II. منهج التقرير

يركز هذا التقرير على الحقوق الخاصة بالمحاكمات العادلة وظروف الاحتجاز للأشخاص المحتجزين من جانب قوات الأمن الكردستانية (أسايش) والمسؤولة عن الاعتقال والاحتجاز والاستجواب للمشتبه بهم لأسباب أمنية وبعض المشتبه بهم في جرائم جنائية معينة.2 والتقرير يستند إلى بحث تم إجراؤه في إقليم كردستان شمالي العراق بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2006، مع ثلاث زيارات ميدانية. وحصلت هيومن رايتس ووتش على التصريح الكتابي من مدراء قوات أسايش التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بإجراء زيارات غير معلنة لمراكز الاحتجاز التابعة لها، ومنها زيارات متكررة. وفي معظم الأحوال، أجرت هيومن رايتس ووتش المقابلات على انفراد بمن قابلتهم، دون حضور ضباط من مراكز الاحتجاز (في بعض المراكز كان تواجد المسؤولين مع ممثلي هيومن رايتس ووتش بغرض استخدام الغرفة أو المكتب  الذي تجري فيه المنظمة المقابلات على انفراد، وفي أماكن أخرى، أجرت هيومن رايتس ووتش المقابلات منفردة مع من تقابلهم لكن في فناء مركز الاحتجاز). وفضل بعض المحتجزين أن يتم إجراء المقابلة في زنازينهم، والتي كانت في العادة كبيرة وللحجز الجماعي، وتضم حوالي 50 إلى 60 نزيلاً وتوافرت فيها درجة معقولة من السرية، بعيداً عن أعين مسؤولي الاحتجاز. وفي كل مراكز الاحتجاز لم تسمح سلطات الاحتجاز لـ هيومن رايتس ووتش بمقابلة المحتجزين ممن هم في الحجز الانفرادي أو ممن ما زالوا قيد الاستجواب.3

كما زارت هيومن رايتس ووتش 10 مراكز احتجاز تديرها قوات الأمن الكردستانية. وتم إجراء أربع منها في مراكز احتجاز يديرها الحزب الديمقراطي الكردستاني، (أسايش جيشتي – الأمن العام) وأسايش أربيل (أمن أربيل)، وكل منهما في مدينة أربيل، وأسايش شقلاوة الواقعة في محافظة أربيل، وأسايش عكرة الواقعة في محافظة دهوك. وست منها كانت تحت إشراف الاتحاد الوطني الكردستاني، وهي أسايش جيشتي (الأمن العام) وأسايش سليمانية (أمن السليمانية)، وكلاهما في مدينة السليمانية، وموقع السلام، الواقع غربيّ مدينة السليمانية، وأسايش هولير، في بلدة كويسنجق، وأسايش شارازور، على مقربة من بلدة حلابجة، وأسايش شامشامال، وهي واقعة في محافظة السليمانية.

وفي المجمل، قابلت هيومن رايتس ووتش 158 محتجزاً، ومنهم 112 كانوا رهن احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني و46 رهن احتجاز الاتحاد الوطني الكردستاني. وكان التركيز على المحتجزين الذكور البالغين المحتجزين في فترة احتجاز سابقة على المحاكمة، على الرغم من أن هيومن رايتس ووتش وجدت أن العديد من المسجونين المدانين ممن وُضعوا في الاحتجاز مع مسجنونين مدانين تم إيداعهم نفس زنزانة المحتجزين عن نفس المركز.

ولم يتم ذكر اسم أي من المحتجزين في هذا التقرير، ولا ذُكرت أية تفاصيل تمكن المسؤولين عن الاحتجاز من التعرف عليهم. وبعض من تمت مقابلتهم رفضوا منح أسمائهم أو تفاصيل شخصية تخصهم، وربما عبروا عن مخاوف من تعرضهم للعقاب جراء الموافقة على التحدث إلى هيومن رايتس ووتش. وتم تغيير أسماء المحتجزين لإخفاء هوياتهم الحقيقية، ووُضعت الأسماء الأولى بالعربية بدلاً من الإشارة إليهم على العموم باسم "المُحتجز". وأثناء الزيارات المتكررة إلى مركزي احتجاز، قال محتجزون إنهم لم يعانوا من الانتقام جراء تحدثهم إلى هيومن رايتس ووتش، وإن قالوا إن مسؤولي الاحتجاز أخذوا أسماءهم.

وتمكنت هيومن رايتس ووتش أيضاً من مقابلة ستة محتجزين سابقين، خارج السجون، كانوا قد تعرضوا للاحتجاز دون محاكمة في أوقات تتراوح من عام 2000 إلى 2006. وكان ثلاثة منهم رهن احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني وثلاثة احتجزوا على يد الاتحاد الوطني الكردستاني. وأجرت هيومن رايتس ووتش المقابلات معهم شريطة بقاء هوياتهم طي الكتمان.

