بيروت - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على أطراف النزاع اليمني إخلاء سبيل الأسرى الأطفال والتعهد بالكف عن تجنيد الأطفال. قوات الحوثيين والقوات الحكومية والموالية للحكومة، بالإضافة إلى المجموعات المسلحة المتطرفة، استخدمت الأطفال كجنود، وتُقدر نسبتهم بنحو ثُلث المقاتلين في اليمن.
اتفقت قوات موالية للحكومة وقوات الحوثيين المعارضة في منتصف مايو/أيار 2016 على تبادل نصف الأسرى جميعا في مطلع يونيو/حزيران، قبل شهر رمضان المبارك، في إطار مباحثات السلام الجارية.
قال بيل فان إسفلد، باحث أول في حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش: "على جميع الأطراف ضمان إطلاق سراح الأطفال أثناء تبادل الأسرى وتسريحهم، وفي الأصل ما كان يجب توريطهم في القتال. على الأطراف من الجانبين الكف عن تجنيد الأطفال وتعريضهم للخطر وأن تعيدهم فورا إلى عائلاتهم".
تحققت "اليونيسف" من مقتل أكثر من 900 طفل وإصابة 1300 آخرين خلال عام 2015، وهو ما يعني مقتل أو تشويه 6 أطفال يوميا منذ تصعيد القتال في مارس/آذار 2015.
في 30 مايو/أيار أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد على تويتر أنه تلقى قوائم بالأسرى من الجانبين، وتناقلت التقارير فيما بعد أنها تضم 2630 أسيرا من جانب الحكومة و3760 آخرين من جانب الحوثيين. لكن اختلف الجانبان حول عدد الأسرى الذين سيُطلق سراحهم، إذ يقول الحوثيون إنهم سيكونون 1000 أسير وتقول مصادر حكومية أنه سيُخلى سبيل جميع الأسرى، بحسب تقارير نقلت عن مصادر مقربة من المفاوضات. أجرت القوات الحوثية، وأخرى معادية لها، تبادلا منفصلا شمل 35 أسيرا في 2 يونيو/حزيران.
شن تحالف بقيادة السعودية – وبدعم عسكري من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة – حملة جوية وبرية ضد قوات الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح منذ مارس/آذار 2015، دعما لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. أعلنت الأطراف وقفا للقتال في 10 أبريل/نيسان وبدأت مباحثات سلام في الكويت في وقت لاحق ذلك الشهر، لكن استمرت الغارات الجوية والمعارك على الأرض. أجرى الحوثيون والقوات السعودية تبادلين للأسرى في مارس/آذار.
وثقت هيومن رايتس ووتش احتجاز جميع أطراف النزاع لأطفال يُشتبه في ولائهم لقوات الخصم، وأن الأطراف أساءت معاملة الأسرى واحتجزتهم في ظروف بائسة. في أغسطس/آب 2015 رصدت هيومن رايتس ووتش أن جماعات مسلحة من الجنوب تحتجز 140 مشتبها بولائهم للقوات الحوثية، بينهم 25 طفلا على الأقل بدا أنهم تحت سن 15 عاما، في مدرسة سيطرت تلك القوات عليها في عدن. في يوليو/تموز وأغسطس/آب نفذت جماعات مسلحة متطرفة عدة إعدامات بإجراءات موجزة لأسرى من القوات الحوثية في عدن ولم تكن أعمارهم معروفة. كما وثقت هيومن رايتس ووتش احتجاز القوات الحوثية تعسفا لمدنيين واتخاذ أسرى في ظروف قاسية.
ورد في "مبادئ باريس بشأن الأطفال المرتبطين بالقوات المسلحة أو الجماعات المسلحة" (2007):
"يعتبر تجنيد الأطفال أو استخدامهم انتهاكا لحقوقهم... وينبغي السعي بصورة دائمة إلى تحرير الأطفال المجندين أو المستخدمين بصورة غير مشروعة وحمايتهم وإعادة إدماجهم، بدون شروط، ودون أن يكون ذلك رهنا بعملية موازية لتحرير أو تسريح الكبار".
لا تعرف هيومن رايتس ووتش إجمالي عدد الأطفال المحتجزين لدى مختلف أطراف النزاع.
أخلي سبيل بعض الأطفال في تبادل سجناء سابق. احتجزت اللجان الشعبية الموالية للحكومة العديد من الأطفال وأفرجت عن ثلثهم تقريبا، على ما يبدو أثناء تبادل للأسرى في ديسمبر/كانون الأول 2015 لـ 360 مقاتل حوثي مقابل 265 مدنيا وعنصرا من القوات الحكومية.
