Sudan



Sudan Sudan
  

خلفية

أثناء عامي 2003 و2004 شنت الحكومة السودانية ومعها ميليشيات الجنجويد المدعومة من قبل الحكومة حملة عنيفة من "التطهير العرقي" وجرائم ضد الإنسانية، استهدفت جماعات الفور والزغاوة والمساليت، وغيرها من الجماعات الإثنية التي تُرى على أنها على صلة بجماعتي المتمردين الأساسيتين: جيش/حركة تحرير السودان، وحركة العدالة والمساواة.4 وعانى المدنيون من هجمات متعمدة وعشوائية براً وجواً، ولحقت بهم انتهاكات لحقوق الإنسان شملت الإعدام دون محاكمات والاغتصاب والتعذيب والنهب.

وبرز العنف الجنسي بقوة ضمن هجمات الحكومة والميليشيات على المدنيين.5 وخلصت لجنة الأمم المتحدة الدولية لتقصي الحقائق في يناير/كانون الثاني 2005 إلى أن الاغتصاب والعنف الجنسي مُستخدمان من قبل القوات الحكومية وميليشيا الجنجويد باعتباره "إستراتيجية متعمدة تهدف إلى إرهاب السكان وضمان فرض التحكم على حركة السكان في مخيمات النازحين داخلياً وإطالة فترة الاستمرار في النزوح".6 وحتى بعد النزوح الجبري لمئات الآلاف من المدنيين إلى مخيمات النازحين داخلياً في دارفور ومخيمات اللاجئين في تشاد، قام الجنود والميليشيات المتمركزين في القواعد القريبة بالاستمرار في مضايقة واغتصاب النساء والفتيات والاعتداء عليهن، ممن يخرجن إلى خارج المخيمات ضمن الأنشطة الحياتية اليومية.7

وفي عام 2005 هدأت معدلات الهجمات المتفشية للحكومة والميليشيات على القرى مقارنة بمعدلاتها في الأعوام السابقة، لكن تزايد عدد مرتكبي الإساءات المسلحين بالإضافة إلى تفاقم تعقد – وخطورة – الموقف. وبحلول أواخر عام 2005 أصبح سكان دارفور عرضة لأربعة أنساق على الأقل من العنف: العمليات العسكرية الخاصة بالقوات الحكومية وجماعات المتمردين، والمصادمات الإثنية المتصلة بالنزاعات التقليدية على الموارد مثل الأرض والمياه، وجرائم العصابات والأشخاص المستغلين للموقف السائد، والتوترات العابرة للحدود المتصلة بالسياسات الداخلية التشادية.8

وفي الفترة التحضيرية لاتفاق سلام دارفور القادم، الذي تم التوقيع عليه في 5 مايو/أيار 2006، ظهر أيضاً نسق من الاقتتال بين مختلف فصائل المتمردين.9 وجاء هذا النسق من التفاعل جراء انقسام سابق بين فصيلي جيش تحرير السودان الأساسيين، الأول هو جيش تحرير السودان/ميني ميناوي، وهو زعيم من الزغاوة وقع على اتفاق السلام، والآخر هو جيش تحرير السودان/عبد الواحد (عبد الواحد محمد النور)، وهو زعيم من الفور لم يوقع على الاتفاق.

وحتى مارس/آذار 2008، وبعد خمس سنوات من نشوب النزاع، تستمر أنساق متعددة من العنف في التواجد.10 وتستمر الحكومة والميليشيات المتمتعة بالدعم الحكومي في شن الهجمات على السكان المدنيين الذين تربطهم صلات بحركات المتمردين.11 وبدلاً من نزع أسلحة الميليشيات، وعدت الحكومة السودانية بأن تفعل هذا في اتفاق بشأن الجهود الإنسانية تم إبرامه في أبريل/نيسان 2004، ثم في اتفاقات لاحقة، واستمرت الحكومة السودانية في نشر عناصر الجنجويد أثناء الهجمات.12 وقد ضمت الحكومة غالبية عناصر الجنجويد إلى مختلف الجهات الأمنية الرسمية، مثل حرس الحدود، وقوات دارفور الشعبية، والشرطة القبلية ("شرطة زينة"، وحدة من الشرطة الوطنية). وفي الوقت نفسه تزايد تشرذم وانتشار حركات المتمردين، مع سعي أكثر من عشرين فصيلاً في الوقت الحالي للسلطة.13 وثمة مزاعم تتمتع بالمصداقية بأن قوات المتمردين ارتكبت جرائم عنف جنسي ضد النساء والفتيات اللاتي يخرجن إلى خارج مخيمات النازحين داخلياً وفي المناطق الريفية.

