Tunisia



Tunisia Tunisia
  

V. محتجزون آخرون في غوانتانامو يواجهون الخطر

من أصل 355 محتجزاً ما زالوا في غوانتانامو، ثمة نحو 50 شخصاً من بلدانٍ كالجزائر والصين وليبيا وتونس وأوزبكستان (وكلها بلدانٌ ذات سجلٍ معروف في مجال التعذيب) قالوا لمحاميهم إنهم خائفون جداً من تعرضهم للتعذيب أو لغيره من أشكال الإساءة إلى درجة تجعلهم لا يريدون العودة إلى بلدانهم. وثمة تسعةٌ غيرهم ممن لم يحظوا بتمثيلٍ قانوني أو لم يقابلوا محاميهم، وهم من بلدانٍ "عرضة للخطر"، وقد تكون لديهم مخاوف مشروعة بشأن ترحيلهم. كما قد يكون المحتجزون من بلدانٍ أخرى معرضين للخطر أيضاً بسبب ظروفٍ معينة تكتنف قضاياهم.

وقبل إقرار قانون اللجان العسكرية عام 2005، والذي أسقط اختصاص القضاء في النظر في اعتراضات المحتجزين على احتجازهم وأسقط أي سبيلٍ للاعتراض على ظروف الاحتجاز أو المعاملة أو النقل،72 كان بوسع المحتجز أن يطلب من المحكمة (كجزءٍ من الاعتراض على الاحتجاز) ما يعرف باسم مهلة الـ 30 يوماً؛ بحيث يطلب إشعاره مسبقاً، وإشعار محاميه، قبل أي عملية نقل إلى الخارج. وقد خلص بعض المحتجزين الذين تلقوا هذا الإشعار إلى المطالبة بإعادة النظر في قرار النقل وتأجيله استناداً إلى وجود سبب ملموس يدعو إلى الاعتقاد بوقوعهم تحت خطر التعرض للتعذيب عند عودتهم إلى بلادهم، وذلك طبقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها الولايات المتحدة عام 1994.73 ومنذ إقرار قانون اللجان العسكرية، صارت معظم المحاكم ترى أنها ليست صاحبة اختصاص لإيقاف النقل مهما تكن مخاطر التعرض إلى الانتهاكات عند العودة مرجحةً.74

وبالنتيجة، فإن قرار النقل يقع في يد السلطة التنفيذية حصراً من غير أية مراجعةٍ مستقلةٍ له تتمتع بالشفافية. وتزعم إدارة بوش أنها تأخذ بحسبانها المعلومات المقدمة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تستطيع زيارة المحتجزين في غوانتانامو قبل رحيلهم، وذلك بشأن خوف المحتجز من العودة.75 إلا أن السرية التامة التي تلتزمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعني عدم وجود أي سبيل لتقدير مدى ما تعطيه الإدارة الأميركية لتوصياتها من وزن، أو إن كانت تعطيها وزناً.76

وفي بعض الحالات، وجدت الإدارة أن هذه المخاوف مشروعة وقررت عدم إرسال محتجزين إلى بلادهم. فقد أرسلت ثمانيةً منهم (خمسة من اليوغور الصينيين، وجزائري، ومصري، وروسي) إلى ألبانيا بدلاً من إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. ويقال إنها ما زالت تحاول العثور على بلدان تقبل 17 شخصاً من اليوغور ما زالوا في غوانتانامو. فقد خلصت إلى أنهم لا يستطيعون العودة إلى الصين. إلا أنه من المفهوم أن عملية العثور على بلد ثالث ليست بالأمر السهل (ناهيك عن كونه بلداً مناسباً). وحتى اليوم، لم يقبل بهذا الأمر إلا ألبانيا، علماً بأنها لم تستقبل إلا ثمانية محتجزين.77

ويبدو أن حكومة الولايات المتحدة نتيجة ذلك تصبح أكثر ميلاً إلى استخدام الضمانات الدبلوماسية (وعودٌ بالمعاملة الإنسانية) التي تقطعها بلدان المحتجزين الأصلية، وذلك كوسيلةٍ لتقليل خطر التعرض إلى الانتهاكات. ويقال إن الحكومة التونسية قدمت تلك الضمانات قبل ترحيل الحاجي والأغا. كما يقال إن الولايات المتحدة تتفاوض على ضمانات مماثلة مع الجزائر التي ما زال لها 26 محتجزاً في غوانتانامو؛ ومع ليبيا التي ما زال لها تسعة محتجزين. وكلا البلدين له سجلٌ معروفٌ في مجال التعذيب.78

ومحاولة تخفيف خطر الانتهاكات التي يواجهها المحتجزون عندما يختارون طوعاً العودة إلى بلدٍ له سجلٌ سيئ في مجال التعذيب يعتبر تطوراً إيجابياً. إلا أنه من غير الممكن، ومن غير الجائز، الاعتماد على الضمانات واعتبارها حمايةً كافية لدرء المخاوف المعقولة بشأن تعرض المحتجزين الذين لا يريدون العودة إلى التعذيب وسوء المعاملة.

حالتا الحاجي والأغا تؤيدان مخاوفنا.

رغم الضمانات القاضية بالمعاملة الإنسانية، فإن الحاجي يتحدث عن اقتياده فوراً إلى مركز استجواب يقول إنه مُنع فيه من النوم وتعرض للصفع وجرى تهديده باغتصاب زوجته وبناته، ثم أرغم على توقيع شيءٍ لم يتمكن من قراءته. وهو يقول إنه احتجز انفرادياً ستة أسابيع رغم أن الحكومة التونسية تعهدت لـ هيومن رايتس ووتش تعهداً علنياً بالكف عن استخدام الاحتجاز الانفرادي لمدد طويلة في السجون.

وثمة مخاوف مماثلة بشأن معاملة الأغا الذي أودعته السلطات التونسية أيضاً الحجر الانفرادي. فقد تم احتجازه ستة أسابيع قبل المحاكمة دون أن يتمكن من مقابلة محامٍ أو أي مراقبٍ خارجيٍّ آخر يمكن أن يتحدث علناً عن معاملته وظروفه. وبالنسبة لمحتجزٍ في بلدٍ مثل تونس، يزيد عدم الاتصال بالمحامي وغياب الرقابة المستقلة التي تتمتع بالشفافية من المخاوف المتعلقة بسوء المعاملة.




72 قانون اللجان العسكرية لعام 2006، S.3930، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2006، القسم 7: الأمور الخاصة بالاعتراض على قانونية الاحتجاز. يجري الآن الاعتراض على دستورية هذه الأحكام التي تكف يد المحاكم أمام المحكمة العليا في قضية "بومدين ضد بوش". من المقرر إنجاز خلاصة القضية في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2007؛ كما ينتظر تقديم الحجج القانونية حوالي نهاية العام.

73 اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 3، وهي تحظر نقل الأشخاص إلى بلدانٍ توجد فيها أسبابٌ ملموسة تدعو للاعتقاد بأنهم معرضون لخطر الخضوع للتعذيب عند عودتهم.

74 انظر "زاليتا ضد بوش"، رقم 07-5129 ، (D.C. Cir. filed Apr. 25, 2007) (per curiam) and no. 06A1005 (127 S. Ct. 2159 (Mem), 167 L.Ed.2d 886, 75 USLW 3607, U.S., May 1, 2007)؛ وانظر أيضاً "بيلباشا ضد بوش"، رقم 07-5258، (D.C. Cir. filed Aug. 2, 2007) (per curiam) and no. 07A98 (S. Ct. filed Aug. 10, 2007)؛ وانظر أيضاً "هامليلي ضد غيتس"، رقم 07-1127، (D.C. Cir. filed Jul. 16, 2007) (per curiam).

75 رسائل من مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى هيومن رايتس ووتش، مايو/أيار – يونيو/حزيران 2007.

76 يقول محامو المحتجزين إن الصليب الأحمر لا يجري "مقابلة الخروج" مع المحتجز إلا قبل أيامٍ معدودة من موعد نقله، أي عندما تكون جميع الاتفاقيات من أجل ذلك النقل قد أبرمت ويصبح تغيير مجرى الأمور صعباً.

77 لم يكن لهؤلاء المحتجزين صلةٌ سابقة تربطهم بألبانيا. وهم الآن يعيشون في مخيمٍ للاجئين قرب تيرانا. انظر لازار سيميني، "ألبانا تؤكد أنها ستؤوي ثلاثة من محتجزي غوانتانامو المفرج عنهم"، أسوشييتد برس، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2006؛ وانظر أيضاً تيم غولدن، "صينيون يغادرون غوانتانامو إلى حالة انتظارٍ في ألبانيا"، نيويورك تايمز، 10 يونيو/حزيران 2006؛ وانظر أيضاً جاكي نورتهام، "طبعة الصباح: إطلاق سراح سجناء غوانتانامو يصبح مشكلةً"، الإذاعة العامة الوطنية، 7 أغسطس/آب 2007.

78 وزارة الخارجية الأميركية، مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، "تقرير البلدان حول ممارسات حقوق الإنسان ـ 2006: الجزائر"، 6 مارس/آذار 2007، http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2006/78849.htm  (تمت زيارة الصفحة في 13 أغسطس/آب 2007)، وهو يتحدث عن "الانتهاكات والتعذيب" كجزءٍ من "مشكلات حقوق إنسان هامة" في الجزائر؛ وكذلك وزارة الخارجية الأميركية، مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، "تقرير البلدان حول ممارسات حقوق الإنسان ـ 2006: ليبيا"، 6 مارس/آذار 2007، http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2006/78858.htm (تمت زيارة الصفحة في 13 أغسطس/آب 2007)، القسم 1(ج)، وهو يقول: "يحظر القانون هذه الممارسات، لكن عناصر الأمن عادةً ما يعذبون السجناء أثناء استجوابهم أو على سبيل العقوبة".