(بيروت) – على السلطة القضائية في إيران وقف تنفيذ إعدام سيدة أدينت بقتل زوجها عندما كان عمرها 17 عاماً. كانت السيدة، التي اعترفت بإطلاق النار على زوجها أثناء نومه، قد تزوجت وعمرها 14 اعاماً، وهي الآن أم لطفل عمره 6 سنوات. وقد أعلنت السلطات أنها على وشك تنفيذ عقوبة الإعدام. يحظر القانون الدولي بشدة إعدام الأطفال الجانحين.
كانت السلطات قد ألقت القبض على راضيه إبراهيمي – ويتم الإشارة إليها أيضاً باسم "مريم" في الصحافة المحلية - منذ 4 سنوات، بعد أن أطلقت الرصاص على زوجها، وأصابته في الرأس أثناء نومه، وقامت بدفنه في الفناء الخلفي للمنزل، بحسب ما قال مصدر مطلع على قضيتها لـ هيومن رايتس ووتش. اعترفت إبراهيمي، التي تقبع في أحد السجون جنوب غربي مدينة الأهواز، اعترفت بجريمتها؛ إلا أنها أعربت عن ندمها. وقالت إنها اتخذت قرارها في لحظة انفعال، بعد سنوات طويلة من الانتهاكات اللفظية والبدنية من جانب زوجها.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "في كل مرة يصدر فيها أحد القضاة الإيرانيين حكماً بالإعدام بحق طفل جانح مثل إبراهيمي، عليه أن يتذكر أنه ينتهك على نحو سافر مسؤولياته القانونية في توفير العدالة بعدل وإنصاف. وعلى القضاء الإيراني الرجوع عن حكم الإعدام الصادر بحق عروس طفلة تعرضت مرارا للضرب والتعنيف".
أدانت محكمة جنائية إبراهيمي بتهمة القتل، وأصدرت بحقها حكماً بالإعدام. كما رفضت السلطة القضائية الإيرانية الطلب الذي قدمته إبراهيمي لإعادة المُحاكمة، رغم حقيقة كونها كانت أقل من 18 عاماً حين ارتكبت جريمة القتل.
وفي بداية عام 2013، أصبحت التعديلات الجديدة على قانون العقوبات سارية المفعول، وهي تحظر بشدة تنفيذ حكم الإعدام بحق الأطفال الجانحين في فئات مُحددة من الجرائم، ومن بينها الجرائم التي تتعلق بالمخدرات. ولا يتم تطبيق مثل هذا الحظر، مع ذلك، على الأطفال المُدانين بجريمة القتل، بالإضافة إلى عدد كبير من الجرائم التي يتم تحديد العقوبات بشأنها طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ومن بينها جريمتي الزنا واللواط.
بموجب المادة 91 من القانون المُعدل، يجوز لأحد القضاة أن يصدر حكماً بالإعدام بحق صبي في سن 15 عاماً أو أكبر، وبحق فتاة في سن 9 سنوات أو أكبر، إذا قرر أن الطفل يفهم طبيعة الجريمة وعواقبها. كما تسمح المادة لهيئة المحكمة أن تعتمد على "رأي الطبيب الشرعي أو أي وسيلة أخرى تراها مُناسبة"، لكي يُحدد إذا ما كان المُدعى عليه يفهم عواقب أفعاله.
وبموجب القانون الإيراني، في قضايا القتل، يحتفظ أولياء الضحية بالحق في المُطالبة بالقصاص العيني، للعفو عن القاتل، أو قبول الدية مُقابل التخلي عن حقهم في المُطالبة بالقصاص. وقد رفضت أسرة الزوج العفو عن إبراهيمي. وقال مصدر مطلع على قضية إبراهيمي لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات السجن حاولت تنفيذ حكم الإعدام من قبل، إلا أنهم أعادوها إلى زنزانتها حين أخبرتهم أن عمرها كان 17 عاماً حين قتلت زوجها. وقال المصدر إن المحامي تقدم بطلب لإعادة المُحاكمة أمام المحكمة العليا، في أعقاب التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات الإيراني، مُستنداً إلى أنها كانت دون 18 عاماً، ولم تكن تفهم عواقب أفعالها، إلا أن المحكمة رفضت طلبه.
وفي مقابلة مع جريدة إلكترونية إيرانية، قال حسن آقاخاني، محامي إبراهيمي، إن العديد من دوائر المحكمة العليا قد قامت بتطبيق المادة 91 بشكل مُتباين، وإن الأمل يحدوه أن توقف السلطة القضائية تنفيذ حكم الإعدام ضد موكلته، على أقل تقدير، حتى تقوم كل دوائر المحكمة بتطبيق المادة بشكل مُوحد.
لقد قامت إيران بإعدام ما لا يقل عن 10 أطفال جانحين منذ عام 2009، وهو ما يجعلها صاحبة أعلى رقم في العالم في تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأطفال. وشهد عام 2014 وحده 3 تقارير غير رسمية على الأقل بشأن قيام السلطات بإعدام أطفال مذنبين على خلفية اتهامهم بالقتل والاغتصاب، على الرغم من الضغوط الدولية والمحلية المتزايدة على إيران من أجل إنهاء هذه الممارسة. وتقوم هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في هذه الحالات لكي تُحدد إذا ما كان من تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، هم من الأطفال الجانحين أم لا.
وتُعد إيران واحدة من 4 دول فقط يُعرف عنها تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأحداث في الـ 5 سنوات الماضية، والدول الأخرى هي اليمن، والمملكة العربية السعودية، والسودان، وكذلك سلطة حماس في غزة. تعد إيران دولة طرفا في اتفاقية حقوق الطفل، التي تحظر نهائياً تنفيذ حكم الإعدام بحق الأطفال الجانحين. ولقد أدان العديد من خبراء وهيئات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومن بينهم خبراء تابعون للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان، أدانوا بشدة تنفيذ إيران أحكام الإعدام بحق الأطفال الجانحين.
وفي عام 2012، طالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة الإيرانية بتعديل قانون العقوبات لفرض الحظر المُطلق على عقوبة الإعدام بحق الأطفال الجانحين. كما طالبت هيومن رايتس ووتش أيضاً السلطة القضائية في إيران بفرض حظر على جميع عمليات الإعدام في البلاد بسبب مخاوف خطيرة تتعلق بمخالفات موضوعية وانتهاكات للإجراءات القانونية السليمة، والذي يؤدي إلى تنفيذ عقوبة الإعدام. وتُعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف، لأنها بطبيعتها عقوبة لاإنسانية لا يمكن الرجوع عنها.
ويمكن للفتيات أن يتزوجن بموجب القانون المدني الإيراني في سن 13 عاماً، والفتيان في سن 15 عاماً. ويمكن أن يتزوجوا دون هذا السن بموافقة الأوصياء القانونيين وموافقة محكمة مختصة. وتوصي المعايير الدولية لحقوق الإنسان أن يكون سن الزواج 18 عاماً كحدٍ أدنى. وينتهك زواج الأطفال العديد من حقوق الإنسان، ومن بينها الحق في التعليم، والحق في حياة خالية من العنف، والحق في الإنجاب، والحق في الحصول على رعاية صحية إنجابية وجنسية، والحق في حرية التنقل، والحق في الزواج بالتراضي. وتوضح شهادات الفتيات والنساء التي قابلتهن هيومن رايتس ووتش في العديد من البلدان، أظهرت الأثر بالغ الضرر العميق على سلامتهن البدنية والعقلية، وعلى قدرتهن على عيش حياة خالية من العنف.
قال جو ستورك: "على السلطة القضائية الإيرانية أن تثبت التزامها بحماية الأطفال – وهم الأفراد الأكثر ضعفاً بين سكانها- بالدعوة إلى وقف أحكام الإعدام بحق الأطفال الجانحين".