رغم الإصلاحات التعليمية الأخيرة، فإن الحكومة السعودية تحبس المعلمين بسبب إجرائهم نقاشاتٍ حرةٍ مع الطلاب. وطالما يتعرض المعلمون للملاحقة القضائية جراء قيامهم بعملهم، فإن الأطفال السعوديين هم الخاسرون سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط

نسخة للطباعة متوفر أيضا

(نيويورك، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2005) ـ أصدرت محكمة سعودية حكمها على أحد مدرسي الكيمياء في المرحلة الثانوية، بالحبس أكثر من ثلاث سنوات وبجلده 750 جلدة بسبب حديثه مع تلاميذه عن آرائه بشأن عددٍ من القضايا الراهنة، مثل الديانتين المسيحية واليهودية وأسباب الإرهاب.

ووجهت النيابة في منطقة القصيم إلى الشمال من الرياض، تهمة الكفر لـ محمد الحربي، واصفةً المدرس "بالمرتد" بعد أن قدم طلابه وزملاؤه من المدرسين شكاوى قانونية بحقه. وقد عُلم أن القاضي الذي تولى الدعوى، وهو عبد الله الدخيل، قد اتهم المدرس "(بـ)تشبثه بالشبه العقائدية ومحاولة نشرها بين الطلاب ". وفي يوم السبت، أصدرت محكمةٌ في بلدة البكيرية قرارها بمنعه من التعليم والحكم عليه بأربعين شهراً في السجن وبجلده 750 جلدةً على الملأ.  
 
وقالت سارة ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش: "رغم الإصلاحات التعليمية الأخيرة، فإن الحكومة السعودية تحبس المعلمين بسبب إجرائهم نقاشاتٍ حرةٍ مع الطلاب. وطالما يتعرض المعلمون للملاحقة القضائية جراء قيامهم بعملهم، فإن الأطفال السعوديين هم الخاسرون".  
 
وليست قضية الحربي بالمثال الوحيد على حبس المعلمين بسبب التعبير عن آرائهم. ففي مارس/آذار 2004، منعت المحكمة العامة في الرياض محمد السحيمي، وهو مدرسٌ سابق في المدارس المتوسطة والثانوية، من التعليم وأصدرت بحقه حكماً بالحبس ثلاث سنوات وبالجلد 300 جلدة، وذلك بسبب التعبير عن آرائه في غرفة الصف أيضاً. وقد وجدت المحكمة أنه مذنبٌ بالموافقة على ما يُدّعى بأنه ممارساتٌ دينيةٌ واجتماعيةٌ وجنسيةٌ غير إسلامية. وقد أقحم نائب وزير الدفاع والطيران السعودي، وهو الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، نفسه في القضية بأن أمر ابتداءً باعتقال السحيمي قبل أن توجه إليه أية تهمة رسمية.  
 
وقد بنت المحكمة اتهامها للسحيمي، وهو مدرسٌ للغة العربية، على مناقشته للمفاهيم المتعددة للحب في الشعر. وقد فسّر مدرسو الدين في مدرسته ما قاله بأنه كفرٌ. وقد اتهمت المحكمة السحيمي بأنه ذهب إلى أن الإصغاء إلى الموسيقا، والتدخين، والزنا، و العادة السرية، اللواط أمورٌ مقبولةٌ في الإسلام. لكن السحيمي أنكر هذه التهمة.  
 
وطرح كلٌّ من السحيمي والحربي أمام الطلاب أموراً يواجهونها في حياتهم اليومية. وقد فتح السحيمي مواضيع من قبيل الجنس مع طلابه الذين كانوا بين الثالثة عشر والخامسة عشر من العمر. أما الحربي فيقال أنه، وتعليقاً على الهجمات بالقنابل ضد المدنيين الأجانب والسعوديين في الرياض في شهر مايو/أيار 2003، ناقش مع طلابه أموراً تتعلق بالمسيحية واليهودية وبخطر الإرهاب، كما قام بتعليق لافتات ضد الإرهاب في مدرسته. كما كان الحربي يشجع تلاميذه على التفكير النقدي بغية حل التناقضات في المعنى بين نص القرآن وبين سنة النبي محمد.  
 
وتؤكد المملكة العربية السعودية أنها بدأت مراجعة مناهجها التعليمية منذ فبراير/شباط 2002، وأنها قامت بتغيير عددٍ من الكتب المدرسية منذ ذلك التاريخ.وفي أغسطس/آب، أصدر الملك عبد الله عفواً عن أربعةٍ من دعاة الإصلاح كانت المحكمة العامة في الرياض قد أمرت بحبسهم جراء مطالبتهم بمراجعةٍ شاملة للنظام التعليمي كله، إضافةً إلى مطالب أخرى. وقد كان القاضي سعود بن عبد الله العثمان هو من أصدر الحكم في كلٍّ من قضية السحيمي وقضية دعاة الإصلاح. وفي مايو/أيار، وأصدر هذا القاضي حكماً على الدعاية الإصلاحي متروك الفالح بالحبس ست سنوات "نظراً لادعاء متروك الفالح وتفسيره للعنف في السعودية بأن الفئات المنخرطة في أعمال العنف هي نتاج البيئة السعودية/45/ ومدارسها وسياسة التعليم فيها" طبقاً لوثائق المحكمة.  
 
قالت ويتسن: "بدلاً من قيام القضاء السعودي بحماية حرية التعبير، فإنه يأمر بحبس الداعين إلى إصلاحٍ تعليمي حقيقي".