يتمتع مواطنو الولايات المتحدة بجملة من الحريات المدنية وإمكانية اللجوء إلى نظام قوي من المحاكم المحلية والإتحادية المستقلة، لكن مخاوف جدية في مجال حقوق الإنسان لا تزال قائمة، لا سيما في مجال العدالة الجنائية، الهجرة، وقانون وسياسة مكافحة الإرهاب. قالت إدارة الرئيس أوباما إنها ستعالج الكثير من هذه المخاوف، لكن حتى كتابة هذه السطور، يكون ما يقرب من عام قد مر على رئاسة باراك أباما، لكن خطوات ملموسة قليلة فقط هي التي تم اتخاذها.
محلياً، شهد العام 2009 زيادة في عدد حالات الإعدام، ونمواً مستمراً في عدد السجناء في الولايات المتحدة، وهو الرقم الأعلى في العالم أصلاً. يشكل الرجال السود وأبناء الأقليات العرقية والإثنية الأخرى حصة غير متناسبة من هذا العدد.
ومن المشاكل الأخرى التي طال أمدها، الحكم على الأفراد بالسجن مدى الحياة دون امكانية الإفراج المشروط عن جرائم اقترفوها عندما كانوا أطفالاً (الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تفعل ذلك)، استخدام التأديب البدني في المدارس، عدم ملائمة الحماية لعمالة الأطفال والنساء الحوامل، عدم ملائمة الرد على حوادث الاغتصاب والعنف الأسري، ولانتهاكات حقوق غير المواطنين.
وفي تطور إيجابي، ألمح الرئيس أوباما إلى عزمه القطيعة مع سياسات إدارة بوش المسيئة في مكافحة الإرهاب. في يومه الثاني في مكتبه، أمر الرئيس أوباما بإغلاق السجون السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وحظر التعذيب وغيرها من ضروب سوء المعاملة، وحدد مهلة عام لإغلاق السجن العسكري في خليج غوانتانامو. بعد تلك البداية الواعدة، تراجعت إدارته في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، متخذة عدد من القرارات المقلقة فيما يتعلق بسياسة الاعتقال، والمحاكمات، والسرية الحكومية.
عقوبة الإعدام
كان هناك 45 حالة إعدام في الولايات المتحدة خلال العام 2009 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009، ارتفعت من 37 حالة في العام 2008. في مارس/آذار 2009، ألغت ولاية نيومكسيكو عقوبة الإعدام ليصل عدد الولايات الأميركية التي لا تطبق عقوبة الإعدام إلى 15 ولاية.
بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2009، بُرأت ساحة تسعة سجناء من المحكومين بالإعدام وأفرج عنهم، ليرتفع بذلك عدد السجناء المحكومين بالإعدام الذين يتم إطلاق سراحهم تبعاً لتوافر الأدلة على برائتهم إلى 139 سجيناً منذ العام 1973.
محاولة ولاية أوهايو في سبتمبر/أيلول 2009 تنفيذ حكم الإعدام بحق روميل بروم بالحقنة القاتلة منيت بالفشل بعد أن حاول منفذو الإعدام دون جدوى لأكثر من ساعتين إيجاد وريد مناسب للحقنة، مع تجهم وبكاء بروم حيث حقنه المنفذون بإبرة الإعدام 18 مرة على الأقل. المحاولة الفاشلة دفعت حاكم ولاية أوهايو إلى فرض وقفٍ لتنفيذ أحكام الإعدام ريثما يتم إعادة النظر في بروتوكول الولاية الخاص بتنفيذ الإعدام بالحقنة المميتة.
سجن الأحداث مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط
في مايو/أيار 2009، صححت هيومن رايتس ووتش تقديراتها لعدد السجناء الذين يقضون عقوبة السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط عن جرائم اقترفوها عندما كانوا دون سن 18 عاماً إلى 2574 سجيناً. ولا يُعرف بوجود أشخاص يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج عن جرائم اقترفوها عندما كانوا أطفالاً في أي مكان آخر في العالم.
وفي نهاية العام، كان تشريع لوضع حد لسجن الأحداث مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط ينتظر في الكونغرس الأميركي، وفي المجالس التشريعية في ولايات ألاباما، كاليفورنيا، فلوريدا، أيوا، ميتشغين، ميسوري، نبراسكا، وبنسلفانيا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني نظرت المحكمة العليا الأميركية في قضيتين تطعنان بدستورية عقوبة سجن الأحداث مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط.
السجون
وجد تقرير صدر عن مكتب الإحصاءات القضائية في وزراة العدل الأميركية في مارس/آذار 2009 أن عدد السجناء قد بلغ أعلى مستوياته بما يقرب من 2.4 مليون سجين. ولا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بأكبر عدد سجناء في العالم وأعلى معدل حبس في العالم.
في العديد من سجون الولايات أدى الاكتظاظ إلى تهديدات خطيرة لصحة السجناء وسلامتهم. منظومة السجن في كاليفورنيا، مع ما يقدر بـ 160 ألف سجين، تعمل بما يقارب ضعف طاقتها الاستيعابية المقدرة لها؛ بلغت نسبة السجناء في بعض المرافق ما يقارب 300 % من طاقتها الإستيعابية. وفي أغسطس/آب 2009 بعد أن وجد أن هذا الاكتظاظ يؤدي إلى نقص غير دستوري في الخدمات الطبية والرعاية النفسية للسجناء، أمرت لجنة من قضاة فدراليين بأن تضع الولاية خطة لخفض عدد نزلاء السجون لديها بما يقدر بـ 40 ألف في غضون عامين.
عبء السجن مستمر في الوقوع بشكل غير متناسب على كاهل أفراد الأقليات العرقية والإثنية. الرجال السود السجناء أكثر بـ 6.6 مرات من معدل الرجال البيض، وأكثر من 10% من جميع الرجال السود الذين تتراوح أعمارهم بين 25- 39 سنة يقبعون وراء القضبان. وخلص تقرير هيومن رايتس ووتش "عقود من اللامساواة: الاعتقال بسبب المخدارات والعرق في الولايات المتحدة" الذي صدر في مارس/آذار 2009 إلى أنه في كل عام منذ عام 1980 حتى 2007 كانت نسبة اعتقال السود بتهم تتعلق بالمخدرات 2.8 إلى 5.5 أعلى من معدل اعتقال البيض، على الرغم من حقيقة أن السود والبيض يتشاركون السلوك غير المشروع بالمخدرات بمعدلات متماثلة.
وشهد سجن النساء الحوامل زيادة، لكن الإقرار بحقوقهن لا يزال غير كاف. عدد الولايات التي تمنع استخدام الأصفاد لتقييد النساء الحوامل ارتفع من ثلاث إلى ست ولايات، وقضت محكمة استئناف فيدرالية أن تكبيل المرأة أثناء المخاض والولادة ينتهك الدستور الأميركي. وقيد مكتب السجون الفيدرالي ومصلحة السجون الأميركية هذه الممارسة في العام 2008؛ لا تزال دائرة الهجرة والجمارك الأميركية تفتقر إلى ما يكفي من القيود على هذه الممارسة.
ويتعرض عشرات الآلاف من السجناء في الولايات المتحدة كل عام لاعتداءات جنسية من قبل الموظفين أو السجناء الآخرين، لأن المسؤولين لم يضعوا التدابير اللازمة لحمايتهم. في عام 2003 أصدر الكونغرس قانون القضاء على الاغتصاب في السجون، الذي أنشأ اللجنة الوطنية للقضاء على الاغتصاب في السجون، والمكلفة بدراسة الأسباب وعواقب الاغتصاب في السجن. في يونيو/حزيران 2009، قدمت اللجنة استنتاجاتها والمعايير التي أوصت بها لجميع مرافق الحبس، الفيدرالية، في الولايات، وفي المقاطعات، بما في ذلك السجون التي يديرها القطاعان العام والخاص، والسجون، والمعتقلات، ومرافق احتجاز الأحداث، ومرافق احتجاز المهاجرين، ومعايير مراكز الإصلاح. ووفقاً لقانون القضاء على الاغتصاب في السجون، فإن وزير العدل الأميركي يملك حتى يونيو/حزيران 2010 لاعتماد معايير وطنية للاغتصاب في السجون والتي ستصبح ملزمة على الفور لجميع المرافق الفيدرالية؛ فيما ستحصل الولايات على مهلة عام للامتثال للمعايير أو أنها ستكون عرضة لخسارة جزء من تمويل الإصلاح الاتحادي التي تتلقاه.
على الرغم من العدد الكبير من السجناء ذوي التاريخ الحافل بتعاطي المخدرات وإدمانها، فإن السجون الأميركية لا تزال تقاوم، بل وتعادي، العلاج القائم على القرائن. وجد تقرير هيومن رايتس ووتش "محرومون من العلاج: عقوبة مدمني المخدرات في سجن ولاية نيويورك" الذي صدر في مارس/آذار 2009 أن العلاج القائم على القرائن متوفر فقط على أساس محدود لسجناء سجن نيويورك الكثيري العدد، للذين حددتهم إدارة السجن بأنهم بحاجة للعلاج. الأدوية المساعدة على العلاج مثل الميثادون أو البوبرينورفين، ثبت أن العلاج الأكثر فعالية للإدمان على المواد الأفيونية غير متوفر في معظم السجون. السجناء الذين يتعاطون المخدرات- بما في ذلك أولئك الذين تعرضوا للانتكاس (من الأعراض الشائعة لإدمان المخدرات)- يعاقبون بقسوة غير متناسبة، يواجهون أشهراً، وربما سنوات من الاحتجاز في ظروف قاسية، والتي غالباً ما تبلغ درجة العقوبة القاسية واللاإنسانية.
وفرضت العديد من الولايات إجراء اختبار الإيدز على السجناء لدى دخولهم السجن ولدى الإفراج عنهم، وهي ممارسة تنتهك حقهم في القبول (أو الرفض)، ويمكن أن تؤدي إلى تمييز في العمل في السجون، والمشاركة في البرامج، وفرص إطلاق السراح من أجل العمل. في ألاباما، وكارولينا الجنوبية، وميسيسيبي، يعزل السجناء الذين يتبين أنهم مصابون بالإيدز عن باقي السجناء، مما يفرض كشفاًَ لا إرادي عن إصابة السجين بالإيدز، ويعزز حالة التمييز.
قانون تنظيم التقاضي داخل السجون، والذي سنه الكونغرس في عام 1996، يخلق مجموعة متنوعة من العراقيل بالنسبة للسجناء الذين يسعون إلى الدفاع عن حقوقهم في المحكمة. وجدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها "لا عدالة متكافئة: قانون تنظيم التقاضي داخل السجون في الولايات المتحدة" الذي صدر في يونيو/حزيران 2009، أن القيود التي فرضها القانون أدت إلى رفض قضايا تدعي الاعتداء الجنسي، وغيرها من الإصابات الخطيرة، وتشكل عائقاً كبيراً في وجه حماية صحة وسلامة السجناء.
سياسة مكافحة المخدرات
في حين بذلت إدارة الرئيس أوباما جهوداً لمعالجة صحة وحقوق الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات وفي الحد من القيود على العلاج، فإنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. أرسلت الإدارة إشارة هامة بإعلانها أنها تقبل الأدلة العلمية على برنامج تبادل الحقن، لكن فشلها في دعم رفع حظر التمويل لأي من برامج تبادل الحقن المحلية أو الدولية، أو دعم غيرها من التدخلات المبنية على أساس علمي، قد أعاق التقدم.
حقوق غير المواطنين
هناك نحو 38 مليون من غير المواطنين يعيشون في الولايات المتحدة، منهم قرابة 12 مليونا لا يحملون وثائق. في العام 2009، اتخذت الحكومة الأميركية بعض الخطوات الأولية الإيجابية لكنها فشلت إلى حد كبير في حل المشاكل التي لا تحصى لحقوق الإنسان التي تواجهها هذه الفئة من السكان.
في عام 2009، تم ترحيل ما يقارب 100 ألف من غير المواطنين، بما في ذلك العديد من المهاجرين بصورة قانونية، بعد أن قضوا عقوبات بالسجن، في كثير من الأحيان لجرائم بسيطة غير عنيفة مثل حيازة الماريجوانا. في ظل القوانين المقيدة التي صدرت في العام 1996، لا يملك القضاة في هذه القضايا أية صلاحية للتقدير بالسماح ببقاء المهاجرين، بغض النظر عن وجودهم القانوني في البلاد، كون الزوج أو أحد الوالدين مواطن أميركي، أو ما يقدمونه من المساهمات في الاقتصاد، أو الخدمة في الجيش الأميركي، أو احتمال التعرض للاضطهاد بعد الترحيل.
يحلل تقرير هيومن رايتس ووتش "الإبعاد بالقوة" (حسب الأرقام) الذي صدر في أبريل/نيسان 2009 بيانات الحكومة ويدحض الاعتقاد الشائع بأن سياسة الإبعاد الأميركية تركز على وجه الحصر تقريباً على غير المواطنين الذين لا يحملون وثائق (أو المقيمين بصورة غير شرعية) من ذوي السوابق الجرمية العنيفة. الحقيقة أن ثلاثة أرباع غير المواطنين الذين تم ترحيلهم من الولايات المتحدة خلال العقد الماضي اقتصر تاريخهم الجنائي على جرائم غير عنيفة، واحد من كل خمسة أقام في البلاد بصورة شرعية، وأحياناً لعدة عقود. مليون من المرحلين على الأقل كانوا أزواجاً وأبناء، وكثير من مواطني الولايات المتحدة فصلوا عن عائلاتهم عن طريق عمليات الترحيل هذه.
تعتقل الولايات المتحدة في كل عام حوالي 300 ألف من غير المواطنين ضمن شبكة من 300 منشأة. غالباً ما يعتقل المهاجرون في البداية في مراكز احتجاز قريبة من محاميهم وشهودهم، في أماكن مثل نيويورك أو لوس أنجلس، ليتم نقلهم لاحقاً إلى مراكز اعتقال في ريف تكساس أو لويزيانا. بين عامي 1999 و 2008، تمت 1.4 مليون عملية نقل للمعتقلين. ويتعارض النقل مع حقوق الأشخاص المحتجزين في أن يمثلهم محام للدفاع ضد ترحيلهم، وفي استدعاء الشهود، وغيرها من الأدلة الأخرى، وألا يكونوا عرضة للاحتجاز التعسفي لفترة طويلة.
ووثق تقرير هيومن رايتس ووتش "معتقلات ومنبوذات: صراع المرأة للحصول على الرعاية الصحية في مركز اعتقال المهاجرات في أميركا" الذي صدر في مارس/آذار 2009، وثق نقص الرعاية الطبية الروتينية لأمراض النساء، وفحص وتشخيص سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي، وخدمات تنظيم الأسرة، ورعاية ما قبل وما بعد الولادة، والخدمات المقدمة لضحايا العنف ضد المرأة أو العنف القائم على التمييز الجنسي. كثير من هذه المشاكل يمكن أن يعزى إلى سياسة دائرة الهجرة والجمارك الرسمية التي تركز على الرعاية الصحية في حالة الطوارئ، وتثني الموظفين عن تقديم خدمات صحية نسائية أساسية معينة.
وفي أواخر العام 2008، عدلت دائرة الهجرة والجمارك معايير الاحتجاز الخاصة بها وتضمنت بعض التحسينات على الرعاية الطبية المقدمة للمحتجزين، لكن التعديلات أتت أقل من الإصلاحات المطلوبة. في يوليو/تموز 2009، رفض مسؤولو دائرة الهجرة والجمارك جعل معايير الاحتجاز قواعد قابلة للتنفيذ، وأشارت الإدارة إلى أن سياستها التصحيحية كانت كافية.
وفي العام 2008، ألغى الكونغرس تشريعاً يمنع المصابين بمرض الإيدز من غير المواطنين من الدخول، والسكن، أو الإقامة في الولايات المتحدة. في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 أعلنت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية أن رفع الحظر سيكون نافذ المفعول في 1 يناير/كانون الثاني 2010.
حقوق النساء والفتيات
في السنة الأولى من توليه الرئاسة، أشار الرئيس أوباما إلى اعتزامه التركيز على حقوق المرأة في السياسة الداخلية والخارجية. وأنشأ لذلك مجلس البيت الأبيض للنساء والفتيات، وهو هيئة تنسيقية تتألف من الوزراء، وأنشأ منصب سفير من أجل قضايا المرأة العالمية. كما ألغى الرئيس قاعدة الحجر الشامل، التي كانت قد قيدت الأنشطة والكلام المتعلق بالإجهاض بالنسبة لمتلقي المساعدات الأميركية للصحة الإنجابية، وخفف إشكالية القيود المفروضة على التمويل الأميركي لمحاربة الإيدز، واستأنف المساهمات في صندوق الأمم المتحدة للسكان، وناصر استحداث منصب رفيع المستوى في الأمم المتحدة لمعالجة كيفية تأثير النزاع المسلح على المرأة.
وضع المرأة ضمن القوى العاملة في الولايات المتحدة لا يزال مقيداً بفعل التمييز بسبب الحمل. الولايات المتحدة هي واحدة من عدد قليل من الدول في العالم التي لا يوجد فيها ضمان للعطلات العائلية المدفوعة الأجر، ودعاوى التمييز بسبب الحمل ارتفعت بشكل حاد في السنوات الأخيرة. قرار المحكمة العليا لعام 2009 يعد انتصافاً محدوداً لضحايا التمييز في الماضي، لكن سن قانون الأجور العادلة (قانون ليلي ليدبيتر) أزال بعض الحواجز من طريق رفع الدعاوى بسبب التمييز في الأجور.
الآلاف من طلبات ضحايا العنف الأسري في الحصول على مأوى وعلى خدمات حيوية لا تلب على مدار الساعة في الولايات المتحدة، وهي الحالة التي تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية. وأعلنت الملاجى عن ازدياد الحاجة إلى الخدمات في عام 2009، حتى أن البرامج الرئيسية لا تزال تعاني من نقص في التمويل، والتبرعات الخاصة انخفضت،و أزمات ميزانية الولايات والميزانية المحلية عرضت التمويل القائم للخطر، وقد أجبرت بعض الملاجئ على إغلاق أبوابها.
وفي مجال صحة المرأة، تواجه الأميركيات من أصل أفريقي معدلات غير متناسبة من مرض الإيدز والموت، ويعد هذا المرض السبب الرئيسي لوفاة الأمريكيات من أصل أفريقي اللواتي تتراوح أعمارهن بين 25 و 34 سنة. الحقوق الإنجابية لجميع النساء لا تزال تحت الهجوم، مع إثقال مقدمي خدمات إجهاض بتعليمات وضوابط غير ضرورية، ومضايقات، وعنف بدني. الدكتور جورج تيلر، أحد القلة الذين يقدمون خدمة الإجهاض المتأخر في الولايات المتحدة، قتل في مايو/أيار 2009.
العنف الجنسي
يعد معدل الاعتقال والمحاكمة والإدانة في جريمة الاغتصاب في الولايات المتحدة من أدنى المعدلات بين جرائم العنف الخطيرة. عند الإبلاغ عن اعتداء جنسي، فعلى الضحية الخضوع لفحص بدني لجمع أدلة الحمض النووي (DNA) والذي يستغرق مدة أربع إلى ست ساعات، إذا خضعت الضحية للاختبار فقد تساعد في التحقيق الجنائي. وجد تقرير هيومن رايتس ووتش "اختبار العدالة: تراكم فحوصات الاغتصاب في مقاطعة ومدينة لوس أنجلوس" الذي صدر في مارس/آذار 2009، أن أكثر من 12,500 عينة فحص اغتصاب لم تختبر بعد، ووجدت مخزنة في وحدات تخزين أجهزة إنفاذ القانون في مقاطعة لوس أنجلس. بعد صدور التقرير، وضعت شرطة لوس أنجلس وإدارات مأمور المقاطعة سياسة لفحص العينات المأخوذة، والعثور على موراد جديدة لتعيين موظفي مختبرات جنائية جدد.
التقارير الإخبارية التي تشير إلى وجود 10 آلاف عينة لم تختبر في ديترويت، و4 آلاف في هيوستن تؤكد على البعد القومي الشامل للمشكلة، لكن بيانات شاملة عن عينات فحص الاغتصاب لا تزال بعيدة المنال، لأن لا يوجد بين الولايات أو الوكالات الفيدرالية من يقوم بجمع مثل هذه المعلومات.
حقوق الطفل
مئات الآلاف من الأطفال العاملين في المزارع الأميركية مستثنون من الحماية القانونية المضمونة لجميع الأطفال العاملين في الولايات المتحدة. قانون معايير العمل المنصفة لعام 1938 استثنى تحديداً عمال المزارع اليافعين من شروط الحد الأدنى للسن والحد الأقصى لعدد ساعات العمل، مما يعرضهم للعمل في سن أصغر، لساعات أطول، وتحت ظروف أكثر خطورة من الأطفال العاملين في المهن الأخرى. الحمايات الفيدرالية الموجودة لا تطبق في كثير من الأحيان، وقوانين عمالة الأطفال الخاصة بكل ولاية تختلف في شدتها ومعدلات تطبيقها. نتيجة لذلك، فغالباً ما يعمل عمال المزارع الأطفال، ومعظمهم من أصل لاتيني، ما بين 12 إلى 14 ساعة في اليوم، ويتعرضون لخطر التسمم بالمبيدات، ولأمراض الحرارة، والإصابات، وإعاقات مدى الحياة. الكثير منهم تسربوا من المدارس، والفتيات في بعض الأحيان عرضة للتحرش الجنسي.
وفقاً لوزارة التعليم الأميركية، فإن أكثر من 200 ألف طالب في المدارس العامة تعرض لعقاب بدني على الأقل مرة واحدة خلال العام الدراسي 2006-2007. العقاب البدني- والذي غالباً ما يأخذ شكل ضربة أو أكثر على الأرداف بلوح خشبي- قانوني في المدارس العامة في 20 ولاية؛ وحظرت أوهايو العقاب البدني في مدارسها العامة في يوليو/تموز 2009. وانتهى تقرير هيومن رايتس ووتش "تقويض التعليم: العقاب البدني للطلاب المعوقين في المدارس العامة الأميركية" الذي صدر في أغسطس/آب 2009، أن الطلاب ذوي الإعاقات العقلية والجسدية يكونون عرضة للعقاب البدني بمعدلات عالية غير متناسبة.
غوانتامو والاحتجاز لأجل غير مسمى واللجان العسكرية
عندما تولى الرئيس أوباما منصبه، كان هناك 242 سجيناً في معتقل غوانتانامو، حوالي 50 منهم كانت قد برأت ساحتهم ليطلق سراحهم، لكن لا يمكن إرسالهم إلى بلدانهم الأصلية بسبب مخاوف جدية من تعرضهم لسوء المعاملة. على الرغم من أن عدداً من الدول الأوربية قد وافقت على قبول عدد صغير من المعتقلين لإعادة التوطين، فإن رفض حكومة الولايات المتحدة أن تفعل ذلك شكل في حد ذاته إعاقة لجهود إعادة التوطين. حتى كتابة هذه السطور لم يكن سوى 20 سجيناً من سجناء غوانتنامو قد تم نقلهم أو الإفراج عنهم منذ تنصيب الرئيس أوباما، وتقر الإدارة الآن أنه من غير المحتمل الإيفاء بمهلة يناير/كانون الثاني 2010 لإغلاق المعتقل.
الأمر الأكثر مدعاة للقلق من التأخر في إغلاق معتقل غوانتنامو هو احتمال أن تواصل الإدارة احتجاز السجناء دون محاكمة لأجل غير مسمى. على الرغم من أن الإدارة قد ألغت على ما يبدو خططاً للطلب من الكونغرس سن تشريعات الاحتجاز الوقائي، إلا أنها استمرت في الاعتماد على منطق حقبة بوش في الحرب كمبرر لإبقاء مشتبهين بالإرهاب قيد الاعتقال إلى أجل غير مسمى دون محاكمة.
وقد أرسلت إدارة أوباما إشارة إيجابية بأنها ستوفر محاكمات عادلة للمشتبهين بالإرهاب عندما أعلنت عن لوائح إتهام فيدرالية ضد اثنين كانوا محتجزين سابقاً دون تهمة كـ "مقاتلين أعداء". ومع ذلك، أعلن الرئيس أوباما في مايو/أيار أنه يخطط لإحياء نظام اللجان العسكرية لمحاكمة معتقلي غوانتنامو. وبالعمل مع الكونغرس، وقعت الإدارة تشريعاً يوفر حماية أكبر للمشتبه بهم الذين يحاكمون أمام مثل هذه اللجان، بما في ذلك منع إستخدام الأدلة التي تم الحصول عليها عن طريق الإكراه، والتشدد بقواعد الإشاعات. مع ذلك، لا تزال اللجان منظومة دون المستوى المطلوب من العدالة وتفتقر للشرعية؛ واستمرار استخدامها سيؤدي إلى منازعات قضائية لا داعي لها، والتأخير، والمحاكمات المعيبة.
المحاسبة عن انتهاكات الماضي
على الرغم من وجود أدلة دامغة على أن كبار المسؤولين في إدارة بوش أقروا استخدام وسائل استجواب وحشية وغير قانونية، أظهرت إدارة أوباما حماساً قليلاً للشروع في إجراء تحقيق شامل في هذه الانتهاكات. وفي خطوة مهمة، عين وزير العدل إيريك هولدير مدعياً عاماً فيدرالياً لمراجعة ممارسات الاستجواب بعد 11 سبتمبر/أيلول. ومع ذلك، فإن كل المؤشرات تشير إلى أن التحقيق كان محدوداً ومن غير المحتمل النظر في مسؤولية كبار المسؤولين الذين وضعوا السياسات وأجازوا الانتهاكات.
السرية
استندت إدارة أوباما إلى فهم فضفاض لامتياز "أسرار الدولة"، لتجادل بأن الدعاوى القضائية المتعلقة ببرنامج الاعتقال والترحيل السري الأميركي، وكذلك الدعاوى القضائية المرفوعة من ضحايا التعذيب والمراقبة غير المشروعة، ينبغي أن ترفض لأنها قد تفشي معلومات سرية. وفي حين نشرت عدة مذكرات استجواب هامة من عهد بوش، تراجعت الإدارة عن التزامها بنشر صور توضح إساءة معاملة المعتقلين، زاعمة أن ذلك من شأنه أن يعرض القوات الأميركية في الخارج للخطر.
الترحيل
قالت إدارة الرئيس أوباما بأنها سوف تستمر في الاعتماد على "الضمانات الدبلوماسية" - وهي وعود غير ملزمة من الدولة المستقبلة بأن المعتقلين سيُعاملون معاملة إنسانية- في إجراءات عمليات نقل السجناء. بحث هيومن رايتس ووتش وجد أن مثل هذه الضمانات ضد التعذيب لا يعول عليها وحثت هيومن رايتس ووتش الإدارة على إعادة النظر في موقفها.
الأطراف الدولية الرئيسية
في تقريره الصادر في مايو/أيار 2009، دعى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القانون، والإعدام بإجراءات موجزة، والإعدام التعسفي، دعى الولايات المتحدة إلى تعزيز الضمانات المتوجبة قانوناً خلال تطبيقها لعقوبة الإعدام، وخلص إلى أن عيوب النظام الحالي قد تزيد من احتمال إعدام أشخاص أبرياء. كما دعى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالأشكال المعاصرة من العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب في تقريره الذي أصدره في أبريل/نيسان 2009، إلى إنشاء لجنة لتقييم التقدم والفشل، والتوصية باتخاذ إجراءات في الكفاح ضد العنصرية وما أسماه "العملية الجارية لإعادة التفرقة " في السكن والتعليم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وجدت محكمة بميلانو (في إيطاليا) أن 23 أميركياً، من بينهم 22 عميلاً مزعوماً لوكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إيه)، مذنبين بخطف رجل دين مصري في عام 2003. وهو حكم تاريخي، إذ كانت تلك المرة الأولى التي تقيّم فيها محكمة مشروعية برنامج الترحيل السري التابع لوكالة الاستخبارات المركزية. وفي إسبانيا، تم رفع قضية جنائية في مارس/آذار ضد ستة محامين يعتقد أنهم مسؤولون عن صياغة المبررات القانونية لتجاوزات عهد بوش.