجناء.

ويقول نيك أنه لم يتلق أي تدريب على أعمال الاحتجاز أو على معايير اتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة المحتجزين، كما لم يتلق ذلك التدريب أيٌّ من جنوده:

اتفاقيات جنيف. لا تعدو معارف كثير من الناس، 99% من الناس، ما يلي: 'نعم، هناك فئة اتفاقيات جنيف على ظهر هويتي الشخصية'، [إشارةٌ إلى التصنيف الموجود على هويات الجنود]؛ أو 'جنيف بلدةٌ في سويسرا'. وهذا هو كل شيء بالنسبة لكثيرٍ من الناس. أما أنا فأعرف عن ذلك الأمر أكثر منهم بقليل: إنها القواعد التي تحكم الحروب وما شابه ذلك. لكنني لم أكن أعرف الكثير من المعلومات. فقد بحثت عن معلوماتٍ محددة تتعلق بمعاملة أسرى الحرب والمحتجزين، إلخ. فهذا ما كنت أبحث عنه. وحتى في هذه اللحظة لا أستطيع أن أستشهد بكثيرٍ منها...

هكذا هو الأمر. هذه هي الفكرة السائدة. وقد قيل لي: 'إنها مجموعةٌ أنظمة عفا عليها الزمن'.

'لا يمكنك انتزاع المعلومات من الناس هذه الأيام إلا بتحطيمهم'. وأشياء من هذا القبيل. هذا هو الموقف السائد. وهذا ما قاله الضابط المحقق. لقد قال بالحرف: ' لا يمكنك انتزاع المعلومات منهم إلا بتحطيمهم'.

أما برأي نيك، فلم يكن المحققون محترفين. وهو يعتقد أن معظم الإساءات تحدث بسبب الموقف العنصري تجاه المحتجزين. كان كثيرٌ من الحرس والمحققين يدعون العراقيين باسم "حجي". وكانوا يسخرون منهم ويوجهون لهم الإهانات. وقال نيك أيضاً أنه لا يعتقد بجدوى أساليب التحقيق المسيئة:

لست محققاً. وأنا لا أستطيع تقديم رأيٍّ خبير في هذا المجال. أما من وجهة نظري، فإن بعض الأشياء التي يفعلونها [تبين] أنهم كانوا يعرفون ما الذي يفعلونه. لكنني أعتقد أنه يلزمهم مزيدٌ من التدريب. كانوا يتكلمون العربية بشكلٍ جيدٍّ جداً. وكانت لديهم معلومات كثيرة فيما يتعلق بالوضع. أما فيما يخص التحقيق فإنهم يحتاجون إلى مزيدٍ من التدريب...

وأعتقد أن قسماً من المشكلة يكمن في العنصرية الصارخة تجاه العرب. إنها عنصريةٌ صارخةٌ تماماً وسيئة جداً. فعندما يكون لديك عدو لابد لك من تصويره كشيطانٍ حتى تستطيع الضغط على الزناد... لكنني أقول أن هناك طرقاً أفضل من محاولة تصوير شعب كامل بصورة الشيطان حتى [تخلق الحافز لدى جنودك].

أما فيما يتعلق بعملية التحقيق، ثمة طرقٌ كثيرة لاستخراج المعلومات من الناس. فبوجود الوقت الكافي يمكنك الحصول على المعلومات. أسمعُ بأن التعذيب كان مجدياً ذات يوم، فهل كان مجدياً حقاً؟ وكم هي المعلومات الصحيحة التي جرى تقديمها، وكم هي المعلومات التي قدمت للتخلص من الألم؟ أرجح أن بعض الحالات من هذا النوع قد وجدت هناك، في القائم. فالناس يتعبون مما يصيبهم فيقولون أي شيء...

لا أعتقد أن تلك هي الطريقة الصحيحة للعمل. وأعتقد أن ذلك يشجع الآخرين على أن يفعلوا بنا نفس الأشياء. فلو كنا مكانهم (لم يسبق لنا أن تعرضنا للغزو)، لو كنا مكانهم، فأعتقد أن الشعب الأمريكي سيحمل السلاح لو حدث له ذلك. ومن المؤكد أن نفس الناس الذين لا يرون مشكلةً في العمل على منع ذلك هنا سيجدون مشكلةً لو كان الأمر يحدث لهم.

تدقيق الروايات

تتفق رواية نيك عن قاعدة النمر مع روايات أخرى تعززها قدمها عدد من الجنود إلى هيومن رايتس ووتش. فقد تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى نقيب وحارس كانا يخدمان في قاعدة النمر عام 2003. ويقول الحارس أنه شاهد تحقيقات مسيئة يجريها محققون مدنيون في القاعدة. أما النقيب فلم يكن من المشاركين في عمليات الاحتجاز على نحو مباشر، لكنه قال أنه سمع عن الإساءات المرتكبة في تلك القاعدة من عسكريين آخرين، وأنه سمع ذات مرة أصوات عنف جسدي تأتي من الغرف التي يستجوب المحققون المدنيون المحتجزين فيها.[22]

كما سمع المحققون العسكريون أيضاً عن انتهاكات خطيرة أخرى في قاعدة النمر، ومن بينها حادثة قتل في نوفمبر/تشرين الثاني 2003. (غادر نيك القاعدة في سبتمبر/أيلول 2003). وقد أثيرت ادعاءات خطيرة بشأن الإساءات والتعذيب في قاعدة النمر خلال المحاكمتين العسكريتين التين عقدتا في كارسون بكولورادو ودارتا حول تعذيب ومقتل عراقي يبلغ السادسة والخمسين واسمه عابد حامد موهوش، وقد توفي في قاعدة النمر في نوفمبر/تشرين الثاني 2003. كان موهوش أحد جنرالات صدام حسين وكان يشتبه في علاقته بالهجمات ضد القوات الأمريكية وقت اعتقاله.[23]

(ويقال أيضاً أن عناصر المخابرات المركزية متورطون في حادثة القتل؛ كما أفادت الأنباء بأن القضية أحيلت إلى وزارة العدل للتحقيق فيها. وعندما طلبت هيومن رايتس ووتش من إدارة الجنايات في وزارة العدل معلومات عن مسار القضية قيل لها أن التحقيق ما زال مفتوحاً لكن الاتهام لم يوجه إلى أي من العاملين في المخابرات المركزية).

وفي مار/آذار 2005، أدين كل من الضابط المرشح لويس ويلشوفر والجندي جيري لوبر أمام محكمة عسكرية في فورت كارسون بالاعتداء والقتل في قضية موهوش. وكان قسم كبير من وقائع المحاكمة سرياً، كما اعتبر كثير من وثائق تلك القضية سرياً أيضاً. لكن المعلومات المقدمة في مجرى المحاكمة تكشف عن تفاصيل كثيرة حول أساليب التحقيق التي يسود استخدامها في قاعدة النمر وفي المناطق المجاورة للقائم عموماً. وخلال المحاكمة تسربت إلى صحفيي واشنطن بوست ودنفر بوست وثائق سرية كثيرة تتعلق بتلك القضية.

ويصف تقرير سري حصلت عليه جريدة واشنطن بوست تفاصيل احتجاز موهوش واستجوابه. ويقول أنه تعرض إلى ضرب عنيف من جانب مجموعة من المحققين العسكريين قبل يومين من وفاته. وقد ضربته تلك المجموعة "بقبضاتها وبالهراوات وبخرطوم مطاطي". وشارك في الضرب أحد عناصر المخابرات المركزية، ويشير إليه التقرير باسم "برايان من جهة حكومية أخرى" (وهو وصف يطلقه أفراد الجيش على المخابرات المركزية).

وفي المحكمة العسكرية التي جرت لويلشوفر ولوبر، أدلى محقق عسكري بشهادته حول الضرب الذي جرى (كانت الجلسة مغلقة، لكن الجيش نشر نصاً منقحاً للشهادة):

عندما لم يكن موهوش يجيب، أو عندما كان يقدم إجابات لا تعجبهم، كانوا [تم حجب الاسم] يصفعونه. وبعد عدد من الصفعات تحولوا إلى اللكمات. ثم تحولوا من اللكمات إلى [تم حجب الاسم] باستخدام خرطوم مطاطي.

وقال تقرير التحقيق العسكري أن بعض الجنود سمعوا موهوش "يُضرب بأداة صلبة" و"يصرخ".

وبعد الضرب الموصوف آنفاً، سارعت عناصر الجيش إلى تولي الاستجواب في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2003، وهم: المتهمان ويلشوفر ولوبر، والرقيب أول ويليام سومر (متخصص باللغات) والضابط جيف ويليامز (محلل استخباراتي). وطبقاً للشهادة المقدمة في المحكمة العسكرية، قرر المحققون وضع موهوش في أحد أكياس النوم، وأغلقوه عليه، وربطوه بسلك كهربائي. وقد توفي موهوش داخل ذلك الكيس.

