Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

الملحق 2. دراسة حالة: مجمع الندى السكني، هجمات صاروخية فلسطينية تنطلق منه وقصف إسرائيلي عليه

استأنف الجيش الإسرائيلي قصفه المدفعي على قطاع غزة في 29 يونيو/حزيران 2006، بعد إعلانه عن تعليق القصف عقب الانفجار الذي وقع على شاطئ غزة في التاسع من يونيو/حزيران. وقام الجيش في يوليو/تموز الماضي، ورداً على هجمات فلسطينية متكررة بالصواريخ من جوار مجمع الندى في بيت حانون، بقصف مدفعي على مدى عدة أيام استهدف مساكن المجمع. ونجم عن القصف مقتل أربعة مدنيين، بينهم طفلين، وجرح 14، وإلحاق أضرار جسيمة ببعض المساكن وإجبار مئات العائلات على الفرار.

وأثبت التحقيق الذي أجرته هيومن رايتس ووتش في عمليات القصف التي استهدفت مجمّع الندى أن المجموعات المسلحة استخدمت بشكل متكرر منطقة مكشوفة تبلغ مساحتها حوالي 1 كم2 تقع شمال طريق رئيسي يؤدي إلى المجمع، من أجل إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وقامت إسرائيل بقصف المنطقة المذكورة بالمدافع على نحو منتظم دون أن تطال أو تلحق الضرر بالأبنية. وقال السكان إنه في المساء السابق، 23 يوليو/تموز، حاول المقاتلون إطلاق الصواريخ من مكان قريب من الطريق الذي يربط المجمع بالمنطقة المكشوفة (حوالي 100 متر عن المجمع) قبل أن يرغمهم السكان على المغادرة. وفي البداية قال الجيش الإسرائيلي إن القصف تم عن طريق الخطأ، ولكنه زعم فيما بعد أنه تم إطلاق 15 صاروخاً من المجمع خلال شهر يوليو/تموز. ولكن السكان أكدوا أنه لم يطلق أي صاروخ من المنطقة المجاورة للمجمع في اليوم الذي وقعت فيه الغارة الأولى، وإنه لم يطلق أي صاروخ في أي وقت من داخل المجمع.276

وبالإجمال، استهدفت المدفعية الإسرائيلية من عيار 155 ملم المجمع السكني خمس مرات في 24 يوليو/تموز ثم في صباح 26 يوليو/تموز وفي مساء 28 منه. ولم تؤد الاتصالات التي قام بها المسؤولون الفلسطينيون مع نظرائهم الإسرائيليين وأبلغوهم فيها أن القصف يقتل ويجرح المدنيين، إلى توقف القصف، أو على الأقل لم يؤد إلى توقف سريع له.

وتسلط الوفيات والإصابات الناجمة عن القصف المدفعي الإسرائيلي لمجمّع الندى الضوء على ما تقوم به المجموعات الفلسطينية المسلحة والجيش الإسرائيلي من انتهاك للقانون الإنساني الدولي وتعريض المدنيين لخطر جسيم. ويبدو أن الجماعات الفلسطينية المسلحة التي كانت تطلق الصواريخ لفترة طويلة من منطقة خالية بمساحة 1 كم2 تقريباً مقابل المجمع السكني، بدأت في يوليو/تموز الماضي بنصب منصات إطلاق قريبة من المباني السكنية. وبعدئذ أطلق الجيش الإسرائيلي على مدى أيام قذائف 155 ملم قريبة جداً من المساكن بعضها أصاب المساكن إصابات مباشرة. قد يكون من المشروع استهداف المنطقة الخالية التي يتم إطلاق الصواريخ منها بشكل روتيني حين لا يتم تحديد المكان الذي تطلق منه الصواريخ، ولكن لا يجوز أن يستنتج الجيش الإسرائيلي أن المجمع نفسه هو هدف عسكري مشروع. حتى لو كانت الجماعات الفلسطينية المسلحة قد أطلقت الصواريخ من مكان مجاور تماماً للمساكن، وهو ما أنكره السكان جميعاً، إذ يمثل القصف المتكرر على المساكن وعلى المنطقة المجاورة لها مباشرة، واستمرار القصف رغم التنبيهات بأن المدنيين يقتلون، انتهاكاً لمبدأ حظر القيام بهجمات عشوائية وعدم التكافؤ باستخدام القوة. وعدم تصرف المسؤولين الفلسطينيين حيال التحذيرات التي وجهها الجيش الإسرائيلي بأنه سوف يقصف المناطق المجاورة للمساكن، كما سنرى أدناه، يظهر عدم اكتراث بسلامة المدنيين من جانب هؤلاء المسؤولين، ولكنه لا يبرر للجيش الإسرائيلي بأي حال من الأحوال قصف، والاستمرار في قصف المساكن المعروف جيداً بأنها مكتظة بالسكان. ولا بد من إجراء تحقيق مستقل بهذا الحادث لتقييم ما حدث ولتحديد مسؤولية المشاركين ووضع إجراءات يمكن للطرفين أن يتخذوها للحد من الأضرار بين المدنيين في حال تكررت الأعمال العسكرية.

مجمع الندى السكني

تم بناء مجمع الندى السكني عامي 1996 و1997، وأشرفت على إدارته وزارة الإسكان الفلسطينية. وهو يضم 25 مبنى يتألف كل منها من أربعة طوابق مجمعة في كتل سكنية تضم الواحدة منها 3 إلى 6 مبان. ويقع المجمع على مرتفع من الأرض يبعد حوالي 1 كم عن الحدود الشمالية للقطاع، على التخوم الغربية لبيت حانون، وعلى طول طريق فرعي يربط مدينة غزة بمعبر إيريز الذي يتم الدخول منه إلى إسرائيل. وتقع المباني ذات الأرقام من 1 إلى 20 بجوار الطريق الالتفافي مباشرة، في مكان يتخذ الطريق فيه مسار شرق-غرب.

ويتألف المجمع بالأساس من وحدات سكنية وعدد قليل من المكاتب. ففي الطابق الثالث من المبنى 15 مثلاً، يوجد مقر مكتب التنسيق الإقليمي لشمال قطاع غزة التابع للسلطة الفلسطينية، وهو فرع الأمن الفلسطيني المسؤول عن الاتصال مع السلطات العسكرية الإسرائيلية277. ويعمل الكثير من أرباب أسر مجمّع الندى في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك أجهزة الأمن، أو أنهم محالون إلى التقاعد.

ويشدد الجيش الإسرائيلي في رده على أسئلة هيومن رايتس ووتش حول هذه الحوادث على أن هذه المساكن هي "مساكن الضباط" أو حتى "ثكنات الضباط"،278 رغم أن الجيش الإسرائيلي يعلم أن هذه الشقق السكنية مأهولة بمئات العائلات؛ وصحيح أن بعض عناصر أجهزة الأمن الفلسطيني يقطنون فيها، لكن من الواضح تمام الوضوح أنها منطقة مدنية.

والى الشمال من المجمع، مقابل الطريق الالتفافي، توجد منطقة كبيرة غير ممهدة ومكشوفة، وتبلغ مساحتها حوالي 1 كم2. وحسب السكان ومسؤولي الأمن الفلسطيني المحلي كانت جماعات مسلحة فلسطينية تستخدم هذه المنطقة لإطلاق الصواريخ بمعدل عدة مرات في الأسبوع. وكان الجيش الإسرائيلي يرد بقصف هذه المنطقة بقذائف المدفعية عيار 155 ملم من منطقة كارني وناهال عوز في إسرائيل، عبر الحدود الشرقية لقطاع غزة، على بعد حوالي 9 كم. وهذا يعني أن مسار القذائف يمر فوق مجمع الندى السكني. ويحتفظ الجيش الإسرائيلي ببالون مراقبة بدون ملاحين فوق المنطقة، وكان هذا البالون مرئياً بوضوح من مجمّع الندى ومن كل مكان في بيت حانون وإيريز وقت وقوع الحوادث المذكورة.

تمهيد للقصف المدفعي الإسرائيلي على مجمّع الندى

في الأيام التي سبقت الضربات الإسرائيلية لمجمع الندى السكني، قال السكان إن جماعات فلسطينية مسلحة تطلق الصواريخ من المنطقة المكشوفة اقتربت أكثر من المجمع السكني، وحاولت أن تطلق الصواريخ من قرب مخزن ماء كبير مستخدم في المنطقة المكشوفة على بعد حوالي 100 متراً شمال الطريق الالتفافي والمساكن. وقال السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن القذائف الإسرائيلية خلال هذه الأيام كانت تسقط في المنطقة المكشوفة شمال المساكن في مواقع بدأت تزداد قرباً أكثر فأكثر من المجمع.279

وقالت نجاة روعة، التي تعيش مع زوجها وأولادها في المبنى رقم 6: "صارت القذائف تقترب أكثر فأكثر من المباني في الأيام القليلة الأخيرة، إلى أن ضربت الطريق [الالتفافي] نفسه".280 وقال عادل محمد أبو رشيد، الذي يعيش في المبنى رقم 20: "قبل شهر كان هناك قصف مدفعي إسرائيلي يومي خلف الأبراج، وكانت القذائف تسقط في المنطقة المكشوفة، في الرمال. بعد ذلك صاروا أحياناً يضربون الطريق الإسفلتي، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يضربون فيها واجهة الأبراج".281

وقال سكان آخرون، إضافة إلى ممثلي وكالات إنسانية دولية تراقب النزاعات المسلحة في غزة، لـ هيومن رايتس ووتش، إن قذائف المدفعية الإسرائيلية ضربت سابقاً مرة واحدة على الأقل أحد مباني مجمع الندى.282 إلا أنه قبل الهجمات التي حدثت في 24 يوليو/تموز، كان المسؤولون الإسرائيليون يؤكدون أن هذا القصف تم عن طريق الخطأ ويعبرون عن أسفهم. وقد قال فلسطيني يراقب شمال غزة لصالح منظمة حقوق إنسان مستقلة: "قد تسقط قذيفة واحدة، ولو كل أسبوعين، عن طريق الخطأ. ولكن ما حدث في 24يوليو/تموز كان مختلفاً تمام الاختلاف".283

وكما قال حسن الوالي الذي يعيش مع عائلته في المبنى رقم 3 ويرأس جمعية مقيمي الندى، لـ هيومن رايتس ووتش، فإنه تلقى حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً من 23 يوليو/تموز، حوالي 14 ساعة قبل الضربة المدفعية الإسرائيلية الأولى على المساكن، شكاوى من السكان حول قيام جماعة فلسطينية مسلحة من خارج المساكن بنصب منصة أو منصتين لإطلاق الصواريخ على الطريق الالتفافي، شمال المبنى السابع والثامن مباشرة. وأوضح قائلاً: "ذهبت إليهم وقلت هذا لا يجوز؛ فغادروا. ولكن بعد 15 دقيقة جاءني اتصال من مكتب التنسيق الإقليمي يقول إنهم تلقوا رسالة من الجيش الإسرائيلي بأن هناك صواريخ جرى إطلاقها من المنطقة" (فهم الوالي أن ذلك يعني المنطقة المكشوفة، وليس منطقة المساكن) "وإن الجيش الإسرائيلي سوف يقصف قريباً من المساكن لذلك على السكان التزام منازلهم". وقال الوالي إنه بعد حوالي 10 دقائق، حوالي الساعة 11:45، ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية بيت أسد عقيل، الذي يقع حوالي 50 متراً جنوب المبنى رقم 6 ولكنه ليس جزءاً من مجمّع الندى. وقال إن القذيفة لم تنفجر، ولكنها ألحقت ضرراً كبيراً بالبيت وأدت إلى إصابة ثلاثة أشخاص.284

وبعد تلقيه الاتصال من مكتب التنسيق الإقليمي، دعا الوالي ممثلي المباني المختلفة. وحسب محمد حجازي، 20 عاماً، ممثل المبنى رقم 8، أخبرهم الوالي، اعتماداً على تحذير من الجيش الإسرائيلي، بأن يكونوا "حذرين" لأنه قد يكون ثمة تكثيف للقصف. "أخبرنا الوالي، لا تخرجوا من المباني"، و"الأفضل أن لا تناموا" استعداداً لإخلاء المساكن، كما أوضح حجازي. وقال حجازي إنه بعد هذا اللقاء مباشرة، ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية منزل أسد عقيل، و"سمعنا المدفعية تقصف الطريق". وقال حجازي إنه سبق أن حُذرنا من قصف إسرائيلي من قبل، ولكن كان التحذير أكثر عمومية. "هذا التحذير كان مختلفاً"، كما قال. "فهمنا أنه يمكن أن يتم قصف محيط المجمع والمنطقة الأمامية".285 وقال الوالي إن الجيش الإسرائيلي واصل قصف المنطقة المكشوفة من فوق المجمع طوال الليل بمعدل قذيفة كل 4 إلى 5 دقائق.286

في وقت مبكر من بعد ظهر 24 يوليو/تموز

يوم الاثنين في 24 يوليو/تموز، شنت إسرائيل خمس ضربات مدفعية أصابت مجمع الندى السكني على مدى أكثر من 10 ساعات، مما أسفر عن مقتل 4 مدنيين فلسطينيين، بينهم طفلين، وجرح العشرات. والجزء من المجمع الذي وقع عليه الجزء الأكبر من القصف في ذاك اليوم يضم ستة مبان مترابطة، من الرقم 10 حتى الرقم 15، ويحتوي كل مبنى على 16 شقة سكنية عائلية على طول الطريق الالتفافي. ويقطن هذه المباني حوالي 500 ساكن.

