بينما تتواصل العملية العسكرية لاستعادة الموصل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يناقش الناس المصالحة بين شيعة العراق وسُنته، الذين يُنظر إلى بعضهم على أنهم من أنصار داعش.
تدرك الشخصيات المحليّة الدولية على حد سواء حجم التحديات المنتظرة. التحديات المرتبطة بالمصالحة صارت أصعب بسبب قرارات اتخذها مؤخرا مسؤولون عراقيون تنتهك الحقوق الأساسية.
في يوليو/تموز 2016، أصدر مجلس محافظة بابل قرارا يدعو السلطات لهدم منزل كل من يثبت تورطه بأعمال إرهابية، وطرد أسرته من المحافظة، والسماح باتخاذ إجراءات قانونية ضد الأسر التي يثبت "تسترها" على أقارب لها منتمين لداعش.
في أغسطس/آب، أصدر مجلس محافظة صلاح الدين قرارا مماثلا يقول إن كل من ثبت تورطه أو ارتباطه بداعش لا يحق له العودة إلى المحافظة. يقضي القرار بتشكيل لجنة لمصادرة ممتلكات المرتبطين بداعش وإلغاء بطاقات التموين الخاصة بهم وبعائلاتهم. ويتم إعفاء الأسر التي تقتل أو تُسلّم أقاربها من المنتسبين لداعش.
هذه القرارات تطرح مشاكل متعددة. فهل ستتم محاكمة المعنيين؟ إلى أي حدّ قد يُعاقب الأطفال أو أفراد العائلة البعيدين؟ أقل ما يمكن قوله إن الناس قد يُعاقبون رغم أنهم لم يرتكبوا جُرما أبدا.
صحيح أنني لم أتحدث بعد إلى الأسر المعنية بهذين القرارين، كما أن المسؤولين المحليين لم يطبّقوهما بعد.
لكنني استجوبت أسرا من صلاح الدين تم ترحيلها وهي تعيش في مخيمات. هذه الأسر قلقة جدا مما إذا كان سيُسمح لها بالعودة إلى ديارها، وما سيحل بها إن لم يسمح لها بذلك.
تواجه أسر في محافظة الأنبار صعوبات مشابهة، حيث قال شيوخ قبائل في يوليو/تموز إن الأشخاص الذين "دعموا" داعش لن يُسمح لهم بالعودة حتى يتم النظر في التهم الموجهة إليهم. والأشخاص الذين لم ينبذوا أقاربهم من أنصار داعش لن يسمح لهم بالعودة إلا "عندما يستقر وضعهم". لا أحد يعلم متى سيكون ذلك.
في الأراضي المتنازع عليها بين وسط العراق وإقليم كردستان العراق، رأينا القوات العسكرية لحكومة كردستان – فيما يبدو عقابا جماعيا وجريمة حرب – تهدم قرى بأكملها، مُهجّرة من تعتبره متعاطفا مع داعش أو منتميا له.
من المعايير الدولية الأساسية أنه لا ُيعاقب على جريمة إلا الأشخاص المسؤولين عنها، بعد محاكمة عادلة لتحديد المسؤوليات الفردية. فرضُ عقوبات جماعية على أسر أو قرى أو مجتمعات محليّة بأكملها ممنوع بشكل مطلق، وقد يكون جريمة في حد ذاته، خاصة إذا أدى إلى التهجير القسري.
تفترض المصالحة أن ترحب المجتمعات بعودة أفرادها وإعادة بناء الجسور مع الفئات الأخرى. السياسات التي تفعل العكس مناقضة لبناء الثقة والتفاهم. ولسائل أن يسأل لماذا يتبني المسؤولون العراقيون هذه الإجراءات؟