وثقت الأمم المتحدة نحو 850 حالة تجنيد لأطفال في 2015، ما يعني زيادة بمقدار 5 أمثال معدلات 2014. جندت قوات الحوثيين أغلب هؤلاء الأطفال، لكن "اللجان الشعبية" وجماعة "القاعدة في الجزيرة العربية" المتطرفة – التي نقلت التقارير أنها قاتلت أحيانا في صف القوات الموالية للحكومة – جندت بدورها أطفالا. في 2013 ذكر الأمين العام للأمم المتحدة تقارير عن تجنيد القاعدة – وتسمى أيضا "أنصار الشريعة" – صبية صغار ليتم استغلالهم جنسيا.
أرسلت عائلات فقيرة أطفالها للانضمام إلى القوات الحوثية والموالية للحكومة على السواء مقابل 1000 إلى 2000 ريال يمني يوميا (7 إلى 15 دولارا)، حسبما نقلت "الجزيرة" في يناير/كانون الثاني 2016. في بعض الحالات لا يحصل الأطفال على نقود، إنما على طعام وقات، وهو نبات منبِّه. في مارس/آذار 2014 قابلت هيومن رايتس ووتش 7 صبية، أصغرهم عمره 14 عاما، قالوا إنهم تطوعوا في صفوف الحوثيين. قالوا إنهم يؤدون مهام قتالية أو تكليفات عسكرية أخرى، منها حمل الذخيرة إلى جبهات القتال وسحب جثث المقاتلين الذين يسقطون في المعركة.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 تعهد القيادي الحوثي عبد الملك بدر الدين الحوثي بالعمل على وقف استخدام جماعته للجنود الأطفال. لكن رصدت هيومن رايتس ووتش استخدام الحوثيين للأطفال كجنود يرتدون الزي العسكري، وعلى الحواجز الأمنية، وهذا حتى مارس/آذار 2016.
استخدمت القوات الحكومية الجنود الأطفال لسنوات، وفي بعض الحالات جلب قادة الجيوش الذين جندوا أطفالا هؤلاء الأطفال معهم بعد انشقاقهم وانضمامهم للمعارضة، رغم أن القانون اليمني يحدد أن 18 عاما هي السن الدنيا للخدمة العسكرية. في 14 مايو/أيار 2014 وقعت الحكومة اليمنية خطة عمل مع الأمم المتحدة لإنهاء تجنيد القوات الحكومية للأطفال، مع اعتزام سحب جميع الأطفال من صفوف هذه القوات ودمجهم بمجتمعاتهم المحلية، ووقف تجنيد الأطفال بعد ذلك. أدى اندلاع القتال على نطاق واسع إلى تجميد هذه الخطة.
على السلطات الموجودة على الأرض – وبدعم من المانحين – العمل على إدماج الأطفال المُسرّحين بمقتضى مبادئ باريس، التي تدعو إلى خطوات بينها لم الشمل بالأسرة والدعم النفسي الاجتماعي وإتاحة التعليم وضمان قدرة عائلات الأطفال ومجتمعاتهم على رعايتهم وحمايتهم.
تجنيد أو استخدام الأطفال تحت 15 عاما من قبل أطراف نزاع هو جريمة حرب بحسب القانون الدولي. يمكن أن تتم المحاسبة الجنائية للقادة، من منطلق مسؤولية القيادة، الذين عرفوا أو كان لهم أن يعرفوا بهذه الانتهاكات ولم يتخذوا تدابير فعالة لوقفها. البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، واليمن طرفا فيه، يحدد 18 عاما سنا دنيا لأية مشاركة في نزاع مسلح من قبل قوات مسلحة أو جماعات مسلحة غير تابعة لدول.
يُلزم البروتوكول الحكومات والجماعات المسلحة بتسريح الأطفال من صفوفها وبتوفير المساعدة لتعافيهم المادي والنفسي-الاجتماعي ودمجهم بالمجتمع، وهو ما يمكن أن يشمل إتاحة التعليم والدعم النفسي-الاجتماعي (أو الصحة النفسية). السعودية والولايات المتحدة، وهما طرفان في النزاع كما في البروتوكول، مطالبتان، بصفتهما من الدول الأطراف، بالتعاون في تنفيذه ومنع النشاط غير القانوني وتأهيل وإدماج الجنود الأطفال.
جُمدت جميع المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة إلى اليمن في 2015، لكن الرئيس باراك أوباما أعطى وزير الخارجية جون كيري سلطة معاودة تقديم المساعدات التي تعد محظورة بموجب قانون منع تجنيد الأطفال الأمريكي. يحظر القانون عدة فئات من المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لحكومات تستخدم الأطفال في النزاعات المسلحة أو دعم الميليشيات أو الجماعات شبه العسكرية التي تستخدم الجنود الأطفال.
قال فان إسفلد: "يمكن لأطراف النزاع في اليمن توجيه رسالة مفادها أنها تريد فعل الصواب، بأن تطلق سراح الأسرى الأطفال قبل رمضان وتنفذ الوعود التي لم تُحترم بإنهاء تجنيد الأطفال".