Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

III. القانون الإنساني الدولي

يحكم القانون الإنساني الدولي، ويدعى أيضاً "قوانين الحرب"، القتال الدائر بين إسرائيل والجماعات المسلحة غير الحكومية في قطاع غزة، وهو القتال الذي يرقى إلى درجة النزاع المسلح. والقانون الإنساني الدولي يحد من الوسائل والأساليب الحربية المسموح لأطراف النزاع المسلح باستخدامها؛ ويفرض عليهم احترام المدنيين والمقاتلين الأسرى وحمايتهم.

ورغم عدم كونها دولةً سيادية، تترتب على السلطة الفلسطينية التزاماتٌ أمنية وقانونية واضحة وردت في اتفاقيات أوسلو، وهي سلسلةٌ من الاتفاقيات التي توصلت إليها الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية في الفترة الممتدة من عام 1993 حتى عام 1996. والسلطة الفلسطينية ملزمةٌ بحفظ الأمن والنظام العام في قطاع غزة والمناطق التي تسيطر عليها في الضفة الغربية، بما في ذلك تقديم المتهمين بارتكاب هجماتٍ ضد المدنيين الإسرائيليين إلى العدالة25. وهي ملزمةٌ أيضاً بكفالة احترام القانون الدولي من جانب المجموعات المسلحة العاملة انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتها الفعلية.

وقد أكد المجتمع الدولي مراراً سريان اتفاقية جنيف الرابعة على قطاع غزة والضفة الغربية؛ وعلى مسؤوليات إسرائيل بصفتها قوة احتلال26. ولطالما جادلت إسرائيل في مسألة سريان اتفاقية جنيف الرابعة على غزة والضفة الغربية، وذلك رغم زعمها الالتزام بأحكامها الإنسانية. وتقول إسرائيل إن انسحابها من غزة في سبتمبر/أيلول 2005 أعفاها من كامل مسؤوليتها عن أسباب عيش سكان غزة. لكن، ولأن إسرائيل تحتفظ بسيطرةٍ يوميةٍ فعلية على الجوانب الرئيسية للحياة في غزة، بما فيها الحركة في المعابر الحدودية التي تعني السيطرة على الاقتصاد؛ فإنها تظل تتحمل مسؤوليات قوة الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة27. وبموجب أحكام هذه الاتفاقية، تكون إسرائيل ملزمةً، من جملة أمورٍ أخرى، بكفالة الحد الأدنى من السلامة وأسباب العيش للمدنيين في الأراضي المحتلة28.

وعلاوةً على اتفاقية جنيف الرابعة، يسري القانون الإنساني الدولي العرفي على مجريات الأعمال العدائية بين إسرائيل والجماعات المسلحة غير الحكومية في غزة. وتقوم القواعد العرفية في القانون الدولي على ما استقر من ممارسات الدول، وهي مُلزِمةٌ لجميع أطراف النزاع المسلح سواءٌ كانوا أطرافاً يمثلون دولةً أو كانوا جماعاتٍ مسلحةً غير حكومية. ومحتوى القانون الإنساني الدولي العرفي مصنفٌ في البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف عام 1977 (البروتوكول الأول)29، وأنظمة لاهاي لعام 190730. وتعتبر أحكام كلتا الاتفاقيتين معبرةً عن القانون العرفي31.

ومما له صلةٌ خاصة بالهجمات المدفعية والصاروخية المتبادلة بين إسرائيل والجماعات المسلحة في غزة؛ القواعد العرفية المتعلقة بوسائل الحرب وأساليبها. وتشير كلمة "وسائل" إلى الأسلحة المستخدمة عامةً؛ في حين تشير كلمة "أساليب" إلى طريقة استخدام هذه الأسلحة.

وحجر الزاوية في القانون الذي ينظم سير الأعمال العدائية هو مبدأ التمييز الذي يفرض على أطراف النزاع التمييز في جميع الأوقات بين المقاتلين والمدنيين. ولا تجوز مهاجمة المدنيين أو الأعيان المدنية، إذ يجب أن توجه العمليات ضد الأهداف العسكرية فقط32.

والأهداف العسكرية هي المقاتلون والأعيان التي "تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواءٌ كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزةً عسكرية أكيدة"33. ويحظر عامةً توجيه الهجمات ضد الأعيان التي تكون مدنيةً بطبيعتها، كالمنازل أو البيوت أو المدارس أو أماكن العبادة أو المستشفيات أو المدارس أو النصب الثقافية. ويمكن اعتبار مكان المنطقة هدفاً عسكرياً إذا استوفى المعايير المذكورة أعلاه34.

ويُحظر على أطراف النزاع اللجوء إلى التهديد أو أعمال العنف الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين35. كما أن هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين محظورة36.

وعلاوةً على حظر الهجمات المباشرة ضد المدنيين، يحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات العشوائية، وهي هجماتٌ "من شأنها أن تصيب الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز". ومن أمثلة الهجمات العشوائية الهجمات التي "لا توجه إلى هدفٍ عسكريٍّ محدد"، أو التي تستخدم وسائل "لا يمكن أن توجه إلى هدفٍ عسكريٍّ محدد"37.

وقصف منطقةٍ بأكملها واحدٌ من أشكال الهجمات العشوائية المحظورة. فكل هجومٍ، سواءٌ كان عن طريق القصف الجوي أو غيره من الوسائل، يعامل عدداً من الأهداف العسكرية المنفصلة المتمايزة على نحوٍ واضح والموجودة داخل مدينةٍ أو بلدةٍ أو قرية، أو غير ذلك من الأماكن التي تضم تركزاً مماثلاً للمدنيين والأعيان المدنية، بصفتها هدفاً عسكرياً واحداً، يعتبر هجوماً عشوائياً محظوراً. وعلى النحو عينه، إذا شن مقاتلٌ هجوماً على منطقةٍ مأهولة دون محاولة التسديد الصائب إلى هدفٍ عسكري، فهذا يمكن أن يَرقى إلى مرتبة الهجوم العشوائي أيضاً38.

وتُحظر أيضاً الهجمات التي تنتهك مبدأ التناسب، وهي هجماتٌ "يُتوقع منها أن تسبب خسارةً في أرواح المدنيين أو إصابةً بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية.

وخلال سير العمليات الحربية، يتعين على أطراف النزاع بذل رعايةٍ متواصلة لتجنيب المدنيين والأعيان المدنية آثار الأعمال العدائية41. وهي بالتالي مطالبةٌ باتخاذ تدابير احتياطية تهدف إلى تفادي خسارة أرواح المدنيين عرضاً، أو إصابتهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، أو إلى تقليلها إلى الحد الأدنى.

ومن هذه التدابير الاحتياطية:

  • فعل "كل ما هو ممكن عملياً للتحقق" من أن الأهداف التي تجري مهاجمتها أهدافٌ عسكرية وليست أعياناً مدنية أو مدنيين. وإذا ما قام شكٌّ حول كون الهدف المحتمل ذا طبيعةٍ عسكريةٍ أو مدنية؛ فيجب أن يكون التقييم شديد التدقيق بما يبدد، إلى أقصى حد ممكن، أية شكوكٍ بشأن الطبيعة المدنية للشخص أو الهدف. وعلى الأطراف المتقاتلة أن تبذل كل ما في طاقتها عملياً لإلغاء أو تعليق الهجوم إذا تبين أن الهدف ليس عسكرياً42؛

  • اتخاذ "جميع الاحتياطات المستطاعة عند تخيّر وسائل وأساليب الهجوم" من أجل تجنب، أو تقليل، "إحداث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية"43. وفي ملاحظاتها على البروتوكول الأول، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن مطلب اتخاذ جميع التدابير الاحتياطية "العملية"، وغيرها، يوجب على الشخص الذي يطلق الهجوم اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتحديد الهدف بصفته هدفاً عسكرياً مشروعاً "في الوقت المناسب لحقن أرواح المدنيين إلى أقصى حد ممكن"44؛

  • وعندما تسمح الظروف؛ توجيه "إنذار مسبق بوسائل مجدية في حالة الهجمات التي قد تمس السكان المدنيين"45؛

  • "ينبغي أن يكون الهدف الواجب اختياره حين يكون الخيار ممكناً بين عدة أهدافٍ عسكرية للحصول على ميزةٍ عسكريةٍ مماثلة هو ذلك الهدف الذي يتوقع أن يسفر الهجوم عليه عن إحداث أقل قدر من الأخطار على أرواح المدنيين والأعيان المدنية46

  • "تجنب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها"47؛

  • السعي إلى "نقل السكان المدنيين.

    ويحظر أيضاً على أطراف النزاع استخدام المدنيين "لدرء الهجمات عن الأهداف العسكرية" أو التوسل بوجودهم "لدرء الهجوم عن الأهداف العسكرية أو تغطية أو تحبيذ أو إعاقة العمليات العسكرية"49.

    أما فيما يتعلق بالمسؤولية الفردية، فإن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، بما فيها الهجمات العشوائية المتعمدة غير المتناسبة التي تضر بالمدنيين، تكون جرائم حرب عندما يتم ارتكابها مع توفر القصد الجنائي. وقد يمكن أيضاً اعتبار الأشخاص مسؤولين جنائياً لمحاولة ارتكاب جرائم الحرب50، إضافةً إلى تسهيل ارتكابها أو المساعدة عليه أو تقديم العون له. وقد تقع المسؤولية أيضاً على الأشخاص الذين يخططون أو يسهلون ارتكاب جرائم الحرب، أو يحرضون على ارتكابها51.

    وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن الجماعات الفلسطينية المسلحة والقوات الإسرائيلية انتهكت القانون الإنساني مع توفر أدلةٍ قوية على وجوب القصد الجرمي الفردي، وهذا ما يشير إلى ارتكاب جرائم حرب. فتصريحات الجماعات الفلسطينية المسلحة القائلة بأنها تطلق الصواريخ بغية دب الذعر في قلوب السكان الإسرائيليين، وكذلك استخدامها الصواريخ ضد مناطق لم يقم لديها دليلٌ على وجود أهداف عسكرية فيها، دليلٌ على القصد الجنائي. كما أن مواصلة الجيش الإسرائيلي إطلاق قذائف المدفعية من عيار 155 ملم على المناطق المجاورة لمجمع ندى السكني بعد إبلاغه بتواصل وقوع الإصابات بين المدنيين ومن غير دليل قاطع ملموس على تحقيق مكسبٍ عسكري تشير إلى قصدٍ جنائي أيضاً. ويجب التحقيق في هذه الأحداث وتقديمها إلى العدالة أصولاً.




    25 حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، "الاتفاقية المرحلية الإسرائيلية - الفلسطينية حول الضفة الغربية وقطاع غزة"، واشنطن، 28 سبتمبر/أيلول 1995. انظر الملحق 1، "ملحق بشأن إعادة الانتشار والترتيبات الأمنية، الاتفاقية المرحلية الإسرائيلية - الفلسطينية حول الضفة الغربية وقطاع غزة". وطبقاً للمادة 2 (3)(ج) من الملحق، تقوم السلطة الفلسطينية "بإلقاء القبض على جميع مرتكبي أعمال الإرهاب والعنف والتحريض، وجميع الأشخاص المشاركين فيها على نحوٍ مباشر أو غير مباشر، وبالتحقيق معهم وملاحقتهم قضائياً".

    26 "النتائج القانونية لإقامة الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رأي استشاري"، محكمة العدل الدولية، القائمة العامة 131، 9 يوليو/تموز 2004، الفقرة 1.

    27 انظر "إسرائيل: ’فك الارتباط‘ لا ينهي احتلال غزة"، بيان صحفي عن هيومن رايتس ووتش، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2004، http://hrw.org/english/docs/2004/10/29/isrlpa9577.htm.

    28 اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، عقدت في 12 أغسطس/آب 1949، 75 U.N.T.S.287، ودخلت حيز التنفيذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950، المواد 27 – 78.

    29 بروتوكول ملحق باتفاقيات جنيف المبرمة في 12 أغسطس/آب 1949، وهو يتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة (البروتوكول الأول)؛ وقد اعتمد في 8 يونيو/حزيران 1977، 1125 U.N.T.S.3، ودخل حيز التنفيذ في 7 ديسمبر/كانون الأول 1978. وإسرائيل ليست طرفاً في البروتوكول الأول. وبموجب المادة 96 من هذا البروتوكول، يمكن للأطراف غير الحكومية أن تتعهد، ضمن شروطٍ محددةٍ بعينها، بتطبيق اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها إذا وجهت إعلاناً بذلك إلى الحكومة السويسرية. ولم توجه السلطة الفلسطينية أي إعلان بمقتضى المادة 96.

    30 الاتفاقية الرابعة، احترام قوانين وأعراف الحرب البرية، والأنظمة الملحقة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية، المعقودة في 18 أكتوبر/تشرين الأول 1907 (اتفاقيات لاهاي)، 3 Martens Nouveau Recueil (ser. 3) 461, 187 Consol. T.S. 227، دخلت حيز التنفيذ في 26 يناير/كانون الثاني 1910. وإسرائيل ليست طرفاً في اتفاقيات لاهاي على غرار كثيرٍ من الدول التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية.

    31 انظر يوريم دينشتاين، "سير العمليات العدائية بموجب قانون النزاعات الدولية المسلحة"، (كامبريدج: مطبوعات جامعة كامبريدج، 2004)، ص 10 – 11 ("على مر الزمن، اكتسبت اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 صفة القانون الدولي العرفي" و"قد يمكن النظر إلى القسم الأكبر من البروتوكول بصفته تعبيراً عن القانون الدولي العرفي، أو بصفته غير متنازعٍ فيه على الأقل")، انظر عامةً: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "القانون الإنساني الدولي العرفي".

    32 البروتوكول الأول، المادة 48.

    33 المصدر السابق، المادة 52(2).

    34 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 8"، مستشهداً بالأدلة العسكرية والتصريحات الرسمية.

    35 البروتوكول الأول، المادة 51(2).

    36 المصدر السابق، المادة 51(6).

    37 المصدر السابق، المادة 51(4).

    38 المصدر السابق، المادة 51(5)(أ).

    41 البروتوكول الأول، المادة 57(1).

    42 المصدر السابق، المادة 57(2).

    43 المصدر السابق.

    44 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "ملاحظات على البروتوكولات الإضافية"، ص 681 - 682.

    45 البروتوكول الأول، المادة 57(2).

    46 لمصدر السابق، المادة 57(3).

    47 المصدر السابق، المادة 58(ب).

    49 المصدر السابق، المادة 51(7).

    50 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "ملاحظات على البروتوكولات الإضافية"، ص 554.

    51 المصدر السابق، القاعدة 153.


  •