وتحدد شهادة وفاة موهوش سبب الوفاة بأنه "اختناق بسبب الضغط على الصدر". ويقول تقرير التشريح في 2 ديسمبر/كانون الأول 2003 أن قسماً كبيراً من جسد موهوش يحمل "كدمات شبه دائمة"، إضافةً إلى وجود ستة أضلع مكسورة. ووجد التحقيق العسكري أن التحقيق ازداد تعقيداً بفعل تعرض موهوش إلى ضرب عنيف قبل إساءة معاملته من جانب المحققين العسكريين.

وتوضح الشهادات المقدمة أثناء مجريات المحكمة العسكرية أن كثيراً من الأساليب التي استخدمت مع موهوش كانت موضع موافقة القيادة، وأنها كانت تستخدم بانتظام في قاعدة النمر.

وفي مارس/آذار 2005، وخلال جلسة الاستماع التي تسبق المحاكمة، أدلى الضابط ريتشارد مانوارينغ الذي كان يعمل مع ويلشوفر في العراق بشهادة قال فيها أن استخدام "طريقة كيس النوم"، وطرق أخرى مثل وضع المحتجزين في الخزانة والقرع عليها من الخارج، وسائل "مناسبة"، وأنه استخدمها بنفسه من أجل تخويف المحتجزين. وفي نفس الجلسة شهد العقيد ديفيد أ. تيبلز الذي كان يقود فوج الخيالة المدرع الثالث وقت وقوع الحادثة بأنه يرى "استخدام الخوف من الأماكن المغلقة" أمراً فعالاً. وقدم تصريحاً مسجلاً قال فيه أن استخدامها كان مسموحاً في القاعدة. وألقى تيبلز بمسئولية وفاة موهوش على الضرب الذي تعرض له من قبل المخابرات المركزية ومن قبل جماعة عراقية.

وفي المحكمة، شهد ويلشوفر نفسه في يناير/كانون الثاني 2006 أن مذكرة بتاريخ 30 أغسطس/آب 2003 قالت بأنه لا توجد "قواعد اشتباك" محددة فيما يخص أعمال الاستجواب لأن المركز القانوني للمحتجزين بوصفهم "محاربين لا يتمتعون بحقوق" لم يكن واضحاً:

تقول [مذكرة 30 أغسطس/آب] أساساً أنه لا توجد قواعد اشتباك خاصة بأعمال الاستجواب على حد علمهم [كبار القادة]. وأنهم ما زالوا يحاولون جاهدين التوصل إلى تعريف للمحتجز.

وتقول أيضاً أن القادة ضاقوا ذرعاً بالإصابات التي تقع في صفوف جنودنا، وأنهم يريدون منا استخدام القسوة.... ولم نتلق أية إرشادات من القيادة إلا المذكرة التي تقول أن المحتجزين محاربين لا حقوق لهم.[24]

المسئولية الجنائية

تبدو جميع الإساءات الموصوفة أعلاه تقريباً مخالفةً لقانون العقوبات العسكري وقانون العقوبات الفيدرالي الأمريكيين، وكذلك للقانون الإنساني الدولي. وكانت كثير من "الأساليب" التي قيل في محاكمات فورت كارسون فيما بعد أنها "مناسبة" أو "مسموحة" أساليب غير قانونية. (لمزيدٍ من المعلومات عن الأحكام القانونية الخاصة بمعاملة المحتجزين في العراق، انظر فصل "المعايير القانونية" أدناه). لكن، وكما هو الحال في الإساءات المرتكبة في معسكر ناما، فإن المؤشرات على اتخاذ الجيش تدابير منهجية للتحقيق في الإساءات ومقاضاة مرتكبيها ضعيفة جداً. ففيما عدا التحقيقات المتصلة بقضية ويلشوفر، لم يعرف عن أية تحقيقات جنائية حول الإساءات المرتكبة في القائم.

كما لا توجد مؤشرات على إجراء أي تحقيق مع الضباط الأعلى رتبةً وفق التسلسل العسكري أو محاسبتهم. وذلك رغم أن القصص الواردة هنا والشهادات المقدمة في محاكمات فورت كارسون توحي بإمكانية تحميل الضباط مسئولية السماح بالأساليب المسيئة. إضافة إلى مسؤوليتهم بموجب مبدأ مسئولية القائد، لأن من الواضح أنهم عرفوا بالإساءات المرتكبة ولم يفعلوا شيئاً لإيقافها.

الموصل: معسكر دياموند باك/معسكر غلوري

قامت هيومن رايتس ووتش أيضاً بتوثيق ادعاءات عن وقائع سوء معاملة جرت في مراكز توقيف في مطار الموصل شمال العراق. ويتـناول العرض التالي إساءات ارتكبها فريق المواجهة في "منطقة سيطرة الفوج" الثاني (وهي وحدة من الفرقة المجوقلة رقم 101 في الموصل)، وفي مبنى احتجاز مستقل في المطار يستخدم حصراً من قبل فريق خاص من فقمات البحرية، "الفصيل السابع الحربي البحري الخاص"، ويعرف أحيانا باسم فريق فقمات البحرية رقم 7. ( تم تحويل القوى المتواجدة في مطار الموصل إلى مركزين في المطار يعرفان بمعسكر دياموند باك ومعسكر غلوري). يشمل العرض تفاصيل عن دور ضباط المخابرات العسكرية في تشجيع المحققين على استخدام وسائل عنيفة ضد المحتجزين خلال الاستجواب بما في ذلك إبقاؤهم في وضعيات مؤلمة وحرمانهم من النوم وتهديدهم بكلاب الحراسة.

الاستجواب

عمل توني لاغورانيس، وهو محقق عسكري برتبة أخصائي مع كتيبة الاستخبارات العسكرية رقم 202، في مطار الموصل من شباط/فبراير إلى أبريل/نيسان 2004[25]. وقد قدم معلومات استخباراتية لعمليات المواجهة في الموصل، وعمل مع كتيبة الاستخبارات العسكرية رقم 311 المتواجدة في الموصل في ذلك الوقت. واستجوب لاغورانيس العديد من المحتجزين المحولين إلى هذا المركز، بالإضافة إلى محتجزين تم احتجازهما أولاً في مركز فقمات البحرية وتم تحويلهم بعدئذٍ إلى الحجز العسكري. ومن بين من استجوبهم أشخاص تم اعتقالهم من قبل فقمات البحرية ووحدات الجيش المتمركزة في الموصل، والتي كانت تتألف في ذلك الوقت في غالبيتها من وحدات تابعة للفرقة المجوقلة رقم 101[26].

وقد أخبر لاغورانيس هيومن رايتس ووتش أنه شاهد منذ اليوم الأول لنقله إلى الموصل استخدام أساليب التعذيب بما في ذلك الحرمان من النوم والتعريض للبرد الشديد والتمارين القسرية واستخدام وضعيات الشد المؤلمة واستخدام كلاب الحراسة لترويع المحتجزين معصوبي الأعين، واستخدام الموسيقى الصاخبة والأضواء الشديدة الوامضة لتشويش المحتجزين ومنعهم من النوم. ويقول لاغورانيس أنه لم يستخدم هذه الأساليب بنفسه أول الأمر. لكن، وبعد بضعة أيام في الموصل (وبعد الضغط الذي مورس عليه من قبل رؤسائه من ضباط الاستخبارات العسكرية) بدأ يشارك في الاستجواب الذي يقوم أثناءه عناصر الاستخبارات العسكرية و الشرطة العسكرية بتعذيب المحتجزين:

تطور الأمر. كنا نقوم باستجوابات طبيعية نستخدم فيها الطرق العادية [أساليب التحقيق الشرعية النموذجية]. ولكن بعد وصولنا بأسبوع أو أسبوعين قرر ضابط الصف [المسئول عن وحدة التحقيق] أننا نحتاج إلى تصعيد الأمر قليلا. وهكذا عرّفنا على بعض الأشياء كأن نبقى في حراسة شخص طوال الليل وهو راكع على ركبتيه في العراء [أي في البرد]...

ووصف لاغورانيس للمنظمة كيف تحولت إحدى جلسات التحقيق التي ضمت شقيقين محتجزين متهمين بالعصيان، إلى جلسة تعذيب بعد أن دفعه ضابط الاستخبارات العسكرية المسئول عنه ودفع فريقه إلى أن يصبحوا أكثر عدوانية:

[خلال التحقيق الأولي] عملنا بقسوة مع هؤلاء الشباب. كان هناك شقيقان وعلمنا أنه كان لديهما متفجرات. وهكذا قال ضابط الصف [دون ذكر الاسم]: 'انظروا، هذا ما سنقوم به: سنحرمهما من النوم طوال الليل، وسنبقيهما جاثيين دون أن نسمح لهما بالنوم'. كان دقيقاً جداً فيما قال، فهو لم يقل: 'أريدكم أن تعذبوا هذين الشابين'، بل كان دقيقاً وحدد بالضبط ما أراد...

