Sudan



Sudan Sudan
  

العنف الجنسي في دارفور في عامي 2007 و2008

ما زال الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي مشكلة متفشية في نزاع دارفور. وكما تم التوثيق على نطاق واسع، فقد ظهر العنف الجنسي بقوة في حملة "التطهير العرقي" الحكومية، أثناء النزوح وبعده.21 وحتى الآن يستمر العنف الجنسي في تهديد سلامة النساء والفتيات في أنحاء دارفور بأنساق تعكس تفاعلات النزاع الحالية وانهيار القانون والنظام.22

وفي منطقة دارفور المسلمة في أغلبها يعتبر العنف الجنسي مسألة شائكة إلى أقصى درجة. وعادة ما لا تعترف النساء والفتيات بتعرضهن للإساءات الجنسية لأنهن يخشين أن يصمهن المجتمع بالعار ولا يثقن بأن السلطات قد تتحرك بناء على الإقرار بالتعرض للاغتصاب. وكثيراً ما ترفض السلطات الاعتراف بالمشكلة وأحياناً تتهم الضحايا بالكذب على العاملين بالإغاثة الإنسانية للمبالغة في تقدير مشكلتهم، وهذا لأغراض سياسية.23 كما سعت بعض السلطات السودانية المحلية إلى عرقلة عمل العاملين بهيئات الإغاثة الإنسانية على هذه القضية.24 وقد تعرضت الهيئات التي تدير عيادات النساء في أكبر مخيمات النازحين داخلياً في دارفور للمضايقات وللعرقلة من قبل المسؤولين الحكوميين وهي عادة ما لا تفصح علناً عن مجريات عملها.25

ونظراً للسرية المحيطة بالموضوع، فمن شبه المستحيل وضع إحصاء دقيق يحسب نسبة انتشار العنف الجنسي في دارفور. وقد أفادت منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية أنها عالجت زهاء 500 امرأة وفتاة بين أكتوبر/تشرين الأول 2004 وفبراير/شباط 2005 في جنوب دارفور، وأن هذا العدد هو جزء يسير من إجمالي الحالات نظراً للقلة المُزمنة لحالات إبلاغ الضحايا عن الاغتصاب.26 وأفادت منظمة إنسانية أخرى بأن 200 امرأة تعرضن للاعتداء الجنسي في فترة خمسة أسابيع في شهر أغسطس/آب 2006 حول مخيم كالما جنوبي دارفور.27 وما زال مخيم كالما يعاني من مستويات مرتفعة من العنف الجنسي. وفي أنحاء أخرى من دارفور كانت الأرقام المُبلغ عنها أقل. في عام 2007 وثق مراقبو حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قرابة عشر حالات شهرية في المواقع التي زاروها.28 كما لاحظ مسؤولو الأمم المتحدة أن حالات الاغتصاب وغيرها من ضروب العنف الجنسي تتزايد ضد الضحايا الأحدث سناً.29

أشكال الإساءة

بما أن النزاع في دارفور يدخله بشكل متزايد جهات متقاتلة جديدة، يتزايد أيضاً عدد مرتكبي العنف الجنسي. وهم حالياً من صفوف الجيش والميليشيات والشرطة والمتمردين والمتمردين السابقين والعصابات الإجرامية. ويرتكبون جرائم العنف الجنسي في إطار هجماتهم على المدنيين، في جوار مخيمات النازحين داخلياً في دارفور، وفي البلدات ذات التعداد الأكبر من النازحين، وفي المناطق الريفية قرب القواعد العسكرية أو في المناطق الخاضعة لسلطة المتمردين.

هجمات واسعة النطاق على المدنيين

تستمر الحكومة ومعها الميليشيات المدعومة منها في ارتكاب جرائم العنف الجنسي في إطار الهجمات على المدنيين، وتنفذها بذريعة مكافحة التمرد.

وفي فبراير/شباط 2008 وقعت هجمات جوية وبرية واسعة النطاق شنتها الحكومة والميليشيات التي تدعمها الحكومة على بلدات سيربا وسيليا وأبو سروج شمال غرب دارفور، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني وتدمير الممتلكات ونزوح أعداد كبيرة. وفي زيارة إلى سيربا قال الشهود لمراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة إن واحدة من كل عشر نساء أو فتيات إما تعرضت للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي.30

وتم شن 15 هجمة برية وجوية على الأقل ضد المدنيين من قبل الحكومة، والميليشيات الموالية، وقوات جيش تحرير السودان/ميناوي، وهذا في الفترة من يونيو/حزيران حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2007، ويُعتقد أن الكثير من هذه الهجمات شملت حوادث عنف جنسي لم يتم الإبلاغ عنها أو توثيقها.31 على سبيل المثال، في ربيع عام 2007 أفاد نازحون يقيمون في مخيمات بمنطقة طويلة بوقوع حالات اغتصاب في إطار هجمات قوات جيش تحرير السودان/ميناوي والحكومة على قراهم، فأشار بعضهم إلى جنود جيش تحرير السودان/ميناوي بلقب "الجنجويد الأفارقة".

وتم استخدام العنف الجنسي في سلسلة من الهجمات الحكومية بمساعدة الميليشيات الموالية، على المدنيين في منطقة أبو ساكن في شمال دارفور، وهذا ضمن الفترة من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول 2006. وأثناء إحدى الهجمات الموسعة، قام جنود حكوميون وعناصر من الجنجويد من بلدة أم سيالة المجاورة – وفيها قاعدة عسكرية – باختطاف ثمان نساء وفتيات، واغتصابهن بقسوة ثلاث مرات على الأقل، ثم أجبروهن على السير عائدات إلى قريتهن وهن عاريات.32 وحتى الآن يرفض الجيش تسليم المشتبهين الذين تم التعرف عليهم إلى الادعاء العام في الفاشر.

كما برز الاغتصاب في هجمة حكومية موسعة على ديربات، في شرق جبل مره، في ديسمبر/كانون الأول 2006. إذ قامت أعداد كبيرة من الميليشات والقوات الحكومية بقتل المدنيين واختطاف واغتصاب عشرات النساء والفتيات. وقال أحد الشهود لمسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة: "تعرضن للاغتصاب من قبل أي رجل يشاء اغتصابهن. كلما حضر رجلٌ أية امرأة منهن كان عليها الامتثال، وإلا تعرضت للضرب المبرح".33

في مخيمات النازحين داخلياً وحولها

غالبية الحوادث التي تم الإبلاغ عنها وقعت حول أطراف مخيمات النازحين داخلياً، حيث يتحرش المسلحون بالنساء والفتيات ممن يخرجن لجمع الحطب أو العشب أو من يعملن بالزراعة. والأسلوب المتكرر هو أن تقطع جماعة صغيرة من الرجال الطريق على النساء أو الفتيات في منطقة معزولة – وهم عادة ما يكونون في ثياب رسمية – ويوجهون إليهن الإهانات من قبيل "عبدة" أو "تورا بورا" (لفظ مهين لكلمة "متمرد")، ويقومون بضربهن بالسياط والعصي وكعوب البنادق، أو يضربوهن على أيديهن ثم يقومون باغتصابهن.34

وقد تكرر هذا الأسلوب في حالات كثيرة قام بتوثيقها مراقبو حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في الفترة بين يونيو/حزيران وأكتوبر/تشرين الأول 2007.35 على سبيل المثال، في إحدى الحالات بمخيم النازحين داخلياً في كالما جنوبي دارفور، قطع عناصر من ميليشيا الجنجويد الطريق على امرأتين من الفور كانتا عائدتين إلى المخيم، وسألوهما لأي قبيلة تنتميان وإلى أين تذهبان. وحين قالت المرأتان إنهما من قبيلة الفور، أهانهما الرجل وأطلق عليهما لفظ "تورا بورا". ثم أمسك بإحديهما وأمر الأخرى أن تغادر تحت تهديد السلاح، ثم اغتصب الأولى.36

وفي أحد الأمثلة من مخيم فاتابورنو للنازحين داخلياً شمالي دارفور، وصفت امرأة في العشرين من عمرها تعرضها للاعتداء الجنسي على يد رجل مسلح فيما كانت تقوم بالزراعة على مشارف المخيم في أغسطس/آب 2007:

كنّا في مجموعة على بعد كيلومتر واحد من المخيم حين رأينا بعض الرجال العرب وشرعنا في الركض مبتعدات. اقترب مني أحد الرجال وسألني أين أقيم. كان معه سلاح، وحين قلت له أين أقيم، قام بسبي وأطلق عليّ تورا بورا. ثم طرحني أرضاً وركلني ثم اغتصبني، ثم قام بطي ثوبي حول عنقي. وكان يرتدي ثياباً مدنية ويبدو على مظهره أنه عربي.

وقال أبوها إنه عثر عليها فيما كان يحاول المعتدي خنقها فقام بالتدخل.

وفي أحد الأمثلة من غرب دارفور، وصفت فتاة في الثانية عشر من عمرها من قبيلة إرينجا كيف أنها في ديسمبر/كانون الأول، غرر بها رجل عربي مسلح في ثياب رسمية هي وشقيقتها الصغرى ودفع بهما إلى منطقة معزولة فيما كان يتظاهر بمساعدتهما في العثور على حمارهما المفقود. وقالت: "قال إذا ذهبنا معه فسوف يرينا [الحمار]. أمسك بي وخلع ثيابي ليفعل بي أشياء سيئة. وركضت شقيقتي الصغرى عائدة إلى المخيم".

وفي بعض الحالات كان مرتكبو العنف الجنسي يرتدون ثياباً مدنية وربما لم يكونوا مسلحين. في شمال دارفور، أفادت امرأة من الفور تعيش في مخيم النازحين داخلياً في زمزم بأنها في مارس/آذار 2007، وفيما كانت تجمع الحطب مع خمس نساء وفتيات أخريات، قطع عليهن الطريق ثلاثة رجال عرب يرتدون الثياب المدنية ويركبون الحمير، وسألوهن عمّا يفعلنه. وصفعها أحد الرجال وقال: "أنتن أيها السوداوات ليس مسموحاً لكنّ بجمع الحطب من هنا"، وصادر منها فأسها. وراح الرجال يضربون النساء وأخذوا منهن الفؤوس وهددوهن بالاغتصاب قائلين: "سنقوم بختانكن ثانية الآن".

وتتباين هوية المرتكبين بناء على موقع المخيم. في المخيمات التي تقع بالقرب من المواقع العسكرية والقواعد العسكرية، يكثر إبلاغ السكان عن وقوع الإساءات من قبل الجنود وعناصر الميليشيات، بينما في المخيمات التي تقع في مناطق يسيطر عليها فصيل المتمردين السابقين الذي يقوده ميني ميناوي من جيش تحرير السودان، يميل السكان للإبلاغ عن هجمات يرتكبها رجال مسلحون من تلك الجماعة المناهضة للسكان من ذات العرق الذي تنتمي إليه جماعات المتمردين المعادين. وقد ارتكب جنود جيش تحرير السودان/ميناوي أعمال عنف جنسي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، خاصة في منطقة طويلة شمالي دارفور وجريدة جنوبي دارفور.37

وطويلة، التي كانت فيما مضى بلدة مزدهرة، أصبحت شبه خالية حالياً ولا تستضيف إلا بعض مخيمات النازحين داخلياً، بما في ذلك مخيم "رواندة" الممتد (الاسم مشتق من دوريات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان المنتمي عناصرها لرواندا والتي كانت منتشرة هناك في عام 2005). وغالبية حالات العنف الجنسي التي تم الإبلاغ بوقوعها ارتكبها رجال مسلحون من الزغاوة الموالين لفصيل ميني ميناوي، واستهدفت النساء والفتيات من الفور والتنجور وهن يجمعن الحطب أو القش أو أثناء عودتهن إلى قراهنّ الأصلية من الحين للآخر للزراعة وأخذ الطعام. كما تعرض الرجال للهجمات والضرب والسرقة أثناء الذهاب إلى المخيمات أو أثناء العودة منها.

وكما هو مذكور أعلاه، فقد تزايد العنف في القرى القريبة من طويلة بدءاً من مارس/آذار 2007. ففي مارس/آذار 2007 هاجم ثمانية رجال يرتدون ثياباً مموهة وأغطية رأس مجموعة من ست نساء من الفور وهن عائدات إلى المخيم بعد جمع العشب من الدغل. وطبقاً لامرأة تبلغ من العمر 20 عاماً كانت بصحبتهن، سألهن الرجال: "أين أزواجكن" واتهمن النساء بحمل الطعام إلى فصيل عبد الواحد من جيش تحرير السودان. ثم قام الرجال باغتصاب ثلاث نساء منهن. "أخذونا إلى الدغل. اغتصبني أحدهم ثم ضربني بالعصي والسياط. ولم أتمكن من السير بعدها. وحضر الناس وحملونا وعادوا بنا إلى المخيم".

وفي حالة اتصفت بالقسوة البالغة، غادرت فتاة في الحادية عشر من عمرها مخيم رواندا لجمع العشب ذات صباح في أغسطس/آب 2007 مع شقيقتها البالغة من العمر سبعة أعوام، وأفادت التقارير تعرضها للاغتصاب على يد ثلاثة رجال تعرفت فيهم على أنهم من الزغاوة. وقالت: "ذهبت [إلى الجبل] مع شقيقتي لجمع العشب. وظهر لنا ثلاثة رجال من الزغاوة في ثياب مدنية وفي أيديهم بنادق. وأمسك أحدهم بشقيقتي واغتصبني الاثنان الآخران". وأسفر الهجوم عن تعرضها لنزيف حاد واحتاجت للنقل للحصول على الرعاية الطبية بمروحية تابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، حيث نًُقلت إلى الفاشر للعلاج.

كما لاحظ العاملون بالإغاثة تزايد الحالات داخل مخيمات النازحين داخلياً، والتي تزايد استغلالها السياسي بعد أن اخترقها رجال مسلحون ودخلتها الأسلحة.38 ويقوم الجنود في الكثير من المخيمات بزيارة الحانات المتواضعة الناشئة حديثاً والتي تصنع فيها النساء الخمر منزلياً لتوليد بعض الدخل. وقد أسهم اقتران الخمر بالبنادق في وقوع حوادث عنف جنسي داخل المخيمات.39 كما يبدو أن ثمة تزايد في حوادث العنف الأسري داخل المخيمات،40 على الرغم من أن نطاق المشكلة ليس معروفاً. وقال أحد العاملين في وكالة لتنسيق الرد على العنف الجنسي لـ هيومن رايتس ووتش: "من الأقل قبولاً أن تبلغ النساء عن حالات التعرض للعنف الأسري، لكننا نعرف بوقوع هذه الحوادث".41

البلدات والقرى والمناطق الريفية

تعتبر الكثير من بلدات دارفور الكبرى بلدات حصينة تستضيف قواعد عسكرية وقواعد للميليشيات، وقد ارتكب الكثير من أعمال العنف الجنسي التي تم الإبلاغ عنها في هذه المناطق جنود وعناصر من الميليشيات. وفي بلدة كابكابيا شمالي دارفور أبلغ سكان من الفور والزغاوة بشكل متكرر لهيئات الإغاثة الإنسانية ومراقبي حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن وقوع العنف الجنسي على يد الجنود والميليشيات. وتستضيف البلدة ثكنة عسكرية كبيرة وعدة مخيمات للميليشيات، وكانت مقر زعيم الجنجويد سيئ السمعة موسى هلال.42 كما تستضيف المنطقة آلاف الجنود وعناصر الميليشيات والرجال العرب المسلحين وبضعهم نزحوا إلى المنطقة جراء النزاع. كما تستضيف زهاء 50000 شخص غالبيتهم من سكان القرى من الفور الذين تعرضوا للنزوح إلى كابكابيا في عام 2004.43 وكثيراً ما يضايق رجال مسلحون يرتدون عدة أزياء رسمية بنية اللون، نساء وفتيات ومن الفور والزغاوة. وأفاد زعماء المجتمع المحلي في كابكابيا العاملين بالأمم المتحدة بوقوع 10 حالات اغتصاب وعنف جنسي في سبتمبر/أيلول 2007 وحده.

وفي أحد الأمثلة وصفت امرأة من التنجور كيف ذهبت جماعة من النساء والفتيات لجمع الحطب في أحد الأودية واعترض طريقهن رجلان عربيان يحملان الخناجر. وأطلق الرجلان على النساء لفظ "تورا بورا" وقاما بضربهن بالعصي والحجارة. وفي مثال آخر أفادت فتاة من الفور تبلغ 15 عاماً تعرضها للاغتصاب على مشارف البلدة على يد رجلين من الميليشيات تعرفت فيهما على أنهما من الجمير (جماعة إثنية متحالفة مع الإثنيات العربية) فيما كانت ومعها ثلاث نساء أخريات عائدات إلى بيوتهن بعد الانتهاء من جمع الحطب. وقالت: "قاما بإيقافنا وأمرانا أن ننزل عن ظهر الحمير. حاولنا الفرار لكنهما أطلقا أعيرة نارية في الهواء. تمكنا من الإمساك بي وقام أحدهما بضربي واغتصابي. وحين انتهيا أخذا الحمير والحطب وتركاني".

وفي المناطق الريفية – التي تعتبر علاقات القوة فيها أكثر مرونة – يرتكب العنف الجنسي طيف أوسع من الجناة. من المتمردين إلى الجنجويد إلى رجال القبائل المسلحين، وقد تم اتهام عناصر من الجهات الثلاث بارتكاب أعمال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، ووجه الاتهام إليهم أعضاء المجتمعات المحلية، وهذا ضمن جهود هذه الجهات الرامية للسيطرة على مناطق معينة. ويظهر في الكثير من الحالات الموثقة وجود توترات ونزاعات على الأرض تقع وراء العنف المذكور. في إحدى الحالات التي وقعت في غرب دارفور، قام رجل عربي مسلح ببندقية طراز أيه كيه – 47 وسوط وعصا بمهاجمة امرأة من المساليت وكانت معها طفلتها البالغة من العمر 7 أعوام. وهربت الفتاة لكنه أمسك بالأم وضربها ضرباً مبرحاً. وقالت إن أثناء الضرب صاح: "لقد منعنا كل المساليت من الحضور إلى هذه المنطقة. كيف جرؤت على القدوم إلى هنا هكذا؟"

وفي مثال آخر من شمال دارفور أفادت التقارير اغتصاب ثلاثة رجال عرب لامرأة من البيرتي ومعها ابنتها وكانتا قد خرجتا لجمع الحطب. وطبقاً للضحيتين، اقترب منهما الرجال على صهوة الإبل وسألوهما لأي قبيلة تنتميان وإن كانتا قد رأيتا أي إبل تجول بالمنطقة. ووجه الرجال بنادقهم إلى المرأتين وأمروهما باتباعهم إلى قرية قريبة، حيث أخذوا الأم والابنة إلى كوخ مهجور وقاموا بالتناوب على اغتصابهما. وأثناء الاغتصاب قال أحدهم: "أنتم يا أبناء البيرتي من العبيد. اذهبي وقولي لرجال قبيلتك أن يخرجوا لمقابلتنا".

العراقيل الخاصة بالعدالة التي تواجه ضحايا العنف الجنسي

البحث عن العدالة عملية شاقة في دارفور وهي مدفوعة بسعي الضحايا للانتصاف. وبشكل عام يتوجب على ضحايا الجرائم بذل الجهد المضني للإبلاغ عن الوقائع للسلطات، وضمان أن القضايا مُسجلة على النحو السليم وأنه سيتم التحقيق فيها، ثم يجب اتخاذ خطوات لضمان أن الادعاء سيحرك القضية قدماً. وهذه العملية تتطلب الإصرار وتوافر النقود والصلات الاجتماعية والدعم من الأسرة وأعضاء المجتمع المحلي والمحامين. وهي عملية شاقة للغاية على النساء والفتيات النازحات من الفور، اللاتي يعتبرن الأقل تعليماً بين مجتمعاتهن المحلية ولا يمكنهن أحياناً التحدث بالعربية بالمرة، بينما العربية هي اللغة السائدة في دارفور.

وبالنسبة للضحايا في المواقع الريفية، فإن الكلفة الاجتماعية والمالية التي يكابدها الساعون للحصول على العدالة، يفاقم منها المسافة الطويلة التي يجب ارتحالها، وهذا في العادة عبر مناطق موحشة، لبلوغ السلطات. وفي سيسي غربي دارفور على سبيل المثال، يضطر الأشخاص للسير مسافة عشرة كيلومترات للإبلاغ عن وقوع الحوادث. وفي فاتابورنو، شمالي دارفور، يتعين عليهم السفر عشرين كيلومتراً إلى شرطة بلدة كوتوم.

وهذا النقص في إمكانية الاطلاع المادية يظهر بوضوح أكبر في حالة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون والمتمردون السابقون، حيث لا تعمل المؤسسات الحكومية. وفصيل جيش تحرير السودان بقيادة ميني ميناوي وفصيل المتمردين بقيادة عبد الواحد يزعمان أنهما يستخدمان نظماً قانونية موازية في المناطق الخاضعة لسلطة كل منهما. والنظام الذي يديره فصيل ميني ميناوي من جيش تحرير السودان، هو نظام هرمي من المستشارين القانونيين و20 مركز احتجاز على الأقل، وهو نظام معيب لأقصى حد. مثلاً يتصرف المستشارون القانونيون لجيش تحرير السودان – وهم في العادة غير مدربين في القانون – بصفة الادعاء والقضاة، ويجرون "المحاكمات" دون توفير ضمانات الحماية الأساسية للمتهمين أو للضحايا. وليست موثوقة على نحو استثنائي قدرة هذه الآليات القضائية على توفير الانتصاف الفعلي لضحايا العنف الجنسي، خاصة مع استمرار أعضاء الجماعة في اقتراف جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات اللاتي يعشن في المنطقة الخاضعة لسلطتهم.

الخوف من الإبلاغ

من المعروف على نطاق واسع أن الغالبية العظمى من ضحايا العنف الجنسي في دارفور لا يقمن بإبلاغ الشرطة.44 ويعكس هذا عدم ثقة عامة في الشرطة، خاصة في صفوف سكان مخيمات النازحين داخلياً. واستمرار الإساءات التي ترتكبها قوات الأمن الحكومية، مثل الشرطة الاحتياطية المركزية؛ يسهم في عدم الثقة هذه.45 مثلاً في قضية وقعت في سيسي غربي دارفور في سبتمبر/أيلول 2007 قام عنصر من الشرطة الاحتياطية المركزية بإطلاق النار على امرأة وتسبب في مقتلها حين حاولت حماية ابنتها من التعرض للاعتداء الجنسي داخل بيتها.46 وفي جنوب دارفور، أفادت فتاتان في عمر 18 عاماً بأنهما كانتا في طريق العودة إلى مخيم النازحين داخلياً الخاص بهما  حين قطع عليهما الطريق رجلان من الشرطة الاحتياطية المركزية وحاولا إجبارهما على خول منطقة معزولة لاغتصابهما. وحسب قول ضحية محاولة الاغتصاب من مخيم السلام للنازحين داخلياً شمالي دارفور، لم تبلغ عن التعرض للعنف الجنسي المُرتكب بحقها لأن "الشرطة جزء من المشكلة".

وتخشى الضحايا وأسرهن تبعات الإبلاغ عن الوقائع للسلطات. وأحد الأسباب هو قانون الزنا السوداني. فإذا كانت الضحية غير متزوجة وحبلى وفشلت في إقناع الشرطة بأنها لم توافق على العلاقة الجنسية، فربما تنسب إليها الشرطة الاتهام بالزنا.47 وحسب الشريعة الإسلامية، فعندما تتعرض امرأة غير متزوجة للحمل فهذا دليل تلبس على ارتكاب الذنب.48 ويستمر في دارفور توثيق حالات تُدان فيها فتيات تحت سن 18 عاماً بالزنا لأنهن حبلن، حتى رغم أن الحُكم القانوني الخاص بالزنا لا ينطبق إلا على العلاقة الجنسية بالتراضي بين البالغين.

ولم تعلن الأمم المتحدة عن أية حالات نسبت فيها الشرطة الاتهام لضحايا العنف الجنسي بالزنا في عام 2007، لكن تم الإبلاغ عن مثل هذه الحالات للعاملين بمجال حقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية فيما مضى.49 وقد أصرت الحكومة السودانية على أن التفسير الصحيح لقانون الزنا يستبعد هذه الإمكانية.50 ورغم هذا فإن تهديد المقاضاة بتهمة الزنا ما زال يردع الضحايا عن الإبلاغ عما يتعرضن له. وحين عرفت امرأة تبلغ من العمر 35 عاماً من غرب دارفور بأنها حبلى بعد أن اغتصبها رجلان تحت تهديد السلاح في مزرعتها أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول 2007، قررت ألا تبلغ عن الاغتصاب للشرطة: "إذا أخبرت الشرطة كانوا لينسبوا إليّ الاتهام بالزنا على الأرجح. كما سوف ينظر إليّ المجتمع نظرة دونية لأن لديّ طفلٌ وأنا مُطلقة".

وقد تعرضت بعض من أبلغن عن حالات الاغتصاب للسلطات، للمضايقات والتهديدات51 أو وجه إليهن الاتهام بجريمة "ذكر معلومات كاذبة".52 ومن بين الحالات تم اتهام أقارب من الذكور للضحايا بارتكاب العنف الجنسي وهذا في حالات وقعت حتى عام 2007. كما قامت السلطات الحكومية بمضايقة الضحايا بعدما تلقين الرعاية الطبية. ففي أحد الأمثلة من عام 2007 في زالينجي غربي دارفور قام أحد عناصر أمن الدولة بالذهاب لضحية وأسرتها وهم يغادرون المستشفى وصادر استمارة الأدلة الطبية التي كانت بحوزتهم.53 كما واجهت منظمات إنسانية محلية ودولية مضايقات، وأكثرها كان في عام 2005 حين تم اعتقال عناصر من أطباء بلا حدود إثر إصدار المنظمة لتقرير يوثق خمسمائة حالة اغتصاب في دارفور.54

المعوقات القانونية

كما يرتدع الضحايا عن السعي للانتصاف لأنهن يعتبرن هذه العملية مكلفة وشاقة للغاية، نظراً للاحتمال البعيد بأن تنتهي بانتصافهن من الجناة. وعلى الرغم من أن الحكومة لم توفر إحصاءات شاملة عن المحاكم بشأن جرائم العنف الجنسي، فإن الأدلة القائمة تشير إلى أن نسبة صغيرة للغاية من القضايا تصل إلى المحكمة. وطبقاً لأحد الإحصاءات الرسمية قامت المحاكم في دارفور بالنظر في عشر قضايا اغتصاب في عام 2006، أسفرت عن سبع إدانات وتبرئة واحدة وكانت ثلاث قضايا منها بانتظار صدور الحكم لدى نشر الإحصاءات.55 وفي أكتوبر/تشرين الأول 2007 أفادت وزارة العدل السودانية بأن محاكم دارفور نظرت في عشرين قضية اغتصاب عام 2007.56 ومن بين مُحاكمات الاغتصاب التي أسفرت عن إدانة، لم تمنح محاكم دارفور تعويضاً إلا في قضية واحدة.57

فضلاً عن أن قانون الاغتصاب في حد ذاته يمثل عقبة في وجه العدالة، وهذا بسبب طريقة تفسيره من طرف القضاء. والاغتصاب يُعرّف على أنه "علاقة جنسية تضمنت الزنا أو اللواط، مع أي شخص دون موافقته [أو موافقتها]".58 ولأن هذا التعريف يعتبر هذه الجريمة زنا؛ فبعض القضاة يفسرون هذه المادة على أن قواعد الأدلة التي تثبت وقوع الزنا في الشريعة هي ذاتها المطلوبة في إثبات الاغتصاب، حتى لو كان القانون الجنائي لا يتطلب وجود أربعة شهود من الذكور لإثبات وقوع الاغتصاب.59

حتى في القضايا التي لا يطبق فيها القضاة قواعد الشريعة على حالات وقوع الاغتصاب، فإن الضحية يمكن أن تتم مقاضاتها بتهمة ارتكاب الزنا إذا هي لم تتمكن من إثبات عدم رضاها على الاغتصاب، خاصة إذا كانت غير متزوجة وحبلى (انظر أعلاه). ولا يشمل القانون الجنائي جريمة محاولة الاغتصاب، وهكذا إذا فشلت ضحية الاغتصاب في إثبات وقوع الاختراق، فربما تحاكم المحكمة المعتدي بتهمة "عدم الاحتشام" فقط.60

عدم فعالية الشرطة

أحد الأسباب التي تقول ضحايا العنف الجنسي إنهن لا يبلغن عن وقوع العنف بسببها هي غياب الثقة في أن الشرطة ستتخذ رد الفعل الفعال. وطبقاً لقانون الإجراءات الجنائية السوداني، فعلى الشرطة التحرك فوراً إلى مسرح الحادث واتباع إجراءات محددة لجمع الأدلة ونقل الضحايا المصابين إلى المستشفى.61 لكن من الناحية العملية فإن الشرطة غير فعالة في إجراء التحقيقات والقيام بالاعتقالات في قضايا العنف الجنسي.

وبناء على مجموعة كبيرة من القضايا التي تابعها مراقبو حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أفاد تقرير مجلس حقوق الإنسان: "اختارت ضحايا كثيرات عدم التقدم بشكوى لدى الشرطة لأنهن أحسسن بأن الشرطة غير قادرة أو لا تريد اتخاذ الأفعال المناسبة بحق الجناة. وفي بعض الحالات اقتصر ما فعلته الشرطة على تلقي الشكاوى".62

وتتحاشى الضحايا الشرطة حتى في حالات التعرض للأذى البدني الجسيم. ففي إحدى الحالات التي وقعت غربي دارفور في أغسطس/آب 2007، هاجم مسلحون من الميليشيات امرأة من الفور في التاسعة عشر من عمرها وقاموا باغتصابها، وكانت حبلى في الشهر الثامن. وتلقت رعاية طبية في عيادة المخيم، لكنها لم تبلغ عن الجريمة للشرطة لأنها لم تعتقد أنهم سيتخذون أي تصرف.63

ويأتي الإحباط من عدم فعالية الشرطة – كما أبداه الأشخاص النازحون في شتى أنحاء دارفور – كعامل محوري في قضية شهيرة وقعت في كابكابيا شمالي دارفور في أكتوبر/تشرين الأول 2007. إذ تعرف شهود عيان على رجل زعموا أنه عربي يرتدي ثياب مدنية ويحمل بندقية، وهاجم فتاة من الزغاوة تبلغ من العمر 18 عاماً فيما كانت تقوم بالزراعة على مسافة خمسة كيلومترات من البلدة. وقالت أمها – التي شهدت على الاعتداء على ابنتها ومصرعها – إن الرجل كان يحاول اغتصاب الأبنة حين قام بإطلاق النار عليها.

وأطلق الحادث شرارة التظاهرات الغاضبة من قبل مجتمعات الزغاوة والفور المحلية في كابكابيا، التي أسفرت عن إلحاق بعض الأضرار بمجمع بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان. وأوضح أحد النشطاء: "غايتنا كانت إرسال رسالة واضحة إلى الدولة وإلى المجتمع الوطني والدولي مفادها أن الاغتصاب يحدث". وأضاف: "ووعد الحاكم باعتقال الجاني خلال 24 ساعة، لكن لم يحدث أي شيء". وكف حتى بعض الأشخاص من مجتمع الفور المحلي عن تشجيع ضحايا العنف الجنسي على إبلاغ الشرطة. وقال أحد الشيوخ: "لا فائدة من إبلاغ الشرطة. فهم لا يفعلون شيئاً".

وتتصل أوجه فشل الشرطة إلى حد كبير بنقص الموارد.64 فشرطة دارفور تعوزها المعدات الأساسية، من عربات وهواتف وأوراق وأقلام، دعك من الاستمارات الصحيحة أو الأدوات الأكثر تعقيداً المطلوبة للتحقيقات الجنائية والطب الشرعي. وفي مخيم فاتابورنو للنازحين داخلياً على سبيل المثال، كانت شاحنة الشرطة الوحيدة عاطلة عن العمل لشهور في عام 2007 واعتمد رجال الشرطة على بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في توصيلهم إلى بلدة كوتوم.

إلا أن نقص الإرادة السياسية بالتحقيق الجاد في القضايا هو عامل مهم بدوره. فحتى في البلدات التي تعتبر مجهزة جيداً بشكل نسبي، تكرر فشل الشرطة في التحقيق في قضايا العنف الجنسي. وفي قضية زُعم فيها أن أحد الجنود اغتصب فتاة في الحادية عشر من عمرها قرب موقع الجيش في بلدة الفاشر، سجلت الشرطة الشكوى لكنها لم تحقق فيها على الرغم من الزيارات المتكررة من الأسرة والمحامين ومراقبي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. والتفسير الذي قدمته الشرطة لعدم التحرك كان أن الجريمة قد ارتُكبت وقت الغسق، مما يعني أن لا أحد سيتمكن من التعرف على الجاني. وتم تقديم أعذار مشابهة في بعض القضايا الأخرى.

وبدلاً من التحقيق النشط، تطلب الشرطة أحياناً من الضحايا أن يقمن ببعض أعمال التحقيق، ومنها تحديد الشهود القادرين على التعرف إلى المشتبهين. وفي مثال من زالينجي وقع عام 2007، قام رجلان مسلحان يرتديان الثياب الخضراء والبنية المموهة على صهوة الإبل بقطع الطريق على امرأتين نازحتين كانتا قد خرجتا لجمع الحطب على مشارف زالينجي. وأهان الرجلان المسلحان المرأتين، وصادرا فأسيهما وسكينيهما، وفيما بعد أطلقا النيران على قدم إحداهما. وساعدت شرطة زالينجي الضحية في الحصول على العلاج الطبي في مستشفى حكومي، لكن رفضت تسجيل شكوى رسمية ما لم تتمكن الضحية أولاً من التعرف على مرتكبي الجريمة.65

ويُظهر العديد من عناصر الشرطة والادعاء سلوكاً عدوانياً وتجاهلياً في تعاملاتهم مع الضحايا وأسرهن. ويرفض بعضهم تسجيل القضايا بعد مرور فترة 24 ساعة على الجريمة المزعومة، حتى رغم غياب حُكم قانوني خاص باقتصار الفترة على هذا النحو في القانون الجنائي. وكل عناصر الادعاء وغالبية عناصر الشرطة في دارفور هم من الرجال، وقليلون للغاية هم من تلقوا التدريب على مناهج التعامل مع الضحايا. وعلى حد علم هيومن رايتس ووتش لا يتبنى ضباط الشرطة والادعاء أية بروتوكولات لحماية السرية والسلامة البدنية للضحايا وأسرهن وإراحتهن أثناء إجراء التحقيقات.66

وفي قضية اغتصاب جماعي من قبل سبعة جنود لفتاة عربية في الثامنة عشر من عمرها في الفاشر في شهر أغسطس/آب 2007، تتبدى هذه المشكلة. فقد أمر الادعاء الضحية وأسرتها بالحضور إلى موقع الجريمة – وهو خيمة داخل ثكنة عسكرية – مصحوبين بالادعاء وضابط عسكري وجنود وضباط الشرطة. ولم يكن التحقيق يتبع أي أسلوب محدد ولا إجراءات لحماية خصوصية الضحية أو حراستها من التعاملات المؤلمة أو الخطيرة مع مرتكبي الجريمة المزعومين.

الأدلة الطبية

في كافة الجرائم التي تشمل الإصابة البدنية، تمد الشرطة الضحية باستمارة الأدلة الطبية، المعروفة باسم استمارة رقم 8. ويقوم بملء هذه الاستمارة طبيب وربما يتم استخدامها كدليل في مجريات القضية. وحتى عام 2005 كان ضحايا الاعتداء البدني لا يُسمح لهم بالحصول على المساعدة الطبية قبل إبلاغ الشرطة أولاً ثم الحصول على استمارة 8. وبعد تكرر إبداء الوكالات الإنسانية لقلقها من أن هذه الممارسة تمنع الضحايا من الحصول على الرعاية الصحية، تم تعديل الإجراءات من قبل وزارة العدل وأصبحت تنص صراحة على أن الضحايا مسموح لهم بالحصول على الرعاية الطبية دون اللجوء أولاً للشرطة للحصول على استمارة 8.67

وقد سهل هذا الإجراء المُعدل من إمكانية حصول الضحايا على الرعاية الطبية في بعض الأماكن، لكنه لا يتم تطبيقه في كل الأماكن على حد سواء. وبعض رجال الشرطة وزعماء المجتمعات المحلية ما زالوا ينصحون الضحايا بأن عليهم إبلاغ الشرطة قبل الحصول على الرعاية الطبية. وفي حالات كثيرة لا تشرح الشرطة للمشتكين كيف يستخدمون هذه الاستمارة. وفي مثال الفتاة البالغة من العمر 15 عاماً التي تعرضت للضرب والاغتصاب على مقربة من كابكابيا في يونيو/حزيران 2007، أعطت الشرطة أسرتها الاستمارة وطلبت منها ملأها وإعادتها بعد أن يملأها طبيب. وحين أعادت الأسرة الاستمارة الممتلئة، قالوا إن الشرطة احتفظت بها ولم تتخذ أي تصرف آخر في قضيتهم. وفي بعض الحالات يضطر الضحايا لدفع مقابل الاستمارات. وقد لاحظت السلطات الحكومية هذه المشكلات وتحتاج لأن تحسن من إعلانها عن الإجراء المُعدل.68 وقاموا بإعداد خطط لعقد ورش عمل لإثارة الوعي بدعم من الهيئات المانحة، ومن شأن هذا تحسين الوضع لكنه ليس كافياً في حد ذاته. والوضع الأفضل يتلخص في أن تتمكن ضحايا العنف الجنسي من الحصول على الاستمارة 8 داخل المستشفى.69

فضلاً عن أن عملية الحصول على استمارة 8 وملأها هي في حد ذاتها أحد المعوقات التي تعترض العدالة. وبعض العيادات – وليست كلها – التي تديرها منظمات غير حكومية تم التصريح لها من قبل وزارة الصحة بتوفير الاستمارة وملأها. والضحايا الذين يسعون لتلقي الرعاية الطبية في العيادات غير المصرح لها – منها بعض عيادات النساء التابعة للمنظمات غير الحكومية – لا يحصلون على الوثائق المطلوبة للسعي للشكوى للقضاء. والطريقة الوحيدة المتاحة لهم للحصول على الاستمارة هي زيارة طبيب مُصرّح به من قبل الحكومة وإجراء فحص آخر (وفي ذلك الحين ربما تكون الأدلة الهامة قد اختفت). وكما لاحظ تقرير مجلس حقوق الإنسان: "وتبقى مشكلات تخص إمكانية الحصول على الانتصاف للنساء اللاتي يتلقين العلاج في العيادات التابعة للمنظمات غير الحكومية".70

كما أن قيمة الاستمارة 8 كدليل هي قيمة مشكوك في أمرها. فالاستمارة لا تسمح بعرض الوصف الكامل لمدى فداحة إصابات الضحية، ويميل الأطباء لذكر النتائج بدلاً من ذكر الملاحظات الطبية التفصيلية.71

وكثيراً ما تعتمد الشرطة على ملاحظات الطبيب على استمارة 8 لتقرير ما إذا كان يجب أن يتم تسجيل الشكوى أم لا. وإذا لم تأت الاستمارة على ذكر "وقع الاغتصاب"، فربما لا ينظرون في أمر تسجيل جريمة اعتداء. (كما هو مذكور أعلاه، لا توجد جريمة محاولة اغتصاب في القانون الجنائي السوداني). وقد لاحظت السلطات الحاجة إلى المزيد من التدريب للعاملين بالمجال الطبي على استخدام هذه الاستمارة، وعلى معايير العمل بالعيادات الخاصة بمعالجة ضحايا العنف الجنسي.72

لا انتصاف من القوات المسلحة

إذا تصادف أن المشتبه به في جريمة من عناصر القوات المسلحة، عادة ما تؤيد الشرطة القضية "ضد مجهول" ولا تتخذ أي فعل. وفي أحد الأمثلة من شمال دارفور في يوليو/تموز 2007، زعمت ست نساء أن ثلاثة جنود من قاعدة عسكرية قريبة من قريتهن قاموا باغتصابهن. وطبقاً لأحد الضحايا، قابلت الجنود أثناء عودتها من السوق على ظهر حمارها:

أمسك أحدهم [الجنود] بذراعي وجذبني لينزلني عن حماري. وحين صحت طالبة المساعدة ضربني على فمي بكعب بندقيته. وضربني مراراً ثم مزق عني ثيابي واغتصبي. وحين انتهى جاء الرجل الآخر واغتصبني.

وفتحت الشرطة ملفات ضد جناة "مجهولين". وتم إخطار مسؤولين رفيعي المستوى من الشرطة والأمن بالقضية، لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات لتحديد هوية الجناة أو توجيه اتهامات.

وبموجب القانون الجنائي السوداني يشرف الادعاء على التحقيقات الجنائية ويصدر أوامر الاعتقال ويحدد الاتهامات ويحيل القضايا إلى المحكمة.73 وقال قاضٍ بارز لـ هيومن رايتس ووتش إنه في وسع الادعاء أن يأمر الشرطة بأن تنشط أكثر في التحقيق في القضايا ضد العسكريين، وأن عليهم الضغط على الشرطة لهذا الغرض.

أما الشرطة – التي تعتبر أقل موارد وعدداً بكثير من الجيش والميليشيات74 – فقد اعترفت علناً بأنها تشعر بقلة الحيلة إزاء اتخاذ تصرفات ضد الجنود وعناصر الميليشيات. ويخبرون الضحايا أنه ليس بوسعهم حتى فعل أي شيء في القضايا التي يتورط فيها عسكريون. وفي إحدى القضايا الشهيرة، اغتصب سبعة شباب فتاة في السابعة عشر من عمرها من مخيم للنازحين داخلياً بينما كانت في طريق العودة من المدرسة إلى مخيم السلام شمالي دارفور. وقالت الشرطة لأب الضحية إنه يصعب المضي قدماً في القضية لأن الجناة ينتمون إلى الجيش.75 وقال مسؤول بالشرطة في جزء آخر من دارفور لأحد العاملين بالأمم المتحدة في مايو/أيار 2007 إنه بسبب النزاع الجاري في دارفور، لا يمكن للشرطة اعتقال عناصر الميليشيات أو الجنود.

والقوانين الحاكمة للعاملين بالجيش والشرطة وعناصر الأمن تضم جميعها أحكاماً عن حماية أعضاء قوات الأمن من المقاضاة في محاكم مدنية جراء جرائم ارتكبوها أثناء القيام بواجباتهم الرسمية، إلا في حالة الحصول على تصريح من الضباط المسؤولين.76 وتوجد أدلة إرشادية إدارية لاستخلاص تنازلات عن الحصانة. وفي يوليو/تموز 2007 أصدر المدير العام للشرطة قراراً ذكر فيه إجراءات لرفع الحصانة عن الشرطة.77 إلا أن العملية تعاني عادة من التعقد وتستهلك وقتاً طويلاً وتتطلب قرارات من السلطات في الخرطوم.

وفي القضايا بحق العاملين بالجيش، تقرر السلطات العسكرية في دارفور ما إذا كانت ستسمح باستمرار القضية في محكمة مدنية أم لا. وفي العادة يكتب الادعاء رسالة إلى الضابط المسؤول عن المتهم عبر المستشار القانوني للجيش، يخطره فيه بالاتهامات ويطلب التعاون في التحقيق.78 وفي بعض الحالات، خاصة بالنسبة لحالة الجنود منخفضي الرتبة،79 يتعاون الجيش مع الطلبات ويسلم المشتبهين للتحقيقات والمحاكمة في تلك الحالات. والأكثر تكراراً، خاصة في حالة الضباط الأعلى رتبة أو فيما يتعلق بالجرائم التي يتم ارتكابها في سياق النزاع المسلح،80 لا ترد السلطات العسكرية على طلبات الادعاء.

وقال مدعي عام في دارفور إنه "مستاء للغاية ومُحبط" من عدم رد المستشار القانوني للجيش على طلبات مكتوبة مُرسلة بشأن ست قضايا تنتظر الرد منذ شهور.81 ومنهج عدم الرد هذا يعادل القرار بعدم نزع الحصانة حتى في الحالات التي لا يجب فيها – من الناحية النظرية – منح الحصانة لأن المشتبه يزعم أنه ارتكب الجريمة خارج نطاق القيام بواجباته الرسمية. ونظراً لكثرة الحالات التي تم فيها الإبلاغ عن ارتكاب الجنود وعناصر الميليشيات للجرائم، يعتبر عدم تعاون السلطات في الجيش مع القضاء عائقاً قوياً يحول دون محاسبة الأشخاص جراء العنف الجنسي.




21  انظر على سبيل المثال، Human Rights Watch, Sexual Violence and its Consequences among Displaced Persons in Darfur and Chad صفحة 2، وانظر: Médecins sans Frontières, “The Crushing Burden of Rape: Sexual Violence in Darfur,” 8 مارس/آذار 2005، وانظر: "تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية عن دارفور إلى الأمين العام للأمم المتحدة"، 25 يناير/كانون الثاني 2005، على: http://www.iccnow.org/documents/UN%20commission_inquiry_report_darfur.pdf (تمت الزيارة في 7 مارس/آذار 2008).

22  انظر التقارير الدورية لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن العنف الجنسي الذي يقع في دارفور. على: http://www.ohchr.org/english/countries/sd/periodic_report.htm وخلص تقرير خبراء الأمم المتحدة إلى أن "ثمة عدد كبير من التقارير عن حالات العنف الجنسي والموجه للنساء... وهي ناجمة بشكل مباشر من النزاع كنتيجة لأجواء انعدام الأمن المتفشية، وغياب القدرة على الدفع بالمحاسبة لمن يرتكبون مثل هذه الأفعال، والإحساس القائم بالإفلات من العقاب". تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة، S/2007/584 فقرة 344.

23  محادثات هاتفية مع عاملين بحقوق الإنسان من الأمم المتحدة شمالي دارفور، ديسمبر/كانون الأول 2007.

24  انظر على سبيل المثال: “Sudan: too scared to tell – sexual violence in Darfur,” PlusNews 12 فبراير/شباط 2008، على: http://www.reliefweb.int/rw/rwb.nsf/db900sid/SKAI-7BRPCR?OpenDocument&rc=1&cc=sdn (تمت الزيارة في 27 فبراير/شباط 2008).

25  هيومن رايتس ووتش، الفوضى المتعمدة، صفحة 52. و: “Sudan: too scared to tell—sexual violence in Darfur,” PlusNews 12 فبراير/شباط 2008.

26  هيومن رايتس ووتش، العنف الجنسي وتبعاته، صفحة 7.

27  انظر: “Sexual Violence Spikes Around South Darfur Camp,” IRIN, 24 أغسطس/آب 2006، على: http://www.irinnews.org/report.aspx?reportid=60452 (تمت الزيارة في 7 مارس/آذار 2008).

28  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 44. وتقرير إلى الأمين العام عن دارفور، S/2007/462, 27 يوليو/تموز 2007، فقرة 21.

29  تقرير إلى الأمين العام عن الأطفال والنزاع المسلح في دارفور، S/2007/520 29 أغسطس/آب 2007، فقرة 25.

30  التقرير الدوري التاسع من المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن أوضاع حقوق الإنسان ضمن هجمات السودان على المدنيين في صراف جداد، وسيربا وسيليا وأبو سروج، في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2008" 20 مارس/آذار 2008، على: http://www.ohchr.org/Documents/Press/WestDarfurreport2003.pdf (تمت الزيارة في 23 مارس/آذار 2008).

31  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحات 26 إلى 30.

32  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحات 26 حتى 30، وتقرير لجنة الخبراء، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2007 فقرة 261.

33  مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، التقرير الدوري الثامن، "النساء يتعرضن للاختطاف والاغتصاب ثم يتحفظون عليهن كرق للاستخدام الجنسي إثر هجمة ديسمبر/كانون الأول 2006 على ديربات"، جنيف، 6 أبريل/نيسان 2007.

34  هيومن رايتس ووتش، الفوضى المتعمدة، صفحات 51 و52.

35  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحات 44 إلى 46.

36  المرجع السابق، صفحة 45.

37  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 43. انظر أيضاً بيان مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في دارفور إثر زيارة يوليو/تموز 2007، وأشار فيها إلى العنف الجنسي في المناطق الخاضعة لسيطرة جيش تحرير السودان/ميناوي، "خبير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يختتم زيارته إلى السودان"، بيان صحفي للأمم المتحدة، 6 أغسطس/آب 2007.

38  انظر: "“Displaced in Darfur: a generation of anger,” Amnesty International, AFR 54/001/2008," يناير/كانون الثاني 2008. و: “Report of the Chairperson of the Commission on the Situation in Darfur,” African Union Peace and Security Council, PSC/PR/2(CXII) 28 فبراير/شباط 2008، فقرة 34. وانظر مجموعة الأزمات الدلية، "واقع دارفور الأمني الجديد"، صفحة 6.

39  محادثة هاتفية مع عاملين بالأمم المتحدة، ديسمبر/كانون الأول 2007.

40  انظر: “UNDP SGBV Programme in Darfur: Progress Report,” United Nations Development Programme, يوليو/تموز 2007، صفحة 5.

41  محادثة مع أحد العاملين بالإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة، 17 فبراير/شباط 2008. انظر أيضاً: اللاجئون الدولية، "قوانين دون عدالة"، يونيو/حزيران 2007، صفحة 3، على: http://www.refugeesinternational.org/content/publication/detail/10070/ (تمت الزيارة في 24 مارس/آذار 2008).

42  هيومن رايتس ووتش، تعزيز حالة الإفلات من العقاب، صفحة 4.

43  تزايد سكان كابكابيا كثيراً في عام 2003 حين تسبب النزاع في نزوح آلاف سكان القرى وغالبيتهم من الفور والزغاوة إلى بلدة كابكابيا. ويشكل النازحون حالياً 70 في المائة من سكان البلدة البالغ عددهم 64000 نسمة. انظر على سبيل المثال: " Sudan: Living a Restricted Life in Darfur," 22 فبراير/شباط 2006، على: http://www.irinnews.org/report.aspx?reportid=58224 (تمت الزيارة في 23 مارس/آذار 2008).

44  ظاهرة عدم الإبلاغ عن التعرض للاغتصاب هي ظاهرة عالمية... انظر مثلاً، Human Rights Watch, The Second Assault: Obstructing Access to Legal Abortion After Rape in Mexico, المجلد 18، عدد 1 (B)، مارس/آذار 2006. على: http://hrw.org/reports/2006/mexico0306/mexico0306web.pdf لكن يعتمد الوضع في كل مكان على حدة على مجموعة من العوامل المختلفة مما يسفر عن نتائج متباينة. انظر: Refugees International, “Laws Without Justice: An Assessment of Sudanese Laws Affecting Survivors of Rape,” يونيو/حزيران 2007 صفحة 5.

45  الشرطة الاحتياطية المركزية هي وحدة شرطة احتياطية فيها عناصر كانوا ضمن صفوف الجنجويد فيما سبق. ولا يتمكن العديد من ضحايا العنف الجنسي من التفرقة بين القوات الحكومية المختلفة، ويستخدمون بدلاً من التفرقة لفظ "الجنجويد" للإشارة إلى كل الرجال المسلحين الذين تربطهم الصلة بالحكومة.

46  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 46.

47  مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "حصول ضحايا العنف الجنسي على العدالة"، 29 يوليو/تموز 2005، فقرة 39. على: http://www.ohchr.org/Documents/Countries/darfur29july05.pdf (تمت الزيارة في 23 مارس/آذار 2008).

48  الزنا هي جريمة حسب الشريعة ووردت في المادة 145 من القانون الجنائي لعام 1991 وهي العلاقة الجنسية بالتراضي بين رجل وامرأة غير متزوجين. ويُعاقب عليها بمائة جلدة إذا كان المجرم غير متزوج، وبالإعدام إذا كان المجرم متزوج. المادة 146. ولإثبات الجريمة، تتطلب المادة 63 من قانون الأدلة وجود الاعتراف ووجود أربعة شهود من الرجال، أو الحمل إذا كانت المرأة غير متزوجة، أو قسم الزوج على أن زوجته ارتكبت الزنا إذا كانت المرأة المتهمة ترفض القسم بخلاف ما ذكره الزوج.

49  انظر أمثلة من عام 2005 مذكورة في تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "حصول ضحايا العنف الجنسي على العدالة"، صفحة 16.

50  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 12.

51  مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، "حصول ضحايا الاغتصاب على العدالة"، صفحة 42.

52  مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، "الحصول على العدالة" صفحة 3، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، "التقرير الدوري الثالث لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان"، فقرة 72.

53  محادثة هاتفية مع أحد العاملين بالإغاثة (تم حجب الاسم)، شمال دارفور، 30 ديسمبر/كانون الأول 2007.

54  مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، "الحصول على العدالة"، صفحة 3. وانظر: “Sudan minister sees no reason for aid worker arrest,” Reuters, 1 يونيو/حزيران 2005، على: http://www.reliefweb.int/rw/rwb.nsf/db900sid/MMQD-6CXPUC?OpenDocument&query=MSF%20rape&cc=sdn (تمت الزيارة في 27 فبراير/شباط 2008).

55  حكومة السودان، مستشار مجلس حقوق الإنسان، "النزاع في دارفور: منظور حقوق الإنسان"، مارس/آذار 2007.

56  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 43.

57  مقابلة هاتفية مع محامي حقوق إنسان من دارفور متخصص في قضايا الغتصاب، 18 فبراير/شباط 2008. وبما أن هذا المحامي ربما لا يعرف بوجود قضايا تم فيها تعويض الضحايا في ولايات أخرى بدارفور، فمن الممكن أن محاكم دارفور قد منحت تعويضات في أكثر من حالة واحدة. ولم تصدر السلطات القضائية إحصاءات في هذا الصدد.

58  مادة 149، القانون الجنائي لعام 1991. ويُعاقب على هذه الجريمة بمائة جلدة، والسجن بحد أقصى عشرة أعوام، أو بعقوبة الإعدام.

59  للاطلاع على مناقشات تفصيلية عن قوانين الاغتصاب السودانية، انظر: اللاجئون الدولية "قوانين دون عدالة"، يونيو/حزيران 2007، وانظر: Human Rights Watch, Lack of Conviction: the Special Criminal Court on the Events in Darfur يونيو/حزيران 2006، الصفحات من 19 إلى 21، على: http://hrw.org/backgrounder/ij/sudan0606/.

60  المادة 151، القانون الجنائي لعام 1991. وجريمة عدم الاحتشام هي أي فعل يخل باحتشام شخص آخر أو أي فعل جنسي لا يرقى إلى الزنا أو اللواط. ويُعاقب عليه بأربعين إلى ثمانين جلدة والسجن لحد أقصى عامين.

61  مادة 48، قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991، انظر أيضاً أمر رقم 3 لعام 2002، صادر عن رئيس الشرطة بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2002، توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

62  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 43

63  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحتا 45 و46.

64  انظر هيومن رايتس ووتش، الفوضى المتعمدة، صفحات 54 إلى 56.

65  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 45.

66  هيومن رايتس ووتش، غياب الإدانة، صفحة 29.

67  أمر جنائي رقم 2 لعام 2005، مسجل لدى هيومن رايتس ووتش.

68  تقرير إلى قوة العمل المشتركة المنوطة تقييم عمل لجان الدولة الخاصة بمكافحة العنف ضد المرأة في دارفور، سبتمبر/أيلول 2007، مسجلة لدى هيومن رايتس ووتش.

69  هذه إحدى مهام لجنة الدولة لمكافحة العنف ضد المرأة في غرب دارفور التي أعيد تشكيلها. انظر تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 49.

70  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 51.

71  مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، "الحصول على العدالة"، فقرة 37.

72  تقرير عن قوة العمل المشتركة، مُسجل لدى هيومن رايتس ووتش.

73  قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991.

74  هيومن رايتس ووتش، الفوضى المتعمدة، صفحة 55.

75  تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحتا 44 و45.

76  على سبيل المثال، المادة 33 من قانون قوات الأمن الوطني لعام 1999 جاء فيها أنه يجب ألا يتم الدفع بإجراءات تقاضي مدنية أو جنائية ضد عضو أو متعاون في أي فعل على صلة بالعمل الرسمي لهذا العضو، إلا بناء على موافقة المدير". ويتكرر نفس النص تقريباً في غير ذلك من القوانين والقرارات الناظمة للعاملين بالحكومة. والمادة 46 من قانون قوات الشرطة لعام 1999 جاء فيها أنه لا يمكن اتخاذ أي إجراء جنائي ضد ضابط شرطة جراء جريمة ارتكبها أثناء تنفيذه لواجبه الرسمي أو كنتيجة لهذه الواجبات الرسمية، إلا بتصريح من وزير الداخلية". وصدر قرار عام 1995 بشأن الأمن يحدد متطلبات توجيه الاتهامات لأعضاء بالقوات المسلحة في محاكم جنائية، ونص على أنه ليس للمحاكم الجنائية أية سلطة في توجيه الاتهامات دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو بصدور قرار من رئيس القضاء. قرار جنائي رقم 3 لعام 1995، "محاكمة المتهمين الخاضعين لقانون القوات المسلحة الشعبية، لعام 1986"، 19 أكتوبر/تشرين الأول 1995. انظر هيومن رايتس ووتش "نقص الإدانة: المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور"، صفحات 17 إلى 19.

77  انظر: “Sudan to lift immunity for police accused of crimes,” Reuters, 22 أغسطس/آب 2007، على: http://www.reuters.com/article/latestCrisis/idUSMCD155713 (تمت الزيارة في 7 مارس/آذار 2008). وانظر تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 17، وفيه إشارة إلى قرار المدير العام للشرطة رقم 57 لعام 2007، 31 يوليو/تموز 2007.

78  محادثات مع محققي الشرطة والادعاء (تم حجب الأسماء)، من أكتوبر/تشرين الأول 2007 حتى فبراير/شباط 2008.

79  محادثة مع محامين من شمال وجنوب دارفور (تم حجب الأسماء) في فبراير/شباط 2008. وأوضح أحد المحامين أنه من الممكن توجيه اتهامات بالاغتصاب ضد الجنود "الاحتياطي" قبل تقاعدهم.

80  لم تشمل الإدانات بالاغتصاب التي وفرتها الحكومة لـ هيومن رايتس ووتش أي حالات لعنف جنسي تم ارتكابه أثناء النزاع. انظر تقرير مجلس حقوق الإنسان، صفحة 18. للمزيد عن عدم قدرة القضاء على مقاضاة المجرمين في جرائم ضد الإنسانية، انظر هيومن رايتس ووتش، غياب الإدانة، صفحتا 15 و16.

81  محادثة مع مدعي عام (تم حجب الاسم)، سبتمبر/أيلول 2007.