(بيروت) - قالت 14 منظمة دولية اليوم إن السلطات المصرية استدعت في الأسابيع الأخيرة عاملين بمجال حقوق الإنسان لاستجوابهم ومنعتهم من السفر وحاولت تجميد أموالهم الشخصية والأصول الخاصة بأسرهم. يشير ذلك إلى أن التحقيق القائم منذ 5 سنوات في تمويل المنظمات الحقوقية المستقلة وتسجيلها قد يؤدي قريبا إلى اتهامات جنائية.
تسارعت وتيرة قمع الحقوقيين المصريين في الشهور الأخيرة. في 22 مارس/آذار 2016 تم استدعاء مُزن حسن، المديرة التنفيذية لمركز "نظرة للدراسات النسوية"، للاستجواب كمدعى عليها في قضية التمويل الأجنبي. من المقرر مثولها أمام قضاة التحقيق في 29 مارس/آذار 2016.
في 19 مارس/آذار تلقت محكمة جنائية بالقاهرة طلبا من قضاة التحقيق بتجميد أصول حسام بهجت، الصحفي ومؤسس "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، الذي يكتب حاليا في الموقع الإخباري المصري "مدى مصر"، وجمال عيد، المحامي ومدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان". امتد طلب القضاة أيضا إلى أصول زوجة عيد وابنته البالغة من العمر 11 عاما. أرجأت المحكمة الجلسة إلى 24 مارس/آذار، وفي 21 مارس/آذار فرض قضاة التحقيق أيضا حظر نشر منع الإعلام المحلي من تغطية القضية.
كما أصدرت محكمة جنائية بالقاهرة أمرا في فبراير/شباط بطلب من قضاة التحقيق، بمنع بهجت وعيد من السفر خارج مصر.
منعت المحاكم والنيابات وأجهزة الأمن 10 نشطاء حقوقيين على الأقل من السفر في الأسابيع الأخيرة، بينهم محمد لطفي مدير "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" و4 عاملين في "المعهد المصري الديمقراطي".
بين 13 و15 مارس/آذار طُلب من 3 موظفات في مركز نظرة و2 من "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" وواحدا من "المجموعة المتحدة"، وهي مركز قانوني ينشر تقارير عن التعذيب، المثول أمام قضاة التحقيق للاستجواب. بين الموظفين المستدعين المسؤول المالي لكل منظمة.
سبق في 3 مارس/آذار أن استجوب أحد قضاة التحقيق مدير المجموعة المتحدة، وهو المحامي نجاد البرعي، بزعم إنشاء كيان غير مرخص و"الضغط" على الرئيس لإصدار قانون ضد التعذيب.
في فبراير/شباط وبعد التحقيق، طالبت الدوائر الحكومية المختصة بالضرائب بعض المنظمات المستقلة الخاضعة للتحقيق، بسداد ملايين الجنيهات المصرية كضرائب متأخرة. في 17 فبراير/شباط أصدر مسؤولو وزارة الصحة أيضا أمر إغلاق "مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، وهو المركز المصري الرائد في تقديم هذه الخدمات، لكونه يؤدي عملا غير مرخص. أنشئ المركز كعيادة طبية منذ عام 1993، وقدم خدمات حيوية لمئات ضحايا التعذيب، وتشمل المشورة النفسية والمساعدة القانونية.
مرحلة التحقيق الأولى في تمويل المنظمات المستقلة – المعروفة بالقضية 173 لسنة 2011 – شملت حُكم محكمة جنايات في القاهرة في يونيو/حزيران 2013 على 43 موظفا أجنبيا ومصريا في 5 منظمات دولية بالسجن بين عام و5 أعوام. جاءت الاحكام بناء على اتهامات بالعمل بصفة غير قانونية في البلاد وتلقي تمويل أجنبي دون تصريح.
صدرت جميع الأحكام إما مع إيقاف التنفيذ أو غيابيا، لكن الحُكم أدى لإغلاق مقار "المعهد الوطني الديمقراطي" و"المعهد الجمهوري الدولي" و"فريدوم هاوس" و"المركز الدولي للصحفيين" و"مؤسسة كونراد أديناور" في مصر.
بعد انتهاء التحقيق الأولي مع المنظمات الدولية، التفتت السلطات إلى المنظمات المحلية.
استأنف قضاة التحقيق الثلاثة عملهم في 2014 عندما تقدمت وزارة التضامن الاجتماعي للمنظمات المحلية بإنذار بالتسجيل، بموجب قانون متعسف للجمعيات صدر في ظل رئاسة مبارك. يمكّن القانون الحكومة من إغلاق أية منظمة متى شاءت، وتجميد أصولها ومصادرة ممتلكاتها ورفض المرشحين لمجالس إدارتها.
العديد من المنظمات المستهدفة مسجلة بشكل ما، بما في ذلك كمنظمات غير هادفة للربح ومكاتب محاماة وعيادات طبية. لكن بعضها نقل العاملين إلى خارج مصر أو قلل من أنشطته بدلا من التسجيل بموجب قانون جمعيات مبارك. لكن حتى الجماعات المسجلة لم تفلت من التحقيق: سُجِّل "المعهد المصري الديمقراطي" في يناير/كانون الثاني 2015 وسُجِّل مركز نظرة منذ عام 2007.
دأب جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية والمخابرات العامة، وهي جهاز الاستخبارات الخارجية، على جمع معلومات عن أنشطة المنظمات المحلية منذ فترة. وردت تلك المعلومات في تقرير تقصي حقائق صدر في سبتمبر/أيلول 2011، تسربت أجزاء منه إلى الإعلام، وذكرت 37 منظمة خاضعة للتحقيق بينها جميع المنظمات المتضررة من الاستدعاءات وحظر السفر مؤخرا.
قالت المنظمات الموقعة إن على السلطات المصرية سحب أمر إغلاق مركز النديم ورفع حظر السفر وتجميد الأصول عن العاملين بمجال حقوق الإنسان، الذين يحمي الدستور المصري والقانون الدولي أنشطتهم.
كما أن على السلطات رفع حظر النشر، الذي يمنع الإعلام من تغطية أي شيء عن القضية إلا البيانات الصادرة عن القضاة إلى أن ينتهي التحقيق. ينتهك ذلك حرية التعبير التي يكفلها الدستور المصري والقانون الدولي.
على مصر الالتزام بتعهدها في مارس/آذار 2015 في ختام الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بـ "احترام حرية نشاط الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان". يشمل هذا بالضرورة السماح للمنظمات بالتسجيل بموجب قانون جمعيات جديد، يكون على البرلمان صوغه بعد مشاورة المنظمات المستقلة. يجب أن يراعي القانون الجديد المادة 75 من الدستور التي تحمي المنظمات من تدخل الحكومة. كما يجب أن يراعي المعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات.
على مجلس حقوق الإنسان ودوله الأعضاء إدانة حملة القمع الجارية والمطالبة بإجراءات ملموسة لتحسين احترام حقوق الإنسان الأساسية.
قال ميشال توبيانا، رئيس "الأورو-متوسطية للحقوق": "بدل إغلاق آخر ما تبقى من المجتمع المدني، على مصر أن ترحّب بالتدقيق في سجلها الحقوقي، وتأخذ بعين الاعتبار الانتقادات البنّاءة التي تصدرها المنظمات غير الحكومية المحلية. على السلطات الانخراط في حوار مفتوح وحقيقي مع الحركة الحقوقية المصرية".
الأورو-متوسطية للحقوق
أيفكس
جمعية حقوق المرأة في التنمية
الخدمات الدولية لحقوق الإنسان
سيفيكوس
الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان)
فرونت لاين ديفندرز
لجنة حماية الصحفيين
مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
منظمة العفو الدولية
منظمة المادة 19
هيومن رايتس ووتش