وفيما بعد أطلقنا بضعة كلاب على الشابين وتم كل شيء... قال [ضابط الاستخبارات العسكرية] تعلمون أن لدي مدربي الكلاب هؤلاء، ولدي عناصر الشرطة العسكرية هؤلاء، وأنهم سيأتون وستقومون أنتم باستخدامهم في التحقيق... جاء عناصر الحرس وتحدثنا عما يمكن وما لا يمكن أن نفعله. وهكذا تدبرنا الأمر معهم... لم نستعمل الضرب على الإطلاق. ولكننا أرغمنا هذين الشابين على القيام [بتمرينات جسدية] قاسية جداً. كما كانت وضعيات الشد صعبة جداً عليهما... كما تعلمون الركوع على الحصى، المشي على الركب على الحصى... جعلهم يقفون بأيد ممدودة وهم يحملون بها أوعية الماء لفترات طويلة، والزحف في منطقة مليئة بالحصى. وكان حراس السجن يساعدوننا في ذلك.

وقال لاغورانيس أن تقنيات التعذيب كانت شائعة في الموصل وأن الفوضى كانت عامة. كما كان هناك دلائل على انتهاكات أكثر خطورة ارتكبتها فقمات البحرية في مركز الاحتجاز التابع لها. فقد أكد لاغورانيس أنه رأى كدمات وعلامات تعذيب أخرى على المحتجزين المحولين إلى الحجز العسكري من مركز فقمات البحرية. كما تكلم عن قيام الفقمات بإيداع أو أخذ محتجزين من الحجز العسكري دون تقديم أي تفسير.

غياب الإرشاد

قال لاغورانيس، لم يكن هناك أي تدريب أولي أو دليل يرشد المحققين إلى الأشياء المسموحة والأشياء الممنوعة. كانت هناك تعليمات من ضابط الاستخبارات العسكرية باستخدام أساليب التعذيب. وأضاف أنه لم يكن هناك إجمالاً سوى القليل من الإرشاد والرقابة على كيفية إجراء التحقيق: "لم يقم أي من المحققين بتدريبي. عملنا أولاً بإشراف ضابط الصف المسئول ثم بدأنا العمل كمحققين".

في آذار 2004 عندما أعرب لاغورانيس ومحقق آخر عن قلقهما من التقنيات المستخدمة، قدم ضابط الاستخبارات العسكرية المشرف لهما بطاقة تحمل قوانين العمل في التحقيق التي تخولهما استخدام الكلاب والتعريض لدرجات حرارة حارة وباردة والحرمان من النوم والتمارين القسرية ووضعيات الشد المؤلمة والتلاعب بالبيئة (السماح باستخدام الضوء المتواتر والموسيقى الصاخبة):

عندما كنا نقوم بذلك العمل كنا نعمل تحت إمرة ضابط صف مسئول [حجب الاسم]؛ كان يخبرنا أن هذا ما يريده. ولكن حين قال لنا ذلك، تعرفون بالطبع، شعرنا بقليل من القلق. ولذلك طالبنا بأنظمة العمل إثناء التحقيق[27]؛ فأعطانا القوانين التي كان من المفترض أن وحدته تستخدمها.

روايات مؤيدة

هناك روايات أخرى عن سوء المعاملة في مركز الاحتجاز بالموصل وثقها المحققون العسكريون أواخر 2003 وخلال 2004، وهي تؤيد روايات لاغورانيس (بما في ذلك الإساءات التي ارتكبها فقمات البحرية في الموصل).

وعلى سبيل المثال، توفي في 9 ديسمبر/كانون الأول 2003، حسب وثائق التحقيق الجنائي العسكري، محتجز يدعى أبو مالك كنامي (يعرف أيضاً باسم عبد الرضا لفتة عبد الكريم) أثناء احتجازه في مطار الموصل بعد خضوعه لأساليب تحقيق مشابهة للطرق المذكورة أعلاه[28]. (كان ذلك قبل شهر من وصول لاغورانيس إلى الموصل). وقد أخبر عناصر الجيش المحققين بأن كنامي، الذي اعتقل قبل بضعة أيام من وفاته، تعرض لعقوبات متكررة "لكي يتكلم" حيث أجبر على إجراء تمارين مجهدة وهو يحمل كيسا من الرمل على رأسه. وفي ليلة وفاته أجبر على وضع يديه خلف رأسه وأودع مع محتجزين آخرين زنزانة وطلب منه أن ينام. وقد وجد كنامي ميتاً في الصباح التالي. ولم يجر تشريح للجثة، ولم يتم تحديد سبب رسمي للوفاة. وبعد نشر فضيحة سجن أبو غريب تم البدء بدراسة قضية كنامي. وقد انتقد دارسو القضية العسكريون التحقيق الجنائي الأولي لعدم إجراء تشريح للجثة، ولعدم مقابلة المحققين والأطباء والمحتجزين الذين كانوا مع الضحية، ولعدم جمع الأدلة المادية. ويبدو أن الجيش لم يتخذ أي إجراء عقابي أو تأديبي بحق أحد في هذه القضية حتى تموز/يوليو 2006.

وفي كانون الثاني/يناير 2004 ذكر تحقيق عسكري آخر حالة إساءة أخرى بحق محتجز في نفس المركز في الموصل، ثم قدم تقريراً بها في 10 ديسمبر/كانون الأول 2003 (بعد يوم واحد من وفاة كنامي، المحتجز المذكور سابقا). فقد زعم محتجز دون العشرين من العمر، وكان يخضع لتمارين مجهدة كما سيرد لاحقاً، أنه تعرض للضرب من قبل جندي مما أدى إلى كسر في فكه[29]. وقد تم نقله إلى بغداد بالطائرة من أجل إجراء عمل جراحي. وأجري تحقيق عسكري بطلب من الجنرال ديفيد بتراس، وردت فيه التفاصيل التالية، بعنوان "حقائق" في تقرير التحقيق:

إما أن المحتجز [تم حجب الاسم] تعرض للضرب أو للسقوط حوالي الساعة 11:50 من قبل ظهر 30 ديسمبر/كانون الأول 2003، مما أدى إلى كسر في الفك. [يبدو أن التاريخ مكتوب بشكل خاطئ: فكل الروايات الأخرى تقول إن الحادثة تمت في 10 ديسمبر/كانون الأول 2003]...كان هناك جنود من 1/502 و3/327 و2/44 و311MI في نفس الوقت في منطقة سيطرة الفوج، يعملون كحراس أو يقومون بأدوار لصالح الاستخبارات العسكرية.

لقد كان المحتجزون [في مطار الموصل] يتعرضون بشكل مقصود ومنهجي لمعاملة سيئة (موسيقى حادة صاخبة، وبوق النفخ، والضرب بزجاجات الماء، والإجبار على القيام بتمارين جسدية مكررة حتى الإنهاك، والإغراق في الماء البارد، والحرمان من النوم، والرفع عن الأرض بقسوة عندما يعجز المحتجز عن النهوض).

كان يوضع على رأس المحتجزين أكياس مكتوب عليها جهاز متفجر، وقال جنود المشاة أن الهدف من ذلك هو إثارة غضبهم ضد المحتجزين وقد تحقق ذلك بالضبط...

إن معاملة هؤلاء المحتجزين تشكل انتهاكا لاتفاقية جنيف الثالثة والرابعة[30].

كما قدم ضابط التحقيق ملخص "لأقوال الشهود" المأخوذ من عناصر مختلفة من الفرقة المجوقلة رقم 101 والملخص هو:

[تم حجب الاسم] 1/502[31]: كنا نزعج دائما المحتجزين. كانوا دائماً يقولون لنا "دخنوا المحتجزين،[32]ولكن لا تؤذوهم جسدياً". رأيت المسئول يرميهم أرضاً ويضع ركبته على ظهورهم ورقابهم ويهرسهم على الأرض. كان يستخدم بوقا ويصرخ عليهم باللغة العربية ويرفع صوت الموسيقى الصاخبة إلى أعلى حد فيخافون ويتبولون على أنفسهم. لقد كان عدوانيا وقاسيا جداً معهم. وأخبرونا أن لا نطعمهم سوى البسكويت الهش والماء (ربما بسبب تأخر الوقت).

[تم حجب الاسم] 1/502: كانوا يخططون لإغضاب رجال المشاة بكتابة جهاز متفجر[33] على أكياس يضعونها على رؤوس المحتجزين.

[تم حجب الاسم] من تفاصيل الحرس 3/327[34]: سنرغمهم على البقاء يقظين من خلال الطرق على الأبواب المعدنية وتشغيل الموسيقى الصاخبة والصراخ عليهم طوال الليل هذه كانت التعليمات. لقد أخبرونا أن لا نضربهم.

[تم حجب الاسم] و [تم حجب الاسم] 3/327: كانت التعليمات المعطاة إلينا بأن نبقيهم يقظين وأن ندخنهم وأن نصرخ عليهم ولكن أن لا نؤذيهم.

[تم حجب الاسم] 2/44[35]: لقد "قهرنا" المحتجزين جعلنا الكثير منهم يسقطون ويؤذون أنفسهم.

[تم حجب الاسم] 1/502: [تم حجب الاسم، ربما المحتجز الذي كسر فكه] كان على رأسه كيساً رملياً [مكتوباً] عليه جهاز متفجر، اجتمع الحرس عليه وهم يصرخون بعبارات مثل "تريد أن تستخدم متفجرات يا سافل" ويزيدون في تعذيبه. كانوا يعذبونه بشدة عندما سمعته يصرخ من الألم (قد يكون سقط أو تعرض للضرب).

[تم حجب الاسم] 3/327: هناك الكثير من المحتجزين المكتوب على أكياسهم جهاز متفجر. عندما سقط كنت قريبا منه وساعدته على النهوض. نفخ المترجمون دخان سجائر في أكياس الرمل التي على رؤوس المحتجزين. كما صبوا الماء عليهم لجعلهم ينهضون بعد أن أجهدهم التعذيب.

[تم حجب الاسم] 3/327: "كنا نصرخ بالبوق على المحتجزين ونجبرهم على أداء تمرينات جسدية مثل الرفس في الهواء ورفع وخفض اليدين وأشياء من هذا النوع". كنا نعلم أن هذه الأشياء مطلوبة منا لأن ضابط الاستخبارات العسكرية كان يقوم بهذا الشيء. وهو لم يقل أن ذلك جزء من التدابير النموذجية العملية. كان يقول "علينا أن نحرمهم النوم، وأن لا ندعهم يتكلمون، وأن لا نؤذيهم". لقد رأيت "المحتجزين ينهارون بسبب التمارين الجسدية العنيفة".

وبالرغم من توثيق الانتهاكات المذكورة، لم يوص التحقيق بمحكمة عسكرية أو بإجراء تأديبي ضد الجنود أو ضد آمر وحدة الاستخبارات العسكرية في مطار الموصل، بل وضع اللوم بدلاً من ذلك على الإخفاقات والمشاكل المنهجية، مشيراً إلى أن وحدة الاستخبارات العسكرية تحملت أكثر مما تستطيع ولم تكن مدربة على إدارة مركز احتجاز. ثم أشار التقرير إلى أن: "تم تصحيح كل الاختلالات في منطقة الفوج الضارب[36]"، وهذا التأكيد يتعارض مع التقارير الأخيرة عن الانتهاكات في عام 2004 التي قدمها لاغورانيس والمتضمنة في وثائق أخرى مذكورة في هذا التقرير.

والحقيقة أن هناك العديد من التقارير التي تتحدث عن انتهاكات في مطار الموصل في 2004 بعد التحقيق المذكور، بما في ذلك حالة وفاة أخرى. فقد توفي محتجز يدعى رشاد محمد في مطار الموصل حوالي 5 أبريل/نيسان 2004[37]. وحسب السجلات العسكرية لتشريح الجثة التي تم كشفها بموجب قانون حرية المعلومات، فقد اعتقل محمد من قبل فقمات البحرية في منطقة الموصل، ثم نقل إلى مطار الموصل للاستجواب[38]. (غير واضح ما إذا كان محمد محتجزا طوال الوقت لدى فقمات البحرية أم أنه نقل إلى عهدة الجيش لبعض الوقت). ويقول التقرير الطبي عن وفاته:

هذه جثة رجل مدني عمره حوالي 27 سنة، يفترض أنه عراقي الجنسية، توفي في الحجز الأمريكي بعد حوالي 72 ساعة من اعتقاله. وحسب التقرير، فإن الأمر استدعى قوة بدنية لاعتقاله أثناء إحدى الغارات. وخلال فترة حجزه تم إدخال رأسه في كيس وحرم من النوم وتعرض لظروف بيئية حارة وباردة بما في ذلك صب الماء البارد على جسده ورأسه[39].

كما يتكلم تقرير تشريح الجثة عن "عدد من الأذيات الصغيرة والسحجات والكدمات" و"رض ناجم عن قوة كليلة ونقص أكسجة موضعي"، ولكنه يقول بعد ذلك بأن سبب الوفاة وأسلوب الوفاة "غير محددين"[40]. وحسب التقارير الواردة في أواخر 2004 تم استدعاء ثلاثة من فقمات البحرية إلى محكمة عسكرية تتعلق بوفاة محمد، بسبب اعتدائهم العنيف وقسوتهم وسوء معاملتهم للمحتجزين، ولكن من غير المعروف ما إذا تم توجيه التهمة إلى أي منهم[41].

في مايو/أيار ويونيو/حزيران 2006 طلبت هيومن رايتس ووتش من مسئولي الشؤون العامة العسكرية معلومات عن حصيلة هذه الحالات. وفي 21 يونيو/حزيران 2006 اتصل القائد البحري جيفري بندر، وهو مسئول شؤون عامة في القيادة الحربية الخاصة للبحرية، اتصل مع المنظمة عبر البريد الالكتروني ليقول إن مكتبه لا علم له بأية محاكم عسكرية أو إجراءات تأديبية متعلقة بهذه الحالة.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الروايات المذكورة أعلاه سواء التي قدمها لاغورانيس أو تلك المتضمنة في وثائق التحقيق العسكري تتفق مع الروايات التي قدمها المحتجزون الذين احتجزوا في الموصل في 2003 و2004. على سبيل المثال:

أفاد محتجزان هما هيثم سعيد الملاح وياسر رباعي سعيد القطاجي، لأحد المحامين البريطانيين بأنهما احتجزا وأسيئت معاملتهما في مركز احتجاز في مطار الموصل أوائل عام 2004، يسمونه "الديسكو" (وهذا الاسم، حسب لاغورانيس كان يستخدمه الجنود أحيانا لوصف مبنى منطقة سيطرة الفوج في الموصل). يقول الملاح أنه اعتقل في الديسكو في يناير/كانون الثاني 2004، وأن الأمريكيين "تركوني واقفا لساعات مكبل اليدين ورأسي في كيس...تعرضت لرفسات شديدة في البطن تلاها ضرب متواصل بالعصي وبالأحذية العسكرية حتى فقدت الوعي. ولم أستيقظ إلا بعد أن صبوا على رأسي ماءً شديد البرودة". وقال الملاح أن هناك محتجزين آخرين تعرضوا أيضاً لسوء المعاملة، حيث أجبروا على تنفيذ تمارين مجهدة، وضربوا ورشقوا بالماء البارد عندما كانوا يسقطون على الأرض. ولم يكن مسموحاً لهم استخدام المرحاض خلال هذه الجلسات، فقد كان يسمح لهم بالنوم لمدة ساعتين متواصلتين فقط. وقد تحدث المحتجز الآخر، القطاجي، عن أشياء مشابهة. فحسب شاينر، اعتقل القطاجي في مارس/آذار 2004. ويقول إنه أجبر خلال فترة احتجازه على اتخاذ وضعيات مؤلمة ورشق بالماء البارد[42].

ويقول أحد محتجزي سجن أبو غريب في يونيو/حزيران 2004 إنه تعرض لمعاملة سيئة جداً في مطار الموصل بعد اعتقاله في مارس/آذار 2004: وبالتحديد تعرض للضرب وحرم من النوم بواسطة الموسيقى الصاخبة وغيرها من الوسائل، وترك في العراء في الطقس البارد وأغرق مرارا بالماء البارد وتم جره وهو عارٍ على أرض صخرية. وفي إحدى المرات تم ربطه ووضعه قريباً من مصدر ناري حرق إحدى ركبتيه[43]. وتدل رواية هذا المحتجز على أنه نقل إلى مبنى الجيش في مطار الموصل ولكنه أعيد مرة واحدة على الأقل من أجل المزيد من التحقيقات من قبل الفقمات. وقد أكد التحقيق أن هذا المحتجز اعتقل من قبل فقمات البحرية من الفصيل السابع الحربي البحري الخاص، في حوالي 6 مارس/آذار 2004 في الموصل، وأنه احتجز في مركز احتجاز مطار الموصل حيث كان للفقمات مبنى مستقل كما أكد التحقيق أنه احتجز في مبنى الفقمات في المطار، وتؤكد التقارير الطبية أنه تعرض لأذى في الموصل خلال فترة احتجازه بما في ذلك الحروق؛ وبالتحديد يورد أحد التقارير الطبية في 21 مارس/آذار 2004 أن المحتجز "بعد استجوابه في اليوم السابق كانت لديه حروق من الدرجة الثانية وكان جلده مسفوعاً بالنار". ورغم كل هذه الحقائق، تم إغلاق التحقيق دون أن يقاضى أو يعاقب أحد. وقد زعم عناصر فقمات البحرية أثناء التحقيق أن المحتجز رمى نفسه على الأرض مما تسبب له بالأذى. وقد استنتج أحد ضباط التحقيق دون سند أن رواية المحتجز لم تكن صحيحة، وقال إن السجلات الطبية لا تؤيد مزاعمه، مؤكداً دون تفسير أن "الحروق المزعومة [على جسد المحتجز] ليست حروقاً حرارية"[44].

الضلوع الإجرامية

إن معظم الإساءات المذكورة هنا، كما هو الحال مع الشهادات الواردة من مراكز احتجاز أخرى تشكل انتهاكات للقانون الجنائي الفدرالي والعسكري الأمريكي وللقانون الإنساني الدولي. (للمزيد من المعلومات عن المواد المطبقة على معاملة المحتجزين في العراق انظر فصل "المعايير القانونية" لاحقاً). وكما في الحالات الأخرى أيضاً، ليس ثمة أدلة تذكر على أن الجيش اتخذ أية خطوة جدية للتحقيق في الإساءات ورفعها إلى القضاء، سوى التحقيقات القليلة السطحية المذكورة أعلاه. وإلى جانب الجهود القليلة المذكورة سابقاً، فإن هيومن رايتس ووتش لا علم لها بأية تحقيقات أخرى أو محاكمات عسكرية تخص إساءة معاملة المحتجزين في مطار الموصل. وكما ذكرنا سابقاً فقد طلبت هيومن رايتس ووتش معلومات من قيادة الحرب الخاصة البحرية في يونيو/حزيران 2006 بشأن التحقيقات التي تطال فقمات البحرية قرب الموصل، ولكنها أخبرت بأنه لا يوجد أية معلومات.

لا توجد أدلة على أن الضباط المتسلسلين في القيادة في الموصل قد تحملوا أية مسئولية عن سوء المعاملة رغم أن هناك أسئلة جدية يمكن طرحها بشأن مسئولية الضباط. وتذكر إحدى التحقيقات التي جرت في كانون الثاني/يناير 2004 بشأن سوء المعاملة في الموصل، أن هناك إساءات منهجية في عملية الاعتقال والتحقيق في المدينة، ومع ذلك يبدو أن الضباط لم يقوموا بأي جهد أو قاموا بجهود ضعيفة لتصحيح الوضع أو لمعاقبة المسيئين. وكما ذكرنا من قبل، وفق مبدأ مسئولية القيادة، يمكن أن يتحمل القادة مسئولية الجرائم التي يرتكبها مرؤوسيهم إذا علموا أو إذا كان يجب أن يعلموا بالإساءات وقصروا عن منعها. هناك حاجة إلى المزيد من التحقيقات في دور القيادة في الموصل، وفي الإساءات الجارية نفسها، ولكن الروايات والوثائق المذكورة هنا تدل على أنه يجب التحقيق مع القادة العسكريين في الموصل، كما تحكي الوقائع، وتحميلهم المسئولية الإجرامية عن الإساءات.

IV. المعايير القانونية

إن أعمال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية المزعومة في هذا التقرير تقع في جانب واضح من القانون. فخلال الفترات الزمنية التي يناقشها هذا التقرير، تقع المسئولية على القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق وفق العديد من مواد اتفاقيات جنيف 1949، والقانون العرفي الدولي[45]. إن اتفاقيات جنيف لا تنطبق فقط على الصراع المسلح بين الولايات المتحدة والعراق خلال مارس/آذار وأبريل/نيسان 2003 بل أيضاً على فترة الاحتلال التالية. وبالتحديد، فإن الولايات المتحدة تتحمل المسئولية كقوة احتلال وفق بنود اتفاقية جنيف الرابعة حتى 28 يونيو/حزيران 2004 على الأقل عندما تم نقل السيادة رسمياً إلى الحكومة العراقية المؤقتة[46].

تعتبر المادة 130 من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة أن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية بحق أشخاص تحميهم الاتفاقيات الخاصة هي "انتهاكات فظيعة" لهذه الاتفاقيات[47].

إن أعمال التعذيب والمعاملة السيئة التي جرت بحق أشخاص محميين والمذكورة بالتفصيل في هذا التقرير تشكل انتهاكات فظيعة لاتفاقيات جنيف. إن الولايات المتحدة ملزمة بالتحقيق ومقاضاة الانتهاكات التي ارتكبها الجنود الأمريكيون في العراق. فاتفاقيات جنيف تلزم الولايات المتحدة البحث عن الأشخاص الذين ارتكبوا أو أصدروا الأمر بارتكاب الانتهاكات وتقديمهم للقضاء[48].

هناك بنود أخرى من قوانين الحرب ذات الصلة يمكن تطبيقها. إن النزاعات المسلحة المتواصلة في العراق منذ نهاية حكم صدام حسين تعتبر نزاعات غير دولية (داخلية)، تحكمها المادة العامة 3 من اتفاقيات جنيف 1949 ("المادة العامة 3")، التي تتناول بالتفصيل المعايير الدنيا لمعاملة الأفراد خلال الصراع المسلح غير الدولي[49]. (إن المادة العامة 3 ومواد البروتوكول I لعام 1977 لاتفاقيات جنيف التي تحمي أيضاً المحتجزين، تعتبر أيضاً انعكاساً للقانون العرفي الدولي)[50].

تحظر المادة العامة 3:

في أي زمان ومكان سواء ارتكبها معتمدون مدنيون أم عسكريون:

(أ) ممارسة العنف إزاء حياة الأشخاص أو صحتهم أو سلامتهم البدنية أو العقلية وبوجه خاص:

أولا: القتل، ثانيا: التعذيب بشتى صوره بدنيا كان أم عقليا، ثالثا: العقوبات البدنية، رابعا: التشويه،

(ب) انتهاك الكرامة الشخصية وبوجه خاص المعاملة المهينة للإنسان والمحطة من قدره والإكراه علي الدعارة وأية صورة من صور خدش الحياء.

وتوجد مواد إضافية يمكن تطبيقها، شبيهة بالمواد المذكورة للتو، في "الضمانات الأساسية" التي تؤمنها المادة 75 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف التي يتم قبولها، كما ذكرنا، على أنها انعكاس للقانون العرفي بشأن الصراعات المسلحة سواء كانت دولية أو غير دولية.

إن سوء المعاملة التي تعرض لها السجناء وذكرت تفاصيلها في هذا التقرير، تشكل أيضاً انتهاكاً لالتزامات الولايات المتحدة في ظل قانون حقوق الإنسان الدولي. إن اتفاقية التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تحظر التعذيب و"المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة"، وتنص على أنه "يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب"[51]. ويضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[52]، الذي يحظر أيضاً التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، حق عدم التعرض للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في ظل أي ظرف كان، بما في ذلك خلال فترات الطوارئ العامة[53].

بالإضافة إلى الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي هناك مواد عديدة في القانون الموحد الأمريكي للقضاء العسكري يخضع الجنود إلى محكمة عسكرية أو إجراءات تأديبية بسبب سوء معاملة السجناء[54]. إن المواد الإجرامية القابلة للتطبيق في هذا القانون تشمل المادة 93 (القسوة وسوء المعاملة)، والمادة 128 ( الاعتداء)، والمادتين 118 و119 (القتل والقتل غير المقصود)، بالإضافة إلى المادة 120 (الاغتصاب والعلاقات الجنسية)، والمادة 124 (بتر الأعضاء)، وبما يتعلق بالضباط، المادة 133 (سلوك غير لائق للضابط). ويمكن تقديم الضباط الكبار الذين أعطوا الأمر بالمعاملة السيئة للسجناء أو الذين علموا بها أو كان يفترض أن يعلموا بها ولم يتخذوا الإجراءات المناسبة، يمكن تقديمهم إلى القضاء كقضية إخلال بمسئولية القيادة[55].

ويمكن أيضاً تطبيق القانون الجنائي الفيدرالي الأمريكي. إن قانون جرائم الحرب لعام 1996 (18U.S.C2441) يجرم أي عنصر يرتكب جريمة حرب، وهو ما يشمل أي سلوك يشكل انتهاكاً كبيراً لاتفاقيات جنيف وأي سلوك يشكل انتهاكاً للمادة العامة 3. إلى ذلك فإن القانون الفيدرالي (18 U.S.C 2340)، الذي سنّ عام 1994، يقاضي أي مواطن أمريكي أو أي شخص متواجد في الولايات المتحدة ارتكب، أثناء وجوده خارج الولايات المتحدة، أو حاول ارتكاب أعمال تعذيب. كما أن العناصر الأمريكيين واقعون تحت طائلة المواد الفيدرالية النافذة في حال الاعتداء والإساءة الجنسية والقتل.

V. استنتاجات

إن كثيراً من الجرائم المذكورة تفاصيلها في هذا التقرير تنتهك القانون الإنساني الدولي والقانون العسكري الأمريكي والقانون الجنائي الفيدرالي في الولايات المتحدة. كما يمثل امتناع حكومة الولايات المتحدة عن التحقيق كما ينبغي في هذه الانتهاكات إهانةً لضحايا سوء المعاملة وخرقاً لالتزامات الولايات المتحدة حيال اتفاقيات جنيف التي تلزم الدول بمقاضاة الانتهاكات الخطيرة لأحكامها ("الخروقات الخطيرة").

