(القدس) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على إسرائيل التحقيق مع عناصر قوات الأمن الذين استخدموا القوة المفرطة ضد متظاهرين في مدينتين إسرائيليتين في 15 يوليو/تموز، ومحاسبتهم على ذلك. قال خمسة شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة استخدمت القوة المفرطة ضد محتجين على مشروع قانون من شأنه تسهيل تهجير آلاف السكان البدو بشكل قسري من منطقة النقب جنوب إسرائيل.
وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن شرطة الخيالة وشرطة الحدود وشرطة مكافحة الشغب قاموا بتفريق مظاهرة سلمية بشكل عنيف في منطقة سخنين شمال إسرائيل، بينما قامت شرطة الحدود وشرطة مكافحة الشغب بضرب متظاهرين في بئر السبع، في منطقة النقب. وتم نقل ما لا يقل عن ثلاثة متظاهرين من سخنين ومتظاهرين اثنين من بئر السبع إلى المستشفى. كما قال متظاهرون إن قوات الأمن هاجمت المتظاهرين في سخنين مستخدمة الخيول والغاز المسيل للدموع. وتؤكد مقاطع فيديو اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش هذه الشهادات. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن ثمانية من أعوان الأمن تعرضوا إلى "إصابات خفيفة" أثناء الاحتجاجات.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قام أعوان الأمن بدهس مواطنين إسرائيليين كانوا يتظاهرون بشكل سلمي في 15 يوليو/تموز. وإذا ما أفلت أولئك الذين أصابوا المحتجين بجروح بدون مبرر من العقاب، فان ذلك سوف يبعث بإشارة خطيرة مفادها أن السلطات الإسرائيلية لن تتسامح مع الاحتجاجات السلمية".
طالب منظمو الاحتجاجات إسرائيل بسحب مشروع قانون اقترحته الحكومة لإيجاد حل لوضعية عشرات الآلاف من المواطنين البدو الذين يسكنون في قرى لا تعتبرها إسرائيل قانونية. وكان البرلمان الإسرائيلي قد وافق على المسودة الأولى لهذا القانون، الذي يُعرف بـ "قانون برافر" نسبة إلى المسؤول الذي قام بصياغة نسخة سابقة منه في 24 يونيو/حزيران. وتوقع مسؤولون إسرائيليون أن يؤدي تنفيذ هذا القانون إلى تهجير 30 ألف بدوي بشكل قسري من تجمعات سكانية "غير معترف بها"، وسيتم نقل معظمهم إلى بلدات خططت لها الحكومة. بينما قدرت منظمات حقوقية أن عدد البدو الذين سيتم تهجيرهم يبلغ 40 ألفًا.
قال أربعة أشخاص ممن شاركوا في مظاهرات سخنين لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن سمحت للمظاهرة بالاستمرار لقرابة ساعة واحدة، حتى قرابة الساعة السادسة مساءً، ثم طلبت من المتظاهرين أن يتفرقوا خلال خمسة دقائق. وقالت إحدى الشهود إنها لم تسمع تحذير الشرطة، وقال الثلاثة الآخرون إن عديد الأشخاص، من بين أكثر من 500 متظاهر كانوا حاضرين، لم يسمعوا تحذير الشرطة بضرورة التفرق. كما قال الشهود إن شرطة الخيالة وشرطة مكافحة الشغب قامت اثر ذلك بمهاجمة المتظاهرين دون توجيه تحذير آخر لهم. وقال الشاهد "ن" لـ هيومن رايتس ووتش: "شاهدت واحدً من أعوان الأمن [من شرطة مكافحة الشغب] يسير نحونا، ثم أعطى إشارة وإذا بالخيول تركض وتدهس الناس. ولكن بعض الناس لم يسمعوا بتحذير الخمس دقائق. لم يكن يوجد تواصل جيد بين قوات الأمن والمتظاهرين". واستنادًا إلى "ب"، وهو متظاهر آخر، "بعد حوالي ساعة من الزمن، بدأ أعوان الشرطة يأمرون الناس بالتفرق وأعطوهم مهلة خمس دقائق، ثم فجأة شرعوا في تنفيذ الهجوم. لم يكن ممكنًا التأكد من أن المهلة انتهت، لقد حدث ذلك بشكل سريع جدًا".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن عدم تفرق تجمع من الناس بشكل فوري بعد أن أمرته الشرطة بذلك لا يبرر مهاجمة المشاركين فيه.
قال "ن"، وهو أحد الشهود، إنه شاهد عونًا من شرطة الخيالة يستخدم حصانه ليدهس رجلا "كان يُحاول حماية طفلة صغيرة من الشرطة". كما قال "أ"، وهو متظاهر آخر، لـ هيومن رايتس ووتش:
لقد شاهدتهم يضربون رجلا، فجاءت امرأة لتدافع عنه ولكني شاهدتهم يدهسونها بحصان، ثم بدأ الرجال [المشاركون في المظاهرة] يصرخون للدفاع عن المرأة، ولكن الوضع ازداد سوءً. وبعد ذلك، بدأنا نهرب، واتجهنا نحو [الأشجار والشجيرات على جانب الطريق] المنفذ الوحيد الذي يُمكن أن يساعدنا على الهروب من الخيول، ولكنهم بدؤوا يلقون علينا الغاز المسيل للدموع و[قنابل الصوت] في الأماكن المحيطة بنا وبين أرجلنا. حاول بعض الرجال الذين كانوا معنا ردّ الفعل وبدؤوا يلقون الحجارة على الخيول، فقاموا بمهاجمتنا من جديد. هربنا واختبأنا إلى أن عرفنا أن المظاهرة انتهت.
كما قال الأشخاص الأربعة الذين شاركوا في المظاهرة إن قوات أمن أخرى في سخنين ألقت متظاهرين على الأرض وقامت بضربهم، وأطلقت الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت على المحتجين الذين فروا نحو مكان كثيف الأشجار على جانب الطريق. وقال "س"، وهو أحد المتظاهرين: "كانت توجد خيول على جانب الطريق، واليسام [شرطة مكافحة الشغب] على الجانب الآخر، ولم يكن بوسعنا الهروب إلى أي مكان. لقد وقعنا في الفخ. كان المكان الوحيد الذي يمكن الهروب إليه هو مغادرة الطريق ودخول الغابة. لقد أمطرونا غازًا مسيلا للدموع وقنابل صوتية، وكانت العبوات تصيب المتظاهرين".
قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الأمن على مظاهرة سخنين أدى إلى اشتعال النيران في الحقول. واستنادًا إلى مركز عدالة، وهو مركز غير حكومي للشؤون القانونية يُدافع عن حقوق الأقلية العربية في إسرائيل ويُمثل المتظاهرين، فان عشرة متظاهرين أصيبوا بجروح.
وقامت قوات الأمن باعتقال 14 شخصًا، ومن بينهم فتحية حسين، مديرة مكتب عدالة. وقال متحدث باسم مركز عدالة لـ هيومن رايتس ووتش إن فتحية حسين وابنيها البالغين من العمر 24 سنة و17 سنة كانوا يتظاهرون بشكل سلمي عندما قامت الشرطة بضربهم واعتقالهم. وقال مركز عدالة إن الشرطة كانت تحقق مع الأشخاص الأربعة عشر، وجميعم فلسطينيون مواطنون في إسرائيل، بتهم أولية تتمثل في مهاجمة أعوان الشرطة، وتعطيل عمل الشرطة، والمشاركة في مظاهرة غير قانونية، وتهديد الأمن العام. وفي 16 يوليو/تموز، قضت محكمة في عكّا بإطلاق سراح فتحية حسين، وابنها الأصغر، ورجلين وامرأتين أخريين كانوا قد تعرضوا إلى الاعتقال في سخنين في اليوم التالي. وفي 18 يوليو/تموز، أمرت المحكمة بإطلاق سراح ستة متظاهرين آخرين، ولكنها مددت في فترة احتجاز رجلين إلى 21 يوليو/تموز.
أما في بئر السبع، فقال أحد المتظاهرين لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة وافقت على مسار إحدى المسيرات من جامعة بن غوريون إلى مكتب البلدية التابع إلى مديرية البدو. ولكن شرطة الحدود وشرطة مكافحة الشغب بدأت تتشاجر مع شباب في المسيرة على مستوى إحدى التقاطعات الرئيسية في الطريق. وقال الدكتور ثابت أبو راس، مدير مكتب عدالة في منطقة النقب، إن امرأة تبلغ من العمر 19 سنة تعرضت لاصطدام رأسها بالخرسانة عندما قامت قوات الأمن بدفعها نحو الأرض، وتم نقلها إلى المستشفى. كما قال مكتب عدالة في النقب إن قوات الأمن أصابت مفيد سويلم بجروح، وعمره 26 سنة، وأمضى ليلة في المستشفى.
وقامت قوات الأمن باعتقال 14 متظاهرًا في بئر السبع، من بينهم امرأتان وشخصان قاصران. وكان جميع الأشخاص الـ14 فلسطينيين من مواطني إسرائيل. وفي 16 يوليو/تموز، قال ثابت أبو راس: "ذهب الناس إلى المحكمة على الساعة الثامنة والنصف صباحًا للتضامن وحضور الجلسات، ولكننا وجدنا أكثر من نصف مقاعد المحكمة قد امتلأت بشرطة مكافحة الشغب، فقاموا بمنع الناس من الحضور".
وفي 16 يوليو/تموز، أمرت محكمة في بئر السبع بإطلاق سراح ستة معتقلين ممن شاركوا في المظاهرة بكفالة مع اشتراط وضعهم تحت الإقامة الجبرية لمدة أسبوع واحد، بينما تم إطلاق سراح البقية في 18 يوليو/تموز.