(بيروت) – إن الانتهاكات الخطيرة المتعددة للإجراءات القانونية السليمة خلال فترة الاحتجاز قبل المحاكمة، تجعل من المستبعد جدا أن يحصل 4 ليبيين، متهمين بصلاتهم بجماعات مسلحة وسياسية في ليبيا، على محاكمة عادلة في الإمارات العربية المتحدة. لن تكون المحاكمة عادلة ما لم يحصل المتهمون على حق الوصول الكامل إلى محاميهم أو الأدلة ضدهم، أو إذا استُخدمت أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب لإدانتهم.
احتجز الرجال، 3 منهم على الأقل أخفتهم السلطات قسرا لمدة 3 أشهر بعد توقيفهم في أغسطس/آب 2014، لمدة 4 أشهر في عزلة عن العالم الخارجي داخل منشأة لأمن الدولة. زعم معتقلون سابقون – بمن فيهم 4 رجال آخرين اعتقلوا خلال تلك الفترة – أن المحققين عذبوهم في هذه المنشأة لانتزاع اعترافات بصلاتهم بجماعة "الإخوان المسلمون". وقال أفراد العائلة والمحامون الذين عيّنتهم العائلة إن الليبيين لم يتمكنوا من الحصول على المساعدة القانونية لمدة 16 شهرا على الأقل. أنكر جميع المتهمين التهم الموجهة إليهم.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مرة أخرى، تتلطخ محاكمة رفيعة المستوى في الإمارات بمزاعم الاختفاء القسري والتعذيب. على الإمارات اتخاذ خطوات فورية لوقف تعاملها المسيء مع هذه القضية، منها التحقيق الفوري في مزاعم التعذيب".
قال محامون معيّنون من قبل عائلات المتهمين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يستطيعوا معرفة التهم التي وُجهت إلى موكليهم إلى غاية الجلسة الأولى لمحاكمتهم في 18 يناير/كانون الثاني 2016. وقالوا إن النيابة العامة لم تُقدم ملفات القضية التي تبين الأدلة ضد موكليهم. قرار إحالة القضية على المحكمة الاتحادية العليا بموجب إجراءات أمن الدولة يحرم المتهمين من حق الاستئناف.
بول تشامب، وهو محام كندي يمثل أحد المتهمين، سليم العرادي، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن النيابة وجهت للرجال تهم تقديم دعم مادي والتعاون مع "فجر ليبيا" و"كتيبة 17 فبراير" في ليبيا، اللتين تعتبرهما النيابة العامة ووسائل الإعلام المحلية جماعتين إرهابيتين.
منعت السلطات تشامب من دخول غرفة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي لمتابعة المحاكمة. إلا أن السفير الكندي ونائب القنصل الأمريكي تمكنوا من حضور الجلسة الافتتاحية لمدة 20 دقيقة. المتهمون الآخرون هم كمال ومحمد الضراط، أب وابنه يحملان الجنسية الليبية والأمريكية، وعيسى المناع، وهو مواطن ليبي.
وقال تشامب إن الناس الذين حضروا الجلسة قالوا له إن العرادي حاول إطلاع القاضي على علامات على ذراعيه يدعي أنها نتيجة التعذيب، وإن كل الرجال قالوا للقاضي إنهم تعرضوا للتعذيب خلال فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة. وعلى ما يبدو فإن القاضي قال للرجال إنه يمكنهم إثارة هذه الادعاءات خلال جلسات المحاكمة المقبلة. ومن المقرر أن تعقد الجلسة القادمة في 15 فبراير/شباط.
المعتقلون الأربعة الآخرون الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش اعتقلوا في أغسطس/آب وأفرج عنهم في وقت لاحق. قالوا إن السلطات الإماراتية أخضعتهم لتعذيب منهجي في منشأة أمن الدولة بالقرب من أبو ظبي حيث احتُجز أيضا الرجال الأربعة المحاكمون، لانتزاع ما قالوا إنها اعترافات كاذبة. قال الرجال إن المحققين استجوبوهم حول صلاتهم المفترضة بجماعة الإخوان المسلمين – التي تعتبرها الإمارات منظمة إرهابية – ووصفوا مجموعة من الانتهاكات، منها الضرب؛ الإجبار على الوقوف؛ والتهديد بالاغتصاب، الصعق الكهربائي، والقتل.
غريغ كريغ، وهو محام في الولايات المتحدة يمثل محمد وكمال الضراط، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه تحدث إلى محمد الضراط عبر الهاتف في 20 يناير/كانون الثاني وقال إنه عانى أساليب الاستجواب التي نتج عنها صمم في أذنه اليسرى.
تحدثت أسرة العرادي إليه عبر الهاتف في 19 يناير/كانون الثاني. قال أفراد الأسرة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يتحدثوا بعد مع المحامي الإماراتي الذي يمثله في المحاكمة. قال كريغ إن موكليه كانا قادرين فقط على رؤية محاميهما الإماراتي أثناء المحاكمة في 24 يناير/كانون الثاني. وقال كل من كريغ وتشامب إن السلطات لم تقدم للمحامي الإماراتي الذي يمثل موكليهما في المحاكمة ملفات القضية التي فيها تفاصيل عن الأدلة ضدهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الإماراتية أن تجري تحقيقات جنائية مستقلة في الوقت المناسب في هذه المزاعم ذات المصداقية بالتعذيب والاختفاء القسري، والتي ستقود إلى إلى تحديد ومحاكمة المسؤولين عنها. ينبغي أن يتلقى كل أولئك الذين زعموا تعرضهم للانتهاكات فحوصات طبية مستقلة. وينبغي استبعاد أي أدلة تم الحصول عليها عبر التعذيب في أي محاكمة، والتي لا يمكن أن تكون عادلة إلا إذا تمكن محامو الدفاع من الوصول الكامل إلى موكليهم وملفات القضية، وكان لديهم الوقت الكافي لإعداد دفاع موكليهم.
عام 2013، أدين 94 إماراتيا بالتآمر للإطاحة بالحكومة. الدليل الوحيد الذي جاءت به النيابة العامة هو اعتراف أحد المتهمين، أحمد السويدي، الذي أخفته السلطات قسرا 5 أشهر بعد اعتقاله في 26 مارس/آذار 2012. نفى السويدي في المحكمة جميع التهم، ولكن المحكمة أدانته و68 آخرين بعد محاكمة جائرة بشكل واضح.
حدّت سلطات الإمارات وصول المجموعات الحقوقية الدولية إلى البلاد وإلى الأشخاص المسجونين الذين قدموا معلومات لمنظمات غير حكومية، ما يجعل من الصعب تحديد مدى انخراط الإمارات في الاخفاء القسري والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي. ينص قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي لعام 2014 على إعدام الذين يثبت ضدهم "الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي".
أماكن المواطنين الليبيين محمد الفقي، والصادق كيكلي، ومحمود بن الغربية، الذين اعتقلتهم السلطات في نفس الوقت كمتهمين، غير معروفة. مكان الأكاديمي الإماراتي ناصر بن غيث، الذي أخفته السلطات قسرا في 18 أغسطس/آب، لا يزال أيضا مجهولا، مثل مكان 4 أفراد من عائلة العبدولي، الأختين أمينة وموزة، وأخويهما مصعب ووليد. قالت مصادر محلية لـ هيومن رايتس ووتش إن رجالا يُعتقد أنهم عناصر أمن الدولة اعتقلوا أمينة وموزة ومصعب في منزلهم في إمارة الفجيرة في 19 نوفمبر/تشرين الثاني. واعتقل أمنيون وليد العبدولي في 29 نوفمبر/تشرين الثاني. لم تستطع هيومن رايتس ووتش التحدث إلى أي من أفراد أسرة بن غيث أو العبدولي.
يحدث الاختفاء القسري عندما يُحرم شخص من حريته على يد عناصر من الدولة أو أولئك الذين يعملون بموافقتها، ويعقب ذلك رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير، أو مكان الشخص المختفي. العلاقة بين التعذيب والاختفاء القسري راسخة في القانون الدولي.
قال ستورك: "تدّعي الإمارات أنها ترى الإرهابيين في كل مكان، ويبدو أنها أطلقت العنان لأجهزة أمن الدولة الوحشية للإساءة إلى المتهمين بدعم الإخوان المسلمين".