وتشكل الروايات الواردة في هذا التقرير دليلاً إضافياً على أن الإساءة إلى المحتجزين كانت ممارسةً دائمة؛ ومن الواضح أنها كانت جزءاً يحظى بموافقة السلطات من عمليات الاستجواب والتحقيق في العراق في معظم الفترة الممتدة من 2003 إلى 2005. وتبين هذه الحالات أيضاً أن الجنود الذين حاولوا الإبلاغ عن هذه الإساءات أو كشفها واجهوا عقبات منهجيةً تمنعهم من ذلك. وأن القوات المسلحة لم تتخذ في عدد كبير من الحالات إجراءات كافية لوقف هذه الإساءات التي جرى التبليغ عنها. ويبين التقرير أيضاً أن الجيش الأمريكي غالباً ما كان يمتنع عن إجراء التحقيق اللازم ومقاضاة المرتكبين، بمن فيهم الضباط الذين سمحوا بوقوع بالإساءات أثناء فترة عملهم.

كلمة الشكر

كتب هذا التقرير جون سيفتون، كبير الباحثين في الإرهاب ومحاربة الإرهاب لدى هيومن رايتس ووتش. وهو يستند إلى أبحاث أجراها كل من سيفتون ومارك غارلاسكو، كبير المحللين العسكريين لدى هيومن رايتس ووتش. وقامت بالتحرير جوانا مارينر، مديرة برنامج هيومن رايتس ووتش حول الإرهاب ومحاربة الإرهاب. وتولى آشلينغ ريدي المراجعة القانونية. كما تولى كل من تودلين ديسورسز وأندريا هولي إخراج التقرير. وقام رافائيل جيمينيز بتصميم الغلاف. وقدم فيتزروي هيبكنز مساعدةً في إنتاج التقرير. أما دانييل ماتزا-براون وكولين بيبارد وزوي سالزمان وهانا أبرامز وبرنارد كاو فقدموا مساهمات بحثية لا تقدر بثمن.

وتود هيومن رايتس ووتش تقديم شكر خاص لكاثرين هوكينز التي أجرت بحثاً معمقاً عاماً من أجل هذا التقرير.

ويسر هيومن رايتس ووتش أن تشكر كلاً من اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، ومنظمة هيومن رايتس فيرست، ومركز الحقوق الدستورية، ومركز جامعة نيويورك لحقوق الإنسان والعدالة الدولية، على عملهم وتعاونهم في جمع المعلومات بشأن الإساءة إلى المحتجزين في العراق والتحقق منها.

إن أبحاث هيومن رايتس ووتش حول العراق وقضايا محاربة التمرد تتطلب مصادر واسعة. وتود المنظمة أيضاً شكر كل من عمر س. أمانات، وأمبرستون تراست، وبول نيومان ومؤسسة عائلة بيرز الخيرية، وهيرمان وارش.

[1] كشف عن ادعاءات خطيرة حول معسكر ناما في مقالةً تصدرت نيويورك تايمز في مارس/آذار 2006. واستندت المقالة إلى مقابلاتٍ مع عاملين في الجيش الأمريكي ممن خدموا في معسكر ناما أو كانوا مطّلعين على العمليات الجارية فيه. إيريك شميت وكارولاين مارشال، "في 'الغرفة السوداء' في وحدةٍ سرية؛ صورةٌ قاتمة للانتهاكات التي ترتكبها الولايات المتحدة"، نيويورك تايمز، 19 مارس/آذار 2006.

[2] بلغت سرية المعسكر درجةً منعت القائد السابق لمركز الاحتجاز الأمريكي في غوانتانامو بكوبا، والذي أرسل إلى العراق عام 2003 لتقييم الانتقادات الموجهة إلى أساليب الجيش في جمع المعلومات الاستخباراتية، من دخول المعسكر عندما طلب ذلك. ولم يُسمح له بالدخول إلا بعد إجرائه اتصالاتٍ كثيرة مع كبار القادة العسكريين. مقابلة هيومن رايتس ووتش الهاتفية مع محقق عسكري سابق مطلع على الحادثة، مايو/أيار 2006.

وبعد أشهرٍ قليلة، مُنع من دخول المعسكر ضابط المخابرات العسكرية المتقاعد العقيد ستيوارت أ. هيرينغتون الذي طلبت منه قائدة المخابرات العسكرية في العراق الجنرال باربرا فاست تقييم أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية ومقاومة التمرد. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شخصٍ مطلع على محتوى المذكرة التي قدمها هيرينغتون إلى الجنرال فاست. أنظر أيضاً جوش وايت، "تبين الدراسات أن الجنرالات الأمريكيين في العراق كانوا يعملون عن الإساءات منذ وقتٍ مبكر"، واشنطن بوست، 1 ديسمبر/كانون الأول 2004 (تتحدث المقالة عن محتوى مذكرة هيرينغتون).

[3] طلب هذا الجندي من هيومن رايتس ووتش عدم استخدام اسمه الحقيقي أو كشف أية معلومات عن مهمته. وقد خضعت المقتطفات المأخوذة عنه، وكذلك القصص التي رواها، إلى تعديلٍ بسيط بهدفٍ وحيد هو إزالة التكرار وضمان الوضوح (لم يجر تعديل أية معلومات أساسية بأي شكلٍ من الأشكال).

[4] ذكر سابقاً أن اسم الوحدة في معسكر ناما تغير عدة مرات في الفترة 2003 2006. ومن بين الأسماء التي اتخذتها الوحدة: الوحدة 5، و20، و121، و6 26، و145.

[5]ملفات تحقيق من إدارة التحقيقات الجنائية في الجيش، بغداد، العراق. وقد حصل عليها اتحاد الحريات المدنية وغيره من منظمات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. والملفات متوفرة على الرابط: http://www.aclu.org/torturefoia/released/030705/9117_9134.pdf

[6]ملفات تحقيق من إدارة التحقيقات الجنائية في الجيش، بغداد، العراق،. وقد حصل عليها اتحاد الحريات المدنية وغيره من منظمات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. والملفات متوفرة على الرابط: http://www.aclu.org/torturefoia/released/030705/9135_9166.pdf. وتتضمن التحقيقات المعنية ادعاءات بأن الحراس العسكريين في مطار بغداد الدولي كانوا يتبولون في زجاجة ويقدمونها إلى المحتجز لكي يشرب منها. ويقر الحارس بتقديم الزجاجة عند أنف المحتجز وجعله يشمها، "لكي ألقنه درساً".

[7] المصدر السابق.

[8] شهادة محلَّفة أدلى بها محقق عسكري (تم حجب اسمه) من كتيبة الهندسة الأولى في لواء الدعم القتالي الثالث في الفرقة 95، جرى إلحاقه بوحدة المخابرات العسكرية رقم 519. وتم الحصول على هذه الشهادة من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط: http://www.aclu.org/torturefoia/released/030905/DOD565_615.pdf. (ص 36). وكانت الشهادة في الأصل ضمن ملحقٍ سري لتقرير التحقيق الذي أجراه كل من الجنرال أنتوني ر. جونز والجنرال جورج ر. فاي، "AR 15-6 تحقيق في مركز الاحتجاز في أبو غريب وفي وحدة المخابرات العسكرية رقم 205"، أغسطس/آب 2004 [ونشير إلى هذا التقرير من الآن فصاعداً باسم تقرير فاي ـ جونز]، وهو متوفر على الرابط: http://www4.army.mil/ocpa/reports/ar15-6/AR15-6.pdf.

[9] شهادة محلَّفة أدلى بها مقدم (تم حجب اسمه) من كتيبة الشرطة العسكرية رقم 115. وكانت الشهادة في الأصل ضمن ملحقٍ سري لتقرير فاي ـ جونز، وتم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط:http://www.aclu.org/torturefoia/released/030905/DOD780_821.pdf (ص 50)

[10] شهادةٌ محلَّفة أدلى بها جندي في وحدة المخابرات العسكرية رقم 321. وكانت الشهادة في الأصل ضمن ملحقٍ سري لتقرير فاي ـ جونز، وتم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط:http://www.aclu.org/torturefoia/released/030905/DOD452_517.pdf (ص 71)

[11] رسالة بالبريد الإلكتروني تم حذف اسم مرسلها ومستقبلها وحملت عنوان "آخر المعلومات عن الوحدة 6 26". ويعود تاريخ الرسالة إلى 25 يونيو/حزيران 2004. وتم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط:http://www.aclu.org/torturefoia/released/FBI.121504.4887.pdf.

[12] محقق مجهول في المخابرات العسكرية (تم حجب اسمه)، "مذكرة مسجلة: تقرير عن خرق اتفاقيات جنيف والقوانين الدولية الخاصة بالحرب البرية". وتم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط:http://www.aclu.org/projects/foiasearch/pdf/DODDIA000172.pdf

[13] مذكرة من اللواء البحري لويل إ. جاكوبي إلى نائب وزير الدفاع لشؤون المخابرات ستيفن أ. كامبون تحمل تاريخ 25 يونيو/حزيران 2004 وعنوانها "ادعاءات الإساءة إلى المحتجزين على يد أفراد الوحدة 6 26". وتم الحصول على هذه الشهادة من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط: http://www.aclu.org/torturefoia/released/t2596_0297.pdf

[14] توجد ملاحظة كامبون على نفس الرابط: http://www.aclu.org/torturefoia/released/t2596_0297.pdf

[15] شميت ومارشال، "في 'الغرفة السوداء' في وحدةٍ سرية؛ صورةٌ قاتمة للانتهاكات التي ترتكبها الولايات المتحدة"، نيويورك تايمز، 19 مارس/آذار 2006.

[16] نسخة من الإيجاز الصحفي لوزارة الدفاع الذي قدمها لورانس دي ريتا في 8 ديسمبر/كانون الأول 2004. وكانت العقوبات المذكورة هي "تكليف" اثنين من أفراد الوحدة "بمهام أخرى، ونقل الاثنين الآخرين من تلك الوحدة". وقال دي ريتا أنه جرى توجيه "توبيخ خطي" إلى عشرة من أفراد الوحدة بسبب ادعاءات بسوء المعاملة، إضافةً إلى أنه يُنتظر تقديم اثنين إلى محكمة عسكرية خاصة (ملاحظة: لا تتجاوز العقوبة التي تفرضها المحكمة العسكرية الخاصة الحبس لسنة واحدة).

[17] أنظر جوش وايت، "تبين الدراسات أن الجنرالات الأمريكيين في العراق كانوا يعرفون بالإساءات منذ وقتٍ مبكر"، واشنطن بوست، 1 ديسمبر/كانون الأول 2004. كما قابلت هيومن رايتس ووتش أيضاًَ شخصاً مطلعاً على مهمة هيرينغتون ومذكرته طلب حجب اسمه.

[18] جوش وايت، "تبين الدراسات أن الجنرالات الأمريكيين في العراق كانوا يعرفون بالإساءات منذ وقتٍ مبكر"، واشنطن بوست، 1 ديسمبر/كانون الأول 2004.

[19] طلب هذا الجندي من هيومن رايتس ووتش عدم ذكر اسمه الحقيقي أو المعلومات التفصيلية المتعلقة بعمله. وقد خضعت المقتطفات المأخوذة عنه، وكذلك القصص التي رواها، إلى تعديلٍ بسيط بهدفٍ وحيد هو إزالة التكرار وضمان الوضوح (لم يجر تعديل أية معلومات أساسية بأي شكلٍ من الأشكال).

[20] قال نيك لهيومن رايتس ووتش أنه عادةً ما كان يوجد في القاعدة 20 40 محتجزاً، وأنه لم يكن يجري إطلاق سراح معظم المحتجزين (بعد استجوابهم في القاعدة) بل كانوا ينقلون جنوباً إلى سجن أبو غريب أو إلى مراكز أخرى. ويقول أن معظم المحتجزين أمضوا قرابة شهر في قاعدة النمر.

[21]المقصود هو الأغنية الرئيسية في برنامج الأطفال التلفزيوني "بارني". وهي أغنية بسيطة وقصيرة تقول كلماتها: "أحبك/ وتحبينني/ نحن أسرةٌ سعيدة/ عناقٌ وقبلةٌ كبيرة مني لك/ ألن تقولي أنك تحبينني؟/ أحبك/ وتحبينني/ ونحن صديقان كما يجب أن يكون الأصدقاء/ عناقٌ وقبلةٌ كبيرة مني لك/ ألن تقولي أنك تحبينني؟".

[22]انظر هيومن رايتس ووتش، "فشل القيادة: روايات شهود عيان عن تعذيب المعتقلين العراقيين على يد الفرقة 82 المجوقلة في الجيش الأمريكي"، سبتمبر/أيلول 2005، المجلد 17، رقم 3(G)، ص 6-8. متوفر على الرابط: http://hrw.org/reports/2005/us0905/

[23]يستند وصفنا لهذه القضية إلى مصادر كثيرة من بينها: وثائق إدارة التحقيقات العسكرية، وتقارير التشريح، وشهادة الوفاة، والتي تم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط: http://www.aclu.org/torturefoia/released/041905/m001_203.pdf؛ آرثر كين، "ضرب جنرال عراقي قبل يومين من وفاته"، دنفر بوست، 5 أبريل/نيسان 2005؛ "غاردسمان يقول: المخابرات المركزية تضرب العراقيين بمقابض المطارق"، دنفر بوست، 25 يوليو/تموز 2005؛ جوش وايت، "إدانة ضابط أمريكي بقتل محتجز عراقي"، واشنطن بوست، 23 يناير/كانون الثاني 2006؛ وكذلك الملاحظات التي سجلتها هيومن رايتس فيرست خلال محاكمة ويلشوفر، انظر، "ويلشوفر طبقاً لكلامه"، 20 يناير/كانون الثاني 2006 (موثقة لدى هيومن رايتس فيرست). وتتوفر مقتطفات منها على الرابط: http://www.humanrightsfirst.org/us_law/etn/trial/welshofer-012006d.asp

[24]الضابط المرشح لويس ويلشوفر مدلياً بشهادته أمام المحكمة العسكرية في 19 يناير/كانون الثاني 2006. انظر، "ويلشوفر طبقاً لكلامه"، 20 يناير/كانون الثاني 2006 (موثقة لدى هيومن رايتس فيرست). وتتوفر مقتطفات منها على الرابط: http://www.humanrightsfirst.org/us_law/etn/trial/welshofer-012006d.asp

[25] تم التدخل قليلا بالمقتطفات والروايات التي قدمها هذا المجند -لم يتم تغيير تفاصيل مهمة على أي حال -وذلك فقط لإزالة التكرار ولجعل النص سلساً.

[26] خدم في مناطق السيطرة هذه إلى جانب فقمات البحرية، جنود مختلفين من الفرقة المجوقلة رقم 101 بما في ذلك جنود من الكتيبة الأولى في الفرقة وفوج المشاة رقم 502 (" 1/502")؛ جنود من الكتيبة الأولى، فوج المشاة رقم 327 ("1/327")؛ الجنود من الكتيبة الثانية، فوج مدفعية الدفاع الجوي رقم 44("2/44")؛ وجنود من كتيبة الاستخبارات العسكرية رقم 311("311NI").

[27]يبدو أن هذه الأنظمة قديمة جداً. فقد وضع الفريق ريكاردو إٍس سانشيز، وكان عندها القائد العسكري في العراق، مجموعة من قوانين التحقيق التي تسمح باستخدام أساليب التعذيب هذه في سبتمبر/أيلول 2003، ثم سحبها رسميا في أكتوبر/تشرين أول 2003. ولكن كما هو مفصل في هذا التقرير وفي روايات أخرى، بقي العناصر في العراق يستخدمون الكثير منها خلال 2004. انظر المادة 15-6 تحقيق CJSOTF-AP وعمليات اعتقال المجموعة الخامسة SF من قبل الجنرال ريتشارد بي فورميكا (نسخة منقحة تم رفع السرية عنها)، نوفمبر/تشرين الثاني 2004 (حسب معلومات هيومن رايتس ووتش). وقد كشف تقرير فورميكا أن جماعات القوات الخاصة العاملة في العراق لا تزال تستخدم الكثير من التقنيات المحظورة بعد أشهر من الأمر الذي أصدره سانشيز. انظر أيضاً إريك شميت، "دراسة البنتاغون تتحدث عن انتهاكات تقوم بها الوحدات العاملة في العراق"، نيويورك تايمز 17 يونيو/حزيران 2006.

[28] الحقائق الموصوفة هنا تمت مناقشتها بتفصيل أوسع في التقرير المشترك الأخير لمنظمة هيومن رايتس ووتش وهيومن رايتس فيرست ومركز NYU لحقوق الإنسان والعدالة العالمية: "بالأرقام: وقائع الإساءة للمحتجزين ومشروع المحاسبة"، إبريل/نيسان 2006، الملحق ب.

[29] يعتمد وصف هذه الحالة على وثائق التحقيق العسكري التي وتم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على الرابط:http://www.aclu.org/torturefoia/released/032505/1081_1180.pdf (انظر نسخة PDF الصفحة 84- 100)

[30]المصدر السابق

[31] يدل على الكتيبة الأولى من فوج المشاة 502 من الفرقة المجوقلة رقم 101

[32] "تدخين المحتجزين" يدل على تطبيق التمارين المجهدة ووضعيات الشد المؤلمة على المحتجزين للمزيد من المعلومات عن "تدخين المحتجزين" انظر :هيومن رايتس ووتش،"إخفاق القيادة : روايات شهد عيان من تعذيب المحتجزين العراقيين على يد الفرقة المجوقلة رقم 82 في الجيش الأمريكي" أيلول /سبتمبر 2005/مجلة رقم 17، رقم 3(ج)، صفحة 7، متوفر على: http://hrw.org/reports/2005/us0905/.

[33]تدل على "وسيلة تفجير مرتجلة" وهو الاسم المستخدم للدلالة على القنابل التي يستخدمها المتمردون ضد القوات الأمريكية في العراق. ويبدو أن العناصر استخدموا هذا التعبير للدلالة على أن المحتجزين كانوا مسئولين عن استهداف القوات الأمريكية بالمتفجرات.

[34]يدل على الكتيبة الثالثة، فوج المشاة رقم 327 من المفرقة المجوقلة رقم 101.

[35]يدل على الكتيبة الثانية، فوج المدفعية المضادة للطيران رقم 44 من الفرقة المجوقلة رقم 101

[36]المصدر السابق

[37]انظر تقرير تشريح الجثة المذكور في الهامش أدناه. لقد أخبر لاغورانيس هيومن رايتس ووتش أنه سمع بوقوع حالة وفاة في مركز احتجاز تابع لفقمات البحرية عندما كان في الموصل، ولكن لم يكن لديه معلومات مباشرة عما جرى. مقابلة عبر الهاتف أجرتها المنظمة مع لاغورانيس في مايو/أيار 2006.

[38]مكتب الفاحص الطبي التابع للقوات المسلحة، تقرير نهائي عن تشريح الجثة ME-04-309 (رشاد محمد)، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 (حسب معلومات في منظمة هيومن رايتس فيرست).

[39]المصدر السابق

[40]المصدر السابق

[41]إيريك شميث، "البحرية تتهم ثلاثة من عناصر الكوماندوس بضرب سجناء"، نيويورك تايمز، 25 أيلول/ سبتمبر 2004. ("تنبع التهم الجديدة التي وجهتها البحرية في حالة وفاة تمت في أوائل نيسان/أبريل لرشاد محمد، وهو عراقي احتجزه الكوماندوس بعد مقاومة وسلم إلى عناصر الجيش في قاعدة دعم لوجستي تدعى دياموند باك، قرب الموصل. وقد بين تشريح الجثة الأولي وجود لطمات على الجذع ونقص أوكسجين ربما بسبب شدة التقييد"). انظر أيضاً جوش وايت، "ثلاثة من فقمات البحرية يواجهون التهم بسوء المعاملة، البحارة لهم علاقة بحالتي وفاة في العراق"، واشنطن بوست، 25 سبتمبر/أيلول 2004 (الثلاثة "اتهموا بقضايا تشمل الهجوم بأسلحة خطيرة والهجوم العنيف بقصد إحداث الموت أو الضرر الجسدي الخطير وبسوء معاملة المحتجزين"؛ ورغم أن المحققين ربطوا بين هؤلاء الجنود وغيرهم من الفقمات من نفس الوحدة وبين حالات وفاة أخرى في صفوف المحتجزين في العراق في تشرين الثاني /نوفمبر 2003 ونيسان/أبريل2004 ، لم يتهم أي منهم بجريمة قتل أو إبادة).

[42]تستند هذه المعلومات إلى إفادات مكتوبة مقدمة من هيثم سعيد الملاح وياسر رباعي سعيد القطاجي في سبتمبر/أيلول 2004 إلى المحامي البريطاني فيل شاينر. وقد قدم شاينر نسخ من الإفادات إلى هيومن رايتس ووتش في حزيران/يونيو 2006، انظر أيضاً بيتر غراف، "التعذيب الأمريكي في الطرق يصل إلى الموصل"، رويترز، 14 سبتمبر/أيلول 2004.

[43] يستند وصف هذه الحالة إلى وثائق التحقيق العسكري وتم الحصول عليها من قبل اتحاد الحريات المدنية الأمريكي وغيره من جماعات حقوق الإنسان بموجب قانون حرية المعلومات. وهي متوفرة على لرابط:http://www.aclu.org/torturefoia/released/1248_1288.pdf.

[44] انظر المصدر السابق. أنواع الحروق الأخرى التي يعتقد الضابط أن المحتجز يعاني منها غير محددة؛ على كل حال لم تكن الحروق مجرد "مزاعم" بل حروق مؤكدة في الملفات الطبية التي حصل عليها التحقيق.

[45] اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان (اتفاقية جنيف الأولى) 75 U.N.T.S 3، دخلت حيز التنقيذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950؛ اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار (اتفاقية جنيف الثانية)،75 U.N.T.S 85، دخلت حيز التنفيذ 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950؛ اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب (اتفاقية جنيف الثالثة) 75 U.N.T.S 135، دخلت حيز التنفيذ 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950، اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب (اتفاقية جنيف الرابعة)، 75 U.N.T.S 287، دخلت حيز التنفيذ 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950.

[46] صرح مسئولون أمريكيون قبل وبعد نقل السلطة بأنهم يعتبرون الولايات المتحدة ملزمة باتفاقيات جنيف. فقد كتب وزير الخارجية كولن باول، في وقت تسليم السلطة، أن "القوات التي تشكل القوة المتعددة الجنسيات ملتزمة وستبقى كذلك في كل الأوقات بالعمل بما يتفق مع قانون الصراع المسلح بما في ذلك اتفاقيات جنيف". انظر رسالة من وزير الخارجية كولن باول إلى رئيس مجلس الأمن، 5 حزيران/يونيو 2004، ملحق بـ S/RES/1546 (2004).. وفي أكتوبر/تشرين الأول أكدت كونداليزا رايس أن: "القوات التي تشكلالقوة المتعددة الجنسيات ستبقى ملتزمة بالعمل وفق ما يمليه القانون الدولي، بما في ذلك قانون الصراع المسلح". انظر رسالة وزيرة الخارجية في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2005 إلى رئيس مجلس الأمن، الملحق 2 S/RES/1637 (2005).

[47] إن سجناء الحرب، المحددين في المادة 4 من اتفاقية جنيف الثالثة، هم أشخاص محميون بموجب تلك الاتفاقية . وتحدد اتفاقية جنيف الرابعة الأشخاص المحميين بالاتفاقية على أنهم جميع الأشخاص غير المحميين بالاتفاقيات الثلاثة الأولى الذين، "في لحظة معينة وفي أي أسلوب كانوا يجدون أنفسهم في حالة صراع أو احتلال في يد طرف من الصراع أو في يد سلطة احتلال هم ليسوا من مواطنيها".

[48] انظر المادة 130 من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة.

[49]للإطلاع على دليل الأحكام المطبقة في ظل القانون الدولي العرفي، انظر الدراسة التي قامت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جان ماري هنكارتس ولويس دوزوالد بيك، القانون الإنساني الدولي العرفي (كامبريدج: صحافة جامعة كامبريدج، 2005)، ولاسيما عن القانون المتعلق بالمعاملة الإنسانية للمحتجزين، انظر الصفحة 299/396. انظر أيضاً المدرسة والمركز القانوني التابع لممثل النيابة العامة في الجيش الأمريكي، كتاب قانون الحرب 144 (2004)، يقول أن المادة العامة 3 "تخدم كعلامة حد أدنى للحماية في جميع الصراعات وليس فقط في الصراعات المسلحة الداخلية"، (مقتطف من نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة،1986 I.C.J. 14،218 ،25 I.L.M. 1023)؛ النائب العام ضد تاديك، محكمة الجنايات الدولية من أجل يوغسلافيا السابقة، القضية رقم IT. 94.1 قرار عن حركة الدفاع من أجل الاستئناف أثناء الدعوى، 102

(ICTY App. Chamber ،Oct. 2 ، 1995) ("طبيعة الصراع غير ذات صلة" في تقرير تطبيق أو عدم تطبيق المادة العامة 3)

[50] انظر هنكارتس ولويس دوزوالد بيك، القانون الإنساني الدولي العرفي؛ انظر أيضاً حمدان ضد رامسفيلد.

548 U. S. (2006)، رأي القاضي ستيفنزس: "رغم أن الولايات المتحدة لم تصادق على البروتوكول الأول، لم يكن اعتراضها على المادة 75 منه. بالفعل يبدو أن الحكومة تنظر إلى بنود المادة 75 على أنها تأكيد على الضمانات التي تحمي جميع الأفراد الواقعين في يد العدو"، انظر أيضاً وليم تافت، "قانون الصراع المسلح بعد11/9: بعض الملامح البارزة

28 Yale J. Int'l L. 319، 322 (2003)

[51] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية

G.A. Res. 39/46،annex ، 39، U.N. Doc. A/39/51 (دخلت حيز التنفيذ في 26 حزيران/يونيو 1987؛ صادقت عليها الولايات المتحدة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1994).

[52]العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، 999 U.N.T.S. 171(دخلت حيز التنفيذ في 23 آذار مارس 1976، صادقت عليها الولايات المتحدة في 8 حزيران يونيو 1992).

[53] انظر لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التعليق العام رقم 29: المادة 4: " تردي الأحوال خلال حالة الطوارئ"، تم تبنيه في الاجتماع رقم 1950 في 24 تموز/يوليو 2001، الفقرة 7 و11 و13.

[54]القانون الموحد للقضاء العسكري يشار إليه بالعنوان 10، الفصل 47 من قانون الولايات المتحدة الأمريكية

(10 U.S.C. 801 وما يليها).

[55] من أجل المزيد من التفاصيل حول مبدأ مسؤولية القيادة، انظر هيومن رايتس ووتش، "هل ينجون من العقاب على التعذيب الذي مارسوه؟، مسؤولية القيادة عن الانتهاكات الأمريكية بحق المحتجزين"، نيسان/أبريل 2005، المجلد 17، الرقم 1 (G)، الملحق متوفر على: http://www.hrw.org/reports/2005/us0405/10.htm#_Toc101408106.