(تونس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على القوات المتحالفة مع إحدى الحكومتين الليبيتين المتنافستين، التي يبدو أنها هزمت مقاتلين محليين في منطقة المدينة القديمة في درنة شرقي البلاد، السماح فورا للمساعدات والمسعفين بالدخول إلى المنطقة. بحسب تقارير، حوصر المدنيون هناك خلال الأسبوعين الماضيين دون طعام أو ماء أو رعاية طبية. يجب السماح للمدنيين المتبقين بالمغادرة.
كما يجب أن تكشف القوات التابعة للواء خليفة حفتر، المعروفة بـ"الجيش الوطني الليبي" (الجيش الوطني)، فورا عن أسماء الأشخاص الذين احتجزتهم خلال عملياتها لاستعادة السيطرة على المدينة، والذين قد يكونون بالمئات، وفقا لتقارير الأمم المتحدة وقائمة جزئية غير مؤكدة بأسماء حصلت عليها هيومن رايتس ووتش. وينبغي أن يبلغ الجيش الوطني عن مكان جميع المعتقلين والأساس القانوني لاحتجازهم، وضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أمام القضاء في أسرع وقت ممكن.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مع تراجع الاشتباكات في درنة، على قوات اللواء حفتر أن تضع حدا لكابوس أي مدنيين محاصرين وأن تبلغ عن الأشخاص المحتجزين لديها".
اللواء حفتر متحالف مع حكومة مقرها البيضاء شرقي ليبيا، تتنافس على السلطة مع حكومة معترف بها من الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس. وتحاول الأمم المتحدة التوسط في اتفاق سلام بين الطرفين. يقع جزء كبير من الأراضي الليبية تحت سيطرة الجماعات المسلحة المحلية، ويرتبط بعضها بإحدى الحكومتين المتنافستين.
يبدو أن قوات الجيش الوطني التي تحاصر المدينة القديمة في درنة أحرزت تقدما في الأسبوعين الماضيين، وفقا لتقارير الأمم المتحدة ومصادر هيومن رايتس ووتش.
أفادت تقارير بمقتل 4 نساء و3 أطفال على الأقل في المدينة القديمة في القتال الدائر هناك منذ 2 فبراير/شباط 2019، وفقا لبيان صادر في 10 فبراير/شباط عن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية". وقال "الهلال الأحمر الليبي – فرع درنة" عبر صفحته على "فيسبوك" إنه انتشل 59 جثة من البلدة القديمة منذ 2 فبراير/شباط، دون إعطاء تفاصيل عن هويات أصحابها أو تاريخ وفاتهم أو سببها.
المعلومات الموثوقة عن التطورات في درنة نادرة. قلة من منظمات إغاثة وصحفيون من وسائل إعلام دولية زوارة درنة في الأشهر الأخيرة، بينما راقبت قوات الجيش الوطني بإحكام الدخول إلى المدينة القديمة. ويخشى السكان المحليون من التحدث علنا خوفا من أعمال انتقامية ضدهم أو ضد أقاربهم.
بدأ الجيش الوطني هجومه في درنة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 100 ألف في مايو/أيار 2018 ضد مقاتلي "مجلس شورى درنة"، وهي جماعة مسلحة محلية أعادت تسمية نفسها "قوة حماية درنة". استولت قوات الجيش الوطني على معظم المدينة، ثم حاصرت منطقة المدينة القديمة، حيث بقيت مجموعة من مقاتلي قوات حماية درنة إلى جانب مدنيين.
سيطر الجيش الوطني الليبي الذي تشكل عام 2014 تحت قيادة اللواء حفتر على جزء كبير من شرق ليبيا في ما صوره على أنه حملة ضد الجماعات الإرهابية، وهو مصطلح استخدمه الجيش الوطني لوصف قوة حماية درنة.
من غير الواضح عدد المقاتلين والمدنيين المحليين الذين ما زالوا داخل المدينة القديمة. وقد فرضت قوات الجيش الوطني المنتشرة هناك قيودا صارمة على حركة الأشخاص والسلع، ما حال دون إيصال الغذاء والماء والوقود والرعاية الصحية إلى الأشخاص بداخلها، وفقا لما ذكرته بعض المصادر وتقارير من الأمم المتحدة. ويُعلم أن قوات حفتر سمحت بتوزيع المساعدات في أماكن أخرى في درنة.
منذ مايو/أيار 2018، أفادت تقارير بأن قوات الجيش الوطني في درنة احتجزت أشخاصا بشكل تعسفي، ويعتقد أنها تسيطر على مراكز احتجاز في شرق ليبيا حيث يُحتجز مئات من سكان درنة بمعزل عن العالم الخارجي، دون تهمة رسمية وفي خطر التعرض لسوء المعاملة، وفقا لمصادر وتقارير من الأمم المتحدة. اعتقلت قوات الجيش الوطني باعتقال سكان درنة في منازلهم وعند نقاط التفتيش والأماكن العامة الأخرى، حسبما ذكرت المصادر.
دمرت قوات الجيش الوطني أيضا منازل بشكل متعمد، بما في ذلك بإضرام النار فيها، أو سلمتها إلى أنصارها بعد فرار أصحابها، وفقا لمصادر وتقارير الأمم المتحدة التي تستند إلى أقوال أشخاص فروا من درنة. ويبقى حجم هذه الإساءات غير واضح.
منذ مايو/أيار 2018، أصبح قرابة ألفين أو أكثر من سكان درنة الذين فروا من القتال نازحين في أماكن أخرى من البلاد. وفي كثير من الحالات، كانوا يخشون اضطهاد قوات الجيش الوطني بسبب روابطهم الاجتماعية أو العائلية أو وجهات نظرهم السياسية أو كليهما، وفقا لبيانات الأمم المتحدة وتقاريرها الأخيرة المستندة إلى أقوال سكان درنة النازحين.
تطالب قوانين الحرب جميع أطراف النزاع ببذل قصارى جهدها للحد من الخسائر العرضية في أرواح المدنيين والأهداف المدنية، وبتيسير الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين للمساعدة بسرعة وبدون عرقلة، وبحماية العاملين في المجال الإنساني من الهجمات والمضايقات والترهيب والاحتجاز التعسفي.
لا تحظر قوانين الحرب محاصرة قوات العدو، لكن تجويع المدنيين لأغراض حربية هو جريمة حرب. على جميع أطراف النزاع أن تسهل التنقل الآمن للمدنيين، خاصة للهروب من منطقة قتال أو حصار.
ينبغي أن يفترض الجيش الوطني الليبي أن أي شخص يفحصه عند مغادرته المناطق المحاصرة مدني، ما لم يتوفر دليل على عكس ذلك. يجب ألا تطول أي عملية فحص أكثر من ساعات، وينبغي أن يمنح الجيش الوطني أيَّ شخص يحتجزه كل الحماية التي يخولها القانون الليبي والقانون الدولي.
يجب على الجيش الوطني، بموجب قوانين الحرب، اتخاذ جميع الخطوات لإيجاد الموتى وتحديد هوياتهم وانتشال جثثهم بشكل لائق ووضع علامات على القبور، أو ضمان قيام جهات مكلفة أخرى بذلك. وينبغي ضمان إعادة الرفات إلى الأسر إذا طلب منها ذلك وكان ممكنا، وإرجاع الأغراض الشخصية لذوي القتلى.
لدى قوات الجيش الوطني سجل حافل بالانتهاكات المزعومة، يرقى بعضها إلى جرائم حرب. ومن بين الانتهاكات الإعدام بإجراءات موجزة، الذي التقطت بعض حالاته في مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت؛ والتعذيب؛ والتمثيل بالجثث؛ ونهب المنازل وإحراقها.
قالت ويتسن: "على الجيش الوطني التحقيق في انتهاكات أعضائه المزعومة ومحاسبة المسؤولين عنها. كما يجب أن يضمن ظروفا آمنة لعودة سكان درنة الذين هجّرهم القتال إلى ديارهم".