تحديث :في 13 سبتمبر/أيلول 2017، حكمت المحكمة الابتدائية في عين تادلس، مستغانم، على محمد فالي بالسجن 6 أشهر، مع وقف التنفيذ، وغرامة.
(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن اعتقال محمد فالي، زعيم الطائفة الأحمدية في الجزائر، في 28 أغسطس/آب 2017، هو أحدث الأمثلة على الحملة القمعية التي تستهدف هذه الأقلية الدينية.
تعرض الكثير من الأحمديين للملاحقة القضائية منذ يونيو/حزيران 2016، وحُبس بعضهم لفترات ناهزت 6 أشهر. ادعى مسؤولون حكوميون كبار في بعض الحالات أن الأحمديين يمثلون خطرا على مذهب الأغلبية السنية، واتهموهم بالتواطؤ مع قوى أجنبية.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يُظهر اضطهاد أتباع الطائفة الأحمدية وخطاب الكراهية ضدهم من قبل الوزراء عدم تقبل ديانات الأقليات، سواء ادعت أنها طوائف مسلمة أم لا. على السلطات أن تُفرج فورا عن محمد فالي والأحمديين الجزائريين الآخرين، وأن تكف عن مهاجمة هذه الأقلية المستضعفة".
قام اعوان الشرطة، علي الساعة 9 صباحا يوم 28 أغسطس/آب، باعتقال فالي من بيته في عين الصفراء، في ولاية نعامة، بناء علي حكم غيابي بتاريخ 15 فيفري يقضي بسجنه غيابيا لمدة ثلاث سنوات. وهو محتجز في سجن مستغانم.
الطائفة الأحمدية التي أسسها ميرزا غلام أحمد في الهند عام 1889 تعتبر نفسها إسلامية. هناك ما يُقدر بألفيّ أحمدي في الجزائر، طبقا لتقديرات الطائفة. قابلت هيومن رايتس ووتش 6 أحمديين واجهوا الملاحقة القضائية في مختلف أنحاء الجزائر، ومنهم فالي (قبل اعتقاله). اطلعت هيومن رايتس ووتش أيضا على ملفات 3 محاكمات.
قال فالي لـ هيومن رايتس ووتش إن المحاكمات بدأت في يونيو/حزيران 2016 بولاية البليدة، ثم في مناطق أخرى. قال فالي إن بعد عام واجه 266 شخصا من الطائفة الأحمدية اتهامات في مختلف مناطق الجزائر منهم اشخاص حوكموا لأكثر من مرة علي نفس التهم. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذا العدد.
قال فالي إن السلطات اتهمتهم بتهمة واحدة أو أكثر مما يلي: الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو بشعائر الإسلام؛ المشاركة في جمعية غير مرخصة؛ جمع تبرعات دون رخصة؛ وحيازة وتوزيع منشورات من مصادر أجنبية تمس بالمصلحة الوطنية. واجه 20 شخصا على الأقل تهمة ممارسة شعائر دينية في دار عبادة غير مرخصة، بموجب قانون الجزائر الصادر عام 2006 بشأن الديانات غير الإسلامية، على حد قول فالي لـ هيومن رايتس ووتش، رغم أن الأحمديين يعتبرون أنفسهم مسلمين.
قال فالي إن الإدانات والأحكام صدرت في 123 قضية، وتتراوح بين السجن 3 أشهر و4 أعوام. صدرت 4 أحكام براءة. المتهمون الـ 161 المتبقون ما زالوا في مرحلة التحقيق. قال فالي إن 36 شخصا قضوا فترات وراء القضبان، وأطول مدة إلى الآن كانت 6 أشهر.
واجه عدة أحمديين محاكمتين أو أكثر، وأحيانا في مناطق مختلفة من البلاد. على سبيل المثال يواجه فالي اتهامات في 6 قضايا، وهو إما قيد التحقيق أو على ذمة المحاكمة في كل من البليدة والشلف ومستغانم وسطيف. أمضى 3 أشهر في سجن الشلف رهن الحبس المؤقت، من فبراير/شباط إلى مايو/أيار. قال أحمدي آخر، طلب عدم ذكر اسمه، إنه خضع لثلاث محاكمات مختلفة في البليدة وبوفاريك وشلف.
قال فالي لـ هيومن رايتس ووتش إن المحاكم وضعت رهن المراقبة القضائية 70 أحمديا على الأقل تجري محاكمتهم. يتطلب هذا من المدعى عليهم الذهاب للتوقيع بانتظام في المحكمة.
كما حرمت السلطات الأحمديين من الحق في تكوين جمعية، باستخدام نصّ قانون الجمعيات الفضفاض الذي سبق أن استخدمته في تقييد حق جماعات أخرى من الجزائريين في تكوين جمعيات. أزالت السلطات بناية في منطقة الأربعاء بولاية البليدة كان الأحمديون يعتزمون استخدامها في الصلاة وكمقر لجمعيتهم، بدعوى أنها "دار عبادة غير مرخصة".
قال عدة أحمديين لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات تصادر الكتب الدينية والوثائق الخاصة بالطائفة الأحمدية، بالإضافة إلى حواسيب وبطاقات هوية وجوازات سفر أثناء أعمال التفتيش. قال رجل أحمدي إنهم صادروا شهاداته الجامعية ولم يعيدوها إليه قط.
قال ممثلون عن الأحمديين لـ هيومن رايتس ووتش إن 17 أحمديا على الأقل أوقفوا عن وظائفهم بالقطاع الحكومي. اطلعت هيومن رايتس ووتش على 5 من أوامر الإيقاف عن العمل هذه، وفي كل من الحالات الخمس كان السبب الوحيد للإيقاف عن العمل هو الملاحقة القضائية والقضايا بحق الشخص المعني.
بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي) الذي صادقت عليه الجزائر، على الدول ضمان حق كل إنسان على أراضيها في حرية المعتقد الديني والفكر والوجدان، لا سيما الأقليات الدينية. يشمل هذا الحق حرية إقامة الشعائر الدينية والتعبد إما فرادى أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. يكفل دستور الجزائر حرية المعتقد لكن ينص على أن "حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظل احترام القانون".
خطاب الكراهية
أدلى وزراء بعدة تعليقات معادية للأحمديين. في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وصف محمد عيسى – وزير الشؤون الدينية – التواجد الأحمدي في الجزائر بصفته جزء من "غزو طائفي متعمد"، وأعلن أن الحكومة نسبت اتهامات جنائية ضد الأحمديين من أجل "إيقاف الانحراف عن القناعات الدينية". في فبراير/شباط، ذكر أن مبادئ الطائفة الأحمدية تمس المعلوم من الدين الإسلامي بالضرورة.
في لقاء يعود إلى أبريل/نيسان 2017، بدا أن عيسى قد خفف موقفه، إذ قال إن الدولة الجزائرية لا تنوي محاربة أتباع الطائفة الأحمدية. لكن في 5 يوليو/تموز، عاود التأكيد على اعتقاده بأن الأحمديين تستغلهم "يد خارجية" تهدف إلى المساس باستقرار البلاد، واتهم زعماء الطائفة بالتواطؤ مع إسرائيل.
في أبريل/نيسان، قال أحمد أويحيى، مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حينئذ، إنه لا توجد "حقوق إنسان أو حرية دينية" في مسألة الطائفة الأحمدية، لأن "الجزائر دولة إسلامية منذ 14 قرنا". وطالب الجزائريين بـ "حماية البلاد من الطوائف الشيعية والأحمدية".
الحرمان من الحق في تكوين جمعية
في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عقدت مجموعة من الطائفة الأحمدية جمعية عامة تأسيسية لإنشاء جمعية جديدة اسموها "جمعية أحمد الخير"، وهدفها بحسب نظامها الأساسي الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش هو عمل مشروعات خيرية ومساعدة الفقراء والمهمشين. في 26 مارس/آذار 2016، قدموا أوراق التأسيس إلى وزارة الداخلية لتسجيل الجمعية، كما يطالب قانون الجمعيات لعام 2012. في 26 مايو/أيار، تلقوا رسالة من الوزارة تخطرهم برفض تسجيل الجمعية.
بحسب رد الوزارة، الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، يستند الرفض بالأساس إلى المادتين 2 و27 من قانون الجمعيات. المادة 2 تعطي السلطات حق رفض التصريح إذا رأت أن محتوى أو أهداف أنشطة مجموعة ما يخالف "الثوابت والقيم الوطنية والنظام العام والآداب العامة وأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها". تنص المادة 27 على جميع الأوراق اللازمة التي يجب على الجمعية تقديمها للوزارة لتسجيلها.
التدخل في المعتقد الديني أثناء المحاكمات
تقاضي السلطات الـ 266 أحمديا بموجب تهمة أو أكثر مما يلي: الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو شعائر الإسلام، ويُعاقب عليها بالسجن من 3 إلى 5 سنوات وغرامة بحد أقصى 100 ألف دينار جزائري ($908 دولارات)، بموجب المادة 144 من قانون العقوبات؛ المشاركة في جمعية غير مرخصة بموجب المادة 46 من قانون الجمعيات، ويُعاقب عليها بالحبس من 3 إلى 6 أشهر وغرامة 100 ألف إلى 300 ألف دينار؛ جمع تبرعات دون رخصة، بموجب المادتين 1 و8 من الأمر رقم 03-77 لعام 1977 المتعلق بجمع التبرعات؛ إقامة شعائر في أماكن غير مرخصة، بموجب المواد 7 و12 و13 من الأمر 06-03 المحدد لشروط وقواعد ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين؛ وحيازة وتوزيع وثائق من مصادر أجنبية تضر بالمصلحة الوطنية، بموجب المادة 96 (معدلة) من قانون العقوبات، ويُعاقب عليها بالسجن بحد أقصى 3 سنوات.
قال عدة أحمديون ومحاموهم لـ هيومن رايتس ووتش إن وكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق سألوا المدعى عليهم أسئلة تطفلية وعدوانية حول ممارساتهم الدينية. على سبيل المثال، قال صلاح دبوز، محامي عديد من الأحمديين المتهمين، إن في جلسة بتاريخ 21 يونيو/حزيران أمام محكمة استئناف باتنة سأل وكيل الجمهورية المدعى عليهم: "لماذا تعلنون الولاء لهندوسي وليس لنبي الإسلام؟ لماذا تصلون وحدكم وليس في مسجد كما يفعل المسلمون الآخرون؟"
قال فالي إن القاضي في محاكمته بالمحكمة الابتدائية في الشلف، سأله في 22 مايو/أيار 2017: "هل تؤمن بأن محمد هو خاتم الأنبياء؟ لماذا لا تصلي في صلاة الجمعة بالمسجد؟"
حيثيات القضاة في عدد من الإدانات للأحمديين – وقد اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش – تُظهر أن المحاكمات تستند إلى حجج دينية.
على سبيل المثال، فالحُكم المدون ضد 6 أحمديين بمحكمة باتنة الابتدائية، المؤرخ في 27 مارس/آذار 2017، ينص على أن الدرك – فيما رصدوا أنشطة الجماعات الدينية بالمنطقة – بلغتهم معلومات حول وجود طائفة من الناس تتبع الاحمدية. فتشوا بيوتهم وصادروا جميع الكتب والحواسيب والوثائق الأخرى المتعلقة بـ "التهمة". عندما استجوبهم الدرك اعترفوا بالانتماء إلى الطائفة الأحمدية وبممارسة شعائرها في أماكن غير عامة. كما قدموا معلومات عن أسباب وتوقيتات انضمامهم إلى الطائفة. يذكر الحُكم هذه التصريحات المنسوبة من قبل الشرطة إلى المدعى عليهم الستة كحيثية للإدانة.
يضم الحُكم تصريحات لممثل وزارة الشؤون الدينية الذي قال إن الوزارة قررت الانضمام إلى القضية كطرف ادعاء مدني لأن الأحمدية تسعى إلى "ترويج أفكار غريبة عن المجتمع الجزائري من شأنها أن تشكل خطرا على معتقدات المجتمع واستقراره".
لتبرير الإدانة بتهمة توزيع منشورات أجنبية ضارة بالأمن الوطني، ذكرت المحكمة فقط مصادرة كُتب مطبوعة في بريطانيا ومنشورات مطبوعة من موقع إلكتروني للطائفة الأحمدية. ينص الحكم على: "هذه الكتب تحتوي على أفكار خارجة عما هو معلوم من الدين بالضرورة وهي بذلك تؤثر سلبا على المصلحة الوطنية". تُعرف المحكمة المصلحة الوطنية بصفتها "المبادئ الاقتصادية، العسكرية والثقافية والدينية للدولة" وترى أن المبدأ الأحمدي يطعن في الهوية الدينية الوطنية المستندة إلى المذهب المالكي.
بناء على هذا المنطق، أدانت المحكمة المتهمين بالاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة أو من شعائر الإسلام، والمشاركة في جمعية غير مرخصة، وجمع تبرعات دون رخصة، وحيازة وتوزيع وثائق من مصادر أجنبية تضر بالمصلحة الوطنية، وحكمت عليهم بالسجن 4 سنوات وغرامة 300 ألف دينار. لم تبق على تهمة إقامة شعائر دينية في أماكن غير مرخصة، ذاكرة أن الأمر رقم 06-03 ينطبق فحسب على غير المسلمين، فيما يدعي الأحمديون أنهم مسلمون. استأنف المدعى عليهم هذا الحكم، على حد قول محاميهم دبوز.
اطلعت هيومن رايتس ووتش على حكمين آخرين، صدر أحدهما عن المحكمة الابتدائية في الشلف بتاريخ 22 مايو/أيار 2017، والثاني عن المحكمة الابتدائية في البليدة بتاريخ 31 يناير/كانون الثاني 2017. في الحُكمين، تشير المحكمة إلى ظروف التوقيف، ذاكرة أن الدرك بدأوا التحقيق بعد تلقي معلومات عن تهديد الأحمديين "ما هو معلوم من الدين" و"تقويض الإسلام".
القضايا
محمد فالي، رئيس الجماعة الإسلامية الأحمدية في الجزائر، 44 عاما، تاجر، يعيش في بو اسماعيل، تيبازة
قال فالي لـ هيومن رايتس ووتش إنه واجه 6 محاكمات منفصلة منذ يونيو/حزيران 2016. في 2 يونيو/حزيران 2016، جاء أعوان الدرك والسلطات البلدية لإزالة مبنى شيده الأحمديون في منطقة الأربعاء، ولاية البليدة، لعقد الاجتماعات وللصلاة. في اليوم نفسه، ذهب 20 عونا من الدرك لاعتقال فالي وتفتيش بيته. صادروا حاسوبه وكتب عن الطائفة الأحمدية. مكث في مركز احتجاز الدرك 5 أيام، حيث تم استجوابه، قبل أن تفرج عنه محكمة البليدة الابتدائية.
اتهم الادعاء فالي بالمشاركة في جمعية غير مرخصة، وجمع تبرعات دون رخصة، وحيازة وتوزيع وثائق من مصادر أجنبية تضر بالمصلحة الوطنية. في 31 يناير/كانون الثاني، أدين فالي غيابيا – وكان معه في القضية 8 مدعى عليهم آخرين –فيما كان مُحتجزا على ذمة قضية أخرى، وأُنزل به حُكم بالحبس 6 أشهر وغرامة 200 ألف دينار. مثل فالي أمام المحكمة في البليدة للطعن بإدانته بالقضية. من المُقرر إعادة محاكمته في 19 سبتمبر/أيلول.
كانت محاكمة فالي الثانية في الشلف، حيث تم حبسه مؤقتا لثلاثة اشهر، بين منتصف يناير/كانون الثاني ومنتصف مايو/أيار 2017. حُكم عليه في 22 مايو/أيار بالسجن عاما مع وقف التنفيذ، وغرامة 500 ألف دينار، على نفس التهم الواردة في قضية البليدة، إضافة إلى تهمة الاستهزاء بالمعلوم من الدين بالضرورة وبشعائر الإسلام. في ما كان في سجن الشلف، حكم عليه غيابيا في مستغانم بالسجن عاما، في 15 فبراير 2017 بناء على نفس اتهامات قضيتي الشلف والبليدة. طعن بالحُكم وهو في انتظار محاكمة الاستئناف. كما حُكم عليه بغرامة 100 ألف دينار في قضية أخرى في بوفاريك، يوم 30 يناير/كانون الثاني، وبحقه قضيتان أخريان في مرحلة التحقيق، في سطيف وبوفاريك. في القضية الثانية في بوفاريك، وضعه قاضي التحقيق رهن الضبط القضائي، ما يعني أن يسجل نفسه بالمحكمة كل أربعاء.
قال إن في كل من هذه التحقيقات، فتش الدرك منزله وصادروا حواسيبه وهواتفه واعتقلوه واحتجزوه عدة أيام، واستجوبوه بشأن دينه، وصِلاته بالحركة الأحمدية الدولية ودوافعه.
في 28 أغسطس/آب، اعتقلت السلطات فالي بعد عملية تفتيش ومصادرة لبيته. قال محاميه دبوز إن الاعتقال متصل بمحاكمته غيابيا في محكمة مستغانم، وأن إعادة المحاكمة في تلك القضية مقرر أن تبدأ في 6 سبتمبر/أيلول. هو حاليا رهن الحبس على ذمة المحاكمة في سجن مستغانم.
س.ب.، 37 عاما، طبيب، من تيبازة
قال س.ب. – الذي لم يرغب في إعلان اسمه – إنه واجه 3 محاكمات منذ 2016. كان ضمن المجموعة التي اعتقلت في 2 يونيو/حزيران 2016 في منطقة الأربعاء بولاية البليدة، حيث حكمت عليه محكمة غيابيا بالحبس 6 أشهر فيما كان محتجزا على ذمة قضية أخرى، وبغرامة 200 ألف دينار، على خلفية اتهامات بالمشاركة في جمعية غير مرخصة، وجمع تبرعات دون رخصة، وحيازة وتوزيع وثائق من مصادر أجنبية تمس المصلحة الوطنية. مثل س.ب. أمام المحكمة لمعارضة إدانته الغيابية. ومن المقرر بدء إعادة المحاكمة في 19 سبتمبر/أيلول 2017.
انعقدت المحاكمة الثانية لـ س.ب. في 30 يناير/كانون الثاني في بوفاريك، حيث حُكم عليه بغرامة 100 ألف دينار على خلفية الاتهامات نفسها. الثالثة كانت في الشلف، وأمضى على ذمتها 3 أشهر رهن الحبس المؤقت وأُنزل به حكم بالسجن عاما مع إيقاف التنفيذ، في 22 مايو/أيار. قال أيضا إن مستشفى الشلف أوقفته عن عمله كطبيب. اطلعت هيومن رايتس ووتش على هذا القرار، المؤرخ في 22 فبراير/شباط 2017 والذي وقعه مدير مستشفى الشلف، وقد ذكر محاكمة س.ب. كسبب لقرار الإيقاف وتجميد راتبه مؤقتا.
ز.م.، 29 عاما، بائع، من الشراقة
قال ز.م. – الذي لم يرغب في إعلان اسمه خشية التعرض للانتقام – إنه كان يعمل في متجر والده. حضر الدرك إلى بيته في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2016 وصادروا كتبا ومنشورات ومستندات تأسيس جمعية أحمد الخير الأحمدية الخيرية، واعتقلوه للاستجواب. أمضى ليلة رهن الاحتجاز. نقله الدرك في اليوم التالي إلى مكتب وكيل الجمهورية، الذي نسب إليه تهمة "الانتماء إلى جمعية غير مرخصة" و"حيازة منشورات أجنبية تمس المصلحة الوطنية". حكمت عليه محكمة دويرة الابتدائية بالسجن 18 شهرا مع إيقاف التنفيذ وغرامة 100 ألف دينار. قال إن محكمة الاستئناف أيدت حُكم المحكمة الابتدائية. قال إن أثناء جلسة الاستئناف سأله القاضي: "هل تعلم أن القرآن نص على أن من يرتد عن دينه يُقتل؟"
ب. س. هـ.، 24 عاما، طالب جامعي، من مدينة جنوب غرب الجزائر العاصمة
قال ب. س. هـ. – الذي لم يرغب في إعلان اسمه خشية التنكيل به – إنه حوكم لأول مرة في يونيو/حزيران 2016 برفقة 8 أحمديين آخرين. اعتقله الدرك في الأربعاء في 2 يونيو/حزيران 2016 بعد أن دمرت السلطات دار العبادة الأحمدية التي كانت قيد الإنشاء. تم الإفراج عن ب. س. هـ. على ذمة القضية بعد استجواب الدرك إياه، ثم حوكم وحكم عليه غيابيا من قبل محكمة البليدة الابتدائية بالحبس 6 أشهر وغرامة 200 ألف دينار، بناء على اتهامات بالمشاركة في جمعية غير مرخصة وجمع تبرعات دون رخصة وحيازة وتوزيع منشورات من مصادر أجنبية تمس المصلحة الوطنية. مثل المدعى عليهما معه في القضية، فالي وس.ب.، عارض حكم الإدانة ومن المقرر عقد المحاكمة الجديدة في 19 سبتمبر/أيلول.
في 1 مارس/آذار، اعتقله الدرك ثانية وفتشوا بيته وصادروا حاسوبه وهاتفه الخلوي. أمر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بحبسه مؤقتا لثلاثة أشهر ونصف. حكمت عليه المحكمة بغرامة 50 ألف دينار في 18 يونيو/حزيران، بناء على اتهامه بالمشاركة في جمعية غير مرخصة، وأخلت سبيله.
هـ. ي.، 29 عاما، طالب في الشراقة
قال هـ. ي. لـ هيومن رايتس ووتش إنه حوكم وحُكم عليه مرتين بناء على اتهامات بالانتماء إلى جمعية غير مرخصة وحيازة وتوزيع وثائق أجنبية تمس المصلحة الوطنية، وجمع تبرعات دون رخصة. كانت المحاكمة الأولى أمام محكمة في تيبازة، حكمت عليه في 28 ديسمبر/كانون الأول بالسجن 18 شهرا، مع إيقاف التنفيذ، وبغرامة 100 ألف دينار. أيدت محكمة الاستئناف الحُكم في 2 أبريل/نيسان.
في محاكمة هـ. ي. الثانية، حكمت عليه محكمة الشلف الابتدائية في 22 مايو/أيار بالحبس 3 أشهر مع إيقاف التنفيذ وغرامة 50 ألف دينار. طعن في الحكم على حد قوله. في حُكم الشلف، الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، قرر القضاة أن مجرد حيازة كتب الطائفة الاحمدية – التي صادرها الدرك من بيت هـ. ي. – هو إثبات كاف لتورطه في "نشر أفكار الطائفة الأحمدية وهو ما من شأنه المساس بوحدة المجتمع وتهديد النظام العام باعتبار أن الدين الإسلامي من مقومات الهوية الوطنية المكرسة دستورا".
قوانين الجزائر والمعايير الدولية لحرية المعتقد الديني
تكفل المادة 18 من العهد الدولي للأفراد الحق في إظهار المرء للدين أو المعتقد:
لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
ذكر التعليق العام رقم 22 لـ "لجنة حقوق الإنسان" بالأمم المتحدة، والمتصل بالمادة 18، أن حرية الفكر، وتشمل حرية الوجدان والمعتقد الديني، هي حق لا يمكن الحد منه.
نصت المادة 27 من العهد الدولي على أن: "لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات اثنية أو دينية أو لغوية، أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم".
أعربت اللجنة في تعليقها العام رقم 22 عن قلقها إزاء "أي ميل إلى التمييز ضد أي أديان أو عقائد لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك كونها حديثة النشأة أو كونها تمثل أقليات دينية قد تتعرض للعداء من جانب طائفة دينية مهيمنة".
ينص الدستور الجزائري على الحرية الدينية، لكن ورد فيه أن: "حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظل احترام القانون". القانون الرئيسي الحاكم لممارسة غير المسلمين للعبادة، الأمر 06-03 المؤرخ في 28 فبراير/شباط 2006، يقيّد الحريات الدينية لغير المسلمين ويميز ضدهم، إذ يفرض قيودا منظِمة للعبادة يُعفى منها المسلمون. لا يمكن إقامة الصلاة الجماعية إلا في مبنى خصص لذلك وحاصل على تصريح مسبق من "اللجنة الوطنية للشعائر الدينية". يمكن للمنظمات الدينية المؤسسة بموجب القانون دون غيرها أن تنظم الصلاة الجماعية.
بموجب الأمر 06-03، فإن التبشير الديني من قبل غير المسلمين جريمة يعاقب عليها بغرامة أقصاها مليون دينار (12845 دولارا) والسجن 5 سنوات لكل من "يحرض أو يضغط أو يستعمل وسائل إغراء لحمل مسلم على تغيير دينه أو يستعمل من أجل ذلك المؤسسات التعليمية أو التربوية أو الاستشفائية أو الاجتماعية أو الثقافية أو مؤسسات التكوين أو أي مؤسسة أخرى أو أي وسيلة مالية ما". استخدمت السلطات الأمر 06-03 في محاكمة 4 مسيحيين بروتستانت في أغسطس/آب 2008 وحكمت عليهم المحاكم بالحبس من شهرين إلى 3 أشهر مع إيقاف التنفيذ. إن الأمر 06-03 إذ يفرض حظرا عاما على التبشير – وهو ينطبق على غير المسلمين فحسب – ينتهك حق الفرد بموجب العهد الدولي في "اعتناق أي دين أو معتقد يختاره". طبقا للجنة الأمم المتحدة فإن حرية الدين تشمل "حرية إعداد نصوص أو منشورات دينية وتوزيعها" و"التحول من دين أو معتقد إلى آخر".
كما يجرم قانون العقوبات الجزائري "[الإساءة] إلى الرسول" أو بقية الأنبياء. استخدمت السلطات هذا النص القانوني في 6 سبتمبر/أيلول 2016 في إدانة والحُكم على سليمان بوحفص، الذي اعتنق المسيحية، بالسجن 3 سنوات. ما زال يقضي مدته في سجن بيلار بولاية سطيف.