III. الخلفية

تفجر تمرد جماعي في شمال وجنوب العراق في مارس/آذار 1991 في أعقاب هزيمة العراق في حرب الخليج. وسحقت حكومة صدام حسين التمرد لتتسبب في الهجرة الجماعية لمليوني كردي ومسلم شيعي إلى تركيا وإيران. وخلال الشهور التالية شكلت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا منطقة "مأوى آمن" في إقليم كردستان، بعد فرض "منطقة حظر طيران" تحظر على الطائرات والطوافات العراقية الطيران شمالي خط الطول 36.8 ومع عدم تمكنها من تقديم الدعم الجوي لقواتها، أجبرت حكومة صدام حسين على سحب إدارتها المدنية وقواتها العسكرية من المنطقة. وفي أعقاب هذا الانسحاب، في أكتوبر/تشرين الأول 1991، اتحدت محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، وكذلك جزء من محافظة كركوك، في سلطة فعلية من قوات المعارضة الكردستانية.

ولدى الانسحاب من معظم أجزاء إقليم كردستان، فرضت حكومة صدام حسين "جبهة داخلية" وحظر اقتصادي على الأكراد. وشكلت القوات الكردستانية المعارضة إدارة مشتركة وعينت مجلس وزراء، وهيمن على كل منهما الحزبين السياسيين الأساسيين، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.9 لكن بحلول أواسط عام 1994، وقعت مصادمات شرسة بين قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، والقوات التابعة لجماعة ثالثة هي الحركة الإسلامية في كردستان العراق، لتتبعها سنوات من القتال تم خلالها حل الإدارة المشتركة.10 ولم يوقع اتفاق واشنطن، وهو اتفاقية سلام تم إبرامها بمساعدة الولايات المتحدة، كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، حتى حلول سبتمبر/أيلول 1998، وكان الاتفاق يهدف إلى تطبيع العلاقات بين الجانبين وإعادة تشكيل الإدارة الموحدة في نهاية المطاف. وكان التنفيذ زاخراً بالتعقيدات، واستمر كلٌ من الطرفين في إدارة سياسته وإدارته المنفصلة، وكذلك مؤسساته التنفيذية في المناطق الخاضعة لسيطرته.11 وفي أغسطس/آب 2002 أعلن الحزبان عن اتفاق باستعادة البرلمان الموحد وبعقد انتخابات للبرلمان الجديد. ولم يحدث أي من الأمرين المعلن عنهما مع غزو قوات الولايات المتحدة وغيرها من قوات التحالف، للعراق في مارس/آذار 2003، ومع سقوط حكومة صدام حسين في الشهر التالي.

وقد تم تمثيل الأحزاب السياسية الكردستانية في مجلس حكم العراق المؤقت والمُعين من جانب سلطة التحالف المؤقتة في يونيو/حزيران 2003،12 و في الحكومة المؤقتة التي ترأسها إياد علاوي لدى إعلان نقل السيادة في يونيو/حزيران 2004. خاضت الأحزاب السياسية الكردستانية انتخابات يناير/كانون الثاني 2005 العامة بقائمة موحدة، تحت مظلة التحالف الكردستاني، وتم تمثيلها في الحكومة الانتقالية العراقية برئاسة إبراهيم الجعفري. كما شارك التحالف الكردستاني، وحزباه السياسان الأساسيان هما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2005 العامة. وربح التحالف 53 مقعداً من 275 مقعداً في البرلمان العراقي (ويتم انتخاب الأعضاء لأربعة أعوام)، وتم منح التحالف ستة حقائب وزارية في وزارة نوري المالكي. وعلى المستوى الإقليمي، سيطر كلٌ من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على الانتخابات التي عقدت في يناير/كانون الثاني وديسمبر/كانون الأول 2005 لاختيار نواب البرلمان الكردستاني.

وقام مجلس النواب العراقي13 بانتخاب زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني رئيساً للعراق في أبريل/نيسان 2005.14 وقام البرلمان الكردستاني بانتخاب زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود برزاني، رئيساً لإقليم كردستان في يونيو/حزيران 2005.15

وقد مهد قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، والذي صدر من جانب سلطة الائتلاف المؤقتة في 8 مارس/آذار 2004، الطريق لتشكيل النظام الاتحادي للحكم في العراق.16 والمادة 53 من قانون إدارة الدولة العراقية تعترف بـ"حكومة كردستان الإقليمية" والمشكلة من المجلس الوطني الكردستاني، ومجلس الوزراء الكردستاني، والهيئة القضائية الإقليمية لإقليم كردستان.17  وتعتبر مبادئ النظام الاتحادي محاطة باحترام بالغ أيضاً في الدستور العراقي بعد تبنيه بموجب الاستفتاء الوطني في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005، إذ منح سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية للأقاليم الاتحادية.18

ولم تكن إداراتي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني قد توحدت بعد وقت نشر قانون إدارة الدولة العراقية في المرحلة الانتقالية ووقت عقد الاستفتاء الدستوري. وكجزء من تطبيع العلاقات بين الحزبين، تم تشكيل المجلس الوطني الكردستاني رسمياً مجدداً بأغلبية أعضاءه الأصليين (الذين انتخبوا في مايو/أيار 1992)19، وهذا للمرة الأولى منذ يونيو/حزيران 2005. إلا أنه وحتى أواسط عام 2006 استمر الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في الإدارة بواسطة إدارات منفصلة في الأراضي الواقعة تحت السيطرة العسكرية لكل منهما، بوزارات موازية وقضاء موازٍ، وقوات أمنية وعسكرية موازية.20 وفي 21 يناير/كانون الثاني 2006، وقع كلٌ من جلال طالباني ومسعود برزاني اتفاقية توحيد الحكومة الإقليمية، بإرساء قواعد لحكومة إقليمية موحدة.21 وقد تم التوحيد الرسمي في مايو/أيار، حين تم إعلان وزارة مشتركة، يرأسها نيجيرفان برزاني.22 ومقر الحكومة المحلية والبرلمان في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان.




8  تم فرض منطقة "حظر الطيران" الشمالية في 19 أبريل/نيسان 1991.

9  تم تشكيل الإدارة المشتركة تحت اسم جبهة كردستان العراقية، وتشكلت من ثمانية أحزاب سياسية.

10  فشلت مساعي الولايات المتحدة لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار أثناء تلك الفترة والتفاوض على اتفاقية سلام. وفي سياق النزاع الكردستاني الداخلي، كان سجل الأحزاب السياسية في حقوق الإنسان مروعاً. وانخرطت الأحزاب في اعتقالات تعسفية على نطاق واسع، واحتجاز دون محاكمة، ومحاكمات صورية انتهت بالإعدام، وتعذيب منهجي للمشتبه بهم من جانب الشرطة والمجرمين في جرائم عادية، واغتيال للنشطاء السياسيين وغيرهم من المنتقدين، واختفاءات قسرية. ولم يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أبداً. بالإضافة إلى أن عشرات الآلاف من المدنيين تعرضوا للتشرد وأجبروا على اختيار الأطراف التي يتبعونها واتباع أحد الأحزاب المتحاربة.

11  بعد عام 1998 شهد الإقليم تحسناً في حالة حقوق الإنسان. فقد أغلق كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني أماكن سرية وغير معروفة للاحتجاز، تديرها الأحزاب السياسية، وتم نقل النزلاء بها إلى سجون معروفة رسمياً وتديرها الشرطة أو القوات الأمنية الداخلية تحت سلطة وزارة الداخلية. ومنحوا كل المحتجزين من كافة الفئات في تلك السجون الحق في الزيارات، وألغى الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني المحاكم الخاصة وبذلا جهوداً لتقليل الفترة الزمنية التي تستغرقها السلطات الأمنية في اعتقال المشتبه بهم قبل المحاكمة، قبل توجيه اتهامات يمكن نظرها في المحاكم بحقهم وتحويلهم إلى المحاكم الجنائية. كما تقلص عدد حوادث التعذيب المبلغ عنه للمحتجزين، وكذلك الحوادث التي يتم فيها استهداف عناصر من المعارضة السياسية بالاغتيال.

12  CPA/REG/13 July 2003/6  - مجلس الحكم العراقي.

13  يشار إلى مجلس النواب العراقي Iraqi Council of Representatives في اللغة الإنجليزية عادةً باسم Iraqi National Assembly.

14  شغل جلال طالباني أيضاً منصب الرئيس المؤقت إثر انتخابه في أبريل/نيسان 2005.

15  البرلمان الكردستاني، القرار رقم 3، 6 يونيو/حزيران 2005، الوقائع الكردستانية، العدد 55، 10 يوليو/تموز 2005. تم عقد الانتخابات بموجب القانون رقم 1 لعام 2005، وهو قانون رئاسة إقليم كردستان العراق، الوقائع الكردستانية، العدد 55، 10 يوليو/تموز 2005.

16  بدأ سريان قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية إثر حل سلطة الائتلاف المؤقتة واستعادة العراقيين السيادة في يونيو/حزيران 2004.

17  تنص المادة 53 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية على: "يُعترف بحكومة إقليم كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للأراضي التي كانت تدار من قبل الحكومة المذكورة في 19 آذار 2003 الواقعة في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية وكركوك وديالى و نينوي". والإشارة عاليه إلى كركوك وديالة ونينوي هي إشارة إلى أجزاء صغيرة من أقاليم تلك المحافظات كانت تحت سلطة المعارضة الكردستانية قبل حرب 2003، وليست تلك المحافظات بكامل مساحاتها.

18  دستور جمهورية العراق، الباب الخامس، سلطات الأقاليم، الفصل الأول، المواد من 116 إلى 121، كما نشر في الوقائع العراقية، العدد 4012، 28 ديسمبر/كانون الأول 2005.

19  بتمثيل من الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وأحزاب سياسية أخرى.

20  يخضع لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني الكردستاني على محافظة السليمانية وجزء من محافظة كركوك.

21  جاء في اتفاقية التوحيد، من بين أشياء أخرى: تشكيل منصب نائب رئيس إقليم كردستان، وهو مخصص للاتحاد الوطني الكردستاني، ويشغل صاحب هذا المنصب أيضاً نائب قائد قوات البشمرجة، ومنصب المتحدث باسم المجلس الوطني الكردستاني ومنصب نائبه مخصصين للاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني على التوالي، وهذا بعد الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في أواخر عام 2007. وكذلك تشكيل وزارة مشتركة يشغل 11 منصباً وزارياً فيها وزراء من كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. وتتضمن وزارات الحزب الديمقراطي الكردستاني وزارات المالية، وشؤون البشمرجة، والزراعة، والموارد الطبيعية، بينما وزارات الاتحاد الوطني الكردستاني فتشمل وزارات الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان. والوزارات الباقية تخصص لأحزاب سياسية أخرى في إقليم كردستان. ونص الاتفاق على التوحيد الفوري لكل المؤسسات التنفيذية والتشريعية الموازية لدى الطرفين، باستثناء أربع وزارات أساسية هي المالية وشؤون البشمرجة والعدل والداخلية، والتي من المقرر لها أن تتوحد خلال فترة عام. وفي الفترة الانتقالية يشغل منصب وزير كل من هذه الوزارات الأربع، وحتى توحيدها، وزير للوزارة ووزير للمنطقة للشؤون الخاصة بالوزارة المعنية. ويتحمل كل وزير مسؤولية الجزء الواقع جغرافياً تحت إشراف حزبه (اتفاقية التوحيد، المادة 5 (د)).

22  تتكون حكومة كردستان الإقليمية من 42 وزارة، تسع منها دون حقائب وزارية.