Skip to main content

فرنسا: حظر الحجاب هو انتهاك للحرية الدينية

القانون المقترح يميز ضد البنات المسلمات لأن تأثيره الأكبر يقع عليهن

قالت منظمة هيومان رايتس ووتش اليوم، إن القانون الفرنسي المُقترح، لحظر الحجاب الإسلامي والرموز الدينية المرئية الأخرى في المدارس الحكومية، سينتهك حق الحرية الدينية وحرية التعبير. هذا، وستجري مناقشة القانون الذي يحظر "الرموز والملابس التي تُظهر بجلاء الانتماء الديني للطلاب"، في مجلس الشيوخ الفرنسي في 2 آذار/مارس.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش،
"القانون المقترح هو تعدٍ لا مبرّر له على الحق بممارسة المعتقدات الدينية. فبالنسبة للعديد من المسلمين، لا يتعلق ارتداء الحجاب بالتعبير الديني فقط، وإنما هو واجب ديني".
إن القانون الدولي لحقوق الإنسان يُلزم السلطات الحكومية بتجنّب الإكراه في قضايا الحريات الدينية، ويجب أخذ هذا الالتزام بالاعتبار لدى تحديد قواعد اللباس في المدارس. إن الحظر المقترح على الحجاب في فرنسا، كما هو الحال في قوانين بعض البلدان الإسلامية التي تجبر الفتيات على لبس الحجاب في المدارس، يشكّل انتهاكاً لهذا المبدأ.

وفقاً للقانون الدولي، يمكن للدول وضع قيود على الممارسات الدينية في حالات محددة، هي: وجود سبب قاهر يتعلق بالسلامة العامة، وعندما يشكّل الإجهار بالمعتقدات الدينية مسّاً بحقوق الآخرين، أو عندما يخدم ذلك وظيفة تعليمية مشروعة (كحظر الممارسات التي تمنع التفاعل ما بين المعلم والطالب). إن الحجاب الإسلامي، والعمامة التي يرتديها أتباع مذهب السيخ، والقلنسوات اليهودية، والصلبان المسيحية الكبيرة -والتي هي ضمن الرموز الدينية الظاهرة المعرّضة للحظر- لا تشكّل أي خطر على السلامة العامة أو على النظام والأخلاق؛ كما أنها لا تؤثّر على الحقوق والحريات الأساسية للطلاب الآخرين؛ ولا تُضعف الوظيفة التعليمية للمدرسة.

يعتقد بعض مؤيدي القانون المُقترح -المعروف باسم "مسوّدة قانون بخصوص تطبيق مبادئ العلمانية في المدارس الإعدادية والثانوية" والذي سيدخل حيز النفاذ في سبتمبر/أيلول القادم أنه من الضروري الحفاظ على الفصل بين الدين والدولة في التعليم، وحماية الدولة العلمانية من التهديد المُتصوَّر للأصولية الدينية، وخصوصاً الأصولية الإسلامية.

ولكن رغم ذلك فإن حماية الحق بالحرية الدينية لكافة الطلاب لا يُضعف العلمانية في المدارس. بل على العكس، إذ أن الحرية الدينية تُظهر احترام التعدد الديني، وهي رسالة متّسقة تماماً مع الحفاظ على الفصل الصارم بين المؤسسات العامة وأي تعاليم دينية محدّدة. منظمة هيومان رايتس ووتش تقرّ بشرعية مساعي المؤسسات العامة لعدم نشر أي دين عبر أعمالها أو تصريحاتها، ولكن الحكومة الفرنسية تجاوزت هذا الأمر من خلال الزعم بأن الدولة تُضعف العلمانية فيما إذا سمحت للطلاب بارتداء الرموز الدينية.

كما دافع مؤيدو القانون عن هذا الحظر، استناداً إلى أن القانون سيحمي الفتيات المسلمات من الإكراه أو الضغط من قبل الوالدين، لارتداء الحجاب. ولكن بموجب القانون الدولي، يتعين على الدول احترام مسؤوليات وحقوق وواجبات الوالدين، في أن يوفّروا بطريقة تتفق مع قدرات الطفل المتطورة، التوجيه والإرشاد الملائمين، عند ممارسة الطفل لحقوقه الأساسية. كما يتعيّن على الدول اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطفل أو أعضاء أسرته، أو أنشطتهم أو آرائهم المُعبَّر عنها أو معتقداتهم. وفي الوقت ذاته يجب على الدول اتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالدين. ويجب عدم تشجيع وضع قيود غير ضرورية على حقوق الطفل وحريته الشخصية، كوسيلة لحماية الطفل.

إن حظر الرموز الدينية الظاهرة، حتى وإن صيغ بعبارات محايدة، سيؤثّر على البنات المسلمات أكثر بكثير من غيرهن، لذلك فهو يشكّل انتهاكاً للمواد المناهضة للتمييز في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وانتهاكاً للحق بتكافؤ الفرص في التعليم. إن تشجيع التسامح والفهم لهذه الفروق بين القيم المختلفة، هو في الواقع جانب أساسي من جوانب تطبيق الحق بالتعليم. وفي الواقع العملي، لن يترك هذا القانون لبعض العائلات المسلمة أي خيار سوى إخراج البنات من نظام التعليم الحكومي.

لقد استخدم البعض في فرنسا قضية الحجاب كذريعة للتعبير عن مشاعر معادية للمهاجرين والمسلمين. ويظهر أن بعض هذه الحجج تستند إلى الافتراض بأن جميع المسلمين يريدون اضطهاد النساء، أو أن النساء والفتيات اللاتي يخترن ارتداء الحجاب لا يفهمن حقوق المرأة. لقد تناول الحوار العام في هذا الموضوع قضايا اجتماعية أخرى مهمة، مثل: الأصولية الدينية والاستخدامات السياسية للرموز الدينية؛ واضطهاد البنات والنساء؛ ومستويات الهجرة؛ والتمييز ونقص الفرص الاقتصادية لمجتمعات المهاجرين؛ والتعددية والتكامل الوطني. وقال كينيث روث،
"لقد أبرز القانون المُقترح قضايا مهمّة حول الحرية الدينية ودور الدولة في فرنسا، وسيترتب عن حل هذه القضية مضامين مهمّة في كافة أنحاء أوروبا وخارجها. ولكن الجواب لا يكمن في حظر الحجاب والتعبيرات الأخرى عن المعتقدات الدينية في المدارس".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة