تضمن دستور 2011 المغربي أحكاما قوية في مجال حقوق الإنسان، ولكن هذه الإصلاحات لم تؤد إلى تحسين الممارسات، أو اعتماد تنفيذ التشريعات التنفيذية، أو تنقيح القوانين القمعية. في عام 2013، مارس المغاربة حقهم في الاحتجاج السلمي في الشوارع، لكن الشرطة واصلت تفريقهم بعنف في بعض الأحيان. وتحدّ القوانين التي تجرم الأفعال التي تعتبر مسا بالملك، أو الملكية، أو الإسلام، أو مطالبة المغرب بالصحراء الغربية المتنازع عليها، تحدّ من الحق في التعبير السلمي، والتجمع، وتكوين الجمعيات. في فبراير/شباط الماضي، حكمت محكمة عسكرية على 25 مدنيا صحراويا بالسجن، بينهم تسعة بالسجن مدى الحياة. وكانت المحاكمة واحدة من العديد من المحاكمات غير العادلة في السنوات الأخيرة التي أدت إلى إدانات سياسية الدوافع.
حرية التعبير
تواصل وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية المستقلة التحقيق في انتقاد المسؤولين وسياسات الحكومة، ولكنها تواجه الملاحقة القضائية والمضايقات عند تجاوزها خطوطا معينة. وينص قانون الصحافة على عقوبة السجن على نشر "نبأ زائف" بـ "سوء نية" من شأنه أن يخل بالنظام العام، أو لخطاب قرر أنه تشهيري.
يوفر التلفزيون المغربي مجالا للنقاش والتحقيقات الصحفية ولكن قليلا للانتقادات المباشرة للحكومة أو المعارضة بشأن قضايا رئيسية. سمحت السلطات لقناة الجزيرة باستئناف عملها في المغرب، بعد أن أمرت بإغلاق مكتبها في عام 2010 بسبب تغطيتها للنزاع حول وضع الصحراء الغربية. وفي 17 سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات علي أنوزلا، مدير الموقع الإخباري المستقل lakome.com، بسبب مقال يصف، ويوفر رابط غير مباشر لمقطع فيديو تجنيدي إسلامي متشدد يهاجم الملك محمد السادس. أفرج عنه في 25 أكتوبر/تشرين الأول، وكان يواجه المحاكمة وقت كتابة هذه السطور بتهم في إطار قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003، بما في ذلك "تقديم المساعدة عمدا لمن يرتكب أفعالا إرهابية".
يواصل عبد الصمد هيدور، وهو طالب، عقوبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات لإهانة الملك لأنه وصفه بـ "الكلب"، و"القاتل"، و"الديكتاتور" في مقطع فيديو على موقع يوتيوب. وحكمت عليه إحدى المحاكم في فبراير/شباط 2012 بموجب فصول القانون الجنائي التي تجرم "المس بشخص الملك".
حرية التجمع
واصل المغاربة مسيرات وتجمعات للمطالبة بالإصلاح السياسي والاحتجاج على إجراءات الحكومة منذ أن اجتاحت الاحتجاجات الشعبية المنطقة في فبراير/شباط 2011. غالبا ما تسمح الشرطة بهذه الاحتجاجات، ولكنها في بعض المناسبات في عام 2013 هاجمت وضربت متظاهرين بشدة. على سبيل المثال، في 2 أغسطس/آب، فرقت الشرطة بعنف مظاهرة صغيرة أمام البرلمان في الرباط ضد العفو الملكي الذي منح لمدان باغتصاب الأطفال. لكن تسامحت السلطات مع التظاهرات اللاحقة ضد العفو الذي قالت – السلطات – إنه منح بالخطأ.
في الصحراء الغربية، قمعت قوات الأمن بشكل متكرر أي تجمع عمومي تعتبره معادٍ لسيادة المغرب المتنازع عليها على ذلك الإقليم. ومن بينها تجمعات العيون، البلدة الرئيسية في الإقليم، في 23 مارس/أذار و29 أبريل/نيسان و19 أكتوبر/تشرين الأول. وسمحت السلطات بمظاهرة كبيرة لم يسبق لها مثيل لصالح تقرير المصير يوم 4 مايو/أيار.
حرية تكوين الجمعيات
لأول مرة أدخل دستور 2011 حماية الحق في تكوين الجمعيات، ولكن في الممارسة، يواصل المسؤولون منع أو إعاقة العديد من الجمعيات تعسفياً من الحصول على التسجيل القانوني، مما يقوض حريتها في العمل. ومن بين الجمعيات المتضررة تلك التي تدافع عن حقوق الصحراويين، والأمازيغ (البربر)، والمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، والمعطلين عن العمل. ومن بين الجمعيات الأخرى جمعيات خيرية وثقافية وتعليمية من بين قادتها أعضاء من جماعة العدل والإحسان، وهي حركة إسلامية متجذرة، ومتواجدة على الصعيد الوطني تدافع عن الدولة الإسلامية وتساءل السلطة الدينية للملك. تتسامح الحكومة، التي لا تعترف بالعدل والإحسان كجمعية قانونية، مع العديد من أنشطتها، ولكنها منعت أخرى. وفي الصحراء الغربية، سحبت السلطات الاعتراف القانوني عن كل منظمات حقوق الإنسان المحلية التي يدعم قادتها استقلال هذا الإقليم، وحتى الجمعيات التي نالت أحكام القضاء الإداري بأنها حرمت خطأ من الاعتراف.
الإرهاب ومكافحة الإرهاب
لا يزال مئات المشتبه بهم من المتطرفين الإسلاميين الذين اعتقلوا في أعقاب تفجيرات الدار البيضاء في مايو/أيار 2003 في السجن. وقد أدين العديد منهم في محاكمات غير عادلة بعد احتجازهم في أماكن سرية وتعرضوا لسوء المعاملة، وللتعذيب في بعض الحالات. وقد ألقت الشرطة القبض على مئات المشتبه بهم المتشددين الآخرين منذ الهجمات الإرهابية في عامي 2007 و 2011. وقد أدانت وسجنت المحاكم العديد منهم بتهمة الانتماء إلى "شبكة إرهابية" أو الإعداد للانضمام إلى متشددين إسلاميين يقاتلون في العراق أو في مكان آخر.
سلوك الشرطة والتعذيب ونظام العدالة الجنائية
تواصل المحاكم المغربية فرض عقوبة الإعدام، ولكن السلطات حافظت على الوقف الفعلي الذي بموجبه لم تنفذ أية حكم بالإعدام منذ أوائل التسعينيات.
في تقريره النهائي عن زيارته لعام 2012 إلى المغرب، خلص المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، خوان منديز، في فبراير/شباط 2013، إلى أنه "في الحالات التي تنطوي على أمن الدولة، مثل الإرهاب، والعضوية في الحركات الإسلامية، أو مؤيدي استقلال الصحراء الغربية، فإن هناك نمطاً من التعذيب وسوء المعاملة على أيدي رجال الشرطة أثناء عملية الاعتقال وأثناء الاحتجاز... تم إكراه العديد من الأفراد على الاعتراف، والحكم عليهم بالسجن على أساس مثل هذا الاعتراف". وتضمنت توصيات المقرر الخاص تعديل القانون لضمان "أن يتم السماح بالاتصال بمحامين من اختيار المشتبه به نفسه منذ لحظة إلقاء القبض عليه" وتقليص مدة 12 يوما كحد أقصى للاعتقال الاحتياطي لدى الشرطة الحالي المسموح به في القضايا ذات الصلة بالإرهاب. وردت السلطات المغربية بتفصيل، مشيرة إلى الخطوات التي تتخذها، مثل التزام "وزارة العدل والحريات... بضمان تسجيل فيديو لكل التصريحات التي يدلى بها للشرطة خلال التحقيقات والاستنطاقات".
لم تقم المحاكم بدعم حق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة في القضايا السياسية والمرتبطة بالأمن. وفي بعض الحالات، فشلت في إصدار أمر بإجراء الفحوص الطبية التي قد تثبت مزاعم المتهمين بتعرضهم للتعذيب، ورفضت استدعاء شهود النفي، وأدانت متهمين بناء على اعترافات من الظاهر أنها منتزعة بالإكراه.
في فبراير/شباط 2013، أدانت المحكمة العسكرية بالرباط 25 رجلا صحراويا بالسجن، وفرضت تسع عقوبات بالسجن مدى الحياة، بعد إدانتهم بتهم ناشئة عن أعمال عنف وقعت يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، عندما فككت قوات الأمن مخيم أكديم إزيك الاحتجاجي في الصحراء الغربية. توفي أحد عشر عنصراً من قوات الأمن خلال أعمال العنف. لم تقم المحكمة بالتحقيق في المزاعم التي أدلى بها المتهمون، ومعظمهم قد أمضى 26 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي، بأن ضباط الشرطة عذبوهم وأكرهوهم على توقيع بيانات كاذبة. وحتى الآن، اعتمدت المحكمة على هذه التصريحات المطعون فيها كدليل رئيسي، إن لم يكن الوحيد، لإدانتهم.
ظروف السجن قاسية حسب ما ورد، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى الاكتظاظ الشديد، وهي مشكلة تفاقمت بسبب لجوء قضاة التحقيق بشكل متكرر إلى الاعتقال الاحتياطي للمشتبه بهم. وذكرت وزارة العدل، واعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول 2012، أن 31 ألف إلى 70 ألف نزيل في سجون البلاد رهن الاعتقال الاحتياطي.
في 12 سبتمبر/أيلول 2013، كشف وزير العدل مصطفى الرميد، وهو محامي حقوق إنسان بارز تم تعيينه بعد فوز حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي في انتخابات 2011، عن مقترحات الإصلاح القضائي التي، إن نفذت، قد تستطيع تعزيز استقلال القضاء. وتشمل هذه المقترحات تقليص سيطرة السلطة التنفيذية على النيابة العامة.
المهاجرون واللاجئون
واصل المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء التعرض لخروقات الشرطة في عام 2013. في عدة مناسبات، اعتقلت الشرطة مهاجرين ونقلتهم إلى الحدود المغربية الجزائرية وقامت بتركهم هناك دون التحقق من وضعهم أو اطلاعهم على حقوقهم.
في سبتمبر/أيلول، أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة تمولها الدولة وترفع تقاريرها إلى الملك، تقريرا عن محنة العمال المهاجرين، وأوصت بأن تتخذ الحكومة التدابير اللازمة لحماية حقوقهم. ومن بينها إنشاء "إطار قانوني ومؤسساتي وطني منظم للجوء". في الوقت الراهن، يفوض المغرب تحديد وضع اللجوء إلى مفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وعموما يمتنع عن طرد المهاجرين الذين لديهم وثائق تثبت أنهم تقدموا بطلبات لجوء أو تلقوا الاعتراف من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ورحب الملك محمد السادس علنا بتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأمر لجنة عمل حكومية بدراسة وضعية المهاجرين الذين اعترفت المفوضية بالفعل بطلبهم للجوء على ذمة تسوية أوضاعهم كلاجئين.
حقوق النساء والفتيات
يضمن دستور 2011 المساواة للمرأة، "في نطاق أحكام الدستور، وثوابت المملكة وقوانينها". وتضمن مدونة الأسرة أحكاما تمييزية ضد النساء فيما يتعلق بالميراث وحق الأزواج في تطليق زوجاتهم من جانب واحد. وحسنت تعديلات المدونة لعام 2004 حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال ورفعت سن الزواج من 15 إلى 18 عاما.
العاملات المنزليات
على الرغم من أن القوانين تحظر تشغيل الأطفال دون سن 15، فمن المُعتقد أن آلاف الأطفال دون هذه السن - في الغالب فتيات – يعملون كعمال منزليين. وفقا للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، ومصادر حكومية، فقد انخفض عدد الأطفال العاملين في المنازل في السنوات الأخيرة، ولكن فتيات قد تصل أعمارهن إلى 8 سنوات يواصلن العمل في المنازل الخاصة لمدة تصل إلى 12 ساعة في اليوم مقابل 11 دولارا أمريكيا شهريا. في بعض الحالات، يضرب أصحاب العمل الفتيات ويسبوهنّ، ويحرموهن من التعليم، ومن الغذاء الكافي.
تستثني مدونة الشغل المغربية عاملات المنازل من نطاق حمايتها، بما في ذلك كفالة الحد الأدنى للأجور، وتحديد ساعات العمل، ويوم الراحة الأسبوعية. في عام 2006، قدمت السلطات مشروع قانون معدل لتقنين العمل المنزلي وتعزيز الحظر القائم على سن 15 للعمال المنزليين، ولكن حتى وقت كتابة هذه السطور لم يكن البرلمان قد أعتمده.
الأطراف الدولية الرئيسية
في عام 2008، منح الاتحاد الأوروبي المغرب "وضع الشريك المتقدم"، ليضعه في رتبة أعلى من أعضاء آخرين في سياسة الجوار الأوروبية. المغرب هو أكبر مستفيد من مساعدات الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد فلسطين، بـ 580 مليون يورو (757 مليون دولار أمريكي) خصصت لفترة 2011 - 2013، بالإضافة إلى مبلغ إضافي قدره 350 مليون يورو في عام 2013 في إطار برنامج ربيع الاتحاد الأوروبي الذي يساعد البلدان يعتقد أنها تمر بتحولات ديمقراطية.
وفي 10 سبتمبر/أيلول، أشاد السفير الأوروبي إلى المغرب روبرت جوي بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن المهاجرين في المغرب، الذي، حسب قوله، "اعترف بانتهاكات حقوق المهاجرين التي شغلتنا لفترة طويلة، ولكنه أيضا اقترح توصيات محددة لسياسات للهجرة أكثر عدلا وفعالية". وتعهد جوي بـ"مساعدة مالية كبيرة" من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه للمشاريع "المستوحاة" من توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
خلال زيارة رسمية، امتنع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من أي انتقاد علني لحقوق الإنسان. وأصر خلال خطاب ألقاه أمام البرلمان وخلال مؤتمر صحفي في 4 أبريل/نيسان، على أن فرنسا، الشريك التجاري الرائد للمغرب ومصدر مساعدات التنمية العامة والاستثمارات الخاصة، لم ترغب في "إعطاء الدروس". ولكن وزارة الخارجية، في ملاحظة نادرة يمكن تفسيرها على أنها انتقاد، ردت في 29 أبريل/نيسان على قمع الشرطة لمظاهرة في الصحراء الغربية بـ "التذكير بتمسكنا بالحق في التظاهر سلميا".
في عام 2013، قدمت الولايات المتحدة، وهي حليف وثيق للمغرب وتقيم معه حوارا رسميا بشأن حقوق الإنسان، الجزء الأخير من منحة 697 مليون دولار أمريكي على مدى خمس سنوات من مؤسسة تحدي الألفية للحد من الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي. في المناقشة السنوية لمجلس الأمن الدولي في أبريل/نيسان لتجديد تفويض قوة حفظ السلام في الصحراء الغربية (مينورسو)، اقترحت الولايات المتحدة في البداية توسيع الولاية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، ولكنها تراجعت أمام المعارضة الشديدة من المغرب.
في 22 نوفمبر/تشرين الأول، تم استقبال الملك محمد السادس من طرف رئيس الولايات المتحدة في واشنطن للمرة الأولى منذ عام 2002. أشاد الرئيس باراك أوباما بنوايا والتزامات المغرب للقيام بمختلف التحسينات في مجال حقوق الإنسان، لكنه لم ينتقد علنا ممارسات المغرب في مجال حقوق الإنسان.
سهل المغرب زيارات عدد من آليات حقوق الإنسان للأمم المتحدة على مدى العامين الماضيين، بما في ذلك المقرر الخاص المعني بالإتجار بالبشر في يونيو/حزيران 2013. حتى كتابة هذه السطور، كان من المقرر أن يجري الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي زيارة في ديسمبر/كانون الأول 2013.