Sudan



Sudan Sudan
  

الرد الدولي على العنف الجنسي

بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان

أثناء مدة عمل بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، من 2004 حتى 2007، واجهت البعثة عدة معوقات حالت دون جهود نشر العناصر وممارسة الولاية المنوطة بها.93 إلا أن البعثة بذلت بعض الجهود نحو منع وقوع العنف الجنسي حول مخيمات النازحين داخلياً. وفي عام 2005 شرعت البعثة في عمل "دوريات جمع الحطب" لمرافقة النساء والفتيات من مخيمات النازحين داخلياً ممن يخرجن من مخيماتهن أو مستوطناتهن لجمع العشب والحطب. وساعدت هذه الدوريات أحياناً في خفض خطر التعرض للعنف.94 إلا أن المنظمات غير الحكومية المتواجدة ميدانياً كانت قلقة من أن كثيراً ما رفض القادة التواصل مع الدوريات ولم يختر المخططون للدوريات مساراتها وطرقها جيداً كما لم يتم إشراك المجتمعات المحلية لمخيمات النازحين داخلياً أو المنظمات الإنسانية في التخطيط، وكثيراً ما كانت الدوريات غير فعالة في تقليل العنف الذي تواجهه النساء والفتيات.95

وكانت ولاية الشرطة المدنية ببعثة الاتحاد الأفريقي في السودان في بادئ الأمر هي بناء ثقة الجمهور والحفاظ على التواصل مع الشرطة الحكومية وأعضاء المجتمع المحلي، ومراقبة "تسليم الخدمات" من الشرطة الحكومية.96 وقد وسعت شروط اتفاق سلام دارفور من قائمة المهام المنوطة بها، وطالبت بمزيد من المراقبة وتشكيل وحدات خاصة تعمل بها النساء للتعامل مع حالات تعرض النساء لجرائم.97 وفي أواخر عام 2006 شكلت الشرطة المدنية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان "مكاتب النساء".98 ومثل الكثير من عناصر الشرطة المدنية، كانت تعوز عناصر الشرطة النسائية الخلفية الملائمة الخاصة بمعايير وبروتوكولات العمل الشرطي في التعامل مع قضايا العنف الجنسي. وفي عدة مناسبات، ذكر عناصر بعثة الاتحاد الأفريقي تفاصيل حالات – وذكروا فيها أسماء ضحايا العنف الجنسي – في اجتماعات عامة.99 وكان أحد أكبر تحدياتهم هو نقص المُترجمات من النساء.

وفي عام 2007 كانت البعثة ما زالت تعوزها الموارد المطلوبة لتنفيذ الولاية المنوطة بها وفقدت قدراً كبيراً من المصداقية، خاصة داخل مخيمات النازحين داخلياً التي عارضت اتفاق سلام دارفور. وتزايد تعرض البعثة للهجوم – بشكل أكثر حدة في أكتوبر/تشرين الأول 2007 حين قُتل 10 من عناصر حفظ السلام في هجوم لقوات المتمردين على مخيم للبعثة بالقرب من هاسكانيتا.100

ولتقليل المخاطر، تبنت بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان قواعد أمنية أكثر تشدداً. إذ لم يعد بإمكان الشرطة المدنية إجراء أنشطتها الخاصة ببناء الثقة دون وجود حماية مسلحة ثقيلة مرافقة لها، مما عرض تفاعلات الشرطة المدنية مع المدنيين في المخيمات للمشكلات. كما قللت البعثة من كافة أنشطتها.101 وبحلول أواخر عام 2007 كان غالبية العاملين ببعثة الاتحاد الأفريقي داخل قواعدهم وكثيراً ما أبدوا إحباطهم من مأزقهم هذا.

بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي دارفور

مع ملاحظة – ببالغ الاهتمام – ما يجري من هجمات على السكان المدنيين والعاملين بالإغاثة الإنسانية واستمرار وتفشي العنف الجنسي، صرّح مجلس الأمن في يوليو/تموز 2007 لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور اتخاذ اللازم لحماية المدنيين ، "دون المساس بمسؤولية حكومة السودان".102 على أن تشمل القوة المُشكلة من 26000 عنصر من المراقبين العسكريين ومشاة وشرطة مدنية ووحدات شرطة مُشكّلة،103 وعاملين مدنيين. فضلاً عن أن بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور استوعبت المهام المذكورة في بعثة الأمم المتحدة في السودان، مثل وحدة حقوق الإنسان والشؤون المدنية وشؤون المرأة.

