Iraq



Iraq Iraq
  

<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >>

IX. الهجمات على وسائل الإعلام

هاجمت جماعات المتمردين الصحفيين بوسائل مختلفة، من بينها التفجيرات وعمليات الخطف والإعدام، وعمليات القتل المستهدفة. وكان أغلب الضحايا من العراقيين الذين يعملون صحفيين لوسائل الإعلام المحلية، أو مراسلين، وسائقين، ومصورين، ومترجمين لوسائل الإعلام الدولية. وكان من بين الضحايا كذلك بعض الصحفيين الأجانب. وسعى المتمردون لتبرير بعض هذه الهجمات من خلال الادعاء بأن الصحفيين يتعاونون مع القوات الأجنبية كمخبرين أو جواسيس، أو بأن جميع الأجانب في العراق أهداف مشروعة.

وقد أفادت لجنة حماية الصحفيين بأن جماعات المتمردين خطفت 30 صحفياً في عام 2004 والأشهر الخمسة الأولى من عام 2005.241 وحتى يوم 12 يونيو/حزيران 2005 كانت هذه الجماعات قد أطلقت سراح 28 من هؤلاء الصحفيين وقتلت اثنين (إنزو بالدوني ورائدة وزان).242

وذكرت منظمة صحفيين بلا حدود أن 29 من الصحفيين والعاملين في المجالات المساعدة بوسائل الإعلام (ثلاث وعشرون رجلاً وست نساء)، من بينهم ستة عراقيين، خُطفوا في الفترة من بداية الحرب حتى مايو/أيار 2005. وحتى أغسطس/آب 2005 كان المتمردون قد أطلقوا سراح 25 من هؤلاء الأشخاص سالمين وأعدموا أربعة آخرين (إنزو بالدوني، ورائدة وزان، وحسام هلال سرسام وأحمد جبار هاشم).243 وقتلت جماعات المتمردين صحفيين آخرين في هجمات مسلحة.

ولعل حادثاً وقع في الفلوجة في 24 أكتوبر/تشرين الاول 2004، احتجز خلاله مسلحون مجهولون مترجماً عراقياً ومصوراً فوتوغرافياً فرنسياً مستقلاً، يسلط الضوء على الوضع المحفوف بالخطر الذي يتعرض له الصحفيون المختطفون على أيدي المتمردين. فقد أفاد المترجم، الذي تحدث إلى هيومن رايتس ووتش لكنه لم يشأ الإفصاح عن اسمه، بأن خمسة مسلحين احتجزوهما لمدة خمس أو ست ساعات في مصنع للأسمنت في المنطقة الصناعية بالمدينة. وذكر أن محتجزيه قالوا له "نحن في العادة لا نقتل من لم يفعل شيئاً. فنحن لا نتصدى إلا لمن يعملون مع الأمريكيين أو الحرس الوطني العراقي." وقال المسلحون الذين لم يفصحوا عن هويتهم إنهم سيسلمون الصحفيين إلى مجلس شورى المجاهدين، برئاسة أبو أحمد، الذي يدير أيضاً جماعة جيش محمد. غير أنهم لم يفعلوا ذلك وإنما أطلقوا سراحهما سالميْن.244

ولم يكن صحفيون آخرون ممن تعرضوا للخطف بمثل هذا الحظ. ففي 29 مايو/أيار 2004 خطف مسلحون في بغداد اثنين من العاملين في صحيفة الصباح الجديد اليومية العراقية وقتلوهما. وأفاد رئيس تحرير الصحيفة، إسماعيل زاير، بأن مجموعة من الرجال وفدوا إلى منزله في سيارة للشرطة وسيارتين مدنيتين، وطلبوا منه مرافقتهم إلى مركز الشرطة لاستجوابه بخصوص جريمة ما. ودخل المنزل لتغيير ملابسه، وعندما عاد كان سائقه سامي عبد الجابر، وحارسه الشخصي، محمود داود قد اختفيا. وعثرت الشرطة على جثتيهما في وقت لاحق ذلك اليوم في منطقة أخرى من بغداد. وكان زاير في الماضي رئيس تحرير جريدة الصباح التي أُنشئت بتمويل من الحكومة الأمريكية.245

وفي 20 أغسطس/آب عام 2004 اختفى الإيطالي إنزو بالدوني، وهو كاتب مستقل يكتب لمجلة "دياريو" الإخبارية، أثناء توجهه بسيارة إلى مدينة النجف في جنوب البلاد حيث كانت القوات الأمريكية تقاتل قوات جيش المهدي. وفي تسجيل مصور بثته قناة الجزيرة الفضائية يوم 24 أغسطس/آب قال الجيش الإسلامي في العراق إنه لا يستطيع أن يضمن سلامة بالدوني إذا لم تسحب إيطاليا جنودها الذين يبلغ عددهم ثلاثة آلاف من العراق خلال ثمان وأربعين ساعة.246 وبعد ذلك بيومين أفادت الجزيرة بأنها تلقت صورتين فوتوغرافيتين لبالدوني ميتاً، قائلة إنها لم تعرض الصورتين احتراماً لأسرته.247

وفي 20 فبراير/شباط عام 2005 خطف مسلحون ملثمون في الموصل مذيعة تلفزيون العراقية الرسمي، رائدة محمد وزان، البالغة من العمر 35 عاماً، هي وابنها البالغ من العمر عشر سنوات. وأطلق الخاطفون سراح ابنها في 23 فبراير/شباط، غير أنه بعد ذلك بيومين عُثر على جثة وزان في أحد شوارع الموصل مصابة بعدة أعيرة نارية في رأسها. وأفاد زوج وزان بأن المتمردين كانوا قد هددوها بالقتل عدة مرات مطالبين بأن تترك عملها. وفي الأسبوع الذي سبق خطفها تعرضت محطة العراقية للقصف بقذائف الهاون، الأمر الذي أدى إلى إصابة ثلاثة من الفنيين. وأفادت أنباء صحفية بأن "القاعدة" في العراق أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم بقذائف الهاون، لكن لم تُعرف الجماعة المسؤولة عن قتل وزان.248

وفي بعض الحالات قتلت جماعات المتمردين صحفيين عراقيين في الشوارع. ففي 14 أكتوبر/تشرين الأول عام 2004 أطلق مسلحون النار من سيارة على دينا محمد حسن، وهي مراسلة لتلفزيون الحرية تبلغ من العمر 38 عاماً، فأردوها قتيلة. وأفاد زميل لها كان معها آنذاك بأن ثلاثة رجال يركبون سيارة زرقاء من طراز أولدزموبيل مروا أمامهما وأطلقوا النار بينما كان هو وحسن ينتظران أمام بيتها في بغداد سيارة تأخذهما إلى العمل. وهتفوا وهم يطلقون النار "متواطئة! متواطئة!". والحرية هي محطة التلفزيون التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو أحد الحزبين السياسيين الكرديين الرئيسيين والحزب الذي ينتمي إليه الرئيس العراقي الحالي جلال الطالباني. وأفاد زملاء دينا أنها تلقت ثلاثة خطابات إنذار كي تترك عملها.249

وفي اليوم التالي، 15 أكتوبر/تشرين الأول، قتل مسلحون في الموصل مصوراً فوتوغرافياً عراقياً يبلغ من العمر 22 عاماً يُدعى كرم حسين، وكان يعمل لحساب وكالة الأنباء الأوروبية ووكالة الأنباء الإيطالية (أنسا). وأفادت منظمة صحفيين بلا حدود بأن أربعة مسلحين ملثمين أطلقوا النار عليه أمام بيته.250

وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 2004 انفجرت سيارة ملغومة في بغداد أمام مكتب قناة العربية الإخبارية التي تبث إرسالها من دبي على مدار الساعة، الأمر الذي أدى إلى مقتل سبعة أشخاص من بينهم خمسة من العاملين بالقناة، وهم علي عدنان، حارس، وحسن علوان، مهندس، ورمزية موشي وألاهين حسين، طباختان، ونبيل حسين، بستاني. وذكرت العربية أن 14 آخرين من موظفيها أُصيبوا، من بينهم خمسة صحفيين. كما تستخدم المكتبَ محطتان إخباريتان أخريان يملكهما سعوديون، وهما قناة الإخبارية الفضائية وقناة إم بي سي (تلفزيون الشرق الأوسط) المملوكة لنفس الشبكة نفسها تنتمي إليها العربية.

وأعلنت جماعة كتائب ثورة العشرين في بادئ الأمر مسؤوليتها في بيان نُشر على الإنترنت. غير أن أربعة مسلحين ملثمين من الجماعة نفوا في تسجيل مصور بثته العربية في وقت لاحق مسؤوليتها عن الهجوم.251 وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول قالت جماعة لم تكن معروفة من قبل تطلق على نفسها اسم سرايا الشهداء الجهادية في العراق، في بيان نُشر على الإنترنت، إنها نفذت الهجوم بسبب "تعاون المحطة مع الأمريكان وحلفائهم". وقالت الجماعة "إننا سنقتنص العاملين في هذه الوكالات والقنوات واحداً بعد الآخر أو سنخطفهم وننحرهم كما تُنحر النعاج" إذا وقفوا مع المحتلين الأمريكان الكفرة.252

وكان المدير العام للعربية، الصحفي السعودي البارز عبد الرحمن الراشد، قد انتقد علناً هجمات المتمردين على المدنيين. وكتب في صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن قائلاً "بالتأكيد، لا يشرفنا أن ينتسب إلينا من يحتجز تلاميذ في مدرسة، ومن يختطف صحافيين، ومن يقتل مدنيين، ومن يفجر حافلات مهما كانت الآلام التي يعاني منها المنتقمون. هؤلاء هم من شوهوا وأساؤوا الى الإسلام."253

وفي 18 يونيو/حزيران عام 2005 أطلق مسلحون النار على مراسل العربية في بغداد، جواد كاظم، الذي يبلغ عمره 37 عاماً، وأصابوه بجروح خطيرة. وقال زملاء لكاظم إن المسلحين حاولوا خطفه وهو يغادر مطعماً في بغداد.254 وذكرت المحطة أن جماعة تطلق على نفسها اسم جند الصحابة في العراق أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم بسبب سياسة التحرير الخاصة بالعربية ومزاعم توجهات كاظم المعادية للسنة.255 وأفادت رويترز بأن الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها تطلق على نفسها اسم جماعة جند الصحابة. وورد أن بياناً نُشر في موقع على الإنترنت كثيراً ما يستخدمه الجهاديون أعلن المسؤولية عن محاولة اغتيال "الشيعي الشرير جواد كاظم". وأضاف أن العربية آذت السنة في العراق وأنها لسان الأمريكان والشيعة الأقذار في حكومة رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري.256

وكان كثير من الصحفيين والعاملين المساعدين بالهيئات الصحفية العراقيين الذين قُتلوا في هجمات يعملون لحساب وسائل الإعلام العالمية كسائقين ومترجمين، غير أن منهم أيضاً من كانوا يعملون مراسلين ومتقصين للحقائق يمكنهم بمزيد من السهولة التحرك في الساحة العراقية الخطرة. ففي 27 يناير/كانون الثاني عام 2004، على سبيل المثال، أطلق مسلحون النار على قافلة تتألف من سيارتين لشبكة سي إن إن فقتلوا سائقاً عراقياً ومترجماً/منتجاً. وذكرت سي إن إن أن القافلة كانت متوجهة شمالاً نحو بغداد قادمة من الحلة عندما اقتربت منها سيارة بنية اللون من طراز أوبل من الخلف. وأطلق مسلح واحد النار على إحدى المركبتين من فتحة التهوية في سقف السيارة مستخدماً بندقية من طراز 47-AK. وقُتل السائق ياسر خطاب البالغ من العمر 25 عاماً، ودريد عيسى محمد، وهو أب لابنين يبلغ من العمر 27 عاماً، متأثرين بإصابتهما بعدة أعيرة نارية. واحتك عيار ناري برأس مصور سي إن إن سكوت مكويني.257

وفي 24 مارس/آذار عام 2004 أطلق مسلحون النار على مترجم ومخلص أعمال عراقي يعمل لحساب مجلة تايم فأصابوه بجروح أودت بحياته. وقالت تايم إن عمر هاشم كمال الذي كان يبلغ من العمر 48 عاماً أُصيب بأربعة أعيرة نارية وهو يقود سيارته إلى العمل. وتوفي بعد يومين مخلفاً زوجة وابناً في الرابعة من عمره.258

واستهدفت جماعات المتمردين أيضاً الصحفيين الأجانب في العراق، مستخدمة إياهم في كثير من الأحيان وسيلة للضغط على حكوماتهم حتى تغادر العراق. وانتهت حالات الخطف الثلاث الأخيرة كلها بإطلاق سراح الصحفيين بعد احتجازهم لفترات مطولة بصورة غير مشروعة. ففي الرابع من مارس/آذار عام 2005 أطلق المتمردون سراح الصحفية الإيطالية جوليانا سغرينا التي تعمل بصحيفة المانيفستو بعد أن احتُجزت شهراً. وعقب الإفراج عنها مباشرة أطلق جنود أمريكيون النار على السيارة التي تقلها قرب مطار بغداد فقتلوا ضابطاً في المخابرات الإيطالية أجرى المفاوضات التي أفضت إلى إطلاق سراحها. وقال الجيش الأمريكي إن السيارة لم تتوقف عند اقترابها من نقطة للتفتيش. واختلفت سغرينا مع تلك الرواية.259

وقالت جماعة تطلق على نفسها اسم منظمة الجهاد الإسلامي إنها خطفت سغرينا وهددت بقتلها ما لم تنسحب القوات الإيطالية من العراق. وقال بيان منسوب للجماعة نُشر على الإنترنت إنها "تدعو الإخوة في هيئة علماء المسلمين إلى توخي الحرص في دعوتهم إلى الإفراج عن أسيرة الحرب الإيطالية". وأضاف "أن الجماعة ما زالت تحقق مع أسيرة الحرب وستتخذ اللجنة الشرعية في المنظمة قرارها بهذا الصدد قريباً". وكانت هيئة علماء المسلمين قد دعت في وقت سابق إلى إطلاق سراح سغرينا قائلة "إنها كانت تقوم بمهمة إنسانية في العراق ولا علاقة لها بقوات الاحتلال".260 كما دعت منظمات وهيئات إعلامية عراقية أخرى المتمردين إلى إطلاق سراح سغرينا هي والصحفية الفرنسية فلورانس أوبينا التي كانت محتجزة آنذاك (انظر أدناه). وقالت الجزيرة في نداء في السابع من فبراير/شباط إن "خطف الصحفيين وهم يؤدون عملهم يُعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان".261

وفي 22 مايو/أيار أطلقت جماعة مسلحة سراح ثلاثة صحفيين رومانيين ومرشدهم الذي يحمل الجنسيتين العراقية والأمريكية بعد احتجازهم قرابة شهرين، وهم المراسلة ماري جين أيون والمصور سورين ميسكوتشي اللذان يعملان لحساب تلفزيون بريما تي في ومقره بوخارست، والمراسل أوفيديو أوهانيسيان الذي يعمل بصحيفة رومانيا ليبرا اليومية، ومرشدهم محمد مناف.262 وكان الأربعة اختفوا في بغداد في 28 مارس/آذار. وفي 23 إبريل/نيسان أعلنت جماعة لم تكن معروفة من قبل تطلق على نفسها اسم معاذ بن جبل263 مسؤوليتها عن الخطف في تسجيل فيديو بثته الجزيرة وطالبت فيه الجماعة رومانيا بسحب جنودها الذين يبلغ عددهم 800 جندي من العراق.264 ولم توافق رومانيا على سحب قواتها، لكن الجماعة قالت في وقت لاحق إنها أطلقت سراح الرهائن بعد نداء من مسلمي رومانيا وداعية إسلامي سعودي بارز. وورد أن السلطات الأمريكية في العراق تحتجز المرشد مناف للاشتباه في أنه شارك في الخطف وألقت السلطات الرومانية القبض على شخص يدعى عمر هيثم للاشتباه في مشاركته إياه.265

وفي 11 يونيو/حزيران أطلق متمردون مجهولون سراح الصحفية الفرنسية فلورانس أوبينا التي تعمل لصحيفة ليبراسيون، ومترجمها ومرشدها العراقي حسين حنون السعدي بعد احتجازهما 158 يوماً.266 وكان المتمردون خطفوا أوبينا، وهي مراسلة حربية مخضرمة، والسعدي، الذي كان ضابطاً في القوات الجوية العراقية برتبة عقيد حتى عام 1991، بعد أن غادرا فندق مليا منصور في بغداد في الخامس من يناير/كانون الثاني عام 2005. وكانت أوبينا تعمل في إعداد موضوع عن العراقيين النازحين بسبب الهجوم الأمريكي الأخير في الفلوجة.267 وكانت أوبينا ظهرت في شريط فيديو وزع في أول مارس/آذار وهي تطلب العون. وقالت وقد بدا عليها الوهن والجزع "اسمي فلورانس أوبينا. أنا فرنسية. أنا صحفية أعمل بصحيفة ليبراسيون." وأضافت "حالتي الصحية سيئة كما أنني في حالة نفسية سيئة للغاية أيضاً."268 وعقب إطلاق سراحها أبلغت الصحفيين بأن ظروف احتجازها كانت "قاسية". فقد قضت معظم الوقت خلال احتجازها في قبو معصوبة العينين مع تقييد معصميها وكاحليها.269 وبعد إطلاق سراحها قال الصحفيون الرومانيون الثلاثة الذين أطلق سراحهم في 22 مايو/أيار إنهم كانوا محتجزين معها، لكن أوبينا امتنعت عن التعليق على زعمهم.270

وشنت بعض جماعات المتمردين هجمات مسلحة على الصحفيين الأجانب. ففي 27 مايو/أيار عام 2004 قتل متمردون صحفيين يابانيين يزاولان العمل الحر يُدعيان شينسوكي هاشيدا وكوتارو أوغاوا، وهما خال وابن اخته، ومترجمهما العراقي محمد نجم الدين، أثناء عودتهم إلى بغداد من بلدة السماوة الواقعة في جنوب البلاد حيث زاروا قاعدة عسكرية يابانية. وأفادت أنباء صحفية بأن مسلحين أطلقوا النار على السيارة في المحمودية فاصطدمت إثر ذلك بشجرة واشتعلت فيها النار.271

وفي السابع من مايو/أيار عام 2004 قتل مسلحون رمياً بالرصاص المراسل الحربي البولندي البارز فالديمار ميليفيتز وزميله البولندي الجزائري الأصل منير بوعمران اللذان كانا يعملان بالتلفزيون البولندي الرسمي. وأطلق المسلحون النار على سيارتهما أثناء مرورهما في اللطيفية جنوبي بغداد. وأفاد السائق الذي نجا من الحادث بأن سيارة طاردتهم من الخلف وأطلق مسلحون النار على سيارتهم. ودارت سيارة الصحفيين حول نفسها وتوقفت، غير أن سيارة المهاجمين استدارت وأطلقت النار من جديد.272 وقال المصور البولندي جيرزي إرنست الذي أُصيب في الهجوم مستعيداً ذكرى الحادث "وجدنا أنفسنا فجأة تحت نيران أسلحة آلية كثيفة. وانحنينا جميعا في مقاعدنا. ولم يتوقف السائق لكن النوافذ تهشمت." وواصل قائلاً "قفز منير والسائق من السيارة وحاولا إخراج ميليفيتز منها لكنهم بدأوا يطلقون النار من جديد."273 وقال إرنست إن الفريق كان في طريقه إلى قاعدة عسكرية بولندية جنوبي بغداد. وكان لبولندا آنذاك زهاء 2400 جندي في العراق.

ويحمي القانون الإنساني الدولي الصحفيين المدنيين و"المراسلين الحربيين" الذين يرافقون القوات المسلحة لدولة ما من التعرض للهجوم ما داموا لا يقومون بدور مباشر في العمليات العسكرية.274 وحسب نص البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف والذي ينطبق على الصراعات الدولية المسلحة وحالات الاحتلال "يُعد الصحفيون الذي يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق المنازعات المسلحة أشخاصاً مدنيين."275 وبالمثل يُعتبر الصحفيون خلال الصراعات الداخلية المسلحة أشخاصاً مدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي العرفي.276

وتشمل هذه الحماية الصحفيين المرافقين للقوات المسلحة لإحدى الدول. ووفقاً لتعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على المادة 79 من البروتوكول الأول "لا يفقد الصحفي، الذي هو شخص مدني دونما شك، هذه الصفة بدخوله منطقة صراع مسلح في مهمة مهنية، حتى لو كان مرافقاً للقوات المسلحة أو إذا استغل دعمها في مجال النقل."277 ويعرض الصحفيون الذين يدخلون مناطق الحرب برفقة قوة عسكرية أو بمفردهم أنفسهم للخطر. ولا يُعد مقتلهم عرضاً كخسائر جانبية غير مقصودة في هجوم على هدف عسكري انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي إلا إذا ثبت أن المهاجم لم يبذل أي جهد للتمييز بين المقاتلين والمدنيين.



241"صحفيون في خطر. حقائق بخصوص العراق"، لجنة حماية الصحفيين، متاح في الموقع http://www.cpj.org/Briefings/2003/gulf03/iraq_stats.html بتاريخ 17 أغسطس/آب 2005.

242  "حوادث خطف الصحفيين في العراق في عامي 2004 و2005"، لجنة حماية الصحفيين، متاح في الموقع http://www.cpj.org/Briefings/2003/gulf03/iraq_abducted.html بتاريخ 17 أغسطس/آب 2005.

243  الحرب في العراق: أكثر الحروب فتكا بالنسبة لوسائل الإعلام منذ حرب فيتنام، صحفيون بلا حدود، 3 مايو/أيار 2005. متاح في الموقع www.rsf.org/IMG/pdf/Etude_Irak_Eng_PDF.pdf بتاريخ 17 أغسطس/آب 2005.

244 مقابلة لهيومن رايتس ووتش مع مترجم لا يريد الإدلاء بإسمه، أربيل بالعراق، 26 يناير/كانون الثاني 2005.

245 "رئيس تحرير صحيفة عراقية يقول إن سائقته وحارسه قُتلا"، أسوشيتد  برس، 30 مايو/أيار 2004، و"العاملون بالإعلام الذين قُتلوا في عام 2004"، لجنة حماية الصحفيين (http://www.cpj.org/killed/killed_media_wrkrs_04.html ، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005).

246 "خطف صحفي إيطالي في العراق"،نت الجزيرة ، 26 أغسطس/آب 2005، http://english.aljazeera.net/NR/exeres/ECA5FF8D-E659-4586-9BCD-6C492EECEB23.htm تاريخ الاطلاع على الموقع 6 مارس/آذار 2005.

247 "جماعة تقتل صحفياً إيطالياً في العراق"، الجزيرة نت، 28 أغسطس/آب 2005، http://english.aljazeera.net/NR/exeres/BEED6CD4-AE97-400F-8B34-40A225A88B81.htm، تاريخ الاطلاع على الموقع 6 مارس/آذار 2005. وحسب مقال نشر في صحيفة الزوراء العراقية يُعتقد أن جماعتين تتحملان المسؤولية عن خطف بالدوني وقتله، وهما "كتائب خالد بن الوليد و"كتائب شهداء العراق". (انظر سمير حداد ومازن غازي، "من يقتل الرهائن بالعراق؟"، الزوراء، 19 سبتمبر/أيلول 2004.)

248 باتريك كوين، "المتمردون يفجرون خطا لأنابيب النفط في العراق"، أسوشيتد  برس، 26 فبراير/شباط 2005، و"خطف مراسلة تلفزيونية عراقية في الموصل"، رويترز، 21 فبراير/شباط 2005، و"العثور على صحفية عراقية مقتولة بعد خمسة أيام من اختطافها"، صحفيون بلا حدود، 26 فبراير/شباط 2005. (http://www.rsf.org/article.php3?id_article=12680، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005).

249 نورميتسو أونيشي، "كم عدد العراقيين الذين يُقتلون؟ 208 كل أسبوع حسب أحد التقديرات"، جريدة نيويورك تايمز، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2004، و"مسلحون يقتلون مراسلة عراقية في بغداد"، رويترز، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

250 "مقتل مصور عراقي رمياً بالرصاص في العراق"، وكالة الأنباء الفرنسية، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2004، و"مقتل مصور أنسا في العراق، أنسا، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2004، و"مقتل صحفيين عراقيين رمياً بالرصاص أمام منزليهما في حادثين منفصلين"، صحفيون بلا حدود، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

251 تشارلز كلافر وستيف نيغوس وضياء راسان، "وسائل الإعلام العربية تتعرض لضغوط بعد تفجير في بغداد"، فاينانشال تايمز، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، و"تلفزيون العربية ينفي اتهام المتشددين له بالانحياز للولايات المتحدة"، رويترز، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

252 مأمون يوسف، "جماعة متشددة جديدة تعلن مسؤوليتها عن تفجير السيارة الملغومة في مكتب العربية في بغداد الذي سقط فيه قتلى"، أسوشيتد  برس، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2004.

253 عبد الرحمن الراشد، "الحقيقة المؤلمة أن كل الإرهابيين مسلمون."

254 "نقل مراسل العربية الجريح من العراق إلى الأردن"، وكالة الأنباء الفرنسية، 21 يونيو/حزيران 2005.

255 تلفزيون العربية، 20 يونيو/حزيران 2005، حسب ترجمة مهمة المساعدة في العراق التابعة للأمم المتحدة، استعراض وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية والإقليمية، 21 يونيو/حزيران 2005  و"الزمان"، 19 يونيو/حزيران 2005، حسب ترجمة هيئة الإذاعة البريطانية، موجز الصحافة العراقية، 19 يونيو/حزيران 2005 و20 يونيو/حزيران 2005.

256 "مسلحون عراقيون يقولون إنهم حاولوا قتل صحفي"، رويترز، 20 يونيو/حزيران 2005.

257 "مقتل اثنين من موظفي سي إن إن في هجوم"، سي إن إن نيوز، http://www.cnn.com/2004/WORLD/meast/01/27/sprj.nirq.cnn.casualties/ ، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005، و"الصحفيون يذكرون زميليهم القتيلين من سي إن إن"، http://www.cnn.com/2004/WORLD/meast/01/28/cnn.colleagues/، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005.

258 روميش راتنيسار "عمر هاشم كمال"، مجلة تايمز، 5 إبريل نيسان 2004، http://www.time.com/time/archive/preview/0,10987,993770,00.html، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005.

259 أنجيلا دونالد، "رهينة سابقة تختلف مع الولايات المتحدة بشأن حادث إطلاق للنار في العراق"، أسوشيتد  برس، 6 مارس/آذار 2005، وغابرييل بولو، "الحياة والموت"، المانيفستو، 5 مارس/آذار 2005. انظر أيضاً بيان هيومن رايتس ووتش، العراق: إطلاق النار على مدنيين إيطاليين على أيدي القوات الأمريكية، متاح في الموقع http://www.hrw.org/campaigns/iraq/shooting/.

260 "خاطفو الصحفية الإيطالية المزعومون يوجهون إنذاراً أخيراً لروما كي تسحب قواتها من العراق"، أسوشيتد  برس، 6 فبراير/شباط 2005

261 "جماعة تتعهد بالإفراج عن الصحفية الإيطالية"، موقع الجزيرة نت http://english.aljazeera.net/NR/exeres/4705B7F9-AB22-448F-95B1-51E2D2E1FF0D.htm ، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005. للاطلاع على البيان الكامل انظر موقع المانيفستو

http://ilmanifesto.it/pag/sgrena/en/420dc1262b13d.html، تاريخ الاطلاع على الموقع 5 مارس/آذار 2005.

262 أليسون ماتلر، "الصحفيون الرومانيون المفرج عنهم يعودون إلى بلدهم"، أسوشيتد  برس، 23 مايو/أيار 2005.

263 كان معاذ بن جبل من الصحابة وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن في عهد النبي محمد.

264 ألكسندرو ألكسي، "أنباء تفيد بأن الرهائن الرومانيين ضحايا لسوء التخطيط"، أسوشيتد  برس، 6 يونيو/حزيران 2005.

265 "صحفي روماني احتُجز رهينة بالعراق يعتزم مقاضاة الخاطفين"، أسوشيتد  برس، 11 يونيو/حزيران 2005.

266 "الإفراج عن فرنسية وعراقي احتُجزا رهينتين بالعراق والعثور على 20 جثة"، وكالة الأنباء الفرنسية، 12 يونيو/حزيران 2005. للإطلاع على مزيد من المعلومات وخلفية بخصوص أوبينا والسعدي انظر الموقع "من أجل فلورانس وحسين" www.pourflorenceethussein.org/english/index.shtml بدءاً من 12 يونيو/حزيران 2005.

267 "فرح غامر في فرنسا مع عودة الصحفية إلى وطنها من الأسر في العراق"، وكالة الأنباء الفرنسية 12 يونيو/حزيران 2005.

268 مايكل جورجي، "الرهينة الفرنسية في العراق تطلب المساعدة"، رويترز، 1 مارس/آذار 2005. ويمكن مشاهدة الفيديو في الموقع www.pourflorenceethussein.org/english/index.shtml بتاريخ 6 مارس/اذار 2005.

269 "الصحفية  الفرنسية المفرج عنها تشكر الجمهور ووسائل الإعلام على حملة الدعم لها"، وكالة الأنباء الفرنسية 12 يونيو/حزيران 2005.

270 إلين غانلي، "رهينة سابقة تصف الانتظار بلا نهاية خلال 157 يوماً في قبو في بغداد"، أسوشيتد  برس، 14 يونيو/حزيران 2005،  و"رئيس الوزراء: عملاء سريون رومانيون ساعدوا في إطلاق سراح الرهينة الفرنسية في العراق"، وكالة الأنباء الفرنسية، 14 يونيو/حزيران 2005.

271 "العثور على جثة ثالثة في العراق في موقع مقتل اليابانيين"، رويترز، 28 مايو/أيار 2004، و"وكالة كيودو للأنباء تعرض بالتفصيل الهجوم على الصحفيين اليابانيين"، هيئة الإذاعة البريطانية، آسيا والمحيط الهادئ، 28 مايو/أيار 2004، و"مستشفى: مقتل صحفيين يابانيين ومترجمهما العراقي في العراق"، وكالة الأنباء الفرنسية، 28 مايو/أيار 2004.

272 "مقتل صحفيين أحدهما جزائري والآخر بولندي في حادث إطلاق للنار من سيارة في العراق"، وكالة الأنباء الفرنسية، 7 مايو/أيار 2004.

273 مونتي مورين وإيلا كاسبرزيكا "مقتل صحفيين أجانب في كمين جنوبي بغداد"، جريدة لوس أنجليس تايمز، 8 مايو/أيار2004.

274 انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الإنساني الدولي العرفي، القاعدة 34 ("ينبغي عدم الخلط بين الصحفيين المدنيين و’المراسلين الحربيين‘. وهؤلاء الأخيرون هم صحفيون يرافقون القوات المسلحة لدولة ما دون أن يكونوا أعضاء فيها.")

275 البروتوكول الاول، المادة 79.

276 انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، القانون الإنساني الدولي العرفي، القاعدة 34.

277 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التعليق على البروتوكولين الإضافيين، صفحة 920.


<<   الصفحة السابقة  |  الصفحة الرئيسية  |  الصفحة السابقة  >> November 2005