Skip to main content
تبرعوا الآن

انتهاكات بحقّ عاملات المنازل التنزانيات في عمان والإمارات

نساء يروين تجاربهن مع الضرب والاستغلال والتحرّش

(دار السلام) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن عاملات المنازل التنزانيات في عمان والإمارات يواجهن العمل لساعات مفرطة، الحرمان من الأجور، وانتهاكات بدنية وجنسية. قوانين الكفالة المسيئة في هذين البلدين وثغرات السياسات التنزانية تعرض هؤلاء النساء للاستغلال.

تقرير "'كنت أعمل كالروبوت': الانتهاكات بحق عاملات المنازل التنزانيات في عمان والإمارات"، الممتد على 78 صفحة، يوثق غياب حماية الحكومات التنزانية والعمانية والإماراتية لعاملات المنازل التنزانيات الوافدات. تربط قوانين كفالة التأشيرة في عمان والإمارات العاملات بأصحاب العمل، ويتسبب غياب الحماية في قوانين العمل في تعريضهن لمجموعة واسعة من الانتهاكات. كما تتسبب الثغرات في قوانين وسياسات التوظيف والهجرة التنزانية في تعريضهن للانتهاكات منذ البداية، ولا توفّر المساعدة اللازمة للعاملات ضحايا الاستغلال.

قالت روثنا ييغم، باحثة حقوق المرأة في الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تعاني العديد من عاملات المنازل التنزانيات في عمان والإمارات من العمل المُفرط، الأجور المتدنيّة، والانتهاكات التي تحصل وراء أبواب مغلقة. أخبرتنا نساء ممن هربن من أصحاب عمل أو وسطاء مسيئين أن الشرطة وموظفي سفارات بلادهن أجبروهن على العودة أو التخلّي عن أجورهن، فأمضين أشهر يجمعن المال لشراء تذاكر العودة إلى بلادهن".

تنحدر معظم عاملات المنازل في دول الخليج من دول آسيا، مثل إندونيسيا، الفلبين، الهند، وسريلانكا. ولأن هذه الدول زادت تدريجيا إجراءات الحماية المتعلقة بالأجر الأدنى لهؤلاء العاملات – وأحيانا حظرت توظيفهن في الخليج بشكل كامل – تحوّل اهتمام الوسطاء بشكل متزايد إلى شرق أفريقيا حيث لاتزال الحماية أضعف. يعمد أصحاب العمل الخليجيين إلى دفع أجور لعاملات شرق أفريقيا أدنى بكثير من أجور العاملات القادمات من بلدان أخرى.

توجد آلاف العاملات التنزانيات في الشرق الأوسط. بينما تحظى بعضهن بظروف عمل لائقة، تواجه الكثير منهن انتهاكات. قابلت هيومن رايتس ووتش 87 شخصا، منهم مسؤولون تنزانيون، نقابيون، وسطاء توظيف، و50 عاملة منزلية عملن في عمان والإمارات. نصف العاملات من تنزانيا القارية والنصف الآخر من زنجبار، وهي جزيرة ذات حكم شبه ذاتي.

قالت جميعهن تقريبا إن أصحاب العمل والوسطاء صادروا جوازات سفرهن. الكثير منهن عملن فترات مطوّلة، بلغت 21 ساعة في اليوم دون راحة أو يوم عطلة أسبوعي. كما قُلن إنهن كنّ يحصلن على أجور دون ما وُعدن به أو لم يكنّ يحصلن على أجور، وإنهن أُجبرن على أكل طعام فاسد أو بقايا طعام، وتعرّضن للصراخ والإهانات اليومية والانتهاكات البدنية والجنسية. ترقى بعض هذه الحالات إلى العمل القسري أو الاتجار بالبشر لغرض العمل القسري. لم تكن أمامهن حلول تُذكر للإفلات من ظروف العمل المسيئة.

قالت "بسمة ن." (21 عاما)، من دار السلام، إن أصحاب العمل أجبروها على العمل 21 ساعة يوميا واعتدوا عليها جسديا. كما حاول شقيق صاحب العمل اغتصابها مرتين. فرّت بسمة، ولكن لأنها كانت تواجه خطر الاعتقال لعجزها عن إرجاع مصاريف التوظيف لصاحب العمل، اضطرّت إلى التخلّي عن أجر 3 أشهر. كما اضطرّت إلى الاقتراض لشراء تذكرة العودة، فرجعت إلى تنزانيا في وضع مالي وجسدي ونفسي أسوأ مما كانت عليه لما هاجرت.

تستثني عمان والإمارات عاملات المنازل من قوانين العمل. القانون العماني الخاص بعمال وعاملات المنازل لعام 2004 ضعيف، ولا ينصّ على أي عقوبات ضدّ أصحاب العمل المخالفين لأحكامه. عمان هي آخر دولة خليجية لم تُدرج حقوقا عمالية في قوانينها. في سبتمبر/أيلول 2007، أصدرت الإمارات قانونا تضمّن لأول مرة حقوقا لعمال وعاملات المنازل، لكن إجراءات الحماية التي تضمنها أضعف من تلك الممنوحة لبقية العمال في قانون العمل العادي.

قالت هيومن رايتس ووتش إن نظام الكفالة هو أكبر عائق أمام حصول عاملات المنازل على حقوقهن في عمان والإمارات، ويجب إلغاؤه. لا تستطيع عاملات المنازل تغيير صاحب العمل دون موافقته، واللاتي يتركن العمل دون هذه الموافقة قد يواجهن تهمة "الهروب".

قالت بعض العاملات إن أصحاب العمل أو الوسطاء أجبروهن على التنازل عن أجورهن كشرط للحصول على "التنازل" عنهن، أو العمل لدى صاحب عمل جديد تكفّل بدفع مصاريف الاستقدام لصاحب العمل الأصلي، أو العمل دون أجر لأشهر للحصول على ثمن تذكرة العودة أو لإرجاع رسوم التوظيف. في عمان، تساند الشرطة وموظفو وزارة القوى العاملة أحيانا جهود أصحاب العمل لاسترجاع مصاريفهم من العاملات اللاتي يهربن من الانتهاكات. يحظر القانون الإماراتي الجديد على الوسطاء فرض رسوم أو المطالبة بإرجاع رسوم التوظيف، ولكنه لا يحظر على أصحاب العمل فعل ذلك. بل يفرض القانون على العاملات اللاتي يرغبن في المغادرة قبل انقضاء العقد دفع قيمة أجر شهر واحد لصاحب العمل، ما لم يخرق هذا الأخير العقد.

رغم أن تنزانيا وسّعت منذ 2011 إجراءات حماية عاملات المنازل في الخارج، فإن الثغرات في سياسات التوظيف والهجرة تضعهن في خطر كبير منذ البداية، ولا تمنحهن سُبل انتصاف كافية.

تفرض تنزانيا على العاملات عرض طلبات هجرتهن على وزارتي العمل في البلاد، لكن العديد من العاملات يهاجرن خارج هذه القنوات.

كما تفرض السلطات على النساء الهجرة عبر وسيط توظيف، لكنها لم تضع معايير دنيا تحدد كيف تساعد مكاتب التوظيف العاملات عند وقوع سوء معاملة، أو التفتيش أو العقوبات على الانتهاكات. تمنع الإجراءات في تنزانيا القارية وزنجبار الوسطاء من فرض رسوم وتكاليف توظيف على العاملات، لكن قالت العديد من النساء إنه رغم ذلك فرض الوسطاء عليهن رسوما.

تنصّ العقود التنزانية النموذجية الخاصة بعاملات المنازل في عمان والإمارات على ظروف عمل دنيا، لكن أغلب العاملات قلن إن أصحاب عملهن لم يلتزموا بالعقود. يعود ذلك في جزء منه إلى أن العقد التنزاني ليست له قيمة قانونية في عمان والإمارات. كما تفتقر السفارات التنزانية إلى أنظمة حماية ملائمة، وليس لها سلطة حقيقية لتساعد العاملات على إلزام أصحاب العمل بدفع الأجور غير المدفوعة أو التعويض أو ثمن تذكرة العودة إلى الوطن.

كما تفتقر تنزانيا إلى آليات تظلّم أو قنوات توفّر مساعدة طبية للعاملات العائدات إلى الوطن بعد التعرّض إلى الانتهاكات أو الاستغلال في الخارج. يتسبب انعدام فرص إعادة الاندماج الاقتصادي في دفع العديد من العاملات إلى التفكير في الهجرة مجددا رغم الانتهاكات التي واجهنها.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على تنزانيا تبني استراتيجيات أساسية للوقاية من الانتهاكات والتصدّي لها.  منها تنظيم التوظيف ومراقبته بشكل صارم، تنفيذ برامج تدريب قائمة على الحقوق، وضمان مساعدة قنصلية ملائمة تشمل دفع ثمن تذاكر العودة إلى الوطن.

قالت بيغم: "على تنزانيا أن تضمن سلامة النساء عندما يسافرن لمزاولة العمل المنزلي. وعلى تنزانيا، عمان، والإمارات العمل معا لمنع استغلال هؤلاء العاملات، التحقيق في الانتهاكات، ومحاكمة المتورطين".

شهادات مختارة من التقرير:

سافرت "عطية ز." (28 عاما)، من كوندوا، إلى عُمان في يونيو/حزيران 2015. قالت إن صاحب العمل صادر جواز سفرها وهاتفها؛ أجبرها على العمل 21 ساعة يوميا دون استراحة أو يوم عطلة أسبوعي؛ منعها من الأكل دون إذن؛ وكان يضربها يوميا. بعد 3 أسابيع، حاولت الفرار لكنّه أعادها وقال لها: "إن كنتِ ترغبين في العودة إلى بلادك، عليك دفع المبلغ الذي أنفقناه لنأتي بك إلى هنا"، وطلب منها ما يساوي 2 مليون شيلنغ تنزاني (880 دولار). اتصلت عطيّة بوسيطها في عُمان وطلبت منه المساعدة، لكنه أخبرها أن صاحب العمل هو صاحب القرار. بعد هذه الحادثة، قالت عطية إن صاحب العمل احتجزها في المنزل. في أبريل/نيسان 2016، قالت إنها فقدت الوعي لأنها لم تكن تستطيع الأكل بسبب تورّم في الحلق. وبعد أن عادت من المستشفى، ضربها أصحاب العمل واغتصبوها للانتقام منها: "بدأت المرأة تضربني وتقول: "لم تأتِ إلى هنا لتمرضي". ندهت لشقيقة زوجها فجاءت، ونزعتا ملابسي وضربتاني بعلاقات ثياب بلاستيكية. كان عمال البناء يسمعون صراخي في الخارج، لكن لم يكن بوسعهم المساعدة. ولما عاد الزوج، أخذني إلى الغرفة واغتصبني من شرجي. وبعد أن فرغ من ذلك، نقلوني إلى منزل شقيقه، وفي اليوم التالي وضعوني على متن رحلة إلى تنزانيا. أخذوا مني المال الذي جنيته، وأعادوا لي جوازي فقط. تركوني في المطار، وكنت خائفة ومصدومة، ولم أكن أعرف لمن أتحدث".

قالت "عناية ر." (23 عاما) إن في 2013 لم يسدد لها أصحاب عملها في عُمان أجر 5 أشهر، لكن عندما طلبت تركهم طالبوها بإعادة رسوم الاستقدام وهي 700 ريال عماني (1818 دولار). لم تتمكن السفارة من العثور لها على صاحب عمل مستعد لسداد هذا المبلغ، فعادت إلى بلدها دون راتب بعد أن جمعت ثمن تذكرة عودتها. "ليس للسفارة سلطة على شيء".

قالت "هداية ز." (30 عاما) إن أصحاب العمل أجبروها على مدار سنتين تقريبا على العمل 17 ساعة يوميا دون راحة، ودون عطلة أسبوعية، مع تحديد إقامتها بالبيت كلما خرجوا، وإهانتها، ودفع 50 ريالا عُمانيا لها (130 دولار) بدلا من 80 ريالا (208 دولارات) بحسب عقدها، ولم يسددوا لها أجر 6 أشهر. ذهبت لتقدم بلاغا لدى الشرطة في 2016 لكي تستعيد جواز سفرها من صاحب عملها بناء على نصيحة السفارة التنزانية في عُمان. أخبرتها الشرطة أن صاحب عملها اتهمها بالهروب.

قالت: "أخبرت الشرطة بمشاكلي لكنهم لم يهتموا". أمرتها الشرطة بأن تسدد مبلغ 200 ريال (520 دولار) أو تمكث 3 أشهر في السجن. قالت هداية إنها عادت إلى السفارة، حيث أمضت 3 أشهر تجمع المبلغ لتسدد الغرامة. قالت: "تركت كل أمتعتي، ومنها الثياب الجديدة التي اشتريتها لأسرتي وهاتفي، في بيتهم [أصحاب العمل] [عندما هربت] وعدت كما تريني".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة