استمرت الحكومة البحرينية في عام 2009 في إخضاع حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات للقيود التعسفية. وقد شهد العام تصعيداً في المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين كانوا يحتجون حسب قولهم على تمييز الحكومة التي يهيمن عليها العنصر السني ضد الأغلبية الشيعية في البحرين. واتهمت منظمات حقوقية بحرينية السلطات باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين وتعريض نشطاء المعارضة المحتجزين للتعذيب والمعاملة السيئة. وفي مارس/آذار وأبريل/نيسان أسفرت المصادمات عن مقتل عامل باكستاني (أصابت سيارته زجاجة مولوتوف) وعضو باكستاني من قوات الأمن.
وفي 11 أبريل/نيسان أصدر الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين قراراً بالعفو عن 178 ناشطاً من المعارضة كانوا متهمين - وفي بعض الحالات مُدانين - باتهامات على صلة بالأمن. إلا أن القرار لم يصدر في الجريدة الرسمية، مما يثير المخاوف حول احتمال عودة الاتهامات والأحكام بالسجن في أي وقت.
وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني، وبما يتفق مع تعهد تقدمت به البحرين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، انشأت هيئة وطنية لحقوق الإنسان، وهي جهة حكومية مُكلفة بمراجعة وتطوير التشريعات بحيث تصبح متفقة مع المعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
حرية التعبير والإعلام
تستمر السلطات في استخدام قانون الصحافة (قانون 47 لعام 2002) في تقييد تغطية القضايا المثيرة للجدل، ومنها فساد بعض المسؤولين. وفي مايو/أيار 2008 أعلنت الحكومة عن تشريع جديد للصحافة من شأنه إلغاء العقوبات الجنائية عن أغلب المخالفات الصحفية، لكن يبدو أن ما زال فيه ما ينص على عقوبات جنائية لبعض أنواع التعليقات الكتابية أو الشفهية، ومنها ما يتبين أنه "يمس الوحدة الوطنية". وما زال مشروع القانون بانتظار الموافقة من مجلس النواب حتى كتابة هذه السطور. وتعرض صحفيون كثيرون للملاحقة القضائية الجنائية بموجب القانون الحالي، على خلفية كتابة موضوعات عن المحسوبية والفساد في أروقة الهيئات الحكومية.
وقال بعض الصحفيين لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولين بوزارة الداخلية اتصلوا بهم للشكوى بعد أن نشروا موضوعات معتدلة في انتقادها للسياسات الحكومية، وفي بعض الحالات تدخلوا لمنع نشر المعلومات. وفي أبريل/نيسان 2009 أمرت السلطات بإغلاق صحيفة أخبار الخليج اليومية، بذريعة خرقها لقانون الصحافة، لكنها رفعت الحظر عن الصحيفة بعد 24 ساعة.
موفر خدمة الإنترنت الوحيد في المملكة، شركة باتيلكو، هي شركة حكومية. ومركز البحرين لحقوق الإنسان المستقل، أفاد في عام 2009 بأن السلطات حجبت أكثر من 1000 موقع، منها مواقع منتديات سياسية ومدونات وصحف ومنظمات حقوقية مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
وفي يونيو/حزيران 2009 عاقبت جامعة البحرين - الجامعة العامة الوحيدة في البلاد - الطالبة نور عباس بإيقافها فصلاً دراسياً بعد أن وزعت منشوراً ينتقد سياسات الجامعة والكليات. وفيما بعد خففت الجامعة عقوبة عباس إلى "ثلاثة تحذيرات"، بمعنى أن أية مخالفة إضافية سوف تؤدي إلى فصلها من الجامعة. إثر ذلك كفت نور عباس عن نشاطها الطلابي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2008 بعد أن عقد العديد من الناشطين والمعارضين البحرينيين اجتماعات في واشنطن، هددهم وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة بالملاحقة القضائية جراء خرق المادة 134 من قانون العقوبات، التي ورد فيها أن المواطن الذي لا يستخرج تصريحاً حكومياً بحضور اجتماعات بالخارج لمناقشة الشؤون الداخلية البحرينية يخضع للسجن والغرامات.
حرية التجمع
القانون رقم 32 لعام 2006 يطالب المنظمين لأي اجتماعات عامة بإخطار الأمن العام قبل ثلاثة أيام على الأقل من الموعد المزمع، ويصرّح بأن من حق المسؤول تحديد ما إذا كان الحدث المزمع يستدعي تواجد الشرطة بناء على "موضوعه... أو أية اعتبارات أخرى". وينص القانون على أن منظمي الاجتماع مسؤولين عن "منع أي خطاب أو مناقشة تمس الأمن العام أو الآداب العامة" مع عدم تعريف "النظام العام أو الآداب العامة".
وقد أفاد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن السلطات أجبرت مركز العطار على إلغاء فعالية كان يعتزم تنظيمها في أغسطس/آب 2009 وفيها كان من المقرر أن يتحدث عدد من قيادات المعارضة. وأخطر مسؤولو وزارة الداخلية رئيس المركز بأنهم سينشرون قوات الأمن لمنع انعقاد الفعالية، وضغطوا على الإدارة لتوقيع بيان يفيد بتحمل المسؤولية الشخصية إذا تم عقد الفعالية. وفي اليوم المقرر، منعت قوات الأمن الجميع من الاقتراب من المركز.
المجتمع المدني وحرية تكوين الجمعيات
تستمر السلطات في منع إضفاء الصفة القانونية على مركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي أمرت بحلّه في عام 2004 بعد أن اتهم رئيسه آنذاك رئيس الوزراء بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان. منظمات أخرى، منها اللجنة الوطنية للعاطلين عن العمل وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، حاولت في عام 2005 التسجيل لدى وزارة التنمية الاجتماعية، بموجب القانون، لكن حتى كتابة هذه السطور لم تتلق أي رد على طلبات التسجيل. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2009 كان محمد المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان بصدد عقوبة بالحبس ستة أشهر و/أو غرامة بناء على اتهامات على صلة بنشاطه في جمعية غير معترف بها.
وفي عام 2007 أعدت وزارة التنمية الاجتماعية مشروع تشريع جديد عن منظمات المجتمع المدني، لكن حتى كتابة هذه السطور لم تقدم الوزارة المشروع إلى البرلمان. ويضم مشروع القانون بعض أوجه التحسن التي طرأت على القانون القائم (قانون 21 لعام 1989)، لكنه - مشروع القانون - يحوي عدة أحكام غير متسقة مع المعايير الدولية. وتم نشر نسخة من مشروع القانون في نوفمبر/تشرين الثاني 2007 وهو يخول لوزارة التنمية الاجتماعية إغلاق أية منظمة لمدة أقصاها 60 يوماً دون أمر محكمة إذا ارتأت أن المنظمة خرقت القانون البحريني، ومنه قانون الجمعيات.
وصدقت البحرين على بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية، لكن لم تصدق على أي من الاتفاقيتين الأساسيتين الحاكمتين لحرية تكوين الجمعيات. القانون 33 لعام 2002 يسمح للعمال بتشكيل النقابات والانضمام إليها. وعلى النقيض من توصيات لجنة منظمة العمل الدولية عن حرية تكوين الجمعيات، فهناك مرسوم أصدره رئيس الوزراء في نوفمبر/تشرين الثاني 2006 ما زال سارياً، وهو يحظر الإضراب عن العمل في عدة قطاعات اقتصادية بذريعة أنها توفر خدمات أساسية.
حقوق العمال الوافدين
هناك ما يُقدر بـ 462139 عاملاً وافداً على البحرين، وهم بالأساس من جنوب آسيا. في مايو/أيار 2009 أعلن وزير العمل مجيد العلوي عن مقترح بمراجعة نظام الكفالة البحريني، يهدف إلى تقليص فرص استغلال العمال الوافدين والإساءة إليهم. النظام السابق كان يربط تأشيرات عمل المهاجرين ووضعهم كمهاجرين بأصحاب عملهم، مما كان يُمكّن أصحاب العمل من الإساءة إليهم ويمنع العمال من تغيير الوظائف أو مغادرة البلاد. وبموجب القانون المُعدّل الذي تم إقراره في 1 أغسطس/آب، ترعى الحكومة رسمياً كل عامل، وتسمح له بتغيير صاحب عمله بشكل أيسر. وحتى كتابة هذه السطور ما زال من غير الواضح إن كان هذا الإصلاح سيُنفذ بالكامل. وتعارض دوائر الأعمال والتجارة في البحرين بقوة هذه التغييرات، وما زال العمال بحاجة إلى كفالة من حيث الممارسة من قبل فرد أو شركة من أجل البقاء بصفة قانونية في البلاد. ويشتكي العمال الوافدون من أن بعض أصحاب العمل يصادرون جوازات سفرهم بصفة غير قانونية ولا يدفعون الأجور.
القانون المُعدّل يستبعد عاملات المنازل من مظلة الحماية، رغم أنهن عرضة لخطر الإساءات أكثر من غيرهن من العمال نظراً لعزلتهن في المنازل. وفي عام 2009 ظهرت قضايا إساءات بدنية وتقييد الإقامة القسري ووفاة عاملات منازل.
حقوق المرأة
في مايو/أيار 2009 أصدرت البحرين أول قانون كتابي للأحوال الشخصية (قانون رقم 19 لعام 2009)، لكنه ينطبق على السنة فقط. فعلماء الشيعة يطالبون بضمانات دستورية بأنه لن يتم تعديل قانون الأحوال الشخصية، فيما تضغط منظمات المرأة من أجل قانون موحد للأحوال الشخصية لجميع المواطنين. وقالت الحكومة إنها تعمل على الوصول لإجماع مجتمعي من أجل إصدار قانون أحوال شخصية مطبق على الشيعة والسنة على حد سواء.
وقضاة محكمة الشريعة - وهم في الأغلب علماء دين محافظون لديهم تدريب قانوني قليل - ينظرون في قضايا الزواج والطلاق والوصاية على الأطفال والمواريث طبقاً لتفسيراتهم الشخصية للشريعة الإسلامية دون الرجوع إلى قانون محدد. وهم في الأغلب يحكمون لصالح الرجال ويعارضون بشكل واضح مساواة المرأة بالرجل. وما زال من غير الواضح إن كان وضع قانون الأحوال الشخصية بشكل كتابي قد وضع حداً لهذه المشكلة بالنسبة للنساء من السنة.
وفي يوليو/تموز 2009 أطلق المجلس الأعلى للمرأة شبه الرسمي حملة تطالب بالمساواة في حقوق المواطنة. المادة 4 من قانون الجنسية لعام 1963 لا تسمح للنساء البحرينيات المتزوجات من رجال غير بحرينيين بأن يحصل أبنائهن على الجنسية، مما يميز ضد أكثر من 2000 أسرة في البحرين. وصدق الملك على قانون رقم 35 لعام 2009 القاضي بدفع أطفال النساء البحرينيات المتزوجات من غير بحرينيين لنفس الرسوم التي يدفعها المواطنون جراء الحصول على الخدمات الحكومية، مثل الصحة والتعليم والسكن.
مكافحة الإرهاب
في أغسطس/آب 2006 وقع الملك تشريع "حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية" محولاً إياه إلى قانون رغم بواعث قلق أبداها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في معرض مكافحة الإرهاب، من أن القانون يضم تعريفات فضفاضة للغاية للإرهاب والأعمال الإرهابية. كما يسمح القانون بفترات مطولة من الاحتجاز دون نسب اتهامات أو مراجعة قضائية. وفي فبراير/شباط 2009 أتهمت السلطات القضائية عدة معارضين رفيعي المستوى بموجب قانون الإرهاب. وكانوا من بين من تم الإفراج عنهم بناء على العفو الملكي في أبريل/نيسان.
التعذيب والمعاملة السيئة
أفادت جماعات حقوقية بحرينية بمزاعم لا حصر لها بانتهاكات لإجراءات التقاضي السليمة، ومنها 11 اعترافاً متلفزاً يبدو أنها جميعاً قد انتزعت بالإكراه. وأنكرت الحكومة إخضاع المسؤولين للمحتجزين للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية. وفي تقرير الحكومة إلى آلية المراجعة الدورية الشاملة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أبريل/نيسان 2008، ذكرت البحرين أنه "لا توجد حالات تعذيب في المملكة".
القرار 56 لعام 2002 الذي يضفي الحصانة من التحقيقات ومجريات التقاضي على المسؤولين الحكوميين المزعومة مسؤوليتهم عن التعذيب وغيره من ضروب انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة المُرتكبة قبل عام 2001، ما زال مُطبقاً.
الأطراف الدولية الرئيسية
تستضيف البحرين مقر الأسطول الأميركي الخامس وهي تقدم دعماً لوجستياً للعمليات العسكرية في العراق وأفغانستان.