Skip to main content
تبرعوا الآن

على السلطة الفلسطينية محاسبة الشرطة على ضرب المتظاهرين في رام الله

يجب على المانحين إعادة النظر في تقديم الدعم لقوات الأمن الفلسطينية

(القدس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يتعين على السلطة الفلسطينية التحرك بشكل عاجل لمحاسبة عناصر الشرطة المسؤولين عن عمليات الضرب التي وقعت مؤخرًا في حق متظاهرين سلميين في رام الله في الضفة الغربية. وكانت الشرطة قد اعتدت بالضرب الشديد على متظاهرين في الشارع، وجرّت آخرين إلى مركز للشرطة حيث واصلت ضربهم وركلهم. ونُقل ما لا يقل عن ستة متظاهرين إلى المستشفى. 

وفي 27 أغسطس/آب 2012، أصدر ائتلاف يضم منظمات حقوقية فلسطينية تقريرًا حدد فيه أسماء ضباط برتب متقدمة في الشرطة كانوا حاضرين ومشرفين على القوات التي قامت بضرب المتظاهرين في الساحة الرئيسية في رام الله في 30 يونيو/حزيران و1 يوليو/تموز.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بعد مرور شهرين وصدور أربعة تقارير، لم تطبق السلطة الفلسطينية العدالة على ضباط الشرطة المسؤولين عن الاعتداءات الوحشية على المتظاهرين في الساحة الرئيسية في رام الله. يجب على السلطة الفلسطينية وضع حد للتباطؤ، وفتح تحقيق على وجه السرعة لمحاكمة عناصر قوات الأمن المتورطين في الانتهاكات" .

وقال مسؤولون فلسطينيون إنهم سوف ينفذون التوصيات التي صدرت في تقرير سابق حول الأحداث أعدته لجنة مستقلة لتقصي الحقائق أنشأها الرئيس محمود عباس. وفي 24 يوليو/تموز، قدمت اللجنة تقريرها للرئيس عباس ودعت فيه إلى مقاضاة رئيس مديرية الشرطة في رام الله، ورئيس الشرطة في منطقة رام الله، ورئيس وحدة التحقيقات الجنائية، ومسؤولين آخرين. 

كما قالت تقارير إخبارية فلسطينية إن وزارة الداخلية الفلسطينية قدمت نتائج البحث الذي قامت به حول الأحداث للرئيس عباس في بداية أغسطس/آب. وكانت الجهة الرسمية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين قد قدمت تقريرًا حول الأحداث لوزارة الداخلية في 3 يوليو/تموز.

ويتم تمويل وتدريب الشرطة المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية من طرف برنامج يوبول ـ كوبس (EUPOL-COPPS) التابعللاتحاد الأوربي بميزانية سنوية تبلغ 9.3 مليون يورو. كما تقدم الولايات المتحدة وبلدان أخرى دعمًا لأجهزة أمنية أخرى في الضفة الغربية. وينص برنامج الاتحاد الأوربي على أنه يهدف إلى خلق منظومة جنائية "تتفق والمعايير الدولية لحقوق الإنسان" عن طريق تقديم المشورة والتوجيه عن كثب  للشرطة الفلسطينية، "وخاصة كبار الضباط في مستوى الأقاليم والإدارات المركزية".

وقال جو ستورك: "يتعين على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الإطلاع على سجل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الحافل بالإفلات من العقاب، واشتراط تقديم الدعم لهذه القوات بفتح تحقيقات ذات مصداقية ومقاضاة الانتهاكات التي ترتكبها".

وخلال الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني 2009 إلى يوليو/تموز 2012، تلقت اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان، وهي المراقب الرسمي لحقوق الإنسان في فلسطين، 584 شكوى تتعلق بالتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة على يد قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية، بما في ذلك الضرب الشديد، وضرب رؤوس المعتقلين في الحائط، وإرغامهم على الوقوف أو الجلوس في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وحرمانهم من النوم. ومن بين 109 قضايا متعلقة بمزاعم حول حصول انتهاكات سنة 2012، تم ارتكاب 62 منها على يد محققي الشرطة المدنية.

ولم تتوصل هيومن رايتس ووتش لأية حالة تم فيها فرض عقوبة جنائية على قوات الأمن الفلسطينية بسبب ارتكاب انتهاكات خطيرة، بما في ذلك التعذيب والحرمان من العلاج الطبي الذي تسبب في الوفاة. وفي إحدى القضايا، تمت محاكمة ضباط بسبب انتهاكات أدت إلى وفاة شخص رهن الاحتجاز، ولكن تمت تبرئتهم جميعًا.

وزعمت السلطة الفلسطينية أنها قامت في الماضي بتأديب ضباط على انتهاكات ارتكبوها، ولكنها لم تنشر أسماءهم أو أي معلومات أخرى يمكن التأكد من صحتها.

وفي 30 يونيو/حزيران، قام أفراد من الشرطة في الزي الرسمي ورجال أمن في ثياب مدنية بلكم وركل وضرب متظاهرين، وقاموا باعتقالهم تعسفيا بعد أن اجتمعوا في الساحة الرئيسية في رام الله احتجاجًا على اجتماع مزمع بين سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني، وشاوول موفاز، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك. كما هاجمت الشرطة المتظاهرين عندما تجمعوا في 1 يوليو/تموز احتجاجًا على الانتهاكات. واستنادًا إلى تقارير منفصلة أصدرتها لجنة تقصي الحقائق الفلسطينية ومنظمات حقوقية فلسطينية أخرى، تسببت الهجمات خلال اليومين في  إصابة ما لا يقل عن ستة أشخاص بجروح تم نقلهم إلى المستشفى.

كما قامت الشرطة بضرب صحفيين كانوا بصدد تغطية الأحداث، وهو آخر اعتداء في سلسلة اعتداءات على الصحافيين نفذتها قوات الأمن الفلسطينية. وقال محمد جرادات، وهو صحافي مستقل، لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة قامت بضربه أثناء المظاهرة، وسحبته إلى المقر المركزي لشرطة رام الله، وهناك تم تقييده على الأرض وتعرض إلى الضرب بالهراوات والركل، وهو ما تسبب في بقائه في المستشفى لمدة يومين اثنين لمعالجة الإصابات التي تعرض لها.

وفي 3 يوليو/تموز، التقى أحمد حرب، المفوض العام للجنة المستقلة لحقوق الإنسان، بوزير الداخلية سعيد أبو علي، وقدم له التقرير الذي يوثق "الاستخدام غير المبرر للقوة وضرب عدد من المشاركين في المسيرات السلمية، واحتجاز عدد آخر لبعض الوقت قبل الإفراج عنهم"، بحسب بيان اللجنة.

وكان الرئيس عباس قد أنشأ في 2 يوليو/تموز اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، برئاسة منيب المصري، رجل أعمال فلسطيني معروف، والتقت اللجنة بعشرات الشهود والضباط. وحددت اللجنة في تقريرها الذي سلمته إلى الرئيس عباس في 24 يوليو/تموز أسماء ضباط الشرطة المسؤولين عن الهجمات. ودعا ملخص التقرير وتوصياته، التي نشرت في وسائل إعلام فلسطينية، السلطة إلى ضمان مقاضاة ضباط الشرطة جنائيًا.

وفي وقت لاحق، قال منيب المصري لـ هيومن رايتس ووتش إن الرئيس عباس دعا سعيد أبو علي، وزير الداخلية، إلى تنفيذ توصيات اللجنة. وفي 15 أغسطس/آب، قال أبو علي للجنة إنه بصدد إصدار التوصيات اللازمة للقيام بذلك. 

وفي 25 أغسطس/آب، أصدر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، الذي يضم منظمات مثل مركز الحق ومركز الضمير، تقريرًا  يقول إن الشرطة الفلسطينية وعناصر في ملابس مدنية قاموا بمهاجمة المتظاهرين في 30 يونيو/حزيران تنفيذًا لأوامر العقيد عبد اللطيف القادومي، قائد الشرطة في رام الله، بدفع المتظاهرين إلى الخلف. وحصلت هجمات 30 يونيو/حزيران و1 يوليو/تموز بحضور عبد اللطيف القادموي ونائبه والرائد محمد أبو بكر، مدير شرطة المدينة.

كما ذكر التقرير بيانًا أصدره اللواء عدنان الضميري، المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لوسائل الإعلام، قال فيه إن تحرك الشرطة جاء لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقر الرئاسة، مجمع المقاطعة، في رام الله، وهو مكان "يُمنع" المتظاهرون من الوصول إليه.

وفي قضية حديثة أخرى، توجد مزاعم بأن جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني قام بتعذيب زكريا الزبيدي، أحد مؤسسي مسرح الحرية، وهي شركة مسرحية في جنين، في مركز اعتقال في أريحا. وتم اعتقال الزبيدي منذ 13 مايو/أيار دون توجيه تهم إليه للاشتباه في أنه على علم بمكان توجد فيه أسلحة تابعة للمجموعات المسلحة، ولكنه أنكر ذلك.

وفشلت السلطة الفلسطينية أيضًا في تنفيذ توصيات تحقيقات مستقلة أخرى في انتهاكات ارتكبتها قوات الأمن. وعلى سبيل المثال، وفي إطار رده على التقرير الذي أصدرته لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة، برئاسة ريتشارد غولدستون، وهجمات قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على صحافيين ومتظاهرين في الضفة الغربية ضد الهجمات الإسرائيلية على غزة في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009، أمر عباس بإنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق.

ودعت هذه اللجنة في تقريرها، الذي صدر في يونيو/حزيران 2010، السلطة الفلسطينية إلى "محاسبة ومحاكمة أولئك الذين ينتهكون القانون، سواء عن طريق أعمال الاعتقال التعسفي، أو جرائم التعذيب أو غيرها من أشكال المعاملة القاسية أو اللانسانية، أو بانتهاك الحقوق والحريات الأخرى". ولكن السلطة الفلسطينية مازالت إلى الآن لم تنشر أي معلومات محددة يمكن التثبت من صحتها حول هذه المحاكمات.

وقامت هيومن رايتس ووتش أيضًا بتوثيق ردود فعل إسرائيل وحماس على التوصيات الأخرى في تقرير غولدستون.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة