(بيروت، 1 يوليو/تموز 2016) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مسؤوليْن في قناة تلفزيونية جزائرية خاصة تبث برنامجا ساخرا وُضعا رهن الحبس الاحتياطي في 24 يونيو/حزيران 2016.
أمرت محكمة في الجزائر العاصمة بحبس المهدي بن عيسى، مدير قناة "كي بي سي"، ورياض حرتوف، مدير إنتاج برنامج حواري، بسبب مخالفة التصريح الممنوح للمحطة. جاء الأمر بعد 5 أيام على وقف قوات الأمن لعمليات الإنتاج في استديو يُنتج برنامجين حواريين هما "ناس سطح" و"كي حنا كي الناس"، ومصادرة أدوات الإنتاج.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "سجن مسؤولين في قنوات تلفزيونية بذريعة وجود مخالفات هو إجراء غير متناسب. من الواضح أنه يرمي فقط لتكميم أفواه وسائل الإعلام الخاصة."
برنامج "كي حنا كي الناس"، الذي انطلق بثه في 6 يونيو/حزيران، يتميز بلهجة غير تقليدية، ويقدّم محتوى ساخر ومنتقد للحكومة. في حلقة 16 يونيو/حزيران شبّه المغني الجزائري صلاح غاوا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بـ"الخضر"، في تلميح إلى وضعه الصحي المتدهور.
قالت السلطات القضائية إن مخالفات في تصاريح التصوير هي التي كانت وراء اعتقال بن عيسى وحرتوف. اكما اعتقلت نورية نجاعي، مسؤولة وزارة الثقافة التي أصدرت تراخيص البرنامجين.
قال شريف رزقي، مالك مجموعة الخبر الإعلامية، لـ هيومن رايتس ووتش إن الاعتقالات جاءت بعد فتح تحقيق في البرنامجين الحواريين. أضاف أن مسؤولي الأمن استدعوا بن عيسى إلى مركز للشرطة يوم 22 يونيو/حزيران، وطلبوا منه إحضار إثبات امتلاكه إذن بث البرنامجين. وتم القاؤه في الاحتجاز في تلك الليلة.
أوقف البرنامجان منذ 19 يونيو/حزيران، عندما أغلقت قوات الأمن الاستوديوهات. قال رزقي إن السبب الذي أخبروهم به هو عدم حصول الاستوديوهات على إذن تصوير. سبق استخدام الاستوديوهات من قناة "أطلس"، المملوكة للقطاع الخاص، التي أغلقتها الحكومة وصادرت معداتها عام 2014. ولم تعد قناة أطلس للعمل لاحقا.
سبق لقناة "كي بي سي" أن تورطت في نزاع قانوني مع وزارة الاتصالات على خلفية شراء قناة الخبر، بعد بيع غالبية أسهمها إلى "ناس برود"، وهي أيضا شركة خاصة.
أخبر محامي بن عيسى وحرتوف، خالد برغل، هيومن رايتس ووتش أن الرجلين متهمان بالإدلاء بأقوال كاذبة بموجب المادة 223 من قانون العقوبات. اتهموا أيضا بإساءة استخدام السلطة بموجب المادتين 33 و42 من قانون مكافحة الفساد الصادر في يونيو/حزيران 2001. تنص المادة 223 على عقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات لكل من تسبب في إصدار وثيقة رسمية تحوي بيانات كاذبة أو قدم معلومات كاذبة. تنص المادتان أيضا على السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات لأي موظف عمومي يستخدم منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، أو على حساب شخص آخر أو كيان آخر.
استأنف محامو المتهمين قرار الاحتجاز والتهم في 26 يونيو/حزيران. لدى المحكمة الابتدائية 10 أيام للبت في إطلاق سراح المتهمين الثلاثة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه القضايا تبرز الخطر الذي تواجهه القنوات المملوكة للقطاع الخاص في الجزائر. صدر قانون جديد للإعلام السمعي البصري في 23 مارس/آذار لتمكين وسائل الإعلام من مساحة حرية أكبر. أنشأ القانون هيئة تنظيمية للإعلام السمعي البصري بدأت عملها في 20 يونيو/حزيران. الهيئة مسؤولة عن مراقبة الامتثال للقانون وتراخيص التصوير.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة إطلاق سراح المتهمين ومراجعة التهم الموجهة إليهم. لا تتفق هذه الاتهامات مع حماية حرية التعبير وحرية الصحافة بموجب القانون الدولي والدستور الجزائري الجديد، الذي ينص على عدم معاقبة الجرائم المرتبطة بوسائل الإعلام بالسجن.
صادقت الجزائر على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" عام 1989. يجب احترام ضمانات حرية التعبير المنصوص عليها في المادة 19 من العهد.
لا ترقى التشريعات الجزائرية التي تنظم حرية التعبير والوصول إلى المعلومات والإنتاج السمعي البصري إلى المعايير الدولية ذات الصلة. كان القانون المنظم للمعلومات، المعتمد في 12 يناير/كانون الثاني 2012، من بين الإصلاحات القانونية التي وعدت بها الحكومة كردّ على للاحتجاجات التي شهدتها الجزائر وباقي دول المنطقة.
يحتوي القانون على عدة مواد تقيد حرية التعبير وحرية الصحافة. تنص المادة 2 على أن الإعلام "يمارس بحرية" مع وجوب احترام مفاهيم مطاطة للغاية مثل "الهوية الوطنية والقيم الثقافية للمجتمع، والسيادة الوطنية والوحدة الوطنية، متطلبات أمن الدولة والدفاع الوطني والنظام العام، والمصالح الاقتصادية للبلاد"، وغيرها.
تضمن المادة 41 من الدستور الجزائري الجديد، الذي تبناه البرلمان يوم 7 فبراير/شباط 2016، حرية الصحافة. تشترط ممارستها "ضمن حدود القانون، وفي احترام للمعايير والقيم الدينية والثقافية والأخلاقية للأمة". تنص المادة نفسها على أن عقاب الجرائم الصحفية" لا يجب أن يتضمن الحرمان من الحرية الشخصية".
تحديث:
في 18 يوليو/تموز 2016، حكمت المحكمة الابتدائية في سيدي محمد في الجزائر العاصمة على نورية نجاعي بالسجن عاما واحدا مع وقف التنفيذ، وغرامة قدرها 100000 دينار جزائري (909 دولار أمريكي). كما حكمت المحكمة على بن عيسى وحرتوف بالسجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ، وغرامة قدرها 50000 دينار جزائري.