وقع الهجوم الأول بين الساعة 1:15 والساعة1:20 من بعد الظهر وتضمن على الأقل قذيفتين مدفعيتين بفارق بضع دقائق بينهما. سقطت القذيفة الأولى بجانب المبنى رقم 10 تماماً، في النقطة التي يلتقي فيها طريق المدخل الصغير مع الطريق الالتفافي. ثم سقطت القذيفة الثانية داخل المجمع، على الحاجز الحجري القريب من مدخل المبنى رقم 10. وقد قال عادل محمد أبو راشد، وهو يقطن الطابق الثالث في المبنى رقم 20 وله شرفة تطل على الجهة الشمالية الشرقية باتجاه المباني من الرقم 10 إلى الرقم 15: "صادف أنني كنت على الشرفة في الساعة الواحدة أو الواحدة والنصف من بعد الظهر. كان هناك حوالي 30 شخصاً خارج وفي مداخل المباني من الرقم 10 إلى الرقم 15، في ساحة وقوف السيارات، حين ضربت القذيفة الحاجز الحجري أمام المبنى رقم 10. وجاءت هذه القذيفة بعد حوالي 5 دقائق من سقوط قذيفة سابقة على الطريق الالتفافي".287

وأدت شظايا هذا الانفجار الثاني إلى مقتل صديق نصر البالغ من العمر 31 عاماً، وهو أحد سكان المجمع، بينما كان يقف أمام متجر صغير على بعد حوالي 20 متراً على الجانب الآخر من الطريق المؤدي إلى المدخل، وابن أخيه، صلاح نصر (16 عاماً) الذي كان يقف على بعد متر واحد من نقطة اصطدام القذيفة. كما أدى الانفجار إلى إصابة سعدي أحمد نعيم بجروح بليغة، وهو عامل صحي في الثلاثين من العمر كان قد خرج من عيادة حكومية صغيرة داخل المجمع بعد سماعه الانفجار الأول ليرى إن كان ثمة حاجة لتقديم مساعدة طبية. كما أُصيب محمد شرفي (16 عاماً) وهو من سكان المبنى رقم 10. وقد توفي أحمد نعيم، عامل الصحة، بعد وقت قصير من إصابته، وأفاد الأطباء في مستشفى البلسم الذي نقل إليه أن الشظية اخترقت أسفل الجذع من الأمام وخرجت من أسفل الظهر.288

وقال شرفي لـ هيومن رايتس ووتش إنه نزل راكضاً من الشقة التي يقطنها في الطابق الثاني، التي تقع قبالة المنطقة المكشوفة، بعد الانفجار الأول.289 وقد فقد إصبعين من اليد اليسرى وأصيب بجروح خطيرة فوق ركبته اليمنى تماماً جراء الشظايا. وحين قابلته هيومن رايتس ووتش وتكلمت معه في مستشفى كمال عدوان في 26 يوليو/تموز كان وجهه منتفخاً وتعلوه الندب. ويقول الأطباء في مستشفى البلسم، وهو مستشفى صغير قريب من مجمع الندى، إنهم استقبلوا ثمانية أشخاص يعانون من إصابات جراء هذا الانفجار.290 كما تضررت واجهات المبنيين 10 و11 بشكل كبير جراء شظايا الانفجار الثاني. وذكرت لنا الشرطة الفلسطينية المسؤولة عن جمع القذائف الإسرائيلية المنفجرة وغير المنفجرة إن جميع القذائف التي جمعت من حول المجمع كانت قذائف مدفعية من عيار 155 ملم.291

وكما سبق الذكر، قال العديد من السكان، إن الفلسطينيين أطلقوا وحاولوا أن يطلقوا صواريخ في اليوم السابق وفي المساء ولكن لم يحدث أي إطلاق صاروخي في يوم الاثنين ذاك.

بعد ظهر ومساء 24 يوليو/تموز

حوالي الساعة 3 من بعد الظهر، سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية على بعد 5 أمتار أمام مدخل المبنى رقم 12. وقتلت القذيفة ختام التايه (11 عاماً) وأصابت بجروح خطيرة أختها نها (12 عاماً)، بينما كانتا تقتربان من المدخل لزيارة خالتهما التي تسكن هناك. وأبعد صبحي أبو الشباب (44 عاماً)، وهو من سكان المبنى رقم 14، عائلته عن المجمع حوالي الساعة الثانية بعد الظهر بعد أن تم استهداف المبنى رقم 10، بينما بقي هو في البيت، وكان يقف خارج المبنى مع أحد أصدقائه. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه سمع الصوت المميز لاقتراب قذيفة مدفعية، تلاه انفجار. "كان هناك الكثير من الدخان، وارتميت مع صديقي على الأرض. وحين انقشع الدخان رأيت البنت، وكان دماغها خارج رأسها. لم نتصل بالإسعاف، فقط وضعناها في سيارة أحدهم وأخذوها إلى المستشفى".292 وقال أبو الشباب، مع شهود آخرين، إنه لم يكن هناك أية علامة لنشاط عسكري فلسطيني في جوار المجمع ذلك اليوم.

وبعد عدة ساعات، في حوالي السادسة أو السادسة والنصف مساءً حسب العديد من السكان، ضربت المدفعية الإسرائيلية سقف المبنى رقم 20 الواقع في أقصى غرب المجمع على طول الطريق الالتفافي. وقال عادل محمد أبو راشد: "فجأة ضُرب برجنا، ضربت قذيفة سطح البرج. ولم يتأذ أحد".293

وأخبرت ساريا سعادنة (35 عاماً)، وهي من سكان الطابق الأخير في المبنى 13، هيومن رايتس ووتش أنه في وقت متأخر من ذاك المساء، سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية أمام المبنى الذي تسكنه ولم تنفجر.294 وتعتقد أن ذلك حدث بعد ثلاث ساعات من سقوط القذيفة التي قتلت ختام التايه، أي حوالي السادسة مساء، ولكن أحد المراقبين الإنسانيين الدوليين الذي كان يتتبع أحداث ذلك اليوم أيضاً أخبر هيومن رايتس ووتش أن القذيفة سقطت بعد هذا الوقت. وحسب سعادنة فقد حضرت وحدة لتفكيك القنابل على الفور لإزالة القذيفة، كما جاء مسؤول أمني فلسطيني.295

ووقعت حادثة القصف الإسرائيلية الأخيرة لمجمّع الندى في 24 يوليو/تموز بين الساعة 11 ليلاً ومنتصف الليل. حيث أصابت قذيفة الغرفة الأمامية من شقة في الطابق الثالث من المبنى رقم 14 ودمرتها. وقال أحد سكان المبنى لـ هيومن رايتس ووتش إنه سمع ما اعتقد أنه صاروخ تم إطلاقه من السطح قبل 15 دقيقة.296 وقام باحثو هيومن رايتس ووتش بفحص سطح المبنيين المجاورين 13 و15 في 26 يوليو/تموز ومرة ثانية في 31 يوليو/تموز، ولم يجدوا أية علامة حريق أو غيرها من الدلائل على إطلاق صاروخ من هناك. وأقر سكان الندى من تلقاء أنفسهم (وفي حالات كثيرة اشتكوا) بأن هناك فلسطينيين يطلقون الصواريخ من المناطق المكشوفة المجاورة، وأحياناً من مناطق قريبة من المجمع، ولكن جميعهم، ما عدا هذا الشخص، أكدوا عدم إطلاق صواريخ من داخل المجمع أو من على أسطح المساكن.

مدخل البناء رقم 12 من مجمع الندى وعليه آثار الشظايا الناتجة عن انفجار قذائف المدفعية الإسرائيلية. وقد أدى انفجار القذيفة التي سقطت أمام المبنى مساء 24 يونيو/حزيران 2006 إلى مصرع ختام تايه (11 عاماً) وتعرض أختها نهى (12 عاماً) لإصاباتٍ خطيرة. © 2006، جو ستورك/هيومن رايتس ووتش

والوصول إلى السطح متاح، رغم أن السكان قالوا إنه من الصعب الصعود إلى السطح والتنقل عليه دون أن يسمع سكان الطابق العلوي. كما يصعب الهرب من المكان بسرعة. فالأسطح مزدحمة بالأطباق اللاقطة وخزانات المياه وحواجز السلالم.

أحداث الأربعاء 26 يوليو/تموز

استمر القصف المدفعي الإسرائيلي في اليوم التالي، 25 يوليو/تموز، على المنطقة الخالية من فوق المجمع السكني. وحسب حسن الوالي، رئيس جمعية المقيمين، فقد بدت المنطقة المحيطة بمجمّع الندى على طول الطريق الالتفافي "شبيهة بمنطقة حرب". وحين زارت هيومن رايتس ووتش المجمع في 26 يوليو/تموز، كانت العائلات الباقية تحمل أمتعتها في شاحنات صغيرة استعداداً للرحيل. وقالوا إن عشرات الأسر لجأت إلى مختلف مدارس الأونروا في مخيم جباليا المجاور.297 كما قال مسؤول أمني فلسطيني في اليوم التالي إنه لم يبق في المساكن أكثر من مائة شخص، وكثير منهم بقي لحماية الشقق من النهب.

حسان الوالي، من سكان البناء رقم 3 ورئيس جمعية أهالي الندى يقف على سطح البناء رقم 15 من مجمع شقق ندى. فقد ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية السطح في صباح 26 يونيو/حزيران 2006. © 2006، جو ستورك/هيومن رايتس ووتش

وقال الوالي إنه في الساعة 4:30 من صباح الأربعاء 26 يوليو/تموز، ازدادت وتيرة القصف الإسرائيلي على المنطقة المكشوفة إلى حوالي قذيفة واحدة كل ثلاث أو أربع دقائق.298 وفي الساعة 6:15 صباحاً أطلق الجيش الإسرائيلي وابلاً من القذائف أصاب أيضاً المجمع والمنطقة المجاورة له مباشرة. ومرت إحدى القذائف فوق المساكن مباشرة وسقطت على الطريق الالتفافي، وأدت إلى كسر زجاج النوافذ في الشقة العليا من المبنى رقم 15 والتي تعود ملكيتها إلى محمد نصار. وبعد دقائق سقطت قذيفة أخرى على سطح المبنى رقم 15، فاخترقت السطح لتسقط في المطبخ بينما كان نصار يقف في المدخل، كما قال لـ هيومن رايتس ووتش. وقد أصيب بجرح سطحي في جبينه جراء إحدى الشظايا. ولم تصب زوجته التي كانت في غرفة النوم بأذى. وقال نصار لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يتم إطلاق أية صواريخ من جوار المبنى في أي وقت، وإنه كان سيسمع الأزيز المميز للصواريخ المصنوعة محلياً لو أنها أطلقت من على السطح لأنه يسكن بالطابق العلوي.299

وفي المساء نفسه، حوالي الساعة التاسعة مساء، كما أفادنا العديد من السكان الذين فروا من المساكن ولكنهم ظلوا على تواصل هاتفي منتظم مع من بقوا فيها، حاول عدد من المقاتلين الفلسطينيين نصب منصات إطلاق صواريخ في ساحة وقوف السيارات بين المبنيين التاسع والعاشر في المجمع الذي بات شبه خال من السكان.300 ولكن السكان الباقين منعوهم من ذلك وطردوهم. وقال الوالي إن هؤلاء المقاتلين لم يكونوا من سكان المجمع ولا من سكان الجوار. وقال إنه يعرف إلى أي فصيل ينتمون لكنه رفض أن يكشف عن اسمه. وقال "الموقف العام للفصائل هو عدم الاقتراب" من المساكن، ولكن أحياناً "تقوم جماعات منفردة" بإطلاق الصواريخ من منطقة مجاورة. وقال "حين نشتكي إلى الفصائل يتم ضبط الأمور". وأضاف الوالي إنه في يوم الخميس 27 يوليو/تموز، اليوم التالي لهذا الحادث، جاء ممثلون عن هذا الفصيل "للاعتذار وقالوا إنهم لن يكرروا ثانية تعريض المساكن للخطر".301 وحسبما أفاد مسؤول أمني فلسطيني هيومن رايتس ووتش فإن المواجهات بين المقاتلين وسكان شمال قطاع غزة كثيراً ما تكررت.302

أحداث يوم الجمعة 28 يوليو/تموز

حسب العديد من أطباء مستشفى البلسم، سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية مساء الجمعة في 28 يوليو/تموز حوالي الساعة الثامنة مساءً، على بعد حوالي عشرة أمتار من المدخل. ويقع المستشفى إلى الغرب تماماً من المجمع، على طول الطريق الالتفافي مقابل المنطقة المكشوفة. وقال أحد الأطباء: "كنا نجلس أمام المستشفى وقد دخلنا للتو لأداء صلاة العصر. وحين كنا نصلي سقطت القذيفة. واهتزت الأرض وسمعنا أصوات تطاير شظايا الزجاج. وبعد ذلك مباشرة انهمرت قذائف أخرى، ولم ندر أين سقطت القذائف الأخرى، إلا أن القصف استمر حوالي 40 دقيقة، ودخلت الشظايا إلى بهو الاستقبال".303 وقال الأطباء إنهم معتادون على القصف الإسرائيلي على المنطقة المكشوفة، وإن الشظايا كانت تسقط أحياناً أمام المستشفى، ولكن المستشفى لم يتضرر بهذا الشكل من قبل. وأكدوا إن الإسرائيليين لم يتقدموا بأي تنبيه مسبق.

وقال الأطباء إن ثلاثة أشخاص جرحوا جراء القصف. اثنان منهم نقلا إلى مستشفيات أخرى. وكان الثالث، نعيم أبو أنزين (58 عاماً) كان لا يزال يتعافى في مستشفى البلسم حين زارته هيومن رايتس ووتش في 31 يوليو/تموز. يملك أبو أنزين متجراًً صغيراً على مستوى الشارع في المبنى 19 من مجمّع الندى، تحت المقيمين ومقابل الطريق الالتفافي والمنطقة المكشوفة. وقد أفاد هيومن رايتس ووتش بأن قذيفتين سقطتا على بعد 50 متراً من متجره. وقال: "كانت فتاة صغيرة قد جاءت لتشتري غرضاً ما، وحين سقطت القذيفة دفعتها إلى داخل المتجر وغطيتها. بعد ذلك توجهت إلى المستشفى وتهاويت على البوابة".304 استخرج الأطباء شظية بطول 4 سم وعرض 2 سم كانت قد تسببت بضرر بالغ في كتفه. وقال أبو أنزين إن القصف الإسرائيلي لم يقترب من متجره إلى هذا الحد من قبل.

تنبيهات جيش الدفاع الإسرائيلي والعلاقة بقوات الأمن الفلسطينية

يقول العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمنيفي غزة، إنه مع عناصر مكتب التنسيق الإقليمي على اتصال يومي بنظرائهم في الجيش الإسرائيلي.305 وقال غانم إن الجيش الإسرائيلي كان يحتج على الهجمات الصاروخية الفلسطينية من قبل، ولكنه توقف عن ذلك بعد أن تولت حماس الحكومة في أواخر مارس/آذار 2006.

وعلمت هيومن رايتس ووتش من العميد غانم أن مكتب التنسيق الإقليمي كان مسؤولاً عن تنسيق القضايا الأمنية مع إسرائيل وليس له صلاحيات فرض القانون، ولكن "إذا رأينا أن هناك تحضيرات من أجل إطلاق الصواريخ فإننا نمنعها بأنفسنا أو نطلب المساعدة من القوى الأمنية. نحن لا نقف مكتوفي الأيدي".306 وأظهر أحد عناصر مكتب التنسيق الإقليمي لباحثي هيومن رايتس ووتش سجلاً من الأرشيف يغطي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى فبراير/شباط 2006 ويحتوي أكثر من 20 تاريخاً حدث فيه منع مثل هذه الهجمات ومصادرة الأسلحة.

وحسب غانم فإن قوات الأمن الفلسطينية عجزت مراراً عن منع الجماعات المسلحة من إطلاق الصواريخ. حيث قال: "لا نستطيع منعهم من إطلاق الصواريخ من المنطقة المكشوفة [المجاورة لمجمع الندى السكني]"، ولكنه أكد أنه لم يتم إطلاق أي صاروخ من داخل المجمع. "الكثير من السكان هنا هم من الأمن الوطني أو من مكتب التنسيق الإقليمي وغيرها من الأجهزة [الأمنية]، وجميعهم يعلمون خطورة إطلاق الصواريخ من داخل المجمع".307

وفيما يتعلق بقصف الجيش الإسرائيلي للمساكن، أخبر أديب لوباني، أحد ضباط مكتب التنسيق الإقليمي هيومن رايتس ووتش إنه تلقى اتصالاً من نظير إسرائيلي له اسمه سمير كيوف مساء 23 يوليو/تموز، قبل القصف الذي تم في 24 يوليو/تموز.308 وقال لوباني إن كيوف أخبره أن يحذر المقيمين من "التجمع في الخارج" لأن إسرائيل سوف تقصف المنطقة المجاورة للمباني. "أجبنا بقوة أن هذه منطقة مكتظة بالسكان المدنيين ومن غير المعقول مهاجمة [المنطقة المجاورة للمباني] رداً على قصف صاروخي من المنطقة المكشوفة". وأضاف لوباني: "وعدونا بأن يراجعوا الأمر [مع قياداتهم] ولكنهم أكدوا لنا أنهم تلقوا أوامر بالقصف".309

وقال المسؤولون في مكتب التنسيق الإقليمي إنهم نقلوا التحذيرات إلى جمعية الأهالي. وأفاد رئيس الجمعية، حسن الوالي أنه اتصل مع مسؤول أمني رفيع المستوى ليؤكد الرسالة الإسرائيلية ثم أعلم ممثلي مختلف المباني. حيث قال: "حين أستلم مثل هذه الرسائل، فإنني أنقلها للآخرين. وأحرص على نقل الرسالة بالكامل لكي لا أعرض الناس للخطر. ولكني أحاول نقلها بطريقة لا تثير الذعر".310 وحسب صبحي أبو الشباب، وهو من سكان الطابق الثالث في المبنى 14، فإنه سمع "من الناس" أن إسرائيل ستقصف المنطقة المجاورة للمباني.311 وقال مقيمون آخرون إنهم لم يتلقوا أي إنذار من أي نوع.

وقال العميد غانم إنه حين ضربت القذائف الأولى محيط المبنى رقم 10 في 24 يوليو/تموز، وقتلت صادق نصر وصلاح نصر وأصابت سعدي نعيم بجروح بليغة، اتصل على الفور بنظيره الإسرائيلي للاحتجاج ورد عليه ضابط إسرائيلي اسمه زيدان. وحسب غانم: "أخبرته إننا فهمنا الرسالة [رسالة القصف] ولهذا عليهم التوقف عن استهداف المدنيين. فقال إنه سينقل رسالتنا إلى قادته".312 وقال غانم والمقدم منير صالحة إنه في الحالات السابقة حين كانت القذائف الإسرائيلية تسقط بالقرب من المباني كان ضباط الجيش الإسرائيلي يعربون عن أسفهم ويعتذرون، "هذه المرة كانت لهجتهم قاسية. ولم يعتذروا".

وبحسب غانم فإنه بعد الساعة الثالثة من بعد الظهر سقطت قذيفة مدفعية أمام المبنى 12، فقتلت الطفلة ختام التايه (11 عاماً)، فاحتج إلى الجيش الإسرائيلي "مرة أخرى، وبقوة". وقال إن زيدان اتصل به بعد حوالي نصف ساعة ليقول له إن على السكان إخلاء المبنى، وإن من يبقون يتحملون مسؤولية الخطر الذي يعرضون أنفسهم له، وإنه "يجب أن نأخذ تحذيره على محمل الجد". وقال غانم إنه رد على زيدان بالقول إن تعريض المدنيين للخطر ليس "رداً معقولاً على إطلاق بعض الصواريخ من المنطقة المكشوفة".313

وسألت هيومن رايتس ووتش العميد غانم عما إذا كان لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية سياسة لحث المدنيين على إخلاء مساكنهم إذا هدد الجانب الإسرائيلي بمهاجمة مناطق مأهولة بالمدنيين. فقال: "نجيب [الجانب الإسرائيلي] بأننا لن نخلي السكان من منازلهم وإنكم تتحملون كامل المسؤولية"، مضيفاً: "نحن ننقل رسالة الجيش الإسرائيلي إلى قادتنا وهم يسربون المعلومات. من الناحية الرسمية لا يمكننا أن نطلب من الناس المغادرة. فسياسة ترحيل السكان لها معنى جسيم في أذهان الفلسطينيين. إنهم [جيش الدفاع الإسرائيلي] يريدون خلق مناطق عازلة – هذا الجزء من بيت حانون، وذاك الجزء من جباليا. هل يريدوننا أن نخلي قطاع غزة والضفة الغربية؟"314

ويوجب القانون الإنساني الدولي على الأطراف المتنازعة اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية ما تحت سيطرتها من السكان المدنيين من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية.315 وتتضمن هذه الاحتياطات إيصال المعلومات والتحذيرات ونقل المدنيين إلى أماكن آمنة.316 وفي الوقت نفسه، تعتبر الغارات التي تؤدي إلى تهجير المدنيين من بيوتهم انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي الذي يحظر القيام بغارات على السكان المدنيين، وتحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين.317

تفسيرات الجيش الإسرائيلي

عقب القصف الإسرائيلي لمجمّع الندى في 24 يوليو/تموز والذي خلف 4 قتلى بين المدنيين، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للصحفيين إن ذلك هو رد الجيش الإسرائيلي على إطلاق أكثر من 50 صاروخاً على إسرائيل من منطقة بيت لاهيا في الأسابيع القليلة الماضية. "استمر إطلاق الصواريخ، وعليه أعتقد أنه يمكنكم القول إننا قررنا التصعيد".318 وفي الإشارة إلى الوفيات التي حدثت في مجمّع الندى، عزا الناطق ذلك إلى "أخطاء في تصويب القذائف".319 ونقلت صحيفة إسرائيلية عن الجيش الإسرائيلي القول: "إن إحدى قذائفه انحرفت عن مسارها وسقطت بالقرب من (مساكن الضباط)" في المدينة، مضيفاً إن "المنظمات الإرهابية مسؤولة عن وقوع الضحايا؛ لأن جيش الدفاع الإسرائيلي حذر من أنه سوف يستهدف مواقع إطلاق صواريخ القسام".320

وسألت هيومن رايتس ووتش الجيش الإسرائيلي في أول استفسار لها حول حوادث الندى في 31 يوليو/تموز، ما إذا كان ذلك خطأ. ولكن رد الجيش الإسرائيلي في 6 أغسطس/آب والرد التالي في 12 أكتوبر/تشرين الأول، لم يأتيا على ذكر وقوع أي خطأ أو سوء تقدير في قصف مجمّع الندى.

ففي رده على أسئلة هيومن رايتس ووتش بشأن هذه الحوادث قال الجيش الإسرائيلي إنه يسعى، كقاعدة عامة، "لبذل كل جهد لتجنب إلحاق الأذى بالمناطق المدنية" وإنه "حريص على التقيد بالقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك المبادئ الخاصة بالتمييز والتناسب

وفي رده في 6 أغسطس/آب، كتب الجيش الإسرائيلي: "كانت المنطقة التي تستفسرون عنها مسرحاً لإطلاق صواريخ القسام إلى داخل إسرائيل. ففي يوليو/تموز وحده، جرى إطلاق أكثر من 15 صاروخاً من مساكن الضباط داخل المجمع ومن محيطه أيضاً. ويجري إطلاق عشرات الصواريخ يومياً من محيط المجمع".

وفي الرد نفسه، كتب الجيش الإسرائيلي إنه "يتصل بالمواطنين في قطاع غزة لجعلهم يتجنبون التواجد في المناطق التي يجري فيها إطلاق الصواريخ أو غيره من النشاطات الإرهابية. وهو يقوم بإيصال هذه التحذيرات عن طريق رمي المنشورات من الجو، وبث رسائل عبر أجهزة الإعلام الفلسطينية، وتقديم طلبات متكررة من خلال ضباط التنسيق في المناطق.322

وفي رده في 12 أكتوبر/تشرين الأول، كتب الجيش الإسرائيلي:

"وفي 24 يوليو/تموز 2006، وحتى الساعة المذكورة في استفساركم، أطلقت ستة صواريخ قسام باتجاه إسرائيل. وأطلق بعضها من مساكن الضباط والمنطقة المحيطة بها. ورداً على ذلك، أطلق جيش الدفاع قذائف المدفعية باتجاه مناطق الإطلاق والمنطقة المحيطة بمساكن الضباط. ومنذ يناير/كانون الثاني 2006، بلغ عدد الصواريخ التي تم إطلاقها من مساكن الضباط والمنطقة المحيطة بها 42 صاروخاً. ويأسف جيش الدفاع الإسرائيلي أسفاً عميقاً للإصابات التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين. إلا أن المنظمات الإرهابية هي التي تستغل المدنيين الفلسطينيين وتطلق النار من المناطق المأهولة. والجيش يكرر تحذيره للمدنيين الفلسطينيين بضرورة تجنب المناطق التي تطلق منها صواريخ القسام، وكذلك إدانة الجماعات الإرهابية التي تعمل انطلاقاً من مناطق إقامتهم".323

وكما سبق الذكر، أنكر المقيمون في مجمّع الندى، كما أنكر المسؤولون الفلسطينيون على الدوام أن تكون الجماعات المسلحة قد أطلقت صواريخ من الأراضي التابعة للمجمع في أي وقت قبل القصف الإسرائيلي في 24 يوليو/تموز. ولم تعثر هيومن رايتس ووتش على أي مؤشر يدل على إطلاق صواريخ من الأراضي التابعة للمجمع قبل القصف الإسرائيلي. إن أي استخدام للمناطق السكنية من أجل إطلاق الصواريخ يجعل من هذه المناطق هدفاً عسكرياً مشروعاً، ولكن على القوة المهاجمة أن تتخذ كل الاحتياطات اللازمة للحد من الأضرار بين المدنيين. واستخدام الجيش الإسرائيلي للمدفعية من عيار 155 ملم للهجوم على مثل هذه المناطق ينتهك الحظر ضد القيام بهجمات عشوائية أو غير متناسبة في استخدام القوة. ويبقى الحال كذلك حتى لو لم يستجب السكان المدنيون للتحذيرات باحتمال تعرض المنطقة للقصف. كما أن فشل السكان في إبعاد الجماعات المسلحة العاملة في المنطقة لا يجعل من هؤلاء السكان هدفاً مشروعاً.

ويوحي استخدام الجيش الإسرائيلي لتعبير "مساكن الضباط" بشكل مضلل بأن المساكن تشكل هدفاً عسكرياً. ومن الواضح أن هذه التسمية تقوم على وجود مكتب التنسيق الإقليمي الصغير في المبنى رقم 15، و/أو على وجود عائلات مسؤولي السلطة الفلسطينية، بمن فيهم أعضاء مختلف أجهزة الأمن الفلسطيني بين سكان المجمع وقد طلبت المنظمة من الجيش الإسرائيلي أن يفسر لنا تعبير "مساكن الضباط" فيما يخص مجمّع الندى. ولم يقدم الجيش الإسرائيلي في رده في 12 أكتوبر/تشرين الأول أي تفسير، واكتفى بالقول "كان قصدنا الإشارة إلى مساكن الضباط والمناطق المحيطة (في دائرة نصف قطرها كيلومتر ونصف)". ولم يشر الجيش الإسرائيلي كم عدد أو ما نسبة الصواريخ التي يعتقد أنها أطلقت من المجمع نفسه أو من جواره القريب. كما لم يجب الجيش بشكل مباشر عن السؤال ما إذا كان الفلسطينيون قد أطلقوا أية صواريخ من داخل المجمع أو من جواره القريب، وليس من المنطقة المكشوفة التي تبلغ مساحتها 1 كم2، في الأيام التي سقطت فيها قذائف المدفعية الإسرائيلية على المجمع السكني.




276 لم يؤكد التحقيق الذي قامت به هيومن رايتس ووتش شهادة أحد سكان المجمع بأن صاروخاً أطلق من على سطح أحد المباني مساء 24 يوليو/تموز (انظر أدناه).

277 تم تأسيس مكتب التنسيق الإقليمي بموجب اتفاق أوسلو ليقوم بمهام الاتصال مع مسؤولي الأمن الإسرائيليين. وهناك أيضاً مكتب تنسيق إقليمي مسؤول عن قطاع غزة يوجد في خان يونس. وفي المبنى 20 توجد غرف يستخدمها مستشفى البلسم المجاور، كما يضم المبنى 24 مكتباً مسؤولاً عن انتقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عبر معبر إيريز عندما يغادر من وإلى الضفة الغربية.

278 فاكس من مكتب الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي إلى هيومن رايتس ووتش، 6 أغسطس/آب 2006 و12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

279 قبل عدة أسابيع من هذا الحادث، في ساعات الصباح الأولى من 3 يوليو/تموز، أطلقت طوافة إسرائيلية صاروخاً موجهاً على الطابق الأعلى في المبنى 25. وكان الطابق خالياً، ولم يصب أحد. وحين سُئل الجيش الإسرائيلي عن هذا الحادث أجاب: "في 3 يوليو/تموز 2006، شن جيش الدفاع هجوماً جوياً ضد موقعٍ لإنتاج الأسلحة في بيت حانون". فاكس من مكتب الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي إلى هيومن رايتس ووتش، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006. وأخبر مسؤولون في مكتب التنسيق الإقليمي الفلسطيني في المبنى 15، المنظمة إنه لم يستخدم أي شقة في المجمع لتصنيع أو تخزين أسلحة. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من أي من هذه المعلومات.

280 انتقلت إلى المعسكر مع عائلتها وآخرون كثر من مساكن الندى. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نجاة روعة، مدرسة الأونروا، مخيم جباليا للاجئين، 28 يوليو/تموز 2006.

281 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل محمد، مخيم جباليا للاجئين، 28 يوليو/تموز 2006.

282 ذكر السكان حادث واحد قبل حوالي 5 أشهر، دخلت فيها قذيفة إسرائيلية شقة في الطابق الثاني من خلال النافذة واخترقت الأرضية إلى الطابق الأول، لكنها لم تنفجر. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أيمن يونس المقيم في الطابق الأول، مجمع الندى السكني، 26 يوليو/تموز 2006.

283 كان هذا رأي مشترك لثلاثة من العاملين الميدانيين الفلسطينيين، وهم يمثلون منظمتي حقوق إنسان فلسطينيتين مستقلتين ووكالة مساعدات إنسانية دولية، في نقاش مع أحد باحثي هيومن رايتس ووتش في مخيم جباليا، 2 أغسطس/آب 2006. وقد قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن قذيفة إسرائيلية ضربت شقة في أبراج عودة، ليس بعيداً من مجمع الندى، في 22 فبراير/شباط 2006، مما أدى إلى إصابة طفل في الرابعة من عمره.

284 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن الوالي، مجمع الندى السكني، 31 يوليو/تموز 2006.

285 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد حجازي، مخيم جباليا للاجئين، 28 يوليو/تموز 2006.

286 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن الوالي، مجمع الندى السكني، 31 يوليو/تموز 2006.

287 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل محمد أبو راشد، مخيم جباليا للاجئين، 28 يوليو/تموز 2006.

288 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع د سمير الغزالي، مستشفى البلسم، 26 يوليو/تموز 2006.

289 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد شرفي، مستشفى كمال عدوان، بيت حانون، 26 يوليو/تموز 2006.

290 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أطباء (تم حجب الأسماء)، مستشفى البلسم، 28 يوليو/تموز 2006.

291 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المقدم صالح أبو عزوم، قائد فريق المتفجرات الفلسطيني، مدينة غزة، 31 يوليو/تموز 2006.

292 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صبحي أبو الشباب (44 عاماً)، مخيم جباليا، 27 يوليو/تموز 2006.

293 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عادل محمد أبو راشد، مخيم جباليا، 28 يوليو/تموز 2006. كما تحدث رحمي فتحي السعدي، مقيم آخر في مساكن الندى، عن هذا الحادث إلى هيومن رايتس ووتش. مقابلة المنظمة مع رحمي فتحي السعدي، مخيم جباليا، 28 يوليو/تموز 2006.

294 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ساريا سعادنة (35 عاماً)، مخيم جباليا، 28 يوليو/تموز 2006.

295 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المقدم صالح أبو عزوم، 31 يوليو/تموز 2006.

296 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع (تم حجب الاسم)، مخيم جباليا، 28 يوليو/تموز 2006.

297 ذكرت الأونروا في تقرير لها في 3 أغسطس آب أن 4 من مدارسها في جباليا كانت تؤوي 1345 شخصاً من 289 عائلة فارة من القصف الإسرائيلي على مساكن الندى وغيرها في بيت حانون. "تصريح عن غزة من الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة". 3 أغسطس/آب 2006، http://www.unicef.org/media/media_35226.html (تم الاطلاع عليه في 2 يناير/كانون الثاني 2007).

298 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن الوالي، 31 يوليو/تموز 2006.

299 مقابلة هيومن رايتس ووتش محمد نصار، مساكن الندى، 27 يوليو/تموز 2006.

300 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سكان الندى، مخيم جباليا، 28 يوليو/تموز 2006.

301 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن الوالي، مساكن الندى، 31 يوليو/تموز 2006. وقال الوالي لـ هيومن رايتس ووتش "عموماً نحن نحاول الحفاظ على منطقتنا، ونتصل مع المسؤولين والفصائل. نريد أن نُبقي المنطقة آمنة".

302 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد ركن وليد غانم نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مدينة غزة، 28 يوليو/تموز 2006.

303 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أطباء (تم حجب الأسماء)، مستشفى البلسم، 31 يوليو/تموز 2006. شاهد أحد باحثي هيومن رايتس ووتش النوافذ المهشمة في غرفة الانتظار في جناح العمليات، في الطابق الثاني المطل على الطريق والمنطقة المكشوفة. وكان ثمة نوافذ داخلية أخرى قد ثبتت بالشريط اللاصق لمنع تناثر الزجاج في ذلك الوقت، 31 يوليو/تموز.

304 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نعيم أبو أنزين، مستشفى البلسم، بيت حانون، 31 يوليو/تموز 2006.

305 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مدينة غزة، 28 يوليو/تموز 2006.

306 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مساكن الندى، بيت حانون، 26 يوليو/تموز 2006.

307 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مدينة غزة، 28 يوليو/تموز 2006.

308 حسب لوباني ومسؤولين آخرين في مكتب التنسيق الإقليمي، فإن معظم نظرائهم الإسرائيليين هم من الأقلية الدرزية في إسرائيل، ولذلك فإن أسماؤهم عربية وليس يهودية إسرائيلية. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أديب لوباني، مكتب التنسيق الإقليمي في شمال غزة، 26 يوليو/تموز 2006.

309 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أديب لوباني، مكتب التنسيق الإقليمي في شمال غزة، 26 يوليو/تموز 2006.

310 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن الوالي، مساكن الندى، بيت حانون، 31 يوليو/تموز 2006.

311 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صبحي أبو الشباب (44 عاماً)، مخيم جباليا، 28 يوليو/تموز 2006.

312 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مساكن الندى، بيت حانون، 26 يوليو/تموز 2006.

313 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مساكن الندى، بيت حانون، 26 يوليو/تموز 2006.

314 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد وليد غانم، نائب رئيس لجنة التنسيق الأمني في غزة، الذي يشرف على مكتبي تنسيق إقليمي في غزة، مدينة غزة، 28 يوليو/تموز 2006.

315 انظر البروتوكول 1، المادة 58 (ج).

316 انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الدولي العرفي، ص 70-71.

317 انظر البروتوكول 1، المادة 48، 51(2) و52(2).

318 أشرف خليل، هجمات إسرائيلية تقتل ستة في شمال قطاع غزة؛ المعروف أن المنطقة المستهدفة هي موقع لإطلاق الصواريخ، لوس أنجلوس تايمز، 25 يوليو/تموز 2006.

319 أشرف خليل، هجمات إسرائيلية تقتل ستة في شمال قطاع غزة؛ المعروف أن المنطقة المستهدفة هي موقع لإطلاق الصواريخ، لوس أنجلوس تايمز، 25 يوليو/تموز 2006.

320 آفي إسحقاروف، "القصف المدفعي الإسرائيلي يقتل طفلين، وأربعة آخرين في شمال قطاع غزة"، هاآرتس، 24 يوليو/تموز 2006، http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArt.jhtml?itemNo=741409&contrassID=1&subContrassID=5 (تم الاطلاع عليه في 24 يوليو/تموز 2006).

322 رسالة بالفاكس من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلى هيومن رايتس ووتش، 6 أغسطس/آب 2006.

323 رسالة بالفاكس من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلى هيومن رايتس ووتش، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.