وقد تسبب النزاع في انهيار عام لحق بالعمل بموجب القانون وأدى إلى تزايد النهب ونشاط العصابات من قِبل المتمردين والعناصر المنتهزة للأوضاع على حد سواء. واستمر تدفق الأسلحة إلى دارفور في مخالفة لحظر الأمم المتحدة على الأسلحة.14 وأصبحت الأوضاع في مخيمات النازحين داخلياً أكثر انعداماً للأمن.15 وقد استهدفت الجماعات المسلحة هيئات الأمم المتحدة وعناصر حفظ السلام التابعين للاتحاد الأفريقي والعاملين بالإغاثة الإنسانية من الدوليين والمحليين. وفي شهر يناير/كانون الثاني 2008 وحده، قام معتدون، مجهولون في أغلبهم، بمهاجمة 36 مركبة تابعة لعناصر الإغاثة الإنسانية، منها 23 مركبة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، وتم الاعتداء على العاملين والسائقين وكذلك اختطافهم.16 وقد منعت ظروف انعدام الأمن عناصر الإغاثة الإنسانية ومراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة من دخول بعض المناطق بالعربات. وفي غرب دارفور كانت التبعات أن هيئات الإغاثة الإنسانية لم تتمكن من بلوغ ما يُقدر بـ 160000 مدني في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2008 بسبب ظروف انعدام الأمن القائمة.17

وقد ركزت بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان – وهي قوة حفظ السلام المنتشرة في دارفور منذ 2004 حتى 2007 – في بعض أنشطتها على الرد على العنف الجنسي، وربما ساعد هذا على تقليل معدلات العنف الجنسي.18 إلا أن البعثة ككل كانت تعاني من ضعف الموارد وضعف التنظيم وفقدان المصداقية والتهديدات الأمنية. وفي 31 ديسمبر/كانون الأول 2007 نقلت ولاية حفظ السلام الخاصة بها إلى بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي "المختلطة" في دارفور. وهي أول قوة مختلطة وأكبر بعثة لحفظ السلام حتى الآن، وتشمل 26000 من العناصر العسكرية والمدنية، وهذا العدد أكثر من ثلاثة أمثال حجم بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان لدى انتشارها بالكامل. وحتى الآن استخدمت الحكومة السودانية أساليب للعرقلة أدت – بالإضافة إلى عدم تقديم الدول المُقدمة للقوات للمروحيات والدعم اللوجستي اللازم – إلى تعطيل نشر العاملين والمعدات إلى حد كبير.19 وحتى 31 يناير/كانون الثاني 2008 لم تكن البعثة قد حظت إلا بـ 9126 عنصراً من عناصرها المقررة بعدد 26000 يتم نشرهم في شتى أنحاء دارفور.20




4  للاطلاع على خلفية عن أوضاع حقوق الإنسان في دارفور، يُرجى مراجعة تقارير هيومن رايتس ووتش: تعزيز حالة الإفلات من العقاب: مسؤولية الحكومة السودانية عن الجرائم الدولية في دارفور، ديسمبر/كانون الأول 2005، وانظر: Targeting the Fur: Mass Killings in Darfur 21 يناير/كانون الثاني 2005، وانظر: If We Return We Will Be Killed: Consolidation of Ethnic Cleansing in Darfur, Sudan, نوفمبر/تشرين الثاني 2004، و: Empty Promises: Continuing Abuses in Darfur, Sudan, 11 أغسطس/آب 2004، و: Darfur Destroyed: Ethnic Cleansing by Government and Militia Forces in Western Sudan, Vol. 16, No. 6 (A), مايو/أيار 2004، و: Darfur in Flames: Atrocities in Western Sudan, Vol. 16, No.5 (A), أبريل/نيسان 2004.

5  الأمم المتحدة، تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في دارفور إلى الأمين العام للأمم المتحدة (من الآن فصاعداً يُدعى: "تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق")، 25 يناير/كانون الثاني 2005، الفقرات 333 و353، على: http://www.un.org/News/dh/sudan/com_inq_darfur.pdf (تمت الزيارة في 26 فبراير/شباط 2008)، و: هيومن رايتس ووتش، العنف الجنسي وتبعاته على الأشخاص النازحين في دارفور وتشاد، 12 أبريل/نيسان 2005.

6  تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، فقرة 353، على: http://www.icc-cpi.int/library/cases/Report_to_UN_on_Darfur.pdf (تمت الزيارة في 28 فبراير/شباط 2008).

7  هيومن رايتس ووتش، العنف الجنسي وتبعاته على الأشخاص النازحين في دارفور وتشاد، صفحة 5 و7.

8  هيومن رايتس ووتش، "تعزيز حالة الإفلات من العقاب: مسؤولية الحكومة السودانية عن الجرائم الدولية في دارفور، ديسمبر/كانون الأول 2005، صفحة 8.

9  مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، "التقرير الدوري الرابع لمفوضية الأمم المتحدة السامية بشأن وضع حقوق الإنسان في السودان: تعميق الأزمة في دارفور بعد شهرين من اتفاق سلام دارفور: تقييم الوضع"، جنيف، مايو/أيار 2006، الفقرات 19 و21.

10  للاطلاع على وصف بهذه الأنساق، انظر هيومن رايتس ووتش، دارفور 2007: الفوضى المتعمدة. تحديات حفظ السلام التي تواجه بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، مجلد 19، عدد 15 (A)، سبتمبر/أيلول 2007.

11  في 8 فبراير/شباط 2008 استخدمت الحكومة القوات الجوية والبرية لمهاجمة ثلاث بلدات في شمال غرب دارفور، مما أسفر عن مصرع زهاء 150 مدنياً. وشارك في الهجمات نحو 300 عنصر من الميليشيات على صهوة الجياد، وأحرقوا المنازل ونهبوا الممتلكات في الأيام التالية. وأسفر عن الهجمة نزوح آلاف المدنيين وأدت إلى انتقال عشرة آلاف شخص لطلب المساعدة على الجانب الآخر من الحدود في تشاد. انظر على سبيل المثال: Human Rights Watch, Government must end attacks on civilians 11 فبراير/شباط 2008، ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين: " Thousands of refugees flee Darfur and seek shelter in Chad," 11 فبراير/شباط 2008، على: http://www.alertnet.org/thenews/newsdesk/UNHCR/17478285c06bd9b78874b4bfed15ba36.htm (تمت الزيارة في 7 مارس/آذار 2008).

12  تم توثيق هذه الهجمات بشكل منتظم في التقارير الدورية لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

13  انظر: Victor Tanner and Jerome Tubiana, “Divided They Fall: the Fragmentation of Darfur’s Rebel Groups,” Small Arms Survey, HSBA Working Paper 6 يوليو/تموز 2007.

14  مجلس الأمن، تقرير لجنة الخبراء المُشكلة بموجب قرار 1591 لعام 2005 بشأن السودان، تم تحضيره بموجب المادة 2 من قرار 1713 لعام 2006، S/2007/584 3 أكتوبر/تشرين الأول 2007، فقرة 73. يقدر أحد التقارير أن 1.9 إلى 3.2 مليون سلاح صغير تستخدم حالياً في السودان، وثلثاها يمتلكها المدنيون. انظر: “Militarization of Sudan,” Small Arms Survey, Issue Brief, أبريل/نيسان 2007، صفحة 8. على: http://www.smallarmssurvey.org/files/portal/spotlight/sudan/Sudan_pdf/SIB%206%20militarization.pdf (تمت الزيارة في 29 فبراير/شباط 2008).

15  انظر: Amnesty International, “Displaced in Darfur: A Generation of Anger,” 22 يناير/كانون الثاني 2008، صفحات 12 و14. على: http://www.amnesty.org/en/news-and-updates/report/darfur-camps-flooded-weapons-20080122 (تمت الزيارة في 26 فبراير/شباط 2008).

16  مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، الأوضاع الإنسانية في السودان، مجلد 4، عدد 1، يناير/كانون الثاني 2008، على: http://www.unsudanig.org/docs/Sudan%20Humanitarian%20Overview%20Vol4%20Iss01%20final.pdf (تمت الزيارة في 26 فبراير/شباط 2008). واستهدفت العصابات واللصوص عناصر حفظ السلام التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في منازلهم حتى. وفي مايو/أيار 2007 تم قتل جندي مصري كان ضمن أول عناصر لحفظ السلام ترسلهم الأمم المتحدة ضمن جهود نقل الولاية إلى بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، وهذا ضمن عملية سرقة مسلحة. انظر: "مقتل أول عناصر حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في دارفور" أسوشيتد برس، 27 مايو/أيار 2007، على: http://www.sudantribune.com/spip.php?article22062 (تمت الزيارة في 26 فبراير/شباط 2008).

17  "على الحكومة وضع حد للهجمات على المدنيين"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 10 فبراير/شباط 2008، على: http://hrw.org/english/docs/2008/02/09/sudan18026.htm

18  هيومن رايتس ووتش: الفوضى المتعمدة، صفحة 62 وانظر الاتحاد الأفريقي "تقرير إلى رئيس لجنة متابعة الوضع في دارفور"، مجلس السلم والأمن، PSC/PR/2(CXII) فقرة 34 (مذكور فيها أن بعض العنف وقع في المناطق التي لم تتمكن بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان من عمل الدوريات فيها).

19  تقرير مشترك لـ هيومن رايتس ووتش مع منظمات غير حكومية، UNAMID Deployment on the Brink: the road to security in Darfur blocked by government obstructions, ديسمبر/كانون الأول 2007، على: http://hrw.org/pub/2007/africa/unamid1207web.pdf

20  تقرير إلى الأمين العام عن نشر بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المختلطة في دارفور، S/2008/98 14 فبراير/شباط 2008.