والمحتجزين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ينتمون إلى طائفة من اثنتين، بناء على المكان الذي أخذوا منه إلى الاحتجاز. والطائفة الأولى والأكبر هي من المسجونين الذين تم اعتقالهم من جانب قوات الأمن الكردستانية في إقليم كردستان، من محافظات أربيل ودهوك والسليمانية. ومعظمهم من الأكراد العراقيين، بالإضافة لعدد قليل من العراقيين العرب والتركمان.4 كما أن هناك بعض الأشخاص ممن لديهم جنسية أجنبية، ومنهم الإيرانيين، والأفغان، والسودانيين، والسعوديين، والتونسيين، والأردنيين، ومن أبناء جزر القُمر. والطائفة الثانية تتشكل من الأشخاص الذين تم اعتقالهم في محافظات عراقية أخرى. وطبقاً للمسؤولين الكردستانيين، فإن سلطات الاعتقال في تلك الحالات كانت من عناصر القوات المسلحة العراقية أو من الشرطة، وفي بعض الحالات شاركت في الاعتقال قوات عسكرية أميركية. وفي أعقاب التحقيق الأولي، كانت سلطات الاعتقال تنقل المحتجزين إلى سجن السلطات الكردستانية، ويبدو أن السبب كان "لحفظهم". وكان من بينهم بعض الأكراد العراقيين، إلا أن معظمهم من العراقيين العرب من الموصل وكركوك. وطبقاً للمسؤولين الكردستانيين، فبعضهم تم اعتقاله من أماكن بعيدة كمحافظات صلاح الدين والأنبار والديالة، وكذلك بغداد.

ولم تسنح الفرصة لـ هيومن رايتس ووتش كي تزور أي من سجون النساء في محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، حيث ربما يتم احتجاز المحتجزات من النساء اللاتي يشتبه في صلاتهن بجرائم أمنية.5 كما لم تقم هيومن رايتس ووتش بزيارة أي من مراكز احتجاز الأحداث، وإن كنا قد قابلنا محتجزين في مركز احتجاز للكبار في السليمانية قالا إنهما تحت سن الثامنة عشرة.

ومعظم المحتجزين الذين يركز عليهم هذا التقرير مشتبه بهم في أعمال إرهابية، والظاهر أنهم قد اعتقلوا جراء صلاتهم المزعومة بالجماعات المسلحة التي ادعت مسؤوليتها عن هجمات على مدنيين. وفي بعض الحالات اتهمت السلطات الكردستانية المحتجزين بالتورط في حوادث محددة، مثل هجمات على مسؤولين حكوميين أو مدنيين. وثمة عدد أقل من الحالات فيها أشخاص اعتقلهم مسؤولون كردستانيون بسبب الاشتباه في تورطهم في جرائم خطيرة، منها القتل وتهريب المخدرات.

وقد اشتكى معظم المحتجزين من أن عناصر أسايش قد عرضوهم للتعذيب أو غيرها من أشكال المعاملة السيئة في مراحل مختلفة من احتجازهم، خاصة أثناء الاستجواب فى الأيام أو الأسابيع الأولى التالية للاعتقال. وطبيعة الإساءات المذكورة تتشابه كثيراً في معظم مراكز الاحتجاز، وكذلك تتفق مع المعلومات التي جمعتها هيومن رايتس ووتش في الماضي عن التعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين رهن احتجاز أسايش. ولم نتحقق في هذا التقرير من شكاوى كل من المحتجزين على نحو منفصل. وفي معظم الحالات فأي إصابات لدى المحتجزين، زُعم أنها قد وقعت قبل شهور أو أعوام.

وقد أثارت هيومن رايتس ووتش مخاوفها المتصلة بالحالة القانونية والمعاملة الخاصة بالمحتجزين رهن احتجاز أسايش لدى جملة من المسؤولين التنفيذيين والتشريعيين في كل من إداراتي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ومن بين المسؤولين:6 رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، ووزير الحزب الديمقراطي الكردستاني للداخلية كريم سنجاري، ووزير العدل فاروق جميل، ووزير الحزب الديمقراطي الكردستاني للعدل آزاد المله، ووزير حقوق الإنسان الدكتور يوسف عزيز والعاملين بوزارة حقوق الإنسان التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، ونائب رئيس البرلمان الكردستاني كمال كركوكي وأعضاء لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان، ورئيس محكمة النقض الكردستانية الموحدة صلاح اليعقوبي. وفيما يتعلق بمسؤولي أسايش، عقدت هيومن رايتس ووتش اجتماعات في مناسبات عدة مع المدير العام لأسايش جيشتي التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني عصمت أرجوشي، ومع المدير العام لأسايش جيشتي التابع للاتحاد الوطني الكردستاني، سيف الدين علي. بالإضافة إلى أن هيومن رايتس ووتش قابلت عبد الله علي، مدير أسايش أربيل التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، و – من الاتحاد الوطني الكردستاني، العقيد حسن نوري الرئيس السابق للوحدة السياسية بأسايش سليمانية (وهو الآن رئيس أمن السليمانية)، وناصر عزيز مولود رئيس الشعبة السياسية لأسايش جيشتي. وأثناء الزيارات إلى مراكز الاحتجاز، عقدت هيومن رايتس ووتش اجتماعات منفصلة مع مدراء المراكز. كما سعت هيومن رايتس ووتش لمناقشة مخاوفها مع قاضيي تحقيق  مسؤولين عن النظر في القضايا التي تتم إحالتها من أسايش. وقابلت هيومن رايتس ووتش القاضي سروان أحمد صالح بشأن محتجزي الاتحاد الوطني الكردستاني. وعلى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني، رفض القاضي عمر باجلان مقابلة هيومن رايتس ووتش، وقابلت هيومن رايتس ووتش بدلاً منه خالد روجبياني، رئيس شعبة الشؤون القانونية في أسايش جيشتي. ومن الأحزاب السياسية الأصغر، قابلت هيومن رايتس ووتش شيخ علي بابير، أمير الجماعة الإسلامية في كردستان العراق، وعدد من مسؤولي الحزب.7

وفيما يتعلق بالمحتجزين الذين زعموا أن القوات المسلحة الأميركية والعراقية قد قامت باعتقالهم معاً خارج إقليم كردستان ثم نقلتهم إلى الاحتجاز لدى أسايش، ناقشت هيومن رايتس ووتش بواعث قلقها في بغداد مع الميجور جنرال جون د. غاردنر، قائد عمليات الاحتجاز في القوة متعددة الجنسيات.

وأرسلت هيومن رايتس ووتش نسخة ملخصة من هذا التقرير إلى مكتب الرئيس بارزاني مطالبة بتعليقات أو ردود لإدراجها في النسخة النهائية من التقرير. وإلى اليوم، لم يقم مكتب الرئيس بارزاني بإرسال الرد.




2  أعطى مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني التصاريح لـ هيومن رايتس ووتش بزيارة السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية لكل منهما. وبما أن هذا لم يكن بؤرة تركيز البحث، فلم تجر هيومن رايتس ووتش هذه الزيارات في الوقت الحالي.

3  في مراكز احتجاز الحزب الديمقراطي الكردستاني قدم مسؤولو الاحتجاز لـ هيومن رايتس ووتش أسماء المحتجزين في وقت الزيارات، مع استبعاد أسماء من هم قيد الاستجواب. وأثناء الزيارات الميدانية الثانية، في أغسطس/آب 2006، قدم مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني أسماء من يخضعون للاستجواب الذين لا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش أن تقابلهم. ولم تكن المنظمة في موقف القادر على تقييم دقة هذه القوائم. وفي مراكز احتجاز الاتحاد الوطني الكردستاني رفض المسؤولون توفير قوائم بأسماء المحتجزين.

4  يتمتع العديدون ممن قابلتهم هيومن رايتس ووتش بجنسية مزدوجة، ومن جنسياتهم الأخرى الجنسية الأميركية والسويدية والأسترالية.

5  أثناء زيارة إلى أحد مركز احتجاز أسايش الرئيسي في السليمانية في مايو/أيار 2006، وجدت هيومن رايتس ووتش ست نساء محتجزات في قسم منفصل مع طفلين لهن. ومعظمهن تم نقلهن من سجن للنساء لفترة وجيزة، وهن مشتبهات في جرائم عديدة منها القتل والتزوير والخول غير القانوني إلى البلاد. وقد قابلتهن هيومن رايتس ووتش، لكن لم تظهر حالاتهن في هذا التقرير.

6  قابلت هيومن رايتس ووتش بعض المسؤولين قبل توحيد إدارتي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في مايو/أيار 2006، وقابلت آخرين بعد إعلان الحكومة الإقليمية الكردستانية، وهم وزراء خارجية في مجلس الوزراء الموحد.

7  في الوقت الحالي، يوجد حوالي 30 عضواً من الجماعة الإسلامية في كردستان العراق رهن احتجاز أسايش الحزب الديمقراطي الكردستاني، وآخرين رهن احتجاز أسايش الاتحاد الوطني الكردستاني، بعد إبرام صفقة مع الجماعة الإسلامية، أطلق الحزب الديمقراطي الكردستاني سراح معظم أعضاء الجماعة الإسلامية الذين كان يحتجزهم. والجماعة الإسلامية ممثلة حالياً في الحكومة الكردستانية الإقليمية، وقد تم منحها حقيبة البيئة الوزارية.