والأولوية في ولاية البعثة ممنوحة لحماية المدنيين "الخاضعين لتهديد قائم بالعنف البدني" وهذا ضمن "قدرة ومناطق نشر البعثة، دون مساس بمسؤوليات الحكومة السودانية".104 وتخول قواعد الاشتباك الخاصة بالبعثة الحق في استخدام القوة المميتة في بعض الظروف، لكن بالقدر اللازم لكي تمارس بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ضمنه سلطاتها بناء على مواردها وقيادتها.

وحتى الآن تسببت أساليب الحكومة السودانية التي تستخدمها في العرقلة وعدم التزام الدول الأعضاء بتوفير ما يلزم من معدات عسكرية، مثل المروحيات الهجومية، في تأخير نشر عناصر حفظ السلام،105 مما أسهم في فكرة أن بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي هي مجرد جهد مُكرر بلا طائل. وعلى الرغم من هذه المعوقات، عاودت بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي تنشيط الدوريات في مخيمات النازحين داخلياً وبدأت في عمل دوريات ليلية، مما جدد الإحساس بالأمن لدى بعض السكان.106

وعنصر الشرطة ضمن ولاية البعثة يماثل نظيره في بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان إثر التوقيع على اتفاق سلام دارفور. ولا تنص المهام الموكلة للشرطة فيه على اعتقال واحتجاز الأشخاص، بل يركز على تنفيذ اتفاق سلام دارفور والسيطرة على الأوضاع في مخيمات النازحين داخلياً، وبناء قدرات شرطة الحكومة و"السير" عبر مراقبة وتدريب وتعليم الشرطة. وما زال من غير الواضح إن كانت شرطة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور ستؤدي عملها بشكل أكثر نشاطاً مما فعلت بعثة الاتحاد الأفريقي. وتخطط للإبقاء على مكاتب النساء أو المراكز "الصديقة للضحايا"، التي تشغلها عناصر شرطة نسائية، داخل المخيمات الكبرى للنازحين داخلياً. وحتى فبراير/شباط 2008 كان أكثر من 200 عنصر من الشرطة النسائية ببعثة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي قد تم نشرها في دارفور. وطالب مفوض شرطة بعثة الأمم المتحدة بالمزيد من عناصر الشرطة النسائية، لكن البعثة ما زالت تواجه بعض التحديات في العثور على العناصر النسائية المؤهلة، خاصة في صفوف الرتب الأعلى، وهذا ضمن الدول المساهمة في البعثة.107

ومن بواعث القلق القائمة – والتي أبداها عناصر الإغاثة الإنسانية ميدانياً – هي أنهم في محاولة للوفاء بالمهام المنوطة بهم، يحاول عناصر شرطة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، بدرجة مفرطة من العدوانية، السعي لمقابلة ضحايا العنف الجنسي. وقد اشتكت المنظمات غير الحكومية من وجود زوار غير مرغوب فيهم من عناصر بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان بعيادات النساء في الماضي. ومن بواعث القلق الأخرى أن عناصر شرطة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، وضمن جهودهم لبناء قدرات الشرطة الحكومية، قد يذهبون بضحايا العنف الجنسي إلى السلطات الحكومية ضد رغبتهم أو يشاركون الشرطة الحكومية المعلومات في انتهاك لمبادئ السرية.

وتعلي هذه النقاط من أهمية الاحتياج لتنسيق استثنائي بين شرطة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور على جانب، والعاملين بالإغاثة الإنسانية على جانب آخر، وهذا في مجال العنف الجنسي. وشرطة البعثة، وشرطة الحكومة، وموفرو الرعاية الصحية والوكالات الإنسانية ومسؤولو حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وعناصر حماية الأطفال، لهم جميعاً ولاية التعامل في قضايا الأشخاص المعرضين للعنف الجنسي. وقد تم تشكيل فريق عمل لتنسيق ردود الهيئات الإنسانية على العنف الجنسي في كل من ولايات دارفور، مما أسهم في توضيح أي من الهيئات عليها التدخل في كل مرحلة من المراحل، وتوضيح أنه في أي مرحلة، فإن من يتصلون بالضحايا يجب أن يسمحوا لهن بتقرير ما ستقوم به في الخطوة التالية. ويجب الالتزام بهذا الأمر تمام الالتزام.




93  انظر على سبيل المثال: Imperatives for Change: The African Union Mission in Sudan, Vol. 18 No 1A (A) يناير/كانون الثاني 2006، صفحات من 20 إلى 30. وانظر: Commander S. Appiah-Mensah, “Monitoring fragile ceasefires: the challenges and dilemmas of the role of AMIS,” يوليو/تموز 2006.

94  انظر: Refugees International, “Ending Sexual Violence in Darfur: An Advocacy Agenda,” نوفمبر/تشرين الثاني 2007، صفحة 16. وأفاد الاتحاد الأفريقي وقوع عنف أكثر في المناطق التي لم يتمكن من مراقبتها. الاتحاد الأفريقي "تقرير إلى رئيس لجنة الأوضاع في دارفور"، مجلس السلم والأمن، PSC/PR/2(CXII), فقرة 34.

95  انظر: Refugees International, “Ending Sexual Violence in Darfur: an Advocacy Agenda,” صفحة 19.

96  انظر: Civilian Police mandate, AMIS, http://www.amis-sudan.org/PoliceComponent.html (تمت الزيارة في 27 فبراير/شباط 2008).

97  المرجع السابق. جاء في اتفاق سلام دارفور أن تُمنح الشرطة المدنية إمكانية اطلاع بلا إعاقة على المعلومات الخاصة بتحقيقات الشرطة، والمطالبة بتشكيل وحدات خاصة للإبلاغ عن الجرائم المرتكبة ضد النساء، وتعمل بها عناصر من الشرطة النسائية. اتفاق سلام دارفور، 5 مايو/أيار 2006، فقرات 277 و278. على: http://www.unmis.org/english/2006Docs/DPA_ABUJA-5-05-06-withSignatures.pdf (تمت الزيارة في 21 مارس/آذار 2008).

98  وثيقة برنامج الأمم المتحدة للتنمية، بناء القدرات الخاصة بالشرطة المدنية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودانط، يوليو/تموز وأغسطس/آب 2007، وأيضاً على موقع: سودان فيجن دايلي: http://www.sudanvisiondaily.com/modules.php?name=News&file=article&sid=25595 (تمت الزيارة في 27 فبراير/شباط 2008).

99  حاول برنامج تدريبي لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية دعم مكاتب النساء، وهذا منذ أواخر عام 2006.

100  الاتحاد الأفريقي "تقرير إلى رئيس لجنة الأوضاع في دارفور"، مجلس السلم والأمن، PSC/PR/2(CXII), فقرات 27 و28. وانظر: Peacekeeper crimes are war crimes,” Human Rights Watch press release 10 أكتوبر/تشرين الأول 2007، على: http://hrw.org/english/docs/2007/10/01/darfur16994.htm

101  المرجع السابق، فقرة 28.

102  قرار مجلس الأمن رقم 1769 لعام 2007، S/RES/1769 (2007)، فقرة 15 "2"، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N07/445/52/PDF/N0744552.pdf?OpenElement (تمت الزيارة في 27 فبراير/شباط 2008).

103  "وحدات شرطة مُشكّلة" هي وحدات من الشرطة من دولة واحدة يتم نشرها كوحدة واحدة، وهي مسلحة تسليحاً خفيفاً ومجهزة للتحكم في الجموع وفرض النظام العام.

104  هذه الولاية مستقاة من فقرتي 54 و55 من التقرير المرفوع للأمين العام ورئيس بعثة الاتحاد الأفريقي في العمليات المشتركة في دارفور، , S/2007/307/Rev.1, 5 يونيو/حزيران 2007، فقرة 54 (ب)، على: http://daccessdds.un.org/doc/UNDOC/GEN/N07/369/68/PDF/N0736968.pdf?OpenElement (تمت الزيارة في 27 فبراير/شباط 2008).

105  تقرير مشترك لـ هيومن رايتس ووتش مع منظمات غير حكومية، UNAMID Deployment on the Brink: the road to security in Darfur blocked by government obstructions, ديسمبر/كانون الأول 2007، على: http://hrw.org/pub/2007/africa/unamid1207web.pdf

106  انظر: “Peacekeeping in Darfur Hits More Obstacles,” The New York Times 24 مارس/آذار 2008، وانظر: ’Hybrids’ take back night in dangerous Darfur camps,” Reuters, 18 فبراير/شباط 2008، وانظر: “New UN Force Seeks to Protect Darfur Women from Rape,” AP, 19 فبراير/شباط 2008، وانظر: UNAMID Press Release No/04/2008, “Protection of Civilians Top UN Police Priorities As Force Launches its Operation in Darfur IDP Camps“ 14 يناير/كانون الثاني 2008، على: http://unamid.unmissions.org/Default.aspx?tabid=36&ctl=Details&mid=376&ItemID=52 (تمت الزيارة في 26 فبراير/شباط 2008).

107  محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع مفوض شرطة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، 3 مارس/آذار 2008.