Tunisia



Tunisia Tunisia
  

VI. الالتزامات القانونية

يحظر القانون الدولي إعادة الأشخاص إلى بلدانٍ يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو سوء المعاملة.

وعلى نحوٍ خاص، تحظر اتفاقية مناهضة التعذيب نقل ("إعادة") الشخص إلى بلدٍ "إذا توفرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".79 وقد أدرجت الحكومة الأميركية هذا المبدأ في قانون إصلاح وإعادة بناء الشؤون الخارجية لعام 1998 الذي يقول في الفقرة 1242: "يجب أن تكون سياسة الولايات المتحدة عدم طرد أو إعادة أي شخص، أو غير ذلك مما يعتبر إعادةً غير طوعية، إلى بلدٍ يتوفر فيه ما يدعو إلى الاعتقاد بأن ذلك الشخص معرضٌ لخطر الخضوع للتعذيب، وذلك بصرف النظر عما إذا كان الشخص موجوداً في الولايات المتحدة وجوداً مادياً".80

وبالمثل، تحظر اتفاقياتٌ دوليةٌ أخرى انضمت إليها الولايات المتحدة نقل الأشخاص إلى حيث يواجهون خطر سوء المعاملة. فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الولايات المتحدة عام 1992 يقول: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة".81 وتوضح لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في ملاحظتها العامة على هذه المادة أنه "لا يحق للدول الأطراف تعريض الأشخاص إلى خطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة من خلال ترحيلهم أو طردهم أو إعادتهم".82 وترى هيومن رايتس ووتش أن إعادة شخصٍ إلى مكانٍ من المُُرجح أن يخضع فيه إلى احتجازٍ تعسفيٍّ مطول أو إلى السجن، أو يعاقب فيه بعد محاكمةٍ غير عادلة، يمكن أن ترقى إلى مرتبة المعاملة القاسية أو اللاإنسانية.83

والمعاهدة المتعلقة بوضع اللاجئين، والبروتوكول الاختياري الملحق بها عام 1967 (صادقت الولايات المتحدة عليهما عام 1968) يحظران نقل الشخص إلى مكانٍ تتعرض فيه حياته أو حريته إلى الخطر بسببٍ من عرقه أو دينه أو جنسيته أو عضويته في جماعة اجتماعية أو جماعة رأي عام، إلا إذا كان غير مستحقٍ للحماية من الاضطهاد لأسبابٍ جنائيةٍ (أو أمنيةٍ) خطيرة.84

وتزعم الولايات المتحدة أن الالتزام الوارد في هذه الاتفاقية الدولية لا يسري على الدول خارج أراضيها؛ وبالتالي فهو لا يلزم الولايات المتحدة فيما يخص معاملتها المحتجزين في خليج غوانتانامو. إلا أن هيومن رايتس ووتش ترى أن لغة معاهدات حقوق الإنسان والأهداف التي تقوم عليها توجب سريانها خارج أراضي الدول أيضاً.85 على أن الولايات المتحدة، رغم ذلك، تعتمد سياسة التقيد بهذه الالتزامات. إذ يقول كلينت ويليامسون، السفير المتجول لدى وزارة الخارجية لشؤون جرائم الحرب:

"ما يحظى باهتمامٍ خاص لدى وزارة الخارجية بشأن التوصيات المتعلقة بحالات النقل هو السؤال عما إذا كانت الحكومة الأجنبية المعنية ستعامل المحتجز على نحوٍ إنساني يتفق مع التزاماتها الدولية

وتزعم الولايات المتحدة أيضاً أن من الممكن تحقيق هذا الهدف عبر الحصول على ضمانات دبلوماسية من البلد المتلقي كوسيلةٍ للحماية من التعذيب أو الاضطهاد أو غير ذلك من الإساءات. لكن، وكما حذرت لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، فإن استخدام الولايات المتحدة الضمانات الدبلوماسية يدعو إلى القلق.

"تبدي اللجنة قلقها من استخدام إحدى الدول الأطراف ’الضمانات الدبلوماسية‘ أو غيرها من الضمانات التي تؤكد أن الشخص لن يتعرض إلى التعذيب إذا ما جرى ترحيله أو إعادته أو نقله أو طرده إلى دولةٍ أخرى. كما أن اللجنة يساورها القلق أيضاً بسبب سرية هذه الإجراءات، بما في ذلك غياب التدقيق القضائي وعدم وجود آليات رقابة للتحقق من احترام تلك الضمانات".87

وقد فشلت الولايات المتحدة في مراعاة مخاوف لجنة مناهضة التعذيب عند التعامل مع محتجزي خليج غوانتانامو. وهي تعتمد على الضمانات الدبلوماسية التي تقدمها دولٌ مثل تونس رغم أنها بلدٌ تذكر وزارة الخارجية الأميركية "التعذيب والانتهاكات" فيه بصفتها من جملة "مشكلات حقوق الإنسان الكبيرة".88 كما أن من يتولون المراقبة بعد عملية الإعادة يعملون بسريةٍ كبيرة تسمح للولايات المتحدة بعدم الإفصاح حتى عما إذا كان أي ممثلٍ عن حكومتها قد زار المحتجزين الذين تمت إعادتهم. والأكثر أهمية هو أن الولايات المتحدة تمتنع عن إقامة أية آليةٍ قضائية يمكن لها دراسة مزايا كل حالة ترحيل بمفردها، بما في ذلك دراسة أية ضمانات يجري الحصول عليها من البلد المتلقي.

وكما يبين باحثو هيومن رايتس ووتش، فإن سياسات الولايات المتحدة وممارساتها تقصر عن تلبية الهدف المعلن المتمثل في المعاملة الإنسانية بما يتفق مع المعايير القانونية الدولية النافذة. فالأمر لا يقف عند تعرض كلٍّ من الحاجي والأغا إلى أشكالٍ مختلفة من الانتهاكات وسوء المعاملة منذ إعادتهما إلى تونس؛ إذ يواجه كلٌّ منهما الآن المحاكمة أمام نظامٍ قضائي لا يتقيد بالضمانات الأساسية للمحاكمة المنصفة التي يوجبها القانون الدولي.




79 اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 3.

80 قانون إصلاح وإعادة بناء الشؤون الخارجية لعام 1998، H.R.1757، 27 يناير/كانون الثاني 1998، http://usinfo.state.gov/usa/infousa/laws/majorlaw/hr1757.pdf  (تمت زيارة الصفحة في 27 أغسطس/آب 2007)، الفقرة 1242.

81 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 7.

82 لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ملاحظة عامة رقم 20، الفقرة 9.

83 انظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، "فورينغ ضد المملكة المتحدة"، 1/1989/161/217، 7 يوليو/تموز 1989، وهي تنص على: "ترى المحكمة، وعلى غرار خطر [التجريد من حق الحياة، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية غير الإنسانية]، فإن خطر الحرمان التعسفي من العدالة في بلد الوجهة يجب تقييمه أصلاً عبر العودة إلى الحقائق التي تعرفها الدولة المتعاقدة، أو يكون حرياً بها أن تعرفها، عندما تقوم بترحيل الأشخاص المعنيين... كما ينبغي تقدير خطر الحرمان التعسفي من العدالة في ضوء المعلومات المتوفرة لدى المحكمة عند النظر في القضية".

84 الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، 189 U.N.T.S.150، دخلت حيز التنفيذ في 22 أبريل/نيسان 1954، المادة 33؛ والبروتوكول الملحق باتفاقية وضع اللاجئين، 606 U.N.T.S.267، دخل حيز التنفيذ في 4 أكتوبر/تشرين الأول 1967.

85 انظر هيومن رايتس ووتش، "تقرير مقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب رداً على مواقف الولايات المتحدة التي جرى التعبير عنها خلال دراسة اللجنة للتقرير الدوري الثاني حول الولايات المتحدة في 5 و8 مايو/أيار 2006"، http://hrw.org/us/hrw_response_051706.pdf، ص 3 – 4؛ انظر أيضاً هيومن رايتس ووتش، "تقرير إضافي مقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب خلال دراسة اللجنة للتقريرين الدوريين الثاني والثالث حول الولايات المتحدة"، يونيو/حزيران 2006، http://hrw.org/pub/2006/us063006_iccpr_submission.pdf،  ص 10 – 11.

87 لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، "دراسة تقارير قدمتها دولٌ أعضاء المادة 19 من الاتفاقية، نتائج وتوصيات لجنة مناهضة التعذيب، الولايات المتحدة الأميركية"، CAT/C/USA/CO/2، 18 مايو/أيار 2006، http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/G06/432/25/PDF/G0643225.pdf?OpenElement  (تمت زيارة الصفحة في 19 أغسطس/آب 2007)، الفقرة 21.

88 وزارة الخارجية الأميركية، مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، "تقرير البلدان حول ممارسات حقوق الإنسان ـ 2006: تونس"، 6 مارس/آذار 2007.