Skip to main content
تبرعوا الآن

ليبيا ـ حظر محطات تلفزيونية انتقادية يمثل انتكاسة لحرية التعبير

ينبغي التراجع عن الوقف العقابي للمنح الدراسية والرواتب المخصصة لطلبة وموظفين من "المعادين لثورة 17 فبراير"

(طرابلس) ـ  إن قراراً جديداً مرره المؤتمر الوطني العام، البرلمان الليبي، لحظر محطات تلفزيونية فضائية تنتقد الحكومة وانتفاضة 2011 ضد القذافي يمثل انتهاكاً لحرية التعبير والإعلان الدستوري المؤقت في ليبيا. تم تبني القرار في 22 يناير/كانون الثاني. كما كُلفت الحكومة بقطع التمويل عن منح دراسية مخصصة لطلبة بالخارج، إضافة إلى رواتب ومكافآت الموظفين المشاركين في أنشطة "معادية" للثورة.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "المفترض أن يكون الليبيون قد وعوا منذ زمن طويل الدرس القائل بأن قمع التعبير عن الرأي، مهما كانت قسوته، لا يساهم بشىء في إقرار الأمن أو السلم. إن أفضل السبل لمواجهة الآراء التي لا ترضى عنها الحكومة هو تحديها بأفكار أفضل من شأنها إقناع الليبيين".

يتولى القرار 5/2014، "بشأن وقف ومنع وصول بث بعض القنوات الفضائية"، الذي تبناه المؤتمر الوطني العام، في 22 يناير/كانون الثاني 2014، تكليف وزارات الخارجية والاتصالات والإعلام "باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل وقف ومنع وصول بث كافة القنوات الفضائية المعادية لثورة 17 من فبراير أو التي تعمل على زعزعة أمن واستقرار البلاد أو زرع الفتنة والشقاق بين الليبيين". كما يمضي ليكلف الحكومة  "باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة ضد الدول أو الشركات التي يصدر منها بث القنوات السالفة البيان وتمتنع أو تتهاون في اتخاذ الإجراءات الجدية بشأن المساعدة في وقف بثها الإعلامي والحيلولة دون استمرارها على النحو الموضح بالمادة الأولى من هذا القرار".

وينتهك القرار حرية التعبير لأنه يقيد طيفاً عريضاً من الآراء، بما فيها المعارضة السياسية السلمية، كما أن صياغته المبهمة الفضفاضة معرضة للتنفيذ التعسفي، بحسب هيومن رايتس ووتش. بينما يحق قانوناً للحكومة حظر الآراء التي يثبت تحريضها المباشر على العنف، إلا أنه لا يجوز لها حظر كافة برامج إحدى القنوات الفضائية حتى ولو ثبت أن بعض الآراء التي تبثها تحرض على العنف. دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة إلى التراجع عن القرار.

يبدو الحظر وكأنه يستهدف قنوات فضائية اتخذت موقفاً مؤيداً للقذافي في محتواها التحريري، كما يبدو بوجه خاص أنه يقصد قناتين مواليتين للقذافي هما قناة "الخضراء" وقناة "الجماهيرية".

تبنت الحكومة الليبية أيضاً القرار رقم 13 لسنة 2014، في 24 يناير/كانون الثاني 2014، الذي يوقف المنح الدراسية المخصصة لطلبة يدرسون بالخارج، والرواتب والمكافآت لموظفين ليبيين، "قادوا أو شاركوا في الأنشطة المعادية لثورة 17 فبراير" والتي يشيع فهمها على أنها تشمل التصريحات والمظاهرات المناهضة للحكومة الحالية. كما يدعو القرار سفارات ليبيا في الخارج وغيرها إلى وضع قوائم بالأسماء وإحالتها إلى النائب العام للتحقيق.

قالت سارة ليا ويتسن: "إن هذه الجهود الرامية لمجازاة الليبيين الذين لا يؤيدون الثورة أو الحكومة الحالية ينبغي أن تكون مدعاة لحرج كل من تعهدوا بعصر جديد من الحرية لليبيين. كما أن معاقبة الطلبة والموظفين الذين لا يلتزمون بالخط السياسي للحكومة هو أسلوب كان يجب أن ينتهي بسقوط القذافي".

تأتي جهود الحكومة لحظر وسائل الإعلام الموالية للقذافي في سياق بيئة أمنية وسياسية وعرة، فقد انخرط ما يبدو أنه جماعات مسلحة موالية للقذافي في جنوب ليبيا وغربها في معارك طاحنة ضد القوات المؤيدة للحكومة، مما أدى إلى ما لا يقل عن 154 حالة وفاة و463 إصابة، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية. كما قامت جماعات مسلحة ومعتدون مجهولون، خلال العام الماضي، باغتيال ما لا يقل عن 70 ليبياً من المرتبطين بحكومة القذافي، ومعظمهم من الأعضاء السابقين في قوات أمن القذافي، إلا أن بعضهم كانوا من معارضيه السياسيين،وقضاة،وهذا دون قيام الحكومة باعتقال أي شخص تقريبا.

ولم يتضح كيف تنوي الحكومة إنفاذ هذا الحظر على القنوات الفضائية العاملة من خارج البلاد.

تأتي هذه المراسيم في أعقاب عدد من الملاحقات القانونية لنشطاء وصحفيين وساسة بارزين كانوا قد أبدوا آراءً انتقادية. حكمت إحدى المحاكم على جمال الحاجي، وهو ناشط سبق احتجازه في عهد القذافي، بالحبس لمدة ثمانية أشهر مع الشغل، وغرامة باهظة، بتهمة توجيه اتهامات كاذبة إلى مسؤولين حكوميين وآخرين.

منذ خلع حكومة القذافي، استعانت النيابة بنصوص من قانون العقوبات تعمل على تقييد حرية التعبير لملاحقة ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص آخرين في "جرائم" تتعلق بالتعبير عن الرأي، ومن بينها التجديف، والتشهير.

وفي 14 يونيو/حزيران 2012، أعلنت المحكمة الليبية العليا عدم دستورية قانون يجرم حرية التعبير، هو القانون 37/2012، الذي كان المجلس الوطني الانتقالي قد أقره في 2 مايو/أيار 2012. كان القانون يجرم جملة من أنواع الرأي السياسي، بما فيه الرأي الذي "يمجد الطاغية [معمر القذافي]"، أو "يسيء إلى ثورة السابع عشر من فبراير" أو يهين المؤسسات الليبية. أعلن رئيس هيئة المحكمة، القاضي كمال دهان، عدم دستورية القانون، وكانت مجموعة من المحامين، تضم وزير العدل الحالي صلاح المرغني، والمجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان، قد تولت رفع الدعوى.

قالت سارة ليا ويتسن: "بينما يحق للسلطات ملاحقة أصحاب الآراء التي تمثل تحريضاً مباشراً على العنف وقتل ليبيين آخرين، إلا إن هذا القانون الذي يستهدف قنوات فضائية تعارض الثورة فضفاض بشكل مفرط، ويتجاوز أي قيد يمكن السماح به على حرية التعبير. ويتعين على الحكومة، بدلاً من محاولة إسكات معارضي الثورة، أن تبرهن من خلال إنجازاتها على الأسباب التي تدعو شعب ليبيا لتأييدها".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة