Israel and the Occupied Palestinian Territories



Israel and the Occupied Palestinian Territories Israel and the Occupied Palestinian Territories
  

VI. القصف المدفعي الإسرائيلي منذ انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي

في الفترة الممتدة بين انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في سبتمبر/أيلول 2005 وحتى نهاية مايو/أيار 2007، أطلقت إسرائيل على قطاع غزة زهاء 14600 قذيفة مدفعية، سقط معظمها في القسم الشمالي من القطاع، فقتلت 59 فلسطينياً وجرحت 270 آخرين.135 وتبيّن تحقيقات هيومن رايتس ووتش، وكذلك تحليل تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تراقب الاشتباكات، تشير إلى وقوع معظم الإصابات في صفوف المدنيين، إن لم تقتصر عليهم وحدهم: فمن أصل 38 فلسطينياً قتلوا خلال سبتمبر/أيلول 2006، ثمة 17 طفلاً دون 16 عاماً، و12 امرأة، وكهلٌ واحد في الستين. كما تثبتت هيومن رايتس ووتش عبر تحقيقاتها الميدانية من أن خمسةً من الثمانية الباقين مدنيون.136 وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، سقط في القصف الإسرائيلي على بيت حانون 23 فلسطينياً بين قتيل ومصاب بجروح قاتلة، فضلاً عن سقوط 40 جريحاً غيرهم على الأقل؛ وكلهم مدنيون.137 وأدى هذا الحادث إلى تعليق القصف المدفعي.

وقد قال مسؤولون في الجيش الإسرائيلي لـ هيومن رايتس ووتش أثناء اجتماعات معهم في يونيو/حزيران 2006 إن الجيش يقوم بالقصف المدفعي رداً على مهاجمة سديروت وغيرها من التجمعات الإسرائيلية بالصواريخ.138 وفي حوادث كثيرة حققت فيها هيومن رايتس ووتش، يشكل استخدام إسرائيل المدفعية من عيار 155 ملم رداً على الهجمات الصاروخية انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، إما لأنه لم يفرق بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، أو لأنه كان من الممكن توقع أن القصف سيوقع بالمدنيين أضراراً جسيمة مقارنة بالمكاسب العسكرية المباشرة والملموسة المتوقعة. وأما عدم استعداد إسرائيل لتأكيد أن تلك الأهداف كانت أهدافاً عسكريةً مشروعة، وعدم استعدادها للتحقيق في الخسائر الواقعة في أرواح المدنيين جراء هذا القصف، فهو مؤشرٌ يؤكد امتناعها عن اتخاذ جميع الاحتياطات المعقولة لتقليل الأذى في صفوف المدنيين.

شهدي محمد أبو عودة يقف أمام السقف المنهار لمنزله في بيت حانون بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2006. فقد ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية المنزل بشكلٍ مباشر بتاريخ 29 أبريل/نيسان 2006 وأدت إلى إصابة طفلين على الأقل بجروح. © 2006، بوني دوكرتي/هيومن رايتس ووتش

الأسلحة المستخدمة وأساليب الهجوم

استخدم الجيش الإسرائيلي في قصف غزة بين سبتمبر/أيلول 2005 ونوفمبر/تشرين الثاني 2006 نسخةً عدلتها إسرائيل عن مدفع الهاوتزر الأمريكي (M109A3) وأطلقت عليها اسم دوهير. وقد صُنِعت النسخة الأمريكية الأصلية من مدفع (M109) عام 1963؛ في حين أنتجت إسرائيل نسختها منه عام 1993. ويتكون طاقم هذا المدفع ذاتي الحركة الذي يبلغ وزنه 28 طناً من سبعة أشخاص، وتصل سرعة حركته إلى خمسين كيلومتراً في الساعة. وعادةً ما يستخدم في القصف غير المباشر (خارج مجال الرؤية). وفي معظم الحالات، يطلق الطاقم في البداية قذيفة تجربة ثم يعكف على تصحيح الرمايات إلى أن يبلغ الهدف المنشود إصابته. ويطلق المدفع المذكور في المتوسط قذيفة واحدة في الدقيقة، لكنه يستطيع إطلاق حتى أربع قذائف في الدقيقة لمدة ثلاث دقائق.139

والقذائف الأكثر شيوعاً في استخدام الجيش الإسرائيلي لمدافع الهاوتزر هذه هي القذائف شديدة الانفجار من عيار 155 ملم، وعادةً ما تكون من نوع M107. وتنتج شركة "الصناعات الحربية" الإسرائيلية، وهي شركة إنتاج وتصدير للأسلحة تملكها الدولة، قذائف M107 رغم أن إسرائيل تستورد أيضاً قذائف 155 ملم من الولايات المتحدة. وتزن قذيفة M107 حوالي 44 كغم ويبلغ طولها 60.5 سم وقطرها الأقصى 155 ملم. ويصل مداها حتى 18 كم. وإذا كانت محشوةً بمادة تي إن تي، فإنها تنشر زهاء 2000 شظية في جميع الاتجاهات. وبعض القذائف لا تنفجر عند الاصطدام فتصبح قذائف عاطلة يحتمل انفجارها.140

وتعتبر قذائف M107 سلاحاً شديد الفتك. ويقال إن نصف القطر القاتل المتوقع لقذيفة 155 ملم شديدة الانفجار يتراوح من 50 إلى 150 متراً، ونصف القطر المتوقع للإصابات يتراوح من 100 إلى 130 متراً.141 ويقول مسؤولو الجيش الإسرائيلي إن نصف قطر الخطأ في قذائف 155 ملم هو 25 متراً عادةً.142 ومن هنا فإن القذائف التي تُوجه إلى نقطةٍ تبعد 100 متر عن المناطق المأهولة (كما هو مسموحٌ بموجب سياسة الجيش الإسرائيلي التي تتم مناقشتها أدناه)، أو أقل من تلك المسافة كما يحدث أحياناً، تزيد كثيراً من احتمال وقوع إصابات في صفوف المدنيين.

وغالباً ما يكون "المكسب العسكري المحدد" الذي تتيحه قذائف المدفعية من عيار 155 ملم المستخدمة ضد الصواريخ أمراً مشكوكاً فيه.143 كما أن ضرب من يطلقون الصواريخ أمرٌ صعب لأن نصب منصة الإطلاق وإعدادها وإطلاق الصاروخ ثم تفكيك المنصة لا يستغرق إلا دقائق معدودة. وفي بعض الأحيان تتباطأ الجماعات المسلحة قبل تفكيك منصة الإطلاق وإزالتها، كما تستخدم أجهزة التوقيت في أحيان أخرى لإطلاق الصواريخ بعد مغادرة موقع الإطلاق.144 ويقول الجيش الإسرائيلي: "غالباً ما نعرف موقع إطلاق الصواريخ بعد سقوطها على أهدافها وبعد أن يكون الأشخاص [المسؤولون عنها] قد ذهبوا بوقتٍ طويل".145

وكانت المزايا العسكرية التي يحققها قصف مواقع منصات إطلاق الصواريخ موضع جدلٍ داخل الجيش الإسرائيلي نفسه. فكما هو موضح أدناه، يقول بعض ضباط الجيش إن القصف المدفعي نجح في وضع حدٍّ لمن يطلقون الصواريخ أو في جعل الهجمات أقل دقةً. وفي اليوم الذي سبق قصف شاطئ غزة الذي تجري مناقشته في الملحق 1، أقر العميد آفيف أوشافي الذي كان قائداً للجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي بأن المدفعية "ليست الحل الأفضل"، لكنه قال إن لها ثلاثة استعمالات: أولاً، يمكنها "إيقاف طواقم الإطلاق أو تشويشها"؛ ثانياً، يمكنها أن تدفع بالطواقم التي تحاول إطلاق الصواريخ بعيداً عن البلدات الإسرائيلية الحدودية إلى داخل التجمعات الفلسطينية مما يجعل إطلاق الصواريخ أكثر صعوبةً؛ ثالثاً، "الرسالة التي نريد نقلها، ويمكنكم إطلاق اسم ’الردع‘ عليها، هي: ’سيداتي سادتي، ثمة معادلةٌ هنا: طالما تطلقون صواريخ القسام علينا، فإننا سنطلق المدفعية عليكم‘".146 لكن ضباطاً آخرين في الجيش الإسرائيلي، ومنهم قائد الفرقة المسؤولة عن جبهة غزة اللواء موشي تامير، يقولون إن المدفعية لم تساعد على تقليل الهجمات الصاروخية.147

ومدى الإطلاق هو العنصر الجوهري هنا: فكلما تمكنت صواريخ القسام من الاقتراب من هدفها عامةً، كأن يكون بلدةً مثلاً، كانت أكثر قدرةً على إصابته. وهكذا فإن إجبار مطلقي الصواريخ على الابتعاد عن الحدود، وخاصةً عن المناطق الحدودية كثيفة السكان داخل إسرائيل مثل سديروت، هو الوسيلة الحقيقة الوحيدة لتقليل قدرتهم على إصابة أهدافهم العامة.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه، عند استخدامه المدفعية في غزة، غالباً ما يقوم بالقصف عقب إطلاق الصاروخ فوراً في محاولةٍ لضرب موقع الإطلاق وإصابة المقاتلين الموجودين فيه.148 وفي حالاتٍ أخرى كما يقول اللواء مائير كاليفي، يقوم الجيش بقصف مواقع إطلاق سابقة تشير "معلومات استخباراتية مؤكدة" إلى أن مطلقي الصواريخ يستخدمونها من وقتٍ لآخر.149 والهدف من ذلك في التعبير العسكري هو "إغلاق المنطقة"، ويعني في هذه الحالة منع الجماعات المسلحة من إطلاق الصواريخ على نحوٍ فعال، أو ثنيها عن ذلك، من خلال مواجهتها بخطر الوقوع تحت القصف. ويميز محامو الجيش الإسرائيلي بين "إغلاق المنطقة" وبين "الردع". ويقول المحامي العام في الجيش الإسرائيلي اللواء آفيهاي ماندلبليت: "ليس الردع سياسةً نعتمدها"؛ ويضيف: "يمكن أن يحدث القصف لأسبابٍ وقائية؛ أي حين تكون الصواريخ على وشك الانطلاق من المنطقة. لكننا لا نقصف لمجرد جعلهم يعرفون أننا هنا لكن، يقال إن سياسة "إغلاق المنطقة" خضعت لتعديلٍ بعد القصف الصاروخي في 26 ديسمبر/كانون الأول الذي جرح اثنين من الفتيان الإسرائيليين، إذ قيل عندها إن الجيش الإسرائيلي أصدر توجيهاً يدعو إلى "دقة الرمي" ضد مطلقي الصواريخ. وطبقاً لما قالته نيويورك تايمز، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الجيش "بالضرب قبل إطلاق الصواريخ وأثناء إطلاقها وبعده"، وليس "بإطلاق القذائف على مناطق مفتوحة قرب الحدود لردع طواقم إطلاق الصواريخ عن دخولها".

ويعتبر "إغلاق المنطقة" (وهو استهداف منطقة من الأرض بالقصف لمنع العدو من دخولها) أسلوباً يسمح به القانون الإنساني الدولي، لكنه يظل خاضعاً للحظر المفروض على الهجمات العشوائية وغير المتناسبة. وعادةً ما يتم استخدامه من أجل إغلاق منطقةٍ من الأرض في وجه العدو لمنع الحركة والتواصل فيها (كنقل الذخائر)، أو من أجل تحقيق مزية تكتيكية (التمهيد للهجوم أو تغطية الانسحاب).151 لكن، وكما يشير أحد كبار المختصين بالقانون الإنساني الدولي، ومع جواز اعتبار منطقة محددة من الأرض هدفاً عسكرياً، "ثمة توافقٌ على أن تحديد مناطق من هذا النوع لا يمكن أن يكون أمراً فضفاضاً جداً، إذ لابد من وجود سمة مميزة تجعل من رقعةٍ من الأرض هدفاً عسكرياً (كأن تكون ممراً جبلياً مهماً، أو درباً عبر غابةٍ أو عبر منطقة مستنقعات، أو رأس جسر، أو رقعة من الأرض تسيطر على مدخل أحد الموانئ)".152 ويتفق هذا الرأي مع الملاحظات المرجعية للجنة الدولية للصليب الأحمر على البروتوكولين الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف، والتي تؤكد على أن "إغلاق المنطقة" يمكن أن يكون هدفاً عسكرياً مشروعاً، لكنها تحذر قائلةً: "بطبيعة الحال، لا يمكن لهذا الوضع أن يتعلق إلا بمناطق محدودة، لا بمنطقة شديدة الاتساع. وهو ينطبق أساساً على الممرات الضيقة أو رؤوس الجسور أو النقاط الاستراتيجية مثل التلال أو الممرات الجبلية".153

ولا يفي القصف من أجل "إغلاق المنطقة" الذي يستهدف أقساماً كبيرة من شمال قطاع غزة بهذه المعايير. وتشير تصريحات الجيش الإسرائيلي الواردة أعلاه إلى أن الغاية الكامنة وراء كثيرٍ من حوادث القصف كانت "الإغلاق"، وذلك حتى ديسمبر/كانون الأول 2006 على الأقل، وكانت هي الغاية من القصف المدفعي لمنطقة تمتد من ساحل شمال غزة حتى شرق بيت حانون والذي وثقته هيومن رايتس ووتش. لكننا لم نتمكن من التثبت مما إذا كانت حالات القصف المحددة هذه نوعاً من "إغلاق المنطقة" الواسع بما يجعلها انتهاكاً للقانون الدولي. وتدعو هيومن رايتس ووتش إلى مزيدٍ من التدقيق في هذا الأمر.

وبصرف النظر عن مشروعية الهدف من الناحية النظرية، فإن محدودية دقة مدافع الهاوتزر من عيار 155 ملم، والتي اعترف بها محامو الجيش الإسرائيلي في مقابلاتهم مع هيومن رايتس ووتش، تمثل خطراً على المدنيين. وقد قال الجنرال ماندلبليت: "بسبب قلة دقة المدفعية، فإن لدينا قواعد اشتباك خاصة بها تختلف عن قواعد الاشتباك الخاصة بغيرها من الأسلحة. ونحن نعمل مع خبراء المدفعية على هذا الأمر. فقدرات المدفعية مخيفةٌ كما تعرف".154 وأضاف العقيد نيومان إن المدفعية "ليست على قدرٍ من الدقة يكفي لاستهداف أهدافٍ بعينها".155

ومع أن القانون الإنساني الدولي لا يشترط استخدام أسلحةٍ بعينها في الهجوم، فإن على جميع أطراف أي نزاع اتخاذ جميع الخطوات المعقولة عند اختيارها أسلحة الحرب وأساليبها من أجل تجنب الخسائر المدنية.156 ويقول أحد الدارسين:

"إذا جرى التخطيط لمهاجمة هدف عسكري صغير محاط بمناطق مدنية كثيفة السكان، فقد تكون الطريقة المشروعة الوحيدة هي اللجوء إلى غارة ’جراحية‘ باستخدام أسلحة موجهة عالية الدقة. ولا يقصد بهذا القول المصادقة على زعم بعض المعلقين بأن: 1) ثمة واجباً يتمثل في استخدام الأسلحة الموجهة عالية الدقة في المناطق المدنية؛ أو 2) إن البلدان التي تملك ترسانات من ’القنابل الذكية‘ ملزمةٌ باستخدامها أينما كان

وما تحدثت عنه الأنباء من تغيير في سياسة الجيش الإسرائيلي في أبريل/نيسان 2006، سمح بأن يستهدف القصف مواقع أكثر قرباً من المناطق السكنية، وهو أمرٌ يعرض المدنيين إلى مزيد من الخطر. وقد ذكرت صحيفة هاآرتس أن الجيش الإسرائيلي خفض "مسافة الأمان" (المسافة بين النقطة المراد قصفها بالمدفعية وبين المناطق المأهولة) من 300 إلى 100 متر.158 وفي مقابلةٍ مع هيومن رايتس ووتش، لم يشأ اللواء ماندلبليت تأكيد السياسة المتعلقة بمسافة الأمان هذه: "الصحافة هي من تحدث عن هذه الأمتار المائة، وليس نحن. ولا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك. فإذا عرفوا [الجماعات المسلحة] حدودنا، فقد يقتربون أكثر من البيوت".159 وكما ذكرنا أعلاه، فإن قطر دائرة الإصابة بالنسبة للمدفعية هو من 100 إلى 300 متر. وبالتالي فإن قصف مكان يبعد 100 مترً فقط عن المناطق السكنية يزيد من الإصابات المتوقعة في صفوف المدنيين. وكما سبقت الإشارة، تسقط القذائف الإسرائيلية أحياناً ضمن ذلك الهامش، بل تسقط مباشرةً على المنشآت المدنية أيضاً.

ويقول مايكل سفارد، وهو محامٍ يمثل ست منظمات حقوق إنسان في القضية المرفوعة أمام المحكمة العليا من أجل التراجع عن السياسة المذكورة، إن الجيش لم ينكر في أي وقت قيامه بتغيير سياسته الخاصة بمسافة الأمان، لا في الصحف ولا في الأوراق التي قدمها إلى المحكمة.160 وقد جاء في رد الجيش الإسرائيلي على هيومن رايتس ووتش: "لا نستطيع تقديم مزيد من التفاصيل لأن هذه مسألةٌ عملياتية. على أننا نقول إن وسائل الوقاية التي يستخدمها الجيش كافية، وإنها تلتزم المعايير التي يفرضها القانون الدولي".161 (ترد جميع الردود الخطية التي وردتنا من الجيش الإسرائيلي في ملاحق هذا التقرير). إن مقارنةً بسيطة بين عدم الدقة النسبية للقصف المدفعي الإسرائيلي وبين تقليص مسافة الأمان الذي اعتمد في أبريل/نيسان 2006 تشير إلى أن هذا التقييم الذاتي من قبل الجيش الإسرائيلي تقييم خاطئ.

وقد وقعت جميع حالات الوفاة، وكذلك الغالبية العظمى من الإصابات الناجمة عن القصف الإسرائيلي بين ديسمبر/كانون الأول 2005 ومايو/أيار 2007، بعد بداية أبريل/نيسان 2006، وهو الموعد الذي قيل إن الجيش الإسرائيلي خفض فيه مسافة الأمان.162 وتشير هذه الأرقام، وكذلك أبحاث هيومن رايتس ووتش التي ترد تفاصيلها أدناه، إلى أن زيادة عدد الإصابات المدنية في هذه الفترة نجم عن عاملين مترابطين: قرار الجيش الإسرائيلي بإطلاق مدفعيته على مناطق أكثر قرباً من المناطق المأهولة، وزيادةٍ عدد رشقات المدفعية في الشهر الواحد بمقدار عشرة أضعاف مقارنة مع الفترة السابقة. وفي بعض الحوادث التي حققنا فيها، أصابت القذائف الإسرائيلية بيوت المدنيين إصاباتٍ مباشرة. ويلقي الجيش الإسرائيلي باللائمة في بعض هذه الإصابات على الأقل، على الجماعات الفلسطينية المسلحة التي "تقترب من البيوت على نحوٍ متزايد" من أجل إطلاق الصواريخ.163

ومنذ صدور الأمر الذي وجهه رئيس الوزراء أولمرت في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2006، لم يعاود الجيش الإسرائيلي استخدام المدفعية لمواجهة إطلاق الصواريخ في المناطق الحدودية. وأثناء اشتداد القتال في مايو/أيار 2006، اعتمد الجيش على صواريخ الطائرات التي تتميز بدقةٍ أكبر لإحباط محاولات إطلاق الصواريخ.164 أما إذا عاد الجيش إلى استخدام القصف المدفعي، فعليه الاستفادة من دروس الحوادث المعروضة أدناه وتجنب إطلاق قذائفه قرب المناطق المأهولة حيث يمكن أن يكون القصف عشوائياً أو غير متناسب.

الأذى الواقع على المدنيين

كما يتضح من كثرة الإصابات، سبب القصف المدفعي الإسرائيلي أذى كبيراً للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وخاصةً في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون الشماليتين. وسبب القصف قتل وجرح أشخاصٍ مدنيين، ودمّر ممتلكاتٍ سكنية وتجارية، وأضر بالحياة اليومية للمدنيين وبموارد رزقهم.

كما ساهم القصف الإسرائيلي على شمال غزة في زيادة حالة الصدمة والخوف الشديد الذي يعيشه كثيرٌ من السكان، وخاصةً الأطفال منهم. ويقول إياد السراج، مدير مشروع الصحة العقلية في غزة: "إن الأثر الواقع على الصحة العقلية أكبر ما يكون في شمال غزة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر". ويضيف: "إنه قصفٌ متواصل، وهو يؤثر على حالتك العقلية. وأنا أستطيع سماع [القصف] من مدينة غزة. والأطفال يتناولون حبوباً منومة".165

ولد من عائلة غبن يجلس على أنقاض منزله المدمر جزئياً في بيت لاهيا بتاريخ 10 يونيو/حزيران 2006. فقد ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية منزله بتاريخ 10 أبريل/نيسان 2006، وقتلت أخته هديل (8 أعوام) وجرحته مع ثمانية أفراد من عائلته. © 2006، مارك غارلاسكو/هيومن رايتس ووتش

وتستند الدراسات التالية لبعض دراسات الحالة إلى الأبحاث الميدانية التي أجرتها هيومن رايتس ووتش في شمال قطاع غزة. وفي معظم هذه الحالات، زعم الجيش الإسرائيلي عدم معرفته بوقوع إصاباتٍ مدنية، أو زعم وقوع أخطاء، أو قال إن تلك الإصابات نتيجة جانبية مؤسفة تبررها الظروف المعنية. لكن تحقيقات هيومن رايتس ووتش في الهجمات المذكورة خلصت إلى أنها عشوائيةً أو غير متناسبةٍ على نحوٍ ينتهك القانون الإنساني الدولي. وكان حرياً بنوع الإصابات أن ينبه الجيش الإسرائيلي إلى وجود مشكلة في القرارات الخاصة باختيار أهدافه، أو إلى وقوع أخطاء في سياق تخفيف الجيش القيود المفروضة على استخدام المدفعية من عيار 155 ملم، ما يجعل الإصابات نتيجةً يمكن توقعها لاستخدام أسلحةٍ قليلة الدقة على مقربةٍ شديدة من المناطق السكنية. ولعله كان حرياً به أيضاً أن ينبه الجيش إلى وجوب زيادة الاهتمام بتقليل الخطر المحدق بأرواح المدنيين وممتلكاتهم. وكان من المهم خاصةً إجراء التحقيقات الملائمة للكشف عن هذا النمط من الإصابات؛ وهذا ما يجعل امتناع الجيش الإسرائيلي عن إجراء تلك التحقيقات أكثر إثارةً للمخاوف. وقد أدى القصف الذي أوقع 23 قتيلاً مدنياً في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 بالجيش الإسرائيلي إلى اتخاذ قرار بتعليق القصف المدفعي. وأدى برئيس الوزراء أولمرت إلى الإعلان في شهر ديسمبر/كانون الأول 2006 عن أن المدفعية لن تُستخدم قرب المناطق المأهولة. ولعله كان يمكن تفادي هذه الكارثة لو أجريت في الوقت المناسب تحقيقاتٌ في حوادث قصف مدفعي سبقتها وأدت إلى إصابة مدنيين.

القصف الذي يصيب المناطق السكنية

في الحوادث الخمسة التالية، وثقت هيومن رايتس ووتش القصف الإسرائيلي الذي أصاب المنازل مؤدياً إلى مقتل وجرح مدنيين. وفي الحالات الثلاث الأولى، رد الجيش الإسرائيلي على تساؤلات هيومن رايتس ووتش بالقول بأنه لم يطلق النار باتجاه المناطق المأهولة وإنه ليس على علمٍ بوقوع أية إصاباتٍ مدنية. وقال أحد المحامين العسكريين لـ هيومن رايتس ووتش: "ليست سياستنا هي إجراء التحقيق كلما أصيب أحد عابري السبيل. كما أن قسم التحقيق الجنائي لا يفتح تحقيقاً في حوادث إطلاق النار إلا حيث يوجد إهمالٌ جسيم".166 أما في الحالة الرابعة، فقد اعترف المسؤولون الإسرائيليون علناً بوقوع الإصابات، إلا أنهم قدموا تفسيراتٍ مختلفة لوقوعها. وفي الحالة الخامسة، اعترف رئيس الوزراء إيهود أولمرت علناً بوقوع الإصابات وعبر عن أسفه قائلاً إن القصف المدفعي أخطأ الهدف المقصود بسبب خللٍ فني، لكنه لم يتناول ما قيل عن امتناع الجيش الإسرائيلي عن اعتماد تدابير حيطة قياسية كان من الممكن أن تمنع ذلك الخطأ الفني.

عائلة أبو شماس

أدت سلسلةٌ من جولات القصف المدفعي الإسرائيلي يوم 4 أبريل/نيسان 2006 إلى تدمير عدد من المنازل المملوكة لعائلة أبو شماس على أطراف بيت لاهيا. وخلال 30 دقيقة سقط أكثر من 50 قذيفة في أحد الحقول المجاورة، وذلك اعتباراً من الساعة 3:20 بعد الظهر تقريباً. وقد فرّ محمود أبو شماس أول الأمر، لكنه عاد راكضاً للبحث عن أفراد أسرته بعد أن علم بإصابة منزله وتدميره. ودخل محمود وشقيقه منزل والدهما الملاصق لمنزل محمود فوجدا زوجة شقيقه سماح أحمد أبو شماس (19 عاماً) ورضيعها (6 أشهر) سليمين من الأذى. ثم انفجرت قذيفةٌ ثانية في المنزل، فأصيب أحمد أبو شماس (22 عاماً) بجراحٍ في رأسه بفعل موجة الصدمة الناجمة عن الانفجار وأمضى 10 أيام تحت العناية المشددة في المستشفى. وفقد مصطفى أحمد أبو شماس (30 عاماً) ثلاثةً من أصابع يده إضافةً إلى إبهام قدمه اليمنى؛ كما وضع الأطباء صفيحةً في ساقه. وتوفي عبد الله الدعالسة إثر إصابته بشظيةٍ عندما كان يسير في الشارع في طريقه لزيارة الأسرة.167

وقال محمود أبو شماس لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يشاهد أية صواريخ فلسطينية في المنطقة ساعة الهجوم، لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من الحصول على ما يؤيد قوله. "لو رأينا صواريخ القسام، لأخلينا البيوت قبل القصف لأننا نعرف [أن الإسرائيليين] سيقصفوننا".168 وفي اليوم التالي، أطلق الجيش الإسرائيلي مزيداً من القذائف فدمر ثلاثة منازل مجاورة تدميراً جزئياً.169 ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد إذا ما كانت الصواريخ قد أطلقت من تلك المنطقة في التوقيت المذكور.

وعند سؤال الجيش الإسرائيلي عن هذه الحادثة جاء رده كالتالي: "وفي 4 أبريل/نيسان 2006، تم إطلاق ستة صواريخ قسام من منطقة بيت لاهيا. ورد جيش الدفاع بنيران المدفعية بغية إرباك وتشتيت وحدات إطلاق الصواريخ ومنعها من دخول منطقة الإطلاق. ولم يوجه جيش الدفاع قذائفه إلى المناطق المأهولة، وهو ليس على علمٍ بوقوع إصابات في صفوف المدنيين الفلسطينيين، أو بأية ادعاءاتٍ بوقوع هذه الإصابات".170 إلا أن الجيش لم يقل شيئاً عن المسافة بين منصات إطلاق الصواريخ وبين المناطق المأهولة التي أصابتها قذائفه، ولم يشر إلى قذائف أخطأت هدفها أو إلى أي خللٍ آخر في التسديد.

عائلة غبن

في العاشر من أبريل/نيسان، قتلت قذيفةٌ إسرائيلية شخصاً واحداً وجرحت 10 آخرين عندما أصابت منزل عائلة غبن في بيت لاهيا. وكان 13 شخصاً من أفراد العائلة وأصدقائهم يجلسون أو يلعبون في باحة المنزل عندما سمعوا صوت قذيفتين على مسافةٍ بعيدة من المنزل. وتتذكر صوفيا البالغة 37 عاماً ما جرى، فتقول: "قلت لأبنائي أن يدخلوا المنزل لأنني كنت خائفةً عليهم. وكان المنزل أكثر الأماكن أمناً

ثم جاءت قذيفةٌ ثالثة فأصابت المنزل واخترقت السقف ودمرت معظم المنزل. تقول صوفيا: "ظننت أن أبنائي ماتوا جميعاً لأنني رأيتهم والدماء والحجارة تغطيهم. ثم غبت عن الوعي [ثلاثة أيام]".172 قتلت القذيفة هديل (8 أعوام) وجرحت تسعةً من أفراد العائلة: أصيبت صوفيا التي كانت حبلى في شهرها الثامن بشظايا في يدها وجنبها وظهرها وفقدت السمع؛ وجرح تحرير (19 عاماً) في ظهره وكتفه الأيمن؛ وجرحت إيمان (16) في عينها ووجهها وذراعيها وساقيها؛ وجرح بسام (15) في رأسه ويده؛ وجرح غسان (12) في ظهره؛ وجرح منير (10) في عينيه وساقيه؛ وجرحت آنا (9) في رأسها وإحدى ساقيها؛ وجرحت رنا (3) في ساقيها ووجهها ولم تعد قادرةً على الكلام؛ وجرحت روان (13 شهراً) في رأسها؛ كما أصيبت جاكلين معروف (8 سنوات)، وهي صديقةٌ لهديل، بصدمةٍ عصبية.173

وجاء في رد الجيش الإسرائيلي على مطالبة هيومن رايتس ووتش بمعلومات عن هذه الحادثة: "في 10 أبريل/نيسان 2006، وقبل التوقيت المذكور، تم إطلاق صاروخي قسام باتجاه إسرائيل من شمال قطاع غزة. فرد جيش الدفاع بنيران المدفعية، لكنه لم يطلق النار على المباني المذكورة. وكانت القذائف موجهةً إلى أماكن مفتوحة، ولم يسجل أي انحرافٍ لها عن أهدافها في ذلك الوقت".174

صوفيا غبن (37 عاماً) تجلس مع ابنها الرضيع في الغرفة التي اختبأت فيها في منزلها في بيت لاهيا أثناء القصف المدفعي الإسرائيلي بتاريخ 10 أبريل/نيسان 2006. وقد تعرضت الغرفة لأضرارٍ بالغة، تظهر جليةً في الخلفية. وأدى القصف إلى مقتل ابنتها هديل (8 أعوام)، وجرحها هي وثمانية أفراد من عائلتها. السيدة غبن، المصورة هنا بتاريخ 10 يونيو/حزيران 2006، كانت حاملاً بالشهر الثامن بهذا الطفل عند وقوع القصف. © 2006، بوني دوكرتي/هيومن رايتس ووتش

عائلة أبو عودة

أصابت قذيفةٌ أطلقها الجيش الإسرائيلي منزل شهدي محمد أبو عودة في بيت حانون عند الساعة 3:30 من بعد ظهر 29 أبريل/نيسان 2006. وأسقطت القذيفة أربعة خزانات مياه كانت على سطح المنزل، كما سببت انهيار سقف إحدى الغرف. وكان داخل المنزل في ذلك الوقت حوالي 35 شخصاً لأن شقيقة شهدي كانت في زيارةٍ له مع أولادها. وجرحت القذيفة عبد الرحيم (13 عاماً) في ساقه ويده؛ كما جرحت ابن شقيقة شهدي (5 أعوام)، ويدعى محمد، في رقبته. وقد عثرت هيومن رايتس ووتش على شظايا قذيفة من عيار 155 ملم، فضلاً عن كثيرٍ من آثار الشظايا التي تطابق هذا السلاح. وقال أبو عودة إنه لم ير أبداً أية منصة إطلاق لصواريخ القسام في الحي.175

شهدي محمد أبو عودة يصعد درج منزله المتضرر بشدة في بيت حانون بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2006. فقد ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية المنزل بشكلٍ مباشر بتاريخ 29 أبريل/نيسان 2006 وأدت إلى إصابة طفلين على الأقل بجروح. © 2006، بوني دوكرتي/هيومن رايتس ووتش

وعند سؤال الجيش الإسرائيلي عن هذه الحادثة أجاب: "في 29 أبريل/نيسان 2006، تم إطلاق صاروخ قسام واحد من شمال قطاع غزة، وقبل التوقيت المذكور في استفساركم. وقد رد الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية بغية إرباك وتشتيت وحدات إطلاق الصواريخ ومنعها من دخول منطقة الإطلاق. ولم تستهدف قذائف الجيش المباني المذكورة، بل استهدفت مناطق مفتوحة. ولم يحدث أن انحرفت القذائف عن أهدافها في ذلك الوقت".176

مجمع أبراج الندى

في أيام 24 و26 و28 يوليو/تموز، أصابت سلسلةٌ من رشقات المدفعية الإسرائيلية مجمعاً سكنياً ضخماً يعرف باسم "أبراج الندى" والمنطقة المحيطة به. وقتلت القذائف 4 مدنيين فلسطينيين بينهم طفلان، وجرحت 14 غيرهم. والقتلى هم صادق ناصر (31 عاماً)، وسعدي أحمد نعيم (30 عاماً)، وصلاح ناصر (16 عاماً)، وختام تايه (11 عاماً)؛ وكان بين الجرحى من تعرض لإصاباتٍ خطيرة في الجذع ولفقدان بعض أصابعهم، فضلاً عن عددٍ من الجروح الناجمة عن الشظايا. كما ألحقت القذائف أضراراً جسيمة ببعض الشقق السكنية وأجبرت مئات الأسر على الفرار.

وكانت الجماعات الفلسطينية المسلحة عادةً ما تستخدم منطقةً مفتوحةً واسعة قرب
الأبراج لإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وتقارب مساحة هذه المنطقة 1 كم2، وتبدأ اعتباراً من الضفة الثانية لشارعٍ معبد يمر على امتداد الجانب الخلفي للأبراج. وكان الجيش الإسرائيلي كثيراً ما يقصف تلك المنطقة المفتوحة قبل 24 يوليو/تموز دون إيقاع أي أذى بالسكان أو أي ضرر بالمباني.

ويقول بعض سكان المجمع إن الجماعات المسلحة لم تكن تطلق الصواريخ من مسافةٍ قريبة من الأبراج، لكنها، قبل أسبوعٍ من القصف الإسرائيلي الذي أصاب المجمع، أطلقت صواريخها من مكانٍ قريب من خزان مياه ضخم غير مُستعمل يقع في المنطقة المفتوحة ويبعد زهاء 100 متر عن أقرب مبنى سكني، لكن الرد الإسرائيلي على هذا الاقتراب من الأبراج جاء أكثر قرباً إليها.

وقال السكان إنهم منعوا المقاتلين المسلحين من إطلاق الصواريخ من مكانٍ قريب من الأبراج يقع في المنطقة المفتوحة، وذلك مساء 23 يوليو/تموز، أي قبل نحو 14 ساعة من أول قصف إسرائيلي على المجمع. وقال جميع السكان تقريباً إن أية صواريخ لم تطلق من المنطقة يوم 24 يوليو/تموز؛ كما لم يُطلق قبل ذلك أي صاروخ من منطقة الأبراج نفسها. وقال أحد السكان الذين تحدثنا إليهم إنه سمع في 24 يوليو/تموز ما اعتقد أنه صوت انطلاق صاروخ قسام من سطح أحد المباني في المجمع. لكن فحصنا لسطح المبنى وسطوح المباني المجاورة بعد يومين من الحادثة، وكذلك بعد أسبوعٍ واحد منها، لم يكشف عن أي دليلٍ يؤيد ذلك، كآثار الحروق التي يتركها إطلاق الصواريخ عادةً.

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول، رد الجيش الإسرائيلي على هيومن رايتس ووتش بالقول إنه، وقبل القصف الذي جرى يوم 24 يوليو/تموز، "أطلقت 6 صواريخ قسام باتجاه إسرائيل. وجاء بعضها من مساكن الضباط [هكذا وردت] والمنطقة المحيطة"، وهي منطقةٌ حددها الجيش بقوله إنها "ضمن دائرة نصف قطرها كيلومتر ونصف".177

وبعيد الواحدة من ظهر 24 يوليو/تموز، قصف الجيش الإسرائيلي الأبراج خمس مرات على فترةٍ تقارب 11 ساعةً. وأثناء هذه الفترة اتصل عناصر الأمن الفلسطيني بنظرائهم الإسرائيليين وأخبروهم أن القصف يمثل خطراً على المدنيين. وفي حديثه إلى المراسلين في اليوم التالي، نسب متحدثٌ باسم الجيش الإسرائيلي القصف إلى "قذائف أخطأت أهدافها".178 لكن الجيش الإسرائيلي لم يشر في ردين بعث بهما إلى هيومن رايتس ووتش في 6 أغسطس/آب و12 أكتوبر/تشرين الثاني إلى وجود أي خطأ في القصف. ونتناول هذه الحالة بتعمقٍ أكبر في الملحق رقم 2.

عائلة العثامنة

طبقاً لما قاله مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، قصف الجيش الإسرائيلي يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 شمال غرب بيت حانون مدة 30 دقيقة بحوالي 12 إلى 15 قذيفة مدفعية من عيار 155 ملم.179 وأصابت القذائف مجمعاً سكنياً تملكه عائلة العثامنة، كما لحقت بسبعة منازل إصاباتٍ تراوحت بين وقوع أضرار وبين التدمير الكامل. وأدى هذا القصف إلى مقتل 23 مدنياً أو إصابتهم بجروحٍ قاتلة، فضلاً عن جرح 40 غيرهم، وذلك عندما كان الضحايا نائمين أو أثناء جريهم خارجين فراراً من القصف. والقتلى هم: فاطمة أحمد العثامنة (80 عاماً)؛ ومسعود عبد الله العثامنة (55 عاماً)؛ ونعيمة أحمد العثامنة (55 عاماً)؛ وصباح محمد العثامنة (45 عاماً)؛ وصقر محمد عدوان (45 عاماً)؛ ومنال محمد العثامنة (35 عاماً)؛ وسناء أحمد العثامنة (35 عاماً)؛ ونهاد محمد العثامنة (33 عاماً)؛ ومحمد رمضان العثامنة (28 عاماً)؛ وسمير مسعود العثامنة (23 عاماً)؛ وعرفات سعد العثامنة (16 عاماً)؛ وفاطمة مسعود العثامنة (16 عاماً)؛ ومحمد سعدي العثامنة (14 عاماً)؛ ومهدي سعدي العثامنة (13 عاماً)؛ ومحمد أحمد العثامنة (13 عاماً)؛ وسعد مجدي العثامنة (8 أعوام)؛ وميساء رمزي العثامنة (4 أعوام)؛ ومالك سمير العثامنة (4 أعوام)؛ وسعدي أبو عمشة.180 وقد توفي في وقتٍ لاحق 4 مدنيين آخرين متأثرين بجراحهم.181

وفي اليوم التالي، قالت صحيفة هاآرتس إن القصف المدفعي الإسرائيلي جاء بموجب معلومات استخباراتية تفيد بأن ناشطين من حماس سيصلون إلى بيت حانون قادمين من مخيم جباليا للاجئين، وسينصبون منصات إطلاق، ويطلقون صواريخ القسام باتجاه عسقلان في وقتٍ مبكرٍ من الصباح بغية استهداف الأطفال الإسرائيليين أثناء ذهابهم إلى المدارس.182

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الحادث بأنه "خطأ". وقال: "أنا منزعجٌ جداً من هذا الحادث. إنني حزينٌ جداً

وخلص التحقيق الذي أمر وزير الدفاع عامير بيرتس بإجرائه بعد يومٍ من الحادث إلى أن تلك الإصابات وقعت بفعل خلل فني، لكنه لم يتناول مسألة إذا ما كان الجيش قد اتبع الإجراءات السليمة التي يفرضها القانون الإنساني الدولي لضمان دقة القصف الذي استمر 30 دقيقة، ومن الذي يجب محاسبته إن لم يكن الأمر كذلك.184

ويوحي المحققون الصحفيون في هاآرتس بوجود نقص في التقيد بالإجراءات المطلوبة:

"أصيب رجال المدفعية المخضرمون بالفزع عندما اكتشفوا أن البطارية أطلقت قذائفها على بيت حانون استناداً إلى معطيات تعود إلى الليلة السابقة. وتقضي الإجراءات المتبعة في سلاح المدفعية بأن تعيد الوحدة المدفعية ضبط الإحداثيات والمدى ذلك الصباح قبل إطلاق النار على الهدف المحدد. وذلك لأن التغيرات في الطقس ونسبة الرطوبة يمكن أن تؤثر على مسار القذيفة.

وبدون إعادة ضبط الإحداثيات، لا يكون انحراف القذيفة مسافة 450 متراً مستبعداً أبداً. ومما يدعو إلى قدرٍ أكبر من القلق هو مسافات الأمان عن البيوت. فهذه المسافات تتراوح في قطاع غزة من 200 إلى 300 متر. وقد كانت في لبنان قبل الانسحاب كيلومتراً واحداً من محيط القرية. أما في قطاع غزة، فيجري مخالفة هذه القواعد جميعاً".185

وفي نفس اليوم، قال مراسلٌ حربيٌّ آخر في هاآرتس:

"ثمة سؤالٌ لم يطرحه أحد: كيف لم ير أحدٌ مكان سقوط القذائف بعينيه؟ لم يتتبع أحدٌ بعينيه مكان سقوط القذائف فعلاً. ومن أكثر الأشياء منطقيةً، هو أن يفعل المرء ذلك عند الرمي في المناطق المسكونة. مازال الغموض قائماً؛ فمهمة تحقيق تنتهي في يومٍ واحد ليست كافيةً للخروج بإجاباتٍ حقيقية."186

وقد دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الإسرائيلية إلى إجراء تحقيقٍ شاملٍ ومستقل.187

حوادث قصف أخرى تصيب المدنيين

أصابت معظم جولات القصف المدفعي الإسرائيلي في الفترة التي يشملها التقرير مناطق مفتوحة، ولم تصب مناطق سكنية. كما لم يفضِ معظمها إلى وقوع إصاباتٍ في صفوف المدنيين. لكن هيومن رايتس ووتش حققت في كثيرٍ من الحالات التي أطلقت فيها المدفعية الإسرائيلية نيرانها على مناطق مفتوحة قريبة من منازل الفلسطينيين وحقولهم وصوباتهم الزجاجية في بيت لاهيا وبيت حانون قرباً كان كافياً لإيقاع كثيرٍ من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. وتلقي هذه الحالات مزيداً من الضوء على الكلفة الواقعة على المدنيين بسبب استخدام إسرائيل سلاح المدفعية في شمال غزة. أما إذا ما كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الإنساني الدولي أثناء حالات القصف هذه، فهو أمرٌ يتعلق إلى حدٍّ كبير بما إذا كان الجيش الإسرائيلي يطلق النار على أهداف عسكرية مؤكدة؛ وهذا ما لم نستطع التثبت منه.

بيت حانون

في 5 يناير/كانون الثاني 2006، قتل القصف الإسرائيلي على أطراف بيت حانون سائق سيارة الأجرة ياسر أبو جراد الذي كان خارجاً في ذلك الوقت. وأدى القصف أيضاً إلى إيقاع أضرار بمنازل مجاورة وإلى إصابة من بداخلها. فقد أصيب محمود صلاح أبو هربيد (12 عاماً) بجراحٍ في ساقه بسبب الشظايا. ويقول زايد سليمان الكفارنة، وهو جارٌ قام بإسعاف الصبي: "سمعت صراخاً داخل [المنزل]، فدخلت لأجد الصبي جريحاً".188

ورغم عدم تمكن السكان من تحديد بعد الانفجار عن المنازل على نحوٍ دقيق، فإن المدى الذي وقعت فيه إصابات بفعل القذائف يوحي بأنها لم تكن تبعد عن المنازل أكثر من 100-300 متر.

ورداً على مطالبة هيومن رايتس ووتش الجيش الإسرائيلي بالتعليق على الحادث قال:

"5 يناير/كانون الثاني 2006، أطلقت من شمال قطاع غزة ثلاثة صواريخ قسام باتجاه إسرائيل. وقد انطلق واحدٌ منها على الأقل من منطقة بيت حانون. وفي اليوم السابق (أي 4 يناير/كانون الثاني)، تم إطلاق 13 صاروخ قسام باتجاه إسرائيل من شمال قطاع غزة؛ وكان ثلاثةٌ منها على الأقل من منطقة بيت حانون. ورد الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية التي استهدفت نقطة الإطلاق وليس المناطق المأهولة، وذلك بغية إرباك وتشتيت وحدات إطلاق الصواريخ ومنعها من دخول منطقة الإطلاق".189

عائلة الكفارنة

في قصفٍ آخر على بيت حانون وقع في شهر فبراير/شباط 2006، اخترقت الشظايا مطبخ منزل زايد سليمان الكفارنة عند الغروب فأصابت زوجته بجرحٍ في ركبتها جعلها غير قادرة على الوقوف وأفقدها الوعي.190 ولم يستطع الكفارنة تذكر التاريخ الدقيق لتلك الحادثة، لكنه عرض علينا دلواً مليئاً بشظايا قذائف 155 ملم جمعها من القصف الذي استهدف منزله، إضافةً إلى الثقوب في جدران المنزل، وهي تطابق الثقوب التي تحدثها الشظايا. ويقع منزل الكفارنة على أطراف بيت حانون، لكنه محاطٌ بمنازل أخرى. ولم يكن من الواضح لـ هيومن رايتس ووتش مكان سقوط القذيفة، لكن رواية الكفارنة توحي بأنها انفجرت قرب المنزل. وقال الكفارنة إن فلسطينيين أطلقوا صواريخ من ذلك الحي قبل عامين، لكنهم لم يطلقوا أية صواريخ في الفترة الأخيرة.191 لكن لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من العثور على ما يؤيد أقواله. وبما أنه لم يتمكن من تحديد تاريخ دقيق لتلك الحادثة، فإننا لم نطلب من الجيش الإسرائيلي معلوماتٍ بشأنها.

برج العودة

في الساعة 9:30 من مساء 14 مارس/آذار 2006، كان طالب الاقتصاد إسماعيل محمد بسيوني (32 عاماً) جالساً على أريكةٍ في شقته بالطابق الأخير من برج العودة الواقع بين بيت لاهيا وبيت حانون. وقد اتصلت به أسرته بالهاتف الخلوي طالبةً منه النزول لبضع دقائق. ويقول إسماعيل: "بعد 10 دقائق، صعدت من جديد لأجد النافذة مكسورةً ولأجد شظيةً على الأريكة [ناجمة عن انفجارٍ قريب]. وقد أنقذ ذلك الاتصال الهاتفي حياتي".192 وقد أظهر لـ هيومن رايتس ووتش شظية قذيفة مستديرة تبلغ حوالي 10 سم، ويبدو أنها جزءٌ من قاعدة القذيفة. كما عرض صوراً للشظية حيث استقرت، ويظهر خلفها الزجاج المتناثر. وقال إن الجيش الإسرائيلي أطلق 15 إلى 20 قذيفة مدفعية على منطقةٍ قريبة في ذلك اليوم. كما قال إنه لم يلاحظ إطلاق أية صواريخ فلسطينية من المنطقة.193 ولم نستطع التثبت من عدم إطلاق الفلسطينيين الصواريخ من تلك المنطقة في الوقت المذكور.

وفيما يتصل بهذا الحادث، رد الجيش الإسرائيلي مستخدماً التعابير الفضفاضة التي يستخدمها عادةً: "في 14 مارس/آذار 2006، أطلقت ثمانية صواريخ قسام باتجاه إسرائيل من قطاع غزة. وكان أربعةٌ منها على الأقل من شمال القطاع. ورد جيش الدفاع بنيران المدفعية بغية إرباك وتشتيت وحدات إطلاق الصواريخ ومنعها من دخول منطقة الإطلاق".194

نعمت محمد المصري تشير إلى حفرةٍ في منزلها في بيت لاهيا تسببت بها قذيفة مدفعية إسرائيلية بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2006. ويعتبر مثل هذا الضرر نموذجياً للقصف المدفعي. وقد سقطت قذيفتان في فناء منزل المصري بعد خمس دقائق فقط من دخول أطفالها إلى المنزل لتناول الفطور بتاريخ 5 أبريل/نيسان 2006. © 2006، بوني دوكرتي/هيومن رايتس ووتش

عائلة المصري

في الثامنة من صباح يوم 5 أبريل/نيسان 2006، كانت نعمت محمد المصري تحضر فطور أسرتها في بيت لاهيا. وتقول نعمت: "كنت أوقظ أطفالي لتناول الفطور، وكان بعضهم يلعب هناك [في باحة المنزل]، فدخلوا إلى المنزل. وبعد خمس دقائق سقطت القذيفة الأولى حيث كانوا يلعبون لكن لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على ما يؤيد أقوالها.

وجاء في الرد الإسرائيلي فيما يتعلق بهذه الحادثة، وهو ردٌّ لم نعثر على ما يؤيده أيضاً: "في 5 أبريل/نيسان، تم إطلاق 11 صاروخ قسام من شمال قطاع غزة؛ مما أوقع أضراراً جسيمة بالبلدات والقرى الإسرائيلية القريبة. فرد الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية من أجل إرباك وتشتيت وحدات إطلاق الصواريخ ومنعها من دخول منطقة الإطلاق. ولم يوجه جيش الدفاع قذائفه إلى المناطق المأهولة، وهو ليس على علمٍ بأية ادعاءاتٍ فلسطينية بوقوع أضرار في أي مبنى".

حي العطاطرة، بيت لاهيا

أدى سقوط عددٍ من القذائف المدفعية الإسرائيلية لحي العطاطرة في بيت لاهيا حوالي الساعة 11:30 من قبل ظهر يوم 6 أبريل/نيسان 2006 إلى جرح اثنين من الفلاحين داخل صوبة زجاجية. فقد جرح رجب أبو حليمة (60 عاماً) في ذراعه، وأصيب أحمد رمضان (20 عاماً) في ساقه. ويقول عبد الله أبو حليمة، وهو أحد أقارب رجب وكان موجوداً أثناء الحادث: "كانا على بعد 30 متراً من الانفجار تقريباً. ولو كانا أقرب لقتلا".197 وقال أيضاً إن أحداً لم يطلق الصواريخ قرب المزرعة موضحاً ذلك بقوله إنها منطقةٌ مفتوحةٌ مكشوفة يصعب الاحتماء فيها من القصف المضاد.198 ولم يتسنّ لـ هيومن رايتس ووتش التثبت من عدم إطلاق صواريخ فلسطينية من تلك المنطقة في ذلك الوقت.

ورداً على استفسارات هيومن رايتس ووتش حول هذا الحادث، كتب الجيش الإسرائيلي: "في 6 أبريل/نيسان 2006، وقبل التوقيت المذكور في استفساركم، تم إطلاق صاروخا قسام من منطقة العطاطرة، فجرحا مواطنين إسرائيليين وسببا اندلاع حريقٍ أفضى إلى أضرارٍ جسيمة في أحد المصانع. ورد جيش الدفاع الإسرائيلي بنيران المدفعية التي استهدفت منطقة الإطلاق. وقد حذر الجيش السكان الفلسطينيين من التواجد قرب مناطق إطلاق الصواريخ وطلب منهم رفض السماح باستخدام المناطق المحيطة ببيوتهم من قبل وحدات إطلاق الصواريخ. وغالباً ما يقوم الإرهابيون بإطلاق الصواريخ من الصوبات الزجاجية والحقول".199 وعلى النقيض مما قاله الجيش الإسرائيلي، لا يعتبر المدنيون مسؤولون عن منع الجماعات المسلحة من تنفيذ عملياتها العسكرية قرب أماكن سكنهم، ولا يحق للإسرائيليين تجاهل وجود المدنيين انطلاقاً من وجوب مغادرتهم المنطقة بسبب القتال.

مدينة الشيخ زايد، بيت لاهيا

في 17 أبريل/نيسان 2006، وقع قصفٌ إسرائيلي قرب مدينة الشيخ زايد، وهي مجمعٌ سكنيٌّ ضخم في بيت لاهيا، فقتل صبياً واحداً وجرح اثنين. ففي حوالي الساعة 6 من مساء ذلك اليوم، كان ممدوح محمد العبيد (15 عاماً) يلعب كرة القدم مع زهاء 20 صبياً آخر في منطقةٍ مفتوحة تبعد عن المجمع حوالي 300 متراً. ويقول صديقه حميد حمدي أبو طبق (15 عاماً) إن الكرة تدحرجت بعيداً فذهبا معاً لإحضارها عندما انفجرت قذيفةٌ قرب الملعب فأصابتهما شظاياها. ويقول أبو طبق: "لقد سقطتُّ فوقه". ويضيف: "ثم جاء فتى آخر [نور الدين المجذوب، 19 عاماً] فحملني وترك ممدوح. ثم سقطت 4 قذائف أخرى. وعندما عاد الهدوء رجع [المجذوب] لجلب ممدوح وأخذه إلى المستشفى".200 ويقول إسماعيل، شقيق ممدوح (23 عاماً): "اخترقت الشظايا صدره وعموده الفقري. واستقرت واحدةٌ في ربلة ساقه، واستقرت اثنتان في ساقه الأخرى. وقد رأينا كليتيه وقلبه وكل أحشائه خارجةً من جسمه".201

توفي ممدوح قبل وصوله إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة القريبة. كما أصيب أبو طبق في ساقه اليسرى؛ وجرح أيضاً عمرو أبو القص (14 عاماً).202 وقال إسماعيل، شقيق ممدوح، إن أقرب إطلاق صواريخ سبقت له رؤيته كان في التلال على بعد 2 كم،203 لكن لم تعثر هيومن رايتس ووتش على ما يؤيد أقواله.

وعند سؤاله عن الحادث، قال الجيش الإسرائيلي، دون تقديم ما يؤيد أقواله أيضاً: "في 17 أبريل/نيسان 2006، وقبل التوقيت المذكور في استفساركم، تم إطلاق صاروخا قسام باتجاه إسرائيل من حي الرول بشمال قطاع غزة. وقد رد الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية، لكنه لم يستهدف المناطق المأهولة، بل استهدف القصف الانتقامي مناطق مفتوحة، ولم يلاحظ أي انحراف للقذائف في ذلك الوقت. وهو ليس على علمٍ بوقوع إصابات في صفوف المدنيين الفلسطينيين، أو بأية ادعاءاتٍ بوقوع هذه الإصابات".204 لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من العثور على حيٍّ بشمال غزة يحمل اسم الرول (أو أي اسم قريب منه، كالغول مثلاً).

آثار القصف على موارد رزق الفلسطينيين

فيما يتجاوز قتل المدنيين وجرحهم وتدمير ممتلكاتهم، يؤدي القصف المدفعي الإسرائيلي إلى إلحاق أذى بالغ بأسباب معيشة كثيرٍ من سكان شمال غزة. وقد أصيبت الزراعة بتلك الأضرار خاصةً (يُزرع في تلك المنطقة البندورة والخيار والفراولة والذرة والبطيخ). ويقول الفلاح عطية أبو حليمة (20 عاماً): "تقول إسرائيل إنها لا تقصف غير الحقول الفارغة، لكن تعالوا وشاهدوا صوباتنا الزجاجية

أما المزارع حسام العدر (29 عاماً)، فلم يذهب إلى حقله طيلة ثلاثة أشهر، ثم ذهب إليه عندما أوقف الجيش الإسرائيلي القصف بعد حادثة شاطئ غزة أوائل يونيو/حزيران 2006. وقد وجد صوبته الزجاجية مدمرة بفعل القصف.206

مزارع فلسطيني يشير إلىحفرة أحدثتها قذيفة مدفعية إسرائيلية داخل الصوبة الزجاجية (الدفيئة) التي يمتلكها في بيت لاهيا بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2006. وقد أدى الهجوم إلى تدمير الصوبات الزجاجية مما جعل الزراعة مستحيلة. ولم يقم المزارعون بإعادة البناء خوفاً من تكرار الهجمات. © 2006، بوني دوكرتي/هيومن رايتس ووتش

وقد زارت هيومن رايتس ووتش كثيراً من المزارع وشاهدت فيها صوبات زجاجية كانت إما جافةً أو مفرطةً في النمو. كما شاهدت شظايا القذائف داخل بعضٍها مما يشير إلى أن القصف الإسرائيلي هو الذي دمرها.

وقال مسؤولون فلسطينيون إنهم عثروا على 40 قذيفة مدفعية على الأقل ما زالت في الأرض لم تنفجر في منطقة شمال غزة. وهذا ما يجعل بعض المناطق غير آمنةٍ للزراعة. كما أن إزالة هذه القذائف أمرٌ صعب؛ لأن الفلسطينيين يخشون تجدد القصف على تلك المناطق.207

مبررات الجيش الإسرائيلي

برر الجيش الإسرائيلي ما قام به من قصف بأنه محاولةٌ للدفاع عن إسرائيل في مواجهة الصواريخ الفلسطينية التي تطلق على التجمعات الإسرائيلية في غرب النقب. وقال المحامي العام في الجيش الإسرائيلي اللواء آفيهاي ماندلبليت: "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها".208 وفي رسالةٍ وردت في أكتوبر/تشرين الأول 2006 رداً على أسئلة هيومن رايتس ووتش قال الجيش الإسرائيلي: "إن الهدف من هذا القصف [المدفعي] هو إرباك وتشتيت وحدات إطلاق الصواريخ ومنعها من دخول هذه المناطق ...". ويضيف الرد إن "معظم" القصف المدفعي بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، وإن "آلاف قذائف المدفعية أطلقت منذ ذلك الوقت رداً على إطلاق صواريخ القسام".209

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يركز هجماته "على الأهداف العسكرية فقط". ويشير اللواء ماندلبليت إلى أن:

"المدفعية لا تستخدم إلا ضد الأهداف العسكرية، أي المناطق التي تنطلق منها صواريخ القسام. وهي تراعي القيود التي يفرضها القانون الإنساني الدولي. وتقضي قواعد الاشتباك الخاصة بالمدفعية بعدم إطلاق النار دون تحديد هدف. لقد أطلقت على غزة آلاف القذائف، ولم يقع عدد كبير من المدنيين بسببها. ولو لم يكن هناك قيودٌ على القصف، لكانت النتائج مرعبةً".210

والجيش الإسرائيلي مصيبٌ في الإشارة إلى أهمية عدم إطلاق القذائف على غير الأهداف العسكرية المشروعة، لكن تحقيقات هيومن رايتس ووتش في الحوادث التي أصيب فيها مدنيون تبين أن تعريف الجيش الإسرائيلي لهذه الأهداف فضفاض جداً بحيث يشمل أية منطقةٍ أطلقت منها صواريخ فلسطينية ذات مرة، أو يتوقع إطلاقها منها. وهذا الأسلوب يعرض المدنيين إلى مخاطر غير ضرورية ويثير مخاوف بالغة من وجهة نظر القانون الإنساني الدولي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن هجماته كانت فوريةً وشديدة التحديد أحياناً. ففي رسالته في نوفمبر/تشرين الثاني 2006، يقول الجيش إن وجود إنذار بإطلاق "وشيك" للصواريخ اقتضى أحياناً القيام بالقصف المدفعي بصفته "ضرورة عملياتية".211 وفي 18 يونيو/حزيران 2006، قال لنا اللواء ماندلبليت: "إننا نرد بالقصف المدفعي على مناطق الإطلاق بعد ثوانٍ أو دقائق من إطلاق صواريخ القسام".212

ومع أن الجيش الإسرائيلي يرد على إطلاق الصواريخ رداً فورياً يستهدف الصواريخ ومن يطلقونها، فإن الجيش نفسه يعترف بأن قصفه لم يقتصر على هذه الظروف وحدها. (وبأنه لا يقع ضمن أحكام القانون الإنساني الدولي ضرورةً). وقد قال الجيش في رسالته التي بعثها في أكتوبر/تشرين الثاني 2006: "إن الموقع الذي يستخدم لإطلاق الصواريخ، حتى وإن لم يكن مستخدماً لإطلاقها ساعة الهجوم، يمكن أن يتم استخدامه مجدداً لتلك الغاية بفعل موقعه. والموقع من هذا النوع يشكل مساهمةً عسكريةً هامة بحكم موقعه مما يجعله هدفاً عسكرياً مشروعاً".213

كما يقول الجيش إن قصف الأماكن التي استخدمت لإطلاق الصواريخ سابقاً هو جزءٌ من محاولته الرامية إلى مكافحة هذه الأسلحة. ويقول المحامي في الجيش الإسرائيلي العقيد نعوم نيومان: "هذه أداة فعالة جداً. ولدينا إحصائيات كثيرة. فعندما نقوم بالقصف تقل دقة صواريخ القسام كثيراً إذ أن الإرهابيين يصبحون خائفين من الذهاب إلى هذه المناطق. وعندما نوقف القصف تصبح الصواريخ أكثر دقة وأفضل تصويباً".214 وهو يقول إن الجيش الإسرائيلي أوقف القصف مدة يومين في مايو/أيار 2006، فزادت الجماعات الفلسطينية المسلحة من إطلاق الصواريخ.215 ويكرر المحامي العام في الجيش الإسرائيلي اللواء ماندلبليت رأي نيومان؛ فهو يقول: "أعتقد أن فعالية [القصف] يجب أن تقاس بتراجع دقة إطلاق الصواريخ".216 لكن ماندلبليت يعترف مع ذلك بأن من الصعب "معرفة ما يحدث فعلاً" في القصف المدفعي على مواقع إطلاق الصواريخ.217

وكما قيل أعلاه، يمكن اعتبار استهداف مناطق من الأرض بالقصف بغية "إغلاقها" هدفاً عسكرياً مشروعاً. لكن القصف بهدف "إغلاق المنطقة" يجب أن يراعي الحظر المفروض على الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة. ولا يجوز أن تكون للأسلحة المستخدمة، حتى عند توجيهها إلى مواقع تمثل أهدافاً عسكرية حقيقية، آثارٌ تصيب كلاً من الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز.218 ولا يجوز أيضاً أن يكون الأذى المتوقع نزوله بالمدنيين والمنشآت المدنية مفرطاً بالمقارنة مع المزية العسكرية الملموسة المباشرة المرتقبة.219 والجيش الإسرائيلي ملزمٌ بإجراء هذا التقييم قبل القصف؛ والظاهر أنه، كما سبقت الإشارة منذ قليل، لم يقم بالتقدير الواجب للخسائر المدنية التي يرجح وقوعها بسبب هذا القصف.

ويقرّ محامو الجيش الإسرائيلي بوجوب تقليل إصابات المدنيين الناجمة عن المدفعية الإسرائيلية. ويقول اللواء ماندلبليت: "من واجبنا فعل كل ما هو ممكن لعدم الإضرار بالمدنيين".220 وفي أحاديثٍ جرت بيننا وبين ممثلين عن الشعبة القانونية في الجيش الإسرائيلي أكد هؤلاء الممثلون على المبادئ الرئيسية في القانون الإنساني الدولي، ومنها مبدأ الضرورة العسكرية، والتمييز، والتناسب، والإنسانية.

وعلى نحوٍ أكثر تحديداً، قال الجيش الإسرائيلي في رده على هيومن رايتس ووتش إن استخدامه المدفعية يراعي القانون الإنساني.221 وأشار الجيش إلى أن قواته كانت:

"تحرص على عدم مهاجمة الأهداف إلا عند امتلاكها معلوماتٍ تفيد أنها أهدافٌ عسكريةٌ مشروعةٌ حصراً؛ أي أن طبيعتها وموقعها وغايتها واستخدامها تمثل مساهمةً فعالةً في العمليات العسكرية. كما أن الجيش لا يهاجم الأهداف العسكرية المشروعة عندما يرجح أن يسبب الهجوم للمدنيين أضراراً عرضيةً غير متناسبة".222

إلا أن المحامين العسكريين الإسرائيليين لا ينظرون في كل قصفٍ مدفعي قبل حدوثه. ويقول أحدهم: "نحن ننظر في السياسة العامة وليس في كل قصف".223 وفضلاً عن ذلك، قال ممثلو الجيش إن مبادئ القانون الإنساني الدولي لا تمنع الجيش الإسرائيلي بالضرورة من إطلاق المدفعية قرب مناطق مأهولة إذا اعتبر ذلك أمراً ضرورياً لمواجهة القصف الصاروخي الفلسطيني. ومع أن القانون الإنساني الدولي لا يحظر جميع الهجمات قرب المناطق المأهولة، فإن نمط الوفيات والجراح التي أصابت المدنيين كما هو موثقٌ هنا، وخاصةً خلال الفترة التي تلت زيادة القصف الإسرائيلي وتخفيض هامش الأمان، وقبل تعليق القصف، يوحي بأن الجيش الإسرائيلي قد لا يكون اتخذ جميع الاحتياطات المعقولة في تقدير إذا كان من شأن قصف مدفعي مخطط له أن يعتبر غير مشروع بموجب القانون الإنساني الدولي بصفته قصفاً عشوائياً أو غير متناسب.

ويدافع الجيش الإسرائيلي عن موقفه قائلاً إن اقتراب من يطلقون الصواريخ من الأحياء المدنية يبرر القصف المدفعي على تلك المناطق في كثيرٍ من الأحوال. وقد أشار الرد الخطي الذي ورد إلى هيومن رايتس ووتش من الجيش الإسرائيلي إلى:

"تعتبر الجهود العسكرية المبذولة لإيقاف إطلاق الصواريخ من داخل قطاع غزة جهوداً معقدة. وذلك بسبب طبيعة نشاطات المنظمات الإرهابية، ولأسبابٍ أخرى؛ فهي تعمل على مقربةٍ شديدة من المناطق السكنية المأهولة، بل داخلها، وتستخدم البيوت للاحتماء من قوات جيش الدفاع التي تعمل جواً وبراً وبحراً من أجل تحديد مواقعها وإيقاف إطلاق الصواريخ".224

وقد قال العقيد نيومان لـ هيومن رايتس ووتش: "إن [مطلقي] القسام يقتربون من البيوت أكثر فأكثر. وقد لا يكون أمامنا خيارٌ غير الاقتراب منها أيضاً

ووضع هدف عسكري، مثل منصات إطلاق الصواريخ، قرب المدنيين يعتبر انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي في حد ذاته؛ وهو في الحد الأدنى انتهاكٌ لواجب اتخاذ جميع الاحتياطات المعقولة لتجنب الإصابات في صفوف المدنيين، وإذا ثبت التعمّد يعتبر استخداماً للمدنيين كدروع بشرية. لكن هذا الانتهاك من جانب القوات الفلسطينية لا يعفي إسرائيل من واجبها القانوني في اتخاذ جميع الاحتياطات المعقولة لتقليل إصابات المدنيين. فعند إطلاق قذائف 155 ملم بالقرب من أماكن سكن المدنيين، يكون على الجيش الإسرائيلي أن يأخذ في اعتباره عدم الدقة الملازم لهذه الأسلحة، وكذلك المدى البعيد الذي تبلغه شظاياها. وعليه أن يضمن أيضاً أن لا تكون الخسائر المتوقعة في أرواح المدنيين وممتلكاتهم مفرطةً بالمقارنة مع الكسب العسكري المتوقع. وعلى الجيش الإسرائيلي الأخذ بجميع هذه الاعتبارات، بصرف النظر عما إذا كانت الجماعات المسلحة الفلسطينية تنتهك القانون الإنساني الدولي من خلال وضع أهداف عسكرية بالقرب من المناطق كثيفة السكان. فانتهاك القانون من جانب أحد الأطراف لا يبيح للطرف الآخر خرقه.227

وقال محامو الجيش الإسرائيلي لـ هيومن رايتس ووتش إن توزيع منشورات تحذيرية قبل قصف مناطق إطلاق الصواريخ يساهم في تحقيق المشروعية لذلك القصف.228 ويقول العقيد نيومان: "إن تحذير المدنيين هو ما يسمح لنا بفعل هذا [القصف المدفعي]".229 كما جاء في الرد الخطي من الجيش الإسرائيلي إنه يوجه "دعوات كثيرة متكررة لحفظ سلامة سكان غزة بتجنب المناطق التي تنطلق منها صواريخ القسام وتدور فيها نشاطاتٌ إرهابية. وهذا ما يجري عبر إلقاء المنشورات جواً، وتوجيه نداءات متكررة عبر ضباط التنسيق في المناطق، وكذلك بث الرسائل عبر وسائل الإعلام الفلسطيني".230 كما قال الجيش في رسالته في شهر نوفمبر/تشرين الثاني: "إن جيش الدفاع يتخذ في جميع عملياته تدابير أمان بغية تقليل الأضرار الجانبية. وهو يأسف لأي أذى غير مقصود يصيب المدنيين أو ممتلكاتهم نتيجة العمليات الهادفة إلى وقف إطلاق صواريخ القسام".231

ويلزم القانون الإنساني الدولي أطراف النزاع، بقدر ما تسمح الظروف، بتوجيه إنذار مسبق، وبوسيلةٍ مجدية، قبل الهجوم الذي يمكن أن يؤذي السكان المدنيين.232 لكن، وكما تقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر في "القانون الإنساني الدولي العرفي": "يشير ما استقرت عليه ممارسات الدول إلى أن جميع الالتزامات المتعلقة بمبدأ التمييز وبسير الأعمال العدائية تظل ساريةً حتى إذا بقي المدنيون في منطقة العمليات بعد توجيه إنذارٍ إليهم".233 ولو لم يكن الأمر كذلك، لكان بوسع الجماعات الفلسطينية المسلحة أن "تنذر" مدنيي سديروت بالمغادرة ثم تطلق صواريخها بصرف النظر عمن بقي فيها.

النتائج القانونية

إن القصف المدفعي الإسرائيلي على شمال غزة، في الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، ينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على الهجمات العشوائية وغير المتناسبة. أولاً، لا يمكن توخي التمييز اللازم لتجنب وقوع إصابات غير ضرورية في صفوف المدنيين عند استخدام قذائف مدفعية شديدة الانفجار من عيار 155 ملم (يصل نصف قطر الإصابة المتوقع لهذه القذائف إلى 300 متر)، وذلك من أجل منع إطلاق الصواريخ من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة بالقرب من المناطق السكنية.234 ثانياً، يمكن توقع تسبّب إطلاق قذائف المدفعية من عيار 155 ملم على مناطق مجاورة لمساكن المدنيين بغية "إغلاقها" في وقوع خسائر مدنية مفرطة بالمقارنة مع أي كسبٍ عسكري. (على سبيل المثال، يتعين على القصف الهادف إلى دفع منصات إطلاق الصواريخ إلى الوراء حتى تصبح سديروت خارج مرماها أن يراعي الحظر المفروض على الهجمات غير المتناسبة). والموازنة بين الأذى الذي يصيب المدنيين وبين المكسب العسكري المرتقب هو اختبارٌ ذاتي يتطلب معرفةً محددة بالمكسب العسكري المرجو. إلا أن إسرائيل (واستناداً إلى الحقائق المتوفرة) لم تبرهن على أن المكاسب العسكرية التي يحققها القصف المدفعي تفوق الأذى النازل بأرواح وممتلكات آلاف المدنيين الفلسطينيين. ثالثاً، إن امتناع الجيش الإسرائيلي عن إجراء التحقيق الكافي في جميع حوادث القصف (تقريباً) التي أودت بأرواح مدنيين يشير إلى امتناعه عن اتخاذ جميع الخطوات المعقولة لتقليل إصابات المدنيين. وعلى إسرائيل أن تتدارك هذه الانتهاكات الثلاثة جميعاً إذا قررت استئناف القصف المدفعي ذات يوم.

وأما كون المقاتلين الفلسطينيين ينتهكون القانون الإنساني الدولي بإطلاق الصواريخ على مراكز سكانية مدنية في إسرائيل فهو لا يعفي إسرائيل من واجب التقيد بذلك القانون. كما لا يعفي إطلاق الجماعات المسلحة صواريخها قرب المناطق كثيفة السكان إسرائيل من واجب عدم شن هجمات عشوائية أو غير متناسبة.

وعلى أطراف النزاع المسلح إيجاد الوسائل والأساليب التي تسمح لهم بخوض العمليات القتالية بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي بصرف النظر عن ارتكاب الطرف الآخر انتهاكاتٍ لذلك القانون. ورغم كثرة العوامل التي تساهم فيما يعيشه المدنيون الإسرائيليون في بلداتٍ مثل سديروت من خوفٍ ومشقة، وما يعيشه كثيرٌ من الفلسطينيين في شمال غزة، لا يوجد عذرٌ مقبول يبرر مقتل المدنيين وإصابتهم بسبب انتهاك القانون الإنساني الدولي. ويقع على القوات الإسرائيلية والفلسطينية على حدٍّ سواء واجب العمل فوراً من أجل جعل ممارساتها تتفق مع القانون الإنساني الدولي. ولا يبرر الانتهاك الجسيم الذي يرتكبه أحد الأطراف قيام الطرف الآخر بارتكاب انتهاكات جسيمةٍ بدوره.




135 بيانات أعدها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من أجل هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2006، تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن الوضع في غزة من أكتوبر/تشرين الأول 2006 حتى مايو/أيار 2007.

136 لم تكن لدى هيومن رايتس ووتش معلوماتٌ على درجةٍ من التفصيل تسمح لها بإجراء نفس التحليل على أعداد الجرحى. ومن هذه الأعداد، لم نحقق إلا في حوادث سقط فيها ما مجموعه 37 جريحاً. كما أن تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومركز فلسطين لحقوق الإنسان تحصي 43 جريحاً من الأطفال دون 16 عاماً ومن النساء والكهول. وليست لدى هيومن رايتس ووتش معلوماتٌ بشأن 135 حالة من مجموع عدد الجرحى الذي أحصاه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. وكما أشرنا، لم يستجب الجيش الإسرائيلي عندما سألته هيومن رايتس ووتش في رسالتها بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2006 عما إذا كان من بين الفلسطينيين القتلى والجرحى بفعل القصف المدفعي أحدٌ من المقاتلين أو ممن يشاركون في الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو ضد الجيش الإسرائيلي. وفي تلك الرسالة، أشارت هيومن رايتس ووتش إلى ما نسبته الصحافة الإسرائيلية للجيش من قوله في 19 سبتمبر/أيلول 2006 إن لديه "ما يثبت هويات أكثر من 220 مسلحاً قتلوا في الاشتباكات، وإنه يستطيع إثبات انتمائهم إلى منظماتٍ إرهابية"، وسألت ما إذا كان أيٌّ من هؤلاء الـ 220 قد قتل بفعل القصف المدفعي. لكن الجيش الإسرائيلي لم يرد على هذا السؤال في رسالته إلى هيومن رايتس ووتش في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

137 "إسرائيل: ليس التحقيق الداخلي من قبل الجيش الإسرائيلي بديلاً عن التحقيق الفعلي أبداً"، "بيان صحفي عن هيومن رايتس ووتش، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، http://hrw.org/english/docs/2006/11/10/isrlpa14550.htm؛ رسالة إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

138 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006؛ مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء مائير كاليفي معاون قائد القوات البرية ورئيس لجنة التحقيق في حادثة شاطئ غزة، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 19 يونيو/حزيران 2006.

139 "دروع ومدافع جين Jane’s Armour and Artillery"، تحرير كريستوفر ف. فوس (ساري، المملكة المتحدة: جينز إنفورميشن جروب ليميتد، 1999)، ص 639 – 642؛ www.Israeli-Weapons.com، "دوهر"، دون تاريخ،
 https://www.israeli-weapons.com/weapons/vehicles/self_propelled_artillery/m109/Doher.html، (تم الاطلاع في 25 يوليو/تموز 2006).

140 "دليل جين للذخائر - Jane’s Ammunition Handbook"، تحرير تيري ج. جاندر وتشارلز ك. كوتشو، (ساري، المملكة المتحدة: جينز إنفورميشن جروب ليميتد، 2001)، ص 329 – 332. وتبلغ نسبة العطل في قذائف 155 ملم شديدة الانفجار المستخدمة في الترسانة الأمريكية 2.25%، مركز الذخائر الدفاعية في الجيش الأمريكي، المركز الفني لسلامة المتفجرات، "دراسة في نسب عطل الذخائر ونسب الانفجار متدني الرتبة"، يوليو/تموز 2000، الملحق ت، ص 2 – 3. ولم تستطع هيومن رايتس ووتش الحصول على معلومات بشأن نسب العطالة لقذائف M107 إسرائيلية الصنع.

141 نصف القطر القاتل المتوقع هو نصف قطر الدائرة التي يرجح مقتل من يكون داخلها عند الانفجار. أما نصف القطر المتوقع للإصابة فهو نصف قطر الدائرة التي يرجح جرح من يكون داخلها عند الانفجار. وعلى حد علمنا، لم ينشر الجيش الإسرائيلي أرقامه الخاصة بقذائف المدفعية من عيار 155 ملم؛ لكن التقارير الصحفية تذكر عين الأرقام المذكورة في النص. "كيف وضع الإسرائيليون مدنيي غزة على خط النار"، ميل آند غارديان، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2006؛ "أطفال غزة يجمعون أنواعاً مختلفة من القذائف"، وكالة الأنباء الفرنسية، 29 مايو/أيار 2006. ويمكن لقائد المدفع تحديد الأقطار التي يريدها تبعاً للآثار التي يرغب في تحقيقها.

142 بعد القصف الذي قتل 23 مدنياً في بيت حانون يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني، قيل إن الجيش الإسرائيلي عزا الأمر إلى خطأ في إحداثيات نظام رادار المدفعية مما غيّر هامش الخطأ من 25 إلى 200 متراً. وهذا ما يوحي بأن هامش الخطأ المعتاد هو 25 متراً. "كيف وضع الإسرائيليون مدنيي غزة على خط النار"، ميل آند غارديان، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

143 تحدد المادة 52(2) من البروتوكول الأول الهدف العسكري بأنه الهدف الذي يحقق تدميره أو الاستيلاء عليه أو تعطيله "ميزةً عسكريةً أكيدة". وفي المؤتمر الدبلوماسي الدولي المعقود عام 1999 في لاهاي، أشارت إسرائيل إلى التعريف الوارد في المادة 52(2) بصفته تعريفاً مرجعياً للهدف العسكري. انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "القانون الإنساني الدولي العرفي"، الجزء 2، ص 188. وطبقاً لتحليلٍ للمادة 52، فإن المعنى الذي تعبر عنه هذه المادة هو "مزية عسكرية ملموسة يمكن تصورها، وليس مزية افتراضية خاضعة للتخمين". انظر م. بوذ، و ك. بارتش، و و. سولف، "قواعد جديدة من أجل ضحايا النزاعات المسلحة: تعليق على البروتوكولين الإضافيين الملحقين باتفاقيات جنيف المعقودة عام 1949"، (لاهاي: مارتينوس نيجهوف، 1982)، ص 326.

144 وقعت حوادث كثيرة منذ أواسط يوليو/تموز 2006 استخدم فيها الجيش الإسرائيلي صواريخ موجهة لاستهداف أشخاصٍ يحاولون استعادة منصات الإطلاق بعد إطلاق الصواريخ. وحسب الظروف المعنية، يمكن اعتبار الأشخاص الذين يقومون بذلك مشاركين في الأعمال العدائية على نحوٍ مباشر بما يبيح مهاجمتهم. وفي عددٍ من هذه الحالات، كان من يفعلون ذلك فتياناً، وكانوا يقتلون بالنتيجة. انظر أيضاً حادثة 11 يونيو/حزيران التي أطلقت فيها حوامة إسرائيلية ثلاثة صواريخ موجهة على عناصر من كتائب عز الدين القسام فقتلت واحداً منهم وجرحت عدداً غير معروف.

145 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد المحامين (تم حجب الاسم)، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

146 ستيفن إرلانغر، "حماس تطلق الصواريخ على إسرائيل بعد إعلانها إلغاء التهدئة"، نيويورك تايمز، 10 يونيو/حزيران 2006.

147 آلوف بين، وآخرون، "القوات الإسرائيلية تقتل فلسطينياً في الضفة الغربية وتحبط عمليةً"، هاآرتس، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2006، http://www.haaretz.com/hasen/spages/777592.html (تم الاطلاع عليه في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2006).

148 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

149 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء مائير كاليفي معاون قائد القوات البرية ورئيس لجنة التحقيق في حادثة شاطئ غزة، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 19 يونيو/حزيران 2006.

151 انظر APV روجرز، "القانون في ميدان المعركة"، (مانشستر: منشورات جامعة مانشستر، الطبعة الثانية، 2004)، ص 68 – 69. (الأرض بصفتها هدفاً عسكرياً خاضعاً للهجوم).

152 يوريم دينشتاين، "سير الأعمال العدائية بموجب قانون النزاعات المسلحة الدولية"، (كامبريدج: منشورات جامعو كامبريدج، 2004)، ص 92.

153 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ملاحظات على البروتوكولان الإضافيان الملحقان في 8 يونيو/حزيران 1977 باتفاقيات جنيف المعقودة في 12 أغسطس/آب 1949. (جنيف: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 1987)، ص 621.

154 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

155 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

156 انظر البروتوكول الأول، المادة 57(2)(أ) (ثانياً). ويقول دليل "قوانين الحرب في الميدان"، جيش الدفاع الإسرائيلي، (1998)، ص 39: "يجب تخطيط وسائل الهجوم بطريقةٍ تمنع إصابة السكان المدنيين، أو تقلل منها على الأقل".

158 عاموس هاريل، "الجيش الإسرائيلي يقول إن القصف متواصلٌ رغم إصابة المدنيين"، هاآرتس، 11 أبريل/نيسان 2006 (ترجمة هيومن رايتس ووتش). ونقلت هاآرتس عن ضابطٍ كبير في الجيش الإسرائيلي إقراره بأن ثمة كلفة في أرواح المدنيين يمكن أن تنجم عن تغيير السياسة. "وقد قال: ’ليس لدينا ما يؤكد أن الهجوم المقبل لن يشهد مقتل مدنيين. لكن القصف يشوش تحركات كتائب القسام. فهم يشعرون بالخطر ويسرعون في إطلاق الصواريخ دون تصويب حتى يتمكنوا من مغادرة المنطقة سريعاً. لم يعد يمكننا أبداً أن نقبل بأن يصبح مدنيونا في البلدات المحيطة بقطاع غزة رهائن في يد المنظمات الإرهابية‘". انظر أيضاً يوفال يوعاز وعاموس هاريل ومايكل جرينبرج، "الجيش الإسرائيلي متهم ’بتعريض أرواح الفلسطينيين إلى الخطر عمداً‘"، هاآرتس، 17 أبريل/نيسان 2005، http://www.haaretz.com/hasen/pages/ShArt.jhtml?itemNo=706309&contrassID=1&subContrassID=5 (تم الاطلاع عليه في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2006). وقد قدمت ست منظمات حقوق إنسان إسرائيلية وفلسطينية طلباً إلى المحكمة العليا لتغيير سياسة مسافة الأمان التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي. ثم عادت فجددت هذا الطلب بعد القصف الإسرائيلي على بيت حانون الذي قتل 23 شخصاً في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2006. "على المحكمة العليا مواصلة مداولاتها بشأن الالتماس المقدم اعتراضاً على تقليل ’مسافة الأمان‘ فيما يخص القذائف التي تطلق على قطاع غزة"، منظمة أطباء بلا حدود ـ إسرائيل ومنظمات أخرى، بيان صحفي، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

159 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

160 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع مايكل سفارد، نيويورك، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2006 وفي يونيو/حزيران 2007، قال سفارد لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة حددت موعد جلسة هذه القضية في 2 يوليو/تموز 2007. (رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى هيومن رايتس ووتش، 9 يونيو/حزيران 2007).

161 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

162 بيانات أعدها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من أجل هيومن رايتس ووتش، أغسطس/آب 2006. لم يشهد عدد الصواريخ التي أطلقها الفلسطينيون تغيراً مهماً بعد تقليل مسافة الأمان بل ازداد في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز. أما القصف الإسرائيلي فقد تراجع في يونيو/حزيران ثم شهد زيادةً حادة في يوليو/تموز. المصدر السابق.

163 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

164 في أواخر مايو/أيار، وعقب تقارير فلسطينية عن تجدد استخدام المدفعية، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق قذائف دون رؤوس متفجرة "من أجل تصحيح الرمايات"، وقال إن لا خطة لديه لاستخدام القذائف الحية "في هذا الوقت". إيزابيل كيرشنر، "الجيش الإسرائيلي يضرب خليةً بشمال غزة بينما يتواصل القتال بين الفصائل الفلسطينية"، نيويورك تايمز، 20 مايو/أيار 2007. ويقال إن الجيش الإسرائيلي أطلق فعلاً بعض قذائف الدبابات على قطاع غزة خلال القتال الذي جرى في مايو/أيار. إيزابيل كيرشنر وتغريد الخضري، "مقتل ثمانية في قصفٍ إسرائيلي استهدف منزل أحد سياسيي حماس في غزة"، نيويورك تايمز، 21 مايو/أيار 2007.

165 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إياد السراج، مدير مشروع الصحة العقلية لمجتمع غزة، واشنطن، 7 يونيو/حزيران 2006.

166 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد ليرون ليبمان، رئيس النيابة العسكرية في جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 17 يونيو/حزيران 2006.

167 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمود أبو شماس (33)، بيت لاهيا، 12 يونيو/حزيران 2006.

168 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمود أبو شماس (33)، بيت لاهيا، 12 يونيو/حزيران 2006.

169 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمود أبو شماس (33)، بيت لاهيا، 12 يونيو/حزيران 2006.

170 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

172 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صوفيا غبن، 37، بيت لاهيا، 10 يونيو/حزيران 2006.

173 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صوفيا غبن، 37، بيت لاهيا، 10 يونيو/حزيران 2006.

174 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 يونيو/حزيران 2006.

175 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع شهدي محمد أبو عودة، 28، بيت حانون، 12 يونيو/حزيران 2006.

176 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

177 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

178 أشرف خليل، "القصف الإسرائيلي يقتل ستة أشخاص في بلدةٍ بشمال غزة؛ ويعرف عن المنطقة المستهدفة أنها موقعٌ لإطلاق الصواريخ"، لوس أنجلوس تيمز، 25 يوليو/تموز 2006.

179 رسالة بالبريد الإلكتروني من ستيوارت شيبرد، رئيس مكتب غزة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

180 "إسرائيل: ليس التحقيق الداخلي من قبل الجيش الإسرائيلي بديلاً عن التحقيق الفعلي أبداً"، بيان صحفي عن هيومن رايتس ووتش، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، http://hrw.org/english/docs/2006/11/10/isrlpa14550.htm؛ "أولمرت يعزو مقتل المدنيين في بيت حانون إلى ’الخطأ‘"، الغارديان، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، http://www.guardian.co.uk/print/0,,329623273-103552,00.html (تم الاطلاع عليه في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2006).

181 معلومات حصلت عليها هيومن رايتس ووتش من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

182 ألكس فيشمان، "القذائف الغامضة"، هاآرتس، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

184 الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، "نتائج التحقيق الخاص بحادثة بيت حانون يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2006"، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2006. قالت هاآرتس: "خلص التحقيق إلى أن خللاً أصاب بطاقة إلكترونية في نظام توجيه بطارية المدفعية وكان سبباً في الرمايات الخاطئة، علماً أن هذه البطاقة استبدلت قبل خمسة أيام من ذلك. وقد أعطت هذه البطاقة إحداثيات خاطئة إلى نظام التوجيه مما جعل بطارية المدفعية ترمي، عن طريق الخطأ، سبعة قذائف على منازل الفلسطينيين بدلاًً من رميها منطقةٍ مفتوحة يجري منها إطلاق صواريخ القسام على التجمعات الإسرائيلية. ويستخدم الجيش الإسرائيلي منذ حوالي 30 عاماً نظام ’شيليم‘ للتوجيه الذي طورته إسرائيل. ويعتبر هذا النظام موثوقاً؛ كما خلصت تحقيقات الجيش في هذه المسألة إلى أن تلك هي المرة الأولى التي يقع فيها هذا الخلل في النظام أو في أنظمةٍ مماثلة تستخدم في غير إسرائيل". عاموس هاريل، "بيرتس يعتزم إعادة تقييم سياسة جيش الدفاع في قصف شمال قطاع غزة"، هاآرتس، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

185 عاموس هاريل وآفي إيساشاروف، "بيت حانون تصبح كفر قانا الفلسطينية"، هاآرتس، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

186 ألكس فيشمان، "القذائف الغامضة".

187 "إسرائيل: ليس التحقيق الداخلي من قبل الجيش الإسرائيلي بديلاً عن التحقيق الفعلي أبداً"، بيان صحفي عن هيومن رايتس ووتش، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، http://hrw.org/english/docs/2006/11/10/isrlpa14550.htm.

188 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زايد سليمان الكفارنة، 59، بيت حانون، 12 يونيو/حزيران 2006.

189 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

190 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زايد سليمان الكفارنة، 59، بيت حانون، 12 يونيو/حزيران 2006.

191 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زايد سليمان الكفارنة، 59، بيت حانون، 12 يونيو/حزيران 2006.

192 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل محمد بسيوني، 32، طالب، برج العودة، 13 يونيو/حزيران 2006.

193 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل محمد بسيوني، 32، طالب، برج العودة، 13 يونيو/حزيران 2006. وقد تعرضت منازل كثيرة في بيت حانون وبيت لاهيا إلى أضرارٍ جسيمة. فعلى سبيل المثال، أصابت شظايا قذيفة انفجرت في السادسة صباحاً على مسافة 50 متراً مبنى سكني يعيش فيه ملازم الشرطة يوسف ناين (34 عاماً). وقد كسرت الشظية النافذة ثم اخترقت جدران غرفة الجلوس. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يوسف ناين، 34، ملازم في الشرطة، بيت حانون، 12 يونيو/حزيران 2006.

194 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

197 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله أبو حليمة، 19، بيت لاهيا، 14 يونيو/حزيران 2006.

198 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله أبو حليمة، 19، بيت لاهيا، 14 يونيو/حزيران 2006.

199 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

200 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حميد حمدي أبو طبق، 15، بيت لاهيا، 13 يونيو/حزيران 2006.

201 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل العبيد، 23، بيت لاهيا، 13 يونيو/حزيران 2006.

202 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حميد حمدي أبو طبق، 15 عاماً، بيت لاهيا، 13 يونيو/حزيران 2006. انظر أيضاً مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نور الدين المجذوب، 19 عاماً، بيت لاهيا، 13 يونيو/حزيران 2006.

203 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع إسماعيل العبيد، 23 عاماً، بيت لاهيا، 13 يونيو/حزيران 2006.

204 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

206 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع المزارع حسام العدر، 29 عاماً، بيت لاهيا، 14 يونيو/حزيران 2006.

207 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع غادة المصري، 42 عاماً، مفتشة الأبنية المسؤولة عن تسجيل الأضرار، بلدية بيت لاهيا، بيت لاهيا، 14 يونيو/حزيران 2006. انظر أيضاً مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العميد صلاح أبو عزوم، فريق تفكيك المتفجرات الفلسطيني، مدينة غزة، 13 يونيو/حزيران 2006.

208 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006. ويقول اللواء آفيهاي ماندلبليت إن الوضع القانوني الذي ينطبق هنا هو "النزاع المسلح، وليس إنفاذ القانون. لا نستطيع استخدام الشرطة لاعتقال [المقاتلين الذين يطلقون الصواريخ]. ومع أن الطرف الآخر لا يملك قوات مسلحة نظامية، فهم مسلحون ويستطيعون إيقاع قدر كبير من الوفيات. ونحن نعتبرهم إرهابيين أو مقاتلين خارجين على القانون".

209 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

210 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

211 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

212 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

213 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006. ورد التشديد في الأصل.

214 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006. وطبقاً لأقوال المراسل الحربي ليومية يديعوت أحرونوت الإسرائيلية العقيد رون بن إيشاي: "إن المدفعية أسلحةٌ مصممةٌ من أجل ’تغطية‘ منطقة، وليس لإصابة أهدافٍ محددة بعينها، وذلك عند استخدام القصف بصفته "قصفاً وقائياً" على المنطقة المعنية وليس على هدفٍ محدد". رون بن إيشاي، "ليست وفيات غزة أمراً مفاجئاً". 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، http://www.ynetnews.com/Ext/Comp/ArticleLayout/CdaArticlePrint-Preview/1,2506,L3325549,00.html (تم الاطلاع عليه في 14 فبراير/شباط 2007).

215 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

216 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

217 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

218 انظر البروتوكول الأول، المادة 51(4)(أ): إن "قوانين الحرب في الميدان"، جيش الدفاع الإسرائيلي، ص 37، يقول: "يتعين حتماً في كل هجوم أن يجري التحقق من: ... عدم استخدام الهجوم وسائل حربية لا يمكن ضبط آثارها".

219 انظر البروتوكول الأول، المادة 51(5)(ب)، والمادة 57. إن "قوانين الحرب في الميدان"، جيش الدفاع الإسرائيلي، ص 40، يقول: "على القائد الامتناع عن شن الهجوم الذي يتوقع أن ينزل بالسكان المدنيين أذى غير متناسب مع المكسب العسكري المرتقب".

220 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع اللواء آفيهاي ماندلبليت، المحامي العام في الجيش الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

221 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

222 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

223 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006. وهو يقول: "لا نستطيع مراجعة كل قصف مدفعي ... ولا نستطيع الذهاب إلى الميدان في كل حالة.... إننا نذهب على نحوٍ منتظم للنظر في السياسة العامة وفي المعلومات الاستخباراتية ونجري نقاشات وحوارات مستمرة بيننا وبين القادة العسكريين". لكن الولايات المتحدة أظهرت أثناء الأعمال العدائية الكبيرة في العراق عام 2003 أن هذا الإجراء ممكن. انظر، هيومن رايتس ووتش، "القلوب والعقول: الخسائر في أرواح المدنيين على أيدي القوات الأمريكية في بغداد بعد الحرب"، (نيويورك: هيومن رايتس ووتش، 2003)، http://www.hrw.org/reports/2003/usa1203، ص 94. ويوحي وجود منطاد مراقبة دائم فوق شمال غزة بأن الجيش الإسرائيلي يستطيع الوصول إلى المعلومات في وقتها، وأن من شأن ذلك أن يساهم في ضمان اتخاذ الاحتياطات الضرورية لتجنب إصابة المدنيين.

224 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006. وفي الرسالة التي بعث الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني، قال: "وتستغل المنظمات الإرهابية بشكل يخالف الطبيعة البشرية فرصة عدم رغبة جيش الدفاع بإيذاء المدنيين، وتعمل بشكل متعمد انطلاقاً من مناطق مأهولة وتستخدم السكان المدنيين كدروع بشرية، مما يشكل خرقاً فاضحاً ومستمراً لقواعد القانون الدولي". رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006. ومع أن هيومن رايتس ووتش ترى أن الجماعات الفلسطينية المسلحة تعرض المدنيين إلى خطرٍ غير ضروري عبر إطلاق الصواريخ على مقربةٍ من المناطق المأهولة، فما من دليل على أنهم يستخدمون المدنيين قصداً كنوعٍ من "الدروع البشرية".

227 انظر البروتوكول الأول، المادة 51(6) "تحظر هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين".

228 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

229 مقابلة هيومن رايتس ووتش مع العقيد نعوم نيومان، رئيس شعبة الأمن والعلاقات الخارجية، JAG Corps ، جيش الدفاع الإسرائيلي، تل أبيب، 18 يونيو/حزيران 2006.

230 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006.

231 رسالة بالفاكس إلى هيومن رايتس ووتش من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2006.

232 انظر البروتوكول الأول، المادة 57(2)(ج).

233 اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "القانون الإنساني الدولي العرفي"، ص65.

234 نصف القطر القاتل المتوقع لقذائف المدفعية شديدة الانفجار من عيار 155 ملم، وكذلك نصف قطر الإصابة، يتراوحان من 50 – 150 متراً للأول ومن 100 – 300 للثاني. ويزعم الجيش الإسرائيلي أن قذائفه تسقط ضمن مسافةٍ لا تزيد عن 25 متراً من النقطة التي تستهدفها؛ رغم كثرة الرمايات اللازمة على مناطق مختلفة من أجل تصحيح رمايات قطعة المدفعية. وكما تشير الحالات الواردة أعلاه، حققت هيومن رايتس ووتش في كثيرٍ من الحوادث التي أدى فيها القصف الإسرائيلي إلى قتل وجرح مدنيين على نحوٍ يمكن تجنبه. كما سقطت قذائف كثيرة على مسافةٍ من المناطق المأهولة تقل عن 100 متر، بل سقطت على البيوت مباشرةً في